Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 3 أبريل 2023

صفأحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم  للمقدسي

مقدمات وفصول لا بد منها

اعلم أني أسست هذا الكتاب على قواعد محكمة وأسندته لدعائم قوية وتحريت جهدي الصواب، واستعنت بفهم أولي الألباب، وسألت الله عز اسمه أن يجنبني الخطأ والزلل، ويبلغني الرجاء والأمل. فأعلي قواعده وأرصف بنيانه ما شاهدته وعقلته، وعرفته وعلقته. وعليه رفعت البنيان وعملت الدعائم والأركان ومن قواعده أيضا وأركانه. وما استعنت به على بيانه سؤال ذوي العقول من الناس، ومن لم أعرفهم بالغفلة والالتباس عن الكور والأعمال في الأطراف التي بعدت عنها، ولم يتقدر لي الوصول إليها. فما وقع عليه اتفاقهم أثبته، وما اختلفوا فيه نبذته. وما لم يكن لي بد من الوصول إليه والوقوف عليه قصدته. وما لم يقر في قلبي ولم يقبله عقلي أسندته إلى الذي ذكره أو قلت زعموا. وشحنته بفصول وجدتها في خزائن الملوك.

وكل من سبقنا إلى هذا العلم لم يسلك الطريق التي قصدتها ولا طلب الفوائد التي أردتها أما أبو عبد الله الجيهاني فإنه كان وزير أمير خراسان وكان صاحب فلسفة ونجوم وهيئة فجمع الغرباء وسألهم عن الممالك ودخلها وكيف المسالك إليها وارتفاع الخنس منها وقيام الظل فيها ليتوصل بذلك إلى فتوح البلدان ويعرف دخلها ويستقيم له علم النجوم ودوران الفلك. ألا ترى كيف جعل العالم سبعة أقاليم وجعل لكل إقليم كوكبا مرة يذكر النجوم والهندسة وكرة يورد ما ليس للعوام فيه فائدة وتارة ينعت أصنام الهند وطورا يصف عجائب السند وحينا يفصل الخراج والرد. ورأيته ذكر منازل مجهولة ومراحل مهجورة ولم يفصل الكور ولا رتب الأجناد ولا وصف المدن ولا استوعب ذكرها بل ذكر الطرق شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً مع شرح ما فيها من السهول والجبال والأودية والتلال والمشاجر والأنهار وبذاك طال كتابه وغفل عن أكثر طرق الأجناد ووصف المدائن الجياد.

وأما أبو زيد البلخي فإنه قصد بكتابه الأمثلة وصورة الأرض بعد ما قسمها على عشرين جزأ، ثم شرح كل مثال واختصر ولم يذكر الأسباب المفيدة ولا أوضح الأمور النافعة التفصيل والترتيب، وترك كثيراً من أمهات المدن فلم يذكرها وما دوخ البلدان ولا وطئ الأعمال ألا ترى إن صاحب خراسان استدعاه إلى حضرته ليستعين به فلما بلغ جيحون كتب إليه إن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رأيي فإن رأيي يمنعني من عبور هذا النهر. فلما قرأ كتابه أمره بالخروج إلى بلخ.

وأما ابن الفقيه الهمذاني فإنه سلك طريقة أخرى ولم يذكر إلا المدائن العظمى ولم يرتب الكور والأجناد وادخل في كتابه ما لا يليق به من العلوم، مرة يزهد في الدنيا وتارة يرغب فيها ودفعة يبكي وحينا يضحك ويلهي.

وأما الجاحظ وابن خرداذبه فان كتابيهما مختصران جدا لا يحصل منهما كثير فائدة. فهذا ما وقع إلينا من المصنفات في هذا الباب بعد البحث والطلب وتقليب الخزائن والكتب وقد اجتهدنا في أن لا نذكر شيئا قد سطروه، ولا نشرح أمرا قد أوردوه، إلا عند الضرورة لئلا نبخس حقوقهم، ولا نسرق من تصانيفهم. مع أنه لا يعرف فضل كتابنا هذا إلا من نظر في كتبهم أو دوخ البلدان وكان من أهل العلم والفطنة. ثم أني لا أبرئ نفسي من الزلل، ولا كتابي من الخلل. ولا أسلمه من الزيادة والنقصان ولا افلت من الطعن على كل حال. وبعد فإن شرحنا الأسباب التي شرطناها في الخطبة يتفاوت في الأقاليم ولا يتساوى لانا إنما نذكر ما نعرف وليس هو علم يطرد بالقياس فيتساوى، وإنما يدرك بالمعاينة والخبر فينهى.

وفي كتابنا هذا اختصار لفظ يدل على معان مثل قولنا: لا نظير له نريد أن ليس مثله بت مثل: معتقة بيت المقدس، ونيده مصر، وليم البصرة، وهذه أشياء لا يرى مثلها وإن كانت أجناساً. فإن قلنا غاية فإنها تعني في الجودة من الأجناس مثل أجاص العمري بشيراز، وتين الدمشقي بالرملة، ومشمش العصلوني والريباس بنيسابور. فإن قلنا جيد فقد يكون أجود منه الطائفي، ونيل أريحا خير منه الزبيدي، وخوخ مكة أسرى منه الدارقي.

وربما أجملنا القول وتحته شرح مثل قولنا في الأهواز ليس لجامعها حرمة، وذلك أنه أبداً مملوء بخلق من الشطار والسوقه والجهال يتعدون إليه ويجتمعون فيه، ثم لا يخلو قوم جلوس والناس في الفريضة وهو بيت الشحاذين ومركز للفاسقين.

 

وكقولنا ولا أعز من أهل بيت المقدس لأنك لا ترى بها بخساً ولا تطفيفاً ولا شرباً ظاهراً ولا سكران ولا بها دور فسق سراً ولا إعلاناً مع تعبد وإخلاص. ولقد بلغهم أن الأمير يشرب فتسوروا عليه داره وفرقوا أهل مجلسه.

ومثل قولنا في شيراز لا مقدار لأهل الطيالسة بها وذلك أنه لباس الشريف والوضيع والعالم والجاهل، وكم قد رأيت بها من سكارى قد بعثروا بطيالسهم وسحبوها، وكنت إذا استأذنت على الوزير وأنا مطيلس حجبت إلا إذا عرفت وإذا آتيت بدراعة أذن لي. وربما ذكرنا وانثنا في ذكر بلدة واحدة، فالتذكير مصروف إلى مصر والتأنيث إلى قصبة ومدينة، مع أن أهل الأدب قد أجازوا ذلك فيما ليس له روح.

والبلد يعم المصر والقصبة والرستاق والكورة والناحية وإذا وصفنا قصبة في كورتها ذكرناها باسمها، مثل الفسطاط ونموجكث واليهودية، وان ذكرناها في موضع آخر ذكرناها باسمها المعروف عند الناس، فقلنا مصر بخارا اصبهان.

وكلما قلنا المشرق فهي دولة آل سامان. فإن قلنا الشرق أردنا أيضاً فارس وكرمان والسند فإن قلنا المغرب فهو- الإقليم. فإن قلنا الغرب تبع ذلك مصر- والشام وقد أودعناه شيئا من الغامض والمعاني ليجل ويقل، وأوردنا فيه الحجج توثقاً والحكايات تحققاً والسجع تظرفاً والأخبار تبركاً. وبسطنا أكثره ليقف عليه العوام إذا تأمله، ورتبناه على طرق الفقه ليجل عند العلماء إذا تدبروه. وذكرنا الاختلافات تبحرا والنكت تحرزاً، وطولناه بوصف المدن لمعان شتى، وذكرنا الشؤون لفوائد لا تخفى، أوضحنا الطرق لان الحاجة إليها أشد، وصورنا الأقاليم لان المعرفة بها أروج، وفصلنا الكور لان ذلك أصوب. وقد استخرنا الله تعالى قبل جمعه، وسألناه التوفيق والمعونة، بعد ما استشرنا صدور الزمان والأئمة، وحملنا محضره إلى القاضي المختار عالم خراسان وأوفر قضاة الزمان. فكل أشار به وقبله وبعث على إحضاره ومدحه.

وقد ذكرنا ما رأيناه وحكينا ما سمعناه. فما صح عندنا بالمعاينة وأخبار التواتر أرسلنا به القول. وما شككنا فيه أو كان من طريق الآحاد أسندناه إلى الذي منه سمعناه. ولم نذكر في كتابنا إلا صدراً مشهوراً أو عالماً مذكوراً أو سلطاناً جليلاً إلا عند ضرورة أو خلال حكاية، ولوقارة ذلك ألن نسميه رجلاً ونذكر محله لئلا يدخل في جملة الاجلة. واعلم إني مع هذه الوثائق والشروط لم أظهره حتى بلغت الأربعين، ووطئت جميع الأقاليم وخدمت أهل العلم والدين. واتفق وفاء ذلك بمصر فارس في دولة أمير المؤمنين أبي بكر عبد الكريم الطائع لله، وعلى المغرب أبو منصور نزار العزيز بالله أمير المؤمنين سنة 375 ولم نذكر إلا مملكة الإسلام حسب ولم نتكلف ممالك الكفار لأنها لم ندخلها ولم نر فائدة في ذكرها، بلى قد ذكرنا مواضع المسلمين منها. وقد قسمناها أربعة عشر إقليما أفردنا أقاليم العجم عن أقاليم العرب. ثم فصلنا كور كل إقليم ونصبنا أمصارها وذكرنا قضبانها ورتبنا مدنها وأجنادها بعد ما مثلناها، ورسمنا حدودها وخططها، وحررنا طرقها المعروفة بالحمرة، وجعلنا رمالها الذهبية بالصفرة، وبحارها المالحة بالخضرة، بنهارها المعروفة بالزرقة، وجبالها المشهورة بالغبرة، ليقرب الوصف إلى الإفهام، ويقف عليه الخاص والعام.

والأقاليم العربية: جزيرة العرب ثم العراق ثم أقور ثم الشام ثم مصر ثم المغرب.

وأقاليم العجم أولها المشرق ثم ألد يلم ثم الرحاب ثم الجبال ثم خوزستان ثم فارس ثم كرمان ثم السند. وبين أقاليم العرب بادية، ووسط أقاليم الأعاجم مفازة، لا بد من أفرادهما الاستقصاء في وصفهما لشدة الحاجة إليهما وكثرة الطرق فيهما. وأما البحار والأنهار فقد أفردنا لهما باباً كافياً لشدة الحاجة إليه والأشكال فيه.

 

ذكر البحار والأنهار

 

اعلم انا لم نر في الإسلام إلا بحرين، حسب أحدهما يخرج من نحو مشارق الشتاء بين بلد الصين وبلد السودان فإذا بلغ مملكة الإسلام دار على جزيرة العرب كما مثلناه، وله خلجان كثيرة وشعب عدة، وقد اختلف الناس في وصفه والمصورون في تمثيله، فمنهم من جعله شبه طيلسان يدور ببلد الصين والحبشة وطرف بالقلزم وطرف بعبادان. وأبو زيد جعله شبه طير منقاره بالقلزم ولم يذكر شعبة ويلة وعنقه بالعراق وذنبه بين حبشة والصين. ورأيته ممثلاً على ورقة في خزانة أمير خراسان وعلى كرباسة عند أبي القاسم ابن الأنماطي بنيسابور، وفي خزانة عضد الدولة والصاحب، وإذا كل مثال يخالف الآخر، وإذا في بعضهن خلجان وشعب لا اعرفها. وأما انا فسرت فيه نحو آلفي فرسخ، ودرت على الجزيرة كلها من القلزم إلى عبادان، سوى ما توهت بنا المراكب إلى جزائره ولججه، وصاحبت مشايخ فيه ولدوا ونشأوا، من ربانيين واشاتمة ورياضيين ووكلاء وتجار، ورأيتهم من ابصر الناس به وبمراسيه وأرياحه وجزائره. فسألتهم عنه وعن أسبابه وحدوده ورأيت معهم دفاتر في ذلك يتدارسونها ويعولون عليها ويعملون بما فيها. فعلقت من ذلك صدراً صالحاً بعد ما ميزت وتدبرت، ثم قابلته بالصور التي ذكرت. وبينا أنا يوماً جالس مع أبي علي بن حازم انظر في البحر ونحن بساحل عدن إذ قال لي: ما لي أراك متفكراً. قلت: أيد الله الشيخ قد حار عقلي في هذا البحر لكثرة الاختلاف فيه، والشيخ اليوم من اعلم الناس به لأنه أمام التجار ومراكبه أبداً تسافر إلى أقاصيه، فإن رأى أن يصفه لي صفة اعتمد عليها وارجع من الشك إليها فعل. فقال: على الخبير بها سقطت، ثم مسح الرمل بكفه ورسم البحر عليه لا طيلسان ولا طير، وجعل له معارج متلسنة وشعباً عدة ثم قال هذه صفة هذا البحر لا صورة له غيرها. وأنا أصوره ساذجاً وأدع الشعب والخلجان إلا شعبة ويلة لشهرتها وشدة الحاجة إلى معرفتها وكثرة الأسفار فيها وأدع ما اختلفوا فيه وارسم ما اتفقوا عليه. وعلى الأحوال كلها لا شك إنه يدور على ثلاثة أرباع جزيرة العرب، وإن له لسانين كما ذكرنا من نحو مصر يفترقان على طرف الحجاز بموضع يسمى فاران. وعظم هذا البحر وامتناعه بين عدن وعمان حتى يصير اتساعه نحو ستمائة فرسخ ثم يصير لسان إلى عبادان. ومواضع الخوف في المملكة جبيلان موضع غرق فرعون وهي لجة القلزم وفيها تسير المراكب العراض لترجع من البر الغامر إلى البر العامر. ثم فاران وهو موضع تهب فيه الرياح من مصر والشام فتتحاذيان وفيه هلاك المراكب ومن رسمهم أن يبعثوا رجالا يرقبون الريح، فإذا سكنت الرياح أو غلبت التي هم من نحوها ساروا وإلا أقاموا المدة الطويلة إلى وقت الفرج. ثم مرسى الحوراء كثير العرى تغتر فيه المراكب عند دخوله. ومن القلزم إلى الجارعرى صعبة من أجلها لا يسيرون إلا بالنهار، والربان على الجخوار منكب يطلع في البحر فإذا ظهرت عراة صاح يميناً وشمالاً وقد رتب صبيان يصرخان بذلك، وصاحب السكان بيده حبلان يجذبهما يميناً وشمالاً إذا سمع النداء، وإن غفلوا غن ذلك صدم العرى المركب فأعطبته. ثم عن جزيرة الصلاب مضيق يتقى فيه للمراكب ويؤجل فمن أخذ ذات الشمال كان في سعة البحر. ثم جابر وهو موضع سوء يرى فيه قعر البحر وذلك القصير كثيرا ما يعطب فيه المراكب. وعند دخول كمران خوف وشدة. والمندم مضيق صعب لا يسلك إلا في شباب الريح وقوتها. ثم يتلجلج البحر إلى عمان، وترى ما ذكر الله أمواجاً كالجبال الراسيات، إلا أنه سليم في الذهاب مخوف في الرجعة من العطب والغرق جميعاً، ولا بد في كل مركب من مقاتلة ونفاطين. ثم مرسى عمان ردي مهلك. ثم فم السبع مضيق مخوف،. ثم الخشبات التي تنسب إلى البصرة، وهي الطامة الكبرى، مضيق وبحر رقيق، وقد نصب في البحر جذوع عليها بيوت، ورتب فيها قوم يوقدون بالليل حتى يتباعد عنهم المراكب من رقة تلك المواضع، وسمعت شيخا يقول وقد لحقتنا ثم شدة وضرب المركب الأرض عشر مرات، هذا موضع يسافر فيه أربعون مركباً فيرجع واحد. ولا أحب أن أطول هذا الأصل وإلا ذكرت مراس هذا البحر والطرق فيه.

 

ولهذا البحر الصيني زيادات في وسط الشهر وأطرافه، وفي كل يوم وليلة مرتين، ومنه جزر البصرة ومدها إذا زاد دفع دجلة فانقلبت في أفواه الأنهار وسقت الضياع، فإذا نقص جزر الماء، وقد اختلف الناس في سببه، فقال قوم ملك يغمس فيه إصبعه كل يوم فيمد فإذا رفع إصبعه جزر. وقال كعب الأحبار لقي الخضر ملكاً. فقال اخبرني عن المد والجزر. فقال الملك أن الحوت يتنفس فيخرجه الماء إلى منخريه فذلك الجزر، ثم يتنفس فيخرجه من منخريه فذلك المد. وروي لنا فيه وجه آخر اذكره في إقليم العراق. وفيه ضيق وعمق، أحرجه راس الجمجمة إلى الديبل. ثم بعده بحر لا يدرك عمقه، وفيه من الجزائر ما لا يحصى كثرة، فيها ملك من العرب يقال أن بها ألفا وسبعمائة جزيرة تملكهن امرأة، وزعم من دخل مملكتها إنها تجلس لرعيتهاعلى سريرعريانة وعليها تاج وعلى رأسها أربعة آلاف وصيفة قياماً عراة. ثم بحر هركند وهو قاموس فيه سرنديب تكون ثمانين فرسخا في مثلها فيها جبل آدم الذي اهبط فيه، اسمه الرهن يرى من مسيرة أيام، عليه أثر قدم غرقت نحو سبعين ذراعا والأخرى على مسيرة يوم وليلة في البحر، يرى عليه كل ليلة نور. وثم يوجد الياقوت أجوده ما احدره الريح، وفيه ريحان شبه المسك، وفيها ثلاثة ملوك، وثم شجر كافور، لا يرى أطول من شجرته بيضاء تظل أكثر من مائتي رجل، ينقر أسفلها فينساب عليه الكافور كالصمغ، ثم تبطل الشجرة. تليها جزيرة الكلب فيها معادن الذهب، طعامهم النارجيل، بيض عراة حسان، يتصل بها جزيرة الرمى فيها أشجار البقم، تغرس غرساً، ثمرها يشبه الخرنوب مر وعروقها شفاء من سم ساعة. وجزيرة أسقوطرة كأنها صومعة البحر المظلم، وهي سد البوارج ومنهم تخاف المراكب ولم تزل في هلع حتى جاوزنها. وهو ابرك البحرين واحمدهما عاقبة.

والبحر الآخر خروجه من أقصى المغرب بين السوس الأقصى والأندلس، يخرج من المحيط عريضاً، ثم ينخرط ثم يعود فيعظم إلى تخوم الشام. وسمعت بعض مشايخ المغرب يفسر هذه الآية  ورب المشرقين ورب المغربين  قال: المغربان هذان الوجهان من هذا البحر مغرب الصيف عن يمينه ومغرب الشتاء عن يساره، وسمعت جماعة منهم يذكرون أنه يضيق في حدود طنجة حتى يكون واتفقوا على انه عند معابر الأندلس إذا عاينت هذا البرترايا لك البر الآخر. وذكر ابن الفقيه أن طول بحر الروم الدبوري آلفان وخمسمائة فرسخ من انطاكية إلى جزائر السعادة، وعرضه في مكان خمسمائة فرسخ وفي مكان مائتا فرسخ. فما كان من ناحية القبلة من طرسوس إلى دمياط ثم إلى السوس كلهم مسلمون، وما كان من الجهة الأخرى يعني يسار البحر فنصارى. وفيه ثلاث جزائر عامرة آهلة: اصقلية تقابل المغرب، واقريطش تقابل مصر، وقبرص تقابل الشام. وله خلجان معروفة، وعلى حافته بلدان كثيرة، وثغور جليلة، ورباطات فاضلة، وجهة منه على تخوم الروم إلى حدود الأندلس والغالب عليه الروم وهو مخوف منهم جداً وهم وأهل اصقلية. والأندلس أخبر الناس به وحدوده وخلجانه لأنهم يسافرون فيه ويغزون من هو يليهم، وفيه طرقهم إلى مصر والشام. وقد ركبت معهم المدة الطويلة أبداً أسألهم عنه وعن أسبابه واعرض عليهم ما سمعت فيه فقل ما رأيتهم يختلفون فيه، وهو بحر صعب هائج تسمع له أبداً جلبة خاصة ليالي الجمع. اخبرنا الفقيه أبو الطيب عبد الله بن محمد الجلال بالري. قال: حدثنا احمد بن محمد بن يزيد الاستراباذي. قال: حدثنا العباس بن محمد. قال: حدثنا أبو سلمة. قال: حدثنا سعيد بن زيد. قال: حدثنا ابن يسار عن عبدالله بن عمرو. قال: أن الله لما خلق بحر الشام أوحى إليه أني خلقتك وأنى حامل فيك عبادا لي يبتغون من فضلي يسبحونني ويقدسونني ويكبرونني ويهللونني فكيف أنت صانع بهم. قال: رب إذاً أغرقهم. قال: اذهب فقد لعنتك، وسأقل حليتك وصيدك. وأوحى إلى بحر العراق مثل ذلك. فقال: رب إذاً احملهم على ظهري فإذا سبحوك سبحتك معهم وإذا قدسوك قدستك معهم وإذا كبروك كبرتك معهم. قال: اذهب فقد باركت فيك سأكثر حليتك وصيد ك. وهذا دليل على أن ليس إلا بحران.

 

 

 

 

ولا أدري هذان البحران يقلبان في المحيط أم يخرجان منه وقرأت في بعض الكتب إنهما يخرجان منه وهما إلى القلب فيه اقرب، لأنك إذا خرجت من فرغانة لا تزال تنحدر إلى مصر ثم إلى أقصى المغرب. وأهل العراق يسمون العجم أهل فوق وأهل الغرب أهل أسفل. فهذا يؤيد ما ذهبنا إليه ويدل على إنها أنهار اجتمعت فصبت في المحيط والله أعلم. وجعل أبو زيد البحار ثلاثة، زاد المحيط ولم ندخله نحن في الجملة، لأنه كما يقال مستدير بالعالم كالحلقة لا يعرف له غاية ولا نهاية. وأما الجيهاني فإنه جعلها خمسة، زاد بحر الخزر وخليج القسطنطينية. ونحن اقتصرنا على ما أنبأ الله في كتابه حيث يقول  مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان  والبرزخ من الفرما إلى القلزم مسيرة ثلاثة أيام، فإن قيل إنما أراد الله تعالى بالبحرين العذب والمالح لأنهما لا يختلطان كما قال وهو الذي مرج البحرين -الآية- فالجواب أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان من الحلو والله يقول منهما ولا خلاف بين أهل العلم أن اللؤلؤ يخرج من الصيني والمرجان من الرومي. فعرفنا أنه إنما أراد هذين البحرين. فإن قيل البحار سبعة لأن الله قال عز وجل: )ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر(. وزاد المقلوبة والخوارزمية، فالجواب لم يقل الله تعالى إن البحار سبعة وإنما ذكر بحر العرب، وقال ولو أن سبعة مثله جعلت أيضاً مدادا. كما قال: )ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه(. مع إنه يجب بهذا الدعوى أن تكون ثمانية. وأيضا فإنا نلتزم هذا السؤال وننتصب فيه فنقول أن البحر هو بحر الحجاز والسبعة بحر القلزم وبحر اليمن وبحر عمان وبحر مكران وبحر كرمان وبحر فارس وبحر هجر، فهذه ثمانية كما نطقت الآية. فإن قيل يلزمك بهذا التأويل أن تكون أكثر من عشرة لأنك تركت بحر الصين وبحر الهند وبحر الزنج. فالجواب من وجهين أحدهما أن الله تعالى خاطب العرب بما يعرفونه ويعاينونه ليؤكد عليهم الحجة، وما كانت أسفارهم إلا في هذه البحار. ألا ترى أن هذا البحر بهذه الأسامي يدور على ديار العرب من القلزم إلى عبادان. والوجه الآخر لا ننكر أن يكون البحار كثيرة وذكر الله تعالى منها في هذه الآية ثمانية. فإن قيل هذا يرجع عليك ويلزمك أن البحار تجوز أن تكون سبعة، وإنما ذكر الله منها في تلك الآية بحرين. فالجواب هذا لا يشبه ذاك. لأن الله تعالى قال في تلك: )مرج البحرين يلتقيان(. فأشار إلى بحرين معهودين، والألف واللام إذا لم يكونا للجنس فإنما هما للتعريف. وقال في هذه يمده من بعده سبعة أبحر، ولم يدخل فيه حرف التعريف. فيجوز أن يكون أراد به سبعة من جماعة. كما قال: )سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً( وأيام الله كثيرة. وقال في آية أخرى: )وعلى الثلثة الذين خلفوا( فلا يجوز بأن يقال أنهم كانوا أكثر. فإن قيل لما وقع الاختلاف في تفسير هذه الآية ورأينا بحر الصين لا يلقى الرومي سقط الاحتجاج بها وسلمت لنا الآية الأخرى، فوجب أن تكون البحار سبعة. فالجواب قد ارتفع الاختلاف بقوله: )يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان(. وأما الالتقاء فحدثني جماعة من مشايخ مصر أن النيل كان يفيض في بحر الصين إلى قريب. فأن قيل تأويلك يوجب التناقض لأن فيه إنهما يلتقيان وإن بينهما على ما ذكرت ثلاثة أيام، وحاشى كتاب الله من التناقض. وما تأولناه مستقيم لأن التقاءهما جريان الحلو فوق المالح والبرزخ المنع من اختلاطهما. فالجواب تأويلنا أيضاً مستقيم لأن أعطينا كل معنى حقه فقلنا الالتقاء ما ذكرناه من صب النيل في الصيني وطرف النيل اليوم يفيض في الرومي فبالنيل التقيا. ويقال أن أم موسى إنما طرحت تابوته في بحر القلزم فخرج في النيل إلى مصر، مع أن الالتقاء غير الاجتماع لان الملتقيين يكون بينهما فصل ومسافة، وما ذهبوا إليه يسمى اختلاطاً لا التقاء. فإن قيل لم جعلت بحار الأعاجم من السبعة بعد ما قلت أن الله خاطبهم بما يعرفونه. فالجواب فيه من وجهين أحدهما أن العرب قد كانت تسافر إلى فارس آلا ترى أن عمر بن الخطاب رضه قال: إني تعلمت العدل من كسرى، وذكر خشيته وسيرته والآخر أن من سار إلى هجر وعبادان لا بد له من بحر فارس وكرمان وتيز مكران، أولا ترى إلى كثير من الناس يسمونه إلى حدود اليمن بحر فارس، وان اكثر

 

 

صناع المراكب وملاحيها فرس، وهو من عمان إلى عبادان قليل العرض لا يجهل المسافر فيه جهته. فإن قيل فهلا قلت هذا في بحر القلزم إلى موضع الأتساع. فالجواب قد قلنا أن من القلزم إلى عيذاب وما وراءها مفاوز خالية لم يسمع أن هذا البحر ينسب إلى شيء منها مع أنا قد انفصلنا عن هذا في بعض الجوابات. فإن قيل كيف يجوز أن تجعل بحرا واحدا ثمانية أبحر. فالجواب أن هذا مشهور عند كل من ركب البحر، ألا ترى كيف سمى الله بحر الروم بحرين، حيث يقول:  وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً فلما بلغا مجمع بينهما  . وكان هذا كله بسواحل الشام وأعلام ذلك ظاهرة وصخره موسى ثم بينة. فإن قيل فلم لا قلت أن معنى قوله مرج البحرين هو بحر واحد أيضاً. فالجواب هذا لا يجوز لأن الله تعالى قال:  بينهما برزخ  والبرزخ حاجز. مع أنا نقول لهذا المخالف إن كان الآمر على ما تزعم فأرنا ثمانية بحار في الإسلام. فإن ذكر المحيط قيل له ذلك على تخوم العالم بغير نهاية تعرف، وإن ذكر القسطنطيني قيل ذاك خليج من الرومي يخرج خلف اصقلية آلا ترى انهم ابدا يغزون فيه، فإن ذكر الخزري قيل له تلك بحيرة آلا ترى أن اكثر الناس يسمونها بحيرة طبرستان، أولم تر إلى قرب أطرافها، فإن قال المقلوبة والخوارزمية قيل له من جعل هاتين من هذه الجملة لزمه أن يجعل بحيرات الرحاب وفارس وتركستان فيجاوز العشرين. فإن انصف رجع إلى قولنا والله أعلم. المراكب وملاحيها فرس، وهو من عمان إلى عبادان قليل العرض لا يجهل المسافر فيه جهته. فإن قيل فهلا قلت هذا في بحر القلزم إلى موضع الأتساع. فالجواب قد قلنا أن من القلزم إلى عيذاب وما وراءها مفاوز خالية لم يسمع أن هذا البحر ينسب إلى شيء منها مع أنا قد انفصلنا عن هذا في بعض الجوابات. فإن قيل كيف يجوز أن تجعل بحرا واحدا ثمانية أبحر. فالجواب أن هذا مشهور عند كل من ركب البحر، ألا ترى كيف سمى الله بحر الروم بحرين، حيث يقول:  وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً فلما بلغا مجمع بينهما  . وكان هذا كله بسواحل الشام وأعلام ذلك ظاهرة وصخره موسى ثم بينة. فإن قيل فلم لا قلت أن معنى قوله مرج البحرين هو بحر واحد أيضاً. فالجواب هذا لا يجوز لأن الله تعالى قال:  بينهما برزخ  والبرزخ حاجز. مع أنا نقول لهذا المخالف إن كان الآمر على ما تزعم فأرنا ثمانية بحار في الإسلام. فإن ذكر المحيط قيل له ذلك على تخوم العالم بغير نهاية تعرف، وإن ذكر القسطنطيني قيل ذاك خليج من الرومي يخرج خلف اصقلية آلا ترى انهم ابدا يغزون فيه، فإن ذكر الخزري قيل له تلك بحيرة آلا ترى أن اكثر الناس يسمونها بحيرة طبرستان، أولم تر إلى قرب أطرافها، فإن قال المقلوبة والخوارزمية قيل له من جعل هاتين من هذه الجملة لزمه أن يجعل بحيرات الرحاب وفارس وتركستان فيجاوز العشرين. فإن انصف رجع إلى قولنا والله أعلم.

وأما الأنهار الفائضة في المملكة، فالمشهور منها فيما رأيت وميزت اثنا عشر.

دجلة والفرات والنيل وجيحون ونهر الشاش وسيحان وجيحان وبردان ومهران ونهر الرس ونهر الملك ونهر الاهواز، يجري فيها السفن. ودونها خمسة عشر أخرى: نهر المروين ونهر هراة ونهر سجستان ونهر بلخ ونهر الصغد وطيفوري وزندرود ونهر العباس وبردى ونهر الاردن والمقلوب ونهر انطاكية ونهر ارجان ونهر شيرين ونهر سمندر. ثم ما بعدهن صغار، نذكر بعضهن في الأقاليم مثل نهر طاب والنهروان والزاب ونظائرهن.

فأما دجلة فإنها عين تخرج من تحت رباط ذي القرنين عند باب الظلمات بإقليم أقور فوق الموصل، ثم يلقاها عدة انهار منها الزاب إلى أن يلقاها الفرات وشعب النهروان ببغداد.

وأما الفرات فإنه يخرج من بلد الروم ثم يتقوس على إقليم اقور، ويتشعب إليه الخابور، ثم يدخل العراق ويتبطح خلف الكوفة ويلقى دجلة منه أربع شعب.

 

 

 

وأما النيل فمخرجه من بلد النوبة ثم يشق إقليم مصر فيتشعب خلف الفسطاط، فنهر يفيض بالإسكندرية ونهر بدمياط. وذكر الجيهاني انه يخرج من جبل القمر ثم ينصب في بحيرتين خلف خط الاستواء ويطيف بأرض النوبة. وقال غيره لا يعرف له أول ولا يدري أحد من أين يقبل. وحدثنا أبو الحسن الخليل بن الحسن السرخسي بنيسابور. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد القنطري. قال: حدثنا المأمون بن احمد السلمي. قال: حدثنا محمد بن خلف. قال: اخبرنا أبو صالح كاتب الليث بن سعد عن الليث. قال: ذكروا والله اعلم إنه كان رجل من بني العيص يقال له حائذ بن أبي شالوم بن العيص وإنه خرج هارباً من ملك من ملوكهم حتى دخل ارض مصر فأقام بها سنين، فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به جعل الله على نفسه أن لا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه من حيث يخرج أو يموت قبل ذلك فسار حتى انتهى إلى بحر اخضر فنظر إلى النيل يشق البحر قال المقدسي هذا البحر هو المحيط. قال: فصعد على البحر فإذا هو برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس إليه وسلم عليه. فسأله من أنت. قال: حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق صلعم. فمن أنت. قال: أنا عمران بن العيص بن إسحاق عم. قال: فما الذي جاء بك يا عمران. قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله تعالى إلى أن قف في هذا الموضع حتى يأتيك أمري. قال: فقال له يا عمران اخبرني عن النيل. فقال: لست بمخبرك دون أن تفعل ما أسألك. قال: وما ذاك. قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله إلي بأمر أو يتوفاني فتدفنني. قال: ذاك لك. قال: له سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة مقاربة للشمس إذا طلعت اهوت إليها لتبتلعها فلا يهولنك آمرها فاركبها فإنها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليه راجعاً حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليه فإنك ستبلغ أرضاً من حديد جبالها وشجرها وسهولها من ارض ذهب، إلى أن تنتهي وإذا بقبة من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل. فسار حتى بلغ القبة فإذا ماء ينحدر من السور إلى القبة ثم يفترق في الأبواب الأربعة. فأما ثلاثة فتغيض في الأرض وأما واحد فيشق على وجه الأرض وهو النيل. فشرب منه واستراح أهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك، فقال له: يا حائذ قف مكانك فقد انتهى إليك علم النيل، وهذه الجنة وذكر الحديث بطوله.

وأما جيحون فإن ابتداءه من بلاد وخان يمد إلى الختل ثم يتسع ويعظم ويقع إليه ستة انهار: نهر هلبك ثم نهر بربان ثم نهر فارغر ثم نهر انديجاراغ ثم نهر وخشاب وهو اعمقهن ثم يلقاه نهر القواديان ثم انهار الصغانيان كل ذلك من جانب هيطل ينحدر متبحرا إلى خوارزم فيقر في بحيرة مرة وقد سقى عدة من المدن مع مدن خوارزم كلها شرقاً وغرباً.

وأما نهر الشاش فإنه يخرج عن يمين بلد الترك ويمد إلى بحيرة خوارزم أيضاً وهو يقارب جيحون في العظم إلا أنه شبه الميت.

وأما سيحان وجيحان وبردان فأنهن. انهار طرسوس وأذنة والمصيصة، يخرجن من بلد الروم ثم يفضن في البحر. وكذاك سائر انهار الشام آلا نهر بردى والأردن فإنهما يفيضان في البحيرة المقلوبة. وبردى يتفجر من جبال فوق دمشق، ويشق القصبة ويسعي الكورة ثم ينقسم فضلته فبعض يتبحر في اقصى الكورة وبعض ينحدر إلى الاردن.

وأما نهر مهران فإنه يخرج من الهند ثم يفيض في بحر الصين بعد ما يلقاه عدة انهار في الأقاليم وطعم مائه ولونه وزيادته وكون التماسيح فيه كالنيل.

وأما نهر الرس والملك والكر فأنهن يخرجن من بلاد الروم فيسقين إقليم الرحاب ثم يفضن في بحيرة الخزر.

وأما انهار الاهواز فإنها عدة انهار تنحدر على الإقليم من الجبال ثم تجتمع بحصن مهدي وتفيض في بحر الصين عند عبادان. ووجدت في كتاب بالبصرة أربعة انهار من الجنة في الدنيا: النيل وجيحون والفرات والرس. وأربعة من انهار النار: الزبداني والكر وسنجة والسم.

وأما نهر المروين وهراة وسجستان وبلخ فإنها تخرج من أربعة جوانب بلد الغور ثم تنحدر إلى هذه العرر فتسقيها.

وأما طيفوري فإنه ينحدر من جبال جرجان فيسقى الكورة. ونهر الري يخرج من فوق البلد من شبه فوارة ثم ينشعب وينحدر على البلد. وزندرود ينحدر من جبال اصفهان ثم يدخل اليهودية ويسقي الكورة.

وأما انهار فارس فإنها تفيض في خمس بحيرات في الإقليم ونهرطاب يقبل من

 

 

البرج قبل سميرم ثم يمد على تخوم فارس ثم يفيض في بحر الصين عند سينيزونهر ارجان يتفجر من جبال فارس ويقع فيه ماء مالح تحت العقبة ويسقي الكورة بالقسمة.

 

ذكر الأسامي واختلافها

اعلم أن في الإسلام بلداناً وكوراً وقرى تتفق أسماءها، وتتباين مواضعها، ويشكل على الناس آمرها، والمنسوبون إليها. فرأينا أن نقدم هذا الباب ونفرده لها، ونذكر أيضاً الأسامي التي يختلف فيها أهل الأقاليم، فإن ذلك يفيد من دخلها لا محالة.

السوس كورة بأقصى المغرب ومدينة بأوله، وأخرى بهيطل، وكورة بخوزستان. وبالمغرب سوسة أيضا. اطرابلس مدينة على ساحل دمشق، وأخرى على ساحل برقة. بيروت مدينة بدمشق، ومدينة بخوزستان. عسقلان مدينة على ساحل فلسطين، ومنبر ببلخ. رمادة مدينة بالمغرب، وقرية ببلخ، وأخرى بنيسابور، وأخرى بالرملة. طبران مدينة على تخوم قومس، ورستاق سرخس. وطابران قصبة طوس. وطبرستان كورة. وطبرية قصبة الاردن. وطواران كورة بالسند. وطبرك موضع بالري. قوهستان كورة بخراسان، ومدينة بكرمان. طبس التمر وطبس العناب مدينتان بقوهستان. دهستان مدينة بكرمان، وناحية بجرجان، وناحية ببادغيس. نسا مدينة بخراسان، وأخرى بفارس، وأخرى بكرمان. البيضاء نسا فارس، وكورة بالمغرب، ومدينة بالخزر. البصرة بالعراق، ومدينة بالمغرب. الحيرة مدينة كانت بالكوفة، وقرية بفارس، ومنزل بسجستان، ومحلة بنيسابور. الجور مدينة بفارس، والجور محلة بنيسابور. حلوان كورة بالعراق، ومدينة بمصر، وقرية بنيسابور، وأخرى بقوهستان. كرخ مدينة بسامرا، ومحلة ببغداد، ومنبر بالرحاب، وقرية ببغداد. وكرخة مدينة بخوزستان. كروخ مدينة بهراة. الشاش كورة بهيطل، وقرية بالري. استراباذ مدينة بجرجان، وقرية بنسا خراسان. كرج ناحية ومدينة لهمذان، وقرية بالري. دستجرد مدينة بالصغانيان، وقرى بالري ونيسابور، ودستجرد مدينة بكرمان. مغون مدينة بقومس، وأخرى بكرمان. باسند مدينة بالصغانيان، وأخرى بالسند. اوه مدينتان بالجبال. الاهواز مصر خوزستان، وقرية بالري. الرقة بأثور، ومدينة بقوهستان. خوار مدينة بالري، وأخرى على تخوم قومس، وخور ببلخ، وخور بقوهستان. نوقان مدينة بطوس، وقرية بنيسابور. وموقان مدينة بالرحاب. ومنوقان مدينة بكرمان. الكوفة بالعراق، وكوفا مدينة ببادغيس. وكوفن رباط ابيورد. خانقين مدينة بحلوان العراق، والخانقين بالكوفة، وخانوقة باثور، والخانقة متعبد الكراميين بإيليا. الحديثة مدينة على دجلة، وأخرى على ألفرات باقور، والحدث مدينة بقنسرين، والمحدثة منزل ببرية تيماء. النبك والعونيد مدينتان بالحجاز، ومنزلان ببرية تيماء. الزرقاء قرية في طريق الري، وموضع في طريق دمشق. عكا مدينة على ساحل الاردن، وعك قبيلة باليمن. اليهودية قصبة اصفهان، وقصبة جوزجان. الانبار مدينة لبغداد، وانبار مدينة بجوزجان. اصفهان كورة وقرية اصفهانك في طريقها، والاصبهانات مدينة بفارس. مدينة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ومدينة الري، ومدينة اصفهان، ومدينة السلام، والمدائن بالعراق. كوتا ربا وكوتا الطريق مدينة وقرية بالعراق. الدسكرة بخوزستان، ودسكرة العراق. باراب رستاق باسبيجاب، وفارياب بجوزجان. الطالقان مدينة بالديلم، وطالقان جوزجان. ابشين حضرة الشار ومدينة بغزنين. هراة خراسان ومدينة لاصطخر. بغلان العليا والسفلى مدينتان بطخارستان. اسداواذ مدينة بالجبال، وقرية بنيسابور. بيار شبه مدينة بقومس، وقرية بنسا خراسان. ووذار رستاق لسمرقند. جرجان كورة بالديلم. والجرجانية مدينة بخوارزم. بلخ وبلخان مدينة خلف ابيورد. قزوين مدينة للري وقزوينك قرية بالدينور. فلسطين

 

 

الشام، وقرية بالعراق. الرملة قصبة فلسطين، وقرية بالعراق، وقرية الرمل مدينة بخوزستان. فربر مدينة على جيحون وفره مدينة لسجستان وافراوه رباط نسا. امل مدينة على جيحون وقصبة طبرستان واتل قصبة الخزر. بكراباذ شبه مدينة بجرجان، ومنزل بسجستان. النيل نهر مصر ومدينة بالعراق. جبلة مدينة لحمص، وجبيل على ساحل دمشق. قبا مدينة بفرغانة، وقرية بيثرب، ومنزل بالبادية. قومس كورة بالديلم وقومسة قرية باصبهان. الشامات نواحي الشام، ومدينة بكرمان، وربع من سواد نيسابور. جرش مدينة باليمن، وجبل جرش بالاردن. سنجان مدينة بالرحاب، وأخرى بمرو، وقرية بنيسابور، وسنجار مدينة بأثور وزنجان مدينة للري. مرو الشاهجان ومرو الروذ. سقيا يزيد مدينة ومنزل بالحجاز سقيا بني غفار. حضرموت مدينة بالاحقاف، ومحلة بالموصل. الرصافة ربع بغداد وقرية بارجان. نينوى القديمة والحديثة بالموصل. عسكر ابي جعفر بجانب بغداد الشرقي، وقرية بالبصرة، وعسكر مكرم كورة بخوزستان، وعسكر بنجهير ناحية ببلخ، والعسكر محلة بالرملة، وأخرى بنيسابور، وقرية ببخارا. الدورق كورة ومدينة وقرية بخوزستان. الزبيدية منزل بالجبال، وآخر بالبطائح وماء بالبادية والزبداني مدينة بدمشق. الحدادة قرية بقومس، والحدادية قرية بالبطائح. نيسابور وسابور وجندى سابور ثلاث كور بناهن سابور وبنى بارجان مدينة بلا سابور وباصطخر ارسابور. كرمان إقليم، وكرمان شاهان مدينة بالجبال، وكرمينية مدينة ببخارا، وبيتكرما قرية بايليا. عمان كورة بالجزيرة، وعمان مدينة بفلسطين. الزاب ناحية بالمغرب، ونهر بأقور. اسكاف العليا والسفلى ببغداد. جيلان بالديلم التي تسميها العامة كيلان، والجيل مدينة بالعراق. جزيرة العرب إقليم، وجزيرة ابن عمر بأقور، وجزيرة بني زغناية، وجزيرة أبي شريك بافريقية، والجزيرة مدينة بالفسطاط، وجزيرة بني حدان ببحر القلزم. قلعة الصراط، وقلعة القوارب، وقلعة برجمة، وقلعة النسور، وقلعة شميت، وقلعة ابن الهرب، وقلعة ابي ثور، وقلعة البلوط بالمغرب، والقلعة بالرحاب، كلهن مدن. حصن مهدي مدينة بالأهواز، وحصن السودان، وحصن البرار، وحصن ابن صالح، مدن بسجلماسة، حصن بلكونة مدينة بالأندلس، حصن الخوابي بالشام، حصن منصور بالثغور. قصر ابن هبيرة، وقصر الجص بالعراق، وقصر الفلوس مدينة بتاهرت، قصر الافريقي، ومدينة القصور بافريقية، قصر الريح منزل بنيسابور، قصر اللصوص منزل بالجبال. تاهرت العليا كورة والسفلى مد ينة بالمغرب. سوق ابن خلف بافريقية، سوق ابن حبلة، سوق كرى، سوق ابن مبلول، سوق ابراهيم، مدن بتاهرت، اسواق على أيام الجمعة بخوزستان، مدن طخارستان تسمى اسواقا. الاحساء كورة ومنزل بالحجاز. القادسية مدينة بالكوفة، ومنزل بسامرا. غزة بفلسطين، الغزة بتاهرت. بطحاء مكة والبطحات مدينة بتاهرت. هران قرية باصفهان، وهران مدينة بتاهرت. تبريز بالرحاب وتبرين بتاهرت. تاويلت ابي مغول، وأخرى مدينتان بتاهرت. عين المغطا باصقلية، وعين زربة بالثغور، وراس العين بأثور، مدن وقرى، وينبع بالحجاز وعينونا مدينة لويلة، بيت عينون قرية بايليا. صبرة مدينة بافريقية، وأخرى ببرقة. مرسى الخرز، ومرسى الحجامين، ومرسى الحجر، ومرسى الدجاج، مدن بالمغرب. خرارة قرية بفارس، ومدينة بتاهرت. كول مدائن بافريقية، والمشرق، وفارس. جويم ابي احمد مدينة، وقرية جويم بفارس. قسطنطينية وقسنطينية وقسطيلية مدن بالمغرب، والقسطل قرية على تخوم الشام. معرة النعمان، ومعرة قنسرين، مدينتان بالشام. اللجون مدينتان بالشام. ثغر طرسوس وعلى ساحل الشام انطرسوس. دار البلاط بمصر الروم، وبلاط مروان مدينة بالأندلس، وتسمى ايليا البلاط. وادي القرى بالحجاز، وادي الرمان بالأندلس مع وادي الحجارة. بانياس مدينة، وباناس نهر بدمشق، بيسان مدينة بالاردن. الرها مدينة بأثور، وادي الرها مدينة بافريقية. ومن المدن ما لها أكثر من اسم نحومكة وبكة، المدينة يثرب طيبة طابة جابرة مسكينة مخبورة يندر الدار دار الهجرة، بيت المقدس ايليا القدس البلاط، عمان صحار مزون، عدن سمران، الصرة الحيس، البحرين هجر،. جور فيروزا باذ، نسا البيضاء. وثلاث قصبات تسمى شهرستان جرجان سابور كاث، وقصبات تسمى باسماء كورها ولهن اسماء غيرها مثل بخارا ونيسابور ومصر.

 

 

 

وأما الأشياء التي يختلف فيها أهل الأقاليم فهي مثل لحام جزار قصاب، كرسف عطب قطن، قطان حلاج، البزازين الكرابيسيين الرهادنة، جبان طباخ بقال فامي تاجر، ميزاب مرزاب مزراب مثعب، باقلى فول، قدر برمة، موقدة اثافي، زنبيل مكتل قفة، سفل مركن إجانة تغار، قنطار بهار، من رطل، حبة طسوج، خادم قيم مفرك بلان، شمشك صندل، حصن قلعة قهندز كلات، صاحب ربع مصلحة مسلحة صاحب الطريق، عشار مكاس مرصدي، مخاصم خصيم، حاكم قاض، وكيل جري، شيرج سليط، زجاج قواريري، صفع صك، بقعة موضع، قطة سنور دمة هرة، معلم خادم استاذ شيخ خصي، دباغ صرام أدمي سختياني جلودي، فاعل روزكاري، قرياتي رستاقي سوادي، زراع فلاح حراث، فندق خان تيم دار التجار، مرزبة اكلة، حبل قلس، وتد كنورا، هدنها كركرها، لص مشوشا، جنحت ولجت، انقض زور، قف هلى، هيارا جماعة، لكيشا كثير، زرنوق دولاب حنانة، دالية كرمة، مسحاة مجرفة، معول فاس، صاعدا زقافا، منحدرا شبالا، طاروس شرته، سكان رجل، ربان راس، ملاح نوتي، ساحل شط، رقعة بطاقة، روحة نفسه، سفينة جاسوس زورق رقية تلوى عرداس طيار زبزب كاروانية مثلثة واسطية ملقوطة شنكولية براكية خيطية شموط مسبحية جبلية مكية زبرباذية بركة سوقية معبرولجية طيرة برعاني شبوق مركب شذا برمة قارب دونيج حمامة شيني شلندي بيرجه. ونحو هذا كثير، وان استوعبناه طال الكتاب.

وسنتكلم في كل إقليم بلسانهم ونناظر على طريقتهم، ونضرب من امثالهم. لتعرف لغتهم ورسوم فقهائهم. فإن كنا في غير الأقاليم مثل هذه الأبواب تكلمنا بلغة الشام، لأنها اقليمي الذي به نشأت وناظرت على طريقة القاضي أبي الحسين القزويني، لأنه أول إمام عليه درست. آلا ترى إلى بلاغتنا في إقليم المشرق لأنهم اصح الناس عربية لأنهم تكلفوها تكلفا، وتعلموها تلقفا. ثم إلى ركاكة كلامنا في مصر والمغرب، وقبحه في ناحية البطائح، لأنه لسان القوم. لأن قصدنا في هذا الاصل الانهاء والتعريف، لا المبارزة والتشفيف، وأعلم أنا قد أجرينا مسائله على التعارف والاستحسان، كما أجرى الفقهاء كتابي المكاتب والايمان. ورتبناه على مذاهب أهل العراق لأني فيها تفقهت، وإياها اخترت. واستعملت القياس في مواضع تحسن وتليق، وبالله التوفيق.

 

ذكر الخصائص في الأقاليم

أظرف الأقاليم العراق وهو أخف على القلب وأحد للذهن، وبها تكون النفس أطيب والخاطر أدق إذا كانت كفاية. واجلها وأوسعها فواكه وأكثرها علماً وأجلة وأبرداً المشرق. وأكثرها صوفاً وقزاً ودخلاً على قدره الديلم. وأجودها ألباناً وأعسالاً وألذها إخبازاً وأمكنها زعفراناً الجبال. وأكثرها ثماراً وأرخصها أسعاراً ولحوماً وأثقلها قوماً الرحاب. وأسفلها قوماً وأشرهم أصلاً وفصلاً خوزستان. وأحلاها تموراً وأوطأها قوماً كرمان. وأكثرها فانيذاً وأرزازاً ومسكاً وكفاراً السند. وأكيسها قوماً وتجاراً وأكثرها فسقاً فارس. وأشدها حراً وقحطاً ونخيلاً جزيرة العرب. وأكثرها بركات وصالحين وزهاداً ومشاهد الشام. وأكثرها عباداً وقراء وأموالاً ومتجراً وخصائص وحبوباً مصر. وأخوفها سبلاً وأجودها خيلاً وأوسطها قوماً أقور. وأجفاها وأثقلها وأغشها قوماً وأكثرها مدناً وأوسعها أرضاً المغرب.

وقال عبد الرحمان بن أخي الأصمعي دخلت على الجاحظ، فقلت افدني في البلدان فائدة، قال نعم الأمصار عشرة: المروة ببغداد، والفصاحة بالكوفة، والصنعة بالبصرة، والتجارة بمصر، والغدر بالري، والجفاء بنيسابور، والبخل بمرو، والصلف ببلخ، والحرفة بسمرقند. وقد صدق لعمري.

 

 

 

آلا أن بنيسابور أيضاً صناعاً حذاقاً، وبالبصرة تجارات،، وبمكة فصاحة،وبمرو دهاة، وصنعاء طيبة الهواء، وبيت المقدس حسنة البناء، وصغر وجرجان موضع الوباء، ودمشق كثيرة الأنهار، وصغد ممتدة الاشجار، والرملة لذيذة الثمار، وطبرستان دائمة الامطار، وفرغانة رخيصة الاسعار، والمروة والجحفة معدن الدعار، والرقة موضع الاخطار، وهمذان وتنيس مركز الاحرار، والشام إقليم الاخيار، وسمرقند فرضة التجار، ونيسابور بلدة الكبار، والفسطاط آهل الأمصار، وطوب لأهل الغرج بعدل الشار، ولأصفهان الهواء والحلل والفخار، ورسوم شيراز على الإسلام عار، وعدن دهليز الصين مع صحار، وبالصغانيان الكلأ والثمار والاطيار، وبخارا جليلة لولا الماء وحريق النار، وبلخ خزانة الفقه مع الرحب واليسار، وأيليا تصلح لأهل الدين والدار، وأهل بغداد قليلو الإعمار، وصنعاء ونيسابور بالضد.

وليس أكثر ولا أرذل من مذكري نيسابور، ولا اطمع من أهل مكة، ولا أفقر من أهل يثرب، ولا أعف من أهل بيت المقدس، ولا آدب من أهل هراة وبيار، ولا أذهن من أهل الري، ولا أنقب من أهل سجستان، ولا أبخس من أهل عُمان، ولا أجهل من أهل عَمان، ولا أصح موازين من أهل الكوفة وعسكر مكرم، ولا أحسن من أهل حمص وبخارا، ولا أقبح من أهل خوارزم، ولا أحسن لحى من الديلم، ولا أشرب للخمور من أهل بعلبك ومصر، ولا أفسق من أهل سيراف، ولا أعمى من أهل سجستان ودمشق، ولا أشغب من أهل سمرقند والشاش، ولا أوطأ من أهل مصر، ولا أبله من أهل البحرين، ولا أحمق من أهل حمص، ولا ألبق من أهل فسا ونابلس ثم الري بعد بغداد، ولا أحسن لساناً من أهل بغداد، ولا أوحش من لسان صيدا وهراة، ولا أصح من السان خراسان، ولا أحسن عجميةً من أهل بلخ والشاش، ولا أعفط من أهل البطائح، ولا أسلم صدورا. من أهل هيطل، ولا أخير قوما من أهل غرج الشار.

فإن سأل سائل أي البلدان أطيب نظر? فإن كان ممن يطلب الدارين قيل له بيت المقدس، وإن كان مخلصاً آمنا من الطمع قيل مكة، وإن كان ممن يطلب النعمة والحيازة والرخص والفواكه قيل له كل بلد أجزاك، وإلا فعليك بخمسة أمصار: دمشق والبصرة والري وبخارا وبلخ. أو بخمس مدائن: قيسارية وباعيناثا وخجندة والدينور ونوقان. أو بخمس نواح: الصغد والصغانيان ونهاوند وجزيرة ابن عمر وسابور. فاختر ما شئت منها فإنها منازه الإسلام. وأما الاندلس فيقال أنها جنات. ومستفاض جنات الدنيا أربع: غوطة دمشق ونهر الابلة وروضة الصغد وشعب بوان. ومن أراد التجارة فعليه بعدن أو عمان أو مصر. وكلما نذكر من عيوب أهل البلدان فأهل العلم والادب عنه بمعزل، خاصة الفقهاء، لأني رأيت الفضل فيهم.

واعلم أن كل بلد فيه صاد فأهله حمق إلا البصرة. فإن اجتمعت صادان مثل المصيصة وصرصر فنعوذ بالله. وكل بلد نسبت صاحبه إليه فلقيت الزاي الياء فهو داه، مثل رازي مروزي سجزي. وكل بلد آخر أن فله خاصية أو طيبة، مثل جرجان موقان ارجان. وكل بلد شديد البرد فأهله أسمن وأضخم وأحسن وأكبر لحى، مثل فرغانة وخوارزم وارمينية. وكل بلد على بحر أو نهر فالزنا واللواطة فيه كثير، مثل سيراف وبخارا وعدن. وكل بلد يحيط به أنهار فأن في أهله شغباً وخروجاً، مثل دمشق وسمرقند والصليق. وكل بلد رحب رخى فإن المعايش به ضيقة إلا بلخ. واعلم أن بغداد كانت جليلة في القديم وقد تداعت الآن إلى الخراب، واختلت وذهب بهاؤها، ولم أستطبها ولا أعجبت بها، وإن مدحناها فللتعارف. وفسطاط مصر اليوم كبغداد في القديم ولا أعلم في الإسلام بلدا أجل منه. وأما إقليم المشرق فقد فشا فيه الجور وفسد، وهو خيرمن غيره. وأقاليم الأعاجم فلا تطيب لأهل أسفل. ولو كان للرملة ماء جار لما استثنينا أنها أطيب بلد في الإسلام، لأنها ظريفة خفيفة، بين قدس وثغور وغور وبحور، معتدلة الهواء لذيذة الثمار سرية الأهل، غيرأن فيهم جهلا خزانة مصر ومطرح البحرين رخية.

 

ذكر المذاهب والذمة

اعلم أن المذاهب المستعملة اليوم في الإسلام التي لها خاص وعام

 

 

ودعاة وجمع، ثمانية وعشرون مذهبا. أربعة قي الفقه، وأربعة في الكلام، وأربعة في الحكم فيهما، وأربعة مندرسة، وأربعة في الحديث، وأربعة غلب عليها أربعة، وأربعة رستاقية. فأما الفقهيات: فالحنفية والمالكية والشفعوية والداودية. وأما الكلاميات: فالمعتزلة والنجارية والكلابية والسالمية. وأما الذين لهم فقه وكلام: فالشيعة والخوارج والكرامية والباطنية. وأما أصحاب الحديث: فالحنبلية والراهوية والاوزاعية والمنذرية. وأما المندرسة: فالعطائية والثورية والاباضية والطاقية. وأما التي في الرساتيق: فالزعفرانية والخرمدينية والابيضية والسرخسية. وأما التي غلب عليها أربعه من شكلها: فالاشعرية على الكلابية، والباطنية على القرمطية، والمعتزلة على القدرية، والشيعة على الزيدية، والجهمية على النجارية. فهذه جمل المذاهب المستعملة اليوم ثم تنشعب إلى فرق لا تحصى.

ولما ذكرنا القاب وأسماء تتكرر ولا تزيد على ما ذكرنا، يعرف ذلك العلماء، وهن أربعة ملقبة، وأربعة ممتدحة، وأربعة منكو رة، وأربعة نحتلف فيها، وأربعة لقب بها أهل الحديث، وأربعه معناهن واحد، وأربعة يميزهن النحارير. فأما الملقبة فالروافض والمجبرة والمرجئة والشكاك. وأما الممتدحة فأهل السنة والجماعة وأهل العدل والتوحيد والمؤمنون وأصحاب الهدى. وأما المنكورة فالكلابية ينكرون الجبر والحنبلية ينكرون النصب ومنكرو الصفات ينكرون التشبيه ومثبتوها ينكرون التعطيل. وأما المختلف فيها فعند الكرامية الجبر جعل الاستطاعة مع الفعل، وعند المعتزلة جعل الشر بقدر الله تعالى وأن يقال أفعال العباد مخلوقة الله. والمرجئة عند أهل الحديث من أخر العمل عن الايمان، وعند الكرامية من نفى فرض الاعمال، وعند المامونية من وقف في الايمان، وعند أصحاب الكلام من وقف في أصحاب الكبائر ولم يجعل منزلة بين منزلتين. والشكاك عند أصحاب الكلام من وقف في القرآن، وعند الكرامية من استثنى في الايمان. والروافض عند الشيعة من أخر خلافة علي، وعند غيرهم من نفى خلافة العمرين. وأما أربعة معناهن واحد: فالزعفرانية والواقفية والشكاك والرستاقية. وأما أربعة لقب بها أهل الحديث: فالحشوية والشكاك والنواصب والمجبرة. وأما ألتي يميزهن كل نحرير، فأهل الحديث من الشفعوية، والثورية من الحنفية، والنجارية من الجهمية، والقدرية من المعتزلة. واعلم أن اصل مذاهب المسلمين كلها منشعبة من أربع: الشيعة والخوارج والمرجئة والمعتزلة. واصل افتراقهم قتل عثمان، ثم تشعبوا ولا يزالون مفترقين إلى خروج المهدي. والارجاء هاهنا هو الوقف في أهل الكبائر يدخل فيه أهل الرأي والحديث. وقالت المعتزلة كل مجتهد مصيب في الفروع حسب واحتجوا بالذين اشكلت عليهم القبلة وقت النبي، صلى الله عليه وسلم، فصلى كل قوم إلى جهة، فلم يأمرمن أخطأ بالإعادة، بل جعله بمثابة من أصابها. وهذه المقالة تعجبني ألا ترى إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قد اختلفوا وجعل اختلافهم رحمة. وقال بأيهم اقتديتم أهتديتم وقال سفيان بن عيينة. إن الله تعالى لا يعذب احداً على ما أختلف فيه العلماء، أولا ترى أن القاضي إذا اجتهد في قضية لم يجز لغيره أن يبطلها وإن كانت عنده خطأ. وقالت طائفة من الكرامية كل مجتهد مصيب في الاصول والفروع جميعا إلا الزنادقة، واحتج صاحب هذه المقالة، وهو قول جماعة من المرجئة بخبر النبي صلى الله عليه وسلم،  يفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتين وسبعين في الجنة وواحدة في النار. وقال بقية الأئمة: لا مصيب إلا من وافق الحق وهم صنف واحد، واحتجوا بالخبر الآخر إثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية وهذا أشهر، إلا أن الأول أصح أسنادا والله أعلم. فإن صح الأول فالهالكة هما الباطنية، وإن صح الثاني فالناجية السواد الأعظم. ولم أر السواد الأعظم إلا من أربعة مذاهب أصحاب أبي حنيفة بالمشرق، وأصحاب مالك بالمغرب، وأصحاب الشافعي بالشاش وخزائن نيسابور، وأصحاب الحديث بالشام واقور والرحاب، وبقية الأقاليم ممتزجون. قد بينت ذلك في شرح الأقاليم من هذا الكتاب.

 

 

 

وأما أصحاب القراءات المستعملة اليوم فعلى أربعة أقسام: حروف أهل الحجاز وهن أربع قراءة نافع وابن كثير وشيبة وأبي جعفر. وحروف أهل العراق وهن أربع حرف عاصم وحمزة والكسائي وأبي عمرو. وقراءة أهل الشام وهي لعبد الله بن عامر. وحروف الخاص وهن أربع قراءة يعقوب الحضرمي واختيار أبي عبيد واختيار أبي حاتم وقراءة الأعمش، وأكثر الائمة على أن الجميع على صواب. وقد أخترت من المذاهب مذهب أبي حنيفة رحه للخلال ألتي أذكرها في إقليم العراق. ومن الحروف مقرأ أبي عمران عبد الله بن عامر اليحصبي للمعاني ألتي أصفها في إقليم أقور.

واعلم أن الناس قد عدلوا عن مذهب أبي حنيفة في أربع: صلاة العيدين إلا بزبيد وبيار، وصدقة الخيل، وتوجيه الميت عند الموت، والتزام الاضحية إلا ببخارا والري. وعدلوا من مذهب مالك في أربع: الصلاة قدام الإمام إلا بالمغرب ويوم الجمعة بمصر وصلاة الجنائز بالشام، وفي أكل لحوم الكلاب إلا بمدينتين بالمغرب تباع جهراً وتطرح في هرائس مصر ويثرب سراً، وفي الخروج من الصلاة بتسليمة واحدة إلا ببعض بلدان المغرب، وفي المسامحة في تسبيحات الركوع والسجود إلا الجهال. وعدلوا عن مذهب الشافعي في أربع: الجهر بالبسملة إلا بالمشرق في مساجد أصحابه، وكذلك القنوت في الفجر، وفي إحضار النية مع تكبيرة الافتتاح، وفي ترك القنوت في الوتر في غير نصف رمضان الأخير إلا بنسا.

وعدلوا عن مذهب داود في أربع: تزويج ما فوق الأربع، وإعطاء الابنتين النصف، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، وفي مسألة العول. وعدلوا عن مذهب أصحاب الحديث في أربع: المتعة في الحج، والمسح على العمامة، وترك التيمم بالرمل، وانتقاض الوضوء بالقهقهة. إلا أنه قد وافقهم الأربع أربعة: في القهقهة أبو حنيفة رحه، وفي المتعة الشيعة، وفي التيمم الشافعي، وفي المسح على العمامة الكرامية. وعدلوا عن مذهب الشيعة في أربع: المتعة ووقوع طلاق الثلاث والمسح على الرجلين والحيعلة في الآذان. وعدلوا عن مذهب الكرامية في أربع: المسامحة في النية عند كل فريضة، وصلاة الفريضة على الدابة، وجواز الصوم لمن أكل بعد طلوع الفجروهولا يعلم، وصحة صلاة من طلعت الشمس وهوفيها. وخالف العوام الجميع في أربع: تكبير أيام التشريق، والصلاة قبل العيدين، وترك الدخول من. منى آخر يوم قبل الزوال، وغسل القدم ثلاث مرات في الوضوء.

وقلما رأيت فقهاء أبي حنيفة رحه ينفكون من أربع من الرياسة مع لباقة فيها والحفظ والخشية والورع. وأصحاب مالك من أربع الثقل والبلادة والديانة والسنة. وأصحاب الشافعي من أربع النظر والشغب والمروة والحمق. وأصحاب داود من أربع من الكبرة والحدة والكلام واليسار. والمعتزلة من أربع من اللطافة والدراية والفسق والسخرية. والشيعة من أربع البغضة والفتنة واليسار والصيت. وأصحاب الحديث من أربع القدوة والهمة والانفاق والغلبة. والكرامية من أربع التقى والعصبية والذل والكدية. والادباء من أربع الخفة والعجب والتصرف والتجمل. والمقرئين من أربع الطمع واللواطة والرياء والسمعة.

وأما الاديان الذين هم ذمة فأربعة اليهود والنصارى والمجوس والصابئون.

 

 

 

ونحن نذكرغلبة كل قوم ممن ذكرنا في مواضعهم، بلا ميل ولا تعصب إن شاء الله تعالى. ونصف ما فيهم من خيروشر. فإن قيل أكثر ما ذكرته خطأ وخلاف ما يعرفه الناس حتى أنك خالفت الاصول، بجعلك الاقسام رباعيات وعدلت عن السباعيات، بعد ما قد علمت أن الله عز إسمه، خلق السموات والأرض سبعاً سبعاً والأيام والليالي سبعاً سبعاً، والأرزاق من سبع، ونزل القرآن على سبعة أحرف، والمساجد سبعة. وذكر ما سنجيب عن بعضه، فالجواب إنا قد تحرزنا بقولنا المذاهب المستعملة ولم نقل فرق المسلمين. وأما وجود الآمر على خلاف ما ذكرنا في البعض فذلك ندر والأغلب ما ذكرنا. وأما السامرة فإنهم صنف من اليهود، ألا ترى إن نبيهم موسى عم. وأما الرباعيات وإن كانت اتفقت وما تقصدناها، فإن لها نظائر في الاصول وهي أن الكتب أربعة، وخلق الإنسان من أربع، والطبائع أربع، والفصول أربعة، والأنهار أربعة، وأركان الكعبة أربعة، وأشهر الحرم أربعة. وحدثنا أبو بكر أحمد بن عبدان بالأهواز، قال: حدثنا محمد بن معاوية الأنصاري قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح عن سفيان الحريري عن عبد المؤمن عن زكرياء أبي يحيى عن الأصبغ بن نباتة أنه سمع علياً رضه، يقول: إن القرآن نزل ربعاً فينا وربعاً في عدونا وربعاً سيراً وأمثالاً وربعاً فرائض وأحكاماً، فهذه أصول أيضا لا تنكر.

 

ذكر ما عانيت من الأسباب

اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن الوزراء قد صنفوا في هذا الباب، وإن كانت مختلة، غيرأن أكثرها بل كلها سماع لهم. ونحن فلم يبق إقليم إلا وقد دخلناه، وأقل سبب إلا وقد عرفناه. وما تركنا مع ذلك البحث والسؤال والنظر في الغيب، فانتظم كتابنا هذا ثلاثة أقسام: أحدها ما عايناه، والثاني ما سمعناه من الثقات، والثالث ما وجدناه في الكتب المصنفة في هذا الباب وفي غيره. وما بقيت خزانة ملك إلا وقد لزمتها، ولا تصانيف فرقة إلا وقد تصفحتها، ولا مذاهب قوم إلا وقد عرفتها، ولا أهل زهد إلا وقد خالطتهم، ولا مذكرو بلد إلا وقد شهدتهم، حتى استقام لي ما ابتغيته في هذا الباب. ولقد سميت بستة وثلاثين إسماً دعيت وخوطبت بها مثل: مقدسي وفلسطيني ومصري ومغربي وخراساني وسلمي ومقرئ وفقيه وصوفي وولي وعابد وزاهد وسياح ووراق ومجلد وتاجر ومذكر وإمام ومؤذن وخطيب وغريب وعراقي وبغدادي وشامي وحنيفي ومتؤدب وكرى ومتفقه ومتعلم وفرائضي واستاذ ودانشومند وشيخ ونشاسته وراكب ورسول وذلك لاختلاف البلدان ألتي حللتها. وكثرة المواضع التي دخلتها.

 

 

 

ثم إنه لم يبق شيء مما يلحق المسافرين إلا وقد أخذت منه نصيبا غير الكدية وركوب الكبيرة، فقد تفقهت وتادبت، وتزهدت وتعبدت، وفقهت وأدبت. وخطبت على المنابر، وأذنت على المنائر. وأممت في المساجد، وذكرت في الجوامع، واختلفت إلى المدارس. ودعوت في المحافل، وتكلمت في المجالس. وأكلت مع الصوفية الهرائس. ومع الخانقائيين الثرائد، ومع النواتي العصائد. وطردت في الليالي من المساجد، وسحت في البراري، وتهت في الصحاري. وصدقت في الورع زمانا، وأكلت الحرام عيانا. وصحبت عباد جبل لبنان، وخالطت حيناً السلطان. وملكت العبيد، وحملت على رأسي بالزبيل. وأشرفت مراراً على الغرق، وقطع على قوافلنا الطرق. وخدمت القضاة والكبراء، وخاطبت السلاطين والوزراء. وصاحبت في الطرق الفساق، وبعت البضائع في الأسواق. وسجنت في الحبوس، وأخذت على أني جاسوس. وعاينت حرب الروم في الشواني وضرب النواقيس في الليالي. وجلدت المصاحف بالكرى، وأشتريت الماء بالغلاء. وركبت الكنائس والخيول، ومشيت في السمائم والثلوج. ونزلت في عرصة الملوك بين الاجله، وسكنت بين الجهال في محلة الحاكه. وكم نلت العز والرفعه، ودبر في قتلي غير مرة. وحججت وجاورت، وغزوت ورابطت. وشربت بمكة من السقاية السويق، وأكلت الخبز والجلبان بالسيق. ومن ضيافة ابراهيم الخليل، وجميز عسقلان السبيل. وكسيت خلع الملوك وأمروا لي بالصلات. وعريت وافتقرت مرات، وكاتبني السادات، ووبخني الأشراف. وعرضت علي الأوقاف، وخضعت للاخلاف. ورميت بالبدع، واتهمت بالطمع. وأقامني الأمراء والقضاة أمينا، ودخلت في الوصايا وجعلت وكيلا. وامتحنت الطرارين، ورأيت دول العيارين. واتبعني الارذلون، وعاندني الحاسدون، وسعي بي إلى السلاطين. ودخلت حمامات طبرية، والقلاع الفارسية. ورأيت يوم الفواره، وعيد برباره، وبئر بضاعه، وقصر يعقوب وضياعه. ومثل هذا كثير ذكرنا هذا القدر ليعلم الناظر في كتابنا أنا لم نصنفه جزافا، ولا رتبناه مجازا، ويميزه من غيره. فكم بين من قاسى هذه الأسباب، وبين من صنف كتابه في الرفاهية ووضعه على السماع. ولقد ذهب لي في هذه الأسفار فوق عشرة آلاف درهم سوى ما دخل علي من التعصيرفي أمور الشريعة. ولم يبق رخصة مذهب إلا وقد استعملتها. قد مسحت على القدمين، وصليت بمد هامتان، ونفرت قيل الزوال، وصليت الفريضى على الدواب، ومع نجاسة فاحشة على الثياب، وترك التسبيح في الركوع والسجود، وسجود السهو قبل التسليم. وجمعت بين الصلوات، وقصرت لا في سفر الطاعات. غيرأني لم أخرج عن قول الفقهاء الأئمة، ولم أؤخر صلاة عن وقتها بته. وما سرت في جادة وبيني وبين مدينة عشرة فراسخ فما دونها إلا فارقت القافلة وانفتلت إليها لأنظرها قديما، وربما اكتريت رجالا يصحبوني، وجعلت مسيري في الليل لأرجع إلى رفقائي مع إضاعة المال والهم.

 

ذكر المواضع المختلف فيها

 

 

 

اعلم أن في الإسلام مواضع ومشاهد ليست بصحيحة ولا مجمع عليها. فوجب إفراد هذا الباب لها لتباين الصحة وننحاز عنها إذا ذكرناها في الأقاليم. بكازرون قبة من نحو العقبة تزعم المجوس إنها وسط الدنيا ولها عيد في كل سنة، خارج ينبع نحو البحرمشهد قالوا هولسان الأرض حين قالت  أتينا طائعين  بالجش موضع قالوا ثم كانت سلسلة داود ألتي كانت موضع البينات. قال قوم قبر آدم عند منارة مسجد الخيف،، قال آخرون عند قبر إبراهيم، وقال قوم بالهند، وقيل إن قبر آدم بالتيه، وزعم رجل بايليا أنه رأى في النوم أنه خلف جبل زيتا. قال أهل الكتاب قبر داود بصهيون. قال قوم مدائن لوط بين كرمان وخراسان. زعم قوم أن نار إبراهيم كانت بجرمق. قال قوم الدكة التي بالغري هي قبر نوح. وقبر علي في محراب جامع الكوفة وقال آخرون عند المنارة المائلة. قال قوم قبر فاطمة مع النبي صلى الله عليه وسلم، في الحجرة، وقال آخرون في البقيع. خارج من نحو سر خس رباط فيه قبر صغير زعموا أنه قبر رأس الحسين بن علي. بفرغانة زعموا قبر أيوب. على قلة جبل سينا زيتونة قالوا هي التي  لا شرقية ولا غربية  على جبل زيتا أخرى يقال فيها ذلك. وقال قوم صخرة موسى بشروان. والبحر بحيرة طبرستان والقرية باجروان وقتل الغلام بقرية خزران. قال قوم سد ياجوج وماجوج خلف الأندلس. وقال آخرون هو درب خزران وياجوج وماجوج هم الخزر. وسمعت أبا علي الحسن بن أبي بكر البناء يقول كان قبريوسف دكة، يقال إنها قبر بعض الاسباط حتى جاء رجل من خراسان وذكر أنه رأى في المنام إنه ذهب إلى بيت المقدس وأعلمهم أن ذاك يوسف الصديق، قال فأمر السلطان والدي بالخروخ وخرجت معه، قال فلم يزل الفعلة يحفرون حتى انتهوا إلى خشب العجلة وإذا بها قد نخرت ولم أزل أرى عند عجائزنا من تلك النحاتة يستشفين بها من الرمد.

 

باب اختصرناه للفقهاء

هذا باب أفردناه لمن أحب أن يعرف أمصار المسلمين، وكور الأقاليم، ويقف على عدد القصبات ومدنها، ولم يكن له فراغة إلى تدبر ما فصلناه. ولا حاجة في نسخ ما شرحناه. وطلب جملة يخف حملها في الأسفار، وحفظها على الاختصار. وكثيراً ما سئلت عن هذا القدر وابتغي مني هذا الباب، فقدمته قبل الشروع في ذكر المملكة باختصار الألفاظ، وترك الاطناب وجعل الإغماض. فمن فهم فقد فهم، وإلا إذا نظر في الأصل علم.

اعلم أنا جعلنا الأمصار كالملوك، والقصبات كالحجاب، والمدن كالجند، والقرى كالرجالة. وقد أختلف في الأمصار فقالت الفقهاء: المصر كل بلد جامع فيه الحدود ويحله أمير ويقوم بنفقته ويجمع رستاقه مثل عثر، ونابلس، وزوزن. وعند أهل اللغة المصر كل ما حجز بين جهتين مثل البصرة، والرقة، وارجان. والمصر عند العوام كل بلد كبير جليل مثل الري، والموصل، والرملة. وأما نحن فجعلنا المصر كل بلد حله السلطان الأعظم، وجمعت إليه الدواوين، وقلد ت منه الأعمال، وأضيف إليه مدن الإقليم. مثل دمشق، والقيروان، وشيراز. وربما كان للمصر أو للقصبة نواح لها مدن. مثل طخارستان لبلخ، والبطائح لواسط، والزاب لافريقية.

فالأقاليم أربعة عشر ستة عربية جزيرة العرب ثم العراق ثم أقور ثم الشام ثم مصر ثم المغرب. وثمانية عجمية المشرق ثم الديلم ثم الرحاب ثم الجبال ثم خوزستان ثم فارس ثم كرمان ثم السند. ولا بد لكل إقليم من كور ثم لكل كورة من قصبة ثم لكل قصبة من مدن، إلا الجزيرة والمشرق والمغرب فإن لكل واحد مصرين. والمصر قصبة كورته، وليس كل قصبة مصراً. ثم الأمصار أسم كورها أيضا إلا الأربع الأول والمنصورة والثلاث الأواخر. نبتدئ من المشرق وهلم جرا إلى المغرب.

 

 

 

فالأمصار: سمرقند، ايرانشهر، شهرستان، أردبيل، همذان، الاهوا ز، شيراز، 1لسيرجان، المنصورة، زبيد، مكة، بغد اد، الموصل، دمشق، الفسطاط، القيروان، قرطبة. وبقية القصبات سبع وسبعون: بنجكت نموجكت، بلخ، غزنين، بست، زرنج، هراة، قا ين، مرو،اليهودية، الدامغان، آمل، بروان، أتل، مراغة، دبيل،الري،1ليهودية،ا لسوس، جنديسابور، تستر، العسكر، الدورق، رامهرمز، أرجان، سيراف، درابجرد، شهرستان،أصطخر، أردشير، نرماسير، بم، جيرفت، بنجبور، قزدار، ويهند، قنوج، الملتان، صنعاء، البصرة، الكوفة، واسط، حلوان، سامرا، آمد، ا لرقة، حلب، حمص، طبرية، الرملة، صغر، الفرما، بلبيس، العباسية، اسكندرية، أسوان، برقة، بلرم، تاهرت، فاس، سجلماسة، طرفانة.

نرجع إلى ذكر المدن المحيطة بقصباتها فنقدم الحاجب ونتبعه جنده فمن أشكل عليه شيءمن ذلك فليفتشه على إقليمه.

أخسيكت، نصراباذ، رنجد، زاركان، خيرلام، وشبشان،اشتيقان، زرندرامش، أوزكند،أوش، قبا، برنك، مرغينان، رشتان، باب، جارك، أشت، توبكار، أوال، دكركرد، نوقاد، مسكان، بيكان، جدغل، شاودان، خجندة.

ولا سبيجاب: خورلوغ، جمشلاغو، أسبانيكت، باراب، شاوغر، سوران، ترار، زراخ، شغلجسان، با لاج، بروكت، بروخ، يكانكث، أذخكت، ده نوجيكت، طراز، بالوا، جكل، برسخان،أطلخ جموكت، شلجى، كول، سوس، تكابكث، بلاسكون، لبان، شوى،أبا لغ، مادانكث، برسيان، بلغ، جكركان، يغ، يكا لغ، روانجم، كتاك، شور، جشمه، دل، أواس، جركرد.

ولبنكث: نكث، جينانجكث، نجاكمث، بنا كث، خرشكث، غرجند، غناج، بهوزن، وردك، كبرنه، نمدوانك، نوجكت، غزك، أنوذ كث، بشكت، بركوش، خاتونكث، جيغوكث، فرنكد، كدالى، نكالك، تل أوش، غزكرد، زرانكث، دروا، فردكث، أجخ ومن نواحيها: أيلاق قصبتها تونكمث، مدنها: شا وكمث، با نخاش، نوكث، با لايان، أربلخ، نموذلغ، خمرك، سيكث،. كهسيم، دخكث، خاس، خجاكث، غرجند، سام، سرك، بسكث.

لبنجكث: أرسبا نيكث، كردكث، غزق، ساباط، زامين، ديزك، نوجكث، دزه، خرقانة، خشت، قطوان، مرسمند ة.

ولنموجكث: بيكند، الطواويس، زند نة، بمجكث، خد يمنكن، عروان، بخسون، سيكث ارياميثن، ورخشى، زرميثن، كمجكث، فغرسين، كشفغن، نويدك، وركى. ناحيتها كش مدنها نوقد، قريش، سونج، أسكيفغن. ونسف مدنها: كسبة، بزدة، سيركث.

ولسمرقند: بنجكث، ورغسر، ابغر، كشاني، أشتيخن، دبوسية، كرمينية، وربنجان، قطوانة.

وعلى جيحون ناحية ختل مدينتها هلبك، مرند، أنديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. ثم مدينة ترمذ، كالف، زم، نويده، آمل، فربر. وكورة الصغانيان مدنها: دارزنجي، باسند، سنكردة، بهام، زينور، ريكد شت، الشومان، قواديان، أند يان، دستجرد، هنبان. ولخوارزم قصبتها الهيطلية كات، مدنها: غردمان، وايخان، أرذخيوه، نوكفاغ، كردر، مزد اخقان، جشيرة، سدور، زردوخ، قرية برا تكين، مدكمينية. قصبة الخراسانية: الجرجا نية، مدنها: نوزوار، زمحشر، روزوند، وزارمند، دسكاخان خاس، خشميثن، مداميثن، خيوه، كردرانخاس، هزاراسف، جقر وند، سد فر، جرجا نية، جا ز، درغان، جيت.

ولبلخ: أشفورقان، سليم، كركو، جاه، مذر، برواز. ناحية طخارستاذ

 

 

مد نها: ولوالج، الطالقان، خلم، غربنك، سمنجان، أسكلكند، روب، بغلان العليا، بغلان السفلى، أسكيمشت، راون، آرهن، أندراب، سراي، عاصم. ناحية الباميان مدنها: بسغورفند، سقاوند، لخراب، بذخشان، بنجهير، جاربايه، بروان. ولغزني: كرد يس، سكا وند، نوه، بردن، دمراخي، حش باره، فرمل، سرهون، لجرا، خوا شت، غراب، زاوه، كاويل، كابل، لمغان، بودن، لهوكر. وناحيتها والشتان مدنها: أفشين، أ سبيدجه، مستنك، شال، سكيرة، سيوه. ولبست: جالقان، بان، قرمة، بوزاد، داور، سروستان، قرية الجوز، رخود، بكراواذ، بنجواي، طلقان. ولزرنج: كوين، زنبوك، فره، درهند، قرنين، كواربواذ، بارنواذ، كزه، سنج، باب الطعام، كروادكن له، الطاق. لهراة: كروخ، أوبه، مالن، السفلقات، خيسار، أستربيان، ماراباذ. نواحيها: بوشنج، مدنها: خركرد، فلجرد، كوسوي، كرة، وباذغيس مدنها: دهستان، كوغناباذ، كوفا، بشت، جاذاوا، كابرون، كاليون، جبل الفضة. وكنج رستاق: مدنها: ببن، كيف، بغ. وأسفزار مد نها: كواشان، كواران، كوشك، أدرسكر. وناحية غرجستان قصبتها أبشين، ومدنها: شورمين، بليكان. ولليهودية: أنبار، برزور، فارياب، كلان، الجرزوان. لمرو: خرق، هرمزفره، با شان، سنجان، سوسقان، صهبة، كيرنك، سنك، عبادي، دندانمان. ناحيتها مروالروذ مدنها: قصر أحنف، طالقان، ومدينة سرخس. ولقاين: تون، خوست، خور، كرى، طبس، الرقة، يناود، سناوذ، طبس السفلى. ولايرا نشهر: بوزجان، زوزن، طرثيث، سا بزوار، خسروجرد، أ زاذوار، خوجان، ريوند، مازل، مالن، جاجرم. وخزائنها طوس قصبتها الطابران ومن مدنها النوقان، وا لرادكان، وجنابد، أستورقان، تروغبذ. نسا مد نها: أسفينقان، وا لسرمقان، فراوة، شهرستانةا نة. وابيورد مد نها. مهنة كوفن.

وللدامغان: بسطام، مغون، سمنان، زغنة، بيا ر. ولشهرستان: آبسكون، ألهم، أستاراباذ آخر الرباط. ولآمل: سالوس، سارية، ميلة، مامطير، ترنجى، طميس، هرى، بود، ممطير، نا مية، تميشة. ولبروالن: ولامر، شكيرز، تارم، خشم. ناحيتها الجيل مدنها: دولاب، بيلمان شهر، كهن روذ. ولاتل: بلغا، سمندر، سوار، بغند قيشوي، البيضاء، خمليج، بلنجر.

ولبرذعة: تفليس، القلعة، خنان، شمكور، جنزة، برديج، الشماخية، شروان، باكوه، الشابران، باب الابواب، الابخان، قبلة شكى، ملازكرد، تبلا. ولد بيل: بدليس، خلاط، أرجيش، بركري، خوي، سلماس، أرمية، داخرقان، مراغة، أهر، مرند، سنجان، قاليقلا. ولارد بيل: رسبة، تبريز، جابروان، الميا نج، السراة، ورثان، موقان، ميمذ، برزند.

وللري: قم، آوه، ساوة، آوه، قزوين، أبهر، زنجان، شلنبة، ويمة.

ولهمذان: أسداواذ، طزر، قرماسين، بوسته، رامن، وبه، سيراوند. ولها نواح جليلة بلا مدن مثل: نهاوند ولها روذراور، وكرج ابي دلف ولها كرج أخرى، ومرج وبروجرد. والصيمرة بلامدن والدينور بلا مدن وشهرزور..... ولليهودية: المد ينة، خالنجان، الرباط، لوردكان، سميرم، يزد، ناين، نياستانه، أردستان، قاشان.

وللسوس: البذان، بصنا، بيروت، قرية الرمل، كرخة. ولجندي سابور: الدز، الروناش، بايوه، قاضبين، اللور. ولم أر لتستر مدينة البتة. وللعسكر: جوبك، زيدان، سوق الثلثاء، حبك، ذوقرطم. وللاهواز: نهر تيري، جوزدك، بيروه، سوق الاربعاء، حصن مهدي، باسيان، شوراب، بندم، دورق، خان طوق، سنة، مناذرالصغرى. وللدورق: أزم بخساباذ، الدز، أ ندبار، آزر، جبى، ميراقيان، ميرا ثيان. ولرامهرمز: سنبل، أ يذج، ليرم، با زنك، لاذ، غروة، بافج، كوزوك.

ولارجان: قوستان، داريان، مهروبان، جنابة، سينيز، بلا، سابور، هندوان. ولسيراف: جور، ميمند، نابند، الصيمكان، خبر، خورستان، الغندجان، كران، سميران، زيرباذ، نجيرم، نابنددون، سورا، راس كشم. ولدرابجرد، طبستان، الكردبان، كرم، يزدخواست، رستاق الرستاق، برك، أزبراه، سنان، جويم أبي أحمد، الاصبهانات. ولشيراز: البيضاء، فسا، المص، كول، جور، كارزين، دشت بارين، جم، جوبك، جمكان، كورد، بجة، هزار، أ بك. ولشهرستان: دريز، كازرون، خرة، النوبندجان، كاريان، كندران، توز، زم الاكراد، جنبذ، خشت. ولاصطخر: هراة، ميبذ، مائين، الفهرج، الحيرة، سروستان، أسبانجان، بوان، شهر بابق، أورد، الرون، أشتران، خرمة، ترك نيشان، صاهه.

 

 

 

ولبردسير: ما هان، كوغون، زرند، جنزرود، كوه بيان، قواف، زاور، أناس، خوناوب، غبيرا، كارشتان. وناحيتها خبيص، مدنها: نشك، كشيد، كوك، كثروا. ومن المنفردات جنزروذ، فرزين، ناجت خير، مرزقان، السورقان، مغون، جيروقان. وللسيرجان: بيمند، الشا مات، واجب، بزورك، خور، دشت برين، كشيستان. ولنرماسير: باهر، كرك، وريكان، نسا، د ا رجين. ولبم: د ا رز ين، طوشتان، أوارك، مهركرد، راين، مائين، رائين. ولجيرفت: باس، جكين، منوقان، درهفان، جوى سليمان، كوه بارجان، قوهستان، مغون، جواون، ولاشجرد، روذكان، درفاني.

ولبنجبور: مشكة، كيج، سراي، شهر، بربور، خواش، دمندان، جالك، دزك، دشت علي، التيز، كبرتون، راسك، به، بند، قصرقند، أصفقة، فهل فهره، قنبلي، أرمابيل. ولويهند: قامهل، كنباية، سوبارة، أورهة، زهو، هر، برهيروا. ولقزدار: قندابيل، بجثرد، جثرد، بكانان، خوزي، رستاكهن، موردان، روذماسكان، كهركور، محالى، كيزكانان، سورة، قصدار. وللمنصورة: د يبل، زندرايج، كدر، مايل، تنبلي، نيرون، قالرى، أنرى، بلرى، المسواهى، البهراج، بانية، منجابري، الرور، سوبارة، كيناس، صيمور.

لزبيد: معقر، كدرة، مهجم، مور، عطنة، الشرجة، غلافقة، مخا، الحردة، الجريب، اللسعة، شرمة، العشيرة، رنقة، الخصوف، الساعد، الجرده، الحمضة. وناحية عثر مدنها: بيش، الجريب، حلى، السريق. ولصنعاء: صعدة، نجران، جرش، العرف، جبلان، الجند، ذمار، نسفان، يحصب، السحول، المذيخرة، خولان. ولمكة: منى، أمج، الجحفة، الفرع، جبلة، مهايع، حاذة، الطائف، بلدة. وناحية يثرب لها بدر، الجار، ينبع، العشيرة، الحوراء، المروة، سقيا يزيد، خيبر. وناحية قرح قصبتها وادي القرى ومدنها: الحجر، العونيد، بدا يعقوب، ضبة، النبك. ولصحار: نزوة، السر، ضنك، حفيت، دبا، سلوت، خلفار، سمد، لسيا، ملح. وناحية مهرة مدنها: الشحر..، وناحية الاحقاف مدينتها: حضرموت. وناحية سبا، وناحية اليمامة. وللاحساء: الزرقاء، سا بون، أوال، العقير.

وللبصرة: الا بلة، نهر الدير، مطارا، مذار، نهرزبان، بدران، بيان، نهر الامير، نهر القديم، عبادان، أبو الخصيب، نهر دبا، المطوعة، القندل، المفتح، الجعفرية. وللكوفة: حمام عمر، الجامعين، سورا، النيل، القادسية، عين التمر. ولبغداد: بردان النهروان، كارة الدسكرة، طراستان، هارونية، جلولا، باجسرى، باقبة، برهرز،كلواذى، درزيجان، المداين، أسبانبر، كيل، سيب، دير العاقول، النعمانية، جبل عبرتا، بابل، قصر هبيرة، عبدس، بهروي. ولواسط: فم الصلح، نهر سابس، درمكان، باذبين، قراقبة، سيادة، السكر، قرقوب، الطيب، لهبان، البسامية، أودسة. وناحية البطائح مدينتها الصليق، ولها: جامدة، هرار، الحد ادية، الز بيدية. ولحلوان: خانقين، زبوجان، المرج، شلاشان الجامد، الحر، السيروان، بندنيجان. ولسامرا: الكرخ، عكبرا، الدور، الجامعين، بت، راذانان، قصر الجص، جوى، أيوانا، بريقا، سندية، راقفروبة، دمما، الا نبار، حيت، تكريت، السن.

وللموصل: نينوى، الحديثة، معلثاى، الحسنية، تلعفر، سنجار، الجبال، بلد، أذرمة، برقعيد، نصيبين، دارا، كفرتوثا، رأس العين، ثمانين. ولآمد: ميافارقين، تل فافان، حصن كيفا، الفار، حاذية. وللرقة: المحترقة، الرافقة، خانوقة، الحريش، تل محرى، باجروان، حصن مسلمة، ترعوز، حران، الرها. ومن النواحي: جزيرة ابن عمر، لها: فيشابور، باعيناثا، المغيثة، الزوزان. وناحية سروج. ولها: كفرزاب، كفرسيرين. وناحية الفرات مدينتها قرقيسيا، ولها: الرحبة، الدالية، عانة، الحديثة. وناحية الخا بور مدينتها: عرابان، ولها الحصين، الشمسينية، ميكسين، سكير العباس، الخيشة، السكينية، التنانير ولحلب: أنطاكية، بالس، سميساط، المعرتين، منبج، بياس، التينات، قنسرين، السويدية. ولحمص: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذقية، جبلة، جبيل، نطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان. ولدمشق: داريا، بانياس، صيدا، بيروت، عرقة، اطرابلس، الزبداني، وناحية البقاع مدينتها بعلبك، ولها: كامد، عرجموش. ولطبرية: بيسان، اذرعات، قدس، كا بل، اللجون، عكا، صور، الفراذية. وللرملة: بيت المقدس، بيت جبريل، غزة، عسقلان، يافة، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحاء، عمان. ولصغر: ويلة، عينونا، مدين، تبوك، أذرح، مآب، معان.

 

 

وللفرما: البقارة، الورادة، العريش، تنيس دمياط، شطا، دبقو وللعباسية: شبروازه، دمنور، سنهور، بنها العسل، شطنوف، مليج، دميرة، بورة، دقهلة، سنهور، برلس، سندفا، وسبع مدن يعرفن بالمحلات. ولبلبيس: مشتول، فاقوس، جرجير، صندفا، بنها العسل، دميره، طوخ، طنتثنا هو دير نطلى. وللاسكندرية: الرشيد، محلة حفص، ذات الحمام، برلس. وللفسطاط: الجزيرة، الجيزة، القاهرة، العزيزية، عين شمس، بهنى، المحلة، سند فا، دمنهور، حلوان، القلزم. ولا سوان: قوص، أخميم، بلينا، طحا، سمسطا، بوصير، اشمونين، أجمع، وناحية ألفيوم.

ولبرقة: رمادة، اطرا بلس، أجدابية، السوس، صبرة، قابس، غافق.

لبلرم: الخالصة، اطرابنش، مازر، عين المغطا، قلعة البلوط، جرجنت، بثيرة، سرقوسة، لنتيني، قطا نية، الياج، بطرنوا، طبرمين، ميقش، مسينة، رمطة، دمنش، جاراس، قلعة القوارب، قلعة الصراط، قلعة أبي ثور، بطرلية، ثرمة، بورقاد، قرليون، قرينش، برطنيق، اخياس، بلجة، برطنة.

وللقيروان. صبرة، أسفا قس، ألمهد ية، سوسة، توسق، بنزرد، طبرقة، مرسى الخرز، بونة، باجة، لربس، قرنة، مرنيسة، مس، بنجد، مرماجنة، سبيبة، قمودة، قفصة، نفزاوة، لافس، أوذنة، قلانس، قبيشة، رصفة، بنونش، لجم، جزيرة أبب شريك، باغاي، سوق ابن خلف، دوفانة، المسيلة، اشير، سوق حمزة، جزيرة بني زغناية، متيجة، تنس، دار سوق ابراهيم، الغزة، قلعة برجمة، باغر، يلل، جبل توجان، وهران، جاراوا،أرزكول، مليلة، نكور، سبتة، كلزاوة، جبل زالاغ، أسفاقس، منستير، مرسى الحجامين، هياجة، لربس، مرسى الحجر، جمونس الصابون، طرس، قسطيلية، نفطة، تقيوس، مدينة القصور، مسكيانة، باغاي، دوفانة، عين العصافير، دار ملول، طبنة، مقرة، تيجس، مدينة المهريين، تامسنت دكما، قصر الافريقي، ركوى، القسطنطينية، ميلى، جيجل، تابريت، جف، ايكجا، مرسى الدجاج، أشير.

ولتاهرت: يممة تاغليسية، قلعة ابن الهرب، هزارة الجعبة، غدير الدروع، لماية، منداس، سوق ابن حبلة، مطماطة، جبل تجان، وهران، شلف طير، الغزة، سوق ابرا هيم، ورهباية، البطحة، الزيتونة، تمما يعود، الخضراء، واريفن، تنس، قصر الفلوس، بحرية، سوق كرى، منجصة، أوكى، تبرين، سوق ابن مبلول، ربا، تاويلت أبي مغول، تامزيت، تاويلت، لغوا، فكان. ولسجلماسة: درعة، تادنقوست، أثر، ايلا، ويلميس، حصن السودان ابن صالح، النحاسين، حصن السودان، هلال أمصلى، دار الامير، حصن برارة، الخيامات، تازروت.

ولفاس: البصرة، زلول الجاحد، سوق الكتامى، ورغة، سبوا، صهناجة، هوارة، تيزا، مطماطة، كزناية،، سلا، مدينة بني قرباس، مزحاحية، أزيلا،، سبتا، بلد غمار، قلعة النسور، نكور، بلش، مرنيسة تابريدا، صاع، مدينة مكناسة، قلعة شميت، مدائن برجن، اوزكى، تيونوا، مكسين، أمليل، أملاه أبي الحسن، قسطينة، نفزاوة، نقاوس، بسكرة، قبيشة. نواحيها الزاب، مدينتها المسيلة، ومدنها: مقرة، طبنة، بسكرة، بادس، تهوذا، طولقا، جميلا، بنطيوس، واذنة وطنجة مدنها: وليلة، مدركة، متروكة، زقور، غزة، غميرة، الحاجر، تاجراجرا، البيضاء، الخضراء.

ولطرفانة: اغمات، ويلا، وريكة، تندلي، ماسة، زقور، غزة، غميرة، الحاجر، فنكور، الخضراء.

ومن مذكورات بلدان قرطبة: طليطلة، لاردة، تطيلة، سرقسطة، طرطوشة، بلنسية، مرسية، بجانة، مالقة، استجة، رية، جيان، شنترة، غافق، ترجالة، قورية، ماردة، باجة، شنترين، أخشنبة، أشبيلية، شدونة، جبل طارق، قرمونة، مورور، الجزيرة. ولو كنت دخلت الاندلس لكورتها لكثرة المدن والاعمال والنواحي بها. وهي نظير هيطل، بل أجل وقد بقي يسير من مدن الاسلام لم نذكرها لجهلنا أياها. والاندلس مثل هذا الجانب الافريقي أو قريبة منه. وذكر ابن خرداذبة إنها أربعون مدينة يعني المذكورات.

 

ذكر أقاليم العالم ومركز القبلة

اعلم أن كل مصنف في هذا الباب جعل الأقاليم أربعة عشر: سبعة ظاهرة

 

عامرة،: وسبعة خراباً. وسمعت بعض المنجمين يقول الخلق كلهم في المغرب ولا يسكن المشرق أحد من الحر وسمعت غيره يقول من البرد. وقالوا من أقصى المغرب إلى هذه العامرة بأقصى الترك ستمائة فرسخ على سير مستو بلا تعريج. وعلى هذا صنف من ذكرنا كتبهم في هذا الباب، ونحن ننقل منها وعمن لقينا من كبراء المنجمين هذا الباب، لأنه علم يحتاج إليه في سمت القبلة ومعرفة مواضع الأقاليم منها. فإني رأيت خلقا قد اختلفوا في القبلة وحولها وتماروا فيها ولو عرفوا الوجه في ذلك ما اختلفوا فيها ولا غيروا ما وضعه الأوائل.

فأما الأرض فإنها كالكرة، موضوعة جوف الفلك كالمحة جوف البيضة، والنسيم حول الأرض وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى الفلك، وبنية الخلق على الأرض أن النسيم جاذب لما في أيديهم من الخفة، والأرض جاذبة لما في أيديهم من الثقل، لأن الأرض بمنزلة الحجر الذي يجذب الحديد. ومثلوا الفلك بخراط يدير شيئاً مجوفاً وسطه جوزة، فإذا أدار ذلك الشيء وقفت الجوزة وسطه. والأرض مقسومة بنصفين بينهما خط الاستواء، وهو من المشرق إلى المغرب، وهذا طول الأرض، وهو أكبر خط في كرة الأرض. كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك، عرض الأرض من القطب الجنوبي الذي يدور حوله سهيل إلى الشمال الذي يدور حوله بنات نعش. فاستدارة الأرض موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة، والدرجة خمسة وعشرون فرسخاً، فيكون ذلك تسعة آلاف فرسخ. وبين خط الاستواء وكل واحد من القطبين تسعون درجة، واستدارتها عرضاً مثل ذلك، لأن العمارة في الأرض بعد خط الاستواء أربع وعشرون درجة، ثم الباقي قد غمره البحر. فالخلق على الربع الشمالي من الأرض والربع الجنوبي خراب، والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه، والربعان الظاهران هما الأربعة عشر إقليماً التي ذكرنا.

الإقليم الأول ثمانية وثلاثون ألف فرسخ وخمسمائة فرسخ، وعرضه ألف وتسعمائة وخمسة وتسعون فرسخاً. أوله حيث يكون الظل نصف النهار إذا استوى مع الليل قدماً واحدة ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره في هذا الوقت قدمان وثلاثة أخماس. والذي بين طرفيه عرضاً نحو من ثلاثمائة وتسعين ميلاً، والميل أربعة آلاف ذراع، ووقع وسطه قريباً من صنعاء وعدن والاحقاف، ووقع طرفه الذي يلي الشام بتهامة قرب مكة، فدخل فيه من الأمهات: صنعاء وعدن وحضرموت ونجران وجرش وجيشان وصعدة وتبالة وعمان والبحرين وأدنى أرض السودان إلى المغرب وطوائف من بلد الهند والصين مما يلي ساحل البحر، وكل ما في سمت هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل في هذا الإقليم.

الإقليم الثاني أوله حيث يكون الظل إذا استوى الليل والنهار كما قلنا عند الظهيرة قدمين وثلاثة أخماس قدم، والذي بين طرفيه ثلاثمائة وخمسون ميلاً قاصداً، ووقع وسطه قرب يثرب، وأقصى جنوبيه وراء مكة، والآخر من قبل الشمال عند الثعلبية فمكة، والثعلبية بين إقليمين، ووقع في هذا الإقليم من المدن: مكة ويثرب والربذة وفيد والثعلبية وأسوان مصر إلى حد النوبة والمنصورة واليمامة وطائفة من بلاد السند والهند، وكل ما كان على خط هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل فيه. الإقليم الثالث أوله حيث يكون ظل نصف النهار ثلاثة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره حيث يكون ظل الاستواء فيه نصف النهار أربعة أقدام ونصفاً وثلث عشر قدم، فيبلغ النهار في وسطه أربع عشرة ساعة، ووقع وسطه بالقرب من مدين شعيب في شق الشام ومن واقصة في شق العراق، وصار عرضه نحواً من ثلاثمائة ميل ونصف قاصداً، فصارت الثعلبية وماكان في سمتها شرقاً وغرباً في طرفه الأقصى الذي يلي الجنوب، وصارت بغداد وفارس وقندهار الهند والاردن وبيروت في حده الادنى الذي يلي الشام، وكذلك كل ما كان في سمت ذلك شرقا وغرباً فواقصة وما كان في سمتها شرقاً وغرباً بين إقليمين ووقع فيه من المدن: الكوفة والبصرة وواسط ومصر والاسكندرية والرملة والاردن ودمشق وعسقلان والأرض المقدسة وقندهار الهند وسواحل كرمان وسجستان والقيروان وكسكر والمداين، وما كان في سمتهن شرقاً وغرباً فهو داخل في الإقليم.

الإقليم الرابع أوله حيث يكون الظل فيه في الوقت الذي ذكرنا أربعة أقدام

 

وثلاثة أخماس وثلث خمس قدم، وعرضه نحواً من مائتين وستين ميلاً ونيفاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أقور ومنبج وعرقة وسلمية وقومس من نحو الري، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي العراق بالقرب من بغداد وما كان على سمتها شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشام بالقرب من قاليقلا وساحل طبرستان إلى أردبيل وجرجان وما كان في هذا السمت، ووقع فيه من المشاهير: نصيبين ودارا والرقة وقنسرين وحلب وحران وسميساط والثغور الشامية والموصل وسامرا وحلوان وشهرزور وماسبذان والدينور ونهاوند وهمذان واصبهان والمراغة وزنجان وقزوين وطوس وبلخ وجميع ما التفت هذه المدن على السمت.

الإقليم الخامس أوله حيث يكون الظل خمسة أقدام وثلاثة أخماس وسدس خمس قدم، والذي بين طرفيه عرضاً نحو مائتين وثلاثين ميلاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أرض تفليس من الرحاب ومرو من خراسان وأرض جرجان وكل ما كان في هذا السمت من البلدان شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشمال بالقرب من دبيل فيه من البلدان: قاليقلا وطبرستان وملطية ورومية وديلمان وجيلان وعمورية وسرخس ونسا وبيورد وكش والاندلس وما قرب من رومية وانطالية.

الإقليم السادس أوله حيث يكون الظل ستة أقدام وستة أعشار وسدس عشر قدم، يفضل آخره على ظل أوله قدما واحدة فقط، ويكون عرضه نحواً من مائتي ميل ونيف قاصداً، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي الذي يليه من الإقليم الخامس وذلك سمت دبيل شرقاً وغرباً، فأما طرفه الأقصى الشمالي ألذي يلي الشمال فوقع بالقرب من أرض خوارزم وما وراءها وأسبيجاب مما يلي الترك، ووقع وسطه بالقرب من القسطنطينية ومن آمل خراسان ومن فرغانة وما كان في هذا السمت شرقاً وغرباً ووقع فيه: سمرقند وبرذعة وقبلة والخزر والجيل وأطراف الأندلس ألتي تلي الشمال وأطراف الصقالبة ألتي تلي الجنوب.

الإقليم السابع أوله ألذي يكون الظل فيه سبعة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، كما هو في الإقليم السادس لأن آخره الذي هو أول هذا وآخره ألذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي من الإقليم الذي يليه وهو السادس وذلك سمت خوارزم وطراربند شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى ألذي يلي الشمال في أقاصي أرض الصقالبة وأطراف الترك ألتي تلي خوارزم في الشمال، ووقع وسطه في بلاد اللان بلا مدن معروفة.

وقال عبد الله بن عمرو: الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، أربعمائة سنة خراب ومائة عمران، موضع المسلمين منها سنة. وعن أبي الجلد قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، السودان اثنا عشر ألف فرسخ، والروم ثمانية آلاف فرسخ، وفارس ثلاثة آلاف، والعرب ألف فرسخ.

 

ذكر مملكة الإسلام

اعلم أن مملكة الإسلام حرسها الله تعالى ليست بمستوية فيمكن أن توصف بتربيع أو طول وعرض، وإنما هي متشعبة يعرف ذلك من تأمل مطالع الشمس ومغاربها، ودوخ البلدان وعرف المسالك ومسح الأقاليم بالفراسخ. وسنجتهد في تقريب الوصف وتصويره لذوي العقول والإفهام إن شاء الله تعالى.

الشمس تغرب في حافة بلد المغرب ويرونها تنزل في البحر المحيط، وكذلك أهل الشام يرونها تغيب في بحر الروم. وإقليم مصر يأخذ من البحر الرومي طولا إلى بلد النوبة، ويقع بين بحر القلزم وتخوم المغرب. ويمتد المغرب من تخوم مصر إلى البحر المحيط، مثل الشريطة يضغطه، من قبل الشمال بحر الروم ومن قبل الجنوب بلدان السودان. ويمد إقليم الشام من تخوم مصر نحو الشمال إلى بلد الروم، فيقع بين بحر الروم وبادية العرب. ويتصل البادية وبعض الشام بجزيرة العرب، ويدور على الجزيرة بحر الصين إلى عبادان من أرض مصر. ويتصل أرض العراق بالبادية وبعض الجزيرة. ويتصل بتخوم العراق الشمالية إقليم أقور فيمتد إلى بلد الروم وقد تقوس عليه الفرات من نحو الغرب، ووقع خلف الفرات بقية البادية وطرف من الشام، فهذه أقاليم العرب.

 

 

ووقعت خوزستان والجبال على تخوم العراق الشرقية وطائفة من الجبال، وإقليم الرحاب على تخوم أقور الشرقية. ووقعت فارس وكرمان والسند خلف خوزستان على صف واحد، البحر جنوبيها والمفازة وخراسان شماليها. وتاخمت السند وخراسان من قبل الشرق بلدان الكفر، وتاخمت الرحاب بلد الروم من قبل الغرب والشمال. ووقع إقليم الديلم بين الرحاب والجبال والمفازة وخراسان. فهذه مملكة الاسلام فتدبرها وفيها تفتل وتعرج لمن شقها من شرقها إلى غربها. ألا ترى إنك إذا أخذت من البحر المحيط إلى مصر كنت على الاستواء ثم تميل يسيراً إلى العراق ثم تنفتل في أقاليم الاعاجم وخراسان مائلة إلى جهة الشمال، أولا ترى أن الشمس تطلع عن يمين بخارا من نحو أسبيجاب.

وأما مساحتها على الوصف الذي شرحناه فإنك تأخذ من البحر المحيط إلى القيروان مائة وعشرين مرحلة، ثم إلى النيل ستين مرحلة، ثم إلى دجلة خمسين مرحلة، ثم إلى جيحون ستين مرحلة، ثم إلى تونكت خمسة عشر يوماً، ثم إلى طراز خمسة عشر يوماً، وإن عطفت إلى فرغانة فمن جيحون إلى أوزكند ثلاثين مرحلة، وإن عطفت إلى كاشخر فأربعين مرحلة. ووجه آخر تأخذ من سواحل اليمن إلى البصرة خمسين يوماً، ثم إلى أصفهان مائة فرسخ وثمانية وثلاثين، ثم إلى نيسابور ثلاثين مرحلة، ثم إلى جيحون عشرين مرحلة، ثم إلى طراز ثلاثين مرحلة، وهذا على الاستواء، ويسقط إقليم مصر والمغرب والشام.

وأما العرض فمختلف جداً لأن إقليم المغرب قليل العرض وكذلك مصر، ثم إذا حاذيت الشام إتسعت المملكة، تم لا تزال تتسع حتى تصير وراء جيحون إلى بلد السند نحو ثلاثة أشهر وأما أبو زيد فجعل العرض من ملطية، مادأ على الجزيرة والعراق وفارس وكرمان إلى أرض المنصورة، ولم يذكر المراحل إلا أنها تكون نحو أربعة أشهر غير عشرة أيام، والذي ذكرنا أبين واتقن فمن أقصى المشرق بكاشخر إلى السوس الأقصى نحو عشرة أشهر.

قدر للخليفة سنة 232 ما يرتفع من الخراج والصدقات، سوى الحمايات والجبايات من جميع المملكة، فبلغ ألفي ألف وثلاثمائة ألف وعشرين ألفاً ومائتين وأربعة وستين ديناراً ونصفاً. قال وحسب خراج الروم للمعتصم فبلغ خمسمائه قنطار وكذا قنطاراً، فإذا به أقل من ثلاثة آلاف ألف دينار، فكتب إلى ملك الروم: إن أخس ناحية عليها أخس عبيدي، خراجها أكثر من خراج أرضك.

وطول المملكة على ما قدمنا ألفان وستمائة فرسخ، كل مائة فرسخ ألف ألف ومائتا ألف ذراع. فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعا. والاصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها إلى بعض. والميل ثلت الفرسخ. وفي البريد خلاف بالبادية. والعراق اثنا عشر ميلاً، وبالشام وخراسان ستة، ألا ترى كيف بني بخراسان على كل فرسخين رباط، ورتب فيه أصحاب البريد، فبهذا نأخذ.

 

الجزء الأول

 

أقاليم العرب

 

جزيرة العرب

 

 

إنما بدأنا بجزيرة العرب لأن بها بيت الله الحرام، ومدينة النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها انتشر دين الاسلام. وفيها كان الخلفاء الراشدون، والانصار والمهاجرون. وبها عقدت رايات المسلمين، وقويت أمور الدين. وأيضاً فأن بها المشاعر والمناسك والمواقيت والمناحر. ثم هي عشرية قد ذكرها الائمة في دواوينهم، ولا بد للمدرسين من معرفتها في شروحهم. ولأن منها دحيت الأرض ودعا إبراهيم عم الخلق. ومع ذلك فإنها تشتمل على حدود جليلة وكور كبيرة وأعمال نفيسة. ألا ترى أن الحجاز كلها، واليمن بأسرها، وبلد سبأ والاحقاف واليمامة والاشحار وهجر وعمان والطائف ونجران وحنين والمخلاف وحجر صالح وديار عاد وثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وموضع إرم ذات العماد وأصحاب الاخدود وحبس شداد وقبرهود وديار كندة وجبل طيء وبيوت الفارهين بالواد وجبل سينا ومدين شعيب وعيون موسى فيها. وهي أمد الأقاليم مساحة وأفسحها ساحة وأفضلها تربة وأعظمها حرمة وأشرفها مدناً. بها صنعاء التي فاقت البلاد، وعدن التي تشد إليها الرحال، والمخاليف للاسلام فيها جمال. واليمن الجليلة والحجاز. فإن قال قائل لم جعلت اليمن والمشرق والمغرب جانبين جانبين، قيل له: أما اليمن فالنبي صلى الله عليه وسلم جعلها حيث فرق مواقيتها في الأحرام. وأما خراسان فإن أبا زيد جعلها إقليمين وهو إمام في هذا العلم بخاصة في إقليمه، فلا عيب علينا إن جعلناها جانبين. فإن قال فلم خالفته بعد ما نصبته أماماً فصيرت خراسان إقليماً واحداً، قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما أنا لم نحب أن نفرق مملكة آل سامان إذ المشهور في الاسلام أنهم ملوك خراسان وأنما دار ملكهم فى هيطل. والجواب الثاني أن أبا عبدالله الجيهاني أيضاً إمام في هذا العلم وهو لم يفرق خراسان. فقولنا من جهة يوافقهما ومن جهة يخالف. وهذه صورة جزيرة العرب.

وقد جعلناه أربع كور جليلة، وأربع نواح نفيسة، والكور أولها الحجاز ثم اليمن ثم عمان ثم هجر. والنواحي: الاحقاف، والاشحار، اليمامة، قرح. فأما الحجاز فقصبته مكة ومن مدنها: يثرب وينبع وقرح وخيبروالمروة والحوراء وجدة والطالف والجار والسقيا والعونيد والجخفة والعشيرة هذه أمهات، دونهن: بدر، خليص، أمج، الحجر، بدا يعقوب، السوارقية، الفرع، السيرة، جبلة، مهاج، حاذة. وأما اليمن فقسمان ما كان نحو البحر فهو غور وأسمه تهامة قصبته زبيد ومن مدنه: معقر، كدرة، مور، عطنة، الشرجة، دويمة، الحمضة، غلافقة، مخا، كمران، الحردة، اللسعة، شرمة، العشيرة، رنقة، الخصوف، الساعد، المهجم، وغيرهن. ناحية أبين مدنها: عدن لحج. وناحية عثر مدنها: بيش، حلى، السرين، وناحية السروات. وأما ما كان من ناحية الجبال فهو بلاد باردة تسمى نجداً قصبتها صنعاء، ومن مدنها: صعدة، نجران، جرش، العرف، جبلان، الجند، ذمار، نسفان، يحصب، السحول، المذ يخرة، خولان. ناحيتها الاحقاف بها من المدن: حضرموت، حسب. وناحية مهرة مدينتها الشحر، وناحية سبأ. وأما عمان فقصبتها صحار ومدنها: نزوة، السر، ضنك، حفيت، دبا، سلوت، جلفار، سمد، لسيا، ملح. وأما هجر فقصبتها الاحساء ومدنها: سابون، الزرقاء، اوال، العقير، وناحيتها اليمامة. وأكثر مدن هذه الجزيرة صغار لكنها على آئين المدن. الآن نرجع إلى وصف ماأمكن من بلدان الكور وندع ما لا فائدة فيه.

 

 

مكة: هي مصر هذا الإقليم قد خطت حول الكعبة في شعب واد، رأيت لها ثلاث نظائر عمان بالشام واصطخر بفارس وقرية الحمراء بخراسان. بناؤها حجارة سود ملس وبيض أيضاً، وعلوها الاجركثيرة الاجنحة من خشب الساج، وهي طبقات مبيضة نظيفة، حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب قد رفع الله عنهم مؤونة الدفأ وأراحهم من كلف الاصطلاء. وكلما نزل عن المسجد الحرام يسمونه المسفلة، ؤما ارتفع عنه المعلاة، وعرضها سعة الوادي. والمسجد في ثلثى البلد إلى المسفلة، والكعبة في وسطه، وفيه طول باب الكعبة مرتفع عن الأرض نحو قامة، عليه مصراعان ملبسان بصفائح الفضة قد طليت بالذهب قبال المشرق، طول المسجد ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعاً، وعرضه ثلاثمائة وخمسة عشر ذراعاً. وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعاً وشبر في ثلاثة وعشرين ذراعاً وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعاً، وذرع الطواف مائة ذراع وسبعة أذرع، وسمكها في السماء سبعة وعشرون ذراعاً، والحجر من قبل الشام فيه يقلب الميزاب شبه أندر قد البست حيطانه بالرخام مع أرضه، إرتفاعها حقو ويسمونه الحطيم، والطواف من ورائه ولا يجوز الصلاة إليه. فإن قال قائل إذا لم يجز الطواف إلا عليه فأجز الصلاة إليه، قيل له هذا كلام غيرفهيم لأنه مشكوك فيه فوجب أن يحتاط فيه من الوجهين. والحجر الاسود على الركن الشرقي عند الباب على لسان الزاوية مثل رأس الانسان، ينحني إليه من قبله يسيراً. وقبة زمزم تقابل الباب الطواف بينهما، ومن ورائها قبة الشراب، فيها حوض كان يسقي فيه السويق والسكر في القديم. والقام بازاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم، يدخل في الطواف أيام الموسم ويكب. عليه صندوق حديد عظيم راسخ في الأرض، طوله أكثر من قامة، وله كسوة ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت، فإذا رد جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح أوقات الصلاة، فإذا سلم الامام إستلمه ثم أغلق الباب، وفيه أثر قدم إبراهيم عم، مخالفة، وهو أسود وأكبر من الحجر. وقد فرش الطواف بالرمل، والمسجد بالحصى، وأدير على صحنه أروقة ثلاثة على أعمدة رخام، حملها المهدي من الاسكندرية في البحر إلى جدة، والمسجد من بنائه. قد ألبست حيطان الأروقة من الظاهر بالفسيفساء حمل إليها صناع الشام ومصر، الا ترى اسماءهم عليه وله تسعة عشر باباً: باب بني شيبة، باب النبي، باب بني هاشم، باب الزياتين، باب البزازين، باب الدقاقين، باب بني مخزوم، باب الصفا، باب زقاق الشطوي، باب التمارين، باب دار الوزير، باب جياد، باب الحزورة، باب إبراهيم، باب بني سهم، باب بني جمح، باب العجلة، باب الندوة، باب البشارة، وإليه الاسواق من المشرق والجنوب، ودور المصريين ومنازلهم من الغرب. ويقع السعي بين الصفا والمروة في السوق الشرقي، والعدو من قرنة المسجد إلى باب بني هاشم وثم أميال خضر، وخلف هذين السوقين آخران إلى آخر المعلاة بينهما منافذ. فمن دخل من العراق وأراد باب بني شيبة فليتيامن وليسلك سوق رأس الردم ولا يسلك سوق الليل. ومن أراده من المصريين فإذا بلغ الجراحية خارج البلد عطف على اليسار إلى الثنية، ثم انحدر على المقابر إلى مدخل العراقيين. ويدخل إليها من ثلاثة وجوه، أبواب منى نحو العراق دربان ثم درب العمرة ثم درب اليمن بالمسفلة، الجميع مصفحة بالحديد والبلد محصن. وأبو قبيس مطل على المسجد يصعد إليه من الصفا في درج. وقد أحاط بالطواف أميال من الصفر وخشبات فيها قناديل معلقة، ويجعل فوقها الشمع لملوك مصر واليمن والشار صاحب غرجستان.

 

 

وبمكة ثلاث برك تملأ من قناة شقتها زبيدة من بستان بني عامر، وآبار عذيبية ومستغلاتهم الدور. أخبرنا أبو بكر بن عبدان الشيرازي، قال: حدقنا علي بن الحسين ابن معدان، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين المصيصي، قال: حدثنا أبو الأحوص عن الأشعث بن سليم عن الاسود بن يزيد، قال: قالت عائشة رضها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجر من البيت هو، قال: نعم، قلت: فمالهم لم يدخلوه في البيت، فقال: أن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فماشأن بابه مرتفعاً، قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الحجر في البيت وأن الزق بابه بالأرض. ويقال أن ابن الزبيرأدخل عشرة من مشايخ الصحابة حتى سمعوا ذلك منها، ثم أمر بهدم الكعبة فاجتمع إليه الناس وأبوا ذلك، فأبى إلا هدمها، فخرج الناس إلى فرسخ خوفاً من نزول عذاب، وعظم ذلك عليهم ولم يكن ألا الخير. وبناها على ما حكت عائشة وتراجع الناس، فلما قدم الحجاج تحرم ابن الزبير بالكعبة، فأمر بوضع المنجنيق على أبي قبيس وقال: ارموا الزيادة التي ابتدعها هذا المكلف، فرموا موضع الحطيم، وأخرج ابن الزبير وصلبه، ورد الحائط كما كان في القديم، وأخذ بقية الاحجار فسد منها الباب الغربي، ورصف بقيتها في البيت كيلاتضيع.

وسمعت بعض مشايخ القيروان يقول حج المنصور فرأى صغر المسجد الحرام وشعثه وقلة معرفتهم بحرمته، ورأى ا الإعرابي يطوف بالبيت على بعيره وبجاوية، فساءه ذلك وعزم على شراء ما حوله من الدور وزيادتها فيه، وتفخيمه وتجصيصه. فجمع أصحابها ورغبهم في الاموال الجمة فتابوا عن بيعها وضنوا بجوار بيت الله الحرام، فاهتم لذلك ولم يجز أن يغصبها عليهم، ولم يظهر للناس ثلاثة أيام. وتحدث الناس بذلك وأبو حنيفة في تلك السنة حاج، ليس له بعد ذكر ولا ظهر الناس على فقهه، وصائب رأيه، قال: فقصد خيامه وكانت بالابطح، فسأل عن أمير المؤمنين وما الذي غيب شخصه. فذكرت القصة، فقال: هذا باب هين لو قد لقيته عرضته عليه. فأنهي ذلك إليه، فأمر بإحضاره. فلما سأله عن ذلك قال أبو حنيفة: يحضرهم أمير المؤمنين فيسألهم أهذه الكعبة نزلت عليكم أم أنتم نزلتم عليها. فإن قالوأ نزلت علينا كذبوا، لأن منها دحيت الأرض. وإن قالوا نحن نزلنا عليها، فجوابهم أنه قد كثر زوارها وضاقت ساحتها، فهي أحق بفنائها، ففرغوه لها. فلما جمعهم وسألهم قال سفيرهم وكان رجلاهاشمياً، نحن نزلنا عليها. قال: ردوا فناءها فقد كثر زوارها واحتاجت إليه، فبهتوا ورضوا بالبيع. وهذه الحكاية تقوي أحدى الروايتين عن أبي حنيفة كراهية بيع دور مكة وأخذ أجورها إلا على تأويل.

مدينة منى: على فرسخ من مكة، وهي من الحرم. طولها ميلان، تعمر أيام الموسم وتخلو بقية السنة إلا ممن يحفظها. وكان أبو الحسن الكرخي يحتج لأبي حنيفة في جواز الجمعة بها إنها ومكة كمصر واحد. فلما حج أبو بكر الجصاص ورأى بعد ما بينهما استضعف هذه العلة وقال: إنها مصر من أمصار المسلمين، تعمر وقتاً وتخلو وقتاً، وخلوها لا يخرجها من حد الامصار، وعلى هذه العلة يعتمد القاضي أبو الحسين القزويني. وسألني يوماً: كم يسكنها وسط السنة من الناس. قلت عشرون ثلاثون رجلاً وقل مضرب إلا وفيه امرأة تحفظه، قال: صدق أبو بكر وأصاب فيما علمك. فلما لقيت الفقيه أبا حامد البغولني بنيسابور حكيت له ذلك، فقال: العلة ما نص بهأ أبو الحسن إلا ترى إلى قول الله عز أسمه:  ثم محلها إلى البيت العتيق  ، وقال:  هدياً بالغ الكعبة وإنما يقع النحر بمنى  . وقل بلد مذكور في الاسلام إلا ولأهله به مضرب، وعلى رأسها من نحو مكة عقبة ترمي عليها الجمرة يوم النحر، والثالث من الأيام الأخر، والأولى بقرب مسجد الخيف، والوسطى بينهما. ومنى شعبان فيهما أزقته، والمسجد في الشارع الايمن، ومسجد الكبش بقرب العقبة، بها آبار ومصانع وقياسير وحوانيت حسنة البناء بالحجر وخشب الساج، وهي بين جبلين يطلان عليها.

والمزدلفة: على فرسخ من منى، بها مصلى وسقاية ومنارة وبرك عدة إلى جبل ثبير. وكانت العرب تقول أشرق ثبير كيما نغير على الخلاف وتسمى جمعاً والمشعر ا لحرام.

 

 

عرفة: قرية فيها مزارع وخضر ومباطح، وبها دور حسنة لأهل مكة ينزلونها يوم عرفة، والموقف منها على صيحة عند جبل متلاط، وثم سقايات وحياض وقناة تخر وعلم قد بني يقف خلفه الأمام للدعاء، والناس حوله على جبال بقربه لاطية. والمصلى على حافة وادي عرنة على تخوم عرفة. ولا يجوز الوقوف بالوادي، ومن خرج إليه قبل غيبوبة الشمس وجب عليه دم. وعلى حد عرفة أعلام بيض، وفي المصلى منبر من الآجر، وخلفه حوض كبير، وقبله بميلين المأزمين هي حد الحرم. بطن محسر: واد بين منى والمزدلفة، هوتخم المزدلفة. التنعيم: موضع به مساجد حول مسجد عائشة، وسقايات على طريق المدينة منه يحرم المكيون بالعمرة، ويحدق بالحرم أعلام بيض، وهو من طريق الغرب التنعيم ثلاثة أميال، ومن طريق العراق تسعة أميال، ومن طريق اليمن سبعة أميال، ومن طريق الطائف احد عشر ميلاً، ومن طريق الجادة عشرة أميال. ذوالحليفة: قرية عند يثرب، بها مسجد عامر، وبالقرب آبار، ولا يرى بها ديار. الجحفة: مدينة عامرة يسكنها بنوجعفر، عليها حصن ببابين، وبها أباريسيرة، وعلى ميلين عين وبها بركة كبيرة ربما عز بها الماء وهي كثيرة الحمى. أخبرنا شافع بن محمد قال: حدثنا علي بن الرجاء قال: حدثنا أبو عتبة قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشد وانقل حماها إلى الجحفة. قرن: مدينة صغيرة خلف الطائفت على طريق صنعاء. يلملم: منزل على طريق زبيد عامر. ذات عرق: قرية بها آبار قريبة المستقى يابسة عابسة على منزلين. أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الاصبهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد قال. حدثنا نافع مولى ابن عمر عن عبدالله بن عمر: أن رجلاً قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن، فقال ابن عمر: يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يهل أهل اليمن من يلملم في حديث آخر، ويهل أهل العراق من ذات عرق. الذبيب: ميقات الغرب في البحر جبل أزاء الجحفة. شقان: ميقات أهل اليمن في البحر موضع قبال يلملم. عيذاب: مدينة قبالة جدة، يحرم منها من قصد من ذلك الوجه. فهذه مواقيت الآفاق فمن جاوزهن يريد مكة ثم رجع نظر فإن كان لبى سقط عنه الدم، وقال بعض لا يسقط، وقال بعض يسقط وإن لم يلب. ولا يجاوز آفاقي ميقاتا إلا محرماً وإن لم يكن ميقاته كالشامي إذا اجتاز بذي الحليفة. وميقات أهل مكة في الحج منها. الجعرانة: على مرحلة من مكة يخرج الناس إليها في الاحرام بالعمرة.

فهذه مشاهد المناسك وجميع ما يؤدى فيها ثلاث فرائض وست واجبات وخمس سنن. أما الفرائض: فالاحرام، والوقوف بعرفة، وا لطواف للزيارة. والواجبات: الاحرام من الوقت، والسعي بين الصفا والمروة، والافاضة من عرفات بعد المغرب. والسنن: طواف القدوم والرمل في ثلاثة أشواط منه، والعدو في السعي بين العلمين، والافاضة من المزدلفة قبل الطلوع، والاقامة بمنى أيام منى. وقال بعضهم السعي فرض وقال بعض طواف القدوم واجب وطواف الصدر سنة.

نرجع الآن إلى وصف مدائن هذه الكورة ونواحيها على الترتيب.

الطائف: مدينة صغيرة، شامية الهواء، باردة الماء، أكثر فواكه مكة منها، موضع الرمان الكثيروالزبيب والعنب الجيد والفواكه الحسنة. وهي على ظهر جبل غزوان، ربما يجلد بها الماء، عامتها مدابغ، إذا تأذى مكة بالحر خرجوا إليها.

جدة: مدينة على البحر، منه اشتق اسمها، محصنة عامرة آهلة، أهل تجارات ويسار، خزانة مكة ومطرح اليمن ومصر. وبها جامع سري، غير أنهم في تعب من الماء مع أن فيها بركاً كثيرة، ويحمل إليهم الماء من البعد، قدغلب عليها الفرس. لهم بها قصور عجيبة، وازقتها مستقيمة، ووضعها حسن، شديدة الحر جداً. أمج: صغيرة بها خمسة حصون إثنان حجر وثلاثة مدر، والجامع على متن الطريق. خليص: متصلة بها وبها بركة وقناة وتمور وخضر ومزارع.

 

 

السوارقية: كثيرة الحصون بها بساتين ومزارع كثيرة ومواش. الفرع والسيرة: حصنان بكل واحد جامع. جبلة: كبيرة بها متاجر، عليها حصن منيع يقال له المهد، الجامع خارجه. مهايع: نظير جبلة على أودية ساية. حاذة: مدينة مليحة للبكريين بها عدة من الحصون وجامع كبير.

يثرب: هي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وقد جعلناها ناحية لما قد أحاط بها من المدن الخطيرة والسواحل المذكورة، تكون أقل من نصف مكة، يحيط بأكثرها بساتين ونخيل وقرى، ولهم مزارع قليلة ومياه عذيبية، وفيها حياض تقلب فيها قنى عند أبواب البلد ينحدر إليها في درج. وقد جر عمر رضه إلى باب الجامع قناة قد أختلت، والاسواق عند الجامع لها نور وبهاء، أكثرهم بنو الحسين بن علي رضهما. بنيانهم مدر، ملحة الأرض، قليلة الأهل، والمسجد في ثلثيها مما يلي بقيع الغرقد على عمل جامع دمشق ليس بالكبير، وهووجامع دمشق من بناء الوليد بن عبد الملك، وقد زاد فيه بنو العباس. وقال صلى الله عليه وسلم  لو مد هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي. وأول من زاد فيه عمر رضه من الاساطين التي إليها المقصورة اليوم إلى الجدار القبلى. ثم زاد عثمان رضه من قبل القبلة إلى موضعه اليوم. ثم زاد فيه الوليد، ولم يزده لله، ولكن من أجل بيت الحسن بن الحسن بن علي رضه الذي كان بابه في المسجد، وكان يخرج منه عند الاقامة، فبناه بالحجارة المنقوشة والفسافسا، وتولى بناءه عمر بن عبد العزيز رضه. فلما بلغ هدم المحراب دعا بمشايخ المهاجرين والانصار فقال احضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غيرها عمر. فوقع زيادة الوليد من المشرق إلى المغرب ست أساطين، وزاد إلى الشام من المربعة التي في القبرأربع عشرة أسطوانة، منها عشر في الرحبة، وأربع في السقائق. ثم حج المهدي سنة160 فزاد فيه مائة ذراع، من ناحية الشام عشر أساطين. فطوله اليوم مائة وأربعة وخمسون ذراعاً، وعرضه مائة وثلاثة وستون ذراعاً، وطول الصحن مائة وخمسة وستون ذراعاً، وعرضه مائة وخمسة وستون ذراعاً.

قال وكتب الوليد إلى ملك الروم أنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الاعظم، فأعني فيه بصناع وفسافسا. فبعث إليه باحمال وبضعة وعشرين صانعاً. فيهم عشرة يعدلون مائة وثمانين ألف دينار. قال فخلا لهم المسجد، فعمد أحدهم فقال أبول على قبر نبيهم، فلما حل سراويله يبس مكانه. وقد اختلف الناس في ترتيب قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في رواية النبي من ورائه أبو بكر ومن ورائه عمر. وفي رواية مالك ابن انس النبي غربي البيت أزاءه فضاء، خلف النبي أبو بكر، خلف الفضاء عمر. والفضاء هو الذي ذكر لعمر بن عبد العزيز، فلم ير نفسه له أهلا. ويقال فيه يقبر عيسى عم. حدثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه بساوة قال: حدثنا محمد بن هلال الشاشي قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا يونس قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن أبى فديك عن عمروبن عثمان عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال: فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مقدماً، وأبا بكر عندرأسه، رجليه بين كتفي النبي، وعمررأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر وسط المغطى غلاف منبر النبي صلى الله عليه وسلم في روضة مرخمة، والروضه المنعوتة إلى جانب سارية حمراء بين المنبر والقبر. وقرأت في اخبار المدينة أن معاوية أمر بحمل المنبر إلى جانب المحراب كسائر المنابر. فلما اخذوا في نقله تزلزلت المدينة واقبلت الصواعق فقال اتركوه، وامر بعمل هذا المنبر فوقه وهو خمس درجات، والأول ثلاث. وللمسجد عشرون باباً. والمدينة هائلة الأبواب ولها اربعة أبواب: باب البقيع، وباب الثنية، وباب جهينة، وباب الخندق، والخندق من نحو مكة عامرة الحصن مشرفة.

 

 

البقيع: شرقي المدينة، مليحة التربة، فيه قبر ابراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم والحسن وعدة من الصحابة وقبر عثماق في اقصاه. قبا: قرية على ميلين على يسار طريق مكة، بها بنيان كثير من الحجارة، وثم مسجد التقوى عامر قدامه رصيف وفضاء حسن وآثارات وماء عذب، وبها مسجد الضرار يتطوع العوام بهدمه. أحد: جبل على ثلاثة اميال، قبله قبرحمزة في مسجد قدامة بئر ثم بعده حظيرة فيها قبور الشهداء، وفي الجبل موضع اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أقرب الجبال إلى المدينة. العقيق: قرية على ميلين، عامرة من نحو مكة بها ينزل السلطان، وماؤها عذب، وما بين لا بتي المدينة حرم كحرم مكة.

بدر: مدينة صغيرة من نحو الساحل، جيدة التمور، وثم عين النبي صلى الله عليه وسلم وموضع الوقعة ومساجد بناها ملوك مصر. الجار: على ساحل البحر، محصنة بثلاث حيطان والربع البحري مفوه، بها دور شاهقة وسوق عامر، خزانة المدينة ومدنها يحمل إليهم الماء من بدر والطعام من مصر، وليس لجامعهم صحن. العشيرة: صغيرة على الساحل قبال ينبع، عندها نخيلات وليس لخانها نظير. ينبع: كبيرة جليلة حصينة الجدار غزيرة الماء أعمر من يثرب وأكثر نخيلاً، حسنة الحصن حارة السوق، لها بابان الجامع عند أحدهما، الغالب عليها بنو الحسن. رأس العين: على أثنى عشر ميلاً. المروة: بلد حصين كثيرة النخيل جيدة التمور، سقياهم من قناة غزيرة عليها خندق وأبواب حديد وهي معدن المقل والبردى، حارة في الصيف، الغالب عليها بنو جعفر. الحوارء: هي ساحل خيبر، لها حصن وربض عامر فيه سوق من نحو البحر. خيبر: بلد حصين مثل المروة، بها جامع حسن، وثم الباب الذي قلعه أمير المؤمنين، وهي والمروة والحوراء مدن خيبر.

ناحية قرح: تسمى وادي القرى، وليس بالحجاز اليوم بلد،اجل واعمر وآهل وأكثر تجارا وأموالأ وخيرات بعد مكة من هذا، عليها حصن منيع على قرنته قلعة قد أحدق به القرى واكنف به النخيل، ذو تمور رخيصة واخباز حسنة ومياه غزيرة ومنازل أنيقة وأسواق حارة، عليه خندق وثلاثة أبواب محددة والجامع في الأزقة في محرابه عظم، قالوا هو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم لا تأكلني فأنا مسموم، وهو بلد شامي مصري عراقي حجازي، غير أن ماءهم ثفيل وتمرهم وسط وحمامهم خارج البلد، والغالب عليها اليهود. الحجر: صغيرة حصينة، كثيرة الآبار والمزارع، ومسجد صالح بالقرب على نشزة مثل الصفة قد نقر في صخرة، وثم عجائب ثمود وبيوتهم. سقيا يزيد: هي أحسن مدن هذه الناحية، والنخيل والبساتين متصلة من قرح إليها، والجامع خارج البلد. بدا يعقوب: على جادة مصر، عامرة آهلة. العونيد: هي ساحل قرح، عامرة كثيرة العسل ولها مرسى حسن.

 

 

زبيد: قصبة تهامة، وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن، بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن، لهم أدنى ظرف وبه تجار وكبار وعلماء وأدباء، مفيد لمن دخله مبارك على من سكنه، آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة، عليه حصن من الطين بأربعة أبواب: باب غلافقه، وباب عدن، وباب هشام، وباب شبارق. وحولها قرى ومزارع أعمر من مكة وأكبر وأرفق، أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة، والجامع ناء عن الاسواق نظيف مبربق الأرض، تحت المنبر تقوير ليتصل الصف، وقد أجرى إليها ابن زياد قناة، وهو بلد نفيس ليس باليمن مثله، غير أن أسواقه ضيقة والاسعار بها غالية والثمار قليلة أكثر طعامهم الدخن والذرة. معقر: على جادة عدن، وكذلك عبرة وعارة والمخنق وكلهن صغار. عدن: بلد جليل عامرآهل، حصين خفيف، دهليز الصين وفرضة اليمن وخزانة المغرب ومعدن التجارات، كثيرالقصور، مبارك على من دخله مثرلمن سكنه، مساجد حسان ومعايش واسعة واخلاق طاهرة ونعم ظاهرة، وبارك النبي صلى الله عليه وسلم في سوق منى وعدن وهو في شبه صيرة الغنم قد احاط به جبل بما يدور إلى البحر، ودار خلف الجبل لسان من البحر، فلا يدخل إليه إلا أن يخاض ذلك اللسان فيصل إلى الجبل، وقد شق فيه طريق في الصخر عجيب، وجعل عليه باب حديد ومدوا من نحو البحر حائطاً، الجبل إلى الجبل فيه خمسة أبواب، والجامع ناء عن الاسواق ولهم آبار مالحة وحياض عدة، ويقال إنها كانت في القديم حبس شداد بن عاد، إلا إنها يابسة عابسة لا زرع ولا ضرع ولا شجر ولا ثمر ولا ماء ولا كلأ، كثيرة الحريق والوكف، جامع شعث وهرج وحش وحمامات ردية يحمل إليهم الماء من مرحلة. أبين: هي أقدم من عدن، وإليها تنسب عدن لأن برهم وفواكههم وخضرهم منها لكثرة القرى والمزارع بها، وكذلك لهج. مندم: على البحر عامرة بها يعتقل الريح المراكب، قشفة. مخا: مدينة لزبيد، عامرة كثيرة السليط، شربهم من عين خارج البلد، والجامع على طرفه على الساحل. غلافقة: فرضة زبيد، بها جامع على البحر رأيتهم يفضلونه ويرابطون فيه، عامرة آهلة بها نخيل ونارجيل وآبار حلوة، إلا إنها وبية قاتلة للغرباء.

الشرجة والحردة وعطنه: مدن على الساحل بهن خزائن الذرة تحمل إلى عدن.

جدة: بلد اللبن، يحمل إليهم الماء من بعد، وجوامعهم على الساحل.

ناحية عثر: ناحية جليلة، عليها سلطان براسه، ومدنها نفيسة، وعثر مدينة كبيرة طيبة مذكورة لأنها قصبة الناحية وفرضة صنعاء. صعدة: بها سوق حسن، وجامع عامر، يحمل إليهم الماء من بعد وحمامهم وضر.

بيش: أطيب هواء منها وأعذب ماء، بها ينزل السلطان داره إلى جانب الجامع. الجريب: بلد الموز، وهو أرخى مدن الناحية وأعجبها إلي.

حلي: مدينة ساحلية، عامرة سرية رفقة. السرين: بلد صغير، له حصن، الجامع فيه على باب البلد. مصنعة: وهو فرضة السروات. السروات: معدن الحبوب والخيرات والتمور الردية والعسل الكثير، لا أدري هي مدن أم قرى لأني ما دخلتها.

صنعاء: هي قصبة نجد اليمن، وقد كانت أجل من زبيد واعمر، وكان الاسم لها وأما اليوم فقد أختلت، غير إن بها مشايخ لم أر بجميع اليمن مثلهم هيأة وعقلا، ثم بلد رحب كثير الفواكه رخيص الاسعار أخباز حسنة وتجارات مفيدة، أكبرمن زبيد، ولا تسأل عن طيب الهواء فإنه عجب ومع ذلك رفق معف.

 

 

صعدة: أصغر من صنعاء، عامرة في الجبال بها تصنع الركاء الجيدة والانطاع الحسنة، ومنها يرتفع أدم جيد، وهي مدينة العلوية وعملهم. جرش: مدينة وسطة ذات نخل، واليمن ليس ببلد نخيل. نجران: مثل جرش وهما دون صعدة، وأكثر ما ترى من الادم فمن هذه المدن. الحميري: هو بلد قحطان بين زبيد وصنعاء، كثير القرى ردي الهواء وبي مفيد للتجار. المعافر: بلد واسع ذو مزارع وقرى وفوائد. سبأ: بلد خلف هذه النواحي عامر المدينة خرب العمل. حضرموت: هي قصبة الاحقاق، موضوعة في الرمال عامرة نائية عن الساحل، آهلة، لهم في العلم والخير رغبة، إلا أنهم شراة شديد سمرتهم. الشحر: مدينة على البحر، معدن السمك العظيم يحمل إلى عمان وعدن ثم إلى البصرة وأطراف اليمن، وثم أشجار الكندر صمغها. وموضع إرم ذات العماد ليس لها أثر، من لحج إليها فرسخان في مستوى، فتراها من البعد تشرق فإذا قربت لم تر شيئا، وماء عدن من ثم. سخين: مدينة قريش، يقال لهم بنو سامة سمدت أنهم في أربعة آلاف قوس. الشقرة: ديار خثعم، ثم نخيل وقرى قد أحاط بها.

واعلم أن اليمن موضع واسع، قد أقمت به حولاً كاملاً، ودخلت هذه البلدان التي وصفت وغاب عني منه الكثير، غير أني أذكر ما سمعت فيه من أهل الخبرة واستوعب مخاليفه وإن لم أطأ الجميع، لأنه بلد يميز بالمخاليف، واذكر وضع جزيرة العرب وتمثيلها بوصف يقف عليه كل أحد إن شاء الله تعالى. مخاليف اليمن: مخلاف صنعاء والخشب ورحابة ومرمل مخلاف البون مخلاف خيوان. وعلى يمين صنعاء: مخلاف شاكر ووادعة ويام وأرحب. ومن نحو الطائف مخلاف نجران وتربة والهجيرة وكثبة وجرش والسراة مخلاف بتهامة ضنكان عشم بيشة عك ومخلاف الحردة مخلاف همدان مخلاف جوف همدان مخلاف جوف مراد مخلاف شنوءه وصدى وجعفى مخلاف الجسرة مخلاف المشرق وبوشان وغدر مخلاف أعلا وانعم والمصنعتين وبني غطيف وقرية مأرب ومخلاف حضرموت مخلاف خولان رداع مخلاف أحور مخلاف الحقل وذمار مخلاف ابن عامر وثات ورداع مخلاف دثينة مخلاف السرو مخلاف رعين وكحلان مخلاف ضنكان وذبحان مخلاف نافع ومصحى مخلاف حجر وبدر وأخلة والصهيب مخلاف الثجة والمزرع مخلاف ذي مكارم والأملوك مخلاف السلف والأدم مخلاف نجلان ونهب مخلاف الجند مخلاف السكاسك. ومن نحو المعافر: مخلاف الزيادي نحلاف المعافر مخلاف بني مجيد مخلاف الركب مخلاف سقف مخلاف المذيخرة مخلاف حمل وشرعب مخلاف عنة وعنابة. ومن الوجه الآخر: مخلاف وحاظة مخلاف سفل يحصب مخلاف القفاعة والوزيرة والحجر مخلاف زبيد وبازائه ساحل غلافقة وساحل المندب مخلاف رمع مخلاف مقرى مخلاف ألهان مخلاف جبلان مخلاف ذي جرة مخلاف الميتم مخلاف الم. ومن ناحية ظهر صنعاء: مخلاف خولان لخلاف ميسارع مخلاف حراز وهوزن مخلاف الأخروج مخلاف مجنح مخلاف حضور مخلاف ماجن مخلاف واضع المعلل مخلاف العصبة مخلاف خناص وملحان حكم وجازان ومرسى الشرجة مخلاف حجور مخلاف قدم ويحاذي قرية مهجرة مخلاف حية والكودن مخلاف مسخ مخلاف كندة والسكون مخلاف الصدف.

صحار: هي قصبة عمان، ليس على بحر الصين اليوم بلد أجل منه، عامر آهل حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه وخيرات أسرى من زبيد وصنعاء، أسواق عجيبة وبلدة ظريفة، ممتدة على البحر، دورهم من الآجر والساج شاهقة نفيسة، والجامع على البحر له منارة حسنة طويلة في آخر الاسواق، ولهم آبار عذيبية وقناة حلوة وهم في سعة من كل شيء، دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن، قدغلب عليها الفرس، المصلى وسط النخيل. ومسجد صحار على نصف فرسخ ثم بركت ناقة رسول اللة صلى الله عليه وسلم قد بني أحسن بناء، وهواءه أطيب هواء من القصبة، ومحراب الجامع بلولب يدور تراه مرة أصفر وكرة اخضر وحينا أحمر.

 

 

نزوة: في حد الجبال كبيرة، بنيانهم، طين، والجامع وسط السوق إذا غلب الوادي في الشتاء دخله، شربهم من أنهار وآبار. السر: أصغر من نزوة، والجامع في السوق، شربهم من أنهار وآبار قد التفت بها النخيل. ضنك: صغيرة في النخيل، أبداً بها سلطان قوي لأنهم شراة عصاة. حفيت: كثيرة النخيل من نحو هجر، الجامع في الاسواق. سلوت: مدينة كبيرة على يسار نزوة. دبا وخلفار: وهما من نحو هجر قريبتان من البحر. وسمد منبر لنزوة. لسيا ومييم وبرنم والقلعة وضنكان مدن إيضاً، والمسقط أول ما يستقبل المراكب اليمنية، ورايته موضعاً حسناً كثير الفواكه. توأم: قد غلب عليها قوم من قريش فيهم بأس وشدة. عمان: كورة جليلة، تكون ثمانين فرسخاً في مثلها كلها نخيل وبساتين عامة، سقياهم من آبار قريبة ينزعها البقر أكثرها في الجبال، وأهل هذه المدن التى ذكرنا عرب شراة. الأحساء: قصبة هجر وتسمى البحرين، كبيرة كثيرة النخيل عامرة آهلة، معدن الحروالقحط، على مرحلة من البحر، ولهم شبه نبع متجر وثم جزائر، وبها مستقر القرامطة من آل أبي سعيد، ثم نظر وعدل، غيرأن الجامع معطل، وبالقرب خزانة المهدي وخزائن أخر لهم ايضاً فبعض الأموال بتلك وبقيته في خزائنهم. الزرقاء وسابون في خزائنهم وكذلك اوال وسائر المدن في البحر أو قريبات من البحر. اليمامة: ناحية قصبتها الحجر، بلد كبيرجيد التمور يحيط به حصون ومدن منها الفلج.

واعلم أن مثل هذه الجزيرة كمثل صفة، فيهما أدنى طول قد وضع فيها سرير من صدرها إلى بابها، بينه وبين الحائطين من يمين وشمال فضاء، والسرير قطعتان فالسرير الداخل هو نجد اليمن وهي جبال تقع فيها صنعاء وصعدة وجرش ونجران وبلد قحطان وعدن في الصدر في آخر الجبل، لأن الثلاث حيطان هو بحر الصين وهذه السروات عامرة بها الاعناب والمزارع، والفضاء الذي عن يمين السرير تهامة تقع فيه زبيد وبلدانها، والفضاء الذي عن يساره يسمى نجد اليمن تقع فيه الاحقاف ومهرة إلى تخوم اليمامة، ومنهم من يدخلها وعمان في هذه الخطة، وهذا السرير مع الفضاءين هي اليمن، والسرير المؤخر إلى باب الصفة يسمى الحرة. من تخوم اليمن إلى قرح جبال كلها يابسة لا ينبت إلا مواقع المواشي والعضون، والثمام يقع فيه الحرم، والعمق ومعدن النقرة وتلك المجادب والفضاء الايمن يسمى الحجاب، وطية الحجاز قليلة يقع فيها ينبع والمروة والعميص، والسواحل عمارات ونخيل، والفضاء الايسر يسمى نجد الحجار يقع فيه اليمامة وفيد، وما على الجادة من المنازل ويسمى هذا السرير مع فضائيه الحجاز، ويدخل هجر فيه ويقابل باب الصفة البادية وهذا شيء رأيته وقسمته والله أعلم.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو اقليم شديد الحر، إلا السروات فإن هواءها معتدل، حدثت أن رجلاً بصنعاء طبخ قدراً من اللحم ثم ذهب إلى الحج فعاد وما تغيرت ولباسهم في الشتاء والصيف واحد، والليل بمكة في الصيف طيب، كرب بتهامة، وينزل عليهم بعمان في الليالي شبه الدبس، ويكون بالحرم حر عظيم وريح تقتل وذباب في غاية الكثرة وهو قليل الثمار إلا السروات، وليس باليمن نخيل ولا مياه غزيرة وسواحله قشفة معدوم بها الماء إلا غلافقة، وإنما سكنوا تلك المدن لأجل البحر وليس في جميع الاقليم بحيرة ولا نهر يجري فيه السفن. قليل الفقهاء والمذكرين والقراء واليهود به أكثر من النصارى ولا ذمة غيرهم، ولم أر به مجذوماً. وحدثنا أبو الفضل بن نهامة بشيراز قال: حدثنا أبو سعيد خلف بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن حمدان قال: حدثنا عمروبن علي بن يحيى بن كثير قال: حدثنا عامر بن ابراهيم الاصبهاني قال: حدثنا خطاب بن جعفر قال: حدثنا أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله  رحلة ألشتاء والصيف  قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف. وفي قوله  وآمنهم من خوف  قال خوف الجذام. وبه برص وسودان كثير وعامتهم سمر والغالب عليهم الدقة والهزال، أكثر ثيابهم القطن منتعلين لا يقولون بالمماطرولا ثلج لهم ولا جليد ولا فواكه في الشتاء ولا قديد إلا ما يجفف من ذبائح منى.

ومذاهبهم بمكة وتهامة وصنعاء وقرح سنة، وسواد صنعاء ونواحيها مع سواد عمان شراة غالبة، وبقية الحجاز وأهل الرأي بعمان وهجر وصعدة شيعة، وشيعة

 

عمان وصعدة وأهل السروات وسواحل الحرمين معتزلة إلا عمان. والغالب على صنعاء وصعدة أصحاب أبي حنيفة والجوامع بأيديهم، وبالمعافر مذهب ابن المنذر، وفي نواحي نجد اليمن مذهب سفيان، والاذان بتهامة ومكة يرجع وإذا تدبرت العمل على مذهب مالك، ويكبر بزبيد في العيدين على قول ابن مسعود: أحدثه القاضي أبو عبدالله الصعواني وقت كوني، ثم والعمل بهجر على مذهب القرامطة، وبعمان داودية لهم مجلس.

أهل هذا الإقليم لغتهم العربية إلا بصحار فإن نداؤهم وكلامهم بالفارسية، وأكثر أهل عدن وجدة فرس إلا أن اللغة عربية، وبطرف الحميري قبيلة من العرب لا يفهم كلامهم، وأهل عدن يقولون لرجليه رجلينه وليديه يدينه وقس عليه ويجعلون الجيم كافاً فيقولون لرجب ركب ولرجل ركل وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بروثة عند الاستجمار فألقاها وقال هي ركس، وقد تعنى الفقهاء هذا فيجوز ما قالوه ويجوز أن يكون أستعمل هذه اللغة. وجميع لغات العرب موجودة في بوادي هذه الجزيرة إلا أن أصح بها لغة هذيل ثم النجدين ثم بقية الحجاز إلا الاحقاف فإن لسانهم وحش.

القراءات بمكة، على حرف ابن كثير، وباليمن قراءة عاصم، ثم قراءة أبي عمرو مستعملة في جميع الإقليم. وسمعت بعض صدور القراء بمكة يقول ما رأينا ولا سمعنا أن أحداً أم خلف هذا المقام بغير قراءة ابن كثير إلا في هذا الزمان.

والتجارات في هذا الإقليم مفيدة لأن به فرضتي الدنيا وسوق منى والبحر المتصل بالصين وجدة والجار خزانتي مصر، ووادي القرى مطرح الشام والعراق، واليمن معدن العصائب والعقيق والادم والرقيق، فالى عمان يخرج آلات الصيادلة والعطر كله حتى المسك والزعفران والبقم والساج والساسم والعاج واللؤلؤ والديباج والجزع واليوا قيت والابنوس والنارجيل والقند والاسكندروس والصبر والحديد والرصاص والخيزران والغضار والصندل والبلور والفلفل وغير ذلك. وتزيد عدن بالعنبر والشروب والدرق والحبش والخدم وجلود النمور وما لو استقصيناه طال الكتاب، وبتجارات الصين تضرب الأمثال ثم قولهم جاءوك تجراً أو ملكاً.

ولما ركبت بحر اليمن إتفق اجتماعي مع أبي علي الحافظ المروزي في الجلبة، فلما تأكدت المعرفة بيننا قال لي قد شغلت والله قلبي. قلت: بماذا، قال: أراك رجلاً على طريق حسنة تحب الخير وأهله وترغب في جمع العلوم وقد قصدت بلاداً قد غرت كثيراً من الناس وصدتهم عن طريق الورع والقناعة وأخشى إذا أنت دخلت عدن فسمعت أن رجلاً ذهب بألف درهم فرجع بألف دينار وآخر دخل بمائة فرجع بخمسمائة وآخر بكندر فرجع بمثله كافوراً، طلبت نفسك التكاثر. قلت أرجو أن يعصم الله، فلما دخلتها وسمعت أكثر مما قال غرني والله ما غر القوم، وعملت على الذهاب إلى ناحية الزنج، وآتيت ما ينبغي أن يشترى، وتقدمت فيه إلى الوكلاء فبرد الله عز اسمه ذلك على قلبي بموت شريك كنت عاقدته وكسرت نفسي بذكر الموت وما بعده، واعلم هديت أن مع كل ربح مما ذكرنا خطراً، والارباح أبداً مع الاخطار فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بذلك، وليعلم أن الله تعالى يعطي عبده بركعتين إذا أخلصهما لله أكثر من الدنيا بحذافيرها، وما يصنع بنعمة الموت من ورائها وجمع أموال لا بد من تركها.

ومن خصائص نواحي هذا الإقليم أديم زبيد ونيلها الذي لا نظير له كأنه لازورد، وشروب عدن تفضل على القصب، ومسد المهجرة يسمى ليفاً، وبرود سحولا والجريب، وانطاع صعدة وركاءها، وسعيدي صنعاء وعقيقها، وقفاع عثر، وأقداح حلى، ومسان ينبع وحناءها، وبان يثرب وصيحانيها، وبردي المروة ومقلها، وكندر مهره وحيتا نها، وورس عدن، ومغلق قرح، وسناء مكة، وصبر اسقوطرة، ومصين عمان.

ومكاييل هذا الإقليم الصاع والمد والمكوك، فالمد ربع الصاع، والصاع ثلق المكوك، هذا بالحجاز وهي مختلفة، المستعمل منها يزن خمسة أرطال وثلثاً. وسمعت الفقيه أبا عبدالله بدمشق يقول لما حج أبو يوسف ودخل المدينة رجع عن شيئين إلى مذهبهم أحدهما الاذان قبل الفجر، والثاني تقدير الصاع.

وأما الصاع الذي قدره عمر بمشهد الصحابة وكان يكفر به إيمانه فهو ثمانية أرطال، إلا أن سعيد بن العاصي رده إلى خمسة وثلث، إلا ترى إلى قول الراجز:

وجاءنا مجوعـاً سـعـيد                      ينقص في الصاع ولا يزيد

 

ولهم بالمراكب صاعان يعطون بأحدهما جرايات الملاحين ويتعاملون بالكبير. وأرطالهم بمكة هو المن المعروف في جميع بلاد الاسلام غير أنهم يسمونه رطلاً، ورطل يثرب إلى قرح مائتا درهم، ورطل اليمن بغدادي، ولعمان المن، وبقية الإقليم بغدادي، ولهم البهار وهو ثلاثمائة رطل.

ونقودهم مختلفة، لأهل مكة المطوقة وهي والعثرية ثلثا المثقال تؤخذ كدراهم اليمن عدداً وتفصل العثرية حتى ربما كان بينهما دريهم، ودينار عدن فيمة سبعة دراهم وهو ثلثا البغوي تزن ولا تعد، ودينار عمان ثلاثون غير أنه يوزن. والدراهم المستعملة في الإقليم تسمى بمكة المحمدية، ولأهل مكة المزبقة أربعة وعشرون بمطوق ضعف أختمى تبطل يوم السادس من ذي الحجه إلى آخر الموسم، ولأهل اليمن العلوية تختلف باختلاف البلدان حتى ربما بطلت، في بعضها قيمة أربعة منها درهم وزنته حول الدانق ولهم قروض ربما غلت فصارت ثلاثة بدانق وربما صارت أربعة، ولأهل عمان الطسوه.

الرسوم في هذا الإقليم لبس الوزر والأزر بلا قميص إلا القليل،وبمخا يعيبون على من يتزر إنما هو أزار واحد يلتف فيه. ويختمون في رمضان في الصلاة ثم يدعون ويركعون، وصليت بهم التراويح بعدن فدعوت بعد السلام فتعجبوا من ذلك، وأمر ابن حازم وابن جابر أن أحضر مسجديهما فافعل ذلك. أكثر ما يوقدون مصابيحهم بالصيفة وهو دهن السمك، يحمل من مهرة، ونورتهم سوداء مثل الماخالقة، وباليمن يلزقون الدروج ويبطنون الدفاتر بالنشاء، وبعث إلي أمير عدن مصحفاً أجلده، فسألت عن الاشراس بالعطارين فلم يعرفوه ودلوني على المحتسب وقالوا عساه يعرفه، فلما سألته، قال: من أين أنت، قلت: من فلسطين، قال: أنت من بلدة الرخاء لو كان لهم أشراس لأكلوه عليك بالنشاء.

ويعجبهم التجليد الحسن ويبذلون فيه الأجرة الوافرة وربما كنت أعطى على المصحف دينارين. ويزينون بعدن السطوح قبل رمضان بيومين ويضربون عليها الدبادب، فإذا دخل رمضان اجتمع رفق يدورون عند السحر يقرأون القصائد إلى آخر الليل، فإذا قرب العيد جبوا الناس، ويتخذون في النيروز قباباً يدورون بها على المباشرين ومعهم الطبول فيجمعون مالاً جزيلاً، وبمكة تنصب القباب ليلة الفطر ويزين السوق بين الصفا والمروة، ويضربون الدبادب إلى الصباح، وإذا صلوا الغداة أقبلن الولائد مزينات بيدهن المراوح يطفن بالبيت، ويرتبون خمسة أئمة في التراويح يصلون ترويحة ويطوفون أسبوعاً، والمؤذنون يكبرون ويهللون ثم يضرب الفرقاعيات كما تضرب عند الصلوات فيتقدم الأمام الآخر، يصلون العشاء إذا مضى من الليل الثلث ويفرغون إذا بقى الثلث، ثم ينادى بالسحور على أبي قبيس، ولا يرى أحسن من مزي أهل مكة في خروجهم إلى الحج في أن أحدهم ينوبه في ذلك ما ينوب العراقي.

ومياه هذا الإقليم مختلفة، ماء عدن وقناة مكة وماء زبيد ويثرب خفيف، وماء غلافقة قاتل، وماء قرح وينبع ردي، وسائر المياه متقاربة، وحججت سنة -56- فرأيت ماء زمزم كريهاً، ثم عدت سنة 67 فوجدته طيباً، وأكثر مياه السواحل عذيبيات. فإن قال قائل ومن أين علمت خفة المياه وثقلها قيل له بأربعة أشياء أحداهن: أن كل ماء يبرد سريعاً فهو خفيف، وما رأيت أسرع برودة من ماء تيماء وأريحا، وهما أخف مياه الاسلام، فمن هذا أستنبطت هذا الوجه، ثم صح لي بكثرة التجارب. والثانية أن الماء الخفيف يبطئ تحلبه، ومن شرب ماءً ثقيلاً أسرع بوله. والثالثة الماء الخفيف يشهي الطعام ويهضمه، والرابعة إذا أردت أن تعرف ماء بلد فاذهب إلى البزازين والعطارين، فتصفح وجوههم فإن رأيت فيها الماء فاعلم خفته على قدر ما ترى من نضارتهم، وأن رأيتها كوجوه الموتى ورأيتهم مطامنى الرؤوس فعجل الخروج منها.

والمضار بمكة باذنجان يمرض، وبالمدينة كراث يتولد منه خروج عرق المديني.

 

 

المعادن اللؤلؤ في هذا الإقليم بحدود هجريغاص عليه في البحر بازاء اوال وجزيرة خارك، ومن ثم خرجث درة اليتيم يكترى رجال يغوصون فيخرجون صدفاً، اللؤلؤ وسطها، وأشد شيء عليهم حوت يثب إلى عيونهم وفائدة من تعاطاه بينة. ومن أراد العقيق أشترى قطعة أرض بموضع بصنعاء ثم حفر فربما خرج له شبه صخرة وأقل وربما لم يخرج شيء. بين ينبع والمروة معادن ذهب. العنبر يقع على حافة البحرمن عدن إلى مخا ومن وجه زيلع أيضاً، كل من وجد منه شيئاً قل أو كثر حمله إلى صاحب السلطان ودفعه إليه وأخذ شقة وديناراً، ولا يقع إلا وقت هبوب ريح الآيب ولم يصح لي ما العنبر. ودم الاخوين قبال الجحفة.

يقع عصبيات بين الخياطين وهم شيعة والجزارين وهم سنة، بمكة عصبيات وحروب، وبين الحماحميين والملاحيين بعدن عداوات وحروب، وبين السنة والشيعة بينبع وبين البجة والحبوش والنوبة بزبيد تقع العجائب، وبين الجزارين والأعراب باليمامة وقد بلغ من أمرهم أن اقتسموا الجامع ويقولون، للغريب كن من أينا شئت وإلا فاخرج.

والمشاهد بمكة مولد النبي صلى الله عليه وسلم في المحامليين، ودار الاربعين بالبزازين، ودار خديجة خلف العطارين، غار ثور على فرسخ أسفل مكة، وحراء من نحو منى، وغار آخر خلف أبي قبيس، جبل قعيقعان محاذي أبي قبيس، وبالحرم قبر ميمونة على طريق جدة، وفي الثنية قبر الفضيل وسفيان بن عيينة ووهيب بن الورد. بين المسجدين عدة مشاهد للنبي وعلي، مسجد الشجرة بذي الحليفة، وشجرة بقبا وحجر فاطمة. قبر هود عم بالاحقاف على الساحل.

الموضع الذي يخرج منه النار بعدن جبل في البحر، وخلف البلد مسجد أبان، مخلاف معاذ خلف مخا، ثم مسجد البئر المعطلة والقصر المشيد في مخلاف البون وفي مخلاف مرمل، من مخلاف صنعاء خرجت النار التي أحرقت جنة المقسمين. بئر عثمان على طريق الشام. عند العرج جبل قالوا أن جبريل شق فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وقت هجرته طريقاً إلى المدينة. وقعت نار بين المروة والحوراء فكان يقد كما يقد الفحم. بيوت الفارهين بالحجر عجيبة على أبوابها عقود وطروح ونقوش. الطاغية مدينة خربة خلف خيم أم معبد. بالسروات قلاع عجيبة. كمران جزيرة في البحر فيها مدينة ولهم ماء حلو تسمى العقل بها حبوس ملك اليمن.

وفي أخلاق أهل مكة جفاء، ولا ظرف لأهل اليمن. أهل عمان يطففون ويخسرون ويفسقون. الزنا بعدن ظاهر. أهل الاحقاف نواصب غتم، والحجاز بلد فقير قحط.

والقبائل تأخذ من السروات نحو الشام فتقع في أرض الأغر بن هيثم ثم تخرج إلى ديار يعلى بن أبي يعلى ثم إلى سردد ثم ألى ديار عنز وائل في بني غزية ثم تقع في ديار جرش والعتل وجلاجل ثم إلى ديار الشقرة بها خثعم ثم في ديار الحرث بلد يقال له ذنوب وإسم ساحلها الشرى ثم في شكر وعامر ثم في بجيلة ثم في فهم ثم في بني عاصم ثم في عدوان ثم في بني سلول ثم في مطار وبها معدن البرام ثم في بلاد برمة منها الأبرقة وحصن المهيا ثم أنت بالفلج. وولايات هذا الإقليم متقطعة أما الحجاز أبداً فلصاحب مصر لأجل الميرة، واليمن لآل زياد وأصلهم من همدان، وابن طرف له عثر، وعلى صنعاء أمير غير أن ابن زياد يحمل اليه أموالاً ليخطب اليه وربما أخرجت عدن عن أيديهم، وال قحطان في الجبال وهم أقدم ملوك اليمن، والعلوية على صعدة يخطبون لآل زياد وهم أعدل الناس، وعمان للديلم، وهجر للقرامطة وعلى الأحقاف أمير منهم.

والضرائب والمكوس يؤخذ بجدة من كل حمل حنطة نصف دينار وكيل من فرد الزاملة، وعلى سفط ثياب الشطوي ثلاث دنانير، ومن سفط الدبيقي ديناران، وحمل الصوف ديناران، وبعثر على كل حمل دينار، وعلى سلة الزعفران دينار، وكذلك على رؤوس الرقيق هذا ممن خرج، وكذلك بالسرين على من أجتاز، وبكمران أيضاً، وبعدن يقوم الأمتعة بالزكاوية ثم يؤخذ عشرها عثرية، وقدروا أنه يصل إلى خزانة السلطان ثلث أموال التجار، وثم تفتيش صعب، ومكس بلدان السواحل هين إلا غلافقة.

والمراصد البرية من قلود جدة بالقرين وبطن مر نصف دينار نصف دينار، وعلى باب زبيد من حمل المسك دينار ومن حمل البز نصف دينار، وبقية المراصد تعطى درهماً علوية، وصاحب صعدة لا يأخذ ضريبة من أحد وإنما يأخذ ربع العشر من التجار.

 

 

والجزيرة عشرية يؤخذ بعمان من كل نخلة درهم. ووجدت في كتاب ابن خرداذبة خراج اليمن ستمائة ألف دينار فلا أدري ما أراد بذلك ولم أر ذلك في كتاب الخراج بل المعروف أن جزيرة العرب عشرية، وكانت ولاية اليمن في القديم مقسومة على ثلاثة أعمال: واالٍ على الجند ومخاليفها وآخر على صنعاء ومخاليفها والثالث على حضرموت ومخاليفها. وذكر قدامة بن جعفر الكاتب أن ارتفاع الحرمين مائة ألف دينار، اليمن ستمائة ألف دينار، واليمامة والبحرين خمسمائة وعشرة آلاف دينار، وعمان ثلاثمائة ألف دينار.

وأهل هذا الإقليم أصحاب قناعة ونحافة يتقوتون باليسير من الطعام ويتجوزون بالخفيف من الثياب، وقد أكرمهم الله تعالى بخير الثمار وسيدة الأشجار التمر والنخل. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن احمد بقصبة أرجان، قال: حدثنا القاضي الحسن بن عبد الرحمان بن خلاد، قال: حدثنا موسى بن الحسين، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا مسرور بن سفيان التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها، واطعموا نساءكم إذا ولدن الرطب فإن لم يكن رطب فالتمر الحديث.

 

 

وأما المسمافات فاعلم أن الواو للجمع، وثم للترتيب، وأو للتخيير. فإذا قلنا إلى فلانة وفلانة فإنهما في موضع واحد مثل خليص وأمج ومزينان وبهمن أباذ، فإن قلنا ثم أردنا العطف على الذي قبله كقولنا إلى ا بطن مر ثم إلى عسفان إلى غزة ثم إلى رفح، فإن قلنا أو فقد رجعنا إلى الذي قبل هذا الآخر كقولنا من الرملة إلى إيليا أو إلى عسقلان، من شيراز إلى جويم أو إلى صاهه. وقد جعلنا المراحل ستة فراسخ وسبعة فإن زادت نقطنا على الهاء نقطتين فإن جاوزت العشرة نقطنا تحت اللام نقطتين فإن نقصت عن الستة نقطت ا فوق الهاء نقطة. تأخذ من مكة إلى بطن مر مرحلة ثم إلى عسفان مرحلة ثم إلى خليص وأمج مرحلة ثم إلى الخيم مرحلة ثم إلى الجحفة مرحلة ثم إلى الأبواء مرحلة ثم إلى سقيا بني غفار مرحلة ثم إلى العرج مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة ثم إلى رويثة مرحلة ثم إلى يثرب مرحلة. وتأخذ من مكة إلى يلملم مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى السرين مرحلة. تأخذ من مكة إلى بستان بني عامر مرحلة ثم إلى ذات عرق مرحلة ثم إلى الغمرة مرحلة. وتأخذ من مكة إلى قرين مرحلة ثم إلى جدة مرحلة ومن بطن مر إلى جدة مرحلة. وتأخذ من الجحفة إلى بدر مرحلة ثم إلى الصفراء والمعلاة مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة. وتأخذ من بدر إلى ينبع مرحلتين ثم إلى رأس العين مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى المروة مرحلتين. ونأخذ من بدر إلى الجار مرحلة ثم إلى الجحفة أوينبع مرحلتين مرحلتين. وتأخذ من جدة إلى الجار أو السرين أربعاً أربعاً. وتأخذ من يثرب إلى السويدية أو الى بطن النخل مرحلتين مرحلتين ومن السويدية إلى المروة مثلها ومن بطن النخل إلى معدن النقر ة مثلها. فإن أردت جادة مصر فخذ من المروة إلى السقيا ثم إلى بدا يعقوب ثلاثاً تم إلى العونيد مرحلة. وإن أردت الشام فخذ من السقيا إلى وادي القرى مرحلة ثم إلى الحجر مرحلة ثم إلى تيماء ثلاث مراحل. وإن أردت مكة في جادة الكوفة فخذ من زبالة وهي عامرة واسعة الماء إلى الشقوق 21 ميلاً ثم إلى البطان 29 ميلاً ثم إلى الثعلبية 29 ميلاً هي ثلث الطريق عامرة كثيرة البرك بها آبار عذيبية ثم إلى الخزيمية 32 ميلاً ثم إلى أجفر 24 ميلاً ثم إلى فيد 36 ميلاً مدينة بحصنين عامرة واسعة الماء، ثم إلى توز وهي نصف الطريق 31 ميلاً ثم إلى سميراء 20 ميلاً برك وماءٌ واسع ومزارع والماء عذيبي ثم إلى حاجر 33 ميلاً ثم إلى معدن النقرة 34 ميلاً بها حصن وماءٌ ضعيف وموضع وحش، ثم إلى المغيثة 33 ميلاً ثم إلى الربذة 24 ميلاً ماءٌ زعاق وموضع خراب، ثم إلى معدن بني سليم 24 ميلاً ثم إلى السليلة 26 ميلاً ثم إلى العمق 21 ميلاً بها آبار عجيبة والماء غير واسعٍ، ثم إلى الأفيعية 32 ميلاً ثم إلى المسلح 34 ميلاً بها برك والماء واسع، ثم إلى غمرة 18 ميلاً الماء واسع. وإن أردتها من البصرة فخذ من البصرة إلى الحفير 18 ميلاً ثم إلى الرحيل 28 ميلاً ثم إلى الشجي 27 ميلاً ثم إلى حفر أبي موسى 26 ثم إلى ماوية 32 ثم إلى ذات العشر 29 ثم إلى الينسوعة 23 ثم إلى السمينة 29 ثم إلى القريتين 22 اثم إلى النباج 23 ثم إلى العوسجة 29 ثم إلى رامة. ثم إلى إمرة 27 ثم إلى طخفة 26 ثم إلى ضرية 18 ثم إلى جديلة 32 ثم إلى فلجة 32 ثم إلى الدثينة 26 ثم إلى قبا 27 ثم إلى الشبيكة 27 ثم إلى وجرة 40 ثم إلى ذات عرق 27 الجميع سبعمائة ميل. وأما جادة الغرب فتأخذ من ويلة إلى شرف ذي النمل مرحلة ثم إلى مدين مرحلة ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى منزل مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى. والطريق المستعمل اليوم من شرف ذي النمل إلى الصلا ثم إلى النبك ثم إلى ضبة ثم إلى العونيد ثم إلى الرحبة ثم إلى منخوس ثم إلى البحيرة ثم إلى الأحساء ثم إلى العشيرة ثم إلى الجار ثم إلى بدر. وإن أردتها من عمان فخذ من صحار إلى نزوة ثم إلى عجلة 30 ميلاً ثم إلى عضوة 24 ميلاً هوحصن ثم إلى بئر السلاح 30 ميلاً ثم إلى مكة 21 يوماً فيها أربع مياه وثمان في رملة. وإن أردتها من هجر فخذ من الأحساء إلى.ومن أرادها من صنعاء أخذ إلى الريدة مرحلة ثم إلى أثافت ثم إلى خيوان ثم إلى الأعمشية ثم إلى صعدة ثم إلى غرفة ثم إلى المهجرة ثم إلى شروراح ثم إلى الثجة ثم إلى كثبة ثم

 

إلى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.لى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.

 

إقليم العراق

 

 

هذا إقليم الظرفاء، ومنبع العلماء. لطيف الماء، عجيب الهواء، ومختار الخلفاء. أخرج أبا حنيفة فقيه الفقهاء، وسفيان سيد القراء. ومنه كان أبو عبيدة والفراء، وأبو عمرو صاحب المقراء. وحمزة والكسائي وكل فقيه ومقريء وأديب، وسري وحكيم وداه وزاهد ونجيب، وظريف ولبيب. به مولد ابراهيم الخليل، وإليه رحل كل صحابي جليل. أليس به البصرة التي قوبلت بالدنيا، وبغداد الممدوحة في الورى، والكوفة الجليلة وسامرا، ونهره من الجنة بلا مرا. وتمور البصرة فلا تنسى، ومفاخره كثيرة لا تحصى. وبحر الصين يمس طرفه الأقصى، والبادية إلى جانبه كما ترى. والفرات بقربه من حيث جرى، غير أنه بيت الفتن والغلا. وهو في كل يوم إلى وراء، و.، الجور والضرائب في جهد بلاء. مع ثمار قليلة، وفواحش كثيرة، ومؤن ثقيلة. وهذا شكله ومثاله والله أعلم وأحكم. وقد جعلناه ست كور وناحية، وكانت الكور في القديم غير هذه إلا حلوان، ولكنا أبداً نجري الأمر على ما عليه الناس، وأدخلنا الكور القديمة والقصبات في الاجناد وأسم هذه الكور والقصبات واحد فأولها من قبل ديار العرب الكوفة ثم البصرة ثم واسط ثم بغداد ثم حلوان ثم سامرا. فأما الكوفة فمن مدنها: حمام ابن عمر، الجامعين، سورا، النيل، القادسية، عين التمر. وأما البصرة فمن مدنها: الأبلة، شق عثمان، زبان، بدران، بيان، نهر الملك دبا، نهر الامير أبو الخصيب، سليمانان، عبادان، المطوعة، والقندل، المفتح، الجعفرية. وأما واسط فمن مدنها: فم الصلح، درمكان، قراقبة، سيادة، باذبين، السكر، الطيب، قرقوب، قرية ا لرمل، نهر تيرى، لهبان، بسامية أودسة. وأما بغداد فمن مدنها: النهروان، بردان، كارة، الدسكرة، طراستان، ها رونية، جلولا، باجسري، با قبة، إسكاف، بوهرز، كلواذى، درزيجان، المداين، كيل، سيب، دير العاقول، النعمانية، جرجرايا، جبل، نهر سابس، عبرتا، بابل، عبدس، قصر هبيرة. وأما حلوان فمن مدنها: خانقين، زبوجان، شلاشان، الجامد، الحر، السيروان، بندنيجان. وأما سامرا فمن مدنها: الكرخ، عكبرا، الدور، الجامعين، بت راذانان، قصر الجص، جوى، أيوا نا، بريقا، سند ية، راقفروبة، دمما، الأنبار، هيت، تكريت، 1 لسن. فإن قال قائل لم جعلت بابل في الجند وإليها كان ينسب الإقليم في القديم، ألا ترى أن الجيهاني ابتدأ بذكر هذه النواحي وسماها إقليم بابل، وكذلك سماها وهب في المبتدأ وغيره من العلماء. قيل له قد تحرزنا من هذا السؤال. ونظائره بأنا أجرينا علمنا على التعارف كاالإيمان، ألا ترى أن رجلاً لو حلف أن لا يأكل رؤوساً فأكل من رؤوس البقر والغنم حنث. وقال أبو يوسف ومحمد لا يحنث، وسمعت الأئمة من مشايخنا يقولون لا نعد هذا خلافاً بينهم لأن في وقت أبي حنيفة كانت تباع وتؤكل ثم زالت تلك العادة في زمانهما. وقد شققنا الاسلام طولاً وعرضاً فما سمعنا الناس يقولون ألا هذا إقليم العراق وأكثر الناس لا يعلمون أين بابل، ألا ترى إلى جواب أبي بكر لعمر لما سأله أن يبعث جيوشه إلى هذه الناحية فقال: لان يفتح الله على يدي شبرا من الأرض المقدسة أحب إلى من رستاق من رساتيق العراق ولم يقل من رساتيق بابل. فإن قال في قول الله تعالى:  وما أنزل على الملكين ببابل  دليل على ماذكرنا قيل له هذا الاسم قد يجوز أن يتناول الإقليم والمدينة جميعاً، ووقوعه على المدينة مجمع عليه، لأن أحداً لا ينازع أحداً في اسمها، وفي وقوعه على الإقليم اختلاف فمن أوقعه عليه وجب عليه الدليل.

 

 

الكوفة: قصبة جليلة خفيفة حسنة البناء جليلة الاسواق كثيرة الخيرات جامعة رفقة. مصرها سعد بن أبي وقاص أيام عمر، وكل رمل خالطه حصى فهو كوفة ألا ترى إلى أرضها، وكان البلد في القديم الحيرة وقد خربت. وأول من نزلها من الصحابة علي بن أبي طالب، وتبعه عبد الله بن مسعود وأبو الدرداء ثم تتابعوا كلها. والجامع على ناحية الشرق على أساطين طوال من الحجار الموصلة بهى حسن، والنهر على طرفها من قبل بغداد. ولهم آبار عذيبية حولها نخيل وبساتين، ولهم حياض وقني. محلة الكناسة: من قبل البادية، وهو بلد مختلٌ قد خرب أطرافه وقد كان نظير بغداد. والقادسية: مدينة على سيف البادية، تعمر أيام الحاج ويحمل إليها كل خير، لها بابان وحصن طين، وقد شق لهم نهر من الفرات إلى حوض على باب بغداد، وثم عيون عذيبية وماءٌ آخر يجرونه عند باب البادية أيام الحاج، وهي سوق واحد الجامع فيه. سورا: مدينة بها فواكه كثيرة وأعناب، آهلة وسائر المدن صغار آهلات. عين التمر: حصينة في أهلها شرهٌ.

البصرة: قصبة سرية أحدثها المسلمون أيام عمر، كتب إلى صاحبه ابن للمسلمين مدينةً بين فارس وديار العرب وحد العراق على بحر الصين، فاتفقوا على موضع البصرة، ونزلها العرب ألا تراها إلى اليوم خططاً، ثم مصرها عتبة بن غزوان، وهي شبه طيلسان قد شق إليها من دجلة نهران نهر الابلة ونهر معقل، فإذا اجتمعا مدا عليها، وتشعب إليها أنهار إلى ناحية عبادان وناحية المذار، فطولها ممتد على النهر، ودورها في البر إلى البادية، ولها من هذا الوجه باب واحد، وهي من النهر إلى الباب نحو ثلاثة أميال. وبها ثلاثة جوامع أحدها في الاسواق بهيٌ جليل عامر آهل ليس بالعراق مثله على أساطين مبيضة، وجامع آخر على باب البادية وهو كان القديم، وآخر على طرف البلد. وأسواقها ثلاث قطع الكلاء على النهر، وسوق الكبير، وباب الجامع، وكل أسواقها حسنة. والبلد أعجب إلى من بغداد لرفقها وكثرة الصالحين بها. وكنت بمجلس جمع فقهاء بغداد ومشايخها فتذاكروا بغداد والبصرة فتفرقوا على أنه إذا جمعت عمارات بغداد وأندر خرابها لم تكن أكبر من البصرة. وقد خرب طرف البصرة البري. واشتق اسمها من الحجارة السود كان يثقل بها مراكب اليمن فتلقى ثم وقيل لا بل حجارة رخوة تضرب إلى البياض، وقال قطرب من الأرض الغليظة. وحماماتها طيبة والأسماك والتمور بها كثيرة ذات لحم وخضر وأقطان وألبان وعلوم وتجارات، غيرأنها ضيقة الماء، منقلبة الهواء عفنة عجيبة الفتن. الأبلة: على دجلة عند فم نهر البصرة من قبل الشمال، الجامع أعلى القرية، عامرة كبيرة أرفق من البصرة وأرحب. شق عثمان: بازائها من نحو الجنوب، الجامع في آخرها حسن. وسائر المدن على أنهار من جانبي دجلة عن يمين وشمال وجنوب وشمال، كلهن جليلات كبار. غبادان: مدينة في جزيرة بين دجلة العراق ونهر خوزستان على البحر، ليس وراءها بلد ولا قرية ا إلا البحر، فيها رباطات وعباد وصالحون وأكثرهم صناع الحصر من الحلفاء، غير أن الماء بها ضيق والبحر عليها مطبق. واسط: قصبة عظيمة ذات جانبين وجامعين وجسر بينهما، كثيرة الخير ومعدن السمك، جامع الحجاج وقبته في الغربي في طرف الأسواق بعيد عن الشط متشعث عامر بالقرآن، اختطها الحجاج وسميت واسط لأنها بين قصبات العراق وبين الأهواز، رفقة صحيحة الهواء عذبة الماء حسنة الأسواق واسعة السواد، وقد جعل في طرفي الجسر موضعان يدخل فيهما السفن، وفيهم ظرف. وسائر مدنها صغار مختلة أعمرها الطيب وقرقوب، إلا أن ناحيتها جيدة. الصليق: مدينة على بحيرة طولها أربعون فرسخاً، يتصل ضياعها بسواد الكوفة، شديدة الحر كربة بليذة بقٌ مهلك وعيش ضيق، أدامهم السمك وماؤهم حميم وليلهم عذاب وعقلهم سخيف ولسانهم قبيح مع ملح قليل وكرب عظيم، إلا أنها معدن الدقيق وسلطان رفيق وماءٌ غزير وسمك خطير واسم كبير، وفي الحرب كل صبور وبالنهركل بصير، ولهم موضع يشاكل نهر الأبلة حسن. يليها في الكبر الجامدة وهما من دجلة على ناحية وسائر المدن دونهما، وهذه البطائح بحيرات ومياه ثم مزارع، وللعراق منها رفق عظيم.

 

 

بغداد: مصر الاسلام، وبها مدينة السلام. ولهم الخصائص والظرافة، والقرائح واللطافة، هواءٌ رقيق، وعلم دقيق. كل جيد بها، وكل حسن فيها. وكل حاذق منها، وكل ظرف لها. وكل قلب إليها، وكل حرب عليها، وكل ذب عنها. هي أشهر من أن توصف وأحسن من أن تنعت وأعلى من أن تمدح. أحدثها أبو العباس السفاح ثم بنى المنصور بها مدينة السلام وزاد فيها الخلفاء من بعده. ولما أراد بناء مدينة السلام سأل عن شتائها وصيفها والأمطار والبق والهواء، وأمر رجالاً حتى يناموا فيها فصول السنة حتى عرفوا ذلك ثم استشار أهل الرأي من أهلها فقالوا نرى أن تنزل أربع طساسيج في الجانب الشرقي بوق وكلواذي، وفي الغربي قطربل وبادوريا، فتكون بين نخل وقرب ماءٍ، فإن أجدب طسوج أو أخرت عمارته كان في الآخر فرج، وأنت على الصراة تجيئك الميرة في السفن الفراتية، والقوافل من مصر والشام في البادية، وتجيئك آلات من الصين في البحر، ومن الروم والموصل في دجلة، فأنت بين أنهار لا يصل إليك العدو إلا في سفينة أو على قنطرة على دجلة وفرات. فبناها أربع قطع مدينة السلام وبادوريا والرصاقة وموضع دار الخليفة اليوم. وكانت أحسن شيء للمسلمين وأجل بلدٍ وفوق ما وصفنا حتى ضعف أمر الخلفاء فاختلت، وخف أهلها، فأما المدينة فخراب، والجامع فيها يعمر في الجمع، ثم يتخللها بعد ذلك الخراب. اعمر موضع بها قطيعة الربيع والكرخ في الجانب الغربي، وفي الشرقي باب الطاق وموضع دار الأمير، والعمارات والأسواق بالغربي أكثر، والجسر عند باب الطاق إلى جانبه بيمارستان بناه عضد الدولة، حصل في كل طسوج مما ذكرنا جامع، وهي في كل يوم إلى ورا، وأخشى أنها تعود كسامرا. مع كثرة الفساد والجهل والفسق وجور السلطان. أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي بجرجان، قال: حدثنا ابن ناجية، قال: حدثنا ابراهيم الترجماني، قال: حدثنا سيف بن محمد، قال: حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي، قال: كنت مع جرير بن عبد الله

 

فقال: أي شيءٍ يدعى هذا النهر، قالوا: دجلة، قال: فهذا النهر الآخر، قالوا: دجيل. قال: فهذا النهر، قالوا: صراة، قال: النخل، قا لوا: قطربل، قال: فركب فرسه وأسرع ثم قال: سمعت رسمول الله صلى الله عليه وسلم يقول تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة تجبي إليها خزائن الأرض وجبابرتها يخسف بهم فهم أسرع هوياً في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة ه. وأنهار الفرات تقلب في دجلة في جنوبيها وما حاذى المدينة وما شماليها دجلة حسب. وتجرى في هذه الشعب الفراتية السفن إلى الكوفة وفي دجلة إلى الموصل. وذكر الشمشاطي في تاريخه أن المنصور لما أراد بناء مدينة السلام، أحضر أكبر من عرف من أهل الفقه والعدالة والأمانة والمعرفة بالهندسة، وكان فيهم أبو جنيفة النعمان ابن ثابت والحجاج بن أرطاة، وحشر الصناع والفعلة من الشام والموصل والجبل وسائر أعماله وأمر بخطها وحفر الأساسات في سنة 145 وتمت في سنة 49. وجعل عرض السور من أسفل خمسين ذراعاً، وجعلها بثمانية أبواب أربعة داخلة صغار وأربعة خارجة كبار، باب البصرة وباب الشام وباب خراسان وباب الكوفة، وجعل الجامع والقصر وسطها، وقبلة جامع الرصافة أصح منه. ووجدت في بعض خزائن الخلفاء أن المنصور أنفق على مدينة السلام أربعة آلاف ألف ئمانمائة وثلاثة وثلاثين درهماً، لأن أجرة الاستاذ كانت قيراطاً والروزكاري حبتين. النهروان: مدينة ذات جانبين الشرقي أعمر، رحبة عامرة، بينهما الجسر الجامع في الجانب الشرقي، والحاج ينزلون على هذا الشط. الدسكرة: مدينة صغيرة، سوقها واحد طويل الجامع أسفله غامٌ بآزاج. جلولا: حولها أشجار غير حصينة، وهذه المدن وخانقين على جادة حلوان ليس لهن بهاءٌ ولا هن لائقات ببغداد. صرصر: إيضاً كبعض قرى فلسطين، النهر إلى جانبها وكذلك نهر الملك والضراة قرى. وأما قصر هبيرة فمدينة كبيرة جيدة الأسواق، يجيئهم الماء من الفرات، كثيرة الحاكة واليهود والجامع في السوق. بابل: صغيرة نائية عن الطريق، والجادة على جسرها. وسائر مدن هذا الوجه على ما وصفنا مثل النيل وعبدس وكوثا ومدينة ابراهيم كوثاربا. وثم تلال قالوا هي رماد نار نمرود، وبقرب كوثا الطريق شبه منارة لهم فيها كلام. وليس على دجلة من نحو واسط مدينة أجل من دير العاقول كبيرة عامرة آهلة، الجامع ناءٍ عن السوق والأسواق متشعبة جيدة تشاكل مدن فلسطين. تليها في الكبر جبل عامرة. آهلة الجامع في السوق لطيف. ثم النعمانية صغيرة الجامع في السوق. ثم جرجرايا وقد كانت عظيمة، وهي اليوم مختلة متقطعة العمارة الجامع بقرب الساحل عامر، ولهم ماءٌ يدور حول قطعة من المدينة. وهذه المدن التي ذكرنا على غربي دجلة وسائر المدن صغار. وفي وجه سامرا مدينة عكبرا وهي كبيرة عامرة، كثيرة الفواكه جيدة الاعناب سرية. وأما المداين فهي من نحو واسط عامرة بناؤهم من الآجر والجامع في السوق. ومن نحو الشرق أسبانبر ثم قبر سلمان وايوان كسرى. فهذه مدن بغداد، وبخراسان قرى كثيرة أجل من أكثر هذه المدن.

 

 

سامرا: كانت مصراً عظيماً ومستقر الخلفاء في القديم، اختطها المعمصم وزاد فيها بعده المتوكل، وصارت مرحلة، وكانت عجيبة حسنة حتى سميت سرور من رأى ثم اختصر فقيل سرمري، وبها جامع كبير كان يختار على جامع دمشق قد لبست حيطانه بالميناء وجعلت فيه اساطين الرخام وفرش به وله منارة طويلة وأمور متقنة وكانت بلداً جليلاً والآن قد خربت، يسير الرجل الميلين والثلاثة لا يرى عمارة وهي من الجانب الشرقي وفي الغربي بساتين، وكان قد بنى ثم كعبة وجعل طوافاً واتخذ منى وعرفات، غربه أمراء كانوا معه لما طلبوا الحج خشية أن يفارقوه، فلما خربت وصارت إلى ما ذكرنا سميت ساء من رأي ثم اختصرت فقيل سامرا. الكرخ: مدينة متصلة بها، واعمر منها من نحو الموصل، وسمعت يوماً القاضي أبا الحسين القزويني يقول: ما أخرجت بغداد فقيهاً قط إلا أبا موسى الضرير، قلت: فأبو الحسن الكرخي، قال: لم يكن من كرخ بغداد وإنما كان من كرخ سامرا. الأنبار: مدينة كبيرة أول ما نزل المنصور بها وثم داره وقد خفت. هيت: كبيرة عليها سور على الفرات بقرب البادية. تكريت: كبيرة معدن السمسم وصناع الصوف، وللنصارى بها دير يقصد. علث. مدينة كبيرة يجر إليها نهر من دجلة وآبارها قريبة حلوة آهلة كثيرة الاجلة. السن: كبيرة على دجلة عليها من الشرق نهر الزاب والجامع في الأسواق بناؤهم حجارة والجبال منها قريبة على تخوم أقور. ومدن سامرا أجل من مدن بغداد.

حلوان: قصبة صغيرة سهلية جبلية يحيط بها بساتين وأعناب وتين، قريبة من الجبال ولها سوق طويل وحصن عتيق ونهر صغير وقهندز فيه الجامع، ولها ثمانية دروب: درب خراسان درب الباقات درب المصلى درب اليهود درب بغداد درب برقيط درب اليهودية درب ماجكان. وثم كنيسة اليهود يعظمونها خارج البلد من الجص والحجارة، وبيت المقدس أكبر وأجل وأعمر وأظرف وأكثر مشايخ وعلماء منها. ومدائن هذه الكورة صغارخراب لا يسوى ذكرها. وأما دجلة: فإنها ماءٌ أنثى، لطيف جيد للمتفقهة، وكان أبو بكر الجصاص يأمر أن يحمل له لماء من فوق نهر الصراة قبل أن يلقاه الفرات، وهذه دجلة تظهر من أقور، وسنذكر أصلها فيه، ثم يلقاها عدة من الأنهار في هذا الإقليم وينحدر عليها من الفرات بكورة بغداد أربعة أنهار: الصراة نهر عيسى نهر صرصر نهر الملك، ويلقاها من الشرق مياه النهروانات تحت بغداد، فإذا جاوزت واسط تبطحت وصعب سلوكها إلى تخوم البصرة، والسفن فيها أبداً شبالاً وزقافاً ولهم في ذلك رفق. والناس ببغداد يذهبون ويجيئون ويعبرون في السفن وترى لهم جلبة وضوضاءً، وثلثا طيب بغداد فى ذلك الشط.

وأما الفرات: فإنه نهر ذكرٌ، فيه صلابة وأصله من بلد الروم، يتقوس على طائفة من هذا الإقليم ثم يصل إلى الكوفة بعد ما تشعب ثم ينحدر إلى غربي واسط فيتبطح في بحيرة عظيمة يحيط بها قرى عامرة ولا يجاوزها، وتجري فيه السفن من الرقة. وأعلم أن العراق ليس ببلد رخاءٍ ولكن جل وعمر بهذين النهرين وما يحمل فيهما وببحر الصين المجاور له، واختصت بغداد برقة الهواء الذي لا يرى مثله، بلى قل في البصرة ما شئت من مياهها وبركها ومدها وجزرها. أخبرنا أبو الحسن مطهر بن محمد برامهرمز، قال: حدثنا أحمد بن عمروبن زكرياء، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بحر، قال: حدثنا أبو شعيب القيسي، قال: حدثني أشرس، قال: سألت ابن عباس عن الجزر والمد، قال: ملك موكل بقاموس البحر أذا وضع رجله فاض فإذا رفع رجله غاض الماء، والجزر والمد أعجوبة على أهل البصرة ونعمة يزورهم الماء في كل يوم وليلة مرتين، ويدخل الأنهار ويسقي البساتين ويحمل السفن إلى القرى. فإذا جزر أفاد أيضاً عمل الأرحية لأنها على أفواه الأنهار، فإذا خرج الماء أدارها، ويبلغ المد إلى حدود البطائح وله وقت يدور مع دور الاهلة.

جمل شؤون هذا الإقليم

هواء هذا الإقليم مختلف، فبغداد وواسط وما دخل في هذا الصقع بلد رقيق

 

الهواء سريع الانقلاب ربما توهج في الصيف وآذى ثم انقلب سريعاً، والكوفة بخلافه، ويكون بالبصرة حر عظيم، غير أن الشمال ربما هبت فطاب. وقرأت في أخبار البصرة عيشنا في البصرة عيش ظريف، أن هبت شمال فنحن في طيب وريف، وإن كانت جنوب فانا في كنيف. ورأيتهم إذا كانت جنوب في ضيق صدر، يلقى الرجل صاحبه فيقول ألا ترى ما نحن فيه فيجيبه نرجو من الله الفرج، وربما نزل عليهم شبيه الدبس بالليل. وحلوان معتدلة الهواء، البطائح نعوذ بالله منها ومن شاهدها في الصيف رأى العجب، إنما ينامون في الكلل، وثم بق له حمة كالإبرة إنما هي نحيرة.

والمدينة كثيرة الفقهاء والقراء والأدباء والأئمة والملوك بخاصية بغداد والبصرة وللمذكرين به أدنى صيت، ويحمل إليهم الثلج من البعد وهو بارد في الشتاء ربما جمد الماء في البصرة وجميع بغداد، وأهل الكوفة والبصرة سمر. وبه مجوس كثيرة وذمته نصارى ويهود، وقد حصل به عدة من المذاهب الغلبة ببغداد للحنابلة والشيعة، مع جليلة فقهاء العراقين بالأعوام، به مالكية وأشعرية ومعتزلة ونجارية، وبالكوفة الشيعة إلا الكناسة فإنها سنة، وبالبصرة مجالس وعوام السالمية وهو قوم يدعون الكلام والزهد وأكثر المذكرين بها منهم ولا يتعاطون الفقه فمن تفقه منهم تفقه لمالك، وذكروا أن صاحبهم ابن سالم كان يتفقه لأبي حنيفة، وسالم كان غلام سهل بن عبد الله التستري، ورأيتهم قوماً فيهم رزق وصالحون إلا أنهم يفرطون في أطراء صاحبهم، وقد اختلفت إليهم المدة المديدة وعرفت سرائرهم وحللت من قلوبهم لأني رجل أحب أهل النسك وأميل إلى أهل الزهد كائناً ما كانوا، ولهم رقة في الكلام وتصانيف وترفع مجالسهم وبعد خلافهم. وأكثر أهل البصرة قدرية وشيعة وثم حنابلة، وببغداد غالية يفرطون في حب معاوية ومشبهة وبربهارية. وكنت يوماً بجامع واسط وإذا برجل قد اجتمع عليه الناس، فدنوت منه فإذا هو يقول حدثنا فلان عن فلان عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يدني معاوية يوم القيامة فيجلسه إلى جنبه ويغلفه بيده ثم يجلوه على الخلق كالعروس، فقلت له بماذا بمحاربته علياً رضي الله عن معاوية، وكذبت أنت يا ضال، فقال: خذوا هذا الرافضي فاقبل الناس علي فعرفني بعض الكتبة فكركرهم عني.

والغالب على فقهاء هذا الإقليم وقضاته أصحاب أبي حنيفة. وكنت يوماً في مجلس أبي محمد السيرافي، فقال: أنت رجل شاميٌ وأهل ناحيتك أصحاب حديث يتفقهون للشافعي فلم تفقهت لأبي حنيفة، قلت: لخلال ثلاثٍ أيد الله الفقيه، قال: وما هن، قلت: أما واحدة فأني رأيت اعتماده على قول علي رضي الله عنه وقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا مدينة العلم وعليٌ بابها وقال أقضاكم علي يعني افقهكم، وعلى قول عبد الله بن مسعود وقال عم رضيت لأمتي ما رضى لها ابن أم عبد وقال كنيف ملئ علماً وقال خذوا ثلثي دينكم عن ابن أم عبد وعلم أهل الكوفة عن هذين الرجلين لا محالة. والخلة الثانية رأيته أقدم الأئمة وأقربهم إلى الصحابة وأورعهم وأعبدهم، وقد قال: عليكم بالعتيق وقال النبي صلى الله عليه وسلم  خياركم القرن الذي أنا فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب وكان في زمن الصدق والصادقين  . والخلة الثالثة رأيت الجميع قد فارقوه في مسألة أصاب فيها عياناً واخطأوا، قال: وما هي، قلت: قد علم الشيخ أن من مذهبه أنه لا يجوز أخذ الأجرة على القرب، ورأيت من حج بأجرة انتكس قلبه، فإن عاد أزداد نكوساً وقل ورعه حتى ربما أخذ الحجتين والثلاث ولم أر لهم بركة ولا جمعوا منه مالاً قط، وكذلك الأئمة والمؤذنون ونظائرهم، لأنهم استحقوا أجرهم على الله فأخذوه من خلقه، قال: لقد دققعت النظر يا مقدسي واحتطت لنفسك، فإن قال قائل أبو حنيفة مطعون عليه قيل له إعلم أن الخلق على ثلاثة ضروبٍ: ضرب قد اجمع الناس على سدادهم وضرب قد اجمع الجمهور على فسادهم وضرب قد مدحهم بعضٌ وذمهم بعض وهم أفضل الثلاثة فخذ قياسهم من الصحابة. فالمحمودون ابن مسعود ومعاذ وزيد، والمذمومون عبد الله بن أبي، والأفضلون الخلفاء الأربعة. وقد علمت ما يقول فيهم الخوارج وجهال الشيعة، فأبو حنيفة إن كان طائفة من الحمقى يذمونه فخلائق من أهل الفضل يدعون له ويحمدونه مع ما فتح الله على قلبه حتى فرع الشريعة واراح الخليقة ثم اختياره الضرب والسجن على القضاء فمثل أبي حنيفة لايرى.

 

 

والقراءات السبع مستعملة في الإقليم وكانت في القديم ببغداد حروف حمزة وحروف يعقوب الحضرمي بالبصرة ورأيت أبا بكر الجرتكي يؤم بها في الجامع ويذكر أنها قراءة المشايخ. ولغاتهم مختلفة أصحها الكوفية لقربهم من البادية وبعدهم عن النبط ثم هي بعد ذلك حسنة فاسدة بخاصة بغداد. وأما البطائح فنبط لا لسان ولا عقل. ولا بأس بالتجارات فيه، ألم تسمع بخز البصرة وبزها وطرائفها وبأرزها، هي معدن اللآلي والجواهر وفرضة البحر ومطرح البر وبها يصنع الراسخت والزنجفر والزنجار والمرداسنج، ومنها تحمل التمور إلى الأطراف والحناء ولهم خزٌ وبنفسج وماورد. وبالأبلة تعمل ثياب الكتان الرفيعة على عمل القصب. وبالكوفة عمائم الخز والبنفسج في غاية الجودة. وبمدينة السلام الطرائف وألوان ثياب القز وغير ذلك وبه عبادانيٌ حسن وسامان رفيع. ومن خصائصهم بنفسج الكوفة وأزاذها، ومحكم بغداد وطرائفها، ومعقلى البصرة، وتين حلوان، وشيم واسط وبنيها، ويصنع بالنعمانية أكسية وثياب صوف عسلية حسنة، وببغداد أزر وعمائم يكانكي رفيعة ومناديل القصرية والبويبية، وصوف تكريت، والستور الواسطية. ومكاييلهم القفيز ثلاثون منا، والمكوك خمسة امناء، والكيلجة منوان، ورطلهم نصف المن. ونقودهم بالوزن غير أن سنجهم أشف من الخراسانية. من رسومهم التجمل والتطيلس يكثرون التنعل وتسطيل العمائم ولبس الشروب أقل ما يقورون الطيالسة. وإذا كان بوقت حمل التمر الحديث إلى واسط نظر أول سفينة تصل فيزين لها ذلك البيع الشط إلى دكانه بالأنماط والستور. ويجعلون على جنائز النساء قباباً عالية وحشةً. وللهراسين مواضع فوق دكاكينهم فيها الحصر والموائد والمري خدام وطشوت وأباريق وأشنان، فإذا انحدر الرجل دفع دانقاً. وإذا كان أول البنفسج داروا به في الأسواف وتجملوا عليه. وعلى أبواب الجامع مياضيء بالكرى. ويلبس الخطباء الأقبية والمناطق ولا يطربون في الأذان ولهم رسوم كثيرة حسان.

 

 

وأكثر مياههم ماء دجلة والفرات والزاب والنهروانات ومنها سقي مزارعهم، والماء بالبصرة ضيق لأنه يحمل في السفن من الأبلة، وأما الماء الملاصق لها فغيرحلو ولا طيب ويقال فيه ثلثه ماء البحر وثلثه ماء الجزر وثلثه ماخ الحجر لأن الماء إذا جزر شمرت شطوط الأنهار فبلذ الناس عليها ثم يقبل المد فيحمل تلك البلاذات. وإذا هبت الجنوب سخن الماء. تقع عصبإت وحشة بالبصرة بين الربعيين وهم شيعة وبين السعديين وهم سنة، ويدخل فيها أهل الرساتيق، وقل بلد إلا وبه عصبيات على غير المذهب. والمشاهد به كثيرة بكوثا ولد ابراهيم واوقدت ناره، وبالكوفة بنى نوح سفينته وفارتنوره، وثم آثارات علي وقبره وقبرالحسين ومقتله. وبالبصرة قبر طلحة وزبير وأخي النبي والحسن البصري وأنس بن مالك وعمران بن حصين وسفيان الثوري ومالك بن دينار وعتبة الغلام ومحمد بن واسع وصالح المري وأيوب السختياني وسهل التستري ورابعة العدوية وثم قبر ابن سالم. وببغداد قبر أبي حنيفة قد بنى عليه أبو جعفر الزمام صفة، وقبر إلى جانبه خلف سوق يحيى وقبر أبي يوسف في مقبرة قريش وقبرأحمد بن حنبل ومعروف الكرخي وبشر الحافي وغيرهم. وقبر سلمان بالمداين، وبالكوفة قبر نبي أظنه يونس عليه السلام. وفي أخلاقهم وطاءٌ وهم أهل الظرف غير أن العيارين إذا تحركوا ببغداد هلكوا والفساد كثير، وبالبصرة صالحون وزهاد وورعون ومستورون ويؤخرون الظهر ويعجلون العصر ويستقرون بالجامع ليجتمع الناس من الأطراف ويخطب الإمام كل غداة ويدعو، قالوا هي سنة ابن عباس رضي الله عنه. وأما الولايات فهي مستقر خلفاء ولد العباس رضي الله عنه وكان أبداً الأمر أمرهم حتى ضعفوا وغلب عليهم الديلم والآن لا يرون ولا يلتفت إلى رأيهم. فأولهم كان أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن العباس، بويع له سنة 132 ومات سنة 36 بالأنبار، وكان قاضيه يحيى بن سعيد الأنصاري. ثم بويع للمنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد سنة 136 ومات سنة 158، وكان قاضيه عبيد الله بن صفوان وشريك والحسن بن عمارة. ثم جلس بعده المهدي أبو عبد الله بن المنصور سنة 158، وكان قاضيه محمد بن عبد الله بن علاقة وعافية ابن يزيد توفي سنة 169. وبويع للهادي أبي محمد موسى بن المهدي، وكان قاضيه أبو يوسف وسعيد بن عبد الرحمن توفي سنة 70. وجلس بعده الرشيد أبو جعفر هرون بن المهدي ليلة الجمعة رابع عشر ربيع الأول سنة 170، قاضيه الحسين بن الحسن الصوفي ثم عون بن عبد الله المسعودي وحفص بن غياث مات بطوس سنة 193. فبويع الأمين محمد ابنه لسبع خلون من جمادي الآخرة سنة 193 ثم خرج إليه أخوه المأمون فقتله وبويع له سنة 198، قضاته الواقدي ومحمد بن عبد الرحمان المخزومي ثم بشر بن الوليد ثم يحيى بن أكثم وتوفي سنة 218 بطرسوس. وبويع لأبي إسحاق محمد بن الرشيد المعتصم، قاضية أحمد بن أبي دوأد ومات سنة 227. ثم بويع لأبنه أبي جعفر هرون، قاضيه أحمد بن أبي دوأد توفي سنة 232. فبويع لأخيه أبي الفضل جعفر المتوكل، قاضيه جعفربن عبد الواحد الهاشمي وتوفي سنة 247. فبويع لأبنه المنتصر أبي جعفر محمد، قاضيه جعفر بن عبد الواحد توفي سنة 248. ثم بويع لأبنه أبي العباس أحمد المستعين، قاضيه جعفربن محمد ابن عمار، ثم خلع نفسه بعد ثلاث سنين وثمانية أشهر. وبويع للمعتز بن المتوكل، قاضيه الحسن بن محمد بن أبي الشوارب. ثم بويع للمعتمد أبي العباس أحمد بن المتوكل سنة 56، قاضيه ابن أبي الشوارب ومات سنة 79. ثم بويع لأبنه أبي العباس أحمد بن أبي أحمد المعتضد، قاضيه إسماعيل بن إسحاق ويوسف بن يعقوب وابن أبي الشوارب توفي سنة 89. ثم بويع ابنه أبو محمد علي المكتفي، قاضيه يوسف بن يعقوب وابنه محمد توفي سنة95. ثم بويع ابنه أبو الفضل جعفر المقتدر بالله، قاضيه محمد بن يوسف بن يعقوب ثم ابنه يوسف ثم يعقوب أبو عمرو قتل سنة 320. ثم جلس القاهر سنة وستة أشهر ثم الراضي سبع سنين وعشرة أيام ثم المتقي ثلاث سنين واحد عشر شهراً. ثم المستكفي سنة 333، قاضيه أبو عبد الله ابن أبي موسى الضرير ثم كحل سنة 334. واجلسوا المطيع أبا القاسم الفضل، وكل هؤلاء أبناء المعتضد، فبقي له الأمر إلى سنة 363. ثم خلع نفسه وأجلس إبنه عبد الكريم أبا بكر الطائع، قاضيه أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف. وأول من أستولى من الديلم أبو الحسن ابن

 

بويه ثم إبنه بختيار ثم عضد الدولة ثم إبنه بلكارزار ثم إبنه الأكبر أبو الفوارس. وأما الخراج فاعلم أن جربان هذا الإقليم ستة وثلاثون ألف ألف جريب، على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمان، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، هذا ما قدره عمر وختم على خمسمائة ألف من الجوالي، فبلغ جباية السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم. ثم جبا عمر بن عبد العزيز مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم. وجبا الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ليس فيها مائة ألف ألف. وأما البصرة والكوفة فعشرية. وقرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أن إثمان غوال السواد ستة وثمانون ألف ألف وسبعمائة ألف وثمانون ألف درهم، ومن أبواب المال بالسواد أربعة آلاف ألف وثمانية آلاف درهم، وخراج دجلة ثمانية آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم. والعراق يفصل بالطساسيج وهي ستون، لكورة حلوان خمسة ولشاذقباذ ثمانية ولبرماسيان ثلاثة ولبهقباذ لأعلى ستة وللأوسط أربعة ولاردشير بابكان خمسة ولشاذسابور أربعة ولشاذبهمن أربعة ولاستان العال أربعة ولبهقباذ الأسفل خمسة ولشاذهرمز سبعة وللنهروانات خمسة. وأما الضرائب فثقيلة كثيرة محدثة في النهر والبر، وفي البصرة تفتش صعب وشوكات منكرة وكذلك بالبطائح تقوم الأمتعة وتفتش. وأما القرامطة فلهم ديوان على باب البصرة وللديلم ديوان آخر حتى إنه يؤخذ على الغنمة الواحدة أربعة دراهم ولا يفتح إلا ساعة من النهار. وإذا رجع الحاج مكسوا أحمال الآدم والجمال الأعرابية، وكذلك بالكوفة وبغداد، ويؤخذ من الحاج للمحمل ستون ومن الكنيسة أو حمل البز مائة ومن العمارية خمسون، ومائة بالبصرة والكوفة. ومساحة العراق طولاً من البحر إلى السن مائة فرسخ وخمسة وعشرون، وعرضه من العذيب إلى عقبة حلوان ثمانون، فإذا كسرته كان عشرة آلاف فرسخ. وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة ثم إلى القصر مرحلة ثم إلى حمام ابن عمر مرحلة ثم إلى الكوفة مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى المداين مرحلة ثم إلى السيب مرحلة ثم إلى دير العاقول مرحلة ثم إلى جرجرايا مرحلة ثم إلى النعمانية مرحلة ثم إلى جبل مرحلة ثم إلى نهر سابس مرحلة ثم إلى مطارة بريدين ثم إلى الحارله مثلها ثم إلى الإسحاقية مرحلة ثم إلى المحراقة بريدين ثم إلى الحدادية مثلها ثم إلى ترمانة مرحلة ثم إلى واسط مرحلة. وإن شئت فخذ من الحدادية إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى واسط بريدين. ومن المحراقة إلى الجامدة بريدين ومن الحدادية إلى الصليق بريدين. وتأخذ من البصرة إلى الأبلة بريدين ثم إلى بيان مرحلة ثم إلى عبادان مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى السيلحين بريدين ثم إلى الأنبار مرحلة ثم إلى الربّ مرحلة ثم إلى هيت مرحلتين. وتأخذ من بغداد إلى البردان بريدين ثم إلى عكبرا مرحلة ثم إلى باحمشا نصف مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة ثم إلى الكرخ مرحلة ثم إلى جبلتا مرحلة ثم إلى السودقانية مثلها ثم إلى بارما مثلها ثم إلى السن مثلها. وتأخذ من بغداد إلى النهروان بريدين ثم إلى دير بازما مثلها ثم إلى الدسكرة مرحلة ثم إلى جلولا مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من هيت إلى الناؤوسة مرحلة ثم إلى عانة مرحلة ثم إلى آلوسة مرحلة ثم إلى الفحيمة مرحلة ثم إلى الحديثة مرحلة ثم إلى النهية مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى ماذرواستان بريدين ثم إلى المرج مرحلة ثم إلى قصريزيد بريدين ثم إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى قصر عمرو مرحلة ثم إلى قرماسين نصف مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى قصر شيرين مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من الأبلة إلى الخزية مرحلة في الماء ومن الأبلة إلى نهردبا مرحلة ثم إلى فم العضدي مرحلة وعسكر أبي جعفر بازاء الأبلة يعبر إليه. وسميص واسط لأن منها إلى بغداد أو إلى الكوفة أو إلى البصرة أو إلى حلوان أو إلى الأهواز خمسين خمسين فرسخاً، وليست وسط العراق إنما وسطه دير العاقول، والطريق من الكوفة.يه ثم إبنه بختيار ثم عضد الدولة ثم إبنه بلكارزار ثم إبنه الأكبر أبو الفوارس. وأما الخراج فاعلم أن جربان هذا الإقليم ستة وثلاثون ألف ألف جريب، على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمان، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، هذا ما قدره عمر وختم على خمسمائة ألف من الجوالي، فبلغ جباية السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم. ثم جبا عمر بن عبد العزيز مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم. وجبا الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ليس فيها مائة ألف ألف. وأما البصرة والكوفة فعشرية. وقرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أن إثمان غوال السواد ستة وثمانون ألف ألف وسبعمائة ألف وثمانون ألف درهم، ومن أبواب المال بالسواد أربعة آلاف ألف وثمانية آلاف درهم، وخراج دجلة ثمانية آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم. والعراق يفصل بالطساسيج وهي ستون، لكورة حلوان خمسة ولشاذقباذ ثمانية ولبرماسيان ثلاثة ولبهقباذ لأعلى ستة وللأوسط أربعة ولاردشير بابكان خمسة ولشاذسابور أربعة ولشاذبهمن أربعة ولاستان العال أربعة ولبهقباذ الأسفل خمسة ولشاذهرمز سبعة وللنهروانات خمسة. وأما الضرائب فثقيلة كثيرة محدثة في النهر والبر، وفي البصرة تفتش صعب وشوكات منكرة وكذلك بالبطائح تقوم الأمتعة وتفتش. وأما القرامطة فلهم ديوان على باب البصرة وللديلم ديوان آخر حتى إنه يؤخذ على الغنمة الواحدة أربعة دراهم ولا يفتح إلا ساعة من النهار. وإذا رجع الحاج مكسوا أحمال الآدم والجمال الأعرابية، وكذلك بالكوفة وبغداد، ويؤخذ من الحاج للمحمل ستون ومن الكنيسة أو حمل البز مائة ومن العمارية خمسون، ومائة بالبصرة والكوفة. ومساحة العراق طولاً من البحر إلى السن مائة فرسخ وخمسة وعشرون، وعرضه من العذيب إلى عقبة حلوان ثمانون، فإذا كسرته كان عشرة آلاف فرسخ. وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة ثم إلى القصر مرحلة ثم إلى حمام ابن عمر مرحلة ثم إلى الكوفة مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى المداين مرحلة ثم إلى السيب مرحلة ثم إلى دير العاقول مرحلة ثم إلى جرجرايا مرحلة ثم إلى النعمانية مرحلة ثم إلى جبل مرحلة ثم إلى نهر سابس مرحلة ثم إلى مطارة بريدين ثم إلى الحارله مثلها ثم إلى الإسحاقية مرحلة ثم إلى المحراقة بريدين ثم إلى الحدادية مثلها ثم إلى ترمانة مرحلة ثم إلى واسط مرحلة. وإن شئت فخذ من الحدادية إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى واسط بريدين. ومن المحراقة إلى الجامدة بريدين ومن الحدادية إلى الصليق بريدين. وتأخذ من البصرة إلى الأبلة بريدين ثم إلى بيان مرحلة ثم إلى عبادان مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى السيلحين بريدين ثم إلى الأنبار مرحلة ثم إلى الربّ مرحلة ثم إلى هيت مرحلتين. وتأخذ من بغداد إلى البردان بريدين ثم إلى عكبرا مرحلة ثم إلى باحمشا نصف مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة ثم إلى الكرخ مرحلة ثم إلى جبلتا مرحلة ثم إلى السودقانية مثلها ثم إلى بارما مثلها ثم إلى السن مثلها. وتأخذ من بغداد إلى النهروان بريدين ثم إلى دير بازما مثلها ثم إلى الدسكرة مرحلة ثم إلى جلولا مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من هيت إلى الناؤوسة مرحلة ثم إلى عانة مرحلة ثم إلى آلوسة مرحلة ثم إلى الفحيمة مرحلة ثم إلى الحديثة مرحلة ثم إلى النهية مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى ماذرواستان بريدين ثم إلى المرج مرحلة ثم إلى قصريزيد بريدين ثم إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى قصر عمرو مرحلة ثم إلى قرماسين نصف مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى قصر شيرين مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من الأبلة إلى الخزية مرحلة في الماء ومن الأبلة إلى نهردبا مرحلة ثم إلى فم العضدي مرحلة وعسكر أبي جعفر بازاء الأبلة يعبر إليه. وسميص واسط لأن منها إلى بغداد أو إلى الكوفة أو إلى البصرة أو إلى حلوان أو إلى الأهواز خمسين خمسين فرسخاً، وليست وسط العراق إنما وسطه دير العاقول، والطريق من الكوفة.

 

 

 

إقليم آقور

هذا ايضاً إقليم نفيس، ثم له فضل لأن به مشاهد الأنبياء ومنازل الأولياء، به استقرت سفينة نوح على الجودي وبه سكن أهلها، وبنوا مدينة ثمانين وبه تاب الله على قوم يونس وأخرج منه العين، ومنه دخل الظلمات ذو القرنين، وبه كانت عجائب جرجيس مع داذيانه، وفيه أنبت الله تعالى ليونس اليقطينة، ومنه خرج نهر الملة المبارك المذكور دجلة، أليس به مسجد يونس بتل توبة يقولون سبع زورات له يعدلن حجةً مع مشاهد كثيرة وفضائل جمة، ثم هو ثغر من ثغور المسلمين ومعقل من معاقلهم لأن آمد اليوم دار جهادهم والموصل من أجل انضادهم. وجزيرة ابن عمر أحد منازههم، ومع ذلك هو واسطة بين العراق والشام ومنازل العرب في الإسلام. ومعدن الخيل العتاق، ومنه ميرة أكثر العراق. رخيص الاسعار جيد الثمار ومعدن الأخيار. أخبرنا الحاكم أبو نصر منصور بن محمد الحربي محتسب بخارا، قال: حدثنا الهيثم بن كليب، قال: حدثنا أبو يعلى الحسن بن اسماعيل وأبوسليمان محمد بن منصور الفقيه، قالا: حدثنا اسماعيل هو ابن أبي أويسٍ، قال: حدثني كثيربن عبد الله عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أجبل من جبال الجنة وأربعة أنهار من أنهار الجنة وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة، قيل ما الأجبل، قال: أحدٌ يحبنا ونحبه، ومجنة جبل من جبال الجنة، والطور جبل من جبال الجنة. والأنهار النيل والفرات وسيحان وجيحان. والملاحم بدر وأحد والخندق وحنين. والفرات يتقوس على هذا الإقليم وله هذا الفضل، ودجلة ينبع منه ولها الذكر. وبه النعم والمشاهد والثغور والمساجد، إلا أنه بيت الذعار والطريق فيه صعبة، وقد خربت الروم ثغوره. وهذا مثاله وشكله. وقد قسمنا هذا الاقليم على بطون العرب لتعرف ديارهم وتميزها وجعلناه ثلاث كور على على عدة بطونهم، أولها من قبل العراق ديار ربيعة ثم ديار مضر ثم ديار بكر وبه أربع نواحٍ. وأما ديار ربيعة فقصبتها الموصل ومن مدنها: الحديثة، معلثاى، الحسنية، تلعفر، سنجار، الجبال، بلد، أذرمة، برقعيد، نصيبين، دارا، كفرتوثا، رأس العين، ثمانين، وأما ناحيتها فجزيرة آبن غمر ومدنها: فيشابور، باعيناثا، المغيثة، الزوزان. وأما ديار مضر فقصبتها الرقة ومن مدنها: المحترقة، الرافقة، خانوقة، الحريش، تل محرى، باجروان، حصن مسلمة، ترعوز، حران، الرها. والناحية سروج، كفرزاب، كفرسيرين. وأما ديار بكر فقصبتها آمد ومن مدنها: ميافارقين، تل فافان، حصن كيفا، الفار، حاذية، وغيرهن. ومدن الفراتية أكبرهن رحبة ابن طوق، قرقيسيا، عانة، الدالية، الحديثة. ومدن الخابور قصبتها عرايان ومن مدنها: الحصين، الشمسينية، ميكسين، سكير العباس، الخيشة، السكينية، التنانير.

الموصل: هومصرهذا الإقليم بلد جليل حسن البناء طيب الهواء صحيح الماء، كبير الاسم قديم الرسم، حسن الأسواق والفنادق، كثير الملوك والمشايخ لا يخلو من أسناد عالٍ وفقيه مذكور. منها ميرة بغداد وإليه قوافل الرحاب، وله منازه خصائص وثمار حسنة وحمامات سرية ودور بهية ولحوم جيدة وأمور جامعة، غير أن البساتين بعيدة وريح الجنوب مؤذية وماء النهر بعيد المستقى. والبلد شبه طيلسان مثل البصرة ليس بالكبير، في ثلثه شبه حصن يسمى المربعة على نهر زبيدة ويعرف بسوق الأربعاء داخله فضاء واسع به يجتمع الأكرة والحواصيد، على كل ركن فندق وبين الجامع والشط رمية سهم على نشزة يصعد إليه بدرج من نحو الشط ودرجه من قبل الأسواق أقل، كله آزاجات من حجارة باناط، ووجه المغطى بلا أبواب وأكثر الأسواق مغطاة، والآبار مالحة وشربهم من دجلة ومن نهر زبيدة. من دروبه درب دير الأعلى باصلوت درب الجصاصين درب بني ميدة درب الجصاصة درب رحى أمير المؤمنين درب الدباغين درب جميل. والبلد على الشط، وقصر الخليفة على نصف فرسخ من الجانب الآخر عند نونوى القديمة.

 

 

وكان اسم الموصل خولان فلما وصل العرب بها عمارتهم ومصروها سميت الموصل. ونونوى: بقرب الموصل وهي مدينة يونس بن متى، عليها حصن قد أقلبه الريح، وهي الآن مزارع على جانب منها نهر الخوصر. مر جهينة: على دجلة من نحو الموصل ومن نحو العراق، كثيره أبراج الحمام، والحصن من جص وحجر، والجامع وسط البلد. الحديثة: على دجلة أيضاً عند جرف يصعد إليها بدرج والجامع قرب الشط طيلسان بنيانهم طين والجامع وهي شرقية. معلثايا: من نحو آمد صغيرة كثيرة البساتين على نهر بنيانهم طين والجامع على تل. الحسنية: على نهر يقبل من أرمية وهو الذي عليه قنطرة سنجة، والجامع وسط البلد والنهر على جانب. ثمانين: مدينة على نهر غزير يقبل من أرمينية تحت الجودي، وحدثنا أبو سعيد بن حمدان، قال: حدثنا أبو حامد الجلودي، قال: حدثنا أبو هانئ، قال: قرأ أبي علي عبد المنعم بن ادريس عن أبيه عن وهب بن منبه، قال: لما خرج نوح من السفينة بنى قرية وسماها ثمانين وكانت أول قرية بعد الطوفان بناها نوح بعددهم لكل رجل ممن معه بيتاً، فهي أول مدينة بنيت بالجزيرة، جزيرة ابن عمر: بلد كبير، يدور عليه الماء من ثلاثة جوانب ودجلة بينها وبين الجبل، وهي طيبة نزيهة بناؤهم حجارة شرقي دجلة وحلة في الشتاء. باعيناثا: نزهة. طيبة، وهي خمس وعشرون محلة يتخللها البساتين والمياه، ليس مثلها بالعراق مع رفق ورخص. بلد: غزير الدخلة كثيرة القصور حسنة البنيان من جص وحجر، فرجة الأشواق والجامع وسط البلد. أذرمة: صغيرة في البرية، شربهم من آبار وبنيانهم قباب، وبرقعيد كذلك إلا إنها أكبر. نصيبين: هي أنزه وأصغر وأرحب من الموصل، كثيرة الفواكه بها حمامات حسنة وقصور منيفة، ولهم يسار ولباقة، سوقها من الباب إلى الباب، عليها حصن من حجر وكلس، والجامع وسط البلد، ونعوذ بالله من عقاربها. دارا: صغيرة طيبة، لهم قناة تعم البلد وتجري فوق السطوح وتقر في الجامع ثم تنحدر إلى وادٍ، بنيانهم حجارة سود وكلس. سنجار: في مفازة بها نخل كثير، كثيرة الأساكفة، الجامع فيهم، شربهم من ضهر عذيبي وعيون كثيرة، رأس العين: في سهلة أسفلها متخرق بالماء يتفجرعيوناً، ولهم بحيرة صغيرة رأس الماء نحو من قامتين، زلال يطرح الدرهم فلا يخفي في أسفله، بنيانهم حجارة وجصٌ، ولهم بساتين ومزارع، ويقع إليها ثلاثمائة وستون عيناً عذبة تمد إلى الرقة.

آمد: بلد حصين حسن عجيب البناء على عمل إنطاكية، بفصيل شبه كرسي له أبواب وعليه شرف، بينه وبين الحصن فضاءٌ، وهي أصغر من إنطاكية بحجارة سود صلبة وكذلك أساسات الدور، وفيها عيون غربي دجلة رحبة طيبة، ثغر للمسلمين وحصن حصين، الجامع وسط البلد، لها خمسة أبواب باب الماء وباب الجبل وباب الروم وباب التل وباب أنس، صغير يحتاج إليه وقت الحرب، وبعض الحصن على الجبل ولا أعرف للمسلمين اليوم بلداً أحصن ولا ثغراً أجل منها. ميافارقين: بلد طيب حصين له شرف وفصيل بحجارة وخندق، قليلة العلم والبساتين، شربهم من عيون ونهر وحلة في الشتاء بليذة هي كنيف الإقليم. الجبال: حصينة بها قلعة وربض، فيه الجامع على طرفٍ، شربهم من قنى عذيبية، وبناؤهم من حجر وطين وسورهم غير منيع. تل فافان: من ناحية الجبل بين دجلة ورزم، حولها بساتين والأسعار بها رخيصة، وأسواقها مغطاة، بناوهم طين. حصن كيفا: كثيرة الخير، وبها قلعة حصينة وكنائس كثيرة، شربهم من دجلة. والفار وحاذية دونهن. فهذا ما عرفنا من مدن هذه الكورة، وفي بدليس كلام واختلاف نذكره في إقليم الرحاب.

 

 

الرقة قصبة ديار مضر على الفرات بحصن عريض يسيرعلى متنه فارسان، غيركبيرة، ولها بابان، غير أنها طيبة نزهة قديمة الخطة حسنة الأسواق كثيرة القرى والبساتين والخيرات ومعدن الصابون الجيد والزيتون، ولها جامع عجيب، وحمامات طيبة، قد ظللت أسواقها وبربقت قصورها وانتشر في الإقليمين ذكرها، فالشام على تخمها والفرات إلى جنبها والعلم كثير بها، إلا أن الأعراب بها محيطة والطرق إليها صعبة. والرقة المحترقة قريبة منها قد خفت وخربت الرافقة هي ربض الرقة، الجامع في الصاغة وجامع الرقة في البزازين فيه شجرتا عناب وشجرة توت، وبالقرب مسجد معلق على عمود. حران: مدينة نزيهة وعليها حصن من حجارة على عمل إيليا في حسن البناء بها قناة لا يعلم من أين تقبل، والجامع متطرفٌ، وسقي مزارعهم من آبار وهي جيدة الأقطان، وبصحة موازينهم تضرب الأمثال. الرها: على عمل الطيب محصنة، والجامع على طرف شعث، وبها كنيسة عجيبة بازاج ملبسة بالفسافساء هي أحد عجائب الدنيا. وأما ناحية الخابور فقصبتها عرابان وهي تل رفيع، حولها بساتين والأسعار بها رخيصة ولهم مزارع كثيرة، وسائر المدن رحبة. وناحية الفرات أجلها الرحبة: مدينة كبيرة من نحو البادية طيلسان، ولها حصن وربض. وبقية المدن من جانب البادية عامرات.

جمل شؤون هذا الإقليم

أما الهواء والرسوم فمقاربة للشام مشابهة للعراق، وبه مواضع حارة، وبه نخيل مثل سنجار ومدن الفرات، وكورة آمد باردة لقربها من الجبال واصح بلدانة هواءً الموصل. وأكثر بنيانهم الحجارة ولا أعرف به ماءً ردياً ولا وادياً وبياً ولا طعاماً لا تجده مرياً. وليس به مجوس ومعدن الصابئين بالرها وحران في جميع المملكة. وليس فيه بحيرة ولا يتصل ببحر ولا للمذكرين به صيت ولا للرزق به سوق.

 

 

ومذاهبهم سنة وجماعة إلا عانة فإنها كثيرة المعتزلة ولا ترى في الرأي غير مذهب أبي حنيفة والشافعي وفيه حنابلة وجلبة للشيعة، لم تقسم الأهواء قلوبهم ولا يتعاطى الكلام فقهاؤهم يختارون قراءة عبد الله بن عامر. واتفق حرب البجاة مع الحبوش وقت كوني بزبيد، فاستخلفني القاضي اصلي بهم العشائين، فقال لي يوماً القوم لك شاكرون وأنا لك لائم، قلت: على ماذا أيد الله القاضي، قال: أنت رجل تتفقه لأهل الكوفة فلم لا تقرأ بحروفهم وما الذي أمالك إلى قراءة ابن عامر، قلت: خلال أربع، قال: وماهن، قدت: أما الأولى فإن ابن مجاهد روى عن ابن عامر ثلاث روايات إحداهن أنه قرأ على عثمان بن عفان، والثانية أنه سمع القرآن من عثمان وهو صبي، والثالثة أنه قرأ على من قرأ على عثمان وليس هذا لغيره من أئمة القراء، بل بين كل واحد وبين علي وعبد الله وأبى وابن عباس رجلان أو ثلاثة، فمن بينه وبين عثمان الذي قد اجمع المسلمون على مصحفة واتفقوا على جمعه وتداولوه رجل أحق بأن يقرأ له ممن بينه وبين من لا يستعمل جمعه ولا وقع الإتفاق على مصحفه رجلان وثلاثة وايضاً رأيت المصاحف القديمة بالشام ومصر والحجاز المنسوبة إلى عثمان فإذا هي لا تخالف حروف ابن عامر في شيء. والخلة الثانية رأيت قراءة ابن عامر قياسية، إذا استعمل التاء أو التثقيل في موضع أجراه في جميع النظائر، وغيره يقول في سورة كذا بالتاء وفي سورة كذا بالياء وفي موضع سداً وموضع آخر سدًا وخراجاً وخرجاً وكرهاً وكرهاً وأمثال هذا كثير، وكنت رجلاً قد اردت التففه فرايتها علي أهون وإلى طريقة الفقه أقرب. والخلة الثالثة رأيت بقية القراء قد اختلفت عنهم الروايات من ثلاث إلى ثلاثين، وابن عامر لم يرو عنه إلا يحيى حسب وإنما وقع الإختلاف عن يحيى لأن ابن ذكوان وهشام بن عمار قرءا على يحيى، فعلمت أنه كان متقناً على يقين من قراءته. والرابعة إني رجل شامي وقد فارقتهم في المذهب فلم أحب أن أفارقهم في المقرأ بعد ما صح الرجحان عندي. فقال القاضي لله درك يابا عبد الله ما أحسن ما أتيت به، ولقد جلت هذه القراءة عندي بعد ما كنت فيها من الزاهدين. فان قال خصم أوليس قد ناقض ابن عامر في غيرموضع اجبناه لو لم يناقض لزهدنا في قراءته وظننا به الظنون، لأن القراءات لا تؤخذ بالقياس فلما ناقضنا علمنا أنه متبع وناقل إلا أن نقله وافق القياس. فإن قال أوليس قد طعن فيه السلف ولحنوه في حروف اجبناه أن أحداً من أئمة القراء لم يسلم من الطعن، الا ترى أنهم قد طعنوا على عاصم وحمزة في ضعف وعلى أبي عمرو في ننسأها وفي هذين وقد احتج الكبراء للجميع وصوبوا مذاهبهم، ولا يطعن في الأئمة إلا جاهل. فإن قال ابن عامر مجهول وقراءته غيرمشهورة جبناه لو كان ابن عامر بالحجاز أو بالعراق ما جهل ولا شذت قراءته، لكنه لما كان بمصر متطرفاً قل الواردون عليه والناقلون عنه، الا ترى أن الأوزاعي كان من أئمة الفقه وقد بطل مذهبه لهذا المعنى، فلوكانا على سابلة الحاج لنقل مذهبيهما أهل الشرق والغرب. فإن قال الست ممن لقي مشايخ العلم والورع وأكثرهم ينهون عن التجريد ويختارون قراءة العامة اجبناه بلى، لكني لما سافرت وشاهدت أئمة المقرئين أحببت التلاوة عليهم وأخذ الفوائد منهم، فكنت إذا قرأت بالجائز هونوا امري وأحالوني على تلاميذهم فإذا جردت أقبلوا علي. والمياه واسعة أكثرها من دجلة والفرات والخابور وهو نهر من عيون تجتمع وتصب إلى الفرات، وأما أصل دجلة العراق فإنها تخرج من تحت كهف الظلمات ماءً أخضر ثم تلقاها عدة أنهار الى الزاب، وأول مبدأها لا تدير أكثر من رحا واحدة أول مايختلط بها نهر الذيب ثم الرمس ثم المسوليات ثم تبر الكاروخة ثم سربط ثم عين تل فافان ثم نهر الرزب ثم الزاب ثم أنت في العراق، ويقال الفرات مبارك ودجلة ملعونة. وبه تجارات ترتفع من الموصل الحبوب والعسل النمكسود والفحم والشحوم والجبن والمن والسماق وحب الرمان والقير والحديد والأسطال والسكاكين والنشاب والطريخ الفائق والسلاسل. ومن سنجار فرك اللوز وحب رمان والقصب والسماق. ومن نصيبين شاه بلوط وهو شيء أكبر من البندق وأطيب ليس بمدور والفواكه المقددة والموازين والدوايات والكواذين. ومن الرقة الصابون والزيت والأقلام. ومن حران القبيط وعسل النحل في أدنن والقطن والموازين. ومن الجزيرة الجوز

 

واللوز والسمن والخيل الجياد. ومن الحسنية الجبن والقبج والجواجيق والشواريز والفواكه المقددة والزبيب. ومن معلثايا الألبان والفحم والأعناب والفواكه الرطبة والشاهدانق والقنب والنمكسود. ومن بلد اللبأ في القدور في الزواريق القدر بخمس دوانيق امناءٍ. ومن الرحبة السفرجل الفائق الرائق. ومن آمد ثياب الصوف والكتان الرومية على عمل الصقلي وخصائص هذا الإقليم الخيل والصابون والسلاسل والسيور وقبيط حران وقطنها وموازينها. وأما مكاييلهم فلهم المد والمكوك والقفيز والكارة، فالمكوك خمسة عشر رطلاً، والمد ربعه، والكار مائتان وأربعون رطلاً، والقفيز ربعها، والمكوك ربع القفيز، وأرطالهم بغدادية، وفرقهم بغدادي ستة وثلاثون رطلاً.وز والسمن والخيل الجياد. ومن الحسنية الجبن والقبج والجواجيق والشواريز والفواكه المقددة والزبيب. ومن معلثايا الألبان والفحم والأعناب والفواكه الرطبة والشاهدانق والقنب والنمكسود. ومن بلد اللبأ في القدور في الزواريق القدر بخمس دوانيق امناءٍ. ومن الرحبة السفرجل الفائق الرائق. ومن آمد ثياب الصوف والكتان الرومية على عمل الصقلي وخصائص هذا الإقليم الخيل والصابون والسلاسل والسيور وقبيط حران وقطنها وموازينها. وأما مكاييلهم فلهم المد والمكوك والقفيز والكارة، فالمكوك خمسة عشر رطلاً، والمد ربعه، والكار مائتان وأربعون رطلاً، والقفيز ربعها، والمكوك ربع القفيز، وأرطالهم بغدادية، وفرقهم بغدادي ستة وثلاثون رطلاً.

ولغتهم لغة حسنة أصح من لغة الشام لأنهم عرب، أحسنها الموصلية وهم أحسن وجوهاً وهي أصح هواءً من سائر الإقليم وقد جمعت أكثر القبائل أكثرهم حارثيون.

 

 

ولهم مشاهد ثم بسواد الموصل مسجد يونس وآثاره عند نونوى القديمة موضع يسمى تل توبة، على رأسه مسجد ودور للمجاورين بنته جميلة ابنة ناصر الدولة، وأوقفت عليه أوقافاً جليلة، يزعمون أن سبع زورات يعدلن حجة، يقصد ليالي الجمع، وهو الموضع الذي خرج إليه قوم يونس لما ايقنوا بالعذاب، وعلى نصف فرسخ منه عين يونس، وبظاهر بلد عين يزعمون أن يونس خرج منها يستشفى بمائها من البرص، وثم له مسجد وموضع شجرة اليقطين. على فرسخ من ميافارقين دير توما فيه جسد قائم يزعمون أنه من الحواريين يابس. رباط ذي القرنين على طريق الرحاب حصين عامر تحته كهف الظلمات التي دخلها ذو القرنين، وحرص مسلمة بن عبد الملك في دخولها واستعد المشاعل والشموع فانطفأت ورجع. ومن العجائب بنصميبين عين ينبع منها كلس أبيض يستعملونه كما يستعمل في الحمامات والدور. بأرض الموصل ديرالكلب يحمل إليه من عضة كلب عقور فيقيم عند رهبانه خمسين يوماً فيبرأ بإذن الله تعالى. وبهذا الرستاق عين من شرب منها مات بعد ثلاثة أيام. على بريد من الموصل قرية باعشيقابها نبت من قلعه وبه بواسير أو خنازير سقطت عنه، فإن بعث من به هاتان العلتان رجلا بدرهم ومسلة إلى قوم ثم يتوارثونها فحملها أحدهم إلى ذلك النبت فقلعه على اسم صاحب العلة بريء، ولو كان بالشاش، ويستنفع الرجل بالدرهم. وكان يقال عجائب الدنيا ثلاث: منارة الاسكندرية، وقنطرة سنجة، وكنيسة الرها. فلما بني المسجد الأقصى جعل بدل الكنيسة، فلما هدمته الزلزلة جعل موضعه جامع دمشق، وهذه القنطرة على خمسة فراسخ من جبل الجودي، كبيرة شاهقة متصلة بالجبل على حجر مخوخ مركبة إذا زاد عليها الماء اهتزت. ويجب أن نذكر أسباب القسطنطينية لأن للمسلمين بها داراً يجتمعون فيها ويظهرون الإسلام بها، وقد كثر الأختلاف والكذب فيها وأمر البلد ومساحته وبنيانه، فرأيت أن أصور ذلك للعيون واوضحه للقلوب وأذكر الطرق إليها لحاجة المسلمين إلى ذلك وقصدهم في شراء الأساري والرسالات والغزو والتجارات. أعلم أن مسلمة بن عبد الملك لما غزا بلد الروم ودخل هذا المصر، شرط على كلب الروم بناء دار بازاء قصره في الميدان ينزلها الوجوه والأشراف إذا أسروا ليكونوا تحت كنفه، وتعاهده فأجابه إلى ذلك وبنى دار البلاط، والبلاط خلف الميدان يصنع به الديباج الملكي. فالقسطنطينية تكون في العظم مثل البصرة أو أصغر، بناؤهم حجر وهي محصنة كسائر البلدان منيعة بحصن واحد لا غير. والبحر من جانب على حافته الميدان ودار البلاط ودار الملك على صف، والميدان بين الدارين، أبوابها متقابلة في وسط الميدان دكة بدرج، ولا يسكن دار البلاط من المسلمين إلا وجيه في إجراءٍ وتعاهد وتنزه. وسائر الأساري من عامة المسلمين يستعبدون ويستعملون في الصنائع، فالحازم. الذي إذا سئل عن صنعته لم يقر بها وربما اتجر الأساري بينهم وأنتفعوا، ولا يكرهون أحداً على أكل لحم الخنزير ولا يثقبون أنفاً ولا يشقون لساناً. ومن دار الكلب إلى دار البلاط حبل ممدود فيه صورة فرس من نحاس، ولهم أوقات يجتمعون فيها للعب، واسم الملك وينطوا واسم الوزير براسيانا فإذا أرادوا أن يتفاءلوا في لعبهم صاروا حزبين، وأرسلوا الخيل حول الدكة فإن سبقت خيل حزب الكلب قالوا ستكون الغلبة للروم، فصاحوا وينطوا وينطوا، وأن غلبت خيل حزب الوزير قالوا ستكون الغلبة للمسلمين، فصاحوا براسيانا براسيانا، وذهبوا إلى المسلمين فيخلعون عليهم ويصلونهم لكون الغلبة لهم. وللبلد أسواق حسنة والأسعار به رخيصة والفواكه كثيرة. وبمدن التبن مسلمون وكذلك بمعدن النحاس وبأطرابزٌند أيضاً مسلمون. وأقصد الطرق الى القسطنطينية من هذا الإقليم لاجل ذاك وصفناها فيه، وكان ثغر هذا الإقليم ملطية وبلدانها وقد خربها العدو. وأما المسافات فتأخذ من الموصل إلى مرجهينة أو إلى بلد أو إلى المخلبية أو إلى مزارعي مرحلة مرحلة ثم من مرجهينة إلى الحديثة مرحلة ثم إلى البقيعة مرحلة ثم إلى السن مرحلة.، تأخذ من بلد إلى برقعيد مرحلة ثم إلى أذرمة مرحلة ثم الى المونسة مرحلة ثم إلى نصيبين مرحلة ثم إلى دارا مرحلة. وتأخذ من المحلبية الى الشحاجية مرحلة ثم إلى تل أعفر مرحلة ثم إلى سنجار مرحلة. وتأخذ من مزارعي إلما معلثايا مرحلة ثم إلى الحسنية مرحلة ثم الى ثمانين مرحلة ثم إلى جزيرة ابن عمر مرحلة ثم

 

الى تل فافان مرحلة. ومن الموصل إلى شهرزور 60 فرسخاً. وتأخذ من آمد إلى ميافارقين مرحلة ثم إلى أرزن مرحلة ثم إلى مسجد أويس مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى بدليس مرحلة. وتأخذ من آمد إلى شمشاط مرحلة ثم إلى تل حوم مرحلة ثم إلى جرنان مرحلة ثم إلى بامقرا مرحلة ثم إلى جلاب مرحلة ثم إلى الرها بريدين ثم إلى حران مثلها ثم إلى باجروان مرحلة ثم إلى الرقة نصف مرحلة. وتأخذ من الرحبة إلى قرقيسيا مرحلة ثم إلى الدالية أو إلى بيرا مرحلة ومن قرقيسيا إلى فدين مرحلة تم إلى السكير مرحلة. وتأخذ من آمد إلى تل حور مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى طبوس مرحلة ئم إلى شمشاط مرحلة ثم إلى الفعونية مرحلة ثم إلى حصن زياد مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى عرقة مرحلة ثم إلى الصفصاف مرحلة ثم إلى الرمانة مرحلة ثم إلى سمندو مرحلتين ثم إلى مرج قيسارية مرحلة نم إلى أنقرة 4 مراحل ثقالاً ثم إلى جسر شاغر في بلد ابن الملاين 3 مراحل ثم إلى النقموذية مرحلة ثم إلى ملعب الملك مرحلة ثم إلى حارفة مرحلة ثم إلى القسطنطينية مرحلة. وان شئت تأخذ من ميافارقين إلى موش 4 مراحل ثم قنب مرحلة ثم إلى سن نحاس مرحلة وهي صليب طريق قاليقلا وطريق ملازكرد وطريق موش وطريق الخالديات مرحلتان ثم إلى سموقموش مثلها ثم إلى قلونية العوفي مرحلتين ثم إلى نفشارية 4 مراحل ثم إلى عقبة الشهداء مرحلة ثم إلى الأفلاغونية مرحلة ثم إلى السونشة مرحلة ثم إلى دوملصة مرحلة ثم إلى بلد ابن لسوانيطي مرحلة ثم إلى دوسنية ثم إلى باحورية مرحلة ثم إلى قطابولى فيها جيش للمسلمين مرحلة ثم إلى بلد ابن الملاين مرحلتين فيه ضيافة للمسلمين ثم إلى البحيرة الحلوة مرحلة ثم إلى حصن صاعس مرحلة.الى تل فافان مرحلة. ومن الموصل إلى شهرزور 60 فرسخاً. وتأخذ من آمد إلى ميافارقين مرحلة ثم إلى أرزن مرحلة ثم إلى مسجد أويس مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى بدليس مرحلة. وتأخذ من آمد إلى شمشاط مرحلة ثم إلى تل حوم مرحلة ثم إلى جرنان مرحلة ثم إلى بامقرا مرحلة ثم إلى جلاب مرحلة ثم إلى الرها بريدين ثم إلى حران مثلها ثم إلى باجروان مرحلة ثم إلى الرقة نصف مرحلة. وتأخذ من الرحبة إلى قرقيسيا مرحلة ثم إلى الدالية أو إلى بيرا مرحلة ومن قرقيسيا إلى فدين مرحلة تم إلى السكير مرحلة. وتأخذ من آمد إلى تل حور مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى طبوس مرحلة ئم إلى شمشاط مرحلة ثم إلى الفعونية مرحلة ثم إلى حصن زياد مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى عرقة مرحلة ثم إلى الصفصاف مرحلة ثم إلى الرمانة مرحلة ثم إلى سمندو مرحلتين ثم إلى مرج قيسارية مرحلة نم إلى أنقرة 4 مراحل ثقالاً ثم إلى جسر شاغر في بلد ابن الملاين 3 مراحل ثم إلى النقموذية مرحلة ثم إلى ملعب الملك مرحلة ثم إلى حارفة مرحلة ثم إلى القسطنطينية مرحلة. وان شئت تأخذ من ميافارقين إلى موش 4 مراحل ثم قنب مرحلة ثم إلى سن نحاس مرحلة وهي صليب طريق قاليقلا وطريق ملازكرد وطريق موش وطريق الخالديات مرحلتان ثم إلى سموقموش مثلها ثم إلى قلونية العوفي مرحلتين ثم إلى نفشارية 4 مراحل ثم إلى عقبة الشهداء مرحلة ثم إلى الأفلاغونية مرحلة ثم إلى السونشة مرحلة ثم إلى دوملصة مرحلة ثم إلى بلد ابن لسوانيطي مرحلة ثم إلى دوسنية ثم إلى باحورية مرحلة ثم إلى قطابولى فيها جيش للمسلمين مرحلة ثم إلى بلد ابن الملاين مرحلتين فيه ضيافة للمسلمين ثم إلى البحيرة الحلوة مرحلة ثم إلى حصن صاعس مرحلة.

 

إقليم الشام

 

 

إقليم الشام جليل الشأن ديار النبيين، ومركز الصالحين. ومعدن البدلاء، ومطلب الفضلاء. به القبلة الأولى، وموضع الحشر والمسرى. والأرض المقدسة والرباطات الفاضلة والثغور الجليلة والجبال الشريفة ومهاجر ابراهيم وقبره وديار أيوب وبئره ومحراب داود وبابه وعجائب سليمان ومدنه وتربة إسحاق وأمه ومولد المسيح ومهده وقرية طالوت ونهره ومقتل جالوت وحصنه وجب ارميا وحبسه ومسجد اوريا وبيته وقبة محمد وبابه وصخرة موسى وربوة عيسى ومحراب زكريا ومعرك يحيى ومشاهد الأنبياء وقرى أيوب ومنازل يعقوب. والمسجد الأقصى، وجبل زيتا. ومدينة عكا، ومشهد صديقا. وقبرموسى ومضجع ابراهيم ومقبرته ومدينة عسقلان، وعين سلوان. وموضع لقمان، ووادي كنعان. ومدائن لوط وموضع الجنان، ومساجد عمر ووقف عثمان. والباب الذي ذكره الرجلان، والمجلس الذي حضره الخصمان. والسور الذي بين العذاب والغفران، والمكان القريب ومشهد بيسان، وباب حطة ذو القدر والشأن. وباب الصور وموضع اليقين وقبر مريم وراحيل ومجمع البحرين، ومفرق الدارين. وباب السكينة وقبة السلسلة ومنزل الكعبة مع مشاهد لا تحصى، وفضائل لا تخفى. وفواكه ورخاء وأشجار ومياه. وآخرة ودنيا، به يرق القلب وينبسط للعبادة الأعضاء، ثم به دمشق جنة الدنيا، وصغر البصرة الصغرى. والرملة البهية وخبزها الحواري، وإيليا الفاضلة بلا لأوى. وحمص المعروفة بالرخص وطيب الهوا، وجبل بصرى وكرومه فلا تنسى، وطبرية الجليلة بالدخل والقرى. ثم البحر يمد على غربية فالحمولات فيه إليه أبداً وبحر الصين متصل بطرفه الأقصى، له سهل وجبل وأغوار وأشياء. والبادية على تخومة كالزقاق منه إلى تيماء، وبه معادن الرخام وعقاقير كل دواء ويسار وتجار ولباقة وفقهاء، وكتاب وصناع وأطباء. إلا أنهم على خوف من الروم وفي جلاء، والأطراف قد خربت وأمر الثغور قد انقضى. وليسوا كالأعاجم في العلم والدين والنهي، بعض قد ارتد وبعض للجزية في أداء، يقدمون طاعة المخلوق على طاعة ربّ السماء. عامتهم جهال أو غوغاء، لا نهضة في جهادٍ ولا حمية على الأعد اء.

 

 

ويقال إنما سميت الشام لأنها شامة الكعبة، وقيل بل من تشاءم الناس إليها، وقيل بل لشامات بها حمر وبيض وسود. وأهل العراق يسمون كل ما كان وراء الفرات شاماً ولهذا أرسل محمد بن الحسن القول في دواوينه وليس وراء الفرات من الشام غير كورة قنسرين حسب، والباقي بادية العرب والشام من ورائها، وإنما أراد محمد التقريب والمتعارف بين الناس كما يقال لخراسان المشرق وإنما هو من ورائها، وإنما الشام كلما قابل اليمن وكان الحجاز بينهما. فإن قال قائل ما تنكر أن يكون طرف البادية إلى حدود العراق من الشام ليصح ما قاله أهل العراق، قيل قد قسمنا الأقاليم ورسمنا الحدود فلا ينبغي لنا أن ندخل في إقليم من غيره. فإن قال قائل فمن أين لك أنه ليس منه في القديم، قيل له لم يختلف فقهاء الشريعة وأهل هذا العلم أن هذه الأرض المتنازع فيها أنها من جزيرة العرب ولو جعلها أحد من الشام لا مجازاً لكان لنا أن نقول له حدود الشام التي رسمناها مجمع عليها وما زدتم مختلف فيه وعلى من ادعى الزيادة الدليل. وقد أعرضنا عن ذكر طرسوس وأعمالها لأنها بيد الروم، وأما الكهف فإن المدينة هي طرسوس وبها قبر دقيانوس وبرستاقها تل عليه مسجد قالوا هو على الكهف. وحدثنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن عمر البخاري، قال: حدثنا أبو طالب اليماني، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن سهل الخراساني، قال: قرأت على هشام بن محمد حدثنا مجاهد بن يزيد، قال: خرجت مع خالد البريدي في أيام وجه إلى الطاغية سنة 102 وليس معنا ثالث من المسلمين، فقدمنا القسطنطينية ثم خرجنا منصرفين إلى عمورية، ثم أتينا اللاذقية ا المحترقة في أربع ليال، ثم انتهينا إلى الهوية وهي جوف جبل، فذكر لنا أن بها أمواتاً لا يدرى ما هم وعليهم حراس فادخلونا سرباً طوله نحو من خمسين ذراعاً في عرض ذراعين بالسرج، وإذا وسط السرب باب من حديد مكمن لعيالهم إذا جاءهم العرب، وإذا خربة عظيمة وسطها نقرة من ماءٍ عرضها نحو من خمسة عشر ذراعاً يرى منها السماء وإذا كهف ذلك المكان إلى جوف ذلك الجبل، فانطلق بنا إلى كهف مما يلي الجوف من الهوية طوله نحو من عشرين ذراعاً وإذا فيه ثلاثة عشر رجلاً رقوداً على اقفيتهم، على كل رجل منهم جبة لا أدري من صوف أو وبر إلا إنها غبراء، وكساءٌ أغبر يتقعقع كما يتقعقع الرق وقد غطى بكسائه وجهه وسائر جسده، وإذا هي ذوات أهداب، وعلى بعضهم خفاف إلى أنصاف سوقهم وبعض بنعال وبعض بشمشكات، والجميع جدد فكشفت عن وجه أحدهم فإذا شعر رأسه ولحيته لم يتغير وإذا بشرة وجهه منيرة ودم وجهه ظاهر كأنما رقدوا تلك الساعة وإذا أعضاؤهم كألين ما يكون من أعضاء الرجل الحي وكلهم شباب، غير أن بعضهم. قد وخطه الشيب، وإذا بأحدهم قد ضربت عنقه فسألتهم عن ذلك فقالوا غلبت علينا العرب وملكت الهوية، فأخبرناهم خبرهم فلم يصدقونا فضرب أحدهم عنق هذا، وزعم أهل الهوية أنه إذا كان رأس كل سنة في يوم عيد لهم يجتمعون فيه يقيمونهم رجلاً رجلاً، فيتركونهم قياماً ويمسحونهم وينفضون غبار ثيابهم ويسوون اكسبتهم عليهم فلايسقطون ولا يتجرجون ويضجعونهم وأنهم يقلمون أظفارهم في السنة ثلاث مرات ثم تنبت، فسألناهم عن أسبابهم وأمرهم فزعموا أنهم لا علم لهم بشيء من أمرهم غير أنا نسميهم الأنبياء. قال مجاهد وخالد فيظن أنهم أصحاب الكهف والله أعلم. وهذا شكل الإقليم ومثاله في الصفحة المنقلبة. وقد قسمنا هذا الإقليم ست كور، أولها من قبل أقور قنسرين ثم حمص ثم دمشق ثم الأردن ثم فلسطين ثم الشراة. فأما قنسرين فقصبتها حلب ومن مدنها: أنطاكية، با لس، السويدية، سميساط، منبج، بياس، التينات، قنسرين، مرعش، إسكندرونة، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان، معرة النعمان، معرة قنسرين. وأما حمص فاسم القصبة أيضاً ومن مدنها: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذ قية، جبلة، أنطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي. وأما دمشق فاسم القصبة أيضاً ومدنها: بانياس، صيدا، بيروت، أطرابلس، عرقة، وناحية البقاع مدينتها: بعلبك، ولها كامد، عرجموش، الزبداني، ولدمشق ست رساتيق: الغوطة، حوران، البثنية، الجولان، البقاع، الحولة. وأما الأردن فقصبتها طبرية ومن مدنها: قدس، صور، عكا، اللجون، كابل، بيسان، أذرعات. وأما فلسطين فقصبتها الرملة ومدنها: بيت المقدس،

 

بيت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.يت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان. وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين. وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف. وأما حلب فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود. بالس: رأس الحد من قبل الرقة عامرة. قنسرين: مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً. حمص: ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.

 

 

دمشق: هي مصر الشام ودار الملك أيام بني أمية وثم قصورهم وآثارهم، بنيانهم خشب وطين وعليها حصن أحدث وأنا به من طين، أكثر أسواقها مغطاة ولهم سوق على طول البلد مكشوف حسن، وهو بلد قد خرقته الأنهار، وأحدقت به الأشجار. وكثرت به الثمار، مع رخص أسعار. وثلج وأضداد لا ترى أحسن من حماماتها ولا أعجب من فواراتها ولا أحزم من أهلها، الذي عرفت من دروبها باب الجابية باب الصغير باب الكبير باب الشرقي باب توما باب النهر باب المحامليين، وهي طيبة جداً غير أن في هوائها يبوسة، وأهلها غاغة، وثمارها تفهة، ولحومها عاسية، ومنازلها ضيقة، وأزقتها غامة، وأخبازها ردية، والمعايش بها ضيقة تكون نحو نصف فرسخ في مثله في مستوى، والجامع أحسن شيءٍ للمسلمين اليومٍ، ولايعلم لهم مال مجتمع أكثر منه، قد رفعت قواعده بالحجارة الموجهة كباراً مؤلفة وجعل عليها شرف بهية، وجعلت أساطينها أعمدة سوداً ملساً على ثلاثة صفوف واسعة جداً، وفي الوسط ازاء المحراب قبة كبيرة، وأدير على الصحن أروقة متعالية بفراخ فوقها، ثم بلط جميعه بالرخام الأبيض وحيطانه إلى قامتين بالرخام المجزع ثم إلى السقف بالفسافساء الملونة في المذهبة صور أشجار وأمصار وكتابات على غاية الحسن والدقة ولطافة الصنعة، وقل شجرة أو بلد مذكور إلا وقد مثل على تلك الحيطان، وطليت رؤوس الأعمدة بالذهب، وقناطر الأروقة كلها مرصعة بالفسيفساء، وأعمده الصحن كلها رخام أبيض، وحيطانه بما يدور والقناطر وفراخها بالفسيفساء نقوش وطروح، والسطوح كلها ملبسة بشقاق الرصاص، والشرافيات من الوجهين بالفسيفساء، وعلى الميمنة في الصحن بيت مال على ثمانية عمد مرصع حيطانه بالفسافساء، وفي المحراب وحوله فصوص عقيقية وفيروزجية كأكبر ما يكون من الفصوص، وعلى الميسرة محراب آخر دون هذا للسلطان، وقد كان تشعث وسطه فسمعت إنه أنفق عليه خمسمائة دينار حتى عاد إلى ما كان، وعلى رأس القبة ترنجة فوقها رمانة كلاهما ذهب، ومن أعجب شيءٍ فيه تأليف الرخام المجزع كل شامة إلى أختها، ولو أن رجلاً من أهل الحكمة أختلف إليه سنةً لأفاد منه كل يوم صيغة وعقدة أخرى، ويقال أن الوليد جمع لبنائه حذاق فارس والهند والمغرب والروم، وأنفق عليه خراج الشام سبع سنين مع ثماني عشرة سفينة ذهب وفضة أقلعت من قبرص سوى ما أهدى إليه ملك الروم من الآلات والفسافساء، ويدخل إليه العامة من أربعة أبواب: باب البريد عن اليمين كبير له فرخان عن يمين وشمال على كل واحدٍ من الباب الأعظم والفرخين مصراعان مصفحة بالصفر المذهب وعلى لباب والفرخين ثلاثة أروقة كل باب منهما يفتح إلى رواق طويل قد عقدت قناطره على أعمدة رخام، لبست حيطانه على ما ذكرنا، وجمع السقوف مزوقة أحسن تزوبق، وفي هذه الأروقة موضع الوراقين ومجلس خليفة القاضي، وهذا الباب بين المغطى والصحن يقابله عن اليسار باب جيرون على ما ذكرنا، غير أن الأروقة معقودة بالعرض يصعد إليه في درج يجلس فيه المنجمون وأضرابهم، وباب الساعات في زاوية المغطى الشرقية مصراعان سواذج عليه أروقة يجلس فيه الشروطيون وأشباههم، والباب الرابع باب الفراديس مصراعان قبال المحراب في أروقة بين زيادتين عن يمين وشمال عليه منارة محدثة مرصعة على ما ذكرنا، وعلى كل من هذه الأبواب ميضأة مرخمة ببيوت ينيع فيها الماء وفوارات خارجة في قصاع عظيمة من رخام. ومن الخضراء وهي دار السلطان أبواب إلى المقصورة مصفحة مطلية، وقلت يوماً لعمي يا عم لم يحسن الوليد حيث أنفق أموال المسلمين على جامع دمشق ولو أصرف ذلك في عمارة الطرق والمصانع ورم الحصون لكان أصوب وأفضل، قال: لا تفعل يا بني أن الوليد وفق وكشف له عن أمر جليلٍ وذلك أنه رأى الشام بلد النصارى، ورأى لهم فيها بيعاً حسنة قد أفتن زخارفها وانتشر ذكرها، كالقمامة وبيعة لد والرها. فاتخذ للمسلمين مسجداً أشغلهم به عنهن وجعله أحد عجائب الدنيا، ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة وهيأتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فنصب على الصخرة قبةً على ما ترى. ووجدت في كتاب بخزائن عضد الدولة عروسا الدنيا دمشق والري. وقال يحيى بن أكثم ليس بالأرض أنزه من ثلاث بقاع سمرقند، وغوطة دمشق، ونهر الأبلة. ودمشق بناها دمشق بن قاني بن مالك بن ارفخشذ بن سام قبل مولد ابراهيم بخمس سنين وقال الأصمعي لا بل اشتق اسمها

 

من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:

يا ايها السائل عـن ادياينـا                      لما رأى هيئة أحبـارهـم

وحسن سمتٍ لهم ظاهـراً                      إعلانهم ليس كاسرارهـم

ما إن لهم فخرٌ سوى مسجدٍ                      به تعدوا فوق أطوارهـم

لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً                      ما قبسوه الدهر من نارهم

أسدٌ على الجيران أعداؤهم                      آمنةٌ تخطر فـي دارهـم وكذب في هذا البيت لأن الأعداء ابداً يخافونهم.

ومدينة بانياس: على طرف الحولة وحد الجبل أرخى وأرفق من دمشق وإليها انتقل أكثر أهل الثغور لما اخذت طرسوس، وزادوا فيها وهي كل يوم في زيادة، لهم نهر شديد البرودة يخرج من تحت جبل الثلج وينبع وسط المدينة، وهي خزانة دمشق رفقة بأهلها بين رساتيق جليلة غير أن ماءها ردى. وصيدا وبيروت. مدينتان على الساحل حصينتان. وكذلك طرابلس إلا أنها أجل. بعلبك: مدينة قديمة فيها مزراع وعجائب معدن الأعناب، وسائر مدنها طيبة رحاب. وبحوران والبثنية ضياع أيوب ودياره مدينتها نوى معدن القموح والحبوب. الحولة: معدن الأقطان والأزهار وهي أغوار و أنهار. الغوطة: تكون مرحلة في مثلها يعجزعن وصفها.

 

 

طبرية: قصبة الأردن وبلد وادي كنعان موضوعة بين الجبل والبحيرة، فهي ضيقة كربة في الصيف مؤذية، طولها نحو من فرسخ بلا عرض، وسوقها من الدرب إلى الدرب، والمقابر على الجبل، بها ثماني حمامات بلا وقيد، ومياض عدة حارة الماء، والجامع في السوق كبير حسن قد فرش أرضه بالحصى على أساطين حجارة موصولة. ويقال أهل طبرية شهرين يرقصون وشهرين يقمقمون وشهرين يثاقفون وشهرين عراة وشهرين يزمرون وشهرين يخوضون يعني يرقصون من كثرة الراغيث ويلوكون النبق ويطردون الزنابير عن اللحم والفواكه بالمذاب، وعراة من شدة الحر، ويمصون قصب السكر ويخوضون الوحل. وأسفل البحيرة جسر عظيم عليه طريق دمشق وشربهم منها. عليها بما يدور قرى ونخيل والسفن فيها تذهب وتجيء، وماء الحمامات والدواميس إليها لا يستطيبها الغرباء، كثيرة الأسماك خفيفة الماء، والجبل مطل على البلد شاهق. قدس: مدينة صغيرة على سفح جبل كثيرة الخير، رستاقهاجبل عاملة، بها ثلاث عيون شربهم منها وحمامهم واحد تحت البلد، والجامع في السوق فيه نخلة، وهو بلد حارٌ، ولهم بحيرة على فرسخ تصب إلى بحيرة طبرية، قد عمد إلى النهر فسجر ببناءٍ عجيب حتى يتبحر، إلى جنبها غابة حلفاء رفقهم منها، أكثرهم ينسجون الحصر وبفتلون الحبال، وفي البحيرة أنواع من السمك منه البني حمل من واسط، كثيرة الذمة. جبل عاملة: ذو قرى نفيسة وأعناب وأثمار وزيتون وعيون المطر يسقي زروعهم، يطل على البحر ويتصل بجبل لبنان. أذرعات: مدينة قريبة من البادية، رستاقها جبل جرش يقابل جبل عاملة كثير القرى وجلت طبرية بهذين الجبلين. بيسان: على النهر كثيرة النخيل وأرزاز فلسطين والأردن منها، غزيرة المياه رحبة، إلا أن ماءها ثقيل. اللجون: مدينة على رأس حد فلسطين في الجبال.، بها ماءٌ جار رحبة نزيهة. كابل: مدينة ساحلية، بها مزارع الأقصاب وبها لطبخ السكر الفائق. الفراذية: قرية كبيرة بها منبر، معدن الأعناب والكروم، بها ماءٌ غزير وموضع نزيه. عكا: مدينة حصينة على البحر، كبيرة الجامع فيه غابة زيتون تقوم بسرجه وزيادةٍ، ولم تكن على هذه الحصانة حتى زارها ابن طيلون، وقد كان رأى صور ومنعتها واستدارة الحائط على مينائها، فأحب أن يتخذ لعكا مثل ذلك الميناء، فجمع صناع الكورة وعرض عليهم ذلك فقيل لا يهتدي أحد إلى البناء في الماء في هذا الزمان، ثم ذكر له جدنا أبو بكر البناء، وقيل أن كان عند أحدٍ علم هذا فعنده، فكتب إلى صاحبه على بيت المقدس حتى أنهضه إليه، فلما صار إليه وذكر له ذلك قال هذا أمر هين، علي بفلق الجميز الغليظة، فصفها على وجه الماء بقدر الحصن البري وخيط بعضها ببعض وجعل لها باباً من الغرب عظيماً، ثم بنى عليها بالحجارة والشيد وجعل كلما بنى خمس دوامس ربطها بأعمدة غلاظ ليشتد البناء، وجعلت الفلق كلما ثقلت نزلت حتى إذا علم أنها قد جلست على الرمل تركها حولاً كاملاً حتى أخذت قرارها، ثم عاد فبنى من حيث ترك، كلما بلغ البناء إلى الحائط القديم داخله فيه وخيطه به، نم جعل على الباب قنطرة فالمراكب في كل ليلة تدخل المينا وتجر السلسلة مثل صور قال فدفع إليه ألف دينار سوى الخلع وغيرها من المركوب واسمه عليه مكتوب، وقد كان العدو قبل ذلك يغير على المراكب. الجش: قرية وهي قريبة من القصبة، موضوعة بين أربعة من الرساتيق قريبة من البحر. صور: مدينة حصينة على البحر، بل فيه يدخل إليها من باب واحد على جسرٍ واحدٍ قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة ثم تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الأكراه، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة، وهي مدينة جليلة نفيسة بها صنائع ولهم خصائص، وبين عكا وصور شبه خليج ولذلك يقال عكا حذاء صور، إلا أنك تدور، يعني حول الماء.

 

 

الرملة: قصبة فلسطين، بهية حسنة البناء خفيفة الماء مرية واسعة الفوإكه، جامعة الأضداد بين رساتيق جليلة ومدن سرية ومشاهد فاضلة وقرى نفيسة، والتجارة بها مفيدة والمعايش حسنة، ليس في الإسلام أبهى من جامعها، ولا أحسن وأطيب من حواريها، ولا أبرك من كورتها، ولا ألذ من فواكهها، موضوعة بين رساتيق زكية ومدن محيطة ورباطات فاضلة، ذات فنادق رشيقة وحمامات أنيقة وأطعمة نظيفة وأدامات كثيرة ومنازل فسيحة ومساجد حسنة وشوراع واسعة وأمور جامعة، قد خطت في السهل وقربت من الجبل والبحر وجمعت التين والنخل وانبتت الزروع على البعل وحوت الخيرات والفضل، غير أنها في الشتاء جزيرة من الوحل وفي الصيف ذريرة من الرمل لا ماء يجري ولا خضر ولا طين جيد ولا ثلج، كثيرة البراغيث، عميقة الآبار مالحة، وماء المطر في جباب مقفلة، فالفقير عطشان والغريب حيران، وفي الحمام ديوان ويدور في الدولاب خدام، وهي ميل راجح في ميل بنيانهم حجارة منحوتة حسنة وطوب، الذي أعرف من دروبها درب بئر العسكر درب مسجد عنبة درب بيت المقدس درب بيلعة درب لد درب يافا درب مصر درب داجون، يتصل بها مدينة تسمى داجون فيها جامع، وجامع القصبة في الأسواق أبهى وأرشق من جامع دمشق يسمى الأبيض ليس في الإسلام أكبر من محرابه ولا بعد منبر بينت المقدس أحسن من منبره وله منارة بهية بناه هشام بن عبد الملك، وسمعت عمي يقول لما أراد بناءه قيل له أن للنصارى أعمدة رخام مدفونة تحت الرمل أستعدوها لكنيسة بالعة فقال لهم هشام بن عبد الملك أما أن تظهروها وأما أن نهدم كنيسة لد فنبني هذا الجامع على أعمدتها، فاظهروها وهي غليظة طويلة حسنة وأرض المغطى مفروشة بالرخام والصحن بالحجارة المؤلفة وأبواب المغطى من الشربين والتنوب مداخلة محفورة حسنة جداً.

 

 

بيت المقدس: ليس في مدائن الكور أكبر منها وقصبات كثيرة أصغر منها، كاصطخر وقاين والفرما، لا شديدة البرد وليس بها حر وقل ما يقع بها ثلج، وسألني القاضي أبو القاسم ابن قاضي الحرمين عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حر ولا برد شديد، قال: هذا صفة الجنة. بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أتقن من بنائها ولا أعف من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها. عنبها خطير، وليس لمعنقتها نظير. وفيها كل حاذق وطبيب، وإليها قلب كل لبيب، ولا تخلو كل يوم من غريب. وكنت يوماً في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بن بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت أي بلدٍ أجل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أطيب، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أفضل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أحسن، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكثر خيرات، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكبر، قلت: بلدنا. فتعجب أهل المجلس من ذلك، وقيل: أنت رجل محصل وقد أدعيت ما لا يقبل منك وما مثلك إلا كصاحب الناقة مع الحجاج، قلت: أما قولي أجل فلانها بلدة جمعت الدنيا والآخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها. وأما طيب الهواء فإنه لا سم لبردها ولا أذى لحرها. وأما الحسن فلا ترى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها. وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله تعالى فيها فواكه الأغوار والسهل والجبال والأشياء المتضادة كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين والموز. وأما الفضل فلانها عرصة القيامة ومنها المحشر وإليها المنشر، وإنما فضلت مكة والمدينة بالكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة تزفان إليها فتحوي الفضل كله. وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها فاستحسنوا ذلك وأقروا به. إلا أن له عيوباً عدة يقال أن في التورية مكتوب بيت المقدس طشت ذهب مليء عقارب، ثم لا ترى أقدر من حماماتها، ولا أثقل مؤنة، قليلة العلماء كثيرة النصارى، وفيهم جفاءٌ على الرحبة والفنادق، ضرائب ثقال على ما يباع، فيها رجالة على الأبواب فلا يمكن أحداً أن يبيع شيئاً مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار، وليس للمظلوم أنصار، والمستور مهموم والغني محسود، والفقيه مهجور والأديب غير مشهود، لا مجلس نظر ولا تدريس، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المسمجد من الجماعات والمجالس. وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة، عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق، ولها ثمانية أبواب حديد

 

باب صهيون باب التيه باب البلاط باب جب ارميا باب سلوان باب أريحا باب العمود باب محراب داود. والماء بها واسع ويقال ليس ببيت المقدس أمكن من الماء والأذان، قل دار ليس بها صهريج وأكثر، وبها ثلاث برك عظيمة بركة بني اسرائيل بركة سليمان بركة عياض عليها حماماتهم، لها دواعٍ من الازقة وفي المسجد عشرون جباً متبحرة، وقل حارة إلا وفيها حب مسبل غير أن مياهها من الأزقة، وقد عمد إلى وادٍ فجعل بركتان يجتمع إليهما السيول في الشتاء وشق منهما قناة إلى البلد تدخل وقت الربيع فتملأ صهاريج الجامع وغيرها. وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة، أساسه من عمل داود، طول الحجر عشرة أذرع وأقل منقوشة موجهة مؤلفة صلبة، وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرفوه وكان أحسن من جامع دمشق، لكن جاءت زلزلة في دولة بنى العباس فطرحت المغطى إلا ما حول المحراب، فلما بلغ الخليفة خبره قيل له: لا يفي برده إلى ما كان بيت مال المسلمين. فكتب إلى امراءٍ الأطراف وسائر القواد أن يبني كل واحد منهم رواقاً، فبنوه أوثق وأغلظ صناعةً مما كان، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حد أعمدة الرخام وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث، وللمغطى ستة وعشرون باباً، باب يقابل المحراب يسمى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد الباع قوي الذراع، عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب، وعلى اليسار مثلهن، ومن نحو الشرق أحد عشر بابا سواذج وعلى الخمسة عشر رواق على أعمدة رخام أحدثه عبدالله بن طاهر، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين، وعلى المؤخر أروقة آزاج من الحجارة، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة، والسقوف كلها إلا المؤخرملبسة بشقاق الرصاص، والموخر مرصوص بالفسيفساء الكبار، والصحن كله مبلط وسطه دكة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من الأربع جوانب في مراقٍ واسعة، وفي الدكة أربع قباب: قبة السلسلة قبة المعراج قبة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الثلاث لطاف ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام بلا حيطان، وفي الوسط قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة: باب القبلي باب اسرافيل باب الصور باب النساء يفتح إلى الغرب جميعها مذهبة، في وجه كل واحد باب ظريف من خشب التنوب مداخل حسن أمرت بهن أم المقتدر بالله، وعلى كل باب صفة مرخمة بالتنوبية تطبق على الصفرية من خارج، وعلى أبواب الصفاف أبواب أيضاً سواذح، داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجل من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليها أروقة لاطية، داخلها رواق آخر مستدير على الصخرة لا مثمن على أعمدة معجونة بقناطر مدورة، فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيهاطيقان كبار، والقبة من فوق المنطقة طولها عن القاعدة الكبرى مع السفود في الهواء مائة ذراع، ترى من البعد، فوقها سفود حسن طول قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب، وأرض البيت وحيطانه مع المنطقة من داخل وخارج على ما ذكرنا من جامع دمشق، والقبة ثلاث سافات: الاولى من ألواح مزوقة والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلاتميلها الرياح ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعدها الصناع لتفقدها ورمها، فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورأيت شيئاً عجيباً، وعلى الجملة لم أر في الاسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة. ويدخل إلى المسجد من ثلاثة عشر موضعاً بعشرين باباً: باب حطه، بابي النبي صلى الله عليه وسلم، أبواب محراب مريم، بابي الرحمة، باب بركة بني إسرائيل، أبواب الأسباط، أبواب الهاشميين، باب الوليد، باب إبراهيم، باب أم خالد، باب داود. وفيه من المشاهد محراب مريم وزكريا ويعقوب والخضر ومقام النبي وجبرئيل وموضع النمل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه، وليس على الميسرة أروقة والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي، ومن أجل هذا يقال لا يتم فيه صف أبداً وإنما ترك هذا البعض لسببين: أحدهما قول عمر اتخذوا في غربي هذا المسجد مصلى للمسلمين فتركت هذه القطعة لئلا يخالف، والثاني أنهم لو مدوا المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك والله أعلم. وطول المسجد ألف ذراع بذراع الملك الأشباني وعرضه سبعمائة، وفي

 

سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السطح خمسة وأربعون ألف شقفة رصاص، وحجم الصخرة ثلاتة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحتها تسع تسعاً وستين نفساً. وكانت وظيفته في كل شهر مائة قسط زيت، وفي كل سنة ثمان مائة ألف ذراع حصر، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم، ولهم نوب يحفظونها.ه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السطح خمسة وأربعون ألف شقفة رصاص، وحجم الصخرة ثلاتة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحتها تسع تسعاً وستين نفساً. وكانت وظيفته في كل شهر مائة قسط زيت، وفي كل سنة ثمان مائة ألف ذراع حصر، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم، ولهم نوب يحفظونها.

سلوان: محلة في ربض المدينة تحتها عين عذيبية تسقي جناناً عظيمة، أوقفها عثمان بن عفان على ضعفاء البلد، تحتها بئرأيوب ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء هذه العين ليلة عرفة. وادي جهنم: على قرنة المسجد إلى آخره قبل الشمرق، فيه بساتين وكروم وكنائس ومغاير وصوامع ومقابر وعجائب ومزارع، وسطه كنيسة على قبر مريم، ويشرف عليه مقابر فيها شداد بن أوس الخزرجي وعبادة بن الصامت. جبل زيتا: مطل على المسجد شرقي هذا الوادي، على رأسه مسجد لعمر نزله أيام فتح البلد، وكنيسة على الموضع الذي صعد منه عيسى عم، وموضع يسمونه الساهرة، وحدثونا عن ابن عباس أن الساهرة هي أرض القيامة بيضاء لم يسفك عليها دم. بيت لحم: قرية على طرف فرسخ من نحو حبري، بها ولد عيسى، وثم كانت النخلة وليس يرطب النخيل بهذا الرستاق، ولكن جعلت لها آية وبها كنيسة ليس بالكوره مثلها. حبري: هي قرية إبراهيم الخليل عم، فيها حصن منيع يزعمون أنه من بناء الجن من حجارة عظيمة منقوشة وسطه قبة من الحجارة اسلامية على قبر إبراهيم، وقبر إسحاق قدام في المغطى، وقبريعقوب في المؤخر حذاء كل نبي امرأته، وقد جعل الحيرمسجداً وبني حوله دور للزوار وأختلطت به العمارة، ولهم قناة ضعيفة وهذه القرية إلى نحو نصف مرحلة من كل جانب قرى وكروم وأعناب وتفاح، يسمى جبل نضرة لايرى مثله ولا أحسن من فواكه عامتها تحمل إلى مصر وتنشر، وفي هذه القرية ضيافة دائمة وطباخ وخباز وخدام مرتبون يقدمون العدس بالزيت لكل من حضر من لفقراء ويدفع إلى الأغنياء إذا اخذوا، ويظن أكثر الناس أنه من قرى إبراهيم وإنما هو وقف تميم الداري وغيره، والأفضل عندي التورع عنه. وعلى فرسخ من حبري جبل صغير مشرف على بحيرة صغر، وموضع قريات لوط، ثم مسجد بناه أبو بكر الصباحي فيه موضع مرقد إبراهيم عم قد غاص في القف نحو ذراع، يقال أن إبراهيم لما رأى قريات لوط في الهواء رقد ثم وقال أشهد أن هذا هو الحق اليقين. وحد القدس ما حول إيليا إلى أربعين ميلاً يدخل في ذلك: القصبة ومدنها. واثنا عشرميلاً في البحر، وصغر ومآب، وخمسة أميال من البادية، ومن قبل القبلة إلى ما وراء الكسيفة وما يحاذيها، ومن قبل الشمال تخوم نابلس، وهذه الأرض مباركة كما قال الله تعالى، مشجرة الجبال زريعة السهول من غير. سقي ولا أنهار وكما قالى الرجلان لموسى ابن عمران وجدنا بلداً يفيض لبناً وعسلاً.

 

 

بيت جبريل: مدينة سهلية جبلية، رستاقها الداروم فيه مقاطع الرخام وميرة القصبة وخزانة الكورة، بلد الغوال والرخاء ذات ضياع جليلة، إلا أنها قد خفت وهي كثيرة المخنثين. غزة: كبيرة على جادة مصر وطرف البادية وقرب البحر، بها جامع حسن وفيها أثر عمر بن الخطاب ومولد الشافعي وقبر هاشم بن عبد مناف. ميماس: على البحر حصينة صغيرة تنسب إلى غزة. عسقلان: على البحر جليلة كثيرة المحارس والفواكه ومعدن الجميز، جامعها في البزازين قد فرش بالرخام، بهية فاضلة طيبة حصينة قزها فائق وخيرها دافق والعيش بها رافق، أسواق حسنة ومحارس نفيسة إلا أن ميناءها ردي وماءها عذيبي ودلمها مؤذٍ. يافة: على البحر صغيرة إلا أنها خزانه فلسطين وفرضة الرملة، عليها حصن منيع بأبواب محددة وباب البحر كله حديد، والجامع مشرف على البحر نزه، وميناؤها جيد. أرسوف: أصغر من يافة حصينه عامرة، بها منبرحسن بني للرملة ثم كان صغيراً فحمل إلى أرسوف. قيسارية: ليس على بحر الروم بلد أجل ولا أكثر خيرات منها، تفور نعماً وتندفق خيرات طيبة، الساحة حسنة الفواكه، عليها حصن منيع وربض عامر قد أدير عليه الحصن، شربهم من آبلا وصهاريج، ولها جامع حسن. نابلس: في الجبال كثيرة الزيتون يسمونها دمشف الصغرى، وهي في وادٍ قد ضغطها جبلان، سوقها من الباب إلى الباب وآخر إلى نصف البلد، والجامع وسطها، مبلطة نظيفة لها نهر جارٍ، بناؤهم حجاره ولهم دواميس عجيبة. أريحاء: هي مدينة الجبارين، وبها الباب الذي ذكره الله لبني إسرائيل، وهي معدن النيل والنخيل، رستاقها الغور وزروعهم تسقى من العيون، شديدة الحر، معدن الحيات والعقارب، أهلها سمر وسودان، كثيرة البراغيث، غير أن ماءها أخف ماءٍ في الإسلام، كثيرة الموز والارطاب والريحان. عمان: على سيف البادية ذات قرىً ومزارع، رستاقها البلقاء، معدن الحبوب والأغنام، بها عدة أنهار وارحية يديرها الماء، ولها جامع ظريف بطرف السوق مفسفس الصحن وقد قلنا إنه شبه مكة، وقصرجالوت على جبل يطل عليها، وبها قبر أوريا عليه مسجد وملعب سليمان، رخيصة الأسعار كثيرة الفواكه غير أن أهلها جهال وإليها الطرق الصعبة.

الرقيم: قر ية على فرسخ من عمان على تخوم البادية، فيها مغارة لها بابان صغير وكبير يزعمون أن من دخل الكبير ولم يمكنه الدخول من الصغير فهو ممذر، وفي المغارة ثلاثة قبور وهي التي حدثنا أبو الفضل محمد بن منصور قال: حدثنا أبو بكر بن سعيد، قال: حدثنا الفضل بن حماد، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، قال: أخبرني نافع عن عبد الله ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بينما نفر ثلاثة يتماشون إذ أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت إلى فم غارهم صخرة من الجبل فاطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالاً عملتموها لله عز وجل صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي اسقيتهما قبل ولدي، وأنه نابني السخريوماً فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسها أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية ينضاعون فلم نزل كذلك حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجةً نرى منها السماء، ففرج إلله تعالى فرجة رأوا منها السماء، وقال الآخر: اللهم أنه كانت لي ابنة عم أحببمها كأشد ما يحب الرجال، فطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجاً. ففرج الله لهم فرجة. وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بعرف من ارز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني وقال اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي فقلت إذهب إلى تلك البقر وراعيها، فخذها، فقال اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت إني لا اهزأ بك خذ تلك البقر وراعيها، فأخذها وانطلق بها، فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي. ففرج الله عنهم.

 

 

ولهذه الكورة قرى جليلة ذات منابر أعمر وأجل من أكثر مدن الجزيرة، وهي مذكورة غير أنه لما لم يكن لها قوة المدن في الآئين ولا ضعف القرى في المعمول وتردد أمرها بين الرتبتين وجب أن نستظهر بذكرها ونبين مواضعها. منها لد: وهي على ميل من الرملة، بها جامع يجمع به خلق كثيرمن أهل القصبة وما حوله من القرى وبها كنيسة عجيبة على بابها يقتل عيسى الدجال. كفرسابا: كبيرة بجامع على جادة دمشق. عاقر: قرية كبيرة بها جامع كبير، لهم رغبة في الخير، وليس مثل خبزهم على جادة مكة. يبنا: بها جامع نفيس، معدن التين الدمشقي الفائق. عمواس: ذكروا أنها كانت القصبة في القديم. وإنما تقدموا إلى السهل والبحر من أجل الآبار لأن هذه على حد الجبل. كفرسلام: من قرى قيسارية كبيرة آهلة، بها جامع على الجادة.

ولهذه القصبة رباطات على البحريقع بها النفير، وتقلع إليها شلنديات الروم وشوانيهم معهم أساري المسلمين للبيع كل ثلاثة بمائة دينار، وفي كل رباط قوم يعرفون لسانهم ويذهبون إليهم في الرسالات ويحمل إليهم أصناف الأطعمة، وقد ضج بالنفير لما تراءت مراكبهم، فإن كان ليل أوقدت منارة ذلك الرباط وإن كان نهار دخنوا، ومن كل رباط إلى القصبة عدة مناير شاهقة قد رتب فيها أقوام،، فتوقد المنارة التي للرباط ثم التي تليها ثم الأخرى، فلا يكون ساعة إلا وقد أنفر بالقصبة وضرب الطبل على المنارة ونودي إلى ذلك الرباط وخرج الناس بالسلاح والقوة، واجتمع أحداث الرساتيق ثم يكون الفداء، فرجل يشتري رجلاً وآخر يطرح درهماً أو خاتماً حتى يشترى ما معهم. ورباطات هذه الكورة التي يقع بهن الفداء: غزة، ميماس، عسقلان، ماحوز أزذود، ماحوز يبنا، يافه، أرسوف.

ضغر: أهل الكورتين يسمونها صقر، وكتب مقدسيئ إلى أهله من سقر االسفلى إلى الفردوس الأعلى، وذلك أنه بلد قاتل للغرباء ردي الماء ومن أبطأ عليه ملك الموت فليرحل إليها، ولا أعرف في الإسلام لها نظيراً في هذا الباب، وقد رأيت بلداناً وبيةً ولكن ليس كهذه، أهلها سودان غلاظ وماؤها حميم وكأنها جحيم، إلا إنها البصرة الصغرى والمتجر المربح، وهي على البحيرة المقلوبة وبقية مدائن لوط، وإنما نجت لأن أهلها لم يكونوا يعملون الفاحشة، والجبال منها قريبة. مآب: في الجبل، كثيرة القرى واللوز والأعناب، قريبة من البادية ومؤتة من قراها، وثم قبر جعفر الطيار، وعبدالله بن رواحة. أذرح: مدينة متطرفة حجازية شامية، وعندهم بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده وهو مكتوب في أديم. ويلة: مدينة على طرف شعبة بحر الصين عامرة جليلة ذات نخيل وأسماك، فرضة فلسطين وخزانة الحجاز، والعام يسمونها أيلة، وأيلة قد خربت على قرب منها وهي التي قال الله تعالى  وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر  مدين: على تخوم الحجاز في الحقيقة، لأن جزيرة العرب كلما دار عليه البحر ومدين في هذه الخطة، وثم الحجر الذي رفعه موسى عم حين سقى غنم شعيب، والماء بها غزير، وأرطالهم ورسومهم شامية. وفي ويلة تنازع بين الشاميين والحجازيين والمصريين كما في عبادان واضافتها إلى الشام أصوب. لأن رسومهم وأرطالهم شامية وهي فرضة فلسطين ومنها يقع جلائبهم. تبوك: مدينة صغيرة بها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم متوسط الهواء إلا وسطه من الشراة إلى الحولة، فإنه بلد الحر والنيل والموز والنخيل، وقال لي يوماً غسان الحكيم ونحن باريحاء ترى هذا الوادي قلت بلى، قال: هو يمد إلى الحجاز ثم يخرج إلى اليمامة ثم إلى عمان وهجر ثم إلى البصرة ثم إلى بغداد ثم يصعد إلى ميسرة الموصل إلى الرقة وهو وادي الحر والنخيل. وأشد هذا الاقليم برداً بعلبك وما حولها، ومن أمثالهم قيل للبرد أين نطلبك قال بالبلقاء، قال فإن لم نجدك قال بعلبك بيتي. وهو إقليم مبارك بلد الرخص والفواكه والصالحين وكلما علا منه نحو الروم كان أكثر أنهاراً وثماراً وأبرد هواءً، وما سفل منه فإنه أفضل وأطيب وألذ ثماراً وأكثر نخيلاً. وليس فيه نهريسافر فيه إنما يعبر، قليل العلماء كثير الذمة والمجذمين، ولا خطر فيه للمذكرين، والسامرة فيه من فلسطين إلى طبرية ولا تجد فيه مجوسياً ولا صابئاً.

 

 

مذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنة وأهل طبرية ونصف نابلس وقدس وأكثر عمَان شيعة، ولا ماء فيه لمعتزلي إنما هم في خفية، وببيت المقدس خلق من الكرامية لهم خوانق ومجالس، ولا ترى به مالكياً ولا داودياً وللأوزاعية مجلس بجامع دمشق والعمل كان فيه على مذهب أصحاب الحديث، والفقهاء شفعوية وأقل قصبة أو بلد ليس فيه حنفي وربما كانت القضاة منهم، فإن قيل لِم لَم يقل والعمل فيه على مذهب الشافعي والصدور ثم شفعوية، قيل له هذا كلام من لا تمييز له لأن مذهب الشافعي الجهر بالبسملة والقنوت في الفجر، ولا نقنت إلا في النصف الأخير من شهررمضان في الوتر وغيرذلك ما لم يكن يستعمله أهل الشام وينكرونه، ألا ترى أن ملكهم لما أمر بالجهر بالبسملة بطبرية كيف تظلموا منه إلى كافور الأخشيدي واستبشعوا ما فعله، واليوم أكثر العمل على مذاهب الفاطمي ونحن نذكرها مع رسومهم في إقليم المغرب إن شاء الله تعالى.

والغالب فيه من القراءات حروف أبي عمرو، إلا بدمشق فإنه لا يؤم في الجامع إلا من يقرأ لابن عامر وهي شائعة فيهم مختارة عندهم، وقد فشت قراءة الكسائي في الاقليم ويستعملون السبع ويجتهدون في ضبطها.

والتجارات به مفيدة، يرتفع من فلسطين الزيت والقطين والزبيب والخرنوب والملاحم والصابون والفوط. ومن بيت المقدس الجبن والقطن وزبيب العينوني والدوري غاية، والتفاح وقضم قريش الذي لا نظير له والمرايا وقدور القناديل والإبر. ومن أريحاء نيل غاية. ومن صغر وبيسان النيل والتمور. ومن عمان الحبوب والخرفان والعسل. ومن طبرية شقاق المطارح والكاغد وبز. ومز قدس ثياب المنيرة والبلعيسية والحبال. ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات. ومن مآب قلوب اللوز. ومن بيسان الرز. ومن دمشق المعصور والبلعيسي وديباج ودهن بنفسج دون والصفريات والكاغد والجوز والقطين والزبيب. ومن حلب القطن والثياب والأشنان والمغرة. ومن بعلبك الملابن. ولا نظير لقطين وزيت الأنفاق وحواري وميازر الرملة، ولا لمعنقة وقضم قريش وعينوني ودوري وترياق وترذوغ وسبح بيت المقدس. وأعلم إنه قد اجتمع بكورة فلسطين ستة وثلاثون شيئاً ولا تجتمع في غيرها. فالسبعة الأولى لا توجد إلا بها، والسبعة الثانية غريبة في غيرها، والاثنان والعشرون لا تجتمع إلا بها. وقد يجتمع أكثرها في غيرها مثل قضم قريش والمعنقة والعينوني والدوري وانجاص الكافوري وتين السباعي والدمشقي والقلقاس والجميز والخرنوب والعكوب والعناب وقصب السكر والتفاح الشامي والرطب والزيتون والأترج والنيل والراسن والنارنج واللقاح والنبق والجوز واللوز والهليون والموز والسماق والكرنب والكمأة والترمس والطري والثلج ولبن الجواميس والشهد وعنب العاصمي والتين التمري. وأما القبيط فقد يرى مثله غير أن له طعماً آخر، وقد ترى الخس غير أنه في جملة البقل إلا بالأهواز فإنه غاية ويفرد عن البقل أيضاً بالبصرة.

وأما المكاييل فلأهل الرملة القفيز والويبة والمكوك والكيلجة، فالكيلجة نحو صاع ونصف، والمكوك ثلاث كيالج، والويبة مكوكان، والقفيز أربع ويبات، وينفرد أهل ايليا بالمدى وهو ثلثاً القفيز، وبالقب وهو ربع المدى، ولا يستعمل المكوك إلا في كيل السلطان، ومدى عمان ست كيالج وقفيزهم نصف كيلجة وبه يبيعون الزبيب والقطين، وقفيز صور مدى ايليا وكيلجتهم صاع، وغرارة دمشق قفيز ونصف بالفلسطيني.

والأرطال من حمص إلى الجفار ستمائة، غير أنه يتفاوت فاملاه رطل عكا، وأزله الدمشقي، وأوقيتهم من خمسين إلى بضع وأربعين. وكل رطل اثنا عشر أوقية، ورطل قنسرين ثلثا هذا.

 

 

والسنج متقاربة: الدرهم ستون حبة، وحبتهم شعيرة واحدة، والدانق عشر حبات، والدينار أربعة وعشرون قيراطاً، والقيراط ثلاث شعيرات ونصف. ورسومهم إنهم يقدون القناديل في مساجدهم على الدوام يعلقونها بالسلاسل مثل مكة، وفي كل قصبة بيت مالٍ بالجامع معلق على أعمدة، وبين المغطى والصحن أبواب إلا اريحاء، ولا ترى الحصى إلا في صحن جامع طبرية، والمناير مربعة، وأوساط سقوف المغطى مجملة، وعلى أبواب الجوامع وفي الأسواق مطاهر، ويجلسون بين كل سلامين من التراويح وبعض يوترون بواحدة وكان وترهم في القديم ثلاثاً، وفي أيامي أمر أبو إسحاق المروزي حتى قطعوه بايليا وإذا قام إلى كل ترويحة نادى منادى الصلاة رحمكم الله، ويصلون بايليا ست ترويحات، والمذكرون به قصاص، ولأصحاب أبي حنيفة بالمسجد الأقصى مجلس ذكر يقرأون في دفتر، وكذلك الكرامية في خوانقهم، وكان الحراس يهللون بعد صلاة الجمعة ويجلس الفقهاء بين الصلاتين وبين العشائين، وللقراء مجالس في الجوامع. ومن أعياد النصارى التي يتعارفها المسلمون ويقدرون بها الفصول: الفصح وقت النيروز، والعنصرة وقت الحر، والميلاد وقت البرد، وعيد بربارة وقت الأمطار. ومن أمثال الناس إذا جاء عيد بربارة فليتخذ البناء زماره، يعني فليجلس في البيت والقلندس، ومن أمثالهم إذا جاء القلندس فتدفيء واحتبس. وعيد الصليب وقت قطاف العنب، وعيد لد وقت الزرع. وشهورهم رومية: تشرين الأول والثاني كانون الأول والثاني شباط آذار نيسان آيار حزيران تموز آب إيلول. وأقل ما ترى به فقيهاً له بدعة أو مسلماً له كتابة إلا بطبرية فإنها ما زالت تخرج الكتاب وإنما الكتبة به، وبمصر نصارى لأنهم اتكلوا على لسانهم فلم يتكلفوا الأدب كالأعاجم، وكنت إذا حضرت مجلس قاضي القضاة ببغداد اخجل من كثرة ما يلحن، ولا يرون ذلك عيباً وأكثر الجهابذة والصباغين والصيارفة والدباغين بهذا الاقليم يهود، وأكثر الاطباء والكتبة نصارى. وأعلم أن خمساً في خمسة مواضع من الإسلام حسن: رمضان بمكة وليلة الختمة بالمسجد الأقصى والعيدين باصقلية ويوم عرفة بشيراز ويوم الجمعة ببغداد وأيضاً ليلة النصف من شعبان بايليا ويوم عشوراء بمكة حسن. ولهم تجمل يلبسون الأردية كل عالم وجاهل ولا يتخففون في الصيف إنما هي نعال الطاق، وقبورهم مسنمة ويمشون خلف الجنائز ويسلون الميت ويخرجون إلى المقابر لختم القرآن ثلاثة أيام إذا مات ميت، ويكشفون المماطر ولا يقورون الطيالسة، ولا جلة البزازين بالرملة حمر مصرية بسروج، ولا يركب به الخيل إلا أمير أو رئيس، ولا يتدرع إلا أهل القرى والكتبة، ولباس القرياتيين برستاق ايليا ونابلس كساء واحد حسب بلا سراويل ولهم الأفرنة، وللقرياتيين الطوابين تنور في الأرض صغير قد فرش بالحصى فيوقد الزبل حوله وفوقه فإذا أحمر طرحت الأرغفة على الحصى، وبه طباخون للعدس والبيسار ويقلون الفول المنبوت بالزيت ويصلقونه ويباع مع الزيتون، ويملحون الترمس ويكثرون أكله، ويصنعون من الخرنوب ناطفاً يسمونه القبيط، ويسمون ما يتخذون من السكر ناطفاً، ويصنعون زلابيةً في الشتاء من العجين غير مشبكة، وعلى أكثر هذه الرسوم أهل مصر وعلى أقلها أهل العراق وأقور.

وبه معادن حديد في جبال بيروت، وبحلب مغرة جيدة، وبعمان دونها، وبه جبال حمر يسمى ترابها السمقة وهو تراب رخو، وجبال بيض تسمى الحوارة فيه أدنى صلابة يبيض به السقوف ويطين به السطوح وبفلسطين مقاطع حجارة بيض، ومعدن للرخام ببيت جبريل، وبالأغوار معادن كبريت وغيره. ويرتفع من البحيرة المقلوبة ملح منثور، وخير العسل ما رعى السعتر بايليا وجبل عاملة، وأجود المري ما عمل باريحاء. وقد ذكرنا أكثر المشاهد في عنوان الاقليم وأن ذكرنا مواضعها طال الكتاب غير أن أكثرها بايليا ثم بسائر فلسطين ثم بالاردن.

ومياه هذا الاقليم جيدة إلا ماء بانياس فإنه يطلق، وماء صور يحصر، وماء بيسان ثقيل، ونعوذ بالله من صغر، وماء بيت الرام ردي ولا ترى أخف من ماء اريحاء، وماء الرملة مري، وماء نابلس خشن، وفي ماء دمشق وايليا أدنى خشونة، وفي الهواء أدنى يبوسة.

 

 

وفيه عدة من الأنهار تقلب في بحر الروم إلا بردى فإنه يشق أسفل قصبة دمشق فيسقي الكورة، وقد شق منه شعب يتدور في أعلى القصبة ثم ينقسم قسمين بعض يتبحر نحو البادية وبعض ينحدر فيلقي نهر الاردن، ونهر الاردن ينحدر من خلف بانياس فيتبحر بازاء قدس ثم ينحدر إلى طبرية ويشق البحيرة ثم ينحدر في الأغوار إلى البحيرة المقلوبة، وهي مالحة جداً وحشة مقلوبة منتنة فيها جبال وليس فيها أمواج كثيرة. وبحر الروم يمد على طرفه الغربي، وبحر الصين يمس طرفه الجنوبي، وبازاء صور تقع جزيرة قبرص، يقال إنها اثنا عشر يوماً كلها مدن عامرة، وللمسلمين فيها رفق وسعة لكثرة ما يحمل منها من الخيرات والثياب والآلات وهي لمن غلب. المسافة إليها في البحر اقلاع يوم وليلة ثم إلى بلد الروم مثل ذلك.

ومن العجائب بايليا مغارة بظاهر البلد عظيمة، سمعت بعض العلماء وقرأت في بعض الكتب أنها تنفذ إلى قوم موسى، وما صح لي ذلك وإنها مماطع للحجارة وفيها طرق يدخل فيها بالمشاعل. بين فلسطين والحجاز الحجارة التي رمى بها قوم لوط على طريق الحجاج مخططة صغاروكبار. بطبرية عين تغلى تعم أكثر حمامات البلد وقد شق إلى كل حمام منها نهرفبخاره يحمي البيوت فلا يحتاج إلى وقيد، وفي البيت الأول ماء بارد يمزج مقدار ما يتطهرون به ومطاهرهم من ذلك الماء، وفي هذه الكورة ماء مسخن يسمى الحمة حارٌ من اغتسل فيه ثلاثة أيام ثم اغتسل في ماءٍ آخر بارد وبه جرب أو قروح أو ناسور أو أي علة تكون برأ بإذن الله، وسمعت الطبرانيين يذكرون إنه كان عليها بما يدور بيوت، كل بيت لعلة، فكل من به تلك العلة واغتسل فيه برأ إلى وقت أرسطاطاليس، ثم سأل ملك ذلك الزمان هدم هذه البيوت لئلا يستغنوا عن الاطباء، وصحت لي هذه الحكاية لأن كل من دخله من أصحاب العلل وجب أن يخوض الماء كله ليوافق موضع شفائه. وبحيرة صغر اعجوبة يقلب فيها نهر الاردن ونهر الشراة فلا يحيل فيها، ويقال إنها لا تغرق سريعاً ومن احتقن بمائها أشفى من عللٍ كثيرة ولها موسم في شهر آب يذهب إليها الاحداث وأصحاب العلل. وفي جبال الشراة أيضاً حمة. ينزل على فلسطين في كل ليلةٍ الندى في الصيف إذا هبت الجنوب حتى يجري منه مزاريب المسجد الأقصى. أبو رياح حمص طلسم جعل للعقارب ومن أخذ طيناً وطبعه عليه نفع من لذغ العقارب بإذن الله تعالى فالعمل للطبع لا للطين. مدن سليمان عم بعلبك وتدمر من العجائب، وقبة الصخرة وجامع دمشق وميناء صوروعكا من العجائب.

ووضع هذا الإقليم ظريف، هو أربعة صفوف فالصف الأول يلي بحر الروم وهو السهل رمال منعقدة ممتزحة، يقع فيه من البلدان الرملة وجميع مدن السواحل. والصف الثاني الجبل مشجر ذو قرى وعيون ومزارع، يقع فيه من البلدان بيت جبريل وإيليا ونابلس واللجون وكابل وقدس والبقاع وانطاكية. والصف الثالث الأغوار ذات قرى وأنهار ونخيل ومزارع ونيل، يقع فيه من البلدان ويلة وتبوك وصغر وأريحاء وبيسان وطبرية وبانياس. والصف الرابع سيف البادية وهي جبال عالية باردة معتدلة مع البادية ذات قرى وعيون وأشجار، يقع فيه من البلدان مآب وعمان واذرعات ودمشق وحمص وتدمر وحلب. وتقع الجبال الفاضلة مثل جبل زيتا وصديقا ولبنان واللكام في الصف الثاني. وسرة الأرض المقدسة في الجبال المطلة على الساحل. وكنت يوماً في مجلس أبي محمد الميكالي رئيس نيسابور وقد حضر الفقهاء للمناظرة، فسئل أبو الهيثم عن دليل جواز التيمم بالنورة، فاحتج بقول النبي صلى اللع عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فعم الأرضين كلها. فقال السائل إنما عني السهل لا الجبل، ثم كثر الكلام والجلبة واعجبوا بقولهم. فقلت لأبي ذر بن حمدان وكان أشغبهم ما تنكر على قائل لو قال العلة ما ذكرها هذا الفقيه الفاضل لأن الله تعالى قال آدخلوا الأرض المقدسة وهي جبال، فجعل يخردل في كلامه ويورد ما لا ينقض ما ذكرناه، ثم قال الفقيه سهل بن الصعلوكي إنما قال ادخلوا الأرض ولم يقل اصعدوا الجبل ووقف الكلام.

 

 

فإن قال قائل لِمَ لم يقل أن الباب باريحاء والله أمرهم بدخوله، وأريحاء بالغور لا بالجبال، فصح ماقاله الامام ابن الامام. قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما فقهي وهو أن الأرض المقدسة جبال لا محالة وأريحاء في سهولها ومن اتباعها، فظاهر الآية مصروف إلى حقيقة القدس وهي إيليا وإنما هي في الجبال لا إلى التبع من السهول والأغوار. فإن قال بل الآية مصروفة إلى مدينة الجبارين وهي أريحاء التي أمروا بدخولها فتفيد الآية أمرين دخول الأرض المقدسة والمدينة المذكورة، وفائدتها على ما ذهبت إليه مقصورة على الأرض حسب وكلما حملنا القرآن على كثرة الفوائد كان أحسن. قيل أن الله عز اسمه قد أوضح ما ذهبنا إليه بقوله:  وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ألتي باركنا فيها  . فدخلت سهول فلسطين وجبالها تحت هذه الآية، وصار قولهم:  إن فيها قوما جبارين  يعني في نواحيها. والجواب الآخر اقليمي وذلك إنهم أمروا بدخول القدس والجبارون باريحاء وهي في غور بين الجبال والبحيرة، ولا يجوز أن تقول أنهم أمروا بركوب البحر فلم يبق إلا دخولها من نحو الجبال، وكذلك فعلوا لأنهم دخلوها من تحت البلقاء وعبروا الأردن إلى أريحاء. مع أنه يلزم صاحب هذه المقالة شيئان أما أن يقول إنهم لم يؤمروا بدخول جبال القدس وأما أن يقول أن جبال إيليا والبلقاء ليست من الأرض المقدسة، ومن زعم شيئاً من هذين فترك الكلام معه أصوب. وقد كان الفقيه أبو ذر لما ضيقت عليه هذه المسألة قال لي إنك لم تدخل بيت المقدس ولو دخلتها لعلمت إنها سهل بلا جبل، حتى قال له الرئيس أبو محمد هو منها. وسمعت خالي عبدالله بن الشوا يقول: أراد بعض السلاطين أن يتغلب على دير شمويل وهي قرية على فرسخ من إيليا فقال لصاحبها صف لي قريتك، قال: هي أيدك الله قريبة من السماء، بعيدة من الوطاء. قليلة الابروط، كثيرة البلوط. تحتاج إلى الكد، ولا تزكى بالرد.

يغالب غر، ولوز مر. إزرع قبا وخذ قبا، إلا أن الذي نذرت كان أنبل جبا فقال اذهب لا حاجة لنا في قريتك.

وأما الجبال الشريفة فجبل زيتا يطل على بيت المقدس وقد ذكرناه، وجبل صديقا بين صور وقدس وبانياس وصيدا، ثم قبر صديقا عنده مسجد له موسم يوم النصف من شعبان يجتمع إليه خلق كثير من هذه المدن ويحضره خليفة السلطان واتفق وقت كوني بهذه الناحية يوم الجمعة في النصف من شعبان، فأتاني القاضي أبو القاسم بن العباس حتى خطبت بهم فبعثتم في الخطبة على عمارة ذلك المسجد، ففعلوا وبنوا به منبراً. وسمعتهم يزعمون أن الكلب يعدو خلف الوحش فإذا بلغ ذلك الحد وقف وما يشبه هذه من الحكايات. وأما جبل لبنان فهو متصل بهذا الجبل كثير الأشجار والثمار المباحة، وفيه عيون ضعيفة، يتعبد عندها أقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتاً من القش، يأكلون من تلك المباحات، ويرتفقون بما يحملون منها إلى المدن من القصب الفارسي والمرسين وغير ذلك وقد قلوا به. وجبل الجولان يقابله من نحو دمشق على ما ذكرنا، وبه لقيت أبا إسحاق البلوطي في أربعين رجلاً لباسهم الصوف ولهم مسجد يجتمعون فيه، ورأيته فقيهاً عالماً على مذهب سفيان الثوري، ورأيت تقوتهم بالبلوط ثمرة على مقدار التمر مر يفلق ويحلى ثم يطحن، وثم شعير بري يخلط به. وأما جبل لكام فإنه أعمر جبال الشام وأكبرها وأكثرها ثماراً، هو اليوم بيد الأرمن، وطرسوس من ورائه، وانطاكية دونه.

والولايات لصاحب مصر وقد كان سيف الدولة غلب على أعلاه. والضرائب فيه هينة إلا ما يكون على الفنادق فإنه منكر على ما ذكرنا من بيت المقدس. وحماياته ثقيلة، على قنسرين والعواصم ثلاثمائة ألف وستون ألف دينار، وعلى الأردن مائة ألف وسبعون ألف دينار، وعلى فلسطين مائتا ألف وتسعة وخمسون ألف دينار، وعلى دمشق أربعمائة ألف ونيف. وقرأت في كتاب ابن خرداذبة خراج قنسرين أربعمائة ألف دينار، وخراج حمص ثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً، وخراج الأردن ثلاثمائة ألف وخمسون ألفاً، وخراج فلسطين خمسمائة ألف دينار.

 

 

وأما المسافات فتأخذ من حلب الى بالس يومين، ومن حب الى قنسرين يوماً وكذلك الى الأثارب، ومن حلب الى منبج يومين، ومن حب إلى أنطاكية خمسة أيام، ومن أنطاكية إلى اللاذقية ثلاثة أيام، ومن منبج إلى الفرات مرحلة. وتأخذ من حمص إلى جوسية مرحلة ثم إلى يعاث مرحلة ثم إلى بعلبك نصف مرحلة ثم إلى الزبداني مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى شمسين مرحلة ثم إلى قارا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى القطيفة مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى سلمية مرحلة ثم إلى القسطل مرحلتين ثم إلى الزراعة مثلها ثم إلى الرصافة مثلها ثم إلى الرقة نصف مرحلة. ثم تأخذ من حمص إلى حماة مرحلة ثم إلى شيزر مرحلة ثم إلى كفرطاب مرحلة ثم إلى قنسرين مرحلة ثم إلى حلب مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى طرابلس أو إلى بيروت أو إلى صيدا أو إلى بانياس أو إلى الحوران أو البثنية يومين يومين، وتأخذ من دمشق إلى أقصى الغوطة أو إلى بيت سرعا مرحلة مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى الكسوة بريدين ثم إلى جاسم مرحلة ثم إلى فيق مثلها ثم إلى طبرية بريداً. وتأخذ من بانياس إلى قدس أو إلى جب يوسف بريدين بريدين. وتأخذ من بيروت إلى صيدا أو إلى طرابلس مرحلة مرحلة. وتأخذ من طبرية إلى اللجون أو إلى جب يوسف أو إلى بيسان أو إلى عقبة أفيق أو إلى الجش أو إلى كفركيلا مرحلة مرحلة. وتأخذ من اللجون إلى قلنسوة مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة وإن شئت فخذ من اللجون إلى كفرسابا بالبريد مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة. وتأخذ من بيسان إلى تعاسير بريدين ثم إلى نابلس مثلها ثم إلى بيت المقدس مرحلة. وتأخذ من جب يوسف إلى قرية العيون مرحلتين ثم إلى القرعون مرحلة ثم إلى عين الجر مرحلة ثم إلى بعلبك مرحلة وهذا يسمى طريق المدارج. وتأخذ من الجش إلى صور مرحلة ومن صور إلى صيدا مرحلة ومن صور إلى قدس أو إلى مجدل سلم بريدين، ومن مجدل سلم إلى بانياس بريدين. وتأخذ من طبرية إلى عكا مرحلتين، ومن جبل لبنان إلى نابلس أو إلى قدس أو إلى صيدا أو إلى صور نحو مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى بيت المقدس أو إلى بيت جبريل أو إلى عسقلان أو إلى السكرية مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى نابلس أو إلى كفرسلام أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى أريحاء مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى يافه أو إلى الماحوز أو إلى أرسوف أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى بيت جبريل أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى نهر الأردن مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى نابلس مرحلة، وتأخذ من بيت المقدس إلى أريحاء بريدين. وتأخذ من غزة إلى بيت جبريل أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من مسجد إبراهيم إلى قاووس مرحلة ثم إلى صغر مرحلة. وتأخذ من نهر الأردن إلى عمان مرحلة. وتأخذ من نابلس إلى أريحاء مرحلة، وتأخذ من أريحاء إلى بيت الرام بريدين ثم إلى عمان مرحلة. وتأخذ من صغر إلى مآب مرحلة. وتأخذ من عمان إلى مآب أو إلى الزرقاء مرحلة مرحلة، وتأخذ من الزرقاء إلى أذرعات مرحلة، ومن أذرعات إلى دمشق مرحلتين. وتأخذ من قيسارية إلى كفرسلام أو إلى كفرسابا أو إلى أرسوف أو إلى الكنيسة مرحلة مرحلة. ومن يافه إلى عسقلان مرحلة.

 

اقليم مصر

هذا هو الاقليم الذي افتخر به فرعون على الورى، وقام على يد يوسف بأهل الدنيا. فيه آثار الأنبياء، والتيه وطور سيناء. ومشاهد يوسف وعجائب موسى، وإليه هاجرت مريم بعيسى. وقد كرر الله في القرآن ذكره، وأظهر للخلق فضله. أحد جناحي الدنيا، ومفاخره فلا تحصى. مصره قبة الإسلام ونهره أجل الأنهار وبخيراته تعمر الحجاز وبأهله يبهج موسم الحاج وبره يعم الشرق والغرب قد وضعه الله بين البحرين، وأعلى ذكره في الخافقين. حسبك أن الشام على جلالتها رستاقه، والحجاز مع أهلها عياله. وقيل أنه هو الربوه، ونهره يجري عسلاً في الجنة. قد عاد فيه حضرة أمير المؤمنين، ونسخ بغداد إلى يوم الدين، وصار مصره أكبر مفاخر المسلمين. غير أن جدبه سبع سنين متوالية، والأعناب والاتيان به غالية. ورسوم القبط به عالية، وفي كل حين تحل بهم الداهية. عمره مصر بن حام بن نوح عم، وهذا شكله ومثاله.

 

 

وقد جعلنا اقليم مصر على سبع كور، ست منها عامرة ولها أيضاً أعمال واسعة ذات ضياع جليلة ولم تكثر مدائن مصر لأن أكثر أهل السواد قبط، ولا مدينة في قياس علمنا هذا إلا بمنبر. فاولها من نحو الشام الجفار ثم الحوف ثم الريف ثم إسكندرية ثم مقدونية ثم الصعيد والسابعة الواحات. فأما الجفار فقصبتها الفرما ومدنها: البقارة الورادة العريش. وأما الحوف فقصبتها بلبيس ومن مدنها: مشتول جرجير فاقوس غيفا دبقو تونة بريم القلزم. وأما الريف فقصبتها العباسية ومن مدنها: شبرو، دمنهور، سنهور، بنهاالعسل، شطنوف، مليج، محلة سدر، محلة كرمين، المحلة الكبيرة، سندفا، دميرة، بورة، دقهلة، محلة زيد، محلة حفص، محلة زياد، سنهور الصغرى، برلس. وأما اسكندرية فهي القصبة أيضاً ومن مدنها: الرشيد، مريوط، ذات الحمام، برلس. وأما مقدونية فقصبتها الفسطاط وهو المصر ومن مدنها: العزيزية، الجيزة، عين شمس. وأما الصعيد فقصبتها أسوان ومن مدنها: حلوان، قوص، إخميم، بلينا، علاقي، اجمع، بوصير، الفيوم، أشمونين، سمسطا، تندة، طحا، بهنسة، قيس. وبازاء الحوف جزيرتان في بحيرتين فيهما تنيس ودمياط.

الفرما: على ساحل بحر الروم وهي قصبة الجفار على فرسخ من البحر، عامرة آهلة عليها حصن ولها أسواق حسنة، وهي في سبخة وماؤها مالح وحولها مصايد السلوى، معدن الاسماك الجيدة، وبها اضداد عدة وخيرات كثيرة، وهي مجمع الطرق مذكورة سرية غير أن ماءها مالح وطيرها مزمن. وهذه الكورة كلها رمال ذهبية، والمدن التي ذكرناها وسطها، وفيها طرق ونخيل وآبار وعلى كل بريد حانوت، إلا أن الريح ربما لعبت بالرمال فغطت الطريق والسير فيها صعب. بلبيس: قصبة الحوف، كبيرة كثيرة القرى والمزارع عامرة، بنيانهم من طين. المشتول: كثيرة الطواحين ومنها يحمل أكثر ميرة الحجاز من الدقيق والكعك، واحصيت في وقت من السنة فإذا هو يبلغ ثلاثة آلاف حمل جمل في كل ا أسبوع، كلها حبوب ودقيق. القلزم: بلد قديم على طرف بحر الصين يابس عابس لاماء ولاكلأ ولازرع ولاضرع ولاحطب ولاشجر ولاعنب ولاثمر، يحمل إليهم الماء في المراكب، ومن موضع على بريد يسمى سويس على الجمال، ماء آجن ردي، ومن أمثالهم ميرة أهل القلزم من بلبيس، وشربهم من سويس، يأكلون لحم التيس، ويقدون سقف البيت، هي أحد كنف كة الدنيا مياه حماماتهم زعاق وحشة ملولة، والمسافة إليها صعبة، غير أن مساجدها حسنة وبها قصور جليلة ومتاجر مفيدة، هي خزانة مصر وفرضة الحجاز ومعونة الحاج، واشترينا يوماً بدرهم حطباً فاحتجنا له بدرهم حطباً. وهذه الكورة غير طيبة ولا أرى في ذكر بقية مدائنها فائدة.

العباسية: هي قصبة الريف، عامرة طيبة قديمة، شربهم من النيل موضع الريف والخصب، بنيانهم افرج من بنبان مصر، بها اضداد تحمل إليها وجامع حسن من الآجر، رفقة سرية. المحلة الكبيرة: ذات جانبين اسم الجانب الآخر سندفا، بكل جانب جامع، وجامع المحلة وسطها وجامع تلك علعى الشط لطيف، وهذه أعمر وبها سوق زيت حسن، والناس يذهبون ويجيئون في الزواريق، شبهتها بواسط. دميرة: أيضاً على الشط طويلة عامرة بها بطيخ نادر. الإسكندرية: قصبة نفيسة على بحر الروم، عليها حصن منيع، وهو بلد شريف كثير الصالحين والمتعبدين، شربهم من النيل يدخل عليهم أيام زيادته في قناةٍ فيملأ صهاريجهم، وهي شامية الهواء والرسوم، كثيرة الأمطار، جامعة للاضداد، جليلة الرستاق، جيدة الفواكه والأعناب طيبة نظيفة، بناؤهم من الحجارة البحرية، معدن الرخام وبها جامعان، وعلى جبابهم أبواب تغلق بالليل كيلا يصعد منها اللصوص. وسائر المدن عامرات طيبات وفي نواحيها خرنوب وزيتون ولوز ومزارع على البعل، وثم يصب النيل في بحر الروم وهي مدينة ذي القرنين ولها قصبة عجيبة.

 

 

الفسطاط: هومصرفي كل قول لأنه قد جمع الدواوين، وحوى أمير المؤمنين. وفصل بين المغرب وديار العرب واتسع بقعته وكثر ناسه وتنضر اقليمه وأشتهر اسمه وجل قدره فهو مصر مصر وناسخ بغداد ومفخر الإسلام ومتجر الأنام، وأجل من مدينة السلام. خزانة المغرب ومطرح المشرق وعامر الموسم ليس في الأمصار آهل منه، كثير الاجلة والمشايخ، عجيب المتاجر والخصائص حسن الأسواق والمعايش، إلى حماماته المنتهى، ولقياسيره لباقة وبهاء. ليس في الإسلام أكبر مجالس من جامعه، ولا أحسن تجملاً من أهله، ولا أكثر مراكب من ساحله. آهل من نيسابور واجل من البصرة وأكبر من دمشق، به أطعمة لطيفة، وأدامات نظيفة، وحلاوات رخيصة، كثير الموز والرطب، غزير البقول والحطب. خفيف الماء، صحيح الهواء. معدن العلماء، طيب الشتاء. أهل سلامةٍ وعافية، ومعروف كثير وصدقة. نغمتهم بالقرآن حسنه، ورغبتهم في الخير بينة. وحسن عبادتهم في الآفاق معروفة قد استراحوا من أذى الأمطار، وأمنوا من غاغة الأشرار. ينتقدون الخطيب والإمام ولا يقدمون إلا طيباً وإن بذلوا الأموال قاضيهم ابداً خطير، والمحتسب كالأمير، ولا ينفكون أبداً من نظر السلطان والوزير. ولولا عيوب له كثير، ما كان له في العالم من نظير. وهو نحو ثلثي فرسخ طبقات بعضها فوق بعض وكانت جانبين الفسطاط والجيزة ثم شق بعض الخلفاء من ولد العباس خليجاً على قطعة منها فسميت تلك القطعة الجزيرة لأنها بين العمود والخليج وسمي خليج أمير المؤمنين، منه شربهم، ودورهم أربع طبقات وخمس كالمناير يدخل إليهم الضياء من الوسط، وسمعت أنه يسكن الدار الواحدة نحو مائتي نفس، وأنه لما صار إليها الحسن بن أحمد القرمطي خرج الناس إليه فرآهم مثل الجراد فهاله ذلك وقال ما هذا قيل هؤلاء نظارة مصر ومن لم يخرج أكثر. وكنت يوماً أمشي على الساحل وأتعجب من كثرة المراكب الراسية والسائرة، فقال لي رجل منهم من أين أنت، قلت: من بيت المقدس، قال: بلد كبير أعلمك يا سيدي اعزك الله أن على هذا الساحل وما قد أقلع منه إلى البلدان والقرى من المراكب ما لو ذهبت إلى بلدك لحملت أهلها وآلاتها وحجارتها وخشبها حتى يقال كان ههنا مدينة. وسمعتهم يذكرون أنه يصلي قدام الامام يوم الجمعة نحو عشرة الآف رجل، فلم أصدق حتى خرجت مع المتسرعة إلى سوق الطير فرأيت الأمر قريباً مما قالوا. وأبطأت يوماً عن السعي إلى الجمعة، فالفيت الصفوف في الأسواق على أكثر من ألف ذراع من الجامع، ورأيت القياسير والمساجد والدكاكين حوله مملؤة من كل جانب من المصلين، وهذا الجامع يسمى السفلاني من عمل عمرو بن العاص وفيه منبره، حسن البناء في حيطانه شيء من الفسيفس على أعمدة رخام أكبرمن جامع فى دمشق والإزدحام فيه أكثر من الجوامع الست، قد التفت عليه الأسواق إلا أن بينها وبينه من نحو القبلة دار الشط وخزائن وميضأة، وهو أعمر موضع بمصر، وزقاق القناديل عن يساره، وما يدريك ما زقاق القناديل، والجامع الفوقاني من بناء بني طيلون أكبر وأبهى من السفلاني على أساطين واسعة مصهرجة وسقوفه عالية، في وسطه قبة على عمل قبة زمزم فيها سقاية، مشرف على فم الخليج وغيره وله زيادات وخلفه دار حسنة ومنارته من حجر صغيرة درجها من خارج، والحد بين أسفل وفوق مسجد عبدالله قد بنى على مساحة الكعبة. ويطول الوصف بنعت أسواقه وجلالته، غير أنه أجل أمصار المسلمين وأكبر مفاخرهم وآهل بلدانهم، ومع هذه الكثرة اشتريت به الخبز الحواري ولا يخبزون غيره ثلاثين رطلاً بدرهم، والبيض ثمانية بدانق، والموز والرطب رخيص، يجيء ابداً إليه ثمرات الشام والمغرب، وتسير الرفاق إليه من العراق والمشرق، ويقطع إليه مراكب الجزيرة والروم، تجارته عجيبة ومعايشه مفيدة وأمواله كثيرة، لا ترى أحلى من مائه ولا أوطأ من أهله ولا أحسن من بهره ولا أبرك من نهره إلا أنه ضيق المنازل كثير البراغيث عفن كرب البيوت قليل الفواكه مياه كدرة وآبار وضرة ودور قذرة وبق منتن وجرب مزمن ولحوم غزيرة وكلاب كثيرة ويمين فظيعة ورسوم وحشة. أبداً على خوف من القحط وانقطاع النهر وأشرافٍ على الجلاء وتربص بالبلاء. لا يتورع مشايخهم عن شرب الخمور، ولا نساؤهم عن الفجور. للمرأة زوجان، وترى الشيخ سكران. وفي المذهب حزبان، مع سمرة وقبح لسان. والجزيرة خفيفة لأهل، الجامع والمقياس على طرفها عند الجسر

 

مما يلي المصر. وفيها بساتين ونخيل ومتنزه أمير المؤمنين عند الخليج بموضع يسمى المختارة. يلي المصر. وفيها بساتين ونخيل ومتنزه أمير المؤمنين عند الخليج بموضع يسمى المختارة.

الجيزة: مدينة خلف العمود كانت الطريق إليها من الجزيرة. علي جسر، إلى أن قطعه الفاطمي، بهاجامع وهي أعمر وأكبر من الجز يرة، والجادة منها إلى المغرب، ويلقي الخليج العمود تحت الجزيرة عند المختارة. القاهرة: مدينة بناها جوهر الفاطمي لما فتح مصر وقهر من فيها. كبيرة حسنة بها جامع بهي وقصر السلطان وسطها، محصنة بأبواب محددة، على جادة الشام، ولا يمكن أحداً دخول الفسطاط إلا منها لأنهما بين الجبل والنهر، ومصلى العيد من ورائها والمقابر بين المصر والجبل. العزيزية: قد اختلت وخربت عامتها، وكانت المصر في القديم وبها كان ينزل فرعون، وثم قصره ومسجد يعقوب ويوسف. عين شمس: مدينة على جادة الشام، كثيرة المزارع بها مسد النيل أيام زيادته، جامعهم في السوق. المحلة: مدينة على نهر الإسكندرية، بها جامع لطيف وليس بها كثير أسواق، غيرأنها عامرة نزيهة الشط حسنة النهر، يقابلها صندفا به جامع، عامرة شبهتها بواسط، إلا أنه ليس بينهما جسر يعبرون في المراكب. حلوان: مدينة من نحو الصعيد ذات مغاير ومقاطع وعجائب، بها حمام من فوقه حمام آخر. وسائر المدن على عمود النيل وخليجيه.

أسوان: قصبة الصعيد على النيل، عامرة كبيرة بها منارة طويلة ولها نخيل وكروم كثيرة وخيرات وتجارات وهى من الأمهات. إخميم: مدينة كثيرة النخيل على بعض شعب النيل، ذات كروم ومزارع، منها كان ذو النون الزاهد، وهذه الكورة أعلى أرض مصر وفيها يخرج النيل. الفيوم: جليل به مزارع الأرز الفائق والكتان الدون، ولها قرى سرية تسمى الجوهريات. العلاقي: مدينة في آخر الكورة على طريق عيذاب. وأما الواحات فإنها كانت كورة جليلة ذات أشجار ومزارع وإلى اليوم يوجد فيها صنوف الثمار وأغنام ونعم، قد توحشت متصلة بأرض السودان تمس طرف إقليم المغرب وبعض يجعلونها منه. تنيس: بين بحر الروم والنيل، بحيرة فيها جزيرة صغيرة قد بنيت كلها مدينة وأي مدينة هي بغداد الصغرى، وجبل الذهب ومتجر الشرق والغرب، أسواق ظريفة وأسماك رخيصة وبلد مقصودة ونعم ظاهرة وساحل نزيه وجامع نفيس وقصور شاهقة ومدينة مفيدة رفقة، إلا أنها في جزيرة ضيقة والبحر علها كحلقة ملولة قذرة، والماء في صهاريج مغلقة، أكثر أهلها قبط، والبلاذات تطرح إلى الطرق، وبها يعمل الثياب والأردية الملونة، وثم موضع قد نضد فيه موتى الكفار بعض على بعض، ومقابر المسلمين وسط البلد. دمياط: تسير في هذه البحيرة يوماً وليلة، ربما لقيك ماء حلو وأزقة ضيقة، إلى مدينة أخرى، وهي أطيب وأرحب وأوسع وأفسح وأحزب وأكثر فواكه وأحسن بناء وأوسبع ماءً وأحذق صناعاً وأرفع بزاً وأنظف عملاً وأجود حمامات وأوثق جدارات وأقل اذايات من تنيس، عليها حصن من الحجارة كثيرة الأبواب، وفيها رباطات كثيرة حزبة ولهم موسم كل سنة يقصدها المرابطون من كل جانب، وبحر الروم منها على صيحة، دور القبط على ساحله، وثم يفيض النيل في البحر. شطا: قرية بين المدينتين على البحيرة يسكنها القبط وإليها ينسب هذا البز. طحا: قرية بالصعيد يعمل بها ثياب الصوف الرفيعة، ومنها كان الفقيه الإمام أبو جعفر الأزدي. ويصنع ببهنسة الستور والأنماط، والكتان الرفيع مزارعه ببوصير.

جمل شؤون هذا الإقليم

هذا اقليم إذا أقبل فلا تسأل عن خصبه ورخصه وإذا أجدب فنعوذ بالله من قحطه، يمد سبع سنين حتى يأكلون الكلاب ويقع فيهم الوباء المبرح، أشد حراً من سواحل الشام ويبرد في طوبه برداً شديداً، به نخيل كثيرة وعامة ذمته نصارى يقال لهم القبط ويهود قليل، كثير المجذمين وبيت الجرب لأنه عفن وأكثر أدمهم السمك.

وعلى مذاهب أهل الشام غير أن أكثر فقهاءهم مالكيون، ألا ترى أنهم يصلون قدام الإمام ويربون الكلاب، وأعلى القصبة وأهل صندفا شيعة، وسائر المذاهب بالفسطاط موجودة ظاهرة، وثم محلة الكرامية وجبلة للمعتزلة والحنبلية والفتيا، اليوم على مذاهب الفاطمى التي نذكرها في إقليم المغرب.

 

 

والقراءات السبع فيه مستعملة غير أن قراءة ابن عامر أقلها، ولما قرأت بها على أبي الطيب بن غلبون قال: دع هذه القراءة فإنها عتمقة، قلت: قيل لنا عليكم بالعتيق، قال: فعليك بها، وقرأت عليه لأبي عمرو فكان يأمرني بتفخيم الراء من مريم والتورية، والغالب عليهم والمختار عندهم قراءة نافع، وسمعت شيخاً في الجامع السفلاني يقول ما قدم في هذا المحراب أمام قط إلا وهو يتفقه لمالك ويقرأ لنافع غير هذا يعني ابن الخياط، قلت: ولم ذلك، قال: لم نجد أطيب منه وكان شفعوياً لم أبو عمرياً لم أر في الاسلام أحسن نغمة منه. لغتهم عربية غير أنها ركيكة رخوة، وذمتهم يتحدثون بالقبطية.

وهو بلد التجارات يرتفع منه أديم جيد صبور على الماء ثخين لين، والبطائن الحمر والهملختات والمثلث هذا من المصر، ومن الصعيد الأرز والصوف والتمور والخل والزبيب، ومن تنيس لا دمياط الثياب الملونة، ومن دمياط القصب، ومن الفيوم الأرز وكتان دون، ومن بوصير قريدس الكتان الرفيع، ومن الفرما الحيتان ومن مدنها القفاف والحبال من الليف في غاية الجودة ولهم القباطي والأزر والخيش والعباداني والحصر والحبوب والجلبان ودهن الفجل والزنبق وغيرذلك.

الخصائص ولا نظير لأقلامهم وزاجهم ورخامهم وخلهم وصوفهم وخيشهم وبزهم وكتانهم وجلودهم وحذوهم وهملختاتهم وليفهم ووزهم وموزهم وشمعهم وقندهم ودقهم وصبغهم وريشهم وغزلهم واشنانهم وهريستهم ونيدتهم وحمصهم وترمسهم وقرطهم وقلقاسهم وحصرهم وحمرهم وبقرهم وحزمهم ومزارعهم ونهرهم وتعبدهم وحسن نغمتهم وعمارة جامعهم وحالومهم وحيسهم وحيتانهم ومعايشهم وتجاراتهم وصدقاتهم كل ذلك في غاية الجودة. وقد أجتمع بها من خصائص فلسطيني القلقاس وهو شيء على قدر الفحل المدور عليه قشر وفيه حدة يقلى بالزيت ويطرح في السكباج، والموز وهو على مقدار الخيار عليه مزود رقيق يقشر عنه ثم يؤكل له حلاوة وعفوصة، والجميز وهو أصغر من التين له ذنب طويل، والترمس وهو على قدر الظفر يابس مر يحلى ويملح، والنبق وهو على قدر الزعرور فيه نواة كبيرة حلو وهو ثمرة شجرة السدر، ويزيدون عليهم بالنيدة وهي السمنوا غير إنه عجيب الصنعة يبسط على القصب حتى يجف وينعلك، ودهن البلسان من نبتٍ ثم.

والنقود القديمة المثقال والدرهم ولهم المزبقة خمسون دينار ويكثرون التعامل بالراضي وقد غير الفاطمي النقود إلا هذين وأبطل القطع والمثاقيل.

والمكاييل الويبة وهي خمسة عشر مناً والأردب ست ويبات والتليس ثمان وهي بطالة.

والرسوم بجوامع هذا الإقليم إذا سلم الإمام كل يوم صلاة الغداة وضع بين يديه مصحفاً يقرأ فيه جزءًا ويجتمع الناس عليه كما يجتمع على المذكرين،و لهم أذان ينفردون به على طريق النياحة ثلث الليل الأخير وله قصة يأثرونها، وبين العشائين جامعهم مغتصٌ بحلق الفقهاء وائمة القراء وأهل الأدب والحكمة، ودخلتها مع جماعةٍ من المقادسة فربما جلسنا نتحدث فنسمع النداء من الوجهين دوروا وجوهكم إلى المجلس فننظر فإذا نحن بين مجلسين، على هذا جميع المساجد، وعددت فيه مائة وعشرة مجالس، فإذا صلوا العشاء أقام البعض إلى ثلث، وأكثر سوقهم إذا رجعوا من الجامع، ولا ترى أجل من مجالس القراء به، وبه مجلس للمتلعبين ولهم إجراء ويضربون على جوامعهم شراعات وقت الخطبة مثل البصرة، ويخلو أسواقهم أيام الجمع. قل ما يلبسون ثوبا غسيلاً أو نعلاً قد امتعطت، ولا يكثرون أكل اللحم، ويكثرون الإشارة في الصلاة والنخع والمخاط في المساجد ويجعلونه تحت الحصر، ويخبزون في الرساتيق، وقت البيادر ما يكفيهم إلى عام قابل ثم ييبسونه ويخبؤنه، ولهم باذهنجات مثل أهل الشام، أهل تجمّل وتردد وتملق يمينهم الكبرى ورأس الله والصغرى وحق علي، يحبون رؤوس السمك ويقال أنهم إذا رأوا شاميا قد اشترى سمكا اتبعوه فإذا رمى رؤوسها أخذوها، يكثرون أكل الدلينس أقذر شيء حيوان بين زلفتين صغيرتين يفلقان ويحسى مثل المخاط.

ومن عيوبهم ضعف قلوبهم وقلة ثمارهم، وأهل الشام أبدا يعيبونهم ويسخرون منهم يقولون مطر أهل مصر الندى، وطيرهم الحداء، وكلامهم يا سيدي رخو مثل النساء، اعزك الله ما لك كذا، أكلهم الدلينس ونقلهم الحمص وجبنهم الحالوم وحلواهم النيدة وقطائعهم الخنازير ويمينهم كفر.

 

 

وأما النيل فلم أذق ولا سمعت أن في جميع الدنيا ماء أحلى منه إلا نهر المنصورة، وزيادته من شهر بونه إلى شهر توت وقت عيد الصليب، ولهم سدّان أحدهما بعين شمس ترعة تسد بالحلفاء والتراب قبل زيادته، فإذا أقبل الماء رده السد وعلا الماء على الجرف أعلى القصبة فيسقي تلك الضياع مثل بهتيت والمنيتين وشبرو ودمنهور وهو سد خليج أمير المؤمنين، فإذا كان يوم عيد الصليب وقت انتهاء حلاوة العنب، خرج السلطان إلى عين شمس فأمر بفتح هذه الترعة، وقد سد أهل الجرف أفواه أنهارهم حتى لا يخوج الماء منها وجعلوا عليها الحراس فينحدر الماء إلى ضياع الريف كلها، والترعة الأخرى أسفل من هذه وأعظم غير أن السلطان لا يحضرها ويبين بفتحتها النقصان في النيل وهي بسردوس. والمقياس بركة وسطها عمود طويل فيه علامات الاذرع والأصابع وعليه وكيل وأبواب محكمة، يرفع إلى السلطان في كل يوم مقدار ما زاد، ثم ينادي المنادي زاد الله اليوم في النيل المبارك كذا وكذا، وكانت زيادته عام الأول في هذا اليوم كذا وكذا وعلى الله التمام، ولا ينادي عليه إلا بعد أن يبلغ إثنى عشر ذراعا إلا ما يرفع إلى السلطان حسب، والإثنا عشر ما يعم ضياع الريف، فإذا بلغ أربعة عشر سقى أسفل الإقليم، فإذا بلغ ستة عشر استبشر الناس وكانت سنة مقبلة، فإن جاورها كان خصب وسعة. فإذا نضب الماء أخذوا في الحرث والبذر وفي أيام زيادته تتبحر مصر حتى لا يمكن الذهاب من هذه الضيعة إلى الأخرى إلا في الزواريق في بعض المواضع. وقد كانت له سنة سوء في القديم على ما حدثنا أبو ياسر مسافر بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا يوسف بن علي، قال: حدثنا المأمون، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: أخبرنا أبو صالح عن ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج، قال: لما افتتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل بونه، فقالوا: أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري ألا بها إذا كانت إثنتا عشرة ليلة من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها، فارضيناهما وجعلنا عليها من الحلى والثياب أفضل ما يكون ثم القيناها فيه، فقال لهم عمرو: هذا ما لا يكون أبدا، أن الاسلام يهدم ما قبله، فأقاموا ذلك الشهر وشهرا آخر وشهرا آخر لا يجري فيه النيل بقليل ولا بكثير حتى هموا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليه إنك قد أصبت بالذي فعلت، وإن الاسلام ليهدم ما قبله، فبعث ببطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو أني قد بعثت إليك بطاقة فألقها في النيل، فلما قدم الكتاب افتتحه ونظر فإذا في البطاقة من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله الواحد القهار الذي يجريك فنحن نسأله تعالى أن يجريك. فألقاها قبل الصليب وقد تهيأ أهلها للجلاء فاصبحوا يوم الصليب وقد اجراه الله ستة عشر ذراعا، وقطع الله تلك السنة السيئة عنهم إلى اليوم. ويكدر ماؤه أيام زيادته فيلقون فيه نوى المشمش المرضوض ليصفو ويبرد أيام البرد نحو شهرين، وكنت يوما في مجلس الحليمي بالجامع فأتى بكوز ماء فشرب منه ثم قال: قد استوينا معكم يا مقدسي في الماء، قلت: ولا سواء أيَّد الله الفقيه برد مائنا دائم وهذا عارض. ولهم مشارع على الشط يحملون منها الماء في الروايا ويصعدن كل طبقة بنصف دانق مزبَّقة. وإذا هبت ريح الشمال تراكضت أمواج البحر ودفعت ماء النيل من البحيرة، فإذا هبَّت الجنوب ردت ماء البحر عن البحيرة وغلب عليها النيل وملأ أهل تنيس صهاريجهم في تلك الأشهر الأربعة بالروايا والقرب وسمعت جماعة بالفرما يذكرون أن النيل ربما بلغ المناير، ويصل النيل أيضاً إلى قصبة الاسكندرية ويدخلها في شباك حديد فيملؤن صهاريجهم ثم ينقطع. وفي النيل دابة تسمى التمساح على شبه الحرذون رأسه ثلث بدنه لا يعمل فيه السلاح إلا تحت ابطيه وفمه يختطف الانسان وأكثر ما يظهر بالصعيد وسردوس، ومن أمثالهم إحذر سردوس ولو كان الماء في قادوس، والقادوس كوز الدولاب. وكنت يوما في سفينة عند سردوس فحكَّت فقلت أبالأرض حكَّت قيل لا ولكن بظهر تمساح. ولم يكن النيل يبلغ الفيوم فشكوا ذلك إلى يوسف عم فبنى وسط النهر سدا عظيما وجعل في أسفله منافس في قني زجاج، فرد السد الماء فارتفع حتى حاذى أرض الفيوم فسقاها فهي اليوم أكثر أرض مصر ماء، ألا ترى أن بها مزارع الأرز

 

أولا ترى إلى ثقل خراجها وكثرة دخلها والماء حين زيادته ينهال من فوق السد فربما خلوا المراكب مع الجرية فانحدرت سالمة وربما عطفت فانقلبت فإذا استغنوا عن الماء فتحت المنافس وانحط الماء. وكلما قرب إلى النيل من الآبار حلوة وما بعد كريهة، وأطيب الحمامات ما كان على الشط، ولهم قنى تدخل البلد يستقي لها الماء بالدواليب، وعلى النيل أيضاً دواليب كثيرة تسقي البساتين وقت نقصانه، وماء الفيوم حار لأنه يجري على مزارع الرز.ولا ترى إلى ثقل خراجها وكثرة دخلها والماء حين زيادته ينهال من فوق السد فربما خلوا المراكب مع الجرية فانحدرت سالمة وربما عطفت فانقلبت فإذا استغنوا عن الماء فتحت المنافس وانحط الماء. وكلما قرب إلى النيل من الآبار حلوة وما بعد كريهة، وأطيب الحمامات ما كان على الشط، ولهم قنى تدخل البلد يستقي لها الماء بالدواليب، وعلى النيل أيضاً دواليب كثيرة تسقي البساتين وقت نقصانه، وماء الفيوم حار لأنه يجري على مزارع الرز.

وهم يقولون أن الجدي أول ما يولد يقول أخرجوا يا غرباء، وبالاسكندرية سمك مخطط يسمى الشرب، من أكل منه رأى منامات وحشة إلا أن يكون ممن يشرب الخمر فإنه لا يضره. وبالفرما طير السمانى من أكل منه زمن وتعقدت مفاصله. من واظب في الفسطاط على أكل السمك جرب جربا لا يفارقه سبع سنين. وبه جبل فيه معدن الذهب، ولهم معادن زاج الحبر لا ترى مثله، وطين يسمى الطفل، وفي المقطم مقاطع حجارة بيض حسنة تنشر كما ينشر الخشب.

وبه مشاهد قد قال بعض المفسرين أن الربوة ذات قرار ومعين هي مصر، وقد كان عيسى ومريم بها مدة. وطور سيناء قريب من بحر القلزم يخرج إليه من قرية تسمى الأمن، وهو الموضع الذي خرج فيه موسى وبنو اسرائيل. وثم إثنتا عشرة عينا عذيبية، الطور منه على يومين فيه دير للنصارى ومزارع كثيرة، وثم زيتونة يزعمون أنها التي لها قال الله لا شرقية ولا غربية يحمل زيتها إلى الملوك. وبالفسطاط الموضع الذي بيع فيه يوسف عم، وبالمقطم مواضع يفضلونها وصوامع يقصدونها ليالي الجمع، وعلى صيحة من الفسطاط موضع يسمى القرافة فيه مسجد وسقايات حسنة وخلق من العبّاد وموضع خلوة وسوق لطلاب الآخرة وجامع حسن، ومقابرهم في غاية الحسن والعمارة ترى البلد غبراء والمقابر بيضا ممتدة على طول المصر، فيها قبر الشافعي بين المزني وأبي إسحاق المروزي، والموضع الذي دخل منه بنو إسرائيل البحر عند القلزم، وبقرب سردوس مسجد الخضر عم، وتيه بني إسرائيل فيه خلاف والصحيح أنه بين مصر والشام يكون نحو أربعين فرسخا رمال وسباخ وسماق وفيه نخيل وعيون له حد متصل بالجفار وآخر بطور سينا وحد المفازة الريف من نحو القلزم وحد بالشام وفيه طريقهم إلى مكة.

 

 

وفيه عجائب منها الهرمان اللذان هما أحد عجائب الدنيا من حجارة شبه عماريتين أرتفاع كل واحدة أربعمائة ذراع بذراع الملك في عرض مثلها، قد ملئت بكتابة يونانية وفي داخلهما طريقان إلى أعلاهما وطريق تحت الأرض نبيَّه موضوعة في الرمال، وسمعت فيهما أشياء مختلفة، فمنهم من قال هما طلسمان ومنهم من قال كانتا أهراء يوسف وقيل بل كانت هي قبورهم، وقرأت في كتاب ابن الفقيه انهما للرمل المحبوس، ويقال مكتوب عليهما أني بنيتهما فمن كان يدعي قوة في ملكه فليهدمهما فإن الهدم أيسر من البناء، فأراد بعض الملوك هدمهما فإذا خراج مصر لا يقوم بهدمهما فتركهما، وهما أملسان مثل العماريتين يريان من مسيرة يومين وثلاثة، لا يصعد فوقهما إلا كل شاطر، وحولهما أمثالهما عدة صغار وهذا يدل على أنها مقابر، ألا ترى إلى ملوك الديلم بالري كيف اتخذوا على قبورهم قبابا عالية وأحكموها جهدهم وعلوها طاقتهم كيلا تندرس ومن دونهم أصغر منها، وثم صنم يزعمون أن الشيطان كان يدخله فيكلمه حتى كسر أنفه وشفتاه. وبعين شمس شبه منارتين طويلتين قطعة واحدة على رأسهما شبه حربة تسميان المسلتين، وثمَّ أيضاً على هذا العمل دونهما وسمعت فيهما أشياء لا يقبلها العقل، وقرأت في كتاب الطلسمات أنهما طلسمان للتماسيح، ويجوز هذا ألا ترى أن التماسيح في كورة الفسطاط لا تضر مع عظمها وكثرتها. وفي الفسطاط عند قصر الشمع امرأه ممسوخة على رأسها سفل من حجر يقال أنها كانت غسالة لآل فرعون وأنها آذت موسى فمسخت. على طريق الصعيد بيوت تسمى البرابي فيها تصاوير كثيرة وبها وبالهرمين عقود وطروح كثيرة. بحلوان مغاير عجيبة منكرة يتيه الإنسان فيها وذكروا أن فيها طريقا إلى القلزم أملس كأنما أجري عليهما الماء المالح. منارة الإسكندرية قد أرسى أساسها في شبه جزيرة صغيرة يدخل إليها في طريق ضيقة بالصخر محكمة، فالماء يسطع المنارة من جانب الغرب وكذلك حصن المدينة، إلاَّ أن المنارة في جزيرة وفيها ثلاثمائة بيت يصعد إلى بعضها الفارس بفرسه وإلى كلها بدليل، وهي مشرفة على جميع مدن البحر، ويقال أنه كان فيها مرآة يرى فيها كل مركب أقلع من سواحل البحر كلها، وأنه ما زال كليها قيم ينظر فيها كل يوم وليلة فإذا ترايا له مركب أعلم الأمير فانفذ الطيور إلى السواحل ليكونوا على عدَّة، فبعث كلب الروم من احتال وتلطف حتى جعل قيما ثم ذهب بها وقيل بل كسرها وطرحها في البحر. وفي كتاب الطلسمات أنها بنيت طلسما لئلاَّ يغلب ماء البحر على أرض مصر، وأن كلب الروم احتال في هدم رأسها من أجل ذلك فلم يصل إليه. بالجفار طلسم للرمال حتى لا تغلب على المدن والقرى، ولا تكون الطلسمات إلاَّ بمصر والشام ويقال هي من عمل الأنبياء ورأيت بفارس أيضاً طلسمات.

وأسماء شهورهم القبطية أول الشتوية: توت وفيه النيروز، بابه، هتور، كيهك، طوبه، أمشير. والصيفية: برمهات، برموده، بشنس، باونه، أ بيب، مسرى. وأما وضعه فأن بحر الروم على تخومه الشمالية وبحر الصين يمد على ثلثيه من قبل الشرق، وهذان الثلثان صفوف خمسة، صف بين البحر والجبل يابس والصف الثاني جبل المقطم والصف الثالث الصعيد يقع فيه النيل وما عليه من البلدان والصف الرابع جبل أيضاً خلفه كورة الواحات. وطول مصر من بحر الروم إلى النوبة أقل من شهر وعرضه من الجنوبي ثماني مراحل ومن الشمالي اثنتا عشرة وللدخلة فيه عند بحر القلزم أربع مراحل.

وأما الولايات فللفاطمي وهم في عدل وامنٍ لأنه سلطان قوي غني والرعية في راحة، وثم سياسة ونفاذ امر وكل سامع مطيع من الأركان سراً وعلانية لا يخطب إلا لأمير المؤمنين حسب.

 

 

وأما الدخل فقرأت في كتاب الخراج لقدامة بن جعفر فإذا هو يذكر أن دخل مصر من العين الفا الف وخمسمائة الف دينار. وقرأت في كتاب ابن الفقيه لوناً آخر وقضية طويلة يذكر دخله أيام فرعون ثم أيام الحجاج وأيام ولد العباس ويسميه خراجاً. وسألت بعض المصريين ببخارا عن الخراج فقال: ليس على مصر خراج ولكن يعمد الفلاح إلى الأرض فيأخذها من السلطان ويزرعها، فإذا حصد ودرس وجمع رشمت بالعرام وتركت، ثم يخرج الخازن وأمين السلطان فيقطعون كري الأرض ويعطي ما بقي للفلاح. قال: وفيهم من يأخذ من السلطان تقوية فيزاد عليه فى كرى الأرض بمقدار ما اقتطعه، قلت: فلا يكون لأحد ثم ملك وضيعة، قال: لا اللهم إلا أن يكون رجل قد اشترى مفن أقطعه السلطان في القديم ووهبها فاحتاج هو أو ذريته إلى ثمنها فباعها لعامة الناس، قلت: فهذا الذي يقال أن أرض مصر لا تملك لأن أهلها باعوها من يوسف عم، قال: هذا ألم تعلم أن الإسلام يهدم ما قبله أولم تعلم أن يوسف عم رد على الناس أملاكهم لما أخصبت مصر وأنما هذا شيء صالحوا عليه المسلمين وقت فتوحها، قلت: فلم لم يصالحوا كما صالح أهل الشام وكلاهما فتحا عنوةً، قال: الشام بلد يمطر في كل سنة فلا يتعطل الزرع فيه إلا أنه ربما أخصب وربما أجدب، ومصر معولة على النيل ربما لا جري وربما بلغ أربعة عشر وستة عشر وربما زاد على ذلك والأمر في جريانة شديد التفاوت، فلو فرض عليه الخراج لزم أن يؤديه من أمكنه أن يزرع ومن لا يمكنه.

أما الضرائب فثقيلة بخاصة تنيس ودمياط وعلى ساحل النيل، وأما ثياب الشطوية فلا يمكن القبطي أن ينسج شيئاً منها إلا بعد ما يختم عليها بختم السلطان، ولا أن تباع إلا على يد سماسرة قد عقدت عليهم، وصاحب السلطان يثبت ما يباع في جريدته ثم تحمل إلى من يطويها ثم إلى من يشدها بالقش ثم إلى من يشدها في السفط وإلى من يحزمها، وكل واحد منهم له رسم يأخذه ثم على باب الفرضة يؤخذ أيضاً شيء وكل واحد منهم له رسم يأخذه ثم على باب الفرضة يؤخذ أيضاً شيء وكل واحد يكتب على السفط علامته ثم تفتش المراكب عند إقلاعها. ويؤخذ بتنيس على زق الزيت دينار ومثل هذا وأشباهه ثم على شط النيل بالفسطاط ضرائب ثقال. رأيت بساحل تنيس ضرائبياً جالساً قيل قبالة هذا الموضع في كل يوم ألف دينار ومثله عدة على ساحل البحر بالصعيد وساحل الاسكندرية، وبالاسكندرية أيضاً على، مراكب الغرب، وبالفرما على مراكب الشام، ويؤخذ بالقلزم من كل حمل درهم.

وأما المسافات فتأخذ من الفرما إلى البقارة مرحلة ثم إلى الورادة مرحلة ثم إلى العريش مرحلة ثم إلى رفح مرحلة. ويؤخذ في الصيف من الفرما إلى خرجير مرحلة ثم إلى فاقوس مرحلة، وفي الشتاء من الفرما إلى الرصد مرحلة ثم إلى فاقوس مرحلة. وتأخذ من الفرما في الماء إلى تنيس مرحلة ثم إلى دمياط مرحلة ثم إلى المحلة الكبيرة مرحلة ثم إلى الإ سكندرية مرحلتين. وتأخذ من دمياط إلى سردوس فى مرحلة ثم إلى الفسطاط مرحلة. وتأخذ من بلبيس إلى المنصف مرحلة ثم إلى القلزم مثلها. وتأخذ من الفرما إلى دير النصارى ذات الساحل مرحلة ثم إلى المخلصة مرحلة ثم إلى العريش مرحلة. ومن بلبيس إلى الفسطاط مرحلة. وتأخذ من الإسكندرية إلى الرافقة مرحلة ثم إلى كوم شريك مرحلة ثم إلى ترنوط مرحلة ثم إلى ذات السلاسل مرحلة ثم إلى الفسطاط مرحلة. وتأخذ من الإسكندرية إلى بومينه مرحلة ثم إلى سفا مرحلة ثم إلى ارمسا بريدين ثم إلى ذات الحمام مرحلة. وتأخذ من الاسكندرية إلى الغاضرة مرحلة ثم إلى فاقوس مرحلة. وتأخذ من الفسطاط إلى بلبيس مرحلة ثم إلى المنصف مرحلة ثم إلى القلزم مرحلة. ومن القلزم إلى جدة في البحر من25 يوماً إلى60 على قدر الريح وهي300 فرسخ. وتأخذ من الجب إلى البويب مرحلة ثم إلى منزل ابن بندقة مرحلة ثم إلى عجرود مرحلة ثم إلى المدينة مرحلة ثم إلى الكرسي مرحلة ثم إلى الحفر مرحلة ثم إلى ويلة مرحلة. من أسوان إلى عيذاب طريق آمنة لا انعتها.

 

إقليم المغرب

 

 

هذا اقليم بهي، كبير سري، كثير المدن والقرى، عجيب الخصائص والرخاء. به ثغور جليلة وحصون كثيرة ورياض نزهة وبه جزائر عدة مثل: الأندلس الفاضلة العجيبة وتاهرت الطيبة النزيهة وطنجة البلدة البعيدة، وسجلماسة المختارة الفريدة. واصقلية الجزيرة المفيدة. أهلها في جهاد دائم، ثم الغنى فيه سالم. به كالبصرة مدن عدة ولهم أيضاً في الخير رغبة، وللسلطان عدل ونظر وحسبه. متصل بالبحر خير جار، وخير قوم لكل سائر ومار. قد غاب في الزيتون مدنه، وبالتين والكرمات أرضه. يجري خلالها الأنهار، ويملأ غيطانها الأشجار. إلا أنه بعيد الأطراف كثير المفاوز صعب المسالك كثير المهالك. في زاوية الإسلام موضوع، وبعضه خلف البحر مقطوع. فلا فيه راغب، ولا له ذاهب. ولا عنه سائل، ولا يفضله قائل. لم يخرج عالماً مذكوراً، ولا زاهداً مشهوراً. إلا القليل ثقلاء وإن كانوا مستورين، بخلاء وإن كانوا منعمين. وهذا شكله ومثاله.

وقد جعلنا المغرب مع الأندلس كهيطل وخراسان غير انا لم ندخل الأندلس فنكورها. فأول كورة من قبل مصر برقة ثم إفريقية تم تاهرت تم سجلماسة ثم فاس ثم السوس الأقصى ثم جزيرة إصقلية تقابل افريقية والأندلس وراء البحر على أرض الروم وناحيتان لفاس طنجة والزاب.

فأما برقة فاسم القصبة أيضاً ومن مدنها: ذات الحمام، رمادة،أطرابلس، أجدابية، صبرة، قابس، غافق.

وأما افريقية فقصبتها القيروان ومن مدنها: صبرة، أسفاقس، المهدية، سوسة، تونس، بنزرت، طبرقة، مرسى الخرز، بونة، باجة، لربس، قرنة، مرنيسة، مس، بنجد، مرماجنة، سبيبة، قمودة،قفصة،قسطيلية، نفزاوة، لافس، أوذنة، قلانس، قبيشة، رصفة، بنونش، لجم، جزيرة أبي شريك، باغاي، سوق ابن خلف، دوفانة، المسيلة، أشير، سوق حمزة، جزيرة بني زغناية، متيجة، تنس، دار سوق إبراهيم، الغزة، قلعة برجمة، باغر، يلل، جبل زالاغ، أسفاقس، منستير، مرسى الحجامين، هياجة، باغر، غيبث، قرية الصقالبة، لربس، مرسى الحجر، جمونس الصابون، طرس. قسطيلية، نفطة، بنطيوس تقيوس، مدنية القصور، مسكيانة، باغاي، دوفانة، عين العصافير، دار ملول، طبنة، مقرة، تيجس، مدينة المهريين، تامسنت، دكما، قصرالإفريقي، ركوى، القسطنطينية، ميلى، جيجل، تا بريت، سطيف، إيكجا، مرسى الدجاج، أشير.

وأما تاهرت فهي اسم القصبة أيضاً ومن مدنها: يممة، تاغليسية، قلعة ابن الهرب، هزارة الجعبة، غدير الدروع، لماية، منداس، سوق ابن حبلة، طماطة، جبل تجان، وهران، شلف طير، الغزة، سوق إبراهيم، ورهباية، البطحة، الزيتونة، تمما، يعود الخضراء، واريفن، تنس، قصر الفلوس، بحرية، سوق كرى، منجصة، أوزكي، تبرين، سوق ابن مبلول، ربا، تاويلت أبي مغول، تامزيت، تاويلت أخرى، لغوا، فكان.

وأما سجلماسة فهي اسم القصبة أيضاً ولها سم المدن: درعة، تادنقوست، أثر، ايلا، ويلميس، حصن ابن صالح، النحاسين، حصن السودان، هلال أمصلى، دار الأمير، حصن برارة، الخيامات، تازروت.

أما فاس فإن أهلها ولدانهم علوق وهي اسم المصبة أيضاً وتسمى الكورة السوس الأدنى ومن مدنها: البصرة، زلول الجاحد، سوق الكتامي، ورغة، سبوا، صنهاجة، هوارة، تيزا، مطماطة، كزناية، سلا، مدينة بني قرباس، مزحاحية، أزيلا، سبتا، بلد غمار، قلعة ا لنسور، نكور، بلش، مرنيسة تابريدا، صاع، مكناسة، قلعة شميت، مدائن برجن، أوزكي، تيونوا، مكسين، امليل، املاه أبي الحسن، قسطينة، نفزاوة، نقاوس، بسكرة، قبيشة، مدينة بني زحيق، لواتة عبدالله، لواتة بركية، أكذار ابن شراك، مدينة جبل زالاغ. وناحيتها طنجة مدنها: وليلة، مدركة، متروكة، زقور، غزه، غميرة، الحاجر، تاجراجرا، البيضاء، الخضراء. والزاب مدينتها المسيلة ولها: مقرة، طبنة، بسكرة، بادس، تهوذا، طولقا، جميلا، بنطيوس، أدنة، أشير.

وأما السوس الأقصى فقصبتها طرفانة ومن مدنها: أغمات، ويلا، وريكة، تندلي، ماسة، وغيرهن.

وأما اصقلية فقصبتها بلرم ومن مدنها: الخالصة، اطرابنش، مازر، عين المغطا، قلعة البلوط، جرجنت، بثيرة، سرقوسة، لنتيني، قطانية، الياج، بطرنوا، طبرمين، ميقش، مسينة، رمطة، دمنش، جاراس، قلعة القوارب، قلعة الصراط، قلعة أبي ثور، بطرلية، ثرمة، بورقاد، قرليون، قرينش، برطنيق، اخياس، بلجة، برطنة.

 

 

وأما الأندلس فنظيرها هيطل من جانب المشرق، غير إنا لا نقف على نواحيها فنكررها، ولم ندخلها فنقسمها، ويقال أنها ألف ميل، وقالط ابن خرداذبة الاندلس أربعون مدينة يعني المشهور منها لأن أحداً لم يسبقنا إلى تفصيل الكور ووضع القصبات. فبعض المدن التي ذكر قصبات على قياس ما رتبنا. وسألت بعض العقلاء منهم على الرساتيق المحيطة بقرطبة والمنسوبة إليها والمدن، فقال: انا نسمى الرستاق اقليماً فالاقاليم المحيطة بقرطبة ثلاثة عشر مع مدنها فذكر: أرجونة، قسطلة، شوذر، مارتش، قنبانش، فج ابن لقيط، بلاط مروان، حصن بلكونة، الشنيدة، وادي عبد الله، قرسيس، المائدة، جيان، وعلى ما دل آخر الاسم هي ناحية مدنها: الجفر، بيغوا، مارتش، قانت، غرناتة، منتيشة، بياسة. وسائر مدن الأندلس المذكورة: طرطوشة، بلنسية، مرسية، بجانة، مالقة، جزيرة جبل طارق، شذونة، إشبيلية، أخشنبة، مرية، شنترين، باجة، لبلة، قرمونة، مورور، إستجة.

برقة: قصبة جليلة عامرة نفيسة كثيرة الفواكه والخيرات والاعسال مع يسار.

وهي ثغر قد أحاط بها جبال عامرة ذات مزارع على نصف مرحلة من البحر في هوية، قد أحاط بها تربة حمراء شربهم من آبار وما يحوونه من أمطار في جباب، وهي على جادة مصر يحسنون إلى الغرباء أهل خير وصلاح وأقل انقلاب من غيرهم. أطرابلس: مدينة كبيرة على البحر مسورة بحجارة وجيل، لها باب البحر وباب مجوف وباب الغرب. شربهم من آبار وماء مطر. كثيرة الفواكه والانجاص والتفاح والألبان والعسل واسمها كبير. أجدابية: عامرة بنيانهم حجارة، على البحر وشربهم من الأمطار، وسرت كذلك ولهما بوادٍ وشعاري. صبرة: في بادية وهي حصينة، بها نخيل وتين شربهم من ماء المطر. قابس: أصغرمن طرابلس، لهم وادٍ جرار وبنيانهم من الحجارة والآجر، كثيرة النخيل والأعناب والتفاح، مسورة باديتها برابر، ولها ثلاثة أبواب. غافق: ناحية واسعة كثيرة القرى وأسواق على أيام الجمعة، بحرية ومن الناس من ينسبها إلى افريقية. ذات الحمام: مدينة عمرت من قريب، وسمعت عمن يسأل أبا العباس ابن الراعي عنها، ويقول: عمارتها أحد إمارات ظهور الفاطمي على مصر.

 

 

القيروان: مصر الإقليم، بهي عظيم حسن الاخباز جيد اللحوم قد جمع اضداد الفواكه، والسهل والجبل والبحر والنعم، مع علم كثير ورخص عجيب، اللحم خمسة إمناءٍ بدرهم والتين عشرة ولاتسأل عن الزبيب والتمر والأعناب والزيت. هي فرضة المغربين ومتجر البحرين، لا ترى أكثر من مدنها ولا أرفق من أهلها، ليس غيرحنفي ومالكي مع ألفة عجيبة لا شغب بينهم ولا عصبية، لا جرم إنهم على نور من ربهم قد أقبلوا على ما يعنيهم وارتفع الغل من قلوبهم، فهي مفخر المغرب ومركز السلطان وأحد الأركان، أرفق من نيسابور وأكبر من دمشق وأجل من أصبهان. إلا أن ماءهم ضعيف، وأدبهم طفيف، ولا فيها ظريف. الماء مخزون في مواجين، والضرائب موضوعة على أصحاب الدكاكين. تعيشهم في صبرة وأسواق المصر معطلة، والعوام كالاغنام المرسلة. لا تراويح تصلي، ولا بقي للفريقين بها ما. تكون أقل من ثلاثة أميال في مثلها بلا سور، وشربهم من مواجين وصهاريج يجتمع فيها ماء المطر، وقد أجرى لهم المعز قناة من الجبل تملأ المواجين بعد ما تدخل قصره بصبرة. بنيانهم مدر وآجر ومواجين الزيت بها كثيرة. الجامع بموضع يسمى السماط الكبير وسط الأسواق في سرة البلد، أكبر من جامع ابن طيلون، باعمدة من الرخام مفروش، وباره الرخام، ومزاريبه رصاص، له باب السماط باب الصرافين باب الرهادنة باب الفضوليين باب المأذنة باب الصباغين باب الحواريين باب سوق الخميس باب الميضأة باب الخاصة في التمارين ولهم باب اللحامين وسوق الرماحين، ودروبها خمسة عشر: درب الربيع درب عبدالله درب تونس درب أصرم درب أسلم درب سوق الأحد درب نافع درب الحذاءيين. صبرة: بناها الفاطمي أول ما ملك الإقليم، واشتق اسمها من صبر عسكره في الحرب، وهي مدورة مثل الكأس لا ترى مثلها، ودار السلطان وسطها على  عمل مدينة السلام والماء يجري وسطها، شديدة العمارة حسنة الأسواق، بها جامع السلطان، وعرض سورها إثنا عشر ذراعاً منفصلة عن العمارة بينها، وبين المصر عرض الطريق، وتجارها يغدون ويروحون إليها من المصر على حمير مصرية، والأبواب: باب الفتوح باب زويلة باب وادي القصارين كلها محددة، والحيطان آجر مكحل بالجيل. أسفاقس وسوسة: مدينتان بحريتان مسورتان بالجيل والحجر، شربهم من آبار وجباب. المهدية: على البحر مسورة بالحجر والجيل، شربهم من آبار وجباب ماء المطر، هي خزانة القيروان ومطرح اصقلية ومصر، عامرة آهلة ومن أحب أن ينظر إلى القسطنطينية فلينظر إليها ولا يتعنى إلى بلد الروم فإنها على عملها في جزيرة يدخل إليها من طريق واحد مثل الشراك. بنزرد: مسورة بناؤهم حجر والجامع وسط البلد، وثم وادٍ يجري مالح يدخل من بحيرة إلى جنب البحر ثم يرجع إليه، ويعدي فيه الناس في القوارب. طبرقة: بحرية يطل عليها جبل وقد خرب حصنها، والناس في الربض، شربهم من آبار وبها وادٍ مالح. مرسى الخرز: مدينة في جزيرة على البحر يدخل إليها من موضع واحد، ومنها يرتفع المرجان لا معدن له غيرها ولا يخرج إلا من بحرها. بونة: بحرية مسورة، بها معدن حديد، شربهم من آبار. باجة: بين القيروان والبحر، كثيرة الحبوب والخيرات، وسطها عين وبها ماء جارٍ. لربس: تحت جبل بورغ، فيها مزارع الزعفران، مسورة بحجارة، شربهم من آبار، وحولها وحول باجة أسواق ومواعيد يطول ذكرها. قرنة: تسمى باسم نهر فيها حلو، مسورة بحجارة. مرنيسة: غير مسورة بناءهم مدر، شربهم من آبار، كثيرة القرى واسعة الرستاق. قمودة: رستاق جليل اسم المدينة، جمونس الصابون، بناؤهم مدر وشربهم من آبار، كثير التين والزيتون واللوز، وبه قرية عظيمة تسمى خور الكاف. مرماجنة. كبيرة من عمل رستاق تبسا، شربهم من آبار، كثيرة الفواكه. قلانس: اسم رستاقها مكنة أبي منصور، كثيرة التين والزيتون والخيرات. قبيشة: رستاق مدينته طرناسه وبه بنو العباس كثير قد غلبوا عليه، حسن السفرجل كثير الزيتون والتين، شربهم من آبار. رصفة: رستاق اسم مدينته بنونش تكون مثل الرملة، شربهم من آبار، بها ثلاثمائة وستون معصرة للزيت، بناؤهم مدر. جزيرة أبي شريك. في البحر لها إثنا عشر رستاقاً اسم مدينتها منزل باشو، بلا سور، بناؤهم مدر، وشربهم من آبار منها سقي مزارعهم كشيراز وسرخس. باغاي: كبيرة مسورة تحت جبل يمال له أوراس يجري إليهم منه ماء، كثيرة البساتين. سوق حمزة: مدينة في البحر،

 

بناؤهم من الطوب، وشربهم من نهر وأعين. جزيرة بني زغناية: على ساحل البحر مسورة يعبر منها إلى الأندلس، ولهم عيون. متيجة: في مرج لهم ماء جار عليه أرحية، وشعبة من النهر تدخل الدور، كثيرة البساتين. هياجة: على اسم رستاقها وهو واسع كثيرة القموح. القسطنطينة: مدينة جاهلية على يومين من المصر. ولولا خوف الملال وطول الكتاب لوصفت بقية مدائن افريقية وأكثر مدائن الكور في جميع الاسلام، ولكنا نميل إلى الايجاز ونذكر ما لا بد منه، ولا أعرف كورة أكثر مدائن من هذه كلها آهلة جيدة، لأنا ربما نذكر مدناً هي أصغر من قرى كثيرة في أقاليم اخر ولكنها مشهورة في المدن، وعلمنا موضوع على التعارف، ألا ترى أن مخا والجامعين والمنيفة مدن بلا نزاع، وكفرسلام وقصر الريح ورأس التين أكبر منهن وهي قرى بلا حلاف، واعلم أن الكورة لا تجل بكثرة مدنها ولكن بجلالة رساتيقها، ألا ترى إلى جلالة نيسابور وبخارا مع قلة مدنهما وإلى بئيس زبيد وهجر، مع كثرة مدنهما.هم من الطوب، وشربهم من نهر وأعين. جزيرة بني زغناية: على ساحل البحر مسورة يعبر منها إلى الأندلس، ولهم عيون. متيجة: في مرج لهم ماء جار عليه أرحية، وشعبة من النهر تدخل الدور، كثيرة البساتين. هياجة: على اسم رستاقها وهو واسع كثيرة القموح. القسطنطينة: مدينة جاهلية على يومين من المصر. ولولا خوف الملال وطول الكتاب لوصفت بقية مدائن افريقية وأكثر مدائن الكور في جميع الاسلام، ولكنا نميل إلى الايجاز ونذكر ما لا بد منه، ولا أعرف كورة أكثر مدائن من هذه كلها آهلة جيدة، لأنا ربما نذكر مدناً هي أصغر من قرى كثيرة في أقاليم اخر ولكنها مشهورة في المدن، وعلمنا موضوع على التعارف، ألا ترى أن مخا والجامعين والمنيفة مدن بلا نزاع، وكفرسلام وقصر الريح ورأس التين أكبر منهن وهي قرى بلا حلاف، واعلم أن الكورة لا تجل بكثرة مدنها ولكن بجلالة رساتيقها، ألا ترى إلى جلالة نيسابور وبخارا مع قلة مدنهما وإلى بئيس زبيد وهجر، مع كثرة مدنهما.

تاهرت: هي اسم القصبة أيضاً، هي بلخ المغرب، قد أحدق بها الأنهار والتفت بها الأشجار وغابت في البساتين ونبعت حولها الأعين وجل بها الإقليم وانتعش فيها الغريب واستطابها اللبيب،، يفضلونها على دمشق واخطأوا وعلى قرطبة وما اظنهم أصابوا. هو بلد كبير كثير الخير رحب رفق طيب رشيق الاسواق غزير الماء جيد الأهل قديم الوضع محكم الرصف عجيب الوصف، غيرأنه متى يقاس المغرب بالشام وإين مثل دمشق في الاسلام، ولقرطبة اسم وذكر وشان. بها جامعان على ثلثي البلد قد بنيا بالحجارة والجيل قريبان من الأسواق، ومن دروبها المعروفة أربعة: باب مجانة، درب المعصومة، درب حارة القفير، درب البساتين. بقربها مدينة تسمى رها وقد خربت. تنس: مسورة على البحر شربهم من نهر وكذلك قصر الفلوس. تاهرت السفلى: على وادٍ عظيم ذات أعين وبساتين. فكان: مسورة على واد جار ذات بساتين. يقل وجبل توتجان: على ما ذكرنا سواء.

وهران: بجرية مسورة يقلعون منها إلى الأندلس في يوم وليلة. سبتة: على زقاق بحر الأندلس ترى منها البرين وهي أحد المعابر المشهورة. جبل زالاغ: مدينة على جبل عال يطل على كورة فاس، بناها خلوف بن أحمد المعتلي. وبقية المدن أكثرهن مسورات ذات بساتين.

 

 

فاس: بلدان جلبلان كبيران، كل واحد منهما محصن، بينهما واد جرار عليه بساتين وارحية قد استولى على أحدهما الفاطمي وعلى الآخر الأموي، وكم ثم من حروب وقتل وغلبة، بناؤهما مدر وحصنهما طوب وبها قلعة شميت بناها ابن البوري وأخرى على الوادي بناها ابن أحمد، وهو بلد كثير الخيرات والتين والزيتون، غير أنهم كما ترى وفيهم نقل وغباء قليل العلماء كثير الغوغاء. قسطيلية: هي نظيرة البصرة في الدنيا،. حمل جمل تمر بدرهمين، ولهم نهر عظيم غاب في النخيل، ولا تسأل عن كثرة البساتين وكذلك نفزاوة بعيدتان من البحر. البصرة: كانت مدينة كبيرة عامرة وقد خربت، وكانت جليلة. نقاوس: حسنة نزهة كثيرد المياه والجوز باردة. بلد غمار: رستاقها ثلاثة أيام في مثلها كلها قرى عامرة. قسطيلية: كثيرة التمور على ما ذكرنا من قابس، وقر الجمل بدرهمين، ولهم نهر عظيم، وكذلك نفزاوة وبسكرة بلدان النخيل والأنهار. نقاوس: باردة بلد الجوز والثمار الجبلية. ومستقر امراء فاس من مبل الفاطمي بجبل زالاغ، واسم ناحيتهم من فاس عدوة القروي، والأخرى مدينة الأندلسي بناها الأموي وقد عبر البحر وغلب على فاس، وساثر المدن عامرات. وبين فاس وصاع مدينة جليلة نزهة كثيرة الأشجار غزيرة الأنهار لمحي رستاق مكناسة الصاغة لا أذكر اسمها. طنجة: ناحية جليلة عامرة المدن برية وبحرية نفيسة سرية. الزاب: مدينتها المسيلة وهي أيضاً ناحية على ما وصفنا مذكورة في الإقليم، غير أن طنجة أجل.

سجلماسة: قصبة جليلة على نهر بمعزلٍ عنها يفرغ في قبليها، وهي طولانية نحو القبلة، عليها سور من طين، وسطها حصن يسمى العسكر فيه الجامع ودار الإمارة، شديدة الحر والبرد جميعاً صحيحة الهواء كثيرة التمور والأعناب والزبيب والفواكه والحبوب والرمان والخيرات، كثيرة الغرباء موافقة لهم يقصدونها من كل بلد، ومع ذلك ثغر فاضل برستاقها معادن الذهب والفضة وهم أهل سنة وقوم جياد، بها علماء وعقلاء، لها باب القبلي باب الغربي باب غدير الجزارين باب موقف زناتة وغيرها، وهي في رمالٍ ولهم مياه. درعة: لها رستاق واسع ومنابر على نهر جرار نحو ستة أيام. عريش: رستاق فيه منابر وسائر المدن محيطة بها في الرمال عامرات. ومعادن الفضة بتازررت، ومعدن الذهب بين هذه الكورة وبلد السودان، وليس في العالم أصفى ولا أوسع منه، والطرق إلى الكورة صعبة لأنه في مفاوز وحشة ذات رمال.

بلرم: هي قصبة اصقلية على البحر في الجزيرة أوسع من الفسطاط إلا أنها متفرقة، بناؤهم حجر وجيل وهي حمراء وبيضاء، يحدق بها الفوارات والخيازير، ويسقيها نهر يقال له وادي عباس، والارحية وسطها كثيرة الفواكه والخيرات والأعناب، الماء يضرب الحائط، ولها مدينة داخلة بها الجامع والأسواق في الربض، ومدينة أخرى خارجة مسورة تسمى الخالصة بأربعة أبواب باب كتامة باب الفتوح باب البنود الصناعة، وبها أيضاً جامع ولها أسواق. اطرابنش: بحرية غربية مسورة شربهم من نهر. عين المغطا ومازر غربيتان. قلعة البلوط: محصنة في الهواء ماؤهها من عين تنبع فيها. جرجنت: بحرية مسورة شربهم من آبار. بثيرة: بحرية غربية مسورة بسور حصين كأنها قلعة. سرقوسة: مدينتان ملتزقتان لها ميناء عجيب، ولها خندق يدور فيه ماء البحر. لنتينى: مسورة على نهر قريبة من البحر بناوهم حجر. قطانية: بحرية قبلية مسورة وهي مدينة الفيلة. الياج: مسورة بحرية قبلية شربهم من ماء جار. بطرنوا: شرقية تحت جبل النار الجارية. طبرمين: بحرية شرقية تطل على بلد الروم شرقية لها قلعة من حجارة فرضة من البحر، وسائر المدن الشرقيات عشر على ما ذكرنا، غير أن قلعة الصراط في الهواء. بطرلية: قبلية برية مسورة في وسطها قلعة فيها كنيسة. برطنيق: غير بحرية كثيرة الحناء، وكذلك اخياس وبلجة في فحص.

وصقلية جزيرة واسعة جليبة ليس للمسلمين جزيرة أجل ولا أعمر ولا أكثر مدناً منها. طولها اثنا عشر يوماً في عرض أربعة أيام، وبينها وبين الروم مجاز من نحو مطلع الشمس، عرضة اثنا عشريوماً، وهو الخليج الذي يعد في البحار الخمسة.

 

 

قرطبة هي مصر الأندلس، سمعت بعض العثمانية يقول هي أجل من بغداد، في صحراء يطل عليها جبل ولها مدينة جوانية وربض، الجامع في المدينة وأسواق وأغلب الأسواق، ودار السلطان في الربض قدامها واد عظيم سطوحهم قراميد، الجامع من حجر وجيل وسواريه رخام حواليه مياض، وللمدينة خمسة أبواب باب الحديد باب العطارين باب القنطرة باب اليهود باب عامر، وقد دلت الدلائل واتفقت الأراء على أنه مصر جليل رفق طيب، وان ثم عدلاً ونظراً وسياسة وطيبة ونعماً ظاهرة وديناً، وأن ناحية الأندلس على سجية هيطل ابداً ثم غزاة أبداً في جهاد ونفير مع علم كثير وسلطان خطير وخصائص وتجارات وفوائد. وحدثني بعض الأندلسيين أنها ثلاثة عشررستاقاً. على خمسة عشر ميلاً أرجونة: مسورة ليس لها بساتين وأشجار لكنها بلد الحبوب، ولهم عيون ومزارعهم على المطر. قسطلة: على ثلاثة عشر ميلاً من أرجونة وهي في سهلة كثيرة الأشجار والزيتون والكرمات، ومشاربهم من آبار ويسقون البساتين بالسواني. شوذر: على ثمانية عشر ميلاً من قرطبة، وهي في سهلة كثيرة الزيتون جداً، شربهم من أعين. مارتش: على خمسة عشرميلاً من قرطبة، وهي جبلية ليس لها غير الكرمات، ولهم أعين. قنبانش: على خمسة عشر ميلاً، وهي سهلية ذات مزارع أكثرها بموضع يقال له قنبانية، مشاربهم من آبار. فج ابن لقيط: على خمسة وعشرين ميلاً في سهلة، كثيرة المزارع، شربهم من آبار. بلاط مروان: على ثلاثين ميلاً، لها وادٍ جرار سهلية ذات مزارع. بريانة: ذات مزارع سهلية شربهم من آبار، وفيها حصن من حجارة والربض حوله والجامع في الحصن والأسواق في الربض. حصن بلكونة: كثيرة الزيتون والأشجار والعيون مسورة بحجارة شربهم من عين واحدة وآبار على أربعين ميلاً من قرطبة. الشنيدة: على جبل كثيرة الكروم والمزارع والتين والعنب، شربهم من أعين وآبار، على يومين من قرطبة المنزل فج ابن لقيط. وادي عبدالله: من نحو القبلة على أربعين ميلا من قرطبة المنزل وادي الرمان، سهلية ذات مزارع وأنهار وأشجار. قرسيس: على ستين ميلاً من قرطبة سهلية كثيرة التين والأعناب والزيتون الكبير، شربهم من أعين. جيان: على خمسين ميلاً عن قرطبة اسم الرستاق أولبة، ومدينة جيان على جبل كثيرة الأعين قد خرب حصنها غير أنها منيعة بالجبل بها اثنتا عشرة عيناً ثلاث عليها ارحية تقوم بالأندلس ومن ثم ميرة قرطبة، وثمارها كثيرة وصف ما شئت من طيبها ورحبها فإنها جنة الأندلس على ما حكى لي ودلى آخر الأسم على أنها ناحية بنيانهم بالحجارة باردة كثيرة الرياح وبكورتها حر هي في عداد النواحي قياسا على مما رتبنا، ومدنها الجفر على الجبل كثيرة الأودية والأرحية، على عشرة أميال من جيان كلها أشجار وثمار وزيتون وأعناب على واد تجمع الفواكه. بيغوا: وهي جبلية لها أودية تخر منها عيون تدير الأرحية كثيرة التوت والزيتون. والتين. مارتش: مسورة على جبل شربهم من أعين، كثيرة التين والزيتون والكروم. قانت: مسورة في قنبانية لا بساتين لها زاكية. غرناطة: على وادٍ به فنية طوله ثلاثة عشرميلاً، للسلطان فيه من كل الثمارحسن عجيب، سهلية كثيرة المزارع، قلت وما المنية قال البستان. منتيشة: مسورة على وادٍ كثيرة الزيتون والتين سهلية. بياسة: مسورة في جبل بناؤهم طين وشربهم من أعين كثيرة التين والكرمات. قلت: هل بقي لقرطبة غير هذه الرساتيق والمدن، قال: لا، قلت: فإشبيلية وبجانة وذكرت عدةً من البلدان، قال: هذه نواح لها اقاليم، كما تقول القيروان وتاهرت وسجلماسة وهم يسمون الرستاق اقليماً، فعلمت إنها كور على قياسنا وإنها أن لم تكن أجل من كور هيطل فليست بأقل منها. فيحصل القول واثبت الدلائل على أن مثل المغرب كمثل المشرق كل واحد منهما جانبان، فكما أن المشرق خراسان وهيطل يفصل بينهما جيحون، فكذلك المغرب والأندلس يفصل بينهما بحر الروم. غير انا نعجز عن تكوير الأندلس فتركناها على الجملة ووصفنا كورة قرطبة لما كثر المخبرون عنها واتضح عندنا أمرها. وعرضت كتابي على شيخ من مشايخهم فقال: على هذا القياس يجب أن تكون الأندلسى ثماني عشرة كورة فعد: بجانة مالقة بلنسية تدمير سرقوسة يابسة وادي الحجارة تطيلة وشقة مدينة سالم طليطلة إشبيلية بطليوث باجة قرطبة شذونة الجزيرة الخضراء. وسالت آخر فمال: صدق وزاد لبيرة أخشنبة ويجوز أن يكون بعض

 

هذه البلدان نواحي قياساً على ايلاق وكش والصغانيان والله أعلم بالصواب.ذه البلدان نواحي قياساً على ايلاق وكش والصغانيان والله أعلم بالصواب.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم جليل كبير طويل يوجد فيه أكثر ما يوجد في سائر الأقاليم مع الرخص، كثير النخيل والزيتون، به مواضع الحر ومعادن البرد، كثير اليهود، جيد الهواء والماء، فأما الحر فانك تجده من مصر إلى السوس الأقصى إلا في مواضع فإن بها جبالاً وبلداناً باردة والغالب على الأندلس البرد. كثير المجذمين والخصيان والثقلاء والبخلاء. قليل القصاص رفق يحبون العلم وأهله ويكثرون التجارات والتغرب.

وأما المذاهب فعلى ثلاثة أقسام أما في الأندلس فمذهب مالك وقراءة نافع وهم يقولون لا نعرف إلا كتاب الله وموطأ مالك فإن ظهروا على حنفي أو شافعي نفوه وأن عثروا على معتزلي أو شيعي ونحوهما ربما قتلوه. وبسائر المغرب إلى مصر لا يعرفون مذهب الشافعي رحمه الله إنما هو أبو حنيفة ومالك رحهما الله. وكنت يوماً أذاكر بعضهم في مسألة فذكرت قول الشافعي رحمه الله فقال: اسكت من هو الشافعي إنما كانا بحرين أبو حنيفة لأهل المشرق ومالك لأهل المغرب افنتركهما ونشتغل بالساقية. ورأيت أصحاب مالك رحمه الله يبغضون الشافعي، قالوا: أخذ العلم عن مالك ثم خالفه وما رأيت فريقين أحسن اتفاقاً وأقل تعصباً منهم. وسمعتهم يحكون عن قدمائهم في ذلك حكايات عجيبة حتى قالوا أنه كان الحاكم سنة حنفي وسنة مالكي. قلت: وكيف وقع مذهب أبي حنيفة رحمه الله إليكم ولم يكن على سابلتكم، قالوا: لما قدم وهب بن وهب من عند مالك رحمه الله وقد حاز من الفقه والعلوم ما حاز استنكف أسد بن عبد الله أن يدرس عليه لجلالته وكبر نفسه، فرحل إلى المدينة ليدرس على مالك فوجده عليلاً فلما طال مقامه عنده قال له ارجع إلى ابن وهب فقد أودعته علمي وكفيتكم به الرحلة، فصعب ذلك على أسد وسأل هل يعرف لمالك نظير، فقالوا: فتىً بالكوفة يقال له محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، قالوا: فرحل إليه وأقبل عليه محمد إقبالاً لم يقبله على أحد ورأى فهماً وحرصاً فزقه الفقه زقاً. فلما علم أنه قد استقل وبلغ مراده فيه سيبه إلى المغرب، فلما دخلها اختلف إليه الفتيان ورأوا فروعاً حيرتهم ودقائق أعجبتهم ومسائل ما طنت على أذن ابن وهب وتخرج به الحلق وفشا مذهب أبي حنيفة رحمه الله بالمغرب. قلت: فلم لم يفش بالأندلس، قالوا: لم يكن بالأندلس أقل منه ههنا ولكن تناظر الفريقان يوماً بين يدي السلطان فقال لهم من أين كان أبو حنيفة، قالوا: من الكوفة، فقال: مالك، قالوا: من المدينة قال: عالم دار الهجرة يكفينا، فأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة وقال: لا أحب أن يكون في عملي مذهبان، وسمعت هذه الحكاية من عدة من مشايخ الأندلس. والقسم الثالث مذاهب الفاطمي وهي على ثلاثة أقسام أحدها ما قد اختلف فيه الأئمة مثل القنوت في الفجر والجهر بالبسملة والوتر بركعة وما أشبه ذلك. والثاني الرجوع إلى ما كان عليه السلف مثل الإقامة مثنى التي ردها بنو أمية إلى واحدة، ومثل لبس البياض الذي رده بنو العباس إلى السواد. والثالث ما تفرد به مما لا يخالف الأئمة وأن لم يعرف له قدمة مثل الحيعلة في الأذان، وجعل أول الشهر يوماً يرى فيه الهلال، وصلاة الكسوف بخمس ركعات وسجدتين في كل ركعة، وهذه مذاهب الشيعة ولهم تصانيف يدرسونها. ونظرت في كتاب الدعائم فإذا هم يوافقون المعتزلة في أكثر الأصول ويقولون بمذهب الإسماعيلية ولهم فيه سر لا يعلمونه ولا يأخذونه على كل أحد إلا من وثقوا به بعد أن يحلفونه ويعاهدونه، وإنما سموا باطنية لأنهم يصرفون ظاهر القرآن إلى بواطن وتفاسير غريبة ومعان دقيقة. وهذه الأصول مذاهب الإدريسية وغلبتهم بكورة السوس الأقصى وهي قريبة من مذاهب القرامطة وأهل المغرب والمشرق في مذاهب الفاطمي على ثلاثة أقسام: منهم من أقر بها واعتقدها، ومنهم من كفر بها وأنكرها، ومنهم من جعلها في اختلاف الأمة. وأكثر أهل اصقلية حنفيون، وقرأت في كتاب صنفه بعض مشايخ الكرامية بنيسابور أن بالمغرب سبعمائة خانقاه لهم فقلت لا والله ولا واحدة.

وأما القراءات في جميع الإقليم فقراءة نافع حسب.

 

 

الرسوم لا يشهد في هذه الأقاليم الستة إلا معدل، وحضرنا يوماً أملاكاً فأمرني أبو الطيب حمدان أن أكتب شهادتي فهنيت بذلك. ولا يأخذون الميت إلا من الرأس أو الرجلين ويصلون كل ترويحة ويجلسون، ولا يسلخون الأغنام إذا شووها، ويدخلون الحمامات بلا ميازر إلا القليل. وبالمغرب رسومهم مصرية إلا إنهم أقل ما يتطلسون وكثيراً ما يجعلون الرداء بطاقين ثم يطرحونه على ظهورهم مثل العباءة أصحاب قلانس مصبغة، والبربر ببرانس سود، وأهل الرساتيق باكسية، والسوقة بمناديل، والتجار يركبون أحمرة مصرية وبغالاً. وكل مصاحفهم ودفاترهم مكتوبة في رقوق. وأهل الأندلس أحذق الناس في الوراقة خطوطهم مدورة.

وبه تجارات تحمل من برقة ثياب الصوف والأكسية ومن اصقلية الثياب المقصورة الجيدة، ومن أفريقية الزيت والفستق والزعفران واللوز والبرقوق والمزاود والانطاع والقرب، ومن فاس التمور وجميع ما ذكرنا، ومن الأندلس بز كتير وخصائص وعجائب.

ومن خصائص الإقليم المرجان يخرج من جزيرة في البحر اسم مدينتها مرسى الخرز يدخل إليها في طريق دقيق، كالمهدية من بحرها يرتفع القرن وهو المرجان لا معدن له غيرها، وهي جبال في البحر يخرجون إلى جمعه في قوارب ومعهم صلبان من خشب قد لفوا عليها شيئاً من الكتان المحلول وربطوا في كل صليب حبلين يأخذهما رجلان فيرميان بالصليب ويدير النواتي القارب فيتعلق بالقرن ثم يجذبونه فمنهم من يخرج عشرة آلاف إلى عشرة دراهم ثم يجلى في أسواق لهم ويباع جزافاً رخيصاً، ولا اشراق له قبل جليه ولا لون. وبتطيلة سمور كثير. وبالأندلس السفن الذي يتخذ منه مقابض السيوف ويقع إليهم من البحر المحيط عنبر كثير في وقت من السنة، ويرتفع من أصقلية نوشادر كثير أبيض وسمعت أنه قد انقطع معدنه واستغنى عنه أهل مصر بدخان الحمامات.

وأما الأرطال فكانت بغدادية في الإقليم كله إلا الذي يوزن به الفلفل فإنه يشف على البغدادي بعشرة دراهم والآن هو المستعمل في أعمال الفاطمي بالمغرب كله.

والمكاييل قفيز القيروان إثنان وثلاثون ثمناً والثمن ستة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وقفيز الأندلس ستون رطلاً والربع ثمانية عشر رطلاً وفنيقة نصف القفيز. ومكاييل الفاطمي الدوار وهي التي تشف على ويبة مصر بشيء يسير، قد ألجم رأسها بعارضة من حديد وأقيم عمود من قاعها إلى العارضة فوقه حديد، يدور على رأس الويبة، فإذا أترعها أدار الحديدة فمسحت فم الويبة وصح الكيل. وأرطاله رصاص على كل رطل أسم أمير المؤمنين فإن اجتمعت أرطال بموضع واحد بسط صبها وطبع على كل رطل ولو كانت عشرة.

وأما نقوده في جميع أعماله إلى أقصى دمشق فالدينار يزل عن المثقال بحبة أعني شعيرة والسكة مدورة الكتابة وله ربع صغير يؤخذان بالعدد، والدرهم أيضاً زال له نصف يسمون القيراط وربع وثمن ونصف ثمن يسمون الخرنوبة، يؤخذ الجميع بالعدد ولايرخصون في المعاملة بالقطع، وسنجهم من زجاج مطبوع كما ذكرنا من الأرطال. ورطل مدينة تونس إثنتا عشرة أوقية والوقية إثنا عشر درهماً.

 

 

والعجائب بهذا الإقليم كثيرة منها أبو قلمون وهي دابة تحتك بحجارة على شط البحر فيقع منها وبرها، وهو في لين الخز لونه لون الذهب، لا يغادر منه شيئاً وهو عزيز الوجود، فيجمع وينسج منه ثياب تتلون في اليوم الواناً، ويمنع السلطان من حمل ذلك إلى البلدان إلا ما يخفى عنهم، ربما بلغ الثوب عشرة آلاف دينار. باصقلية جبل تفور منه النار أربعة أشهر في كل عشر سنين مرة وسائر الأوقات يدخن، حوله ثلوج متلبدة إلا موضع الدخان. بمدينة إيكجا عيون تخرج أوقات الصلاة ثم تغور، فإن قصدها رجل كان قد قتل نفساً بغير حق لم يخرج له شيء. فإن قال قائل إنك تركت كثيراً من العجائب في هذا الإقليم لم تذكرها قيل له: إنما تركنا ما ذكره من قبلنا في تصانيفهم. ومن مفاخر كتابنا الأعراض عما ذكره غيرنا، وأوحش شيء في كتبهم ضد ما ذكرنا ألا ترى إنك إذا نظرت في كتاب الجيهاني وجدته قد احتوى على جميع أصل ابن خرداذبه وبناه عليه، وإذا نظرت في كتاب ابن الفقيه فكأنما أنت ناظر في كتاب الجاحظ والزيج الأعظم، وإذا نظرت في كتابنا وجدته تسبح وحده يتيماً في نظمه. ولو وجدنا رخصة في ترك جمع هذا الأصل ما اشتغلنا به، ولكن لما بلغنا الله تعالى أقاصي الاسلام وأرانا أسبابه وألهمنا قسمته وجب أن ننهي ذلك إلى كافة المسلمين. ألا ترى إلى قوله تعالى  قل سيروا في الأرض، أفلم يسيروا في الأرض فينظروا  . وفيما نذكر عبرة لمن اعتبر وفوائد لمن سافر.

وأما أرض السودان فإنها تتاخم هذا الإقليم ومصر من قبل الجنوب وهي بلدان مقفرة واسعة شاقة، وهم أجناس كثيرة، وفي جبالهم عامة ما يكون في جبال المسلمين من الفواكه، غير أن أكثرهم لا يذوقونه ولهم فواكه أخر وأغذية وأطعمة وحشائش لا توجد عندنا، ولا تعامل بينهم بالذهب والفضة، أما القرماطيون فتعاملهم بالملح، والنوبة والحش بالثياب، والنوبة من وراء مصر، والبجة وراء عيذاب، والحبش وراء زيلع. والخدم الذين ترى على ثلاثة أنواع: جنس يحملون إلى مصر وهم أجود الأجناس، وجنس يحملون إلى عدن وهم البربر وهم شرأجناس الخدم، والجنس الثالث على شبه الحبش، وأما البيض فجنسان الصقالبة وبلدهم خلف خوارزم إلا أنهم يحملون إلى الأندلس فيخصون ثم يخرجون إلى مصر، والروم يقعون إلى الشام وأقور وقد انقطعوا بخراب الثغور. وسألت جماعةً منهم كيف يخصون فتحصل لي أن الروم يسلون أولادهم ويحرزونهم على الكنائس لئلا يشغلوا بالنساء وتؤذيهم الشهوة، وكان المسلمون إذا غزوا أغاروا على كنائسهم وأخرجوا الصبيان منها. وأما الصقالبة فإنهم يحملون إلى مدينة خلف بجانة أهلها يهود فيخصونهم، واختلفوا على هذا فقال بعض يمسح القضيب والمزودان في مرةٍ واحدة، وقال بعضهم يشق المزودان وتخرج البيضتان ثم تجعل تحت القضيب خشبة ويقط من أصله. وسألت عريب الخادم وكان من أهل العلم والصدق فقلت إيها المعلم أخبرني عن أمر الخدم فإن العلماء قد اختلفوا فيهم وأبو حنيفة يجعل لهم فراشاً ويلحق بهم ما تلد نساؤهم وهذا علم لا يستفاد إلا منكم. قال: صدق أبو حنيفة رحه وسأخبرك بحالهم. إعلم إنهم إذا قربوا للاختصاء شق الخصوتان فأخرجت البيضتان فربما فزع الصبي فصعدت أحدى البيضتين إلى جوفه وطلبت فلم توجد في الوقت، ثم تنزل بعد ما التحم الشق فإن كانت اليسرى كانت له شهوة ومنى، وإن كانت اليمنى خرجت له لحية مثل فلان وفلان فأبوحنيفة رحه أخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وجازأن يكون من الخدم الذين بقيت بيضتهم. وذكرت قوله لأبي سعيد الجوري بنيسابور قال: قد يجوز هذا لأن أحدى بيضتي صغيرة وكانت لحيته نزراً خفيفةً. وإذا خصوهم جعلوا في منفذ البول مرود رصاص يخرجونه أوقات البول إلى أن يبرؤا كي لا يلتحم.

ولغتهم عربية غير إنها منغلقة مخالفة لما ذكرنا في الأقاليم ولهم لسان آخر يقارب الرومي وكلما قرب من مغرب الشمس كان أشد بياضاً وزرقة عيون وكثافةً في لحاهم، كبر وموضعهم بمدينة سطيف وهم مهدوا الأمر لعبيد الله. والغالب على بوادي هذا الإقليم البربر أكثرهم بكورة السوس وهم قوم على عمل الخوارزمية لا يفهم لسانهم ولا ترضي طباعهم مع خسةٍ وشدة. سمعت أن أحدهم يشد وسطه بنفقته فيذهب إلى الحج ويرجع وهي معه فحينئذ تزوج، وأقل من لا يزور بيت المقدس منهم.

 

 

ومن عيوبهم أن بافريقية مدينتين بهما تباع لحوم الكلاب على القنارات وهما قسطيلية ونفطة، ويتهمون بطرح لحوم الكلاب في الهرائس مع غشامةٍ وسوء خلق وغلظة، يرى أحدهم يطبخ القدر ثم يبيع اللحم أو الثردة. والطرق إلى أقاصيه صعبة في رمال ومفاوز.

وأما الولايات فلم يخطب لغير بني أمية بالأندلس قط. وأما السوس الأقصى فإن أول من غلب عليها أدريس بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، وذلك أن أدريس أفلت من وقعة العباسيين بالطالبيين بفخ في خلافة الهادي فوقع بمصر وعلى بريدها واضح مولى المنصور وكان شيعياً فحمله على البريد إلى المغرب فوقع بأرض طنجة فاستجاب له من فيها وحولها، فلما استخلف الرشيد أعلم بذلك فضرب عنق واضح وصلبه، ودس إلى إدريس الشماخ اليمامي مولى المهدي وكتب له كتاباً إلى إبراهيم بن الأغلب عامله على افريقية، فخرج حتى وصل إلى زويلة وذكر لهم إنه طبيب وإنه ولي من أوليائهم، فاطمأن إليه وآنس به فشكا اليه علة في أسنانه فأعطاه سنوناً مسموماً ليلاً، وأمره أن يستن به عند طلوع الفجر وهرب، فلما استن به قتله، وطلب الشماخ فلم يقدر عليه فولى الرشيد الشماخ بريد مصر.

 

 

وأما المسافات فتأخذ من برقة إلى الندامة مرحلة ثم إلى تاكنست مرحلة ثم إلى المغار مرحلة ثم إلى حليمان مرحلة ثم إلى مخيل مرحلة ثم إلى جب الميدعان مرحلة ثم إلى جياد الصغير مرحلة ثم إلى حي عبدالله مرحلة ثم إلى مرج الشيخ مرحلة ثم إلى العقبة مرحلة ثم إلى خرائب أبي حليمة مرحلة ثم إلى خربة القوم مرحلة ثم إلى قصر الشماس مرحلة ثم إلى سكة الحمام مرحلة ثم إلى جب العوسج مرحلة ثم إلى كنائس الحرير مرحلة ثم إلى الطاحونة مرحلة ثم إلى حنية الروم مرحلة ثم إلى ذات الحمام مرحلة ثم إلى بومينه مرحلة ثم إلى الأسكندرية مرحلة. وتأخذ من طرابلس إلى المسدودة مرحلة ثم إلى أرسطا مرحلة ثم إلى الراشدية مرحلة ثم إلى قصور حسان مرحلة ثم إلى مغمداش مرحلة ثم إلى سرت مرحلة ثم إلى قصر العبادي مرحلة ثم إلى اليهوديتين مرحلة ثم إلى قصر العطش مرحلة ثم إلى سبخة منهوسا مرحلة ثم إلى بلدروب مرحلة ثم إلى برمست مرحلة ثم إلى سلوق مرحلة ثم إلى أوبران مرحلة ثم إلى قصر الفيل مرحلة ثم إلى مليتية مرحلة ثم إلى برقة مرحلة. وتأخذ من اطرابلس إلى بئر الجمالين مرحلة ثم إلى قصر الدرق مرحلة ثم إلى بارجمت مرحلة ثم إلى الفوارة مرحلة ثم إلى قابس مرحلة ثم إلى الزيتونة مرحلة ثم إلى كتانة مرحلة ثم إلى الكبس مرحلة ثم إلى القيروان مرحلة. ثم تركب المفاوز إلى السوس الأدنى ألفين ومائة وخمسين ميلاً ثم إلى السوس الأقصى23 يوماً وعرض بحر الروم هناك18 ميلاً. وتأخذ من القيروان 7 مراحل إلى قفصة ثم إلى قسطيلية3 مراحل ثم إلى تاهرت15 يوماً في رمال وقرى ثم تقع في البربر3 أيام إلى فاس ثم تقع في عمارات8 مراحل إلى الشقور ثم كذلك في قرى وأنهار إلى البصرة وأنت في حد السوس الأدنى. وإن شئت فخذ من القيروان إلى سطيف10 مراحل ثم إلى تاهرت20 ثم إلى فاس50 ثم إلى السوس الأقصى30. وتأخذ من القيروان إلى زويلة شهراً. وتأخذ من القيروان إلى سجلماسة في البرية30 مرحلة وفي العمارة50، وتأخذ من القيروان إلى تونس3 مراحل ثم إلى طبرقة10 مراحل ثم إلى تنس6 مراحل ثم إلى جزيرة بني زغناي5 مراحل. وتأخذ من القيروان إلى قابس أو إلى نفطة أو إلى قرنة أو إلى سبيبة أو إلى مدينة القصور أو إلى المهدية مرحلتين مرحلتين. وتأخذ من القيروان إلى لافس أو إلى الجزيرة أو إلى أبة أو إلى مرسى الخرز ثلاث مراحل ثلاث مراحل. وتأخذ من القيروان إلى قابس أو إلى قصر الإفريقي أو إلى مجانة خمساً خمساً. وتأخذ من مجانة إلى تبسة أو إلى باغاي أو دوفانة أو عين العصافير أو دار ملول أو طبنة أو مقرة أو المسيلة مرحلة مرحلة وبين كل واحدة والأخرى على الترتيب مرحلة. وتأخذ من المسيلة غرباً إلى أشير3 أيام ثم إلى تاهرت5 ثم إلى فكان مثلها ثم إلى تلمسان مرحلتين ثم إلى جراوة مثلها. وتأخذ من تلمسان إلى صاع مرحلتين، مثلها ومسيلة رأس حد افريقية. وتأخذ من تاهرت إلى ناكور30 مرحلة ثم إلى سجلماسة15. وتأخذ من فاس إلى البصرة6 مراحل. ومن فاس إلى أزيلة8 مراحل. وقد اختصرنا مسافات هذا الجانب واجملناها لطولها وكثرتها وقلة المسافرين فيها. ومن القيروان إلى سوسة أو إلى قلشانة أو إلى تماجر مرحلة مرحلة. وأما مسافات الأندلس فصح عندي أن من قرطبة وهي القصبة إلى اشبيلية3 مراحل ثم على سمت القبلة إلى استجة مرحلة ومن قرطبة إلى طليطلة6 أيام. ومنها إلى وادي الحجارة مرحلتان. ومن قرطبة إلى مكناسة 4 أيام ثم إلى هوارة مثل ذلك ثم إلى نفزة10 أيام ثم إلى سمورة4 أيام. ومنها إلى قورية إلى باجة 12 مرحلة ثم إلى مارد 45 أيام ومن قورية إلى باحة 6 أيام ومن باحة إلى آخر مدن شنترين 17 يوما. ومنها إلى فحص البلوط يومان ثم إلى لبلة 14. ومنها إلى قرمونة 4 أيام بين باجة وأشبيلية نحو الغرب على طريق ماردة. ومن قرمونة إلى أشبيلية مرحلتان. ومن أستجة إلى مورور مرحلة ثم إلى شذونة يومان أو إلى جبل طارق3 أيام. ومن أستجة إلى مالقة 7 أيام طريق الشرق أو إلى أرجدونة3 مراحل. ومنها إلى بجانة6 مراحل ومنها إلى مرسية 7 أيام. ومنها إلى بلنسية أيضاً 20 يوماً ثم إلى رطوشة 12 مرحلة. ومن مرسية إلى بجانة6 أيام ثم إلى مالقة10 أيام ثم إلى جبل طارق4 أيام ثم إلى شذونة3 أيام ثم إلى أشبيلية4 أيام. وهذه الأشبيلية يضرب بها أهل المغرب الأمثال في البعد كما يضرب أهل المشرق

 

بفرغانة ولا أعرف الأشبيلية الأولى.ة ولا أعرف الأشبيلية الأولى.

 

ذكر بادية العرب

اعلم أن بين أقاليم العرب غير المغرب بادية ذات مياه وغدران وآبار وعيون وتلال ورمال وقرى ونخيل، قليلة الجبال، كثيرة العرب، مخيفة السبل خفية الطرق، طيبة الهواء ردية الماء ليس بها بحيرة ولا نهر إلا الأزرق، ولا مدينة إلا تيماء. ومن الناس من يعدها من الجزيرة وليست منها ومنهم من يجزئها على الأقاليم ومنهم من يجعلها من الشام. وقد رأينا نحن أن نفرزها ونفرد صورتها لأن أحداً من أهل الأقاليم الثلاثة عشر لا طريق له إلى مكة في البر إلا فيها ولا غنى له عن معرفتها. وأيضاً فإن فيها مناهج لا تعرف ومياهاً قد تجهل وفي ذكرها فوائد لا تحصى وأجر وحسبة لا تخفى وقد سافرت فيها غير مرة ومسحتها يميناً وشمالاً وشرقاً وغرباً وتفحصت عن طرقها وسألت عن مياهها وتبحرت في معرفتها حتى حزت الكثير من أسبابها وعرفت معظم طرقها. وهذه صورتها وبالله التوفيق.

وقد جعلناها من ويلة إلى عبادان ثم إلى بالس مقوسة وقسمناها اثني عشرطريقاً، تسع طولاً يؤدين إلى مكة وثلاث عرضاً يؤدين إلى الشام، وبها طريق آخر لقرح يؤدي إليها من البصرة ثم إلى مصر. فأولها طريق مصر ثم طريق الرملة ثم طريق الشراة ثم طريق تبوك ثم طريق وبير ثم طريق بطن السر ثم طريق الرحبة ثم طريق هيت ثم طريق الكوفة ثم طريق القادسية ثم طريق واسط ثم طريق وادي القرى ثم طريق البصره، وهذه الطرق على الترتيب ووصفها على التفريق.

 

 

فأما طريق مصر تأخذ من البويب إلى بندقة مرحلة ثم إلى عجرود مرحلة ثم إلى المدينة مرحلة ثم إلى الكرسي مرحلة ثم إلى الحفر مرحلة ثم إلى المنزل مرحلة ثم إلى ويلة مرحلة. وأما طريق الرملة فتأخذ من السكرية إلى التليل مرحلتين ثم من التليل إلى الغمر مرحلتين ثم إلى ويلة مرحلتين. وأما طريق الشراة فإن من صغر إلى ويلة 4 مراحل وهاتان الطريقان وإن كانا في الشام فإن السلوك في بادية وحشة وتمس هذه البادية المذكورة. وأما طريق تبوك فتأخذ من عمان إلى معان منهلين ثم إلى تبوك مثلهما ثم إلى تيماء أربعاً ثم إلى وادي القرى أربعاً. وأماطريق وبير فتأخذ من عمان إلى وبير3 مناهل ثم إلى الأجولي4 مراحل ثم إلى ثجر منهلين ثم إلى تيماء3 مناهل. وأما طريق بطن السر فتأخذ من عمان إلى العونيد نهارين ثم إلى المحدثة نصف نهارثم إلى النبك مثله ثم إلى ماء نهاراً ثم إلى الجربى نهاراً ثم إلى عرفجا نهاراً ونصفاًَ ثم إلى مخري ثلاثاً ثم إلى تيماء أربعاً. وهذه المحجات الثلاث طرق العرب إلى مكة، وفيها كان بريد ملوك بني أمية وقت كونهم بدمشق، واياها سلكت جيوش العمرين وقت فتح الشام وهن قريبات آمنات أصحابها بنو كلاب ويصحبهم كثير من أهل الشام يجتمعون في عمان وقد سلكتها غير مرةٍ. وأما طريق القادسية فتأخذ من القادسية إلى المغيثة17 ميلاً ثم إلى القرعاء22 ميلاً ثم إلى واقصة 24 ميلاً ثم إلى العقبة 29 ميلاً ثم إلى القاع 24 ميلاً ثم إلى زبالة 24 ميلاً ثم إلى الشقوق 21 ميلاً ثم إلى البطان 29 ميلاً، ثم إلى الثعلبية 29 ميلاً ثم إلى الخزيمية32 ميلاً ثم إلى أجفر24 ميلاً ثم إلى فيد36 ميلاً. وأما طريق واسط فلم اسلكها إلا أنها تلقي الجادة بالثعلبية. وأما طريق البصرة فتأخذ من البصرة إلى الحفير18 ميلاً ثم إلى الرحيل28 ميلاً ثم إلى الشجي27 ميلاً ثم إلى حفر أبي موسى26 ثم إلى ماوية32 ميلاً ثم إلى ذات العشر29 ميلاً ثم إلى الينسوعة23 ميلاً ثم إلى السمينة29 ثم إلى القريتين22 ثم إلى النباج23. فهذه طرق العراق إلى مكة وهذه التسع محجات في الطول. وأما طريق الكوفة فتأخذ من الكوفة إلى الرهيمة12 ميلاً ثم إلى النحيت نهارين ثم إلى القراى مثلهما ثم إلى الخنفس نهاراً ثم إلى الحشية مثله ثم إلى الغريفة مثله ثم إلى قراكر مثله ثم إلى الأزرق مثله ثم إلى عمان مثله الجميع مرحلة خفافاً. وأما طريق هيت فتأخذ من هيت، وأما طريق الرحبة فتأخذ من الرحبة إلى..،وهذه المحجات الثلاث في العرض ولها بنيات تخرج إلى اذرعات وغيرها. وأما طريق وادي القرى فيقال أنها تخرج على المنهب خلف فيد ومن المنهب إلى وادي القرى5 ليال ومنه الى تيماء4 ومنه إلى تبوك7 ومنه إلى وادي طيء ليلتان. ومن البصرة إلى الكوفة على تخوم هذه البادية 10 مرحل ثقال. وأكثرما ذكرنا من المنازل مياه وغدران.

 

 

وهذا وصف هذه البادية ومياهها: أعلم إنها بادية واسعة كثيرة العرب فيها نبت يقال له الفث على عمل الخردل ينبت من نفسه فيجمعونه إلى الغدران ثم يبلونه بالماء فيتفتح عن ذلك الحب ثم يطحنونه ويخبزونه ويتقوتون به. ويكثرون أكل لحم اليربوع والحيات ويقطعون الطريق ويؤون الغريب ويهدون الضال ويخفرون القوافل. وعلى الجملة لا يمكن أن يعبر أحد هذا الطريق إلا بخفير أو قوة وترى الحاج مع قوتهم يهتكون وتؤخذ اباعرهم وخزائنهم. وتخوم هذه البادية تأخذ من ويلة على مدائن قوم لوط وتصعد إلى مآب ثم على تخوم عمان واذرعات ورساتيق دمشق وتدمر وسلمية وأطراف حمص إلى بالس ثم ترجع إلى الفرات وتعطف على الرقة والرحبة والدالية إلى هيت والأنبار ثم على الحيرة والقادسية ومغارب البطائح ثم على سواد البصرة إلى عبادان ومنهم من أضاف الشراة إليها وادخل مدنها فيها وهذا أصح. وليس في، هذه البادية مدينة إلا تيماء وهي مدينة قديمة واسعة البقعة كثيرة النخيل هائلة البساتين غزيرة الماء مع خفة عجيبة وعين مليحة تخرج في شباك حديد إلى بركة ثم يتفرق في البساتين ولهم آبار حلوة وهي في سهلة إلا أن أكثرها خرابات، الجامع فيها والعمارات حول السوق وكل تمورها جيدة وفي أهلها شره، لا عالم بها يرجع إليه ولا حاكم يعول عليه ورأيت خطيبهم بقالاً وحاكمهم نعالاً مع تعصب عظيم ودروع داودية يلبسونها في الفتن. والمنازل بين مصر وويلة يسقى لها بالسواقي. والغمرماء وحشة وقربه رمل يحفر فيخرج عليهم منه ماء حلو كثير. وبير آبار حلوة في بقعة حهنة نيرة. والأجولي خزاه الله ماء يتورم من شرب منه وربما قضى نحبه. وثجر ماء غير طيب ولا كثير الغدران. والعونيد غديران قريبان ماؤهما كريه في وسط الرملة. المحدثة قناة حلوة قد حدت بحجارة سود. النبك غديران أحدهما أحلى من الآخر المحجة بينهما وثم نخيلات، بعده غدير واحد في غيضة. ودخل حلو غير غزير قد انسيت اسمه. والجربى غدير أو اثنان منتن الماء بين دغل وطرفاء. وعرفجا في موضع حسن نزيه غديران حلوان. ومخري قبحه الله من ماء مالح يطلق الناس والأباعر غديران في أرض سوداء وأشتق اسمه من الاسهال وسواءً شربت منه أو خبزت أو طبخت الأمر واحد. والمغيثة خربة بها بئر واحدة. والقرعاء لها عدة آبار لا ينتفع بها. واقصة بها حصن عامر وآبار حلوة وبركة عظيمة ينبع فيها الماء. والعقبة بها آبار بعيدة جداً ومواضع قد خربت. والقاع موضع قد خرب وقد كان عامراً حسناً آهلاً بها بئر. وزبالة حصن عامر وآبار عجيبة في الصخر وعدة آبار صغار وربما أودع بها الحاج من ازوادهم ويقصدها عرب كثير بالأباعر والحشيش وغير ذلك وفيها فرج للحاج. والبطان بها آبار معطلة ومواضع خربة. والثعلبية ثلث الطريق عامرة كثيرة البرك يسقى لها بالسواقي وفي الحصن سكان والبئر عذيبي. وقبر العبادي في أول هذا المنهل عليه رجم عظيم وهذه مواضع رمال هبير. والخزيمية بها برك معطلة وآبار لا ينتفع بها. فيد مدينة صغيرة ذات حصنين وبها حمام وبركة بأبواب حديد وآثارات، لعضد الدولة يوجد بها كل خير وبها يودع الحاج ازوادهم وثم ثقات وبها عيون وآبار وبرك عذيبية، وبالبعد ماء حلو وهي من مدن انحجاز لا محالة ولكن أوصلنا إليها طريق القادسية لأن الحاجة إلى ذلك ماسة.

 

 

فإن قال قائل أنت رجل قد عملت في السياحة بيقين وعلم وعرفت أيضاً طرق هذه البادية ومواضع المياه فيها فما تقول في الحج على التوكل والخروج بلا زاد. قيل له: يحكى عن سفيان بن عيينة أنه قال رجلان إذا استفتياك فقو عزمهما فإنهما يسألانك عن ضعف: أعزب يريد التزويج ومريد يسأل عن الحج بلا زاد. وحكي لي عن بعض الزهاد ببلدنا في وقتي أنه خرج في هذه البادية بلا زاد فلما تمت له ثلاثة أيام جاع قال فعثرت بشيء لين فنظرت فإذا برقاقة ملفوفة على خبيص حار. وأما أنا فخرجت من بعض السواحل عند العصر وأنا صائم وعزمت على الحج بلا زاد فلما وصلت إلى عاقر صليت المغرب وانفتلت إلى زاوية الجامع اصلي، وكنت لا أفطر كل ليلة إلا بعد الوتر، وصليت العشاء فلما انصرفوا اتاني المؤذن بخبز وقطين وجرة ماء، وقد كنت نويت أن لا أحمل معي ركوة ولا كوزاً وقلت الذي يرزق الطعام هويبعث بالماء أيضاً، فتعشيت أطيب عشاء من حيث لم احتسب، فلما صليت الغداة ركبت الطريق إلى السكرية فلما صليت العشاء اتاني رجل برغيف رستاقي وكوز ماء، فأكلت وشربت، وسرت من الغد إلى أن بلغت رأس الزاوية فدفعت ما كان علي من ثياب إلى بعض الطوافين وأخذت منهم مدرعة شعر ونعلاً خلقاً ومنديلاً رثاً، وسرت إلى العصروأنا لا أطمع في عشاء فتراءى لي حصن فقصدته فلما دخلت الباب إذا ثم رجل من بيت المقدس فعانقني ورحب بي وجعل يذكر لأهل الحصن محلي، فحمل إلي صنوف الطعام والدثار فهربت منهم في السحر وسرت،إلى بعد العصر فإذا قوم من المغرب فامسكوني وقالوا أنت جاسوس، فلما صليت بهم المغرب اعتذروا إلي واضافوني، ثم خرجت من الغد أسير إلى أن بلغت الكسيفة فلم أر بها دياراً فإذا بخمس فوارس قد اقبلوا فساقوني كرهاً إلى موضع لهم وأسافوني، فلما رأيت أني كل ليلة في دعوة وإن الله يردني إلى خلف قصدت بلدي وحججت في تلك السنة بالزاد والراحلة.

تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني في أقاليم العجم أوله إقليم المشرق

الجزء الثاني

 

أقاليم العجم

هذا ذكر أقاليم الأعاجم الثمانية وشرح أسبابها على ترتيب التخوم وأهلها أحسن أحوالاً وأكثر أموالاً وأشد بأساً وأعظم خلقاً وأرسخ في العلم وأمكن في الدين. لهم في الخير رغبة وفي الأعمال حسبه. تجري خلال أقاليمهم الأنهار، وتلتف بضياعهم الأشجار. وسنفصل أوصافهم ونشرح أسبابهم في أقاليمهم ونقدم في هذا الفصل ما يجب تقديمه.

 

 

بلغنا عن أبي المنذر هشام بن السائب أنه قال: لما ظفر قتيبة بن مسلم بفيروز بن كسرى، أخذ ابنته شاهين ومعها سفط، فبعث بها إلى الحجاج فحملها إلى الوليد، وفتح السفط فإذا فيه بسم الله المصور ميز قباذ بن فيروز إقليمه ووزن المياه والترب ليبني لنفسه مدينةً ينزلها، فوجد أنزه بقاع الأرض إقليمه بعد أن بدأ بالعراق التي هي سرة الأقاليم فوجد انزهها ثلاثة عشر موضعاً: المداين والسوس وجنديسابور وتستر وسابور واصفهان والري وبلخ وسمرقند وأبيورد وماسبذان ومهرجانقذق وقرماسين. ووجد أبرد اقليمه دبيل وهمذان وقزوين وجوانق ونهاوند وخوارزم وقاليقلا. ووجد اوبأ اقليمه البندنيجين وجرجان وخوار الري وكش وبرذعة وزنجان. ووجد اقحط اقليمه ميسان ودلست ميسان وبادرايا وباكسايا وماسبذان والري واصفهان. ووجد ابخلهم خراسان وإصفهان وأردبيل وبادرايا وباكسايا وإصطخر وشيراز وفسا. ووجد أخصبها أرمييية وآذربيجان وجور ومكران وماه الكوفة وماه البصرة وأرجان ودورق. ووجد أجملهم المداين وكلواذى وسابور وإصطخر وجنابة والري وقم واصفهان والنشوى. ووجد اعقلهم سبعاً عكبرا وقطربل وعقرقوف والري واصفهان وماسبذان ومهرجانقذق. ووجد اقنطهم أهل إسكافين وكسكر وعبدس ومرو والري. ووجد أعلمهم بالسلاح همذان وحلوان واصفهان وشهرزور وخوارزم والشاش وأسبيجاب. ووجد أخف المياه عشرة دجلة والفرات وجيحون وجنديسابور وماسبذان وقزوين وماء سورا وماء ذات المطامير وماء فنجاي. ووجد أمكرهم أحد عشر خراسان واصفهان والري وهمذان وأرمينية وآذربيجان وماسبذان ومهرجانقذق وتستر والمذار وأرتوان. ووجد شر الفواكه بالمداين وسابور وارجان والري ونهاوند وماسبذان وحلوان. ووجد اقلهم نظراً في العواقب النوبندجان وماسبذان وسيراف ورام هرمز وأرمينية وآذربيجان واصطخر. ووجد أسفلهم ستة النوبندجان وبادرايا وباكسايا وويهند ونهاوند واصفهان. ولم يجد بين دجلة وعقبة همذان انزه من قرماسين فانشأها لنفسه ثم بنى الأكاسرة بعده من المداين إلى العقبة ما ترى.

ووجدت في كتاب بخزانة عضد الدولة فصلاً في المتنزهات مسجعاً وزدت فيه ما لا يجب تركه لاشتهار ذكره وطيبه وليجمع الفصل منازه الأرض ويشفي صدور الخلق. وقال: أحسن الأرض مخلوقة الري وفيها السر والسربان، وأحسنها مصنوعة جرجان، وأحسنها معروفة طبرستان، وأحسنها مستخرجةً نيسابور ولها بشنقان، وأحسنها قديمةً وحديثةً جنديسابور ولها الآبان، ومرو ولها رزيق وماجان، وغوطة دمشق ولها الزاربان، ونصيبين ولها الهرماس، وايليا ولها البقعة وماماس، والصيمرة ولها الحصنان، ولفارسم شعب بوان، ونهر الأبلة تحار فيه العينان، ولا يتمارى في نزهة صغد اثنان، وبلخ ولها بروان، ونهاوند ورياض اصفهان، وعلى البحرين قيسارية وعمان، وباليمن الأعجوبة صنعان، ولا تسأل عن جيرفت كرمان، وعن بست وموقان، وسواد بخارا فله شأن، وسنذكر الشاش وفسا وسابور وحلوان، وجلت قرى الرملة بلا نهر بزيتون واتيان، وقد ذكرنا لك تاهرت وجيان، وقد مد من الكوفة نهر ونخيل وأشجار بريدان، فهذا قولنا في منازة الأرض بعرفان.

وأعلم أن أكثر بلدان الأعاجم موضوعة على اسم من أنشأها وبناها نذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. وكلام أهل هذه الأقاليم الثمانية بالعجمية إلا أن منها درية ومنها منغلقة وجميعها تسمى الفارسية واختلافها بين وانعجامها مشكل وسنبين ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى ونقربه جهدنا ونذكر من كلام كل قوم حروفاً يستدل بها على مواضعها من سمعها في الآفاق وبالله التوفيق

إقليم المشرق

 

 

هو أجل الأقاليم وأكثرها أجلةً وعلماء ومعدن الخير ومستقر العلم وركن الإسلام المحكم وحصنه الأعظم، ملكه أجل الملوك وجنده خير الجنود قدم أولو بأس شديد ورأس سديد، واسم كبير ومال مديد، وخيل ورجل وفتح ونصر. وقوم كما كنت إلى عمر لباسهم الحديد وأكلهم القديد وشربهم الجليد. ترى به رساتيق جليلة وقرى نفيسة وأشجاراً ملتفة وأنهاراً جارية ونعماً ظاهرة ونواحي واسعة وديناً مستقيماً وعدلاً مقيماً في دولة أبداً منصورة مؤيده، ومملكة جعلها الله عليهم مؤبده. فيه يبلغ الفقهاء درجات الملوك، ويملك في غيره من كان فيه مملوك. هو سد الترك وترس الغز وهول الروم ومفخر المسلمين ومعدن الراسخين، ومنعش الحرمين وصاحب الجانبين، وجزيرة العرب أوسع منه رقعة غير أنه أعمر منها وأكثر كوراً وأموالاً وأعمالاً. وقد جعله أبو زيد ثلاثة أقاليم خراسان وسجستان وما وراء النهر، وأما نحن فجعلناه واحداً ذا جانبين يفصل بينهما جيحون. ونسبنا كل جانب إلى الذي اختطه وبناه، ومثلنا كل جانب ووصفناه على حدة لكبر الإقليم وعمارته وكثرة كوره ومدنه. فإن قال قائل ولم لم تجعل كل جانب إقليماً كما هو متعارف عند الناس ألم تعلم إنهم يقولون خراسان وما وراء النهر، قيل له ومن المتعارف أيضاً أن من تخوم قومس إلى طراز تسمى خراسان، أولم تعلم أن آل سامان يسمون ملوك خراسان ومقامهم بهذا الجانب مع أنا لم نسم هذا الجانب خراسان حتى يلزمنا ما قلت. فإن قال فلم أدخلت فيه سجستان و خالفت المتقدمين في هذا العلم، قيل له قد تعارف الناس أيضاً إنها من خراسان، ألا تعلم إنهم يخطبون لآل سامان ولو جعلنا سجستان إقليماً لوجب أن نجعل خوارزم إقليماً لشدة عمارتها وكثرة مدنها وخلافهم في اللسان والطبع والرسوم وهذا ما لا يجوز ولم يقل. فإن قال ولم جعلته جانبين قيل كما كان اليمن جهتين، والمغرب قطعتين، وقد سبق القول فيه. واعلم أن هذا الإقليم عمره أخوان هيطل وخراسان إبنا عالم بن سام بن نوح، وهذا الجانب يسمى جانب الهياطلة.

 

جانب هيطل

اعلم أن هذا الجانب أخصب بلاد الله تعالى وأكثرها خيراً وفقهاً وعمارة ورغبةً في العلم واستقامة في الدين. وأشد باساً وأغلظ رقاباً وأدوم جهاداً وأسلم صدوراً وأرغب في الجماعات مع يسار وعفة ومعروف وضيافة وتعظيم لمن يفهم. وعلى الجملة الإسلام به طري والسلطان قوي، والعدل ظاهر والفقيه ماهر والغني سالم والمحترف عالم والفقير غانم، قل ما يقحطون منابره أكثر من أن توصف، ونواحيه أوسع من أن تنعت، غير أنا قد اجتهدنا طاقتنا وأفرغنا استطاعتنا. وهذه صورته ومثاله.

وقد جعلنا هذا الجانب ست كور وأربعة نواح، فأولها من قبل مطلع الشمس وحد الترك: فرغانة ثم إسبيجاب ثم الشاش ثم أشروسنة ثم الصغد ثم بخارا. وفي الصغد كلام كثير والنواحي: إيلاق، كش، نسف، الصغانيان.

فأما فرغانة فإنها كورة في زاوية الإقليم، من تلقاء الطلوع قبل يسار المنحدر. كثيرة الخير، يقال أن بها أربعين منبراً. قصبتها أخسيكت ومن مدنها: الميانروذية، نصراباذ، منارة، رنجد، شكت، زاركان، خيرلام، بشبشان، أشتيقان، زرندرامش، أوزكند. ومن ا لنسائية: أوش، قبا، برنك، مرغينان، رشتان، وا نكت، كند. ومن الواغزية: بوكند، كاسان، باب، جارك، أشت، توبكار، أوال، دكركرد، نوقاد، مسكان، بيكان، جدغل، شاودان.

وأما إسبيجاب فإنها على تخوم الإقليم المعتدلة، القصبة على اسمها، ومن مد نها: خورلوغ، جمشلاغو، أرسبا نيكث، باراب، شاوغر، سوران، ترارزراخ، شغلجان، بلاج، بروكت، بروخ، يكانكت، أدخكت، ده نوجيكت، طراز، بالوا، جكل، برسخان، اطلخ، جموكت، شلجي، كول، سوس، تكابكت، ده نوى، كولان، ميركي، نوشكت، لقرا، جموك، أردوا، نويكث، بلاسكون، لبان، شوي، أبا لغ، مادانكت، برسيان، بلغ، جكركان، يغ، يكالغ، روانجم، كتاك، شور، جشمه، دل، أواس، جركرد.

وأما الشاش فهي خلفهما، قصبتها بنكث ومن مدنها: نكث، جينانجكث، نجاكث، بناكث، خرشكث، غرجند، غناج، جبوزن، وردك، كبرنه، نمدوانك، نوجكث، غزك، أنوذكت، بشكت، بركوش، خاتونكت، جبغوكت، فرنكد، كداك، نكالك، بارسكث، أشتوركث، البيكث، كباشكث، غناج، ده كوران، تل أوش، غزكرد، زرانكث، دروا، فردكث، اجخ.

 

 

وايلاق ناحيتها، قصبتها تونكث، مدنها: شاوكث، بانخاش، نوكث، بالايان، أربلخ، نموذلغ، تكث، خمرك، سيكث، كهسيم، ادخكت، خاس، خجاكث، غرجند، سام، سرك، بسكت.

وأما اشروسنة فإنها تتصل بهذه الكورة، قصبتها بنجكث، ومن مدنها: ارسبانيكث، كردكث، غزق، فغكث، ساباط، زامين، ديزك، نوجكث، قطوان، دزه، خرقانة، خشت، مرسمندة ولها سبعة عشر رستاقاً: بشاغر، مسحا، برغر، وقر، بانغام، مينك، بسكر، ارسبانيكث، البتم لا مدائن لهذه. والبواقي يوافقن مدائنها في الأسامي.

أما الصغد فإن قصبتها سمرقند وهي مصر الإقليم، ولها إثنا عشر رستاقاً، ستة جنوبي النهر: بنجكث. ثم ورغسر ثم مايمرغ ثم سنجرفغن ثم الدرغم ثم أوفر فأما الشمالية فاعلاها: ياركث ثم بورنمذ ثم بوزماجن ثم كبوذنجكث ثم وذار ثم المرزبان في بعضها مدائن نصفها في الرساتيق وبقية مدن الكورة ريودد، أبغر، إشتيخن، كشاني، دبوسية، كرمينية، ر بنجان، قطوانة.

وأما بخارا فإنها كورة غير واسعة الرقعة، إلا أنها عامرة حسنة. يدور على خمس من مدنها حائط سعته إثنا عشر فرسخاً في مثله ليس فيه أرض بائرة، ولا ضيعة عطلة. اسم قصبتها نموجكث، ومن مدنها: بيكند، الطواويس، زندنة، بمجكث، خجادي، مغكان، خرغانكث، خديمنكن، عروان، بخسون، سيكث، جرغر، سيشكث، أرياميثن، ورخشى، زرميثن، كمجكث، فغرسين، كشفغن، نويدك، وركى. ولها ناحية كش ولها: نوقد، قريش، سونج، اسكيفغن. ونسف ولها: بزدة، كسبة. والصغانيان ولها: دارزنجي، با سند، بهام، زينور، بوراب، ريكدشت، بارياب، شومان، هنبان، دستجرد. ولها ستة عشرألف قرية.

 

 

وأما الإختلاف في هذه الكور والنواحي فإن الجيهاني ذكر في كتابه أن الصغد كصورة إنسان رأسه بنجكث ورجلاه الكشانية وظهره أوفر وبطنه كبوذنجكث وتركسفي ويداه مايمرغ وبوزماجن، وجعل طوله ستة وثلاثين فرسخا في ستة وأربعين فرسخاً. وقال منبرها الأجل سمرقند ثم كش ثم نسف ثم الكشانية إلى آخره. وقال غيره قصبة الصغد إشتيخن وفصلها عن سمرقند وجعل بخارا أيضاً من الصغد، واحتج بأن النهر من أصله إلى بخارا يسمى نهر الصغد وهذا خطأ، ألا تعلم أن نهر الأردن بفلسطين يسمى أيضاً نهر الأردن ولم يقل أحد أن أغوار فلسطين من الأردن وإنما قولهم نهر الصغد أي إنه يمد من الصغد ويسقي فيها. وإن شرعنا في الاحتجاج إلى ما ذهبنا وترجيحه على ما سواه طال كتابنا وإنما غرضنا في ذكر هذه المقالات وإيضاحها لئلا يظن الناظر في كتابنا إنها غابت عنا، مع أن أبا زيد البلخي قد ذكر في كتابه فصلاً يغني أولي البصائرعن الاحتجاج في هذا الباب أراد به تصحيح ما صور لا وضع الكور، لأن أحداً لم يتقدمنا إلى تفصيل كور الأقاليم وهو أنه قال: ليس في جمع هذه الأطراف بعضها إلى بعض ولا في تفريقها كبير درك غير الإبانة عما في أعراضها من المدن والأنهار وسهولة العبارة في التفصيل والصور، ولعمري قد صدق ليس فيه أبطال حق ولا إثبات، ألم تعلم أن صدور الأمة قد رأوا أراء وقدموا وأخروا وورثوا وحرموا وأحلوا وحرموا وجوزوا وأبطلوا وتلقاه الناس بالقبول وسكنت إليه قلوبهم ولم ينكر هذا عليهم عاقل بل به أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً لما بعثه إلى اليمن وعمل به الصحابة فلا عجب أن نرى نحن أيضاً في هذا العلم أراء ويكون لنا فيه قياس واختيار. فاختيارنا أن نجعل الصغد من جملة سمرقند ومدنها من أجنادها وننصبها مصراً لهذا الجانب لأنها أقدم وأوسع وأكثر رساتيق. فإن قال قائل لِمَ لم تجعل المصر بخارا إذ هي دار المملكة وموضع الدواوين، قيل له كون الملوك بها لا يوجب أن تكون هي المصر لأن بخارا بلد تبركت به ملوك آل سامان ورحلوا إليه من سمرقند، وأيضاً فإنه لا يجوز أن نجعل سمرقند ونيسابور على جلالتهما قوداً لبخارا لأن هذه العلة التي ذكرت توجب أن تكون نيسابور أيضاً قائدا لبخارا. فإن قال اليس لما نزل ولد العباس مدينة السلام صارت مصر الإقليم فهلا قست عليها بخارا، قيل له الجواب عن هذا سهل وذلك أن أمصار العراق محدثة أبداً ينسخ في الاسلام بعضها بعضاً، ألا تعلم أنه كانت الكوفة ثم الأنبار ثم بغداد ثم صارت سامرا ثم عادت إلى بغداد، وأمصار المشرق قديمة لا ينقص بعضها بعضاً. فإن قال قائل أليس نيسابور قد نقصت طوس، قيل له لم يكن بطوس مصر قط فينسخ، وإنما انضافت إليها للعلة التي سنذكرها. فإن قال إن لم تنسخ طوس فقد نسخت مرو قيل له قد تحرزنا من هذا بقولنا ينسخ في الاسلام بعضها بعضاً ونيسابور إنما نسخت مرو بمجيء الاسلام فإذا كان الأمرعلى هذا السبيل علمت أن بخارا لم تنسخ سمرقند لأنا لم نجد لها نظيراً في الأصول، ألا تعلم إنه لما لم نجد في الأصول التقرب إلى الله تعالى بركعة لم يجز الوتر بركعة، فإن قال أليس قد نزل المأمون والرشيد قبله مرو قيل له لم ينزلاها على سبيل الأقامة وهذا ظاهر جلي.

 

 

أخسيكت: هي قصبة فرغانة بلد كبير خطير بالمشاجر المحيطة به والأنهار الفائضة إليه مع عمارة وخصب ورخص، وله مدينة داخلة يتخللها عدة من القني فتقلب في حياض لهم حسنة من الآجر والجص مصهرجة، والجامع ومعظم العمارات فيها ويحويها ربض واسع فيه قهندز وأسواق يكون في عظم الرملة مرة ونصفاً، كثيرة الخير باردة وفي أهلها غلظة وحمرة. نصراباذ: كبيرة قد التفت بها الأشجار من اسبيددال وحور، بناها ملك لابنه نصر وسماها له، ومنارة صغيرة على باب الجامع نهر. رنجد: ذات مزارع كثيرة ولها جامع نزيه في الأساكفة. شكت: كبيرة كثيرة الجوز حتى ربما وجدت ألف جوزة بدرهم والجامع في السوق. تسحان: كبيرة آهلة الجامع في الكرابيسيين. زاركان: متوسطة كثيرة الأرز نزهة غزيرة المياه على باب الجامع روضة مشجرة. خيرلام: كبيرة بها جامع حسن في الأسواق. بشبشان: كبيرة وللجامع باب يشرع إلى الميدان. أشتيقان: صغيرة الجامع في الأسواق. أوزكند: على بابها نهر يخاض ليس له جسر، يحيط بربضها حائط، ومدينتها عامرة فيها الأسواق والجامع والقهندز والماء يدخل إلى الجميع، ولها أربعة أبواب ولا أعلم في مدن هذه الكورة قهندزاً غيره. أوش: كثيرة الأنهار لها فضائل وهي رحبة منعمة، جامعها وسط الأسواق، قريبة من الجبل كثيرة الخير واسعة المياه وبها رباط عظيم يقصده المطوعة من كل جانبط. قبا: هي أرحب وأوسع وأطيب وأنزه وأعجب من القصبة وقد كان يجب في القياس أن تكون هي القصبة لكن لما كان التعارف عندنا مقدماً على القياس عدلنا عنه لذلك، وهي مدينة وسطها ميدان وجامعها في الأسواق وقد قالت الحكماء فرغانة قبا، وما سواها حشيش وماء. برنك: صغيرة جامعها ظاهر البلد تلقاء سمرقند. مرغينان: صغيرة أيضاً وجامعها ناء عن الأسواق على بابه نهر. رشتان: كبيرة للجامع باب في الأسواق وآخر في الميدان ووانكث مثلها وبكند نهر يجري وسط الأسواق، وعد علي لهذه الكورة أربعون مدينة. خجندة: مدينة نزيهة ليس بهذا الجانب أطيب منها، وسطها نهر جار والجبل متصل بها وهي رأس الحد وقد مدحها العقلاء ونعتها الشعراء.

 

 

أسبيجاب: قصبة خطيرة. لها ربض ومدينة عامرة، بها التيمات وسوق الكرابيس، والجامع بأربعة أبواب على كل باب رباط باب نوجكت باب فرخان باب شاكرانة باب بخارا، والرباطات رباط النخشبيين رباط البخاريين رباط السمرقنديين رباط قراتكين وثم قبره وسوق قد اوقفه غلته في كل شهر سبعة آلاف درهم يجري على الضعفاء الخبز والادام، ويقال أن بها ألفاً وسبعمائة رباط وهي ثغر جليل ودار جهاد وعلى ربضها حصن وبها قهندز خرب، لا يعرفون القحط ولا الخراج، ولا للفواكه عندهم كثير مقدار، نفيسة طيبة وبلدة نزهة وعيشة راضية. إلا أنهم غاغة وفيهم سلامة وفي قلوبهم غلظة، معجبون بمذاهبم وأنفسهم سواء أسيت أم أحسنت إليهم. أهل الرساتيق خير من أهل القصبة تراهم فيها سباعاً وفي غيرها نعاجاً. خورلوغ: مدينة متوسطة فيها نهر بالأسواق لا حصن عليها ولا لها قهندز ولا رستاق. جمشلاغو: كبيرة رحبة بها ماء جار وقد رحل إليها كثير من الحشم والجامع ناء عن الأسواق. أرسبانيكث: نبيلة نظيفة محضنة الجامع بها والعمارات في الربض. باراب: هو اسم للرستاق وليس بالواسع، اسم أكبر مدائنه أيضاً باراب وهي كبيرة تخرج نحو سبعين ألف رجل، عليها حصن فيه الجامع وأسواق وقهندز ومعظم الأسواق في الربض وبالحصن حوانيت يسيرة. وسيج: صغيرة عليها حصن وبها أمير قوي، والجامع في السوق. كدر: مدينة محدثة جرى وقت نصب منبرها حروب، وهم قوم فيهم بأس، ولاصحاب الحديث بها الغلبة. شاوغر: كبيرة واسعة الرستاق عليها حصن والجامع على طرف السوق، وهي في الجادة بمعزل. لسوران: كبيرة عليها حصون سبعة بعضها خلف بعض والربض فيها والجامع في المدينة الداخلة، وهي ثغر من الغز والكيماك. ترار زراخ: مدينة لرستاق خلف سوران نحو الترك وهي صغيرة محصنة لها قهندز وزراخ قرية في الرستاق. شغلجان: كبيرة وهي ثغر في وجه الكيماك عليها حصن كثيرة الخير. بلاج: مدينة صغيرة قد خرب حصنها والجامع في السوق وقد رجعنا نحو القصبة. بروكت: كبيرة وهي وبلاج ثغران على التركمانيين الذين قد اسلموا رهبة، قد خرب حصنها. بروخ: قديمة كبيرة والجامع في السوق. يكانكت: جليلة طيبة وهي مدينة خراخراف وثم رباطه وقبره. أذخكث: كبيرة عليها حصن فيه الجامع وربض عامر به الأسواق كثيرة الرباطات. ده نوجكث: مدينة صغيرة لها سوق ثلاثة أشهر أيام الربيع يكون اللحم المخلع أربعة امناء بدرهم، وكانت كبيرة فلما فتح اسماعيل بن احمد الكورة خفت وهي مع ذلك كثيرة العمارات حصينة ولها قهندز. طراز: مدينة جليلة حصينة كثيرة البساتين مشتبكة العمارة لها خندق وأربعة أبواب ولها ربض عامر، على باب المدينة نهر كبير خلفه قطعة من البلد عليه درب، والجامع في الأسواق. جكل: صغيرة على صيحة من طراز، عليها حصن ولها قهندز والجامع في، السوق. برسخان: مدينة على صيحين من نحو المشرق، عليها حصن قد خرب والجامع في الأسواق. بهلو: أكبر من برسخان على يسار جكل بنصف فرسخ، لها خمسة رساتيق وقهندز والجامع في الأسواق. اطلخ: مدينة عظيمة تقارب القصبة في الرقعة، عليها حصن وأكثرها بساتين والغالب على رستاقها الأعناب، والجامع في المدينة والأسواق في الربض. جموكت: كبيرة عليها حصن والجامع فيه، والأسواق بالر بض. شلجي: صغيرة كثيرة الغرباء يقال أن بها عشرة آلاف اصفهاني، ولها قهندر الجامع خارج منه، وهي بين الجبال، لهم نهر في وسطه سبع قرى. سوس: كبيرة وكول أصغر منها على كل واحدة منهما حصن ونهر. تكابكث: كبيرة نصفها كفار وهذه الثلاث مدن يقربن من جبال معادن الفضة. كولان: محصنة والجامع فيها وقد خفت وهي على جادة طراز. ميركي: متوسطة الرقعة محصنة ولها قهندز، وكان الجامع في القديم كنيسة وقد بنى الأمير عميد الدولة فائق خارج الحصن رباطاً. أردوا: صغيرة بها ملك التركمان لا زال يبعث الهدايا إلى صاحب اسبيجاب، عليها حصن ولها خندق ملآن من الماء، ودار الملك في القهندز. حران: الغالب عليها الكفار وسلطانها مسلم، عليها حصن فيه قهندز يسكنه الدهقان. ولاسكون: كبيرة آهلة كثيرة الخير. وبقية المدن يتقارب بعضها من بعض في الرقعة والعمارة.

 

 

بنكث: هي قصبة الشاش واسعة الرقعة فسيحة المنازل أقل بيت إلا وفيه البستان والاصطبل والكرم، وجملة وصفها أنها بلد قد قابل خيره شره وساوى مفاخرة عيوبه هي كثيرة الخير والفتن لسان مليح وهرج قبيح أحسن ما تراها عامرة إلا وقد خربت ومستقيمة إلا وقد تشوشت، أهل سنة مع عصبية وأهل منعة غاغة عدة للسلطان ومشغلة، صالحهم نفيس وطالحهم خسيس في العلم راغبون وبالمذهب معجبون يحكمون عمل القسي إلا أن أطرافها رخوة حسان إلا أن فيهم برداً شهام وفيهم بله اسخياء مع عنف برد شديد وثمار كثير معاش قليل وأسعار رخيصة تكون فرسخاً في مثله غير أن البساتين على ما ذكرنا ولها ربضان على كل ربض حصن، وأبواب المدينة باب أبي العباس باب كش باب الجنيد والقهندز خلفها له باب يفتح إليها وباب إلى الربض، وللربض الداخل ثمانية دروب درب رباط احمد الحديد درب الأمير درب فرخان درب سوركده درب كرمابج درب سكة خاقان درب قصر الدهقان، وعلى الربض الخارج سبعة دروب درب فرغكد درب خاسكث درب سنديجا درب الحديد درب بركردجا درب سكرك درب در ثغرباذ، والجامع على حائط القهندز ومعظم الأسواق بالربض. أشتوركث: تكون مثلها في الرقعة عليها حصن وبها ماء جار وتيمات حسنة. بناكث: مثل اشتوركت أهل شغب ليس عليها حصن، الجامع في السوق. جينانجكث: ليس عليها حصن، بنيانهم خشب ولبن، وسائر المدن قريبات مما وصفنا ذوات مياه جارية وأشجار ملتفة. تونكث: على جرف كبيرة عامرة وهي قصبة ايلاف ومدنها عامرات تكون مثل نصف بنكث، ولها قهندز ومدينة وربض ودار الإمارة في القهندز والجامع خارجه وفي المدينة أسواق وبقيتها بالربض، ولهم ماء جار يدخل المدينة وهي منعمه طيبة وبها دهقان قوي.

 

 

ئونجكث: هي قصبة اشروسنة بلد كبيرخصيب خطيرماء غزيروخلق كثير، ملتفة بالبساتين حسنة البيوت على ما ذكرنا من الشاش، غير أن هؤلاء أسلم صدوراً وأقل تخليطاً، لها مدينة ببابين باب المدينة باب الأعلى، والجامع فيها والقهندز خارج عنها، ولها ربض واسع بأربعة دروب درب زامين درب مرسمندة درب نوجكث درب كهلباذ، وبها ستة أنهار تخرقها سوى النهر الأعظم الذي إليها، وهي في غاية الطيبة والنزهة. زامين: ذات جانبين بينهما نهر عليه جسور صغار والجامع على يمين الخارج إلى سمرقند، والأسواق في الجانبين، وهي على الجادة. ساباط: عامرة جل أسواقها مظللة بسقوف قصار، وبها عين ماؤها جار يحدق بها بساتين ويجمع الطرق فيها. مرسمندة: جليلة لها ماء جار بلا بساتين، شديدة البرد، بها أسواق عامرة، الجامع على ناحية من السوق. خشت: بين جبال عامرة خصبة القرى قريبة من معادن الفضة، وسائر المدن قريبات مما ذكرنا. سمرقند: قصبة الصغد ومصر الاقليم، بلد سري جليل عتيق، ومصر بهي رشيق. رخيٌ كثيرالرقيق، وماء غزير بنهر عميق. بناء قوي سني وثيق، ودرس كثير لأهل الفريق. وعيش هني إليها الطريق، وحمل المتاع من كل فج عميق، علوم كثيرة وصدر دفيق، وخيل ورجل ومال دفيق. ذو رساتيق جليلة ومدن نفيسة وأشجار وأنهار، وتناء وتجار. في الصيف جنة، أهل جماعة وسنة. ومعروف وصدقة، وحزم وهمة. غير أن في أهلها وهوائها برداً جفاة مع الغرباء، بلية في الشتاء. يشغبون على الأمراء، وفيهم نفخ وعجب ومراء. جيدة الجواري ردئة الغلمان. على جانب النهر وسطها مدينة بأربعة أبواب باب الصين باب نوبهار باب بخارا باب كش، وللربض ثمانية دروب درب غداود درب إسبسك درب سوخشين درب افشينة درب كوهك درب ورسنين درب ريودد درب فرخشيد، بناؤهم طين وخشب، أعمر موضع بها رأس الطاق والجامع في المدينة عند القهندز ومعظم الأسواق بالربض، وعلى المدينة خندق والماء يدخل إليها في قناة من رصاص فوق الخندق. بنجكث: رستاق كثير الثمار خصب مشجر بالجوز وغيره. ورغسر: اسم الرستاق والمدينة معاً وهو دون الأؤل. مايمرغ: ليس في جميع الرساتيق أكثر قرى وأشجار وخيرات منه، وبها كان مقام الإخشيد ملك سمرقند وثم قصوره. سنجرفغن: رستاق صغير قليل القرى غير أنه عامر وأصح الرساتيق هواءً وثماراً طوله نحو مرحلتين. الدرغم: هو ازكى الرساتيق وأكثرهن مراعي ومياها طوله نحو من مرحلة. أوفر: هو رستاق عامته مباخس كثير القرى أهله أصحاب مواش طوله نحو من مرحلتين، ويقال إن غلاته إذا أقبلت قامت بالصغد كله وبخارا سنتين. ياركث: هو أعلى الرساتيق الشمالية يتاخم اشروسنة، شرب مزارعهم من عيون، كثير المباخس والمراعي زكي المزارع. بورنمذ: قليل القرى صغير. بوزماجن: يتصل بياركث مدينته أباركث وهو أعرض رساتيق هذا الوجه وأكثرها قرى، يكون مرحلة في مثلها. كبوذنجكث: مشتبك القرى والأشجار مدينته على اسمه. وذار: مدينته على اسمه كثير المزارع سهل وجبل ومباخس وسقي. المرزبان: ليس به منبر. كشاني وإشتيخن: مدينتان جليلتان ولا تسأل عن طيبهما وعمارتهما وخيراتهما وهما من الصغد في كل مقالة، طول رستاق اشتيخن خمس مراحل في عرض مرحلة، وعرض الكشاني نحومرحلتين في مثلهما وهما من قبل الشمال.

 

 

نموجكث: هي قصبة بخارا، قد شابهت الفسطاط في العفن وسواد الطين وسعة الأسواق، وشاكلت دمشق في البنيان والسواد وضيق البيوت وكثرة الأجنحة، وهي في سهلة. كل يوم في زيادة ومدينتها في غاية العمارة، لها سبعة أبواب محددة باب نور باب حفرة باب الحديد باب القهندز باب بني سعد باب بني أسد باب المدينة وخلفها قهندز قد استولهى عليه السلطان فيه خزائنهم، والحبوس له بابان باب السهلة وباب الجامع، والجامع في المدينة له رحبات عدة نظاف كلهن، وكل مساجدها بهية وأسواقها نفيسة، وللربض عشرة دروب درب الميدان درب إبراهيم درب مردكشان درب كلاباذ درب نوبهار درب سمرقند درب فغاسكون درب الراميثنية درب حدشرون درب غشج، وقد جاوزها العمارة وداخلها عشر دروب أخر إليها، كانت العمارة في القديم تخالف بعض هذه في الأسماء ودار الملك في السهلة تقابل القهندز وتستدبر القبلة ولم أر في الاسلام باباً أجل ولا أهيب من هذا الباب، ولا في الإقليم بلد أشذ عمارة وأكثر زحاماً على سكناه من هذا، مبارك على من قصده منعش لمن تعيش فيه رفق بمن سكنه، به أطعمة مرية وحمامات طيبة وشوارع واسعة وماء خفيف وبناء ظريف، رفقة في المطاعم والمعايش كثيرة الفواكه والمجالس أمرهم في الجماعات عجب وللعوام فقه وأدب، كثيرة المرابطين قليلة الجاهلين ومستقر ملوك المسلمين، غير أنها ضيقة البيوت كثيرة الحريق منتنة مبرغثة حارة باردة آبار مالحة وأنهار مذمومة ومستراحات مؤذية وطينة وحشة ومساكن عالية وتيمات غامة ولواطة ظاهرة، هي كنيف الجانب وأضيق بلدان المشرق، وقد رحل إليها أقوام أظهروا الفساد وأساءوا المعاملة وتهاونوا بالجماعات، ونشأ حشم لبسوا الحرير والديباج وشربوا في أواني الذهب والفضة وهونوا أمور الدين. طواويس: جليلة لها سوق يقوم في كل سنة، وقد خرب حصنها ونأى جامعها وطال سوقها وكثر خيرها. زندنة: هي من قبل الشمال، كثيرة الضياع لها حصن به الجامع وربضها عامر. خجادى: كبيرة عليها حصن فيه الجامع، حسنة ظريفة. مغكان: لها حصن وربض حسن وجامع ظريف به ماء جار، كثيرة القرى. بمجكث على ما ذكرنا، فهذه المدن الخمس داخل الحائط. بيكند: من نحو جيحون على حد الرمال، عليها حصن بباب واحد فيه سوق عامر وجامع في محرابه جواهر، وتحتها ربض فيه سوق ونحو ألف رباط عامرة وخراب، ولها فضائل ولجامعها نور. أفشنة: من نحو الغرب كثيرة الغزاة واسعة العمل نزهة. أمددى: غربي بيكند على فم المفازة لها حصن. أوشر: كبيرة كثيرة البساتين من نحو الترك تعد قرية. أرياميثن: هي بخارا القديمة كبيرة خربة الأطراف. ورحشى. كبيرة لها حصن وخندق يدور فيه الماء. زرميثن: لها قهندز وحصن والجامع وسط المدينة. بخسون: كبيرة لها حصن وقهندز. وسائر المدن على ما ذكرنا وههنا قرى كبار لا يعوزها من رسوم المدن وآلاتها ألا الجامع، لأن الأمير ببخارا والمقدم عند السلطان والمتمثل رأيه أصحاب أبي حنيفة وعندنا لا جمعة ولا تشريف إلا في مصر جامع يقام فيه الحدود وكم تعب أهل بيكند حتى وضعوا المنبر.

 

 

كش: بلد كبير له مدينة وربض، وأخرى متصلة بالربض الداخلة مع قهندزها خراب والخارجة عامرة ودار الأمارة خارج المدينة والجامع في المدينة الخربة والأسواق في الربض، بناؤهم طين وخشب مثل بخارا، وهي خصبة ومنها تحمل البواكير، للمدينة الداخلة، أربعة أبواب باب الحديد باب عببد الله باب القصاصين باب المدينة الداخلة، وللخارجة بابان باب المدينة الخارجة باب بركنان، وبها نهران كبيران نهر القصارين ونهر أسرود يجريان على باب المدينة، وهي مدينة سرية لو لم تكن وبية. نسف: يسمونها نخشب نفيسة لها قهندز خراب، وربض عامر في مستواة، والنهر يشقها ودار الأمارة على ضفته عند رأس القنطرة، ولها ربض الجامع فيه عند الأسواق، وهي كثيرة الأعناب الجيدة والمزارع العذية الطيبة كبيرة إلا أن ماءها ضيق ونهرها ينقطع وأهلها غاغة وبها عصبيات وحشة وهم قوم سوءٍ يصلحون للشرط، وكسبة أكبر منها وبزدة أصغر. الصغانيان: هي ناحية شديدة العمارة كثيرة الخيرات، والقصبة على هذا الاسم أيضاً تكون مثل الرملة الأ أن تلك أطيب والناحية مثل فلسطين إلا أن هذه أرحب، مشاربهم من أنهار تمد إلى جيحون غير أن موادها تنقطع عنه في بعض السنة، والناحية تتصل بأرض ترمذ، فيها جبال وسهولة يتاخمها قوم يقال لهم كيجي وترك كنجينة، بها ستة عشرألف قرية وتخرج نحوعشرة آلاف مقاتل بنفقاتهم ودوابهم إذا خرج على السلطان خارجي، وأسواق القصبة مغطاة ظريفة خبز رخيص ولحم كثير وماء غزير والجامع وسط السوق لطيف على سواري آجر بلا طيقان، في كل بيت ماء جار قد التفت بها الأشجار، وهي من معادن أجناس الطيور وموضع الصيد طيبة في الشتاء كثيرة الأمطار والثلوج حشيشها عجب يغيب فيه الدواب، أهل جماعة وسنة يحبون الغريب والصالحين إلا أنها قليلة العلماء خالية من الفقهاء. دارزنجي: طيبة من نحو جيحون، عامة أهلها صوافون يعملون الاكسية، شربهم من نهر والجامع وسط الأسواق ولهم نهر آخر على طرف البلد. باسند: من نحو الجبال رحبة كثيرة البساتين، وسنكردة مثلها. شومان: من الأمهات عامرة طيبة. دستجرد: كبيرة موضوعة بين نهرين من شعب جيحون. قواديان: شبه ناحية على جيحون نذكرها في شرح نواحيه، وسائر مدن الصغانيان طيبة عامرة.

 

ذكر جيحون وما عليه

هذا نهر يشق الإقليم ويفيض في بحيرة خوارزم، وعليه كور جليلة ومدن عدة، وينشعب منه أنهار كثيرة ويقلب إليه الأنهار الستة، فأما الكور: فالختل ثم قواديان ثم خوارزم. وأما المدن: فترمد ثم كالف ثم نويده ثم زم ثم فربر ثم آمل. وسنصف الجميع قبل شروعنا في شرح كور خراسان لان من الناس من يسمي هذه المواضع ما وراء النهر وسائر هيطل بلد العجم إلى حد الترك، ومنهم من جعل خوارزم من جانب هيطل، وإنما أكبر مدنها بخراسان، فاحترزنا بهذا التفصيل عن هذه المقالات وبالله التوفيق.

فأما خوارزم: فهي كورة على حافتي جيحون قصبتها العظمى بهيطل ولها قصبة أخرى

 

بخراسان، وهم يخالفون أهل الجانبين في الرسوم واللسان والخلق والطباع، وهي كورة جليلة واسعة كثيرة المدن ممتدة العمارة على عمل بلاد الروم وسجستان وكازرون لا ينقطع المنازل والبساتين، كثيرة المعاصر والمزارع والشجر والفواكه والخيرات، مفيدة لاهل التجارات، أهل فهم وعلم وفقه وقرائح وأدب وأقل إمام في الفقه والادب والقرآن لقيته إلا وله تلميذ خوارزميٌ قد تقدم وزجا، إلا أن فيهم إنغلاقاً ولا لهم ظرف ولا لباقة ولا آئين ولا لطافة، رغفانهم صغار وفراسخهم كبار، قد رزقهم الله تعالى الرخص والخصب وخصهم بصحة القراءة والذهن، أهل ضيافة ونهمة في الاكل وبأس وشدة في الحرب ولهم خصائص وعجائب، ويقال أن ملك الشرق في القديم قد غضب على أربعمائة رجل من أهل مملكته وخاصة الحاشية فأمر بحملهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون على مائة فرسخ منها فاتفق ذلك بموضع كان فلما بعد مدة مديدة بعث أقواماً يعطونه خبرهم، فلما صاروا إليهم وجدوهم أحياءً قد بنوا لانفسهم كخاخات ورأوهم يصيدون السمك ويتقوتون به وإذا ثم حطب كثير. قال: فلما رجعوا إلى الملك أعلموه بذلك، قال: فما يسمون اللحم قالوا: خوار، قال: والحطب، قالوا: رزم، قال: فإني قد أقررتهم بتلك الناحية وسميتها خوارزم، وأمر أن يحمل إليهم أربعمائة جارية تركيات فإلى اليوم قد بقي فيهم شبه من الترك. قال: وقد كان الملك لما نفاهم إلى خوارزم شق إليهم نهراً من عمود جيحون يعيشون به وكان العمود ينتهي إلى مدينة خلف نسا يقال لها بلخان. قال: فوقع إليهم أمير تلك المدنية. قال: فرأى قوماً فيهم جلادة فنادم ملكهم ولاعبه فقهره الخوارزمي وقد كان الدست على أن يعطيهم ثقبة النهر يوماً وليلة فوفى له، فلما أرسله غلب الماء ولم يمكن حبسه، وبقي إلى اليوم فشقوا منه أنهاراً وبنوا عليه مدناً وخربت بلخان، وسمعت طائفة من أهل نسا وأبيورد يذكرون إنهم يذهبون إلى بلخان ويحملون من ثم بيضاً كثيراً، قالوا: وأبقار ودواب قد توحشت، قلت: فلم رؤوسكم تخالف رؤوس الناس، قالوا: إن قدماءنا فعلوا ثلاثة أشياء غلبوا بها أهل البلدان أما الواحدة فإنهم كانوا يغزون الترك فيأسرونهم وفيهم شبه من الترك فما كانوا يعرفون فربما وقعوا إلى الاسلام فبيعوا في الرقيق، فأمروا النساء إذا ولدن أن يربطن أكياس الرمل على رؤوس الصبيان من الجانبين حتى ينبسط الرأس، فبعد ذلك لم يسترقوا ورد من وقع منهم إلى الكورة. والثانية جعلوا الدرهم أربعة دوانق لئلا يخرجها التجار من عندهم فإلى اليوم الفضة تحمل إلينا ولا تخرج من عندنا. وأنسيت الثالثة. واعلم أن مثل خوارزم في إقليم المشرق كسجلماسة في المغرب، وطباع خوارزم كالبربر، وهي ثمانون في ثمانين متصلة المنازل غزيرة الأنهار معدن السمك والاغنام. ومطرح الغز والاتراك إسم قصبتها الكبرى كاث، ومن مدنها الهيطلية، غردمان، وإيخان، أرذخيوه، نوكفاغ، كردر، مزداخكان، جشيرة، سد ور، زردوخ، قرية براتكين، مدكمينيه. وإسم قصبتهم الخراسانية: الجرجانية. ومن مدنها: نوزوار، زمخشر، أوزارمند، وزارمند، د سكاخان خاس، خشميثن، مداميثن، خيوه، كردرانخاس، هزاراسب، جكربند، جاز، درغان، جيت، جرجانية الصغرى، جيت، سدفر، مساسان، كاردار، أندرستان.

 

 

كاث: يسمونها شهرستان وهي على الشط نحو نيسابور وهي شرقي النهر، لها جامع في وسط الاسواق على أساطين حجارة سود إلى قامةٍ ثم فوقها سواري الخشب، ودار الامارة وسط البلد، ولهم قهندز قد خربه النهر، ولهم أنهار في البلد، وهو نفيس ذو علماء وأدباء ومياسير وخيرات وتجارات، بناؤن حذاق وقراءٌ ليس مثلهم بالعراق وحسن نغم وجودة قراءة ومنظر وخبر، إلا أنها في كل حين يغلب عليها النهر ويتأخرون عن الشط، أوسخ من أردبيل كثيرة الميازيب إلى الطريق عامة تغوطهم في الشوارع ويجمعون البلاذات في الحفائر ثم ينقلونها إلى السواد في المشافل لا يمكن الغريب أن يظهر إلا أن يضيء النهار من كثرة البلاذات وهم يدوسونها بأرجلهم إلى الجماعات، طبع غليظ وخلق بغيض وأكل فاحش وبلد وحش. غردمان: عليها حصن وخندق ملان من الماء سعته رمية سهم، لها بابان. وإيخان: عليها حصن وخندق وعلى الابواب عرادات. أرذخيوه: على فم البرية عليها حصن بباب واحد تحت جبل. نوكفاغ: حولها نهر من جيحون إلى البرية وهي حصينة، وكردر أكبر وأحصن. مزداخكان: كبيرة حولها إثنا عشر ألف حصن ورستاق واسع. جشيرة: كبيرة عليها حصن. سدور: على حافة جيحون بحصن وربض والجامع وسط البلد في الحصن. زردوخ: كبيرة عليها حصن ولها ربض. قرية براتكين: كبيرة في مفازة بقرب الجبل ومن ثم تحمل الحجارة ولها سوق عامر الجامع فيه، بنيانهم من طين لين جيد، وسائر المدن عامرة محصنة إلا أن مزداخكان أكبرهن تقارب الجرجانية في الرقعة عليها بما يدور حصن. الجرجانية: هي قصبة ناحية خراسان على جيحون حتى أن الماء يمس جوانبها، وقد احتالوا في رده بالخشب والحطب حتى عاد شرقاً وعمل عملا عجيباً ثم عطف بالماء في المفازة إلى قرية فراتكين وصار من ناحية واحدة، وشقوا منه أنهاراً لشربهم على أبواب البلد، ولا تدخلها من ضيق المرضع وهي كل يوم في زيادة، وعلى باب الحجاج قصر بناه المأمون عليه باب ليس بجميع خراسان أعجب منه وقد بنى ابنه عليٌٌ آخر قدامه على بابه سهلة تشاكل سهلة بخارا فبها تباع الاغنام، وللبلد أربعة أبواب. نوزوار: صغيرة عليها حصن وخندق وأبواب حديد والجادة تشقها، لها بابان وجسر يرفع كل ليلة وعلى باب المدينة الغربي حمام ليس بالإقليم مثله، والجامع في الاسواق مغطى كله إلا قليلا. زمخشر: صغيرة عليها حصن وخندق ومحبس وأبواب محددة والجسور ترفع كل ليلة والجادة تشق البلد، والجامع ظريف بطرف السوق. روزوند: متوسطة في الرقعة محصنة بخندق والجادة فيها أيضاً، والجامع على طرف السوق، وشربهم من عين لهم. خيوه: على فم المفازة رحبة على شعبة من النهر بها جامع عامر، وكذلك كردرانخاس وهزاراسب بأبواب خشب وخندق. جكربند: مثل خيوه على الشط، كثيرة الشجر والبساتين، سوقها كبير عامر، الجامع في طرفه والجادة تشقها. جاز: كبيرة بحصن وخندق واسع وجسور، والمدينة من الدرب إلى الدرب والجادة على معزل منه والجامع على طرفه. درغان: أكبرهن بعد الجرجانية، لها جامع حسن ليس بالناحية مثله فيه جواهر رفيعة وتزاويق حسنة، على الشط لها خمس مائة كرم مذكورة طول موضع الكروم فرسخان ممتدة على الشط، معدن الزبيب. جيت: كبيرة واسعة الرساتيق فى المفازة وهي ثغر محصنة على حد الغز ومنها المدخل إليهم. قواديان: كورة صغيرة تتصل بجيحون وتتاخم الصغانيان، وبينها وبين خوارزم مدن لكنا قدمنا الكور على المدن، لان أكثر غرضنا في هذا الكتاب البيان والأيضاًح لا الترتيب، وليس لاحد أن يأخذ علينا فيه الترتيب إلا في الكور فأنا. قد اجتهدنا في ترتيبها حتى، لا يجد أحد علينا في ذلك طريقاً إلا أن يكون مغفلا، ونظر في كتابنا رجل من الفقهاء وقد كان دوخ خراسان فلما بلغ إلى كور ما وراء النهر قال: ليست اشروسنة بين الشاش وسمرقند، قلت له: إذا خرج الرجل من سمرقند يريد الشاش أليس طريقه على زامين وساباط. قال: بلى قلت: فهما من مدن اشروسنة وقد صح الترتيب فإذا به قد ذهب إلى القصبة ولم يعتبر الخطة. ولقواديان ثلاث مدن شديدة العمارة يتخللها شعب تقلب في جيحون كثيرة الجبال طيبة أكبر مدنها: بيز: ليست بواسعة الرقعة، الجامع وسط الاسواق عليها حصن بأربعة أبواب. سكارا: قريبة من الجبل، الجامع وسط البلد. اوزج: على شط جيحوق عامرة نزيهة. بورم: نائية رحبة طيبة ذات أنهار وخير ورخص. الختل كورة واسعة

 

كثيرة المدن منهم من ينسبها إلى بلخ وذلك خطأ لانها خلف جيحون وأضافتها إلى هيطل أوجب، ولهذه المقالات أفرزنا ما على النهر من الاعمال ليكون الاحتجاج فيه واحداً. وهي أجل من الصغانيان وأوسع خطةً وأكبر مدناً وأكثرخيراً وهي على تخوم الإقليم السندية قد سمى القصبة هلبك ولها من المدن: مرند، انديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. هلبك: هي قصبة الختل وبها مستقر السلطان، تكون أصغر من الصغانيان، الجامع وسط البلد، شربهم من نهر عذيبي ومن غيره. مرلد: آهلة عامرة. انديجارغ: صغيرة قريبة من جيحون شربهم من أنهار تغيض إليه. هلاورذ: هي أجل من هلبك كبيرة كثيرة الفواكه:حصبة جداً. أسكندرة: على جبل في غاية العمارة. منك: أكبر مدائن الكورة وسائر المدن على ما وصفنا. ترمذ: هي أجل مدينة على جيحون نظيفة أحد العرصات، مفروشة أسواقها بالاجر والماء يسطع جانبيها ويقلع المراكب إليها من كل جانب، وعليها حصن ولها قهندز والجامع في الحصن والقهندز خارج منه له باب،وللمدينة ثلاثة أبواب، ولها ربض وسرادقات وهي أول المدائن من أعلى النهر. كالف: من نحو المغرب على الشط بها مسجد في رباط ذي القرنين يقابله بهيطل رباط ذي الكفل، وليس على جيحون موضع يمكن أن يتخذ به بلد ذو جانبين على عمل بغداد وواسط غير كالف لتشمر النهر ثم وخلوه من البثق والرمل. زم: مدينة كبيرة على الشط، والجامع وسط الاسواق وهي مغطاة، شربهم من جيحون ويدخل الماء أيام الحصاد إلى وسط البلد. نويده: مدينة صغيرة من جانب هيطل الجامع وسط البلد. فربر: من نحوهيطل بعد فرسخ قليلة الضياع رخيصة الخراج حسنة الاعناب ضيقة المياه لها قهندز عامر وبها رباطات حسنة والجامع على باب المدينة من نحو بخارا والمصلى خارج الباب وثم رباط لنصر بن أحمد فيه ضيافة لابناء السبيل. آمل: عامرة وكل مدن هذا الإقليم عامرة ومن الخيرات مملؤة، وهذه على فرسخ من النهر من نحو خراسان كثيرة الضياع غالية الخراج غزيرة المياه حسنة الضياع على طرف الرمال مظللة الاسواق، معدن الاعناب النفيسة، جامعها على نشزة وآبارها قريبة.رة المدن منهم من ينسبها إلى بلخ وذلك خطأ لانها خلف جيحون وأضافتها إلى هيطل أوجب، ولهذه المقالات أفرزنا ما على النهر من الاعمال ليكون الاحتجاج فيه واحداً. وهي أجل من الصغانيان وأوسع خطةً وأكبر مدناً وأكثرخيراً وهي على تخوم الإقليم السندية قد سمى القصبة هلبك ولها من المدن: مرند، انديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. هلبك: هي قصبة الختل وبها مستقر السلطان، تكون أصغر من الصغانيان، الجامع وسط البلد، شربهم من نهر عذيبي ومن غيره. مرلد: آهلة عامرة. انديجارغ: صغيرة قريبة من جيحون شربهم من أنهار تغيض إليه. هلاورذ: هي أجل من هلبك كبيرة كثيرة الفواكه:حصبة جداً. أسكندرة: على جبل في غاية العمارة. منك: أكبر مدائن الكورة وسائر المدن على ما وصفنا. ترمذ: هي أجل مدينة على جيحون نظيفة أحد العرصات، مفروشة أسواقها بالاجر والماء يسطع جانبيها ويقلع المراكب إليها من كل جانب، وعليها حصن ولها قهندز والجامع في الحصن والقهندز خارج منه له باب،وللمدينة ثلاثة أبواب، ولها ربض وسرادقات وهي أول المدائن من أعلى النهر. كالف: من نحو المغرب على الشط بها مسجد في رباط ذي القرنين يقابله بهيطل رباط ذي الكفل، وليس على جيحون موضع يمكن أن يتخذ به بلد ذو جانبين على عمل بغداد وواسط غير كالف لتشمر النهر ثم وخلوه من البثق والرمل. زم: مدينة كبيرة على الشط، والجامع وسط الاسواق وهي مغطاة، شربهم من جيحون ويدخل الماء أيام الحصاد إلى وسط البلد. نويده: مدينة صغيرة من جانب هيطل الجامع وسط البلد. فربر: من نحوهيطل بعد فرسخ قليلة الضياع رخيصة الخراج حسنة الاعناب ضيقة المياه لها قهندز عامر وبها رباطات حسنة والجامع على باب المدينة من نحو بخارا والمصلى خارج الباب وثم رباط لنصر بن أحمد فيه ضيافة لابناء السبيل. آمل: عامرة وكل مدن هذا الإقليم عامرة ومن الخيرات مملؤة، وهذه على فرسخ من النهر من نحو خراسان كثيرة الضياع غالية الخراج غزيرة المياه حسنة الضياع على طرف الرمال مظللة الاسواق، معدن الاعناب النفيسة، جامعها على نشزة وآبارها قريبة.

 

ذكر المعابر والشعب

 

 

لهذا النهر معابر كثيرة أحاط علمنا بعد القصد والبحث على خمسة وعشرين سوى الخوارزمية أولها من قبل الختل: ختلان ثم ميلة ثم أوزج في حد قواديان ثم الكودي ثم ترمذ ثم آخر أسفل منها ثم آخر ثم آخر ثم كالف ثم خارزميان ثم بخاريان ثم بنكاه أبي وهب ثم بابكر ثم كركوه النهر بينهما ثم الرباط وبه مجاورون ثم خواران ثم شير ثم نويده فيه يعبر أهل سمرقند ثم فرحونة ثم برمادوي هي قرية للعرب ثم اخر ثم جادة خراسان ثم فربر وآمل ثم سكاوي ثم ماهيكبران ثم تلقى معابر خوارزم درغان وجكربند ثم آخر ثم هزاراسب ثم كاث ثم بقية المعابر إلى البحيرة فيها معبر الجرجانية. وأما الشعب المنفجرة منه فأكثرها بخوارزم، منها نهر كرية يمد إلى خمسة فراسخ، ونهر هزاراسب يتسع حتى يصير نحو مرحلة ثم لا يزال يضيق حتى يصير نحو فرسخ فيسقي الضياع إلى نحو المفازة، وينشعب منه نهر كردران خاس وهو أكبر من نهر هزاراسب وبينهما فرسخان، ثم نهر خيوه وهو كبير أيضاً يجري فيه السفن، ثم بعده نهر مدرى تجري فيه السفن أيضاً على نصف فرسخ من نهر خيوه، وكذلك بين نهر مدرى ونهر وداك وأسفل من القصبة نحو العمود بوه يجتمع فيه مياه الناحيتين بقرية اندرستان تجري فيه السفن إلى الجرجانية ثم يرده السكر الذي ذكرناه، ومن مجتمعه إلى السكر مرحلة، ونهر كردر يأخذ من أسفل القصبة على أربعة فراسخ من أربعة مواضع متقاربة فيصير نهراً واحداً، وينشعب من جيحون أيضاً أنهار تسقي رستاق آمل وفربر وسائر المدن التي على الشط يطول بذكرها الكتاب ولم نصور هذه الأنهار لكثرتها.

 

جانب خراسان

 

اعلم إن لهذا الإقليم فضائل تنسب إلى هذا الجانب ويشركه في أكثرها جانب هيطل، إلا أن هذا لما كان أقدم في الاختطاط والفتح في الاسلام وأقرب إلى أقاليم العرب خص بالذكر وعرف عند النسبة. يحكى عن ابن قتيبة أنه قال: خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة لما أتى الله بالاسلام كانوا فيه أحسن الامم رغبة وأشدهم إليه مسارعة منا، من الله عليهم اسلموا طوعاً ودخلوا فيه أفواجاً وصالحوا عن بلادهم صلحاً، فخف خراجهم وقلت نوائبهم ولم يجب عليهم سبي ولم يسفك فيما بينهم دم مع قدرتهم على القتال وكثرة العدد وشدة البأس، فلما رأى الله سبحانه سيرة بني أمية وظلمهم وتعديهم على عترة نبيه عم بعث إليهم جنوداً منها جمعهم من أقطارها وألفهم من نواحيها، فساروا نحوهم كقطع الليل المظلم وما يرتقب منهم عند خروج المهدي أكثر، فهم أهل الدولة والظفر وأنصار الحق إذا ما ظهر. ويقال أن محمد بن عبد الله قال لدعاته أما الكوفة وسوادها فشيعة علي، وأما البصرة فعثمانية تدين بالكف، وأما الجزيرة فحرورية صادقة وأعراب كاعلاج ومسلمون في أخلاق النصارى، وأما أهل الشام فلا يعرفون غير معاوية وطاعة بني أمية وعداوة راسخة وجهلً متراكم، وأما مكة والمدينة فقد غلب عليهم أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بخراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الاهواء ولم تتوزعها النحل ولم يقدح فيها فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحىً وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، وبعد فإني أتفاءل إلى المشرق وإلى مطلع سراج الدنيا ومصباح الخلق. فلما تمهد له الامر أقامهم مع خلفائهم على أسكن ريح وأحسن همة وأشد طاعة وأجمل سيرة في رعية تتزين بالحسن ولا تعرف القبيح. وقرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة: خراسان في غذاء الهواء وطيب الماء وصحة التربة وعذوبة الثمرة وأحكام الصنعة وتمام الخلقة وطول القامة وحسن الوجوه وفراهة المراكب وجودة السلاح والتجارة والعلم والعفة والفقه والدراية ترس في وجوه الترك، أشد العدو بأساً وأغلظهم رقاباً وأصبرهم على البؤس أنفساً وأقلهم تنعماً وخفضاً. وأهل خراسان أشد الناس تفقها وبالحق تمسكاً وقال النبي صلى الله عليه وسلم لينصركم على الدين عودا كما ضربتموه بدأً. يريد أنهم ينصرونكم بالسيوف على دين الله إذا غيرتم وبدلتم كما ضربتموه عليه، فوجد تصديق ذلك وقت أبي مسلم. وأعلم أن هذا الجانب في الحقيقة خراسان وهو أجل الجانبين لان به المصر الاعظم وأهله أظرف وأحلم وبالخير والشر أعلم وإلى أقاليم العرب ورسومهم أقرب وقضباته أبهى وأطيب، وهو أقل برداً في الهواء والناس وأحسن آئيناً وأكثر أجلة وعقلاء من هيطل مع العلم الكثير والحفظ العجيب والمال المديد والرأي الرشيد، به مرو التي قامت بها الدنيا، وبلخ وإليها المنتهى، ونيسابو فلا تنسى واسعة الرقعة جليلة القرى، إلا أن الفساد فيه قد فشا، الخراج مرتين في سنة والضياع أهلها في بلية. وهذه صورته. وقد جعلنا خراسان تسع كور وثماني نواحٍ، ورتبناهن في هذا الفصل على المقادير وعند الوصف على التخوم. فأولها من قبل جيحون بلخ، وفي المقادير نيسابور، وأما النواحي فأجلها قدراً: بوشنج ثبم باذغيس ثم غرجستان ثم مرو الروذ ثم طخارستان ثم باميان ثم كنج رستاق ثم أسفزار، وقد جعلنا طوس وأختيها خزائن لنيسابور، وجعلنا سرخس من المنفردات عن الكور لانها تشكل. فأما بلخ فإنها اسم القصبة أيضاً، ومن مدنها: أشفورقان، سليم، كركو، جا، مذر، برواز. ومن النواحي: طخارستان وهي القصبة أيضاً. ومن مدنها ة ولوالج، الطالقان، خلم، غربنك، سمنجان، اسكلكند، رؤب، بغلان السفلى، بغلان العليا، اسكيمشت، راون، آرهن، أندراب، خست، سراي عاصم. والباميان ومدنها: بسغورفند، سكاوند، لخراب. ولبلخ أيضاً من الرستاق: بذخشان، بنجهير، جاربايه، بروان، جميعهن مدن جليلة وأعمال واسعة. وأما غزنين فأنها كورة جليلة وهي اسم القصبة أيضاً. ومن مدنها: كرديس، سكاوند، نوه، بردن، دمراخي، حش باري، فرمل، سرهون، لجرا، خواست، زاوه، كاويل، كابل، لمغان، بودن، لهوكر. وناحية والشتان ولها ست منابر: ابشين، اسبيجه، مستنك، شال، سكيرة، سيوه، وألف ومائة قرية. وللكورة ألفان ومائتا قرية.

 

 

وأما بست فإنها اسم القصبة أيضاً ومن مدنها: جهالكان، بان، قرمه، بوزاد، أرض داور صروستان، قرية الجوز، رخود، بكراواذ، بنجوى، كش، روذان، سفنجاوى، طلقان، ولها ألف ومائة قرية. ومن هذه المدن ما يضاف إلى سجستان وهو خطأ، وأقل من يميزهن تمييزنا. وأبو زيد جعل غزنين وبست من سجستان ومن الناس من يجعلهما كورة واحدة ويسميها كابلستان. وأما سجستان فإنها كورة متصلة العمارة، منقطعة المساكن، قليلة المدن، كثيرة القصور، ومعدن النخيل والحيات. قصبتها زرنج ومن مدنها: كوين، زنبوك، فره. درهند، قرنين، كواربواذا، بارنواذ، كزه، سنج، باب الطعام، كروادكن نه، الطاق.

وأما هراة فإنها القصبة أيضاً ومن مدنها: كروخ، أوفه، مالن، خيسار، استربيان، ماراباذ. ونواحيها: بوشنج، ولها أربع مدن: خركرد، فركرد، كوسوى، كره، وباذغيس وهي ثماني مدائن: دهستان، كوغاناباذ، كوفا، بشت، جاذاوا، كابرون، كالوون، جبل الفضة. وكنج رستاق وهن ثلاث مدائن: ببن، كيف، بغ شور. وأسفزار وهن أربع مدائن: كواشان، كواران، كوشك، ادرسكر وأما جرزجانان فإنها كورة ليس لها قدم الكور، وإنما كانت تضاف إلى نواحي بلخ، وهي اليوم أحد الاصول، ومن أمهات الكور، وسلطانها مقدم، وليست بكثيرة المدن مع قلة أهلٍ، أهل سخاوة وديانة وعلم ودراية. قصبتها اليهودية ومن مدنها: أنبار، برزور، فارياب، كلان، شبورقان. وأما مرو الشاهجان فإنها كورة قديمة رسمها الاسكندر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال نعم البلد مرو بناها ذو القرنين وصلى فيها العزير. أنهارها تجري بالبركة ما منها باب إلا وعليه ملك شاهر سيفه يدفع عنها الشر. وعن قتادة في قوله تعالى  ولتنذر أم القرى ومن حولها  ، قال: أم القرى بالحجاز مكة وبخراسان مرو. قال: ولما هم طهمورت ببناء قهندز القصبة أتخذ سوقاً فيه ما يحتاج إليه، فكان إذا أمسى الرجل أعطى أجرته فاشترى به طعامه وادامه وقوت أهله فيعود الدرهم إليه، فلما فرغ حسبوا فإذا به قد ناب عليه ألف درهم. وهي كورة حسنة الوضع إلا أن الماء ضيق وطريق النهر في كل حين ينبثق وأكثر ضيق الماء من قبل ضياع السلطان، ولم يكونوا في المقدم يدعون سلطانياً يشتري ضيعة. وسمعتهم يذكرون أن امرأة أخرجت المأمون من بلدنا قلت: كيف، قال: جاءت إليه فقالت خربت مرو وهي لا تحتمل أن يملك ضياعها غير العوام، قال: فأمر بالخروج منها. وهي القصبة أيضاً ويقال إنما سميت مرو الشاهجان لان الشاه الملك والجان الروح. وهي كثيرة الاعناب والحبوب والحمام، نزيهة والقصبة على اسمها ولها من المدن: خرق، هرمزفرة، باشان، سنجان، سوسقان، صهبة، كيرنك، سنك، عبادي، دند انقان. وناحيتها مرو الروذ، ومدنها: الطالقان، قصر أحنف، حسة، لوكر. وأما نيسابور فقد أختلف الناس في اسم لها وهو إيرانشهر فمنهم من جعله اسماً لجميع هذه الكورة مع جابلستان فتدخل فيه سجستان وما حولها ومنهم من جعله اسماً لهذه الكورة ومنهم من اوقعه على القصبة حسب، وبه نأخذ لكون القصبة من ايرانشهر باجماع فلا يحتاج فيه إلى دليل إذ الدليل واجب على من ادعى الزيادة. وهي كورة واسعة جليلة الرساتيق والضياع والقني، ويقال أن أبا بكر العبدوي قال قست مياه دجلة إلى مياه نيسابور فتساويا، وهي قوية الهواء لا ترى بها مجذوماً، ومن واظب بها على أكل الدسم ودخول الحمام واستعمل دهن البنفسج فليس يعدها. ويحكى عن حمويه إنه قيل له لو اتخذت بنيسابور بيمارستان، قال: لا يسع لذلك بيت مالي، قالوا: كيف وأنت صاحب الجيش، قال: لانه ينبغي أن يدار على البلد كله الحائط أي أنهم كلهم يحتاجون إلى البيمارستان لطيشهم وخفة رؤوسهم. اسم قصبتهم ايرانشهر ولها اربع خانات واثنا عشر رستاقاً وثلاث خزائن وقصر ودار، فالخانات: الشامات، ريوند،، مازل، بشتفروش. والرساتيق: بشت، بيهق، كويان، جاجرم، أسفراين، أستوا، أسفند، جام، باخرز، خواف، زاوه، رخ. والدار: زوزن. والقصر: بوزجان. والخزائن: طوس، نسا، أبيورد. ولهذه الرساتيق التي ذكرنا غير الخزائن ستة آلاف قرية مثل عمواس وبها عشرون ومائة منبر.

وأما قوهستان فقصبتها قاين ومدنها: تون، جنابد، طبس العناب، الرقة، خور، خولست، كري، ظبس التمر.

بلخ: نبدأ فنصفها بما وصفها به أبو القاسم العكي لانها بلده، قال: بلخ

 

في الاخلاق الجميلة والشجاعة وشدة الخلق والعقل وجودة الرأي ونبل الهمة وحسن المعاشرة والحرص على قضاء الحقوق والتباذل عند الحاجة وحسن وضع الكورة وتقديرها وتقارب أحوال أهلها ورخص الاسعار بها وكثرة الخضر واختراق الأنهار المحفوفة بالشجر قي المحال والمنازل وقرب الجبال والاودية ومرافقها نظير دمشق الشام، وفضل بغداد راجع إلى خراسان لانها لهم بنيت، ثم انظر إلى بهاء بلخ وحسن موقعها وسعة طرقها وبهجة شوارعها وكثرة أنهارها والتفاف شجرها وصفاء مائها وإشراق قصورها وسور مدينتها ومسجد جامعها وأحكام صنعته وجلالة موضعه ليس بأقاليم العجم مئلها حسناً ويساراً، يحمل من غلاتها في كل سنة مال عظيم إلى خزانة السلطان زائداً عما يحتاج إليه، وهي في مستوى منها إلى أقرب الجبال أربعة فراسخ، وعليها سور ولها ربض ويقال أن اسمها في كتب الاعاجم بلخ البهية. خلم: هي بلاد الازديين صغيرة إلا أن قراها ورستاقها ومزارعها كثيرة وهواءها صحيح كثيرة الارياح. سمنجان: أكبر من خلم بها منبر واحد وبها ثمار وأودية وصيد ومواش وخلق من التميميين. أندرابة: لها أودية مشجرة وبها أسواق حارة. خست: نزهة مشجرة خصبة بها عرب. الطالقان: لها سوق كبيريشقها نهران من شعب جيحون حبلاث وثراب وهي في غاية النزهة والخصب. إسكلكند: صغيرة غير إنها نزيهة كثيرة الخيرات. بغلان: هما إثنتان السفلى والعليا وهما من منازه خراسان، المنبر في السفلى والعليا قرية كبيرة لها واد مشجر. مثيان: مدينة رستاق اسكيمشت وبها عين عجيبة على حافتها مسجد قتيبة بن مسلم. بنجهير: هي جبل الفضة والدراهم بها واسعة أقل ما توجد المقطعة. فروان: كبيرة متطرفة بها جامع عامر. بذخشان: متاخمة لبلاد الترك فوق طخارستان وبها معدن الجوهر الذي يشبه الياقوت لا معدن له غيره، وهي رباط فاضل وثم حصن لزبيدة عجيب، وبها معدن اللازورد والبلور وحجر البازهر وحجر الفتيلة وهو شيء يشبه البردي لا تحرقه النار يوضع في الدهن فيقد كما تقد الفتيلة ولا ينقص ويخرج ويطرح في النار المتأججة ساعة فيعود إلى ما كان وينسج منه الخوان، فإذا اتسخت وأرادوا غسلها طرحوها في التنور فتعود نظيفة، وثم حجريجعل في البيت المظلم فيضيء أدنى شيء. الباميان: ناحية واسعة كثيرة الخير وقصبتها صغيرة.

غزنين: قصبة ليست بالكبيرة إلا إنها رحبة منعمة رخيصة الأسعار كثيرة اللحوم طيبة الفواكه مع كثرة، ولها مدن جليلة والمعايش بها حسنة وهي أحد فرض خراسان وخزائن السند، ومن اختلف إليها أفاد صحة جيدة لا براغيث ولا عقارب، رفقة مباركة غير أن البرد بها شديد والثلوج كثيرة. وبنيانهم عامته خشسب يقع فيه شيء يقال له غشك يشبه فسيفس مصر. صغيرة في الإسم والموضع وهواءها يابس وماؤها غير مري في مستوى منها إلى الجبال فرسخ، وهي جانبان القلعة وسط المدينة ينزلها السلطان، والجامع نحو، القبلة مع بعض الاسواق في المدينة وبقية الاسواق والبيوت في الربض، وللمدينة أربعة أبواب: باب الباميان باب سنان باب كردن باب السير. وهم مياسير وأهل ثروة ولهم نهر بلا بساتين. كابل: لها ربض عامر وبها يجتمع التجار، ولها قهندز حصين عجيب بلد الهليلج الرفيع ولها عند الهنود شان. وسائر المدن على ما ذكرنا أكثرهن نحو السند على ما ذكر لنا.

بست: قصبة جليلة أهل دين ومروة ويسار ونعمة طيبة خصبة ولهم آئين

 

ولباقة وأسناد ودراية، موضوعة بين نهرين وجامعة للفاكهتين لينة الهوائين نفيسة المدن كثيرة القرى، رطب غزير وعنب كثير وسدر وريحان، وسمعت أبا منصور فقيه سجستان يقول ما رأيت بلداً على صغره أخصب ولا أكثر فواكه ونعماً من بست إلا إنها وبية متطرفة صغيرة الرقعة: لها مدينة عامرة والجامع فيها وربض الاسواق فيه، شربهم من هيرميد والنهر الآخر اسمه خردروي يجتمعان على فرسخ، وعلى هيرميد جسرمن سفن بقرب موضع مجمع النهرين. وعلى نصف فرسخ من نحو غزنين شبه مدينة تسمى العسكرينزلها السلطان. بنجواى: على قرب الجادة منيعة بها جامع حسن شربهم من نهر. بكرواذ: مدينة كبيرة الجامع في السوق وشربهم من نهر. داور: كبيرة طيبة على حد الغور وهي ثغر جليل عليها حراس مرتبون، منها إلى حد الغور مرحلة، ومن الناس من ينسب هذه الكورة إلى سجستان وهومذهب أبي زيد البلخي وأقل من يميز مدنها عن سجستان وما ذهبنا إليه حسن إن شاء الله تعالى.

زرنج: هي قصبه سجستان محكمة الحصن عجيبة البنيان ومعدن الحيات والرجال الشهام أصحاب همة وعقل وفطنة وفقه وحفظ ودهاء وبهاء وأدب وخطب وحذاق وهندسة وحكمة ومتاجر ومعادن ومعايش ورخص وفواكه، هي بصرة خراسان وأكيس من أهلها لا ترى في التزاويق والبناء في الإقليم، ولهم حصن عجيب يدور حوله خندق ينبع الماء منه ويجري إليه فضلات المياه، نظيفة الأطعمة كثيرة المشايخ مفيدة في المتاجر غزيرة المياه غير أن حياتها كثيرة وحرها شديد وتمرها دقل وهرجها عجب أبداً تدور عليهم الدوائر وتعصب الفريقين ثم ظاهر، فبين مقتول ترى منهم وهارب وكل بلقب لغيره يباين وأولاد الزناء بها عصائب لهم عقارب وهم في ذاتهم عقارب يطعن بعضهم على بعض في القصائد مع ثقلهم وبردهم قد طبقوا العمائم خوارج، وجلهم لصهري النبي ثالب، بيوتهم كربة في تربة عفنة وبلدة قشفة لست في مثلها براغب. لها مدينة عليها حصن وخندق الجامع فيها والحبس يقابله قد بنى بناء عجيباً وله منارتان القديمة وأخرى من صفر بناها يعقوب ابن الليث، وثم قلعة وهي في سهلة كثيرة الابواب والدروب نصفها من بناء أردشير ونصفها من بناء خسرو. الطاق: صغيرة كثيرة الأعناب واسعة الرستاق كوين: عليها حصن منيع كبيروليس بها منبرمن أجل أنهم خوارج، وكذلك زنبوك وقوفة. فره: ذات جانبين، جانب للخوارج وجانب لأهل الجماعة. درهند: كبيرة قريبة من الجبل بناؤهم حجارة ولهم نهر. وهذه المدن غير الطاق فإنه من تلقاء هراة من نحو بست، قرنين: عليها حصن ومنها كان بنو الليث الصفارون الذين خرجوا وغلبوا على فارس وخوزستان، بها جامع ولها ربض ونهر وهي صغيرة. بارنواذ: عليها حصن وبها جامع وليس بها خوارج وهي بلد الحبوب. سنج: قريبة من الجبل وبها جامع وبناؤهم حجر، باب الطعام: ناحية واسعة ذات قرى جليلة نحو سوسكن وسكوكس وملكان وكرسواد وبريك وأدوراس وكوبن وديارود وديار وغيرهن من الأمهات. وقد قلنا أن سجستان منقوشة العمارة كإنها رستاق واحد قليلة المدن. وررنك: رباط في وجه الغور فيه مرابطون وحراس وخيل مسبلة وعدد وآلات يقصد من كل جانب. وأما المدن من نحو فارس: كروادكن: بها منبر بناؤهم طين وشربهم من النهر غير محصنة والجامع وسط البلد اسم رستاقها حورسوله، ونه عليها حصن وبها جامع بناؤهم طين وشربهم أكثره من قني.

فهذه الكور الأربع على صف واحد عن يسار المغرب، وأول الصف الثاني من نحو جيحون رمال دهسة إلى مرو وتدخل في الصف جوزجانان ونبتديء من هراة على ما رتبنا.

 

 

هراة: قصبة جليلة هي بستان هذا الجانب معدن الأعناب الجيدة والفواكه النفيسة، آهلة عامرة حسنة السواد مشتبكة العمارة جليلة القرى، أهل أدب وبلاغة وظرف ودراية، من عندهم تحمل صنوف الحلاوات وبزهم يحمل إلى الأقاليم والأطراف، حصينه طيبة غير أن أهلها غاغة والقتل عندهم عادة وليس لمذكرهم فقه ولا عبادة، لسان قبيح وفسق فضيح لا يشبع خبزهم ولا ينقضي هرجهم، لها مدينة عامرة وقهندز وعلى ربضها حصن وأبواب الربض تقابل أبواب المدينة وتوافقها في الأسماء القديمة باب زياد إلى نيسابور باب فيروز باب سراي إلى بلخ باب خشك إلى الغور، والجامع وسط المدينة بين الأسواق عامر ولهم قنطرة عجيبة وهي بلدة آهلة. كروخ: هي أكبر مدن الكورة ذات مياه وبساتين. أوفه: صغيرة والجامع في محلة سبيدان بناؤهم طين وهي بين جبلين سعة رستاقها عشرون فرسخاً، كلها بساتين مشتبكة ومياه جارية وقرى عامرة. مالن: تكون نحو أوفه لها بساتين ومياه وبناؤهم طين. خيسار: متوسطة قليلة الأشجار والمياه وهي أصغر من مالن. استربيان: ذات مياه جارية وبساتين قليلة الغالب عليهم المزارع وهي في الجبال. ماراباذ: أصغر من مالن كثيرة البساتين غزيرة المياه خصبة نزهة. بوشنج: هي أجل نواحي هراة مذكورة في الإقليم، وسيعاب علينا أضافتنا إياها إلى هراة لأن سلطانها ربما أفرد عن هراة، ويقال أن اسمها مقدم على هراة في الديوان والقول فيها كالقول في طوس غير أن إمامنا فيما ذهبنا إليه أبو زيد وقد كان أعلم بدواوين خراسان وتفصل أعمالها من غيره، تكون مثل نصف هراة في مستوى ومنها إلى الجبل نحو من فرسخين لها مياه وأشجار كثيرة ويحمل من عندهم الخشب إلى سائر النواحي ولها حصن وخندق وثلاثة أبواب: باب علي باب هراة باب قهستان. وأكبر المدن بعدها كوسوى نحوثلثها لهم بساتين وبناؤهم طين. وليس لفركرد بساتين كثيرة إنما هم أصحاب نعم وسوائم ولهم ماء جار. ولخركرد مياه وبساتين كثيرة غير إنها صغيرة. باذغيس: أكبر مدنها دهستان مثل نصف بوشنج بناؤهم طين وهي على جبل ولهم ماء ضعيف يجري بلا بساتين ومزارعهم مباخس ولهم أسراب تحت الأرض، ومقام السلطان بكوغناباذ ودهستان أعمر. جبل الفضة: على جبل وقد تعطل معدنها. كوفا: في صحراء لها بساتين ومياه جارية ومزارع على العذى وكذاك كوغناباذ وجاذوى وكالوون وكابرون فليس لها بساتين ولا مياه جارية وإنما مشاربهم من الأمطار ومن آبار، وهم أصحاب زروع وحبوب وهي على طريق سرخس. كنج رستاق: أكبر مدنها ببن بها مقام السلطان أكبر من بوشنج وبغشور نحو بوشنج في الرقعة وكيف مثل نصفها ولها مياه جارية غزيرة وبساتين وكروم كثيرة بناؤهم طين، وبغشور في مفازة ومزارعهم عذى وشربهم من آبار، هي صحيحة التربة خليقة الهواء خفيفة الماء على طريق مرو الروذ. اسفزار: أكبر مدنها كواشان لها مياه وبساتين كثيرة وكروم بناؤهم طين وسائر المدن أصغر منها كلهن مشجرات ذوات مياه ومنازه ولهراة أعمال جليلة ومواضع حسنة يطول بذكرها الكتاب. غرج الشار: الغرج هي الجبال والشار هو الملك فتفسيره جبال الملك والعوام يسمونها غرجستان وملوكها إلى اليوم يخاطبون بالشار، وهي ناحية واسعة كثيرة القرى بها عشرة منابر أجلها أبشين وفيها مستقر الشاريين وثم قصورهم، وبها جامع حسن ورباطات ولهم نهر وهو نهر مرو الروذ، وشورمين أيضاً من مدن هذه البلاد وهما متقاربتان في الكبر، وبليكان أيضاً منهن وهي في الجبال وعلى هذه الولاية دروب وأبواب حديد فلا يمكن احداً دخولها إلا بإذن، وثم عدل حقيقي ونظر عزيزي وبقية من سنن العمرين ورسوم تقر بها العين، لا عمال ظلمة ولا أسباب مغيرة ما يؤخذ من أغنيائهم فهو موضوع في فقرائهم، ومن جنى جناية فالعفو أو الحد ومع ذلك قوم سلماء صالحون من الطينة الاولى، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تكونون يولى عليكم، وقد وقفنا فيها من أجل هذه الأسباب فلم يمكننا أن نضيفها إلى واحدة من هذه الكور التي حولها لأنها مستقلة بنفسها جليلة بشارها، ولا أن نجعلها كورة فينتقض أصلنا في بوشنج ونظائرها. فإن قال قائل يجب أن تضاف إلى بلخ لأنها تجتمع مع نواحيها في معنى وهو آخر الأسم ألا ترى أنهم يقولون غرجستان كما يقال طخارستان الباميان بروان، قيل له التعارف في علمنا أوكد مما ذكرت لأنه مبني على مسائل الإيمان، وقد سمى

 

الله تعالى الأرض بساطاً ولو أن رجلاً حلف لا يجلس على بساط فجلس على الأرض لم يحنث لأنه غير متعارف.ه تعالى الأرض بساطاً ولو أن رجلاً حلف لا يجلس على بساط فجلس على الأرض لم يحنث لأنه غير متعارف.

مرو: تعرف بمرو الشاهجان قصبة نفيسة طيبة ظريفة، بهية رحبة خفيفة، أطعمة لذيذة بها نظيفة، منازل مليحة لهم أنيفة، من ظرفها للجانبين هي صنيفة، مشايخ اجلة عقولهم شريفة، الجامعان باناط لا خشب ولا سقيفه، وكل ليلة بمجلس عصائب عفيفة، مذكر فقيه يقفو ابا حنيفة، مدارس لكل دارس وظيفة، اسواقهم حسنة الا ترى صفوفها بالجامع الأعلى من كل جانب لفيفة، وثم الدار المذكورة الرفيفة، بها ايوان صاحب الدولة الشريفه، ولا تسأل عن حمامات مرو ولا الهريسة والخبز والعقل والبأس فإنها معروفة وسل عن مياههم وكسبهم والمروات فإنها ضعيفة، وعن دهائهم وهرجهم فعندي منها صحيفة، انباء صدق أنفسها معربة ظريفة، ولست ممن يأكل بعلمه رغيفه، لكنني طالب جنة وراغب في دعوة كتيفة، فمرو بلدة سرية لو لم تكن من أهلها خفيفة، قد خربت إلا منازل طفيفة، وربض ثلثه مهدم كأنها سليفه، منازل قد شعثت وأسقطوا سقوفه، وفسق ظاهر هروجهم معروفة، مكاسب ضيقة لهم في طرهم لطيفة، لا سحاوة ولا رواس نظيفة، ولا لطينهم علاكة وفي الصيف حارة رشيفة. بالجامع دواوين الخراج والشرط ونهرهم في كل حين ينبثق، والزاء قبل الياء في النسبة تلتزق. أهل طنز وخبل، يعرف ذاك من عقل. وهي في مستواة بعيدة عن الجبال والمدينة القديمة على تل في وسطها مسجد كان الجامع في القديم حوله منازل يسيرة وعند باب الربض عمارات وسويقة وبالربض جامعان احدهما عند باب المدينة والأخر في الصيارفة الغالب عليه أصحاب أبي حنيفة وهو ما حوله من بناء أبي مسلم صاحب الدولة، وهي نظيفة الأسواق وعندي انما تظرف أهلها وتعرقوا من أجل حلول الخليفة بها، وأخذ أهل البلد عن حشمه وتباعه رسوم العراق والله أعلم. وهي أشبه البلدان برملة فلسطين، وللمدينة أربعة أبواب: باب المدينة يلي الجامع باب سنجان من الوجه الأخر باب بالين باب درمشكان عليه كان قصر المأمون، والقهندز في المدينة خراب صعب المرتقى لا يدخل إلا بدليل معين، والماء يدخل المدينة ويتخلل جميع الربض ولهم حياض نظيفة عليها أبواب وأنهارتجري فى بعض البلد. كيرنك: كبيرة ذات جانبين بينهما جسر وللعمود شعبتان عليهما طواحين تشقان البلد والجامع في ثلث البلد إلى جنبه خان المنارة بينهما. سنج: عامرة الجامع في طرف السوق والنهر خلفه وعليه بستان إلى جنبه كرم لآل المصفى. خرق: جامعها خارج السوق شربهم من شعبة نهر نحو قبلة الجامع. باشان: جامعها في الصاغة وشربهم من شعبة النهر. دندانقان: صغيرة محصنة بباب واحد الحمامات والرباط خارجها شبه الجحفة وموضع برباط دهستان حسنة الوضع بها جامع حسن ومسجد واحد.

سرخس: مدينة كبيرة عامرة مذكورة ولو كان لها جند: جعلناها كورة أو ناحية، وقد تردد حالها عندي وأشكل أمرها علي وقرأت في بعض الكتب قسمة أعمال خراسان فجعل سرخس وابيورد ونسا عملاً واحداً ولا يستقيم مذهبنا على هذه المقالة، لأن نسا وابيورد عملان جليلان لكل واحد مدن، فلا يجوز أن نجعلها من اجناد سرخس ولا أن نجعل سرخس أيضاً جنداً لهما. وقال البلاذري خراسان اربعة أرباع: الأول ايرانهشر وهي نيسابور وقهستان وهراة وطوس، والربع الثاني المروان وسرخس ونسا وابيورد والطالقان وخوارزم، والربع الثالث الجوزجانان وبلغ والصغانيان، والربع الرابع ما وراء النهر. وهذا أيضاً يخالف مذهبنا وقياسنا يؤدي أن تكون سرخس خزانة لنيسابور غير انا تركنا القياس واستحسنا أن نجعلها مضافة إلى مرو لأنها معها في أرض واحدة مع تقاربهم في الرسوم، اللسان والمسافة. وهو بلد الحبوب والأنعام وسألني أبو العباس اليزدادي عن بيت المقدس فقلت هي مثل سرخس غير أن بيت المقدس بلد نظيف حسن ظريف. ولسرخس مدينة الجامع فيها مع سويقة ومعظم الأسواق في الربض شربهم من آبار ومنها سقي مزارعهم ولهم نهرربما جرى.

 

 

مرو الروذ: مدينة جليلة وناحية واسعة وهي متداخلة في غرج الشار محقوقة لها قريبة منها مرسومة بها، ألا تعلم أن اصحاب البرد في فضل الشار وتحت كنفه وتعاهده، وهي اسم القصبة ولها أربعة منابر أخر تكون مثل ثلثي زبيد، يشق النهر في طرفها، كثيرة الخيرات، والجامع في السوق على سواري خشب، الأسواق تظلل في الصيف. ومدنها: دزه: كبيرة طيبة يشقها النهر، الجامع في السوق. قصر أحنف: النهر على حافتها أيضاً، والجامع في السوق. وحسة ولوكرا عامرتان رحبتان. وفي مرو الروذ وسرخس اشكال وكلام مثل ماغرج الشار ونحن نذكره بعد ونرتبه على ما يجب، وإنما أضفناها مع سرخس إلى مرو استحساناً لأن مرو هي أم القرى باقاليم الأعاجم وأحق بنواحيها وأن يضاف إليها ما يتنازع فيه وبالله التوفيق.

إيرانشهر: هو مصر الجانب وقصبة نيسابور بلد جليل ومصر نبيل لا أعرف لمه في الإسلام من عديل لما قد اجتمع فيه من الخلال واتفق فيه من الخصال مثل

 

سعة الرقعة ووسع البقعة وصحة الماء وقوة الهواء وكثرة العلماء، بلد الأجلة والراسخين من الأئمة، فواكه واسعة لذيذة ولحوم جيدة رخيصة ومعايش حسنة مفيدة أسواق فسيحة ودور فرجة وضياع نفيسة وبساتين نزهة وتربة علكة وقرائح دقيقة ومجالس أليقة ومدارس رشيقة، وظرف ولباقة ورسوم آيين مختارة وصناعة وحذاقة وتجارة وعبارة وهمة ومروة ومعروف وصدقة وحفاظ ومودة. في الآفاق مذكورة، وفي الإسلام مشهوره. ثم هي خزانة لمشرقين، متجر الخافقين. بضائعه تحمل إلى الأفاق، ولبزه نور وإشراق، يتجمل به أهل مصر والعراق. يجبى إليه الثمرات، ويرحل إليه في العلم والتجارات. فرضة فارس والسند وكرمان، ومطرح خوارزم والري وجرجان. طيب الصيف كثير الجمد رخي الشتاء مديد العنب، لا يخلو الفقيه من أدب، والعدل من حسب. واليوم من مجلس النظر. مصر صغر الرجال وجوهه وأنزل الأشراف ساداته وحير العلماء أئمته وزاد على المدن محلاته وعلى الأمصار رقعته فهات في الإسلام مثله. وسمعت أبا علي العلوي يقول لأبي سعيد الجوري أنت شيخ محلة لوكانت منفردة عن نيسابور لاحتاجت إلى طبل وعلم وأمير محكم. وسئلت عنه بفارس فقلت هو أربع وأربعون محلة منها ما يكون مثل نصف شيراز مثل الحيرة والجور ومنيشك وهو أوسع من الفسطاط وآهل من بغداد وأكمل من البصرة وأجل من القيروان وأنظف من اردبيل وأعمر من همذان، لا عفنة ولا سبخة ولا ملولة ولا كربة، إلا أن في هوائها يبوسة وفي أهلها جفوة وفي لسانهم رخاوة وفي رؤوسهم خفة، لا رفقة ولا بهية ولا مساجد وضية، شوارع نجسة وخانات شعثة وحمامات وضرة وحوانيت منكرة وجدارات وعرة، قد عاندها البلاء وخالطها الغلاء، قليلة الأدامات والحطب ثقيلة المعايش والمؤن سواد يابس وجبل عابس، ماؤهم تحت الأرض وفتنهم تعمي القلب وعصبياتهم تجرح الصدر، ليس لمحتسبهم هيبة ولاصرامة ولا لخطيبهم خفر ولا لباقة ولا لجامعهم في الأيام تلك الجماعة ولا لأمامهم حسبة ولا حلاوة ولا لمذكرهم صدق ولا حقيقة. الغالب على عوامها غير الفريقين، والشيعة والكرامية أصحاب شقين، والفقهاء معهم في بلاء وشين، وإن عزل الأمير صارت سخنة عين، وغلب عليها العيارة من جهتين. تكون فرسخاً في مثله والمدينة وسطها بحصن وخندق وأربعة أبواب والقهندز متصل بها يفصل بينهما طريق من الخندق وله بابان أحدهما في المدينة والأخر إلى الربض. ودروب المصر تجاوز الخمسين غير أن المشهور منها درب الجيق درب خشنان درب برد درب منيشك درب القباب درب فارس درب الخروج درب أسوار كاريز. والجامع في الربض تحت المدينة عند طرف السوق وهو ست قطع ومسجد المنبر بعضه من بناء أبي مسلم على سواري خشب وبقيته من بناء عمروبن الليث على أساطين الآجر مدورة يدور على قاعته ثلاثة أروقة وسطه بيت مزخرف له أحد عشر باباً على أعمدة رخام مجزع سقفه سدلا قد زوق حيطانه وسقفه مجمل. وأعلم انه مصرجليل غير أنك لا ترى فيه سوقاً حسناً ولا خاناً لبقاً ثم عوام كلما نعق ناعق اتبعوه مع عصبيات وحشة ورسوم غير حسنة. الشامات: ربع واسع جيد القرى كثير المزارع يسمونه تك آب أي إليه يجري الماء لأنه أخفض الرساتيق، وفي القصبة كلها يخرج ويظهر ليس به مدينة ولا فواكه كثيرة إنما هو مزارع. ريوند: ربع سري نزه في الكروم والأعناب الجيدة والفواكه الحسنة وبه سفرجل لا يرى مثله، به مدينة على إسمه نزهة يشقها نهروبها جامع قد جدد من الآجر. مازل: ربع نفيس به قرى عجيبة، ومنه يرتفع الريباس الفائق، وفيه قرية بشتقان التي عزم عمروبن الليث على شراء محلة منها وهي أربع محلات، الدور وسط البساتين والأنهار تخترقها، فلم يف بذلك بيوت ماله ومستفاض، إنما دخل نيسابور ومعه ألف حمل مال. وسمعت أنهم قالوا له في هذه القرية شجر يستوي الواحدة عشرة دنانير إلى عشرة دراهم وقد بعناك كل واحدة بدينار.

 

 

بشتفروش: ربع كثير الفوائد والأعناب حيث أنه دخل في يوم واحد من باب الجيق وهو يشرع إليه عشرة آلاف حمل عنب، وسمعت أبا سعيد الجوري يقول به بستان فيه مشمش غلته كل يوم دينار من أول المشمش إلى إنقضائه، ليس به مدينة، وبه قرية على إسمه عظيمة. بشت: هو أجل الرساتيق الاثنى عشر، كبير به سبعة منابر، يقال أن أبا الفضل البلعمي وأبا الفضل بن يعقوب حضرا مجلس الأمير السعيد فاطنب البلعمي في مدح مرو فقال ابن يعقوب لا ننكر فضل مرو انها لكما ذكرت، غير أن لنيسابور اثنى عشررستاقا منها بشت دخل ثلاثة منابر منها مثل دخل مرو، فنظروا فإذا الامر على ما ذكر، وهو رستاق يجمع الفواكه والحبوب والأعناب السرية وسمعت أن فيه زيتوناً وبه تين كثير ومنه تحمل البواكيرلأنه معتدل الهواء، اسم مدينته طرثيث عامرة جيدة وبها جامع ليس بعد جامع دمشق أغنى منه حسن نظيف له سوق قد بني جديداً سوى ما حوله من الدكاكين، وقد أضيف مسجد من الآجر والجص وعند بابه حوض للماء مدور ينزل إليه بمراق حسن ثم هي فرضة فارس وأصفهان وخزانة خراسان، دونها كندر قريبة مما ذكرنا في العمارة والخير وسائر المنابر في عداد القرى. بيهق: يلي هذا الرستاق ويقاربه في الخيرات والخصب ونفاسة القرى، وفيه تشق جادة الري، وبه مدينتان سوزوار وخسروجرد عامرتان بينهما فرسخ وقرية في المنصف كلاهما على الجادة، وبه قرى جليلة مثل جزينان ونظائرها وهم أهل أدب وقد أخرج عدة من العلماء والكتبة ويرتفع منه بز كثير. كويان: رستاق واسع كثير الخير يرتفع منه ثمار وحبوب وثياب، وفيه طريق إلى جرجان، وهم أصحاب حديث وأهل أدب، اسم مدينته أزاذوار عامرة آهلة كثيرة الخير. جاجرم: رستاق صغير سري، به مدينة لها جامع حسن وهي كبيرة محصنة تدعى بهذا الأسم وله نحو سبعين قرية، ويقال أن لكل رستاق من الآثنى عشر ولكل ربع ثلاثمائة وستين قرية غير هذا. أسفراين: رستاق نفيس بلد الأعناب الجيدة ومزارع الارزاز الكثيرة، يشقه جادة جرجان، مدينته على هذا الأسم عامرة نفيسة ليس في مدائن الرساتيق أجل منها ذات أسواق حسنة وخصائص عدة، وهم أيضاً أصحاب حديث. أستوا: رستاق كبير على جادة نسا وليس في هذه الرساتيق أخصب ولا أكثر حبوباً منه وهو يقوم بأكثر ميرة نيسابور، وبه مباخس ويزرع به ثوم كثير ويرتفع منه ثياب كثيرة واسم مدينته خوجان ليست بالكبيرة خلف جبل نائية عن الجادة، وسائر الرساتيق عامرات. طابران: هي أكبر مدائن طوس عليها حصن شبهتها من بعيد بيثرب، بها سوق حار ومشايخ وكبار وفوائد وتجار، الجامع في الأسواق قد زخرفة ابن عبد الرزاق، ولهم قني قريبة وآبار كثيرة الخير رخية الأسعار واسعة الحطب حسنة الثمار إلا إنها بليذة خربة الأطراف باردة ردية الحمامات وبئس قوم إذا دارت الدائرات. نوقان: دون طابران قد التفت الاسواق بجامعها، حذاق في نحت البرام ونظائرها وهم قوم جياد إلا أن ماءهم قليل. جناود: أصغر منها لها سبعون قرية، وبقية المنابر استورقان جرموكان، تروغبذ، سركو، رايكان، برنوخكان. نسا: بلد رحب نزيه طيب غزير المياه كثير الخيرات مشتبك الاشجار حسن الثمار، جامع ظريف وخبز نظيف وسوق رصيف له خصائص وظرائف، المذهب واحد والرخص دائم مع فقه وأدب واصل وحسب وبأس ومنعة، أقل دار إلا وبها بستان وماء جار وقرى كبار إلا أن بها كل عيار، قد اخربها العصبية وحوى ضياعها الخوارزمية قد زادوا في القرآن ورجعوا في الاذاز وخالفوا الإسلام، لها عشرة دروب قد غابت في الأشجار، لها مدينتان إسفينقان وجرمقان، ورباطان: أفراوة وشارستانة. افراوة رباط جليل به رجال شهام وعدد من خيل وسلاح، ثلاثة حصون متصلة على أحدها خندق، شربهم من عيون فيه وهو في مفازة إلا أن الخيرات تجبى إليه وهم جفاة رديو المعاملة. أبيورد: اعجب إلي من نسا وأحر سوقاً وأرخى وأخصب، شربهم من نهر، والجامع بالسوق، قد خرب حصنها، مدينتها مهنة ورباطها كوفن.

 

 

قاين: هي قصبة قوهستان لا طيبة ولا سرية بل صغيرة ضيقة ظمئة، لسان وحش وبلد قذر ومعاش قليل، إلا أن عليها حصنآً منيعاً واسمها بعمان كبير، ويحمل منها بز كثير، والرفاق إليها تسير، هي فرضة خراسان وخزانة كرمان، مشاربهم من مني ولها ثلاثة أبواب. طبس التمر: عليها حصن وسوقها صغير وجامعها لطيف، شربهم من حياض تجري إليها قني ظاهرة، ورأيت بها حمامات طيبة. كري: على ثلاثة فراسخ من نحو المفازة دون هذه في العمارة. الرقة: صغيرة قريبة من المفازة شربهم من عيون. تون: عامرة آهلة كثيرة الحاكة وبها علماء وكبراء. خوست: عليها حصن على فم المفازة وهي أكبر وأقل آهلاً من تون، قليلة الأشجار شربهم من عيون. طبس العناب: تسمى طبس مسينان كثيرة العناب.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم بارد إلا سجستان وبست وطبس التمر فإنهن على هواء جروم الشام، وأما بلخ فهواءها عراقي وهواء مرو شامي وبرد خراسان ألين من برد هيطل، وهذا الإقليم كله يابس ثم لا يتساوى اليبوسة أيضاً، وكلما أشتد برد موضع في هذا الإقليم أشتد حره إلا سمرقند فإنها طيبة في الصيف وكذلك نيسابور غير إنها ألين برداً من سمرقند، وفي هذا الإقليم كله ينامون على السطوح وهم في تعب. قال ودخل عبدالله بن المبارك على عبد الرزاق بصنعاء فسأله عن الهواء بخراسان، فقال: إنا ننام ثلاثة أشهر في البيوت وثلاثة في الصفاف وثلاثة فوق السطوح ثم نرجع على هذا الترتيب. قال: إذا أنتم يا خراساني أبداً في سفر لي عمري كله أنام في هذا الموضع. وكذلك أكثر الشام وبعض فارس وبعض كرمان ومكثت أنا عشرين سنةً ببيت المقدس أنام في البيت. وغرج الشار حارة في الصيف. وهو كثير الأنهار والثمار وليس فيه بحيرة إلا بخوارزم مالحة وأخرى بسجستان وأخرى ببخارا عذبتان، ولا تجري السفن إلا بجيحون ونهر الشاش. وهو أكثر الأقاليم علماً وفقهاً وللمذكرين به صيت عجيب ولهم أموال جمة، وبه يهود كثيرة ونصارى قليلة وأصناف المجوس، وليس فيه مجذومون ولا يعرفون الجذام، وأولاد علي رضه فيه على غاية الرفعة ولا ترى به هاشمياً إلا غريباً. ومذاهبهم مستقيمة غير أن الخوارج بسجستان ونواحي هراة كروخ واستربيان كثيرة، وللمعتزلة بنيسابور ظهور بلا غلبة، وللشيعة والكرامية بها جلبة، والغلبة في الإقليم أصحاب أبي حنيفة إلا في كورة الشاش وإيلاق وطوس ونسا وأبيور وطراز وصنغاج وسواد بخارا وسنج والدندانقان وأسفراين وجويان فإنهم شفعوية، كلهم والعمل في هذه المواضع على مذهبهم، ولهم جلبة بهراة وسجستان وسرخس والمروين ولا يكون قاضياً إلا من الفريقين وخطباء المواضع التي استثنينا، ونيسابور أيضاً شفعوية واحد جامعي مرو أيضاً، إلا أن الإقامة به وبنيسابور مثنى وللكرامية جلبة بهراة وغرج الشار، ولهم خوانق بفرغانة والختل وجوزجانان وبمرو الروذ خانقة وأخرى بسمرقند، وبرساتيق هيطل أقوام يقال لهم بيض الثياب مذاهبهم تقارب الزندقة وأقوام على مذهب عبدالله السرخسي لهم زهد وتقرب، وأكثر أهل ترمذ جهمية وأهل الرقة شيعة وأهل كندر قدرية والشار يصلي العيدين على قول عبد الله بن مسعود ومذهب أبي حنيفة يوالون بين القراءتين ويكبرون أربعاً.

 

 

وأما التجارات فترتفع من نيسابور ثياب البيض الحفية والبيباف والعمائم الشهجانية الحفية والراختج والتاختج والمقانع وبين الثوبين والملاحم بالقز والمصمت والعتابي والسعيدي والظرائفي والمشطي والحلل وثياب الشعر والغزل المرتفع والحديد وغيرذلك. ومن نسا وأبيورد القز وثيابه والسمسم ودهنه وثياب الزنبفت ومن نسا ثياب البنبوزية وفراء الثعالب والبزاة. ومن طوس البرام الفائقة والحصر والحبوب. ومن رساتيق نيسابور ثياب كثيرة غليظة. ومن هراة البز الكثير وديباج دون وخلدي والزبيب الطائفي والعنجد الأخضر والأحمر ودوشابه وناطفه والبولاذ والفستق وأكثر حلاوات خراسان. ومن مرو الملاحم ومقانع القز والابريسم القطن والبقر والجبن والبزر والشيرج والنحاس. ومن سرخس الحبوب والجمال. ومن سجستان التمور والزنابيل والحبال من الليف والحصر. ويرتفع من قوهستان ثياب تشابه النيسابورية بيض وبسط ومصليات حسنة، ومن بلخ الصابون والسمسم والأرز والجوز واللوز والزبيب والعنجد والسمن وعسل الشمسي من العنب والتين ولب الرمان والزاج والكبريت والرصاص وإسبرك والزرنيخ والأبخرة والوقايات على عمل الجرجانية والأبراد والأدهان والجلود. ومن غرج الشار الذهب واللبود والبسط الحسان والحقائب وما في معناها والخيل الجيدة والبغال. ومن ترمذ الصابون والحلتيث. ومن ولوالج السمسم ودهنه والجوز واللوز والفستق والأرز والحمص والبيري والرخبين والسمن والقرون وجلود الثعالب. ويرتفع من بخارا الثياب الرخوة والمصليات والبسط وثياب الفرش الفندقية وصفر المناير والطبري وحزم الخيل تنسج في المحابس وثياب أشموني والشحم وجلود الضأن ودهن الرأس. ومن كرمينية المناديل. ومن دبوسية ووذار ثياب الوذارية وهي ثياب على لون المصمت، وسمعت بعض السلاطين ببغداد يسميها ديباج خراسان. ومن ربنجن أزر الشتاء من اللبود الحمر ومصليات وطاسات اسبيلدروي والجلود ومرير القنب والكبريت. ومن خوارزم السمور والسنجاب وقاقون وفنك ودله والثعالب وخزبوست وخركوش ملون وبزبوست والشمع والنشاب والتوز والقلانس وغراء السمك وأسنان السمك خزميان وكهروا والكيمخت والعسل والبندق وأبوز والسيوف والدروع والخلنج والرقيق من الصقالبة والأغنام والبقر كل هذا من بلغار ويرتفع منها عناب وزبيب كثير وملابن وسمسم وبرود وفروش وثياب اللحف وديباج بيشكش ومقانع ملحم واقفال وثياب آرنج والقسي التي لا يقوى على معط القوس إلا أشد الرجال والرخبين والمصل والسمك والسفن تنحت وتعمل ومن ترمذ أيضاً. ويحمل من سمرقند ثياب سيمكون والسمرقندية والقدور العظيمة من النحاس والقماقم الجياد والأخبية والركب والحكمات وسيور. ومن دزك اللبود الجياد والأقبية منها. ومن بناكث ثياب تركستان. ومن الشاش سروج الكيمخت الرفيعة والجعاب والأخبية وجلود تجلب من الترك وتدبغ والأزر والمصليات والبنيقات والبزر والقسي الجيدة وأبر دون والقطن يحمل إلى الترك وتدبغ والأزر والمصليات والبنيقات والبزر والقسي الجيدة وأبر دون والقطن يحمل إلى الترك والمقاريض ومن سمرقند أيضاً ديباج يحمل إلى الترك وثياب حمر تسمى ممرجل وسينيزي وقزٌ كثير وثيابه والبندق والجوز. ومن طوس التكك الحسنة والأبراد الجيدة. ومن فرغانة واسبيجاب الرقيق من الأتراك مع الثياب البيض وآلات السلاح والسيوف والنحاس والحديد ومن طراز بزبوست ومن شلجي الفضة. ومن تركستان إلى هذه المواضع تخرج الخيل والبغال وكذلك من الختل. ولا نظير لديواج وطراز وطين وكمأة وشهجاني وأبر وسكاكين وريباس نيسابور ولا لملابن واشترغاز وبطيخ مرو الكبير. وعند كل من لم يدخل الرملة إنه ليس في الدنيا مثل خبزهم ولكن لا نظير له في أقاليم الأعاجم، ولا ترى مثل هريستهم، ولا نظيرللحمان بخارا وجنس بطيخ لهم يسمى الساف، ولا لقسي خوارزم وغضائر الشاش وكاغد سمرقند، وباذنجان نسا وأعناب هراة. وبه معادن كثيرة بنيسابور في رستاق ريوند معدن الفيروزج وبرستاق. معدن السبج وبرستاق بيهق معدن رخام وبطوس البرام وبزوزن طين الأكل وبرستاق. طين الختم والكتابة ومعادن الفضة ببروان وبنجهير وشلجي وهو جبل يمد إلى فرغانة. النوشاذر وفضة وذهب من بارمان وذو الفار من كورة إيلاق وهو ما يتصاعد من دخان الفضة وأقل ما يقع إلى الناس من خالصه والزيبق عين تفور قرب قبا وليست بمعدن وقد

 

كان أبو يوسف ظن ذلك ثم أخبر إنه كما قال أبو حنيفة، وبواشجرد زعفران جيد وبقواذيان فوه وفي هذا الجانب نفط وفيروزج لا يمكن منه وبه قير وزفت. أبو يوسف ظن ذلك ثم أخبر إنه كما قال أبو حنيفة، وبواشجرد زعفران جيد وبقواذيان فوه وفي هذا الجانب نفط وفيروزج لا يمكن منه وبه قير وزفت.

ورسومهم تخالف رسوم أقاليم العرب في أكثر الأشياء، منها إنهم يأخذون الميت عند الدفن من قبل القبلة صاحب الرأي منهم والحديث إلا الشيعة فإنهم يسلونه، وقلت يوماً، لأهل أبيورد أنتم قوم على مذهب الشافعي رحمه الله والأمر لكم في بلادكم فلم لا تسلون الميت سلا قالوا: ما كنا لنتابع الشيعة ونخالف المسلمين ولا يحول الإمام وجهه عن يمين وشمال عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خطب. وللمؤذنين سرير قدام المنبر يؤذنون عليه بتطريب وألحان. ولا يتردى الخطيب ولا يتقبى إنما عليه دزاعة ولا يسرع الخروج، وفي جوامعهم قدور من نحاس كبار على كراسى يطرح فتي الماء الجمد يوم الجمعة، ويلبسون الخفاف في الشتاء والصيف وأقل ما ينتعلون، ويذكرون بلا دفاتر، فأما بمرو وسرخس وبخارا فلا يذكر إلا فقيه أو مفسر، وسائر الإقليم كل من أراد، ورسم أصحاب أبي حنيفة يذكرون في هذه الثلاث بلدان التي ذكرنا بمستملي، وتضرب المقارع بين يدي أجلة الأمراء، ويشهد كل أحد في كل شيءٍ، غير أن في كل بلد عدة من المزكين فإن طعن الخصم على الشاهد سثل عنه المزكى، ولا يتحنك فيه الا فقيه أو رئيس. وبنيسابور رسوم حسنة منها مجلس المظالم في كل يوم أحد وأربعاء بحضرة صاحب الجيش أو وزيره، فكل من رفع قصة قدم إليه فأنصفه وحوله القاضي والرئيس والعلماء والأشراف، ومجلس الحكم كل إثنين وخميس بمسجد رجاءٍ لا ترى في الإسلام مثله،، ولوجوه البلد بالغدوات مجالس على أيام الجمعة يجتمع فيها القراء يقرأون إلى ضحى. وتجملهم على ثلاثة أوجه، أما الفقهاء والكبراء فيتطيلسون ولا يتحنكون إلا من يستحمق ولهم لبسة يتفردون بها في الشتاء يتلبس أحدهم ويجعل الطيلسان فوق العمائم ثم يلبس من فوق ذلك دراعة ويرخي ما فوق العمامة على طرف الدراعة من خلف، ورأيت جماعةً بطوس وأبيورد وهراة يفعلون ذلك، وأهل سجستان يكورون العمائم مثل التيجان، ولا يتطيلس بما وراء النهر إلا كبير، إنما هي الأقبية المفتوحة، وبمرو أنصاف العلماء يجعلون الطيالسة على أحد أكتافهم مجتمعة فإذا أرادوا أن يرفعوا فقيهاً أمروه بالتطيلس.

 

 

ومياههم واسعة أما نيسابور فلهم قنيٌ تجري تحت الأرض باردة في الصيف يتجوز إليها من أربع مراقٍ إلى سبعين ثم تظهر في الضياع فتسقيها ومنها ما يظهر في البلد ويدور في المحلات مثل التي بالحيرة وبلفاوا وباب معمر وقناة أبي عمرو الخفاف وقناة شاذياخ وزقاق الداريين وسوار كاريز كل هذه تجري على وجه الأرض، وتجد في بعض المواضع آبار حلوة، ولهم نهر على فرسخ بقرية بشتقان يدير سبعين رحىً. وأما سجستان فلها عدة أنهار تسقي المدن والضياع منها نهر هيرميد يخرج من ظهر الغور نحو الجنوب فينحدر إلى مدينة بست ثم يتشعب على مرحلة من زرنج فيأخذ نهر الطعام على الرساتيق حتى يبلغ نيشك ثم يأخذ منه نهر باشتروذ فيسقي بست ثم ينحدر فيسقي عذة من القرى الى كزك، وقد بني ثم سكرٌ يرد الماء لئلا يجري إلى البحيرة. ولهذه الكورة نهر فره يخرج من قرب الغور حتى يسقى تلك النواحي ثم يقع فضله إلى بحيرة الصنط ولها عنده بحيرة من نحو كرمان عذبة هي قرار هذه المياه طولها أكثر من عشرين فرسخاً وعرضها مرحلة يرتفع منها سمك كثير عليها ضياع وغياض تشكل بطائح العراق. ونهر هراة يخرج من تحت الغور ثم يتشعب عند رأس الكورة فتمد منه شعبة إلى القصبة ويتخلل البلد ثم يخرج إلى البساتين، وثم جسر ليس بجميع خراسان أعجب عملاً منه بناه رجل مجوسيٌ وكتب عليه اسمه وإنه أكل الصناع في عمله ألف وجريب من ملح ويقال أن سلطاناً أراد أن يكتب عليه اسمه، منهم من قال أسلم ومنهم من قال طرح نفسه في النهر، ويتشعب منه إلى القصبة سبعة أنهار نهر برخوي يسقي رستاق سنداسنك ونهر بارشت يسقي رستاق كواشان وسياوشان ومالن وتيزان. ونهرأذريجان يسقي رستاق سوسان وكوكان ونهر غوسمان يسقي رستاق كرك ونهر كنك يسقي رستاق غوبان وكربكرد ونهر سنفغر يسقي رستاق سرخس في حد بوشنج ونهر الجير يسقي القصبة. وأما نهر المروين فيخرج من تحت الغور فيمد إلى مرو العليا ثم يعطف إلى السفلى فإذا صار منه على نحو مرحلة لقيه وادٍ عظيم قد سد من الجانبين بالحطب عجيب وانحبس الماءحتى ساوى المصب ثم مد إلى مرو، وعليه أمير أقوى من أمير الحماية تحت يده عشرة آلاف رجل مرتزق، وعليه حراس بحفظونه لئلا ينبثق، ولا ترى أحسن ولا أتقن من قسمته. ويحكى عن الذي قسمه إنه قال ما تركت من العدل شيئاً إلا وقد استعملته فيه إلا ما عجزت عنه، وقد أقيم لوح فيه شقٌ على طوله في عرضه شعيرة ربما علا الماء فبلغ طوله في اللوح ستين شعيرة فتكون سنة خصبة ويستبشر الناس بذلك ورفعت المقادير، وإذا كانت ست شعيرات كات سنة قحط، وموضع مقياسهم على فرسخ من المدينة شبه حوض مستدير، فإذا قدر المتولى لذلك أنفذ البريد ساعيةً إلى ديوان النهر خاصةً، ثم ينفذون الرسل إلى جميع المتولين شعب الأنهار، فيقسموا الماء على ذلك المقدار، وعلى الموضع الذي ذكرنا أولأ أربعمائة غواص، يراعونه في ليلهم ونهارهم، وربما احتاجوا دخول الماء في البرد الشديد فيطلون أنفسهم بالشمع وعلى كل رجل منهم الخشب وجمع الشوك بشيءٍ معلوم في كل يوم يستعدونه لوقت الحاجة، وانبثق وأنا بنيسابور فأشرف الناس على الإنجلاء وناب عليه الاموال العظيمة. ويتخلل البلد منه أربعة أنهار نهر الزرق يجري على باب المدينة من نحو الربض فيدخلها ويتفرق في حياض قليلة عميقة، والثاني أسعدى منه يشرب أهل محلة باب سنجان وميرماهان، ونهر هرمزفرة من نحو سرخس يسقي طرف البلد ويسقي الضياع، ونهر الماجان وهو الذي يشق البلد ويتخلل الأسواق ثم يخرج إلى رأس البلد في شعاب وعليه في البلد جسور تعبر إلى الشوارع ولهم حياض مغطاة ومكشوفة بمراقٍ وأبواب يفتح إليها من النهر قدر الحاجة، ولهم آبار حلوة. وإن استوعبنا ذكر الأنهار والمشارب طال الكتاب ولحق منه ملال. وأما نهر الصغد فإنه ينتهي ببخارا ودخوله القصبة من كلاباذ وقد سجر وجعل له مفتح واسع وأقيم فيه الخشب، فإذا كان الصيف وغزر الماء رفعوا تلك الخشب واحدةً بعد واحدةٍ على قدر زيادة الماء حتى

 

ينقلب اكثره في المفتح ثم يمد إلى بيكند ولولا هذه الحيلة لقلب الماء على القصبة، ويسمى هذا الموضع فاشون، وبأسفل المدينة أيضاً مفتح آخر يسمى رأس الورغ على هذا العمل، وهذا النهر يشق البلد ويتخلل الأسواق ويتشعب في الشوارع، ولهم حياض في البلد واسعة مكشوفة قد أتخذ على حافتها بيوت من الألواح بابواب يغتسل فيها، وربما غلب ماء النهر المنقلب إلى بيكند فغرق الضياع في الصيف، وغلب في السنة التي أتيت ثم على ضياع كثيرة وافتقر أقوام وخرج المشايخ إلى سده وبذل الشيخ أبو العباس اليزدادي في ذلك أموالاً جمةً أحتساباً، وهو ماءٌ كدر ويطرح فيه بلاذات كثيرة في البلد، ويقال أن أصل اسم بخارا كوه خوران وطرحت الهاء والواو للتخفيف فصارت كخارا ثم أبدلوا من الكاف باءً ليوهموا على الناس فصارت بخارا وسمعت بعض الأدباء ينشد: إن باء بخارا باءٌ زائده والألف الوسطى بلا فائده فلم يبق الا خرا. ومصبه من سمرقند، إلا أن المياه تلقاه، ومبتدأه من الجبال ومقره في بحيرة خلف الصغانيان ثم ينصب إلى رأس السكر ثم ينشعب أنهار سمرقند منها نهر عظيم على ظهر البلد فيدخل البلد. ولا أعرف بهذا الإقليم مإءً ردياً إلا ماء كش ونسا وبرستاق طبس التمر، ولا به هواءً ردياً إلا زم فإن أهلها مصفرو الألوان وهواء نيسابور وسمرقند حسن يحتاج إلى الدسم وإنما طالت أعمار أهل نيسإبور من قوة الهواء. قال وقيل لعبد الله بن طاهر لم اخترت نيسابور على مرو قال لثلاثة أشياء لأني رأيت هواءها وأهلها أوطأ والمعمرين فيها كثيراً.

ومن العجإئب بنيسابور جبل ترابه أسود مثل الأنقاس به يكتبون الرسائل وما يجري مجراها ويختمون الكتب، وجبال بهيطل ونيسابور يقطعون منها الملح كما يقطع الحجر، وبه شجر لها ثمر إذا شق خرج منه حيوان له أجنحة يطير، وماء مازل ومسجد رجاءٍ وطاحونة ابن. وايوان إلى مسلم وطواحين الريح بسجستان وبوشنج وحصن زرنج من العجائب، بسرخس موضع يقصده طير في يوم من السنة فيطرح نفسه فيه ويجمع الناس منه شيئاً كثيراً، وبمزدوران كهف لا يعلم له منتهى. وبه مشاهد قبر علي الرضى بطوس قد بنى عليه حصن فيه دوروسوق، وقد بنى عليه عميد الدولة فائق مسجداً ما بخراسان أحسن منه، وعلى فرسخ من سرخس قبر ابن عم له قد بنى عليه مشهد. على فرسخين من مرو رباط فيه قبر صغير قالوا هو قبر رأس الحسين بن علي رضي الله عنه. بطبس قبر صحابيين. وبحافة جيحون رباط ذي القرنين يقابله من الشرق رباط ذي الكفل يقال أنه كان يجر بينهما سلسلة. بطرف نسا رباط افراوة، وبازاء ابيورد رباط كوفن، وقد بنى خلفها أبو القاسم الميكالي رباطين أنفق عليهما اموالاً جمة وحمل إليهما عدداً وآلات كثيرة وحبس لهما أوقافاً جليلة وانبط فيهما آبارحلوة وأنشأ ثم ضياعاً عدة وقبره ثم. وبين نيسابور وقهستان رباط سهيل يفضل، وثم عين حارة ذكروا أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اشتد بهم البرد فدعوا الله تعالى حتى خرجت لهم هذه العين للوضوء، وثم عدة قبور من الصحابة. وفي بيكند جامع يفضلونه، ورباط النور خلف بخارا له موسم كل سنة ودست قطوان.

 

 

والسنتهم مختلفة أما لسان نيسابور ففصيح مفهوم غير أنهم يكسرون اوائل الكلم ويزيدون الياء مثل بيكو وبيشو ويزيدون السين بلا فائدة مثل بخردستي وبكفتستي وبخفتستي وما يجري مجراها وفيه رخاوة ولجاج. وأهل طوس ونسا أحسن لساناً. وفي كلام سجستان تحامل وخصومة يخرجونه من صدورهم ويجهرون فيه. ولسان بست أحسن. ولا بأس بلسان المروين غير أن فيه تحاملاً وطولاً ومداً في أواخر الكلم ألا ترى أن أهل نيسابور يقولون برأى أين وهم يقولون بترون أين يعني من أجل هذا، فقد زادوا حرفاً فتأمل هذا الضرب تجده كثيراً. ولسان بلخ أحسن الألسن إلا أن لهم فيه كلمات تستقبح. ولسان هراة وحش تراهم يفقمون ويتكلفون ويتحاملون ثم يخرجون الكلام آخر ذلك ملوثاً بالكوه، وسمعت بعض أصحاب المعداني يقول أمر بعض ملوك خراسان وزيره أن يجمع رجالاً من خمس كور خراسان التي هي الأصول، فلما حضروا تكلم السجستاني فقال الوزير هذا لسان يصلح للقتال، ثم فاتح النيسابوري فقال هذا لسان يصلح للتقاضي، ثم تكلم المروزي فقال وهذا لسان يصلح للوزارة، ثم تكلم البلخي فقال وهذا لسان يصلح للرسالة، فلما تكلم الهروي فقال وهذا لسان يصلح للكنيف. فهذه أصول ألسنة خراسان وغيرها تبع لها ومشتق منها وراجع إليها. فلسان طوس ونسا قريب من النيسابوري ولسان سرخس وابيورد قريب من لسان مرو ولسان غرج الشار بين لسان هراة ومرو ولسان جوزجان بين المروزي والبلخي ولسان الباميان وطخارستان قريب من البلخي إلا أن فيهما انغلاقاً، ولسان خوارزم لا يفهم، وفي لسان البخاريين تكرار ألا ترى كيف يقولون يكي أدرمى ورأيت يكي مردي وغيرهم يقول اعطيت ادرمي وقس عليه ويكثرون قول دانستي في خلال كلامهم بلا فائدة غير أنها درية وإنما سمي ما جانسها درياًلأنها اللسان الذي تكتب به رسائل السلطان وترفع بها إليه القصص واشتقاقه من الدر وهو الباب يعني أنه الكلام الذي يتكلم به على الباب. وأهل سمرقند يستعملون الحرف الذي بين الكاف والقاف يقولون بكردكم وبكفتكم ونحوذلك وفيه برد، ولسان الشاش أحسن ألسنة هيطل وللصغد لسان على حدة يقاربها ألسنة رساتيق بخارا وهي مختلفةجداً مفهومة عندهم، ورأيت الإمام الجليل محمد ابن الفضل يتكلم بها كثيراً، وأقل بلد مما ذكرنا إلا ولرساتيقه لسان آخر.

وألوانهم مختلفة أحسنهم أهل الشاش وفرغانة وما وقع في ذلك الصقع ثم أهل نسف وطراز وباراب، ولا نظير لنسائهم ثم السمرقنديون ثم البخاريون ثم المراوزة ثم لا شيء، وألوان طبس التمر حجازية مثل سجستان وغزنين، وأهل خوارزم بيض حمر غير أن لهم خلقة أخرى. وبه عصبيات بين نصف نيسابور الغربي وهوماعلا منه ينسب إلى منيشك، وبين الآخر ينسب إلى الحيرة، عصبيات وحشة على غير المذهب وقد صار الآن بين الشيعة والكرامية. ويقع بسجستان عصبيات بين السمكية وهم أصحاب أبي حنيفة رحه وبين الصدقية وهم أصحاب الشافعي رضه يهرق فيها الدماء ويدخل بينهم السلطان. وفي سرخس بين العروسية وهم أصحاب أبي حنيفة وبين الأهلية وهم أصحاب الشافعي. وبهراة بين العملية والكرامية. وبمرو بين المدنيين والسوق العتيق. وبنسا بين الخنه ورأس السوق. وبابيورد كرداري ورأس البلد. وسمعت رجلاً يقول ما شرب من ماء قويق إلا وتعصب. وببلخ عصبيات على غير المذهب وكذلك سمرقند وجميع البلدان قل ما تخلومن عصبيات.

 

 

والولايات والخطبة في هذا الإقليم كله من آل سامان، ويحمل الخراج ألا أمير سجستان وخوارزم وغرج الشار وجوزجان وبست وغزنين والختل فإنهم يبعثون الهدايا حسب، ويرتفق امراؤهم بالاخرجة، وصاحب الجيش مقامه بنيسابور، وسجستان بيد آل عمرو بن الليث، والغرج بيد الشار، وجوزجان بيد آل فريغون، وغزنين وبست مع الأتراك. وأول من ملك هذا الإقليم كله اسماعيل بن أحمد سنة 287 ثم رحل إلى بخارا وأضاف إليه المعتضد كرمان وجرجان وأضاف إليه المكتفي سنة90الري والجبال إلى عقبة حلوان فلما مات لقبوه الماضي، وجلس بعده إبنه أحمد فقتل بفربر وسموه الشهيد ثم جلس ابنه نصر وكان حاجبه أبو جعفر ذوغوا وصاحب جيشه حمويه ووزيره أبو الفضل بن يعقوب النيسابوري ثم أبو الفضل البلعمي ثم أبو عبدالله الجيهاني فلما مات سموه السعيد، وجلس ابنه نوح كان حاجبه رشيق الهندي ثم ألفتكين وصاحب جيشه أبو علي الصغاني ثم ابن مالك ثم ابن قراتكين ووزيره أبو منصور ابن غزيرثم الحاكم الجليل فلما مات سموه الحميد، وقد أضاف ثلاثة من بنيه إلى ثلاثة من الخدم عبد الملك إلى نجاح ومنصوراً إلى فائق ونصراً إلى ظريف، فأجلسوا عبد الملك ولم يكن في آل سامان مثله كان حاجبه الفتكين ثم استخلف غلامه وصاحب جيشه ابن مالك ثم الفتكين فوقع عن الدابة ومات فسموه الرشيد، وأجلسوا ابنه نصراً يوماً واحداً فجمع فائق العسكر وخلعه وأجلس مولاه المنصور وكان حاجبه أبو منصور باقري ثم قلج وصاحب جيشه ابن عبد الرزاق ثم ابو الحسن ابن سيمجور ووزيره اميرك بعلمي ثم العتبي ثم رد البلعمي ثم رد العتبي فلما مات سموه السديد، وأجلسوا ابنه نوحاً وكان حاجبه تاش ثم هوانج وصاحب جيشه ابن سيمجور ثم ولاها تاش رد أبا الحسن ابن سيمجور ووزيره ابن الجيهاني ثم ابن العتبي ثم المزني ثم الاصطخري ثم عبدالله بن عزير ثم أبو علي محمد بن عيس الدامغاني، وهم من قرية بنواحي سمرقند يقال لها سامان وأصلهم يرجع إلى بهرام جور وقد أعطاهم الله الظفر والتمكين وهم من أحسن الملوك سيرة ونظراً وإجلالاً للعلم وأهله، ومن أمثال الناس لو أن شجرة خرجت على آل سامان ليبست، ألا ترى إلى عضد الدولة وتجبره وتمكنه وكمال دولته وفتوة أمره، خطب عليه بجميع اليمن وأصابها من غيرحرب، ولا دب إلا بكتاب كتبه ورسول أنفذه وخطب له بالسند وفتح عمان وملك ما ملك فلما تعرض لآل سامان وطلب خراسان أهلكه الله وشتت جمعه وفرق جيوشه ومكن أعداءه من ممالكه فتباً بمن عاند آل سامان. ومن رسومهم أنهم لا يكلفون أهل العلم تقبيل الأرض، ولهم مجالس عشيات جمع شهررمضان للمناظرة بين يدي السلطان، فيبدأ هو فيسأل مسأله ثم يتكلمون عليها وميلهم إلى مذهب أبي حنيفة، وليس من رسمهم الانبساط إلى الرعية، وإنما الوزير الذي يمشي الامور بلي إذا أرادوا أن يرفعوا رجلاً أجلسوه معهم على الخوان كما فعل بالشيخ أبي العباس اليزدادي، وربما شافهوا الرسل عند المهمات كما شافهوا الشيخ أبا صالح لما أنفذوه إلى صاحب الجيش أبي الحسن، ويختارون أبداً أفقه من ببخارا وأعفهم فيرفعونه ويصدرون عن رأيه ويقضون حوائجه ويولون الأعمال بقوله مثل الشيخ الإمام الجليل محمد بن الفضل، حتى أن الناس قد ترافعوا ذلك فهم يشيرون إلى من يكون بعده، ألا ترى إلى إشارتهم إلى الحاكم الإمام محمد بن يوسف لأنه أفقه الكهول وأصونهم.

 

 

وأما الخراج فعلى فرغانة مائتا ألف وثمانون ألفاً محمدية. وعلى الشاش مائة ألف وثمانون ألفاً مسيبية. وعلى خجندة من مقاطعة الأعشار مائة ألف مسيبيه. وعلى الصغد وكش ونسف واشروسنة ألف ألف وتسعة وثلاثون ألف واحد وثلاثون درهماً محمدية. وخراج اسبيجاب أربعة الدوانيق ومكنسة تبعث إلى السلطان كل سنة مع الهدايا. وخراج بخارا ألف ألف ومائة ألف وستة وستون ألفاً وثمانمائة وسبعة وتسعون درهما غطريفية. وكانوا ثلاثة أخوة محمد ومسيب وغطريف ضربوا هذه الدراهم وهي سود على عمل الفلوس لا تنفق إلا بهيطل ولها فضل على البيض. وخراج الصغانيان ثمانية وأربعون ألفاً وخمس مائة وتسعة وعشرون درهماً. وعلى وخان أربعون الفاً. وعلى خوارزم اربعمائة ألف وعشرون ألفاً ومائة وعشرون بدراهمهم وهي أربعة دوانيق ونصف. ووجدت في بعض الكتب أصل خراج خراسان أربعة وأربعون ألف ألف وثمان مائة ألف وتسعمائة وثلاثون درهما وثلاثة عشر درهماً ومن الدواب عشرون دابة وألفا شاة ومن الرقيق ألف واثنا عشر رأساً ومن البرود وصفائح الحديد ألف وثلاثمائة قطعة. وأما الضرائب فهينة ويصعبون بحافة جيحون في الرقيق، ولا يعبرون غلاما إلا بجواز من السلطان، ويأخذون مع الجواز سبعين إلى مائة، وكذلك على الجواري بلا جواز إذا كانوا أتراكاً، ويأخذون على المرأة عشرين إلى ثلاثين درهما، وعلى الجمل درهمين، وعلى قماش الراكب درهماً، ويردون سبائك الفضة إلى بخارا ومن أجلها يقع التفتيش، وفي المنازل من درهم إلى نصف.

وأما المسافات فتأخذ من أخسيكت إلى قبا مرحلة ثم إلى أوش مرحلة ثم إلى أوزكند مرحلة ثم إلى العقبة مرحلة ثم إلى طباش مرحلة ثم إلى برسخان الأعلى مراحل ثم إلى موضع بغراخاقان مثلها. وتأخذ من اخسيكت إلى باب بريدين ثم إلى ترمغان نصف مرحلة ثم إلى جاجستان مرحلة ثم إلى صامغر بريدين ثم إلى خجندة مرحلة. وتأخذ من اسبيجاب إلى شاواب بريدين ثم إلى بدوخكث مثلهما ثم إلى تمتاج مرحلة ثم إلى بارجاخ بريدين ثم إلى منزل مرحلة ثم إلى شاوغر نصف مرحلة ومن شاوغر إلى طراز بريدين. وتأخذ من اسبيجاب إلى غركرد بريدين ثم إلى بنكث مرحلة وتأخذ من بنكث إلى ستوركث مرحلة ثم إلى بناكث بريدين ثم إلى نهر الشاش بريدين ثم إلى خاوص مرحلة ئم إلى زامين مرحلة. وتأخذ من بنكث الشاش إلى معدن الفضة مرحلة ثم إلى جاجستان مرحلة ثم إلى ترمغان مرحلة. ومن بنكث إلى غركرد مرحلة ثم إلى اسبيجاب بريدين. وتأخذ من زامين إلى خاوص مرحلة وتأخذ من زامين إلى ساباط بريدين ثم إلى شاوكث مرحلة ثم إلى خجندة مرحلة.

وتأخذ من سمرقند إلى زرمان مرحلة ثم إلى ربنجن مرحلة ثم إلى، الدبوسية مرحلة ثم إلى كرمينية مرحلة ثم إلى الطواويس مرحلة ثم إلى ديمس مرحلة ثم إلى بخارا مرحلة. وتأخذ من سمرقند إلى زامين مرحلة ثم إلى خاوس مرحلة ثم إلى بناكث مرحلة ثم إلى ستوركث مرحلة ثم إلى بنكث مرحلة. وتأخذ من سمرقند إلى درزده مرحلة ثم إلى كش مرحلة ثم إلى كندك مرحلة ثم إلى باب الحديد مرحلة ثم إلى قر نة مرحلة ثم إلى ترمذ مرحلة.

وتأخذ من بخارا إلى بيكند مرحلة ثم إلى ميان كال مرحلة ثم إلى فربر مرحلة ثم إلى جيحون نصف فرسخ. وتأخذ من بخارا إلى جكم مرحلة ثم إلى رباط عتيق مرحلة ثم إلى جب سعيد مرحلة ثم إلى بزدة مرحلة ثم إلى رباط خواران مرحلة ثم إلى قرية البخاريين مرحلة ثم إلى. قرية الخوارزميين مرحلة ثم إلى بلخان مرحلة ثم إلى كالف مرحلة ثم إلى محلة القياسين مرحلة ثم إلى ترمذ مرحلة.

وتأخذ من بخارا إلى امزه بريدين ثم إلى رباط تاش مرحلة ثم إلى شوروخ مرحلة ثم إلى الرمل مرحلة ثم إلى رباط طغان مرحلة ثم إلى رباط جكربند مرحلة ثم إلى رباط حسن مرحلة ثم إلى نابادغين مرحلة ثم إلى مضيق النهرمرحلة ثم إلى رباط ماش مرحلة ثم إلى رباط سنده مرحلة ثم إلى بغرقان مرحلة ثم إلى شراخان مرحلة ثم إلى كاث مرحلة. وتأخذ من كاث إلى خاس مرحلة ثم إلى نوزكات بريدين ثم إلى وايخان على اليمين مرحلة ثم إلى نوباغ مرحلة ثم إلى مزداخقان في مفازة مرحلتين ثم إلى درسان بريدين ثم إلى كردر مرحلة ثم إلى جويقان بريدين ثم إلى قرية براتكين مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة. وتأخذ من

 

رباط ماش إلى أمير مرحلة ثم إلى باراب سار مرحلتين ثم إلى أرذخيوه مرحلة. ومن مزداخقان إلى وردراغ مرحلة ثم إلى كردر مرحلة. وتأخذ من كاث إلى غردمان مرحلة ثم إلى وايخان بريدين ثم إلى ارذخيوه بريدا ثم إلى نوكباغ مرحلة. وتأخذ من اوزارمند إلى دسكاخان خاس بريدين ثم إلى رخشميثن مرحلة ثم إلى خيوه مرحلة ثم إلى كردرانخاس بريدين ثم إلى زردوخ بريداً ثم إلى هزاراسب بريدين. ومن اوزارمند إلى روزوند بريد ثم إلى نوزوار مرحلة ثم إلى زمخشر مرحلة وكذلك إلى الجرجانية.

وتأخذ من بخارا إلى نخشب في مفازة ثلاثين فرسخاً فيها رباطات ثم إلى الصغانيان تمام 10 مراحل. تأخذ من الصغانيان إلى دارزنجي أو إلى باسند أو باتاب أو سنكرده مرحلة مرحلة ومن الصغانيان إلى بوراب بريدين ومن الصغانيان إلى بهام أو غش أو زينور ثلاثاً ثلاثاً ومن الصغانيان إلى هنبان مرحلتين ومن الصغانيان إلى الختل 30 فرسخاً ومن الصغانيان الى سمرقند 40.

وتأخذ من بلخ إلى خلم مرحلتين ثم إلى ورواليز مثلها ثم إلى الطالقان مثلها ثم إلى بذخشان 7 مراحل. ومن خلم إلى سمنجان مرحلتين ثم إلى اندرابة 5مراحل ثم إلى كارباية 3 مراحل ثم إلى بنجهير مرحلة ثم إلى فروان مرحلتين. وتأخذ من بلخ إلى بغلان 6 مراحل ومن سمنجان إلى بغلان 4. وتأخذ من بلخ إلى مذر 6 مراحل ثم إلى كه مرحلة ثم إلى الباميان 3 مراحل. ومن بلخ إلى أشبورقان مثلها ثم إلى الفارياب مثلها ثم إلى الطالقان مثلها. وتأخذ من بلخ إلى شاوكرد مرحلة ثم إلى ترمذ مرحلة وتأخذ من اليهودية الى القاع مرحلة ثم إلى اشبورقان مثلها ثم إلى السدرة مرحلة ثم إلى الدستجرده مرحلة ثم إلى بلخ نصف مرحلة. وتأخذ من اليهودية إلى قصر الأميرمرحلة ثم إلى فارياب مرحلة ثم إلى كرك مرحلة ثم إلى الطالقان مرحلة. وتأخذ من اليهودية إلى أنبار مرحلة ثم إلى رباط مرحلة ثم إلى بلخ مرحلة. وتأخذ من فارياب إلى آستانة مرحلة ثم إلى جوبين وملين مرحلة ثم إلى اندخوذ مرحلة ثم إلى رباط افريغون مرحلة ثم إلى قني-عباث مرحلة ثم إلى كركوه مرحلة.

وتأخذ من مرو إلى فاز مرحلة ثم إلى مهدي أباذ مرحلة ثم إلى بحيراباذ مرحلة ثم إلى القرينين مرحلة ثم إلى أسداباذ مرحلة أو ثم إلى حوزان مرحلة ثم إلى قصر أحنف بريدين ثم إلى أرسكن مرحلة ثم إلى الأسراب مرحلة ثم إلى كنجاباذ مرحلة ثم إلى الطالقان مرحلة ثم إلى كسحان مرحلة ثم إلى اليهودية مرحلة. وتأخذ من مرو إلى جروجرد مرحلة ثم إلى الداندانقان مرحلة ثم إلى تلستانة مرحلة ثم إلى اشترمغك مرحلة ثم إلى سرخس مرحلة. وتأخذ من مرو إلى كشميهن مرحلة ثم إلى رباط الحديد مرحلة ثم إلى رباط نصرك مرحلة ثم إلى جب حماد مرحلة ثم إلى رباط بارس مرحلة ثم إلى آمل مرحلة اثم إلى جيحون فرسخاً.

وتأخذ من ابشين إلى رباط شور مرحلة ثم إلى رباط شار مرحلة ثم إلى قرية القاضي مرحلة ثم إلى شورمين مرحلة ثم إلى قرية المجوس مرحلة ثم إلى خاره مرحلة ثم إلى رباط ميانة مرحلة ثم إلى كرو مرحلة ثم إلى هراة مرحلة.

وتأخذ من ابشين إلى رباط كرزوان مرحلة ثم إلى مرزك مرحلة ثم إلى ر باط روذ مرحلة ثم إلى مرو الروذ مرحلة ثم إلى جسر حر مرحلة ثم إلى الطالقان مرحلة. ومن ابشين إلى دزه إلى مرو الروذ 10 فراسخ.

وتأخذ من هراة إلى اسفزار 3 مراحل وإلى مالن أو إلى كروخ أو إلى باشان مرحلة مرحلة وتأخذ في باشان إلى خيسار مرحلة ثم إلى استربيان مرحلة ثم إلى ماراباذ مرحلة ثم إلى أوفه مرحلة ثم إلى خشت مرحلة وأنت في الغور. وتأخذ من هراة إلى ببنة مرحلتين ثم إلى كيف مرحلة ثم إلى بغشورمرحلة.

وتأخذ من غزنين إلى رباط البارد مرحلة ثم إلى اسناخ مرحلة ثم إلى حنس مرحلة ثم إلى الباميان مرحلة. وتأخذ من غزنين إلى كرديز مرحلة ثم إلى أوغ مرحلة ثم إلى لجان وبها عين ماء ثم إلى ويهند تمام 17 منزلاً وأنت في بلاد السند والهند.

وتأخذ من بست إلى رباط فيروزقند مرحلة ثم إلى ميغون مرحلة ثم إلى رباط

 

كشر مرحلة ثم إلى بنجواي مرحلة ثم إلى بكراباذ مرحلة ثم إلى خرساد مرحلة ثم إلى رباط سراب مرحلة ثم إلى رباط الأوقل مرحلة ثم إلى خنكل اباذ مرحلة ثم إلى قرية غرم مرحلة ثم إلى قرية خاست مرحلة ثم إلى قرية جومة مرحلة ثم إلى خايسار مرحلة. وتأخذ من سفنجاوي إلى رباط مرحلة ثم إلى جنكى مرحلة ثم إلى رباط الحجرية مرحلة ثم إلى بنجواي مرحلة. وتأخذ من بست إلى داور 4 مراحل ثم إلى الغور مرحلة.

وتأخذ من زرنج إلى كركويه مرحلة ثم إلى بشتر مرحلة ثم إلى جوين مرحلة. ثم إلى بستك مرحلة ثم إلى كنجر مرحلة ثم إلى سرشك مرحلة ثم إلى وادي فره مرحلة ثم إلى فره مرحلة ثم إلى دره مرحلة ثم إلى كوستان مرحلة ثم إلى جاشان مرحلة ثم إلى قناة سري مرحلة ثم إلى الجبل الأسود مرحلة ثم إلى جامان مرحلة ثم إلى هراة مرحلة.

وتأخذ من زرنج إلى زانبوق مرحلة ثم إلى سروزن مرحلة ثم إلى حروري مرحلة ثم إلى دهك مرحلة ثم إلى رباط كرودين مرحلة ثم إلى رباط قهستان مرحلة ثم إلى رباط عبد الله مرحلة ثم إلى بست مرحلة. وتأخذ من زرنج إلى جزه 3 مراحل ثم إلى فره أو إلى القرنين مرحلتين مرحلتين ومن فره إلى نه مرحلة ومن زرنج إلى الطاق مرحلة ومن زرنج إلى كش 30 فرسخاً. وتأخذ من قاين إلى تون مرحلة وتأخذ من قاين إلى ينابد مرحلتين ثم إلى كندر مثلها ثم إلى طريثيث بريدين. ومن ينابد إلى سنكان مرحلة ثم إلى جايمن مرحلة ثم إلى مالن كواخرز مرحلة ثم إلى بوزجان مرحلتين ثم إلى الملاحة مرحلة ثم إلى القصر مرحلة. وتأخذ من نيسابور إلى بيسكند مرحلة ثم إلى حسيناباذ مرحلة ثم إلى خسروجرد مرحلة ثم إلى النوق أو إلى يحيى أباذ مرحلة ثم إلى مزينان وبهمن أباذ مرحلة ثم إلى أسداباذ مرحلة ثم إلى هفدر مرحلة. وتأخذ من نيسابور إلى قصر الزيح مرحلة ثم إلى الرمادة مرحلة ثم إلى صاهه مرحلة ثم إلى مزدوران مرحلة ثم إلى اوكينة مرحلة ثم إلى سرخس مرحلة. وتأخذ من قصر الريح إلى فرهاكرد مرحلة ثم إلى نوكده مرحلة ثم إلى مالايكرد مرحلة ثم إلى بوزجان مرحلة ثم إلى كلنا مرحلة ثم إلى السق مرحلة ثم إلى أمده مرحلة ثم إلى هراة مرحلة.

وتأخذ من القصر إلى الملاحة مرحلة ثم إلى سنكان مرحلة ثم إلى ينابد مرحلتين.

وتأخذ من نيسابور إلى كلكاو مرحلة ثم إلى الدارين مرحلة ثم إلى نمخكن مرحلة فمن أراد نسا أخذ إلى ريك مرحلة ثم إلى فرخان مرحلة ثم إلى بردر مرحلة ثم إلى بغداو مرحلة ثم إلى نسا مرحلة. ومن أراد ابيورد أخذ إلى دزاوند مرحلة ثم إلى حوبران مرحلة ثم إلى قلميهن مرحلة ثم إلى ابيورد مرحلة ومن قلميهن إلى كوفن مرحلة ومن كوفن إلى ابيورد مرحلة.

وتأخذ من نيسابور إلى بغيشن مرحلة ثم إلى القرية الحمراء مرحلة ثم إلى المشهد مرحلة ثم إلى طابران بريدين. وتأخذ من نيسابور إلى نشديغن مرحلة ثم إلى رباط مرحلة ثم إلى آخر مرحلة ثم إلى طريثيث مرحلة. وتأخذ من نيسابور إلى ريوند مرحلة ثم إلى مهرجان مرحلتين ثم إلى اسفراين مثلها، وقد اختصرنا مسافات هذا الأقاليم.

 

إقليم الديلم

هذا إقليم القز والصوف به صناع حذاق، وفواكه تحمل إلى الآفاق، وبزه معروف بمصر والعراق. كثير الأمطار، مستقيم الأسعار. مصر ظريف، ولهم عمل لطيف. يجلون الشريف، ويرحمون الضعيف. كبراء في الفقه واجلة في الحديث رجال في القتال وكلٌ عفيف، رسوم حسان وذيل نظيف، بحر عميق به مدن تطيف. به أسماك سرية وضياع جليلة وفواكه لذيذة وأشياء متضادة وأرزاز كثيرة، به تين وزيتون وأترنج وخرنوب، كثير العناب، حسن الأعناب، رساتيق رحاب، ومدن طياب، وخيش عجاب. واسم كبير، وماءٌ غزير، ودخل كثير، وبزٌ خطير. وإنما نسبناه إلى الديلم لأن به ديارهم وفيه ملكهم ومنه منبعهم وهم اليوم قوم قد استولوا على ما يصاقبهم من البلدان واحتووا على أئمة الإسلام، وأذعن لهم الخاص والعام. ولم نجد لهذا الإقليم إسماً يجمع كوره فأضفناه إليهم ولقبناه بهم لنفصل كوره ونشهر أمره وليس هو بالكبير ولا مدنه بالكثير ولولا أن إسم الجبال مشتق ولها من العراق حظاً لأضفنا هذا الإقليم إليها وجعلنا الري مصرها وقومس من نواحيها. وهذا شكله ومثاله.

وقد جعلناه خمس كور أولها من قبل خراسان قومس ثم جرجان ثم طبرستان

 

ثم الديلمان ثم الخزر، والبحيرد متوسطة فني هذه الكور غير قومس فإنها متعالية في الجبال متوسطة بين الري وخراسان تفصل بينها وبين البحيرة كورة طبرستان. فأما قومس فإنها كورة رحبة نزهة حسنة الفواكه وهي ثمانون فرسخاً في سبعين وأكثرها جبال قليلة المدن خفيفة الأهل كثيرة الأنعام ثقيلة الخراج معتدلة الهواء، قصبتها الدامغان ومدنها سمنان، بسطام، زغنه، بيار، مغون. وأما خرجان فإنها كورة سهلية جبلية لولا البرد لعملت فيها النخيل ذات أترنج وزيتون وعناب وتين، غزيرة الأنهار كثيرة البساتين لها رستاق جليل والخيرات بها كثير والبحر قريب والمصر ظريف والإسم كبير والخراج ثقيل، إسم القصبة وهي مصر الإقليم شهرستان، ومن مدنها: أستراباذ، وآبسكون، ألهم، آخر،ا لرباط. وأما طبرستان فإنها كورة سهلية بحرية ولها أيضاً جبال، كثيرة الأمطار قشفة كربة وسخة مبرغثة، عامة أخبازهم الأرز كثيرة الأسماك والثوم وطير الماء، وبها مزارع الكتان والقنب قصبتها آمل ومن مدنها: سالوس، ميلة، مامطير، ترنجى، سارية، طميسة، هري، بود، ممطير، نامية، تميشة. وأما ا لديلمان فإنها كورة في الجبال صغيرة المدن، لا ترى لهم لباقة ولاعلم ولا ديانة بل ثم دولة ورجلة وهيبة، ولهم رسوم عجيبة وقرى كثيرة وقد أضفنا إليها الجيل لأن أكثر الناس لا يكادون يفرقون بينهم، فقصبة الديلم بروان ومن مدنها: ولامر، شكيرز، تارم، خشم، وللجيل: دولاب، بيلمان شهر، كهن روذ. وأما الخزر فإنها كورة واسعة خلف البحيرة، قشفة كربة كثيرة الأغنام والعسل واليهود بآخرها سد ياجوج وماجوج وعلى تخومها بلدان الروم، ولها نهران أكثر مدنهم عليهما يقلبان في البحيرة، وعلى تخومها من قبل جرجان جبل بنقشله قصبتها إتل ومن مدنها: بلغار، سمندر، سوار، بغند قيشوى، خمليخ، بلنجر، البيضاء. الدمغان: قصبة صغيرة في حصباء خربة الأطراف ردية الحمامات لا حسنة الأسواق ولا كثيرة الأجلة غير إنها جيدة الهواء وفي أهلها وطاءٌ، عليها حصن بثلاثة أبواب باب الري باب خراسان باب. ولهم سوقان سفل وعلوكدار صغيرة وقف على رباط أفراوة ودهستان وأبناء السبيل ولا يخرج منه كريٌ ولا تقبل عليه زيادة فهم يتوارثونه، والجامع في الأزقة بهيٌ نظيف ولهم حياض مثل حياض مرو. سمنان: على الجادة بها جامع لطيف في السوق وماء يخترقها بالنوبة وحياض تملأ منه وقد خفت، وقبلها قرية سمنانك من نحو الري بها سوق حارٌ. بسطام: خفيفة الأهل كثيرة البساتين حسنة الفواكه نزهة الرستاق ظريفة الجامع كإنه حصن وسط الأسواق، ولهم ماءٌ جارٍ. مغون: على سكة خراسان، وزغنة زريعة حسنة الثمار. بيار: بلدة لها قلعة وأسوار، ومزارع وأنهار، وكروم وثمار، وذكرٌ بالإقليم والجبال ولهم بخراسان أعمال وإيسار، مع دين ورجلة وإعمار. وفي الأب أئمة وأعلام، معدن الإبل والأسمان والأغنام، وحذق في بناء وإرسام، ومروات وصدقات وإسلام، وصلاح عليه الخاص والعام. لا ترى النساء في البلدة بالنهار، ولا بها قيان ولا خمار ولا بدعة يراها الفريقان ولا غيرحنيفي لهم فقيه ونظار، ومع ذاك لهم إسم في الأقطار. وفي الإفروشة عندي علم وأخبار، وفي الاملاك أعاجيب وأسمار. مياسير بأموال وإنعام، مشاهير بالطاف وإكرام. إلا أن لها عيوباً وأحزاناً ليس بها منبر على رسم البلدان، والسوق في الدور والباعة نسوان. لا يؤدون طاعة لسلطان، والماء ضيق لأرض وبستان. بالطرجهارة يقسم على رسم أرجان، وتعصب وحش مع أصحاب كرام ومرجوعة من الديلم إلى آل سامان. والأرحية تحت الأرض والماء محدار، وكونها بمفازة غير مختار. وهي بحصنين بينهما منازل المسجد الكبير في الحصن الداخل منه باب واحد وفي سطه قلعة هائلة خراب وللحصن الخارج ثلاثة أبواب محددة والبيادر داخل الحصن، وإنما استقصينا وصفها كالقصبات لأن أصل أخوالي منها وكل قومسي تراه ببيت المقدس فأعلم أنه منها وقد كانوا عرفوا جدنا أبا الطيب الشوا وذكروا أنه رحل إلى الشام مع ثمانية عشر رجلاً أيام الحمرية.

 

 

شهرستان: هي مصر الإقليم وقصبة جرجان، كثيرة الفواكه والزيتون والرمان. ومشاكلة رملة فلسطين في البلدان، لها بهاءٌ وآئين أهل مروة وإتقان. وفيهم وطاءٌ وظرف ولطف وإحسان، حسنة الأسواق والمساجد والأتيان. جيدة البطيخ والحلواء والباذنجان، وكإنما عجن الخبز بالزيت والأدهان. بها النارنج والأترنج والعناب، والنخل لولا برد يفسد الأرطاب. وسمك عجيب شبه ثيران، فهي بلدة سرية عظيمة القدر والشان. وأنهار عليها جسور وطيقان، وبها علم ودين وأشياخ وأموال وقد زخرفوا الجامع وأزروا الحيطان. وهو بنصفين كفسا وبغداد وعلى الرسم حذاء المنبر دكان، وأزاء دار الأمير إلى ثم ميدان. وأذان بتطريب وألحان، والخطيب حنفي والأقامة إثنان. ولها البحر ورستاق دهستان، وقد غابت في رياض وأشجار وأقصاب، وخرماروذ فلا تنسى فآفة العلم نسيان. به تين وزعرور ورمان، بلا منع ولا طرد ولا دفع إثمان. وأجبال عامرة على نعت لبنان، وخانات ظريفة ومسجد دينار فهذا صحيح كله ولكن فاسمع الآن. هو مصرٌ حره شديد مع كرب وذبان، وبراغيث ضارية إليها صرفنا إسم كركان. والتين حماء والماء آكران، ومن حلها من بلده فليعدد الأكفان. فإن بها منجلاً يحصد الأبدان، وتراهم على رأس الجمل يوم النحر حزبان. فمجروح ومضروب وحيران، ولا يفارقهم هرج وقتل وجيشان. جيش من الديلم والآخر من ترك سامان، وتعصب وحش عليه الفريقان، وتشيع مفرط مع خلق قرآن، لها تسعة دروب أولها درب سليمان. ثم درب القوميسيين ثم درب الشارع حيان، ثم درب كنده ثم درب الباذنجان ودرب الباركاه قبله درب خراسان، فهذا ما اتقنته من وصف جرجان. بكراباذ: ملتزقة بها بينهما نهر وقناطر وهي شبه مدينة عامرة بها مساجد ومشايخ وأجلة، والمقابر ممتدة تقابل المصر على نهر بجسر، ولهم نهر آخر في العراض يسمى طيفوري أنظف وأعذب من الآخر، ولهم آبار حلوة. أستراباذ: أطيب هواءً وأصح ماءً من جرجان عامتهم حوكة القز حذات فيه، وقد خرب حصنها وانطم الخندق، والجامع في السوق على بابه نهر. آبسكون: بحرية عليها حصن من آجر، والجامع في السوق، والنهر طرف البلد، وهي فرضة جرجان ومطرح الرحاب. هري: بحرية دون آبسكون وأخف أهلاً وفيهم نحافة. آخر: مدينة رستاق دهستان على يمنة الطريق إلى الرباط، بها منارة ترى من البعد في وسط القرى، وجميع قرى دهستان أربع وعشرون قرية وهي من أجل أعمال جرجان. ارباط: على فم المفازة قد خرب السلطان حصنه وكان بثلائة. أبواب، وهو عامر ظريف مساجد حسنة وأسواق بهية ومنازل لطيفة وأطعمة طيبة ليس به جامع، والمسجد العتيق فيه سواري خشب وله نور وهو أسفل الرباط بموضع يشبه الدندانقان وفي وسط ذلك الموضع مسجد بمنارة لاصحاب الحديث، وسائر المساجد لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله. آمل: قصبة طبرستان بلدة لها ذكر وشان، بها ثياب عجيبة حسان. ومرافق وخصائص وبيمارستان، ولهم مع ذلك جامعان. في العتيق نهر وأشجار يلي في طرفٍ الأسواق، والآخر بقربه أحاط بكل جامع رواق. ونهر يدير أرحية رقاق، حسنة وجوههم وضية رشاق، متجر مفيد وحاكة حذاق. كثير ذكره وهم تجار، ولا تسأل عن طيب نكهة ورقة أخصار. ونظر بعيد بحسن أبصار، فالثوم طيبها والأرز دقها وجلا العيون أنهار، بها علم كثيرلا تخلو من إمام ونظار. إلا أن خبزهم أثير، وأدمهم كريه وعيبهم كثير. وبقهم عجيب وفسقهم عظيم وغيثهم مديد وحرهم شديد ودورهم حشيش ورسمهم خسيس، خبز الحنطة يسكر وطير الماء يزمن والبراغيث تلقلق والبيت يكف والهواء قشف والكلام عجل والبلد وضر والسوق قذر والصيف مطر. سالوس: بها قلعة من حجارة، الجامع على جانب. سارية: عامرة لها علوم وثياب فاخرة وأسواق وأخلاق طاهرة، حصينة تخندق وجسور هائلة، في الجامع نارنجة بأروقة دائرة، وفي قنطرة الجسر تينة ظاهرة تأملها لتعرف أوصاف الباهرة، وأسباباً عاينتها لا هي بالعارية وإني صادق أريد الآخرة.

 

 

بروان: هي قصبة الديلم صغيرة لا سرية ولا جليلة ولا ظرف ولا شريفة، ولا منازه طيبة لفيفه. ولا منازل رشيقة أنيفه، ولا أسواقها بالواسعة العطيفة. ولا بلدانها كبيرة ظريفة، ولا جوامع بل في قرى كنيفة، غير أنهم في جلادة عجيبة ومنبع العساكر الأليفة. وحيث مستقر السلطان يسمى شهرستان قد حفر ثم بئر إلى أسفلها فيها أموالهم وآلاتهم. سلاروند: بها قلعة يقال لها سميروم عليها سباع ذهب وشمس وقمر وبيوتهم لبن. خشم: هي مدينة الداعي لها سوق عامر وعلى طرف الأسواق جامع والنهر منها على جانب عليه جسر هائل وثم دار الأمير وهي صغيرة، كذلك تارم الطالقان: كبيرة عامرة نبيلة ليس في الكورة مثلها وقد كان يجب أن تكون حضرة السلطان وعندى إنهم كرهوا ذلك لتطرفها، بها علماء وأجلة وفيهم ظرف. دولاب: هي قصبة الجيل بناؤهم من جص وحجر والجامع على طرف، وهو بلد طيب وسوق حسن وقدام الجامع سهلة خلفه موصع يجتمع فيه المياه. كهن روذ: قريبة من النهر بناؤهم بعض حجر وبعض خركاهات والجامع وسط البلد. موغكان: قد خف أهلها وقل خيرها وبقية مدن الجيل على الساحل. إتل: قصبة كبيرة على نهر يمد إلى البحيرة يقال له إتل وإليه أضيف إسم البلد، على شطه من نحو جرجان حولها وفيها أشجار، بها مسلمون كثر، وكان ملكهم يهودياً له رسوم وحكام مسلمون ويهود ونصارى وعبدة الأوثان، وسمعت أن المأمون غزاهم من الجرجانية وملكه ودعاه إلى الإسلام ثم سمعت أن جيشاً من الروم يقال لهم الروس غزوهم وملكوا بلادهم. وهي بلد عليها سور وهي مفترشة الدور تكون مثل جرجان أو أكبر، أبنيتهم خيم وخشب ولبود وخركاهات إلا القليل فإنه طين، وقصر السلطان من آجر له أربعة أبواب أحدها إلى ناحية النهر يعبر إليه في السفن والأخر إلى الصحراء، وهي قشفة يابسة لا نعم ولا فواكه، خبزهم الأثير وأدامهم السمك. بلغار: ذات جانبين بنيانهم خشب وقصب، والليل ثم قصير، والجامع في السوق ومذ كانوا مسلمين غزاة، وهي على نهر أتل وأقرب إلى البحيرة من القصبة. سوار: على هذا النهر بناؤهم خركاهات ولهم مزارع كثيرة والخبز بها واسع. خزر: على نهر آخر من نحو الرحاب ذات جانب واحد وهي أرحب وأنزه مما ذكرنا وقد كانوا رحلوا عنها إلى ساحل البجر وقد عادوا الآن إليها وأسلموا بعد ما كانوا يهوداً. سمندر: بلد كبير عند البحيرة بين نهر الخزر وباب الأبواب، دورهم خيم، الغالب عليها النصارى قوم أوطياء يحبون الغريب إلا أنهم لصوص، وهي أرحب من خزر لهم بساتين وكروم كثيرة بنيانهم خشب منسوجة بالقضبان وسطوحهم مسنمة وبها مساجد كثيرة.

البحيرة: بعيدة القعر مظلمة وجشة والسفر فيها أصعب منه في البحرين لا ينتفع منها بشيءٍ غير السمك، مراكبهم بها مقيرة كبار مسمرة ليس فيها جزيرة مسكونة، ولو أن رجلاً دار حولها لأمكنه لأن الأنهارء الفائضة فيها ليست بالكبار إلا نهر الكر ونهر الملك، وفيها جزائر وغياض ومياه ودواب وبها جزيرة يرتفع منها الفوة الكثيرة، ويقع سد ياجوج وماجوج من ورائها على نحو من شهرين.

 

 

سد ذي القرنين: قرأت في كتاب ابن خرداذبه وغيره في قصة هذا السد على نسقٍ واحدٍ، واللفظ والأسناد لابن خرداذبه لأنه كان وزير الخليفة وأقدر على ودائع علوم خزانة أمير المؤمنين مع إنه يقول حدثني سلام المترجم أن الواثق بالله لما رأى في المنام كأن السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين ياجوج وماجوج مفتوح وجهني وقال لي عاينه وجئني بخبره، وكان الواثق وجه محمد بن موسى الخوارزمي المنجم إلى طرخان ملك الخزر وضم إلي خمسين رجلاً ووصلني بخمسين ألف دينار وأعطاني ديتي عشرة آلاف درهم وأمر بإعطاء كل واحد من الخمسين ألف درهم ورزق سنة وأعطاني مائتي بغل تحمل الزاد والماء. فشخصنا من سر من رأى بكتاب الواثق إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية وهو بتفليسر في أنفاذنا، وكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير ثم كتب صاحب السرير إلى الملك اللان ثم كتب صاحب اللان إلى فيلان شاه ثم كتب فيلان شاه إلى طرخان ملك الخزر فأقمنا عنده يوماً وليلة حتى وجه معنا خمسة أدلة، فسرنا من عنده ستة وعشوين يوماً ثم صرنا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة وكنا قد تزودنا قبل دخولنا إياها خلا نشمه، فسرنا فيها عشرة أيام، ثم صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها سبعة وعشرين يوماً، فسألنا عن تلك المدن فقيل هي التي كانت ياجوج وماجوج يتطرقونها فخربوها ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي السد في شعب منه وإذا في تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسية مسلمون يقرأون القرآن لهم مساجد ومكاتب. فسألونا من إين أقبلنا فأخبرناهم إنا رسل أمير المؤمنين، فاقبلوا يتعجبون ويقولون أمير المؤمنين فنقول نعم، فقالوا: شيخ هو أم شابٌ فقلنا شابٌ، فقالوا: إين يكون، فقلنا بالعراق بمدينة يقال لها سر من رأى، فقالوا: ما سمعنا بهذا قط. ثم صرنا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء وإذا جبل مقطوع بوادٍ عرضه مائة وخمسون ذراعاً، وإذا عضادتان مبنيتان مما يلي الجبل من جنبى الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعاً الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب وكله مبنيٌ بلبن من حديد مغيب. في نحاس في سمك خمسين ذراعاً وإذا دروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعاً قد ركب على ائعضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرع في عرض خمسة، وفوق الدروند بناءٌ بذلك اللبن الحديد في النحاس إلى رأس الجبل وارتفاعه مد البصر، وفوق ذلك شرف حديد في طرف كل شرفة قرنان يثنى كل واحد إلى صاحبه وإذا باب حديد مصراعين مغلقين عرض كل مصراع خمسون ذراعاً في ارتفاع خمسين ذراعاً في ثخن خمسة أذرع وقائمتاهما في الدروند على قدره، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع في الإستدارة، وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعاً، وفوق القفل بقدر خمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وقفيزاه كل واحدة منهما ذراعان، وعلى الغلق مفتاح معلق طوله ذراع ونصف، وله إثنا عشر دندانكة كل دندانكة كيد أعظم ما يكون من الهواوين معلق من سلسلة طولها ثمانية أذرع في إستدارة أربعة أشبار والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلق المنجنيق، وعتبة الباب عشرة أذرع في سمك مائة ذراعاً سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع وهذا كله بذراع السواد، ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة في عشرة فوارس مع كل فارس مرزبة حديد في كل واحدة خمسون مناً ويضرب القفل بتلك المرزابات كل رجل ثلاث ضربات ليسمع من وراء الباب الصوت فيعلموا أن هناك حفظة ويعلم هؤلاء أن أولئك لم يحدثوا في الباب حدثاً، وإذا ضرب أصحابنا القفل وضعوا آذانهم يسمعون فترى لأولاك دويٌ. وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير نحو عشرة فراسخ في مثلها، ومع الباب حصنان سعة كل واحد مائتا ذراع، وعلى باب هذين الحصنين شجرتان، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحد الحصنين آلة البناء الذي بني به السد من قدور الحديد، والمغارف على كل ديكدان أربع قدور مثل قدور الصابون، وهناك بقية من اللبن الحديد قد التزق بعضه ببعضٍ من الصدأ. وسألنا من هناك هل رأوا أحداً من ياجوج، فذكروا أنهم رأوا مرة عدداً فوق الشرف فهبت ريح سوداء فالقتهم إلى جانبهم، قالوا وكان مقدار الرجل في رأي العين شبراً ونصفاً. ثم انصرفت بنا الأدلاء إلى ناحية خراسان فخرجنا خلف سمرقند بسبعة فراسخ، وقد كان أصحاب الحصون زودونا ما كفانا ثم صرنا إلى الواثق فاخبرناه. وهذا

 

يرد قول من زعم انه بالاندلس.رد قول من زعم انه بالاندلس.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم حارٌ إلا قومس، كثير المياه والامطار ليس به نهر تجري فيه السفن إلا بناحية الخزر، أشر مياهه وهوائه بجرجان وهو قشف مؤذٍ كثير الذمة ولا يعمل فيه النخيل.

ومذاهبهم مختلفة، أما قومس وأكثر أهل جرجان وبعض طبرستان فحنفيون والباقون حنابلة وشفعوية، ولا ترى ببيار صاحب حديث إلا شفعوياً، والنجارية بجرجان كثيرة، وللكرامية بجرجان وبيار وجبال طبرستان خوانق، وللشيعة بجرجان وطبرستان جلبة. فإن قال قائل ألم تقل أنه ليس ببيار مبتدع ثم قلت أن بها كرامية قيل له الكرامية أهل زهد وتعبد ومرجعهم إلى أبي حنيفة وكل من رجع إلى أبي حنيفة أو إلى مالك أو إلى الشافعي أو إلى أئمة الحديث الذين لم يغلوا فيه ولم يفرطوا في حب معاوية ولم يشبهوا الله ويصفوه بصفات المخلوقين فليس بمبتدع. وأنا عازم على أن لا أطلق لساني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا أشهد عليهم بالضلالة ما وجدت إلى ذلك طريقاً بعد هذا الحديث الحسن الشريف حدثنا محمد بن محمد الدهستاني ومسافر بن عبد الله الاستراباذي ومحمد بن علي النحوي وعلي بن الحسن السرخسي قالوا: حدثنا يوسف بن علي الفقيه الزاهد قال: حدثنا أبو الوليد أحمد بن بسطام الطالقاني الفقيه الزاهد قال: حدثنا يوسف بن علي الابار السمرقندي قال: حدثنا علي بن إسحاق الحنظلي قال: أخبرني بشر بن عمارة قال: قال مسعر بن كدام قال: ما أدركت من الناس من له عقل كعقل ابن مرة جاءه رجل فقال عافاك الله جئتك مسترشداً أني رجل دخلت في جميع هذه الأهواء فما ادخل في هوى منها إلا القرآن أدخلني فيه ولم أخرج من هوى إلا القرآن أخرجني منه حتى بقيت ليس في يدي شيءٌ، قال: فقال له عمرو بن مرة الله الذي لا إله إلا هو لقد جئت مسترشداً، فقال: والله الذي لا إله إلا هو لقد جئت مسترشداً، قال؛ نعم أرأيت هل اختلفوا في أن محمداً رسول الله وأن ما أتى به من الله حقٌ، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في القرآن أنه كتاب الله، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في دين الله أنه الإسلام، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الكعبة أنها القبلة، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الصلوات أنها خمس، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في رمضان أنه شهرهم الذي يصومونه، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الحج أنه بيت الله الذي يحجونه، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الزكوة إنها أنها من مائتي درهم خمسة، قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الغسل من الجنابة أنه واجب، قال: لا، قال: فذكر هذا وأشباهه ثم قرأ:  هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هن أم الكتاب وأخر متشابهاتٌ  . قال: فهل تدري ما المحكم، قال: لا، قال: فالمحكم ما اجتمعوا عليه والمتشابه ما اختلفوا فيه شد نيتك في المحكم واياك والخوض في المتشابه، قال: فقال الرجل: الحمد لله الذي أرشدني على يديك فوالله لقد قمت من عندك وأني لحسن الحال؛ قال: فدعا له واثنى عليه ثم قال عمرو وأن السلطان دعا أهل الكتاب إلى أمره فأجابوه فطرحهم فيما قد علمتم وهو داعيكم كما دعاهم وطارحكم في مثل ما طرحهم فيه فعليكم بالأمر الأول. فإن قال قائل ما الأمر الأول فهو ما اجتمع عليه المتقدمون. فرحم الله عبداً تدبر هذه الحكاية ولزم إحدى المذاهب الأربعة الذين هم أهل السواد الأعظم وكف لسانه عن تمزيق المسلمين والغلو في الدين. وشهدت مجلس القاضي المختار يوماً وهو أجل امام لقيته وأعقلهم وأدينهم وقد جرى فيه ذكر اختلاف الأمة وتعصب أهل الفرق فأشار بيده إلى القبلة ثم قال: من صلى إلى هذه القبلة فهم إخواننا المسلمون، ورأيت أبا زيد المروزي وكان إماماً متديناً يوتر بثلاث ويستعمل مذهب أبي حنيفة في مسائل عدة، وسمعت أبا الطيب بن أحمد يقول كلٌ قد اجتهد وكل معدود. واعلم أن هذا التعصب الذي ترى إنما ثوره الجهال والمتسرفون من القصاص وغيرهم وأما الأمة فعلى ما ذكرت لك. ونواحي الديلم شيعة وأكثر الجيل سنة.

 

 

وأكثر ما يحمل من هذا الإقليم خصائص أما قومس فلهم المناديل البيض من القطن المعلمة صغار وكبار وسواذج ومحشاة ربما يبلغ المنديل منها ألفي درهم، ولهم أيضاً أكسية وطيالسة وثياب رقاق من الصوف. ولأهل جرجان المقانع القزيات تحمل إلى اليمن والعناب ولهم ديباج دون وتين وزيتون. ومن طبرستان الأكسية التي تفضل على الفارسية وطيالسة وثياب الخيش المحمولة إلى الآفاق ويباع منها بمكة شيءٌ كثير صغار الدراهم وكبار تسمى بالغرب المكية واللمفائف. ومن بيار بزٌ وسمن كثير ولهم خاصية في عمل الطين حتى لا ترى رئيساً ولا عالماً إلا وله فيه حذق ولقد كان أبو الطيب الشوا مع يساره وعدالته ابداً تراه في ضياعه يبنى خصاً أو يرفع حائطاً وكذلك أولاده وحفدته لهم هندسة وفطنة في عمل البناء من غير تعلم. وما رأيت الطف من بناء دور بيار قد صاغوها صياغة وأكثروا مرافقها.

ومياه هذا الإقليم أنهار تنحدر من الجبال، ونهر جرجان طيفوري ولهم آخر ونهر. في الديلم يجتمع إليه مياه كثيرة ويفيض في البحر، ونهر إتل يخرج من نحو السد، ومياه الجيل تنحدر من جبال الديلم، ومياه طبرستان من الجبال أو من خرماروذ. وبها مشاهد رباط دهستان يقصد من خراسان له نور وفضائل، وعلى يوم من بسطام موضع يقصد وبه مجاورون وبظاهر بسطام قبر أبي يزيد، وبنواحي الخزر رباطات فاضلة. ومن العجائب بطبرستان دويبة صغيرة لها ألف قائمة أصغر من الجرادة وادق من الدودة إذا تحركت تختالها أمواجاً تظهر من عناقيد العنب، ودويبة أخرى لها جناحان كجناحي السنم نية على عظم الثعلب تقضم الثمار قضماً، ولهم أسماك مثل فلق الجميز واجتزت يوماً في سوق السماكين بجرجان فرأيت رأساً على قدر رأس الثور فقيل لي هي رأس سمكة. بنواحي جرجان بئر تظهر فيه شجرة كل سنة ثم تغيب وقد احتال بعض السلاطين وشدها بالسلاسل الغليظة ففكتها وكسرتهاوغابت.

 

 

ولسان قومس وجرجان متقاربان يستعملون الهاء يقولون هاده وهاكن وله حلاوة، ولسان طبرستان مقارب له إلا أن فيه عجلة، ولسان الديلم مخالف منغلق، والجيل يستعملون الخاء، ولسان الخزر شديد الأنغلاق. وفي الوانهم أهل قومس ابتلاءٌ، والديلم حسان اللحى والوجوه أيضاً ولهم طلل، وفي أهل جرجان نحافة، أهل طبرستان أحسن وأصفى، وفي الخزر مشابه من الصقالبة. وأكثر أسامي أهل جرجان أبو صادق وأبو الربيع وأبو نعيم وأهل طبرستان أبو حامد. ورسمهم بجرجان أن التذكير للفقهاء وأهل الروايات ولا يكثرون التطالس، وللديلم رسوم عجيبة لا يزوجون إلى غيرهم وكنت في بعض الخانات فإذا بصبية تعدو ورجل شاهرسيفه يعدو خلفها يروم قتلها فقلت ما فعلت حتى استوجبت القتل قال: أنها زوجت إلى غيرنا وقتل من فعل ذلك واجبٌ عندنا. وإذا كان لهم مأتم كشفوا رؤوسهم واجتمعوا وقد التف المعزي والمعزي في الأكسية وأداروها على رؤوسهم ولحاهم، ولهم مجالس في السكك، والأسواق مرتفعة يجتمعون بها بأيديهم الزوبينات وعليهم الأكسية الطبرية، يسمون العالم معلماً وربما تعلقوا بي وقالوا لوك معلم واللوك هو الجيد. ولا رسم لهم في بيع الخبز، ويخفرون من تساءل وإنما ينبغي للغريب أن يقصد دورهم فيأخذ من الطعام ما يحتاج إليه. ولهم أسواق على أيام الجمعة في السهل لكل قرية يوم فإذا فرغوا إنحاز الوجل والنساء إلى معزل يتصارعون فيه ورجل جالس معه حبل كل من غلب عقد له عقدة، فإذا هوى الرجل امرأة راح معها فيتلقاه أهلها بالبشر والترحيب وبتباهون به إذ رغب في كرمهم فيضيفونه ثلاثة أيام ثم ينادي المنادي بعد ما اجتمع معها أسبوعاً في عمارة له بمعزل فيجتمعون ويختطون وسألت أبا نابتة الأنصاري قلت: هل يصيبها قبل العقد، قال: لو علموا بذلك قتلوه. وكثيراً ما حضرت عقود أهل بيار يجتمع الناس بعد العتمة مع كل رجل قارورة من ماء ورد والنيران تقد على باب الختن والحروس فيبدأ بعض المشايخ فيخطب خطبةً بليغةً يطلب فيها الزوجين وبطلب المرأة ثم يجيبه آخر من قبل العروس في خطبة باحسن جواب وا أكثرهم خطباء أدباء ثم يعقدون النكاح ويقوم أصحاب القوارير فيضربون بها الحيطان ثم يعطي صاحب كل قارورة طبقاً من آفروشة ولا ترى مثل آفروشتهم في الدنيا. وسمعت أن بعض الملوك استدعى برجل منهم يجيد عملها وبدقيق من دقيقهم وشيءٍ من سمنهم ودوشابهم وامرأة تعملها فلم تكن كالتي تعمل ببيار، ورأيت من حمل منها إلى مكة ثم رده ولم يتغير. ومكثت أربعة أشهر أحضر دعواتهم وأعراسهم فما رأيتهم يزيدون على ثردة بعد لحم قد أخرج عظامه ثم الأرز ثم الآفروشة الرطبة. وإذا وقعت عندهم الثلوج أرسلوا النهر في الشوارع فحملت الثلج بأجمعه وغسلت الأزقة. ولا ترى امرأة بالنهار إنما يخرجن بالليل في أكسية سود، ولا تتزوج امرأة مات عنها زوجها فإن فعلت ضرب الصبيان على بابها بالخزف.

ماء جرجان يقتل الغرباء وبطبرستان سمك يضر الأسنان وطير لحمه رديٌ. المملكة للديلم ويقع على جرجان حروب بينهم وبين صاحب خراسان. خراج قومس ألف ألف درهم ومائة ألف وستة وتسعون ألف درهم، وخراج جرجان عشرة آلاف ألف ومائة ألف وستة وتسعون ألف وثمانمائة درهم، وكان خراج بيار ستة وعشرين ألف درهم فخرج رجل منهم إلى بخارا فبنى قصراً من طين حسنٍ ثم حمله على رقاب الرجال إلى أن وضعه قدام الأمير نصر بن أحمد فأعجب به وقال له سل حاجتك، قال: ترد خراجنا إلى ستة آلاف وتضيف دواويننا إلى نيسابور فهي اليوم من أعمال نيسابور الا ترى أن بينها وبين نيسابور قرية خراجها إلى قومس، أولا ترى أنهم يسمون أهل بيار القومسيين.

 

 

ويقع بجرجان عصبيات على المذهب، وبينهم وبين البكراواذيين قتل على رأس الجمل يوم العيد، يقع بين الحسنيين والكراميين حروب وحشة وعصبيات عجيبة. ولأهل طبرستان ثلاث خصال بثلاث طيب النكهة من أجل أكل الثوم وحدة الأبصار وحسنها من أكل الخضرة ودقة الأخصار من أكل الأرز. وأما المسافات فإنك تأخذ من الدامغان إلى الحدادة مرحلة ثم إلى بدش مرحلة ثم إلى مرجان مرحلة ثم إلى هفدر مرحلة ثم إلى أسداواذ مرحلة. وتأخذ من الدامغان إلى جرمجوى مرحلة ثم إلى رباط مرحلة ثم إلى سمنان مرحلة ثم إلى أس الكلب مرحلة ثم إلى قرية الملح مرحلة ثم إلى خوار المري مرحلة. وتأخذ من الحدادة إلى بسطام مرحلة ثم إلى قرية مرحلة ثم إلى زرداباذ مرحلة ثم إلى خرماروذ مرحلة ثم إلى جهينة مرحلة ثم إلى جرجان مرحلة. وتأخذ من زرداباذ مرحلة إلى قرية مرحلة ثم إلى القباب مرحلة ثم إلى بيار إلى الحوض مرحلة ثم إلى اسداواز مرحلة ومنها إلى طرثيث 35 فرسخاً. وتأخذ من جرجان إلى دينازاري مرحلة ثم إلى أملوتا مرحلة ثم إلى أجغ مرحلة ثم إلى سبداست مرحلة ثم إلى أسفراين مرحلة ومنها إلى آبسكون أو ألى رباط حفص أو إلى رباط علي مرحلة مرحلة. وتأخذ من رباط علي إلى رباط الأمير مرحلة ثم إلى بيلمك مرحلة ثم إلى رباط دهستان مرحلة آخر فيها. وتأخذ من آمل إلى بلور مرحلة ثم إلى أسك مرحلة ثم إلى بامهر مرحلة ثم إلى برزيان مرحلة ثم إلى الري مرحلة. وتأخذ من آمل إلى مامطير مرحلة ثم إلى سارية مرحلة ثم إلى ترنجى مرحلة ثم إلى رأس الحد ثلاثاً. وتأخذ من سارية إلى أبارست مرحلة ثم إلى أبادان مرحلة ثم إلى طميسة مرحلة ثم إلى أستراباذ مرحلة ثم إلى جرجان مرحلتين. وتأخذ من جرجان إلى الديلمان 12 مرحلة ثم إلى أردبيل مثلها. ومن آبسكون إلى أستراباذ مرحلة ثم إلى سارية 4 فراحل. وتأخذ من آمل إلى ناتل مرحلة ثم إلى سالوس مرحلة ثم إلى كلار مرحلة ئم إلى جبال الديلم مرحلة. وتأخذ من سالوس إلى إسبيدروذ مرحلة ثم إلى قرية الرصد مرحلة ثم إلى خشم مرحلة ثم إلى بيلمان 4 مراحل ثم إلى الدولاب 4 مراحل ثم إلى كهن روذ 3 مراحل ثم إلى موغكان مرحلتين ثم إلى الكر مثلها ثم إلى هشتاذر مثلها ثم إلى الشماخية مثلها.

 

إقليم الرحاب

لما جل هذا الإقليم وطاب، وكثرت فيه الثمار والأعناب. وكانت مدنه من أنزه البلاد كموقان وخلاط وتبريز التي شاكلت العراق ورخصت به الأسعار، واشتبكت فيه الأشجار، وجرت خلاله الأنهار. وحوت جباله الأعسال، وسهوله الأعمال. وبواديه الأغنام. ولم نجد له إسماً عاماً يجمع كورة سميناه الرحاب وهو إقليم للإسلام فيه جمال وعلى المسلمين من الروم حصار، منه ترتفع الأصواف المعمولة والتكك العجيبة ديدانه قرمز، وعن وصفه أعجز. ثمن الخروف درهمان، والخبز بدانق لبنان، والفواكه بلا عد ولا ميزان. وهو مع هذا ثغر جليل وإقليم نبيل به كان أصحاب الرس تحت الحويرث والحارث فيه من الطائف سهم ومن الجنات شبه وهو للإسلام فخر وللغازين دار. به المتاجر المفيدة والكور القديمة والأنهار الغزيرة والقرى النفيسة والخصائص العجيبة والثمار اللذيذة. أهل جماعة وسنة وفصاحة وهيبة. لهم المن والفوة والزنبق والقسبويه والبحر والبحيرات، والباب والرباطات، والدين والخيرات. الا أن كلاً في مذهبه غال، ومع ذاك هم ثقال. وفي لسانهم تكلف، وفيهم تصلف. والطرق إليها صعبة، وللنصارى بها غلبة. وهذا شكله وصورته. وقد جعلنا هذا الإقليم ثلاث كور أولها من قبل البحيرة الران ثم أرمينية ثم آذربيجان. فأما الران فإنها تكون نحو الثلث من الإقليم في مثل جزيرة بين البحيرة ونهر الرس ونهر الملك يشمقها طولاً، قصبتها برذعة ومن مدنها: تفليس، القلعة، خنان، شمكور، جنزة، يرديج، الشما خية، شروان، باكوه، الشا بران، باب

 

الأبواب،الأبخان، قبلة، شكي، ملازكرد، تبلا. وأما أرمينية فإنها كورة جليلة رسمها أرميني بن كنظر بن يافث بن نوح ومنها ترتفع الستور والزلالي الرفيعة كثيرة الخصائص قصبتها دبيل ومن مدنها: بدليس، خلاط، أرجيش، بركري، خوي، سلماس، أرمية، داخرقان، مراغة، أهر، مرند، سنجان، قاليقلا، قندرية، قلعة يونس، نورين. وأما آذربيجان فإنها كورة اختطها اذرباذ بن بيوراسف بن الأسود بن سام بن نوح عليه السلام قصبتها وهي مصر الإقليم أردبيل بها جبل مساحته مائة وأربعون فرسخاً كله قرى ومزارع يقال أن به سبعين لساناً كثرة خيرات أردبيل منه. أكثر بيوتهم تحت الأرض ومن مدنها: رسبة، تبريز، جابروان، خونج، الميا نج، السراة، بروى، ورثان، موقان، ميمذ، برزند. فإن زعم زاعم أن بدليس من إقليم أقور واستدل بأنها كانت في ولايات بني حمدان أجيب بأنه لما ادعاها أهل الإقليمين جعلناها من هذا لانا وجدنا لها نظيراً في الاسم وهي تفليس، وأما الولايات فليست حجة في هذا الباب الا ترى أن سيف الدولة كانت له قنسرين والرقة ولم يقل أحد أن الرقة من الشام.

 

برذعة: قصبة كبيرة مربعة، في سهلة لها حصن وسعه. أسواقها قد ظللت مجتمعه على ظهر السوق مسجد الجامع، هي بغداد هذا الإقليم، دورهم بهية من آجر وجص طيبة حسنة كثيرة الفواكه بعض أساطين الجامع بجص وآجر وبعض بخشسب. ولها نهريتخللها ونهر الكر منها على فرسخين، الأنهار متقاربة منها نفيسة غير أن أطرافها قد خرجت وقد خفت من أهلها وتشعمت حصنها. تفليس: حصبنة بقرب الجبال يخرقها نهر الكر وهي جانبان بجسر قد بني حيطانه بالحجارة ثم طرح عليها الخثسب. القلعة: مدينة بلا حصن في سهلة بقرب جبل لكزان. الشماخية: على أسفل جبل بنياهم حجارة وجص ولها ماء جارٍ وبساتين ونزه. شروان: كبيرة في سهلة بناؤهم حجارة والجامع في الأسواق ولها نهر يخرقها. موغكان: على رأس الحد وقد كانت آهلة والآن قد خف أهلها وهي على السكة. باكوه: على البحيرة هي إحدى فرض الإقليم. شابران: بلا حصن الغلبة فيها للنصارى رأس حد. قبلة: حصينة النهر خارج البلد والجامع ناءٍ على تل. شكي: في سهلة الغلبة للنصارى الجامع في سوق المسلمين. ورثان: في سهلة عامرة سوقها خلفة النهر والجامع متباعدان. بيلقان: صغيرة قومها جياد وبها ناطف موصوف. ملازكرد: حصينة لها منابر عدة كثيرة البساتين الجامع على حافة السوق. تبلا: للمسلمين بها خمس مائة بيت والغلبة فيها للنصارى نزهة. الأبخان: نزيهة وكذلك مدن هذه الكورة. قرية يونس: هي بلد الديراني بها مسلمون. باب الأبواب: على بحر الخزر محصنة في الحائط الذي من قبل الخزر لها ثلاثة أبواب باب الكبير وباب الصغير وباب آخر نحو البحر مسدود لا يفتح وعدة أبواب من قبل البحر، وقبل الإسلام والحائط قد مد من الجبل إلى وسط البحيرة عليه أبرجة فيها مساجد وحراس، والجامع وسط الأسواق به عين ماءٍ، بناؤهم حجارة ودورهم حسنة ولهم ماءٌ جارٍ. دبيل: بلد جليل عليه حصن منيع والخير به كثير، اسمه كبير. وصوفه خطير، ونهره غزير. قد حف به البساتين ذات ربض عتيق، وحصن وثيق. أسواقه صليب، وسواده عجيب. الجامع على رابية كبيرة إلى جنبه كنيسة يضبطه الأكراد به قلعة، بنيانهم طين وحجارة، له أبواب عدة منها باب كيدار باب تفليس باب آنى، إلا أن الغالب عليه مع نبله النصارى وقد خف من أهله وتشعث حصنه. بدليس: في وادٍ عميق يجري فيه نهران، في المدينة يجتمعان. وهي جانبان، فيها قلعة من حجارة شبه ثوران. أخلاط: مدينة في سهلة لها بساتين حسنة وعليها حصن من طين والجامع في الأسواق وبها نهر. سلماس: طيبة عليها حصن من طين وحجارة وبها نهر غزير والجامع على طرف السوق قد أحاط بها الأكراد. أرمية: حسنة بقلعة عامرة والجامع في البزازين ولها حصن وبها نهر. مراغة: سرية لها حصن وبها قلعة ولها ربض وحصونها طين. مرند: حصينة يحدق بها البساتين لها ربض عامر والجامع في الأسواق. قندرية: مدينة أحدثها الأكراد بها جامع لطيف. نورين: حصينة بها قلعة وعلى باب الجامع عين ماءٍ كثيرة البساتين نزهة. قلعة يونس: هي مدينة الديراني بها مسلمون. أردبيل: هو قصبة آذربيجان ومصر الإقليم عليه حصن منيع، وهو أصغر من دبيل، أسواقه مصلبة إلى أربعة دروب، والجامع وسط الصليب على نشزة، خلف الحصن ربض عامر، الغالب على بنيانهم الطين، كثير الرواشز والفواكه والبلاذات به مياه جارية وعساكر راتبة وخيرات كثيرة وحمامات طيبة إلا أنهم بخلاء ثقلاء قليل العلماء وبلد وحش منتن أحد كنف الدنيا أهل مكروغفلة لا ينظرون في العواقب، ولا يعذرون أهل المذاهب. ولا مذكر فقيه، ولا رئيس وجيه. ولا معدل أديب، ولا حاذق طبيب. تبريز: وما يدريك ما تبريز، هي الذهب الأبريز، والكيمياء العزيز، والبلد الحريز. يختار على مدينة السلام، وتباهي بها أهل الإسلام. تجري خلالها الأنهار، وتميد في سوادها الأشجار. ولا تسأل عن رخص الأسعار، وكثرة الثمار. الجامع وسط البلد، وطيبها لا يحد. موقان: مدينه قد أحاط بها نهران، وحولها حدائق حسان، كأنها فى رحبها جنان، هي مع تبريز روضتان، وللرحاب في الإسلام مفخران، موضوعة بين أردبيل وجيلان، ومنها إلى برذعة ثمان، طيبة نزيهة السواد والنهران يجريان، والوجوه كاللؤلؤ والمرجان، ثم أسخياء وهم كرام. برزند: صغيرة وهي سوق الأرمن وفرضة الكورة طيبة مفيدة. ميانه: صغيرة في سهلة كثيرة الخير. زنجان: هي على رأس الحد قد تشعثت لهم نهر وفيها

 

السكة. وكل مدن هذا الإقليم طيبه كثيرة الخيرات ومعادن الرخص والثمار واللحوم والنعم والطيبة.. وكل مدن هذا الإقليم طيبه كثيرة الخيرات ومعادن الرخص والثمار واللحوم والنعم والطيبة.

جمل شؤون هذا الإقليم

 

هو إقليم بارد كثير والأمطار وفيه أدنى ثقل وأهله أبرد وأثقل، كبار اللحى وليس لسانهم بحسن، وبارمينية يتكلمون بالأرمينية، وبالران بالرانية، وفارسيتهم مفهومة تقارب الخراسانية في حروف. ومذاهبهم مستقيمة إلا أن أهل الحديث حنابلة والغالب بدبيل مذهب أبي حنيقة رحمه الله ويوجدون في بعض المدن بلا غلبة. وكنت يوماً في مجلس أبي عمرو الخوى يسمع الحديث فقال هاتوا مسألة وكان معي رفيق فسألنا مسألة هبة المشاع، فتكلمنا فيها صدراً ثم ضعفنا، فأخذ الكلام كهل ثم فجوده فلما وقف الكلام قلت لله درك لقد بالغت وأشرت إلى أن أختلف إليه. فقال: لست من أصحابكم. قلت: وكيف هم لا يزيدون على ما أوردت لأنها مسألة ضيقة علينا. قال: هذا الذي أوردته من كلام الحاكم أبي نصر بن سهل نظار خراسان لأني كثيراً ما ناظرته. وأما علم الكلام فلا يقولون به ولا يتشيعون وكان بدبيل خانقاه وعندهم معرفة بعلم التصوف مع أدنى رزق. ووقفت يوماً على مجلس أبي. الأردبيلي وقد غص بالناس قياماً وقعوداً يسألونه مسائل المعاملة، فقلت: ما تقول رحمك الله فى رجل كان له قلب يأنس به فضاع منه أين يطلبه، قال: يعود إلى السبب الذي ناله به فيعتصم به، قلت: قد حيل بينه وبين السبب، قال: يسأل صاحب السبب أن ينيله إياه، قلت: لم يبق له جاه عند صاحب السبب فيسأله،. قال: يلزم قرع الباب حتى يفتح له ويصرخ في ظلم الليل حتى يرحمه. والأنهار المذكورة به ثلاثة نهر الرس ونهر الملك ونهر الكر وهو اخفهن يخرج من ناحية الجبل على حدود جنزة وشمكور إلى قرب تفليس ثم يقع في بلدان الكفر، ويليه في العذوبة والخفة نهر الرس وهو ماد على تخوم الران يخرج من أرمينية حتى ينتهي إلى ورثان ثم ينتهي إلى خلف موقان فيقع في البحر، وأما نهر الملك فخروجه من بلد الروم من ورائه كورة الران حتى يقلب في البحر، ولا يتصل بهذا الإقليم غير بحر الخزر، وبهذا الإقليم بحيرتان إحداهما بارمية طولها نحو أربعة أيام سير الدواب تقطع باقلاع يوم وليلة، وبأرمينية أخرى تعرف ببحيرة أرجيج. وبها تجارات يحمل من برذعة الابريسم الكثير ومن باب الأبواب ثياب الكتان والرقيق والزعفران والبغال الجياد ومن دبيل ثياب الصوف والبسط والوسائد والأنماط والتكك الرفيعة، ومن برذعة الستور ويقع إليه البغال الجياد ويقوم ببرذعة يوم الأحد سوق يسمى الكركي يجتمع إليه أهل الكورة والنواحي حتى أن أحدهم يقول يوم السبت يوم الكركي ويوم الأثنين يباع فيه الابريسم والثياب. ولا نظير لتككهم ومخفورياتهم وقرمزهم وأنماطهم وصبغهم وفاكهة تسمى الزوقال وقسبويه وسمك يقال له الطريخ ولهم تين وشاه بلوط في غاية الجودة. ومن العجائب الباب وهو حصن على ما ذكرنا من صور وعكا بسلسلة قد بني من الصخر وجعل ملاطه الرصاص. بتفليس حفامات على ما ذكرنا في طبرية بلا وقيد. جبل الحارث متعالٍ على الإسلام. ويمكن أحداً صعوده يقال أنه مع الحويرث من جبال الطائف وأنه كان على نهر الرس ألف مدينة هي الآن تحتهما. بجامع أردبيل حجر كبير لو ضربت عليه المرازب ما عملت فيه وقع من السماء على مسافة من البلد ثم حمل إلى الجامع وسمعت ظريفاً الخادم يقول بينا نحن نسير بقرب أردبيل إذا بشيءٍ ينزل من السماء كالدرقة العظيمة حتى وقع إلى الأرض فإذا به حجر فيجوز أن يكون هذا وهو على مثال مصقلة الصباغين دقيق الطرفين. على مرحلة من موقان قلعة عظيمة تسمى الحسرة فوقها بيوت وقصور فيها ذهب عظيم صورطيورووحوش قد احتال عدة من الملوك عليها فلم يتمكنوا من صعودها على ثلاثة فراسخ من دبيل ديرأبيض من حجرمنقورمثل قلنسوة فيه صورة مريم من داخل على ثمانية أعمدة بينهن أبواب من أي باب دخلت رأيت صورة مريم. وبالقرب منه صخرة سوداء عرقها دهن يستشفى به. وعندها يوجد القرمز وهي دودة تظهر في الأرض تخرج إليها النسوان ينقرنها بنحاسةٍ معهن ثم يجعلنها في فرن. وفي رساتيق أردبيل يحرثون بثمانية ثيران وأربعة سوائق لكل ثورين سائق وسألتهم أهذا لصلابة الأرض قالوا لا ولكن من أجل الثلوج. ومن أردبيل ألف ومائتان ورطل خوى ثلاثمائة ومنهم ستمائة وكذلك بأرمية ثم سائر الأرطال بغدادية. قفيز مراغة ومدها عشرة أمناء والكيلجة سدس القفيز. بتبريز من رسم أصحاب السلطان أنهم يتختمون بالذهب. في بحر أرمية جبال مسكونة يربطون أرجل الصبيان بالسلاسل

 

والحبال كي لا يتدحرجوا إلى البحيرة. ولأرمية عقبة في طريق الموصل يركب الناس فيها أعناق الرجال كما تركب الدواب لصعوبتها. وأما المسافات فإنك تأخذ من برذعة إلى يونان أو إلى برديج أو إلى جنزة أو إلى قلقاطوس مرحلة مرحلة. وتأخذ من يونان إلى البيلقان مرحلة ثم إلى ورثان مرحلة ثم إلى تلخاب مرحلة ثم إلى برزند مرحلة ثم إلى أردبيل مرحلتين. وتأخذ من برديج إلى الشماخية مرحلتين ثم إلى شروان 3 مراحل ثم إلى الأبخان مرحلتين ثم إلى جسر سمور مرحلتين ثم إلى باب الأبواب 3 مراحل. وتأخذ من جنزة إلى شمكور مرحلة ثم إلى خنان 3 مراحل ثم إلى قلعة ابن كندمان مرحلة ثم إلى تفليس مرحلتين. وتأخذ من قلقاطوس إلى متريس مرحلتين ثم إلى دميس مرحلتين ثم إلى كيلكوني مرحلتين ثم تقع في الأرمن إلى دبيل. وتأخذ من دبيل إلى نشوى 4 مراحل ثم إلى. خوى 3 أيام ثم إلى سلماس مرحلتين ثم إلى أرمية مرحلة ثم إلى خرقان مرحلتين ثم إلى مراغة مثلها ثم إلى أردبيل 45 فرسخاً. وتأخذ من مراغة إلى قندرية مرحلتين ثم إلى قرية 3 مراحل ثم إلى قلعة الحسن بن علي مرحلة ثم إلى شهرزور 30 فرسخاً. تأخذ من مراغة إلى نورين مرحلة ثم إلى مرند. وتأخذ من خوى إلى قلعة يونس 6 مراحل ثم إلى قرية العصبيات مرحلة ثم إلى. ثم إلى تفليس مرحلة ثم إلى تبلا ثم إلى شكي ثم إلى لكزان مرحلتين ثم إلى الباب 3 مراحل. وتأخذ من مراغة إلى الخرقان مرحلتين ثم إلى تبريز مرحلة ثم إلى مرند مرحلة. وتأخذ من أردبيل إلى النير مرحلة ثم إلى سراة مرحلة ثم إلى كولسره مرحلة ثم إلى مراغة مثلها. وتأخذ من مراغة إلى خره روذ مرحلة ثم إلى موسى أباذ مرحلة ثم إلى برزة بريدين ثم إلى تفليس بريداً ثم إلى جابروان مرحلة ثم إلى نريز بريدين ثم إلى أرومية مرحلة.وتأخذ من مرند إلى النشوى مرحلتين ثقال ثم إلى دبيل مثلهما وتأخذ من مراغة إلى سابرخاست مرحلة ثم إلى برزة مرحلة ثم إلى البيلقان مرحلة ثم إلى سيسر مرحلة ثم إلى تل وان مرحلة ثم إلى الخبارجان مرحلة ثم إلى الدينور مرحلة. وتأخذ من أردبيل لي الميانج مرحلتين أو إلى قنطرة سبيذروذ. ومن القنطرة إلى السراة مرحلة ثم إلى نوى مرحلة ثم إلى زنجان مرحلة. وتأخذ من الميانج إلى خونج مرحلة ثم إلى كولسره مرحلة ثم إلى مراغة مرحلة ومن مراغة إلى خرقان أو إلى أرمية مرحلتين ثم إلى سلماس مثلها ثم إلى خوى مرحلة ثم إلى بركري خمساً ثم إلى ارجيش مرحلتين ثي إلى أخلاط، أو إلى بدليس ثلاثا ثلاثأ ومن بدليس إلى آمد أو إلى ميافارقين أربعاً أربعاً. ومن مراغة إلى الدينور 60 فرسخاً. ومن اردبيل إلى تبريز..... ثم إلى برقوى..... ثم إلى ملازكرد 3 أيام ثم إلى أرزن 6 ثم إلى آمد 4.حبال كي لا يتدحرجوا إلى البحيرة. ولأرمية عقبة في طريق الموصل يركب الناس فيها أعناق الرجال كما تركب الدواب لصعوبتها. وأما المسافات فإنك تأخذ من برذعة إلى يونان أو إلى برديج أو إلى جنزة أو إلى قلقاطوس مرحلة مرحلة. وتأخذ من يونان إلى البيلقان مرحلة ثم إلى ورثان مرحلة ثم إلى تلخاب مرحلة ثم إلى برزند مرحلة ثم إلى أردبيل مرحلتين. وتأخذ من برديج إلى الشماخية مرحلتين ثم إلى شروان 3 مراحل ثم إلى الأبخان مرحلتين ثم إلى جسر سمور مرحلتين ثم إلى باب الأبواب 3 مراحل. وتأخذ من جنزة إلى شمكور مرحلة ثم إلى خنان 3 مراحل ثم إلى قلعة ابن كندمان مرحلة ثم إلى تفليس مرحلتين. وتأخذ من قلقاطوس إلى متريس مرحلتين ثم إلى دميس مرحلتين ثم إلى كيلكوني مرحلتين ثم تقع في الأرمن إلى دبيل. وتأخذ من دبيل إلى نشوى 4 مراحل ثم إلى. خوى 3 أيام ثم إلى سلماس مرحلتين ثم إلى أرمية مرحلة ثم إلى خرقان مرحلتين ثم إلى مراغة مثلها ثم إلى أردبيل 45 فرسخاً. وتأخذ من مراغة إلى قندرية مرحلتين ثم إلى قرية 3 مراحل ثم إلى قلعة الحسن بن علي مرحلة ثم إلى شهرزور 30 فرسخاً. تأخذ من مراغة إلى نورين مرحلة ثم إلى مرند. وتأخذ من خوى إلى قلعة يونس 6 مراحل ثم إلى قرية العصبيات مرحلة ثم إلى. ثم إلى تفليس مرحلة ثم إلى تبلا ثم إلى شكي ثم إلى لكزان مرحلتين ثم إلى الباب 3 مراحل. وتأخذ من مراغة إلى الخرقان مرحلتين ثم إلى تبريز مرحلة ثم إلى مرند مرحلة. وتأخذ من أردبيل إلى النير مرحلة ثم إلى سراة مرحلة ثم إلى كولسره مرحلة ثم إلى مراغة مثلها. وتأخذ من مراغة إلى خره روذ مرحلة ثم إلى موسى أباذ مرحلة ثم إلى برزة بريدين ثم إلى تفليس بريداً ثم إلى جابروان مرحلة ثم إلى نريز بريدين ثم إلى أرومية مرحلة.وتأخذ من مرند إلى النشوى مرحلتين ثقال ثم إلى دبيل مثلهما وتأخذ من مراغة إلى سابرخاست مرحلة ثم إلى برزة مرحلة ثم إلى البيلقان مرحلة ثم إلى سيسر مرحلة ثم إلى تل وان مرحلة ثم إلى الخبارجان مرحلة ثم إلى الدينور مرحلة. وتأخذ من أردبيل لي الميانج مرحلتين أو إلى قنطرة سبيذروذ. ومن القنطرة إلى السراة مرحلة ثم إلى نوى مرحلة ثم إلى زنجان مرحلة. وتأخذ من الميانج إلى خونج مرحلة ثم إلى كولسره مرحلة ثم إلى مراغة مرحلة ومن مراغة إلى خرقان أو إلى أرمية مرحلتين ثم إلى سلماس مثلها ثم إلى خوى مرحلة ثم إلى بركري خمساً ثم إلى ارجيش مرحلتين ثي إلى أخلاط، أو إلى بدليس ثلاثا ثلاثأ ومن بدليس إلى آمد أو إلى ميافارقين أربعاً أربعاً. ومن مراغة إلى الدينور 60 فرسخاً. ومن اردبيل إلى تبريز..... ثم إلى برقوى..... ثم إلى ملازكرد 3 أيام ثم إلى أرزن 6 ثم إلى آمد 4.

 

 

 

إقليم الجبال

هذا إقليم حشيشه الزعفران، وشراب أهله العسل والألبان، وأشجاره الجوز والأتيان، نزيه بهي خصيب وله شان، به الري الجليلة وهمذان، والكورة النفيسة إصبهان، وسيظهر لك فضله إذا وصفنا البلدان، وذكرنا الدينور الظريفة وكرمان شاهان، ونعتنا نهاوند وقم وقاشان، ووصفنا دماوند وقرج وقصران، لا حربه ولا براغيث ولا ذبان، ولا أفاعي ولاعقارب ولا ديدان، في الصيف جنة وروضة وبستان، وفي الشتاء الحطب والفحم مجان، ونمكسود يحمل إلى خراسان، وأعناب وتفاح إلى الحول يدومان، وعلم كثير وعقل وحذق واتقان. غير أنه شديد البرد ترى خدودهم في الشتاء مشققة، وأطرافهم أبداً مخضرة، ووجوهم مصفرة. وأنوفاً سائلة، إما غوال حنابلة. يفرطون في حب معاوية، أو نجارية غالية، يقطعون بالكفر على الطوائف الهادية. وكم ترى به من خسف وزلزله، وجورسلطان وبلبله، أبداً في انجلاء وغلغله، ومن حلة من معلاه اومسفله، تراه من بردهم والهواء في مشغله، وأفهم ما أقول ثم اعقله. كلما أشرف على العراق من حد الصيمره فهي الجبال المنعوتة المصورة، وفي أصفهان لي مقالة منورة، يعرفها الفقيه أن تدبره، لارفع الخلاف والمناظرة. وهذه صورته.

وقد جعلنا هذا الإقليم ثلاث كور وسبع نواح وأدخلنا أصفهان في العدد وألحقناها بطرف الصورة وأفردنا وصفها وزدنا فيه الأشكال التي فيها والمعاني التي نذكرها. فأول الكور من قبل الرحاب الري ثم همذان ثم إصفهان والنواحي: قم، قاشان، الصيمرة، كرج، ماه الكوفة. ماه البصرة، شهرزور.

فأماالري فإنها كورة نزيهة كثيرة المياه جليلة القرق حسنة الفواكه واسعة الأرض خطيرة الرساتيق وهي التي أهلكت عمربن سعد الشقي حتى قتل الحسين بن علي ثم أختارها مع النار حيث يقول اخزاه الله:

أأترك ملك الري والري رغبة                      أم آرجع مذموماً بقتل حسين

وفي قتله النارالتي ليس دونها                      حجاب وملك الري قرة عين وفي الأخبار أنها كانت منابت شؤم وإلى ذلك تعود الري ملعونة وهي على بحر عجاج وتربتها لعينة تأبى أن تقبل الحق. وقال هارون الرشيد الدنيا أربعة منازل دمشق والرقة والري وسمرقند. ورسم الري روي بن بيلان بن أصفهان، وفي الخبر أن الري باب من أبواب الأرض وإليها مستجره الخلق. وقال الأصمعي الري عروس الدنيا وسكة الأرض طيبة الهواء واسطة. محراسان وجرجان والعراق ما عرفت لقصبتها اسماً آخر ولها من المدن: آوة، ساوة، قزوين، أبهر، شلنبة، الخوار، ومن النواحي: قم، دماوند، شهرزور. ومن الرساتيق: قوسين، قصران الداخل، قصران الخارج، سر، بهزان، قرج، جنى، سيرا، فيروزرام.

وأما همذان فإنها كورة متوسطة في الإقليم جليلة المدن قديمة الرسم. أختطها همذان بن الفلوج بن سام بن نوح عم. وقد قيل الجبال عسكر وهمذان أميره، وهي عذبها ماء واسعة الأقطار غزيرة الأنهار ملتفة الأشجار لذيذة الثمار كثيرة المقاتلة وأعجبني رستاقها غاية الإعجاب. وقرأت في بعض الكتب أن الري وأصفهان ليسا من بلاد البهلويين وإنما هي: همذان، وماسبذان، ومهرجانقذق وهي الصيمرة، وماه البصرة وهي نهاوند، وماه الكوفة وهي الدينور. ولها من المدن: أسذاواذ، آوه، بوستة، رامن، وبه، سيراوند، روذراور، طزر، والنواحي: ماه الكوفة، ماه البصرة، ماسبذان.

 

 

وأما أصفهان فإن قياسها من مسائل الشريعة ونظيرها على هذه الطريقة سؤر البغل والحمار على مذاهب شيوخنا أهل العراق. قالوا لما أخذا الشبه من أصلين مختلفين وشاكلا حكمين متباينين احتيط في بابهما وأعطى كل أصل حظا منهما، ألا ترى أنهما قد شاكلا السنور في سكناهما البيوت وتعذر التحرز من اسارهما وشابها الكلب في تحريم لحومهما فأعطيا من كل أصل حكماً. فكذلك أصفهان لما شاكلت هذا الإقليم في اللسان والرسوم ودخلت في حدود فارس وتربعت بها التخوم وجب أن نعطيها من كل إقليم حظاً ونجعل لها مزية وحكماً، فحظها من هذا الإقليم الذكر والوصف وسهمها من فارس الخطة والرسم. فإن قيل فهلا جعلتها كالأذنين في قول الشافعي لما وقع الإختلاف هل هما من الرأس أو الوجه جعل لهما حكماً ثالثأ وماء جديداً ومسحاً مفرداً. فكذلك أصفهان لما قيل هي من فارس وقيل هي من الجبال وجب أن تميز عنهما ويفرد رسمها وتجعل حاجزاً بينهما. فالجواب أن هذا القياس فاسد لأنك لم تجمع بينهما بعلة وكل من قاس فرعاً على أصل بلا عفة جامعة فقياسه فاسد. فإن قيل العلة الجامعة بينهما أن كل واحد منهما يتجاذبانه شيء محدود بسبب قوي: فالجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال الأذنان من الرأس  فرفع عنا الشك والاشكال فكيف نجعله أصلاً لما نحن منه في شك. فان قيل معنى قوله من الرأس أي هي في الرأس، فالجواب حاشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما لا فائدة فيه لأن كل احد يعلم أنها في الرأس وإنما أراد الحكم الذي يختلف فيه لا الموضع، ألا ترى أن أحداً لا يقول هي في الرقبة أو الكتف، وأيضاً لوصح هذا الأصل لم يصح قياس أصفهان عليه لأن ذلك يخالف الأصول وتصيرأربعة عشر إقليماً وكورة فتبقى الكورة بلا نظير، كما قلنا لايجوز البرتر بركعة لأنه لا نظير لها في الأصول. فان قيل وما نظير الأربعة عشر إقليماً التي ابتدعتها وقسمت مملكة الإسلام عليها، فالجواب نظيرها وضع المنجمين العالم كله أربعة عشر إقليماً سبعة عامرة وسبعة غامرة فلو أنهم ميزوا منها قطعة أو فضلوا عنها ناحية لصح قياس أصفهان عليها. فإن قيل فهلا جعلتها كالأذنين أنهما من الرأس لا محالة فقلت هي من فارس لا محالة، فالجواب التعارف أصل في مذهبنا وهو مقدم على القياس كما قدمنا وقد تعارف الناس أنها من الجبال. فإن قيل فاجعلها من الجبال إذا، فالجواب أن أختطاط الملوك وتسمياتهم ووضعهم عندنا وفي علمنا من الأصول أيضاً ومثلهم. في هذا الفن كالصحابة في علم الشريعة فكما أنه ليس للفقهاء أن يخالفوا الصحابة فيما رأوه كذلك ليس لنا أن نخالف الملوك فيما رسموه وهم قد أدخلوا أصفهان في رسوم فارس وربعوا بها وبالروذان التخوم فصار هذان أيضاً أصلين يتجاذبان أصفهان من هذا الوجه فلم نر وجهاً غير حملنا إياها على القياس المذكور.

اليهودية: قصبة اصفهان كبيرة عامرة آهلة كثيرة الخيرات، وبلد التجارات.

 

 

حلوة الآبار، لذيذة الثمار. جيدة الهواء، خفيفة الماء. عجيبة التربة، حسنة البقعة. بها تجار كبار وصناع حذاق، وبز يحمل إلى الآفاق. أهل جماعة وسنة، وحذق وفطنه. جامعهم عامر بالجماعات على الدوام، ولا بها حر ولا براغيث ولا هوام. ويقال أن بخت نصر لما جلا بنى إسرائيل من الأرض المقدسة جاسوا بقاع الأرض فلم يروا بلداً تشاكله أرضهم غيرها فسكنوها. إلا أنها جنة يرعاها بقرقوم غتم لاسخاوة ولا ظرافة تحت عمائمهم مخاد، وفي معاملتهم فساد. يقددون الرئة، غوال حنابلة، يرى أحدهم بخفية وبزته وفي كمه رغيف يكدمه أو زبيب يقضمه، تكون مثل دمشق بناؤهم طين واي طين، طين مارأيت له من نظير، وبعض أسواقهم مغالاة وبعض مكشوفة، والجامع في الأسواق حسن على أساطين مدورة وله منارة في قبلته طول سبعين ذراعاً كلها من طين لم يتغير منها شيء، ونهرهم يشق البلد غير أنهم لا يشربون منه وقد تبلذ مما يلقي فيه من النجاسات، لها إثنا عشردرباً. المدينة: على نحوميلين من اليهودية عليها حصن وهي متعالية ودونها جسرعظيم وبها جامع وهي أقدم وأحكم. الخولنجان: من نحو خوزستان كبيرة عامرة كثيرة الفواكه. سميرم: عند سفح جبل كثيرة الجوز والفواكه بها جامع حسن محدث ناء عن الأسواق وبها ماء جار في السوق والشوارع ينحدر عليهم من عين في الجبل على طريق اليهودية، وثم قلعة مذكورة فيها عين ماء، ما ومازالت خزائن الملوك في هذه القلعة. الزيز: مدينة صغيرة في الجبال على نهر طاب إشترينا الخبز فيها ثمانية امناء بمنهم بدرهم واللحم والجوز وسائر الفواكه بها رخيص، قد بني بها جامع لطيف سنة 367. أردستان: أكبر من هذه المدائن من نحو المفازة جيدة الأسواق عامرة الجامع بها مشايخ وفقهاء وهي أرض على بياض الدقيق ومنه اشتق اسمها. قاشان: على تخوم المفازة كبيرة الأسم قديمة الرسم حولها مزارع حسنة وبها قني عدة ولهم حذق في عمل القماقم، ورأيت بها طلخونا مثل المرسين ناعماً ما رأيت مثله وهي من معادن الخوخ الجيد وبها عقارب عجيبة. سمعت أن أبا موسى الأشعري لما عجز عن فتحها حمل إليها من عقارب نصيبين في الجرار ثم رماها إلى داخل الحصن فأشغلتهم وآذتهم فسلموا البلد. اصفهان: كورة نفيسة وقد كانت قم وكرح منها إلا أن بعض الخلفاء أضافهما إلى الري وهمذان وما زالت دواوين هذه الكورة مفردة وذكرها مقدم لجلالتها عند الملوك والسلاطين.

الري: بلد جليل بهي نبيل كثير المفاخر والفواكه فسيح الأسواق حسن الخانات طيب الحمامات كثير الأدامات قليل المؤذيات غزير المياه مفيد التجارات، علماء سراة وعوام دهاة ونسوان مدبرات، بهي المحلات خفيف ظريف نظيف، لهم جمال وعقل وآئين وفضل، وبه مجالس ومدارس وقرائح وصنائع ومطارح ومكارم وخصائص، لا يخلو المذكر من فقه ولا الرئيس من علم ولا المحتسب من صيت ولا الخطيب من آدب، هو أحد مفاخر الإسلام وأمهات البلدان، به مشايخ واجلة وقراء وأئمة وزهاد وغزاة وهمة، كثير الجليد والثلج ولفقاعهم ذكر ولبزهم اسم ولمذكريهم فن ولرساتيقهم شأن، به دار الكتب الاحدوثة وعرضة البطيخ العجيبة والروذة البهية، وبه قلعة ومدينة، حسن الخانات كامل الآلات نفيس سري. ودخلنا يوماً على آبي العباس اليزدادي وقد أنزله ناصر الدولة موضعاً نزيهاً بنيسابور. فقال: ما علمت أن نيسابور بهذه الطيبة فهل الري مثلها. فتكلم كل أحد بما عنده. فقلت: أيد الله الشيخ، نيسابور أكبر وأهلها أيسر والري أبهى وأنزه وماؤها أغزر. فالري فوق ماوصفنا إلا أن ماؤهم يسهل وبطيخهم يقتل وعالمهم يضل، أكثر ذبائحهم البقر قليل الحطب كثير الشغب، لحوم عاسية وقلوب قاسية وجماعة منكرة وأئمة الجامع مختلفة يوم لنحنفيين ويوم للشفعويين وقال بعض الرجاز:

اري فيها درهـم كـدانـق                      والخبز في أعلى علو الخالق

واللحم قد علق بالشواهـق

وكم بها من قاطع وسارق                      أسرق للحبات من عقاعـق

وليس بالمأمون من ترافـق

يحلف بالطور وبالمشارق                      إني على حق فغير صـادق

وهو إذا خصك عين الفاسق

 

وهو بلد كبير نحو فرسخ في مثله إلا أن أطرافه قد خربت والجامع على طرف المدينة الداخلة عند القلعة ليس خلفه عمارة والقلعة خربة والمدينة الخارجة عامرة بلا أسواق، والأسواق والعمارات بالربض والمياه تتخلله وفيه قني ودار الكتب بأسفل الروذة في خان ودار البطيخ عند الجامع. قزوين: كبيرة كثيرة الكروم لها مدينة وعلى الربض حصن، شربهم من آبار ومطر ونهر، وهي ثغر الكورة ومن معادن الفقه والحكمة.

همذان: هومصر الإقليم كبير حسن قديم بارد الماء كثير العيون، به جامع رشيق وبنيان عتيق، وهم قوم فيهم ملق يحبون الغرباء، قد أحدقت به البساتين تفجرت منه المياه طيب في الصيف رفيق في الشتاء، والجامع في السوق شديد العمارة وأسواقهم ثلاثة صفوف، والمدينة وسط البلد خربة يدور الربض حولها. فهمذان بلد نفيس والخبز به رخيص جيد الحلواء كثير اللحوم له خصائص ومنازة إلا أن برده موصوف وحسدهم معروف ومكرهم مذكور وغلوهم مشهور معدن الرعد والبرق والثلج والدمق قال الشاعر:

النارفي همذان يبرد حـرهـا                      والبرد في همذان داء مسقـم

والفقريكتم في بـلاد غـيرهـا                      والفقرفي همذان ما لا يكـتـم

قد قال كسرى حين أبصرت لهم                      همذان فانصرفوا فتلك جهنـم

 

وليس لها اليوم تلك العمارة والري أطيب وآهل وأعمرمنها، قد انجلى أهلها وقل العلماء بها وأذهبت الري دولتها، وهي بقرب الجبل بناؤهم طين. وقرأت في بعض الكتب أنها كانت بريدين في مثلها إلا أن بخت نصر لما رجع من فتح بيت المقدس ام فتحها فعجز عنه صاحبه فكتب إليه صورها لي فلما رأى صورتها جمع الحكماء فاستشارهم فيها فقالوا تحبس عنهم العيون سنة ثم تخليها فإنها تغرق، فلما طاف عليها الماء خرب أكثرها وملكها. فإلى اليوم فيها مكامن ومخابي والمدينة متعالية. أسد: مدينة صغيرة إلا أنها شديدة العمارة حارة السوق كثيرة الخير والعسل، على فرسخ منها إيوان كسرى، والعقبة بينها وبين همذان، وبها ماء جار، والجامع في زقاق لطيف عامر. طزر: نائية عن الجادة بها قصر لكسرى، رخيصة الأسعار والخبز، أسواقها مظللة. الر ة وبوسته: معادن اللوز من قلوب بأربعة دوانيق، وثم نهر عظيم وهي بين الجبال. قرماسين.: نزيهة يحدق بها بساتين والجامع في الأسواق لطيف. وقد بنى عضد الدولة ثم داراً حسنة وهي على الجادة وفقاعها موصوف. قصر اللصوص: صغيرة بها قصرمن حجارة على إسطوانات وأعمال عجيبة. نهاوند: هي ماه البصرة مدينة كبيرة ذات أنهار وثمار طيبة، بها جامعان ومزارع الزعفران، ولها مدينتان، الجامع الذي وسط البلد ليس بالإقليم مثله عمارة وحسناً، مدينتها، روذراور، بها مزارع الزعفران. سيراوند: مدينة على لحف جبل شربهم من عيون كثيرة البساتين والفواكه. الدينور: هي ماه الكوفة طيبة عامرة ظريفة الأهل مجتمعة الأسواق باردة الماء، لا ترى أنظف منه قد جعلوا على أفواه العيون مزملات وانطونيات يخرج منها الماء وهي تتفخر عيوناً، وقد أحدق بها بساتين، والجامع ناء عن الأسواق على المنبرقبة حسنة ومفصورة مارأيت أحسن منها مرتفعة عن أرض المسجد. الصيمرة: هي ماسبذان، كبيرة عامرة كثيرة الخيريتصل لها رستاق في الجبال عمل واسع في طريق صعب. كرج ابي دلف: مدينة مرتفعة متقطعة العمارقى بجامع واحد ومياههم كما ذكرنا بالدينور. ولها كرج أخرى.

جمل شؤون هذا الإقليم

هوإقليم بارد كثير الثلوج والجليد خفيف على القلب، في أهله لطافة ولباقة إذا افردت عنه اصفهان. واليهود به أكثر من النصارى والمجوس به كثير وللفقهاء والمذكرين به ذكر وصيت وبالخيرات معروف.

 

ومذاهبهم مختلفة أما بالري فالغلبة للحنيفيين وهم نجارية إلا رساتيق القصبة فإنهم زعفرانية يقفون في خلق القرآن، وسمعت بعض دعاة الصاحب يقول قد لان لي أهل السواد في كل شيء إلا في خلق القرآن، ورأيت ابا عبدالله بن الزعفراني قد عدل عن مذهب آبائه إلى مذهب النجار وتبرأ منه أهل الرساتيق، وبالري حنابلة كثير لهم جلبة والعوام قد تابعوا الفقهاء في خلق القرآن، وأهل قم شيعة غالية قد تركوا الجماعات وعطلوا الجامع إلى أن الزمهم ركن الدولة عمارته ولزومه، وهمذان وأجنادها أصحاب حديث إلا الدينور فإن بها خاصأ وعاماً وجلبة لمذهب سفيان الثوري، والإقامة في الجامع مثنى وعلى ذلك كان أهل اصفهان في القديم. ويختارون قراءة أبي عبيد وأبي حاتم وإدغام أبي عمرو، وابن كثير.

وتجاراتهم مفيدة يحمل من الري البرود والمنيرات والقطن والقصاع والمسال والأمشاط، ومن قزوين الاكسية والجوارب والقسي، ومن قم الكراسي واللجم والركب وبز وزعفران كثير، ومن همذان ونواحيها البز والزعفران والاسبيذروي والثعالب والسمور والخفاف والأجبان، ومن سر الطيالسة الرفيعة والاكسية الحسنة.

ومن خصائصهم بطيخ الري وخوخها وحلل اصفهان واقفالها ونمكسودها وألبانها وقماقم قاشان وطلخونها وجبن الدينور وترذوغ قزوين وقسيها.

يقع بالري عصبيات في خلق القرآن، وبقزوين أيضاً بين الفريقين، وبهمذان لاعلى المذهب.

ومياههم آبار اصفهان ردية. وماء الري يسهل، ومن شرب من نهر قزوين من الفر بإسقطت أصابع رجليه، ومء زندروذ صحيح وهواءها عجب، وفواكه الري ردية وبه عجائب بقرب بيستون صورة عجيبة يزعمون أنها كانت دابة كسرى.

ولنهر اصفهان مغيض عجيب لا يقربه إلا الطير. في رستاق رويدشت رمال مثل الجبال لا يعمل فيها الريح ولا تؤذي. بناحية قاشان حصن حوله خندق وقد احدق به الرمل ترفرف حوله الريح ولا يقع في الخندق شيء من الرمال فإن ألقى فيه رمل هبت في الوقت ريح فأخرجته. وفي وسط الرمال صحراء فرسخ في مثله مزارعهم فيها على سبيل ما ذكرنا من الخندق وتلقى السباع مواشيهم في تلك الصحراء فلا تبدأها بسوء. وبنواحي قاشان جبل يرشح كرشح العرق ولا يسيل فإذا كان شهر تير يوم تير من كل سنة اجتمع إليه الناس بالأواني ويقرعه صاحب الانية بفهر ويقول اسقنا من مائك لعلة كذا وكذا فيجتمع لكل واحد قدر الحاجة. بنواحي قاشان نبات ينبسط على وجه الأرض فيصير زجاجاً ابيض يبرق يستعمل في الأدوية. بنواحي اصبهان مرج فيه حيات ما بين ذراع إلى خمسة. في رستاق قهستان حيات يتلاعب بها الصبيان فلا يلدغن. في رستاق الزارجانان قرية يقال لها ماثة بها دويبة في خلقة الخنفساة تدب في الليلة المظلمة تتقد مثل السراج وترى موضع الوقيد بالنهار أخضر، وبهذه الناحية حجارة شبه السكر محببة إذا ضرب بعضه ببعض اخراج النار. بقاشان ماء يسقي الزروع ثم يعود حجارة وبقهستان من شرب منه وبحلقه علقة ماتت في الوقت، وكهف يقطرمنه ماء ثم يعود حجراً، وشجرة تمد شيئاً عظيماً بها ملاعق ومراود. برستاق الغامدان عين يخرج أيام الربيع منها سمك ثم تخرج منها حية سوداء فإذا خرجتا غارت إلى الحول. بزيادة جامع اليهودية شجر ذكروا أنه يشاكل الواقواق.

وبه معادن برستاق قهستان وبالتيمرة الصغرى وبالكبرى معادن فضة وذهب وبقهستان معدن موميا. وبساغند زاج جيد يقارب المصري. وجبل الكحل بكورة اصفهان.

وأمنانهم مختلفة، من الري ستمائة ورطلهم ثلاثمائة، ومن سائر الإقليم أربعمائة، ويزن اللحم بالري بالرطل وآلات الصيادلة تزن بمن خراسان. ومن أجناد اصفهان ثلاثمائة ومن اليهودية همذاني.

ومكاييلهم مختلفة، الجريب عشرة اقفزة وسنة اكف، وجريب أردستان سبعة عشر مناً، وجريب اليهودية ثلاثة عشر بالأردستاني.

وسنجهم خراسانية وسنجة الري تزيد في كل مائة درهماً وربعاً، وسنجة طبرستان أرجح.

 

 

أهل الري يغيرون أسماءهم يقولول لعلي وحسن وأحمد علكاً حسكاً حمكاً، وأهل همذان احمدلا ومحمدلا وعيشلا، وبساوة أبو العباسان حسنان جعفران، وأكثركنى أهل قم أبو جعفر وأهل اصفهان أبو مسلم وبقزوين أبو الحسين. وألسنتهم مختلفة أما بالري فيستعملون الراء يقولون راده راكن، وأهل همذان يقولون واتم واتوا، وبقزوين القاف وأكثرهم يقولون للجيد نج، ولسان الأصفهانيين وحش وفيه مد، ولا يرى في السنة الأعاجم أقرب مأخذاً من لسان أهل الري. وأحسنهم ألواناً أهل الري والباقون مخضرون.

وبه جبال شاهقة ممل بيستون منيع أملس لا يرتقى وبه غار فيه عين تجري، وجبل دماوند ممتنع جداً يرى من نحو خمسين فرسخاً وسمعتهم يقولون أن احداً لا يرتقيه. وجبال الخرمدينية ممتنعة وهم قوم مرجئة بلا خلاف لا يغسلون من جنابة ولا رأيت في قراهم مساجد وجرى بيني وبينهم مناظرات. فقلت: ألا يغزوكم المسلمون وأنتم تعتقدون هذا المذهب. قالوا: ألسنا موحدين. قلت: كيف وقد أنكرتم فرائض ربكم وعطلتم الشريعة. قالوا: إنا ندفع إلى السلطان في كل سنة أموالاً جمة.

ولا أعرف به مشاهد بلى به من عجائب الأكاسرة ومواضع الفراعنة مثل قصر شيرين ودار خسرو وقصور كسرى وقناة قد رفعت بالصخر من نحو فرسخ كان يجري فيها الخمر واللبن ونحو هذا.

ومن عيوبهم ما قدمناه في عنوان الإقليم وفي أهل اصفهان بله وغلو في معاوية. ووصف لي رجل بالزهد والتعبد فقصدته وتركت القافلة خلفي وبت عنده تلك الليلة وجعلت اسائله إلى أن قلت ما قولك في الصاحب فجعل يلعنه ثم قال أنه أتانا بمذهب لا نعرفه. قلت: وما هو. قال: يقول معاوية لم يكن مرسلاً. قلت: وما تقول أنت. قال: أقول كما قال الله عز وجل  لا نفرق بين أحد من رسله  أبو بكر كان مرسلاً وعمر كان مرسلاً حتى ذكر الأربعة ثم قال ومعاوية كان مرسلاً. قلت: لا تفعل أما الأربعة فكانوا خلفاء ومعاوية كان ملكاً وقال النبي صلى الله عليه وسلم  الخلافة بعدي إلى ثلاثين سنة ثم تكون ملكاً  . فجعل يشنع علي وأصبح يقول للناس هذا رجل رافضي فلو لم تدرك القافلة لبطشوا بي، ولهم في هذا الباب حكايات كثيرة وتراهم يقددون الرئة وينادمون بها والنساء يحرسن الحمامات وترى عمائمهم مثل المخاد مع خلق وحش ورسوم منكرة يخرج الدجال من سوقهم. والولايات فيه للديلم والري من أجل ممالكهم أول من غلب عليه ونزعه من يد خلفاء آل سامان الحسن بن بويه ولقب نفسه بركن الدولة ثم ابنه بويه لقب نفسه بمؤيد الدولة ثم أخوه علي لقب نفسه بفخر الدولة وصاحب جيشهم يكون بالدامغان وقد غلبوا العوام على دورهم وضياعهم وانجلى أكثر الناس من جورهم وهم الآن أصلح، ولهم سياسة عجيبة ورسوم ردية غير أنهم لا يتعرضون للتركات وإذا أجازوا بجائزة أجروها إلى الممات. مع صولة وهيبة وصبر في الحروب ونصرة ومملكة واسعة ودولة قوية قد خطب عليهم بالصين واليمن وقاوموا ملوك الزمن وملك المشرق قد عجز عنهم وخلفاء بني العباس في حجرهم وسبعة أقاليم جليلة في قبضتهم.

 

 

والضرائب في هذا الإقليم غيركثيرة ولا ثقيلة إلا باصبهان وأعمالها. يؤخذ من كل حمل دخل اليهودية ثلاثون درهماً. وخراج الري عشرة آلاف ألف درهم، وخراج الدينور ثلاثة آلاف ألف درهم، وخراج قم ألفاً ألف درهم، وقزوين وأبهر وزنجان ألف ألف وستمائة ألف وثمانية وعشرون ألفاً، والصيمرة ثلاثة ألاف ألف ومائة ألف، قاشان ألف ألف، دماوند عشرة ألاف ألف. وأما المسافات فإنك تأخذ من الري إلى كيلين مرحلة ثم إلى كيس مرحلة ثم إلى الخوار مرحلة. وتأخذ من الري إلى قسطان مرحلة ثم إلى مشكوية مرحلة ثم إلى درنو مرحلة ثم إلى ساوة مرحلة ثم إلى سونقين مرحلة ثم إلى المصدقان مرحلة ثم إلى الروذة مرحلة ثم إلى الدكان مرحلة. وتأخذ من همذان إلى بوزنجزد مرحلة ثم إلى قرية الجن مرحلة ثم إلى الدكان مرحلة. وتأخذ من همذان إلى اشداواذ مرحلة ثم إلى قصر اللصوص مرحلة ثم إلى قنطرة النعمان مرحلة ثم إلى جبل بيستون مرحلة ثم إلى قرماسين مرحلة ثم إلى قصر عمرو بريدين ثم إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى طزر نصف مرحلة وإلى المرج تمامها ثم إلى خلوان مرحلة. وتأخذ من كرج إلى سواد مقولة مرحلة ثم إلى خوزن مرحلة ثم إلى برزانيان مرحلة ثم إلى آوه مرحلة ثم إلى قرية جرا مرحلة ثم إلى رباط جرا مرحلة ثم الى ورامين مرحلة ثم الى كسكانة مرحلة ثم إلى الري مرحلة. وتأخذ من كرج إلى وفراوندة مرحلة ثم إلى دارقان مرحلة ثم إلى خروذ مرحلة ثم إلى سابرخواس مرحلة ثم إلى كركويش مرحلة ثم إلى الخان مرحلة ثم إلى رزمانان محلة ثم إلى اللور مرحلة. وتأخذ من قصر اللصوص إلى كيز حراس مرحلة ثم إلى نهاوند بريدين. وتأخذ من همذان إلى الديمر مرحلة ثم إلى راكاه مرحلة ثم إلى نهاوند مرحلة. ومن نهاوند إلى راكاه مرحلة ثم إلى جوراب مرحلة ثم إلى الكرج مرحلة. وتأخذ من همذان إلى طاق سعيد مرحلة ثم الى جوراب مرحلة. ومن الكرج إلى جراناباذ مرحلة ثم إلى ابتعه مرحلة ثم إلى جرباذقان مرحلة ثم إلى قنوان مرحلة ثم إلى مرج وزهر مرحلة ثم إلى الماريين بريدين ثم إلى ازميران مرحلتين ثم إلى اليهودية نصف مرحلة.

 

إقليم خوزستان

هذا إقليم ارضه نحاس نباتها الذهب، كثير الثمار والأرزاز والقصب، وفيه الإنجاص والحبوب والرطب، والأترنج الفائق والرمان والعنب، نزيه طيب أنهاره عجب. بزه الديباج والخز، والرقاق من القطن والقز. معدن السكر، والقند والحلواء الجيدة وعسل القطر. به تستر التي اسمها في المشرقين، والعسكر التي تميز الدولتين، والأهواز المشهورة فى الخافقين. وبصنا التي ستورها في الدنيا إلى سدرة المنتهى، ومثل خز السوس لا ترى. ومع هذا به معادن النفط والقار، ومزارع الرياحين والأطيار. ثم واسطة بين فارس والعراق به كانت وقائع الإسلام وثم معارك القوم وقبردانبال لا يخلو من فقيه وأستاذ ولا في الثمانية أفصح منهم لغات، به الدواليب الظريفة، والطواحين الغريبة، والأعمال العجيبة. والخصائص الكثيرة، والمياه الغزيرة. دخله كان يعضد الخليفة، وله آئين وطيبه. لم يطب لي في الثمانية غيره، فما آجله من إقليم لولا أهله، وما أحسن قصباته لولا مصره. لأنه يعني الأهواز مزبلة الدنيا، وأهله فمن شر الورى. وسنذكر فيه كل خبرروي أو مثل ضرب. قال ابن مسعود رضه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:  لا تناكحوا الخوز فإن لهم أعراقاً تدعوا إلى غير الوفاء. وقال علي بن أبي طالب رضه ليس على وجه الأرض شرمن الخوز ولم يكن منهم نبي قط ولا نجيب. وقال عمررضه أن عشت لأبيعن الخوز ولأجعلن أثمانهم في بيت المال.

 

 

وفي حكاية آخرى من كان جاره خوزياً فاحتاج إلى ثمنه فليبعه. وسئل فقيه عن رجل حلف أن يطبخ شر الطيور بشر الحطب ويطعمه شر الناس قال ينبغي أن يطبخ رخمة بحطب الدفلى ويطعمه خوزياً. ولا تراهم مع تلك الأموال الجمة والتجارات العجيبة والصناعة النفيسة عندهم من التمييز والتدبير ماعند غيرهم، إذا ترعرع أولادهم طرحوهم في الغربة وابلوهم بالأسفار والكسب فيتيهون من بلد إلى بلدا ولا حظ لهم في علم ولا أدب. والخوز ما علا عن الأهواز لأن أكثر أهل الأهواز ناقلة من البصرة وفارس. وكنت يوماً أسير مع أبي جعفر بن محسن بالاهواز فشاجره بعض السوقة فقال له أنتم معاشر الخوز لا خير فيكم، فقال له السوقي الخوز ما كان فوق الأهواز مثل العسكر وجندى سابور والسوس وأما نحن فعراقيون. وسمعت أن أهل بصنا وبيروت وما يقع في ذلك الصقع لهم اذناب بين القبل والدبر مثل الأصابع، ألا ترى أن أهل العراق يقولون لهم في الشتيمة يا خوزي يا ذنباني، والرجل الذي وجد في الخوارج حين قاتلوا أمير المؤمنين علياً رضه ودل عليه وقال له ثدي كثدي النساء كان من هذه البقعة التي ذكرنا. وتراهم مصفرين من غير علة أصحاب غل وحسد وغلو في المذهب غفر الله لنا ولهم ولا وأخذنا بما ذكرنا من عيوبهم فأنا لم نرد هتك سترهم ولا إبداء عيوبهم ولكن أوضحنا ما روي فيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وهذا شكله ومثاله مبلغ جهدنا وغاية علمنا وبالله نستعين ونستوقف ونعتصم ونستهدي.

أعلم أن هذا الإقليم كان يعرف قديماً بلأهواز وسبع كورها والآن قد تعطلت بعض تلك الكورواختلف في بعض وناقض أصولنا بعض، وقد قلنا أن مثل الملوك في علمنا مثل الصحابة في علم الشريعة إذا قال أحدهم قولاً لم يعلم له مخالف من الصحابة عمل بقوله وكان حجة، وكان عضد الدولة من اجلة ملوك زمانه لأن له في الإسلام آثاراً وعجائب ألا ترى إلى مدنه التي بناها وأنهاره التي كراها والأسماء التي اخترعها والأشياء التي ابتدعها. وقد كان يسمى هذا الإقليم سبع الكور وتعارف الناس ذلك فاتبعناه فى ذلك إذ لم نجد له مخالفاً. فأولها من قبل الجبال السوس ثم جنديسابور ثم تستر ثم عسكرمكرم ثم الأهواز ثم رام هرمز ثم الدورق هذه الأسامي تجمع الكور والقصبات وهن قليلات المدن والإقليم قريب الأطراف.

 

 

فأما السوس فإنها كورة من تخوم العراق وحد الجبال بها مزارع الرز والأقصاب ويطبخ بها سكر كثير. من مدنها: بصنا، متوت، بيروت، البذان، قرية الرمل، كرخة. وأما جنديسابور فإنها كورة عمرها سابور بن فارس وأضافها إلى نفسمه متصلة بتخوم الجبال نزيهة ويقال إنها كانت مركز الملوك في القديم يطبخ بها سكر كثير. من مدنها: الدز، الروناش، بايوه، قاضبين، اللور. وأما تستر فإنها كورة كثيرة الفواكه والأعناب والاترنج والثمار عامتها تحمل إلى الأهواز والبصرة، لم أر لها مدينة بعد البحث، ولذلك قدمنا الإحتجاج في بابها وذكرنا أنها تخالف أصلنا لأنه لا بد لكل قصبة من مدن كما أنه لا بد لكل قائد من جند فإن قيل قد نقضت ما أوردته في سرخس فالجواب سرخس لا تسمى كورة وهذه تسمى كورة والأسماء في هذا الباب للملوك وأما العسكر فإنها كورة جليلة يشقها ويحيط بها ثلاثة أنهار وبها رستاق المشرقان لها من المدن: جوبك، زيدان، سوق الثلثاء، حبك، ذو قرطم، برجان خان طوق، سوق العسكر، يوم الجمعة، ثم إلى خان طوق ست مدائن على اسامي أيام الجمعة لكل يوم سوق. وأما الأهواز فإن سابور لما بناها جانبين سمى أحدهما باسم الله عز وجل والآخر باسمه ثم جمعهما باسم واحد فاسمها هرمزداراوشير ثم طرح اسمه وبقي داراواشير ثم سمتها العرب الأهواز، وهي كورة يدخل فيها ما خرب وتعطل من الكور القديمة وهي مناذر الكبرى، ونهر تيرى، وبلد، اجتزنا بها في نهر الريان فرأيت بناء عجيباً وسمعت أنها كانت من دجلة الى نهر خوزستان. فقلت لقاضي الخوزية وكنت معه قي المركب ما الذي دهاها. قال: نزل عليها المبرقع لما استجاب له الزنج فجاوبوه فجعلوها كما ترى قال: وكانت اجل من البصرة وذكر أن الناس إلي اليوم ينبشون منها أموالاً كانوا قد كنزوها وأواني من الصفر وغير ذلك. والذي عرفت من مدن الاهوأز نهر تيرى، مناذر الكبرى، مناذر الصغرى، جوزدك، بيروه، سوق الأربعاء، حصن مهدي، باسيان، شوراب، بندم، الدورق، وسنة، جبي. وأما الدورق فإنها كورة تتاخم العراق على القرنة من مدنها: آزر، أجم، بخساباذ، الدز، اندبار، ميراقيان، ميراثيان. وأما رامهرفز فإنها كورة تتاخم فارس نزيهة عامرة الجبال كثيرة النخيل والزيتون والحبوب لا حظ لها في السهل إلا اليسير ولا مزارع فيها لقصب السكر ولا يبلغ إليها أنهار الإقليم ولهم نهر على حدة. من مدنها: سنبل، إيذج، تيرم، بازنك، لاذ، غروة، بابج، كوزوك، كلهن جليلات جبليات.

السوس: قصبة عامرة طيبة ولهم في الخير رغبة، بها أسواق بهية وأخباز حسنة ومياه جارية تدير في البلد الأرحية، ولها حمامات جيدة وحلاوات رخيصة نزيهة ونعم كثيرة وسواد حسن وقصب عجب وعلم وقرآن وحديث وأدب سنة وجماعة وجامع سوي على أساطين مدورة غير أنهم حنابلة، وفي الصيف غير طيبة. ثم ترى دور الزناء عند أبواب الجامع ظاهرة ثم لا ترى لقرائهم ولا لمشايخهم هيبة ولا لمذكريهم قيمة ولا حسبة، ويقطعون أوقاتهم بالرقص وأكثرهم حبية والمدينة خربة والناس يسكنون الربض، وقد كانت حصينة على نشزة عجيبة إلا أن جيوش عمر حاربوهم حرباً عظيماً فهدموها. وقبر دانيال في نهر خلف المدينة وعلى حافة النهر قبال القبر مسجد حسن والقبر لا يدري إنما ينزل في الماء وله قصة. بصنا: صغيرة غير أنها عامرة رجالهم ونساؤهم ينسجون الأنماط ويغزلون الصوف، ولهم نهر يسمونه دجلة فيه سبعة أرحية في السفن، والجامع حسن على باب المدينة من نحوالنهر، والنهرمنها على رمية سهم وعليها حصنان محكمان مصلى العيد بينهما. بيروت: كبيرة بها نخل كثيريسمونها البصرة الصغرى، ويقال أنها كانت قصبة كورة في القديم ورأيتها من البعد وأنا سائر من البذان أريد بصنا. كرخة: عامرة طيبة صغيرة سوقها يوم الآحد شربهم من نهر وعليها حصن ولها بساتين. وسائر المدن نزهات عامرات والإقليم كله أنهار تجري.

 

 

جنديسابور: كانت قصبة عامرة جليلة وبلدة قديمة وكانت مصر الإقليم والآن قد اختلت وغلب عليها الأكراد، وظهر فيها الجور والفساد. غير أنها كثيرة السكر وسمعتهم يذكرون أن عامة سكر خراسان والجبال منها، وهم أهل سنة ولهم نهران وطرز كثيرة وضياع جليلة ومزارع الأرزاز والرخص والخيرات وبها فقهاء ومياسير. اللور: على حد الجبال ويقال أنها مضافة منها إلى هذا الإقليم وبها طرز كثيرة غير أن سكرها ليس بالجيد. ولم أدخل بقية المدن.

تستر: ليس بالإقليم أطيب ولا أحصن ولا أجل من هذه، يدور حولها النهر ويحدق بها البساتين والنخل، معدن كل حاذق في عمل الديباج والقطن، قد جمعت الأضداد، وفاقت البلاد، واشتهرت في العباد. وهي التي قيل أنها جنة ترعاها الخنازير، ولا تسأل عن الفواكه والخيرات ولقد استطبتها واستحسنتها ترى أسواقاً سوية وخصائص كثيرة يرحل إليها من المشرق والمغرب ولهم مياه باردة تجري تحت الأرض إلا أن جامعهم لطيف والحر عندهم شديد وجسرهم طويل وليس غيره طريق وكثيراً ما يضل في أسواقها الغريب، وبالجانب الآخر عمارة يسيرة ومقابرهم وسط البلد والجامع وسط الأسواق في البزازين وعلى باب البلد سوق بز آخر، وعند الجسر موضع نزيه به القصارون ومن أراد ركوب السفينة إلى العسكر احتاج أن يمشي نحو فرسخ، ولها قرى يا لك من قرى بلا منابر. العسكر: كان للحجاج بن يوسف غلام إسمه مكرم نزل بعسكره هذا الموضع فاستطابه وانحاش الناس إليه وعمر فسمى عسكر مكرم. وهي قصبة لا يرى بالأعجام أنظف منها، ثمرطيب بهي الأسواق كثير الخيررخيص الحلواء حسن الأخباز، ولهم خصائص وبه متاجر، ولهم عقلاء فهماء وأكثرهم علماء تراهم يدرسون في المسجد إلى ضحى غيرأنهم قد بغضوا أنفسهم إلى الناس بعلم الكلام، وخالفوا بالإعتزال الإسلام، حتى ذمهم المذكرون والعوام. وبها علة دواءها الأثام، وكزودا تقتل بالسمام، فليس للغريب بها مقام. دخلتها صلاة الغداة وخرجت منها المغرب وهي جانبان أعمرهما الذي يلي العراق وبه الجامع ومعظم الأسواق، وبين الجانبين جسران من سفن. وسائر المدن على أنهار وبهن طرزكثيرة بخاصية المشرقان وما يدريك ما المشرقان. والأصوب أن تكون خان طوق من مدن الأهواز.

 

 

الأهواز: هو مصر الإقليم ضيق منتن ذميم، لا دين ولا لهم أصل كريم، ولا فقيه إمام ولا مذكر حكيم، ولا وقت طيب ولا قلب سليم، الغريب به في حيرة سقيم، ولا عيش هنيء فيه أيضاً للمقيم، بقٌ وبراغيث وكرب عظيم، في الليل دبس وفي النهار حر السموم. أبداً يرقبون الشمال ويخافون الجنوب عقارب وحيات وماءٌ حميم، وقوم سوء في شر مضر وضيق وشؤم. يجبى إليه الفواكه من مكان سحيق، ومن البعد يجلب إليه الدقيق. ثم سواد يابس، وجبل عابس، وسوق طفس. وتراب سبخ ليس لقارئهم طيبة، ولا لجامعهم حرمة. ولا لبلدهم رئيس، ولا لفقيههم مجلس. أهل مباراة وتعصب، ومماراة وتقلب. ترى أهل البلد حزبين، وفي الصحابة فريقين. إلا أنه خزانة البصرة ومطرح فارس واصفهان وبه قياسير حسنة وأخباز نظيفة وآدام تجتمع الخزوز والديباج وإليه تحمل البضائع والأموال وهو مغوثة وفرجة للتجار، ومنهل عامر لكل مار، واسمه كبير في الأقاليم والأمصار. شتاؤه طيب والخريف لولا الذباب،والربيع أيضاً لولا براغيث كالذئاب، وهو مع ذلك رفق بالضعيف في الثياب. يكون مثل الرملة ذو جانبين إلا أن الجامع ومعظم الأسواق في الجانب الفارسي، والجانب العراقي جزيرة خلفها عمود النهر على ما ذكرنا من فسطاط مصر، بينهما قنطرة هندوان من الأجر عليها مسجد يشرف على النهر حسن، وقد كان عضد الدولة هدمها وبناها مع المسجد بناء عجيباً لتضاف إليه، فأبى الناس أن يسموها إلا قنطرة هندوان، وعلى هذا النهر دواليب عدة يديرها الماء تسمى النواعير ثم يجري الماء في قني متعالية إلى حياض في البلد وبعض يجري إلى البساتين، ويمد العمود من خلف الجزيرة نحو صيحة إلى شاذروان قد بني من الصخر عجيب يتبحر الماء عنده، وثم فوارات وعجائب، والشاذروان يرد الماء ويفرقه ثلاثة أنهار تمده إلى ضياعهم وتسقي مزارعهم وهم يقولون لولا الشاذروان ما عمرت الأهواز ولا انتفع بأنهارها، وفي الشاذروان أبواب تفتح إذا كثر الماء لولاها لغرقت الأهواز وتسمع للماء المنحدر صوتاً يمنع من النوم أكثر السنة وزيادته تكون في الشتاء لأنه من الأمطارل لا من الثلوج، ونهر المشرقان يشق في أسفل البلد إلا أنه يجف عامة السنة ويتبحر الماء بموضع يسمونه الدورق. والأهواز بهذه الأنهار طيبة والسفن تذهب وتجيء وتعبر مثل بغداد، ويفترق الأنهار في أعلى البلد وتجتمع بأسفله في موضع يقال له كارشنان ومن ثم تركب السفن إلى البصرة، ولهم طواحين على الماء عجيبة. سوق الأربعاء: على شعبة من هذا النهر ذات جانبين بينهما قنطرة من خشب تجري تحتها السفن والجانب العراقيٌ أعمر وفيه الجامع. حصن مهدي: عامرة بها تجتمع أنهار الإقليم كلها ثم تفيض إلى البحر وبها حصن بناه مهدي وهي ثغر لقربها من البحر، وهناك رباطات وعباد الجامع على الشط وبها مجتمع الطرق. وسائر المدن على أنهار لها جزر ومد وبها نخيل ومزارع، وأعمر سواد الأهواز نحو سوق الأربعاء وما يدخل في ذلك الصقع.

 

 

الدورق: قصبة عامرة متطرفة من نحو العراق على نهر، ذات رستاق واسع، وسوق كبير وخصائص وخيرات حسنة الوضع، ومعدن الخيش، وهي أصغر من السوس وسوقها متشعب والجامع على طرفه، شربهم من النهر، وإليها يقصد حجاج فارس وكرمان. ميراثيان: ذات جانبين ولها أسواق عامرة في كل جانب جامع. ميراقيان: لها رستاق واسع على نهر يصل إليه المد والجزر وبه قرى كثيرة وأعمال نفيسة. جبي: عمل واسع ذو قرى عامرة وأنهار ونخيل ومنها كان أبو علي رأس المعتزلة. ومن الناس من جعل عبادان من هذه الكورة وإنما هي من العراق. فإن قيل إنما جعلناها من هذا الإقليم لاتفاقهم في اللسان ولأن لها نظائر في هذا الإقليم في القافية، ألا ترى أنك تقول عبادان مثل ما تقول باسيان ميراقيان البذان. فالجواب أما اتفاقهم في اللسان فليس بحجة لأن سواد البصرة كلهم عجم، وأما موافقتها هذه المدائن في آخر أساميها فإن لها أيضاً نظائر من مدن البصرة في هذا المعنى مثل بدران رومان وشق عثمان. فإن قيل ما قلناه أول لأن هنا ترجيحاً ليس معكم وذاك أنها توافق الإقليم أيضاً في هذه العلة ألا ترى أنك تقول خوزستان. فالجواب يجب أن تجري العلة في جميع المعلولات وتعم سائر النظائر. فنقول أن شامان وسليمانان أيضاً من خوزستان. فإن ارتكب ذلك قيل له فما تنكر على قائل يقول أن عبادان من جزيرة العرب لأن لها نظائر فيها وهي عمان نجران سمران. فإذا لم يجر أن نجعلها من الجزيرة من أجل هذه العلة علمت أنها لا تشبه بدليس لما قسناها على تفليس لأنا لم نجد بأقور موضعاً على هذه القافية ووجدنا بالرحاب عدة من مدن وقرى.

رام هرمز: قصبة كبيرة بها أسواق عامرة وخيرات كثيرة وجامع بهي عنده أسواق في غاية الحسن. بناها عضد الدولة ما رأيت أعجب منها نظيفة ظريفة قد زوقت وبربقت وبلطت وظللت وجعل عليها دروب تغلق في كل ليلة. يسكنها البزازون والعطارون والحصارون، وفي سوق البز قياسير حسنة شربهم من نهر وآبار والنهر بالنوب. وقد حفت بها النخيل والبساتين، وبها دار كتب كالتي بالبصرة والداران جميعاً اتخذهما ابن سوار وفيهما اجراء على من قصدهما ولزم القراءة والنسخ، إلا أن خزانة البصرة أكبر وأعمر وأكثر كتبا، وفي هذه ابدا شيخ ئدرس عليه الكلام على مذاهب المعتزلة، ومصلي العيد على طرف البلد بين الدور. وهو بلد نفيس إلا انهم يحتاجون في ليالي الصيف إلى الكلل مع كثرة البق، يد خفت اطرافها وغلب السلطان على ضياعها. ودخلت على رئيسها ابى الحسن بن زكرياء وقد كان سكن فلسطين مدة مديدة. فقال: لقد ندمت على مفارقة تلك الديار ورجوعي إلى بلد لا أرى به قرة عيني وإذا به يتوسل ويجتهد أن يعطى من ضياعه التي اخذت منه مقدار قوت فلا يعطي. ثم الطرق إليها صعبة والعرب بها محيطة وترى طباعا ردية ورؤساء وحشية. إيذج: هي اجل مدن الكورة وسلطانها يقوم بنفسه، تكون مثل اسداواذ وسط الجبال يقع بها ثلج كثير يحمل إلى الاهواز والنواحي وشربهم من عين شعب سليمان ومزارعهم على الامطار ولهم ماءٌ اخر، كثيرة البطيخ والخيرات وهي في هودة. كوزوك: جبلية أيضاً لا يئ تمطع منها العنب كثيرة البنفسج والريحان طيبة. غروة: من المذكورات على ما ذكرتا من العفارات. لاذ: جبلية أيضاً. وكل مدن هذه الكورة من هذا الجانب  الواحد وسائر الوجوه بوادٍ.

جمل شؤون هذا الإقليم

هوإقليم حارٌ مياهه معتدلة إلا ماء جنديسابور فانه مع صحته خشن، وهواء السوس غير صحيح وكلما قرب من دجلة بغداد فهو أصح، وبه نخل كثير، وليس به جبل شاهق ولا رمل دهس إلا بين البذان ونهر تيرى ولا يقع به ثلج ولا يتجلد الماء إلا بسواد رام هرمز ويشق اكثره الأنهار يجري في جميعها السفن. قليل النصارى غير كثير اليهود والمجوس، وبه مذكرون لهم جلبة وأدنى صيت، وبه متقرئون إلا الاهواز ورباطات وتصوف إلا العسكر. وقبلتهم غير صحيحة بخاصة بصنا، ولما عدت منه إلى البصرة قال لي أصدقائي يمزحون أعد الصلوات التي صليتها بخوزستان فانهم يصلونها إلى غير القبلة.

 

 

ومذاهبهم مختلفة هو أكثر الإقليم معتزلة أما العسكر فكلهم وأكثر أهل الاهواز ورام هرمز والدورق وبعض أهل جنديسابور، وأما السوس واجنادها فحنابلة وحبية، ونصف الاهواز شيعة، وبه أصحاب ابي حنيفة كثير ولهم فقهاء وأئمة وكبراء، وبالاهواز مالكيون. ولما دخلت السوس قصدت الجامع في طلب شيخ اسمع منه شيئاً من الحديث وعلى جبة صوف قبرصية وفوطة بصرية فدفعت إلى مجلس الصوفية فلما قربت منهم لم يشكوا إلا وأنا صوفي، فتلقوني بالترحيب والتحية وأجلسوني فيما بينهم وجعلوا يسألونني، ثم بعثوا رجلا فأتى بطعام فجعلت انقبض عن الاكل وما كنت صحبت هذه الطائفة قبل ذلك، فجعلوا يتعجبون من انقباضي وعدولي عن رسومهم، وقد كنت احب أن اخالط هذه الطائفة وأعرف طريقتهم وأعلم حقائقهم، فقلت في نفسي هذا وقتك هذا موضع أنت به مجهول فانبسطت إليهم فكشفت ثوب الحياء عن وجهي، فمرة كنت اراسلهم وكرة ازعق معهم وتارة اقرأ لهم القصائد وأخرج معهم إلى الرباطات واذهب الى الدعوات حتى والله حللت من قلوبهم وقلوب أهل البلد بحيث لا غاية ووقع لي بها اسم وقصدني الزوار وحملت إلي الثياب والصرر وكنت اخذه وادفعه إليهم برمته في الوقت لأني كنت غنياً في وسطي نفقة وافرة وأنا كل يوم في دعوة وأي دعوة وكانوا يظنون أني أفعله زهدا وجعل الناس يتمسحون بي ويذيعون خبري ويقولون لم نر فقيراً قط افضل من هذا حتى إذا وقفت على سرائرهم وعرفت ما أردت منهم هربت منهم في سجو ليلة فأصبحت وقد قطعت ارضاً. فبينا أنا يوماً بالبصرة وعلي ثوبي وغلام يتبعني إذ رآني رجل منهم فوقف ينظر إلي شبه المتعجب فجزت عليه شبه المنكر. ورسومهم لا يتطلس إلا وجيه أكثرها اردية مربعة والعوام بالمناديل والفوط، ولهم لباقة، وإذا صلى الإمام الغداة بجوامعهم اجتمع عليه الناس فختم بهم ودعا وكذلك بشيراز، والخطباء به يلبسون الاقبية والمناطق على رسم العراق ولا يهللون بعد الجمعة ويلتفت الخطيب يميناً وشمالاً ويضجون بالدعاء خلف الصلوات على رسم الشام ومصر. ويدخلون الحمامات بلا ميازر، ويكثرون خبز الارز وركوب البقر ووضع حباب الماء في الشوارع والطرق بين الاجناد على كل فرسخ وربص حمل إليها الماء من بعد. ورسومهم قريبة من رسوم العراق يختارون ما كبر من الفصوص وجل من اللؤلؤ، ولا يرى في الاسلام أصح من موازين العسكر ثم الكوفة.

والتجارات به مفيدة لأن كل سكر تراه ببلدان الاعاجم والعراق واليمن فمن ثم يحمل، ويرتفع من تستر الديباج الحسن والانماط وثياب مروية حسنة وفواكه كثيرة، ومن السوس السكر الكثير وبز والخزوز، ومن العسكر مقانع القز تحمل إلى بغداد وبزجيد له بقاء وثياب القنب والمناديل وغيرذلك مما يرتفق به أهل الاهواز، وستور بصنا وانماط قرقوب معروفة، وتعمل بنواحي واسط ستور يكتب عليها مما عمل ببصنا وتخرج خروجها وليست مثلها، ويعمل بالاهواز فوط من القز حسنة تلبسها النساء، ويعمل بنهر تيرى أزر كبار.

ولهم خصائص ليس مثل مري جنديسابور وحلواء الإقليم، وخز السوس غير العمائم لأن شكب الكوفة لا نظير له، وسكر العنب، وببصنا الانماط والستور الجيدة، وبقول حسنة، ودستنبوي تستر، وقصب السوس، ورطب نهر تيرى في غاية الجودة.

 

 

ويقع عصبيات في الاهواز بين المروشيين وهم شيعة وبين الفضليين وهم سنة حروب، وبين أهل البذان وبصنا، وبين أهل تستر والعسكر، وبين أهل تستر والسوس عصبيات من أجل تابوت دانيال عليه السلام، وذلك أنهم ذكروا لما ظهر قبر دانيال عليه السلام جعل في تابوت، فكان يحمل إلى المواضع يستسقي به، قالوا فتباعد التابوت عنا ثم عاد إلى تستر، فضبطوه فبعثنا إليهم عشرة من المشايخ رهائن إلى وقت رده، فلما حصلوه شقوا له هذا النهر وبنوا هذا الازج وخلوا عليه الماء وبقي اولائك الرهائن عندهم، فمن ثم وقعت بيننا هذه العصبيات ومن أجل هذا ذهب قدر مشايخنا إلى اليوم. ومن الإقليم في اللحم والسمك غير الاهواز أربعة أرطال ومن الخبز مكيٌ ومن الاهواز بغداد وفي كل شيء. ونقودهم مثل المشرق الذهب بالدوانيق كل دانق ثمان وأربعون تمونة وهي الارزة، وكل ألف درهم وزنت باصفهان فأنها تنقص بتستر خمسة وعشرين، ثم التسترية تزيد على الاهوازية بستة دراهم، وكل مائة دينار وزنت بقزوين فإنها تزيد بتستر خمسة وأربعة دوانيق، وكل مائة درهم وزنت بخراسان نقصت بخوزستان درهمين، وليس يعرفون القيراط.

ومكاييلهم المكوك والكر والمختوم والكف والقفيز. فمكوك جنديسابور ثلاثة امناءٍ ونصف، والكر أربعمائة وثمانون، ومخثوم الاهواز صاعان وهو ثلاثة أكف، والقفيز سبعة امناء من الحنطة، وكرهم ألف ومائتان وخمسون مناً حنطة ويكون ألفاً من الشعير.

وليس في اقاليم الأعاجم أفصح من لسانهم وكثيراً ما يمزجون فارسيتهم بالعربية ويقولون أين كتاب وصلا كن وأين كار قطعا كن، وأحسن ما تراهم يتكلمون بالفارسية حتى ينتقلون إلى العربية، وإذا تكلموا بأحد اللسانين ظننت أنهم لا يحسنون الاخر، وفي كلامهم طنين ومد في آخره، وإذا قالوا اسمع قالوا ببخش، وشممون الكباد خيمال. ورؤوس أهل رام هرمز مبلطحة وليس لهم صفاء ولهم لسان لا يفهم. وأخبرنا أبو الحسن مطهربن محمد الرام هرمزي قال: حدثنا منصور بن محمد قال: حدثنا إسحاق بن أحمد قال: حدثنا محمد بن خالد بن ابراهيم قال: حدثنا أبو عصمة قال: حدثنا اسماعيل بن زياد قال: حدثني مالك القطان عن خليد عن عمران المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابغض الكلام إلى الله الفارسية، وكلام الشياطين الخوزية، وكلام أهل النار البخارية، وكلام أهل الجنة العربية.

وخراج الاهواز ثلاثون ألف ألف درهم، وكانت الفرس تقسط على جميع الإقليم خمسين ألف ألف درهم. وأما المسافات تأخذ من السوس إلى قرقوب مرحلة ثم إلى الطيب مرحلة.

 

 

وتأخذ من السوس إلى بصنا بريدين ثم إلى البذان مثلها. وتأخذ من جندى سابور إلى اللور مرحلة ثم إل الدز مرحلتين ثم إلى رايكان مرحلة ثم إلى كل بايكان 40 فرسخأ مفازة ثم إلى كرج أبي دلف مرحلة. وتأخذ من تستر إلى قرية الرمل مرحلة ثم إلى بصنا مرحلة. وتأخذ من العسكر إلى الحصن مرحلة ثم إلى الحصن أيضاً مرحله ثم إلى رام هرمز مرحلة. وتأخذ من العسكر إلى تستر أو إلى الاهواز مرحلة مرحلة. وتأخذ من جنديسابور إلى السوس أو إلى تستر مرحلة مرحلة ومن بيروت إلى السوس أو البذان مرحله مرحلة. وتأخذ من الاهواز إلى شوراب بريداً ثم إلى مندم مرحلة ثم إلى قصبة الدورق مرحلة. وتأخذ من الاهواز إلى سوق الاربعاء مرحلة ثم إلى حصن مهدي مرحلة ثم إلى فم العضدي مرحلة ثم أنت في دجلة العراق. وتأخذ من حصن مهدي إلى بيان في سبخة على الظهر مرحلة. وأعلم أن نهر الاهواز ودجلة يفيضان إلى بحر الصين بينهما هذه السبخة، وكان الناس في القديم يذهبون في النهر إلى البحر ثم يعودون فيدخلون من البحر إلى دجلة ثم إلى الابله، وكانوا على خطر وفي تعب حتى شق عضد الدولة نهراً عظيماً من نهر الاهواز إلى نهر دجلة طوله أربعة فراسخ والطريق اليوم فيه. وتأخذ من الاهواز إلى أجم مرحلة ثم إلى آزر مرحلة ثم إلى رام هرمز مرحلة. وتأخذ من الاهواز إلى الدورق مرحلة ثم إلى خان مرحلة ثم بصنا مرحلة ثم إلى قرية الرمل مرحلة ثم إلى قرقوب مرحلة. ولها طريقان اخراوان. وتأخذ من الاهواز إلى نهرتيرى مرحلة ثم إلى نهر العباس رحلة ثم إلى الخوزية مرحلة ثم تركب الماء إلى الابلة مرحلة. وتأخذ من الاهواز إلى الاسحاقية مرحلة ثم إلى الجسر المحترق مرحلة ثم إلى حصن مهدي مرحلة. وتأخذ من نهر العباس إلى عسكر ابي جعفر مرحلة ثم تعبر إلى الابلة وهي طريق الدواب. وتأخذ من رام هرمز إلى سنبل مرحلتين ثم إلى ارجان مرحلة. وتأخذ من رام هرمز إلى تيرم مرحلة ثم إلى غروة مرحلة ثم إلى البازير بريدين ثم إلى إيذج مرحلة ثم إلى الدز مرحلة ومن الدز إلى الدولاب مرحلة ومن الرام إلى الزط مرحلة. وتأخذ من رام هرمز إلى بده مرحلة ثم إلى جسر جهنم مرحلة.

 

إقليم فارس

هذا إقليم ترابه معادن وجباله مشاجر شوكه العنزروت ومن أغنامه البازهر الموصوف، وعيونه المومياي المعروف. وإليه تنسب الثمانية اقاليم به نخل واترنج وزيتون وريباس واقصاب وعكوب، وجوز ولوز وخرنوب. وبه تعمل الابراد والخزوز، والبسط الصنيعة والبزوز. والاكسية العجيبة والستور وثياب كتان تشاكل القصب وديباج وأنواع من الحال. به المنازه المذكورة، والقصبات المشهورة. والمدن الطيبة كفسا وشعب بوان، وسابور ونوبندجان. ودارابجرد الجليلة الشأن، ولا يخفى فضل سيراف وارجان. وباصطخر العجائب والبنيان وقد جلت جور على البلدان. بماورد واسباب، وشابهت سابور سغداً باضراب، وزادت عليها بزيتون واترنج واقصاب. فهي اشجار وأثمار وأنهار. ففارس اقليم جليل طيب كثير الخيرات، ومعدن التجارات. وقال لي يوماً أبو الحسن المؤملي كيف وجدت فارس. قلت: وجدتها اشبه الاقاليم بالشام لانها تجمع اضداد الثمار وبه جروم وسرود ومعتدلات، وجبال مشجرة عامرة وعسل وزيتون وبركات، لم ارها بعد الشام إلا بفارس إلا انه معدن الجور والفساد كثير العقارب وحش اللسان ثقيل الضرائب حار الأطراف بارد الصرود، ورسوم المجوس به ظاهرة وأكثر الضياع مقتطعة عمره فارس بن طهمورث. وهذا شكله ومثاله.

 

 

وقد جعلنا فارس ست كور وثلاث نواح فاولها من قبل خوزستان أرجان ثم أردشير خرة ثم درابجرد ثم شيراز سابور ثم إصطخر والنواحي: الروذان، نيريز، خسو. فأما ارجان فانها كورة جليلة سهلية جبلية بحرية كثيرة النخيل والتين والزيتون والدخل والخيرات. يحكى عن عضد الدولة انه قال غرضي من العراق الاسم ومن ارجان الدخل. وارجان كان ابن قرقيسيا بن فارس غضب على ابيه ورحل من اقور فكورت له هذه الكورة وأضيف إليها بعض مدن اردشير خره وغيرها، وان قويت مقالة من جعل رام هرفز من فارس فيجوز أن تكون من المضافات وقد ردت الآن إلى خوزستان. وقصبة ارجان على اسمها ومن مدنها نحو البحر: قوستان، داريان، مهربان، جنابة، سينيز، وفي الجبال جومة، هندوان. وأما أردشير خره فانها كورة قديمة رسمها نمروذ بن كنعان ثم عمرها من بعده سيراف بن فارس اكثرها ممتد عثى البحر شديدة الحر قليلة الثمار قصبتها سيراف ومن مدنها: جور، ميمند، نابند، الصيمكان، خبر، خورستان. الغندجان، كران، سميران، زيرباذ، نجيرم، نا بند دون، سورو، رأس كشم. وأما درابجرد فانها كورة نفيسة عمرها درابجرد بن فارس وبها كان المصر في القديم، وكان ينزلها الملوك، كثيرة المعادن جليلة الخصائص طيبة الهواء، قصبتها على اسمها ومن مدنها: طبستان، الكردبان، كرم، يزدخوالست، المسكانات، زم، شهريار، كدر وا، اوجين، إيك، ولها ناحية نيريز مدنها: خيار، المريزجان، الماذوان، وناحية خسو مدنها: روبنج، رستاق الرستاق، فرج، تارم، ومن المدن ذات الرساتيق الجليلة جويم ابي احمد، الإصبهانات، سنان، برك، ازبراه. وأما شيراز فانها لم تكن في القديم كورة وانما كانت مدينة بناها شيراز بن فارس إلا أن المسلمين مصروها لما فتحوا الاقليم واستطابها الملوك فنزلوها وهي في الدواوين إلى اصطخر مضافة غير اني قد اضفت إليها مدناً كثيرة وكورتها لأن بها المصر الأعظم والدولة لها والدواوين إليها، وهي كثيرة الجبال معتدلة الهواء قصبتها على اسمها ومدنها: البيضاء، فسا، المص، كول، جور، كارزين، د شت بارين، جم، جوبك، جمكان، كورد، بجه، هزار، أبك. وأما سابور فانها كورة نزيهة قد اجتمع في البستان الواحد منها النخل والزيتون والاترنج والخرنوب والجوز واللوز والتين والعنب والسدر وقصب السكر والبنفسج والياسمين. وترى الأنهار جارية والثمار دانية والقرى ممتدة تمشي الفراسخ تحت ظل الأشجار مثل سغد وعلى كل فرسخ خباز وبقال قريبة من الجبال اسم قصبتها شهرستان ومن مدنها: دريز، كازرون، خره، النوبندجان، كاريان، كندران، توز، زم الأكراد، جنبد، خشت. وأما إصطخر فانها اوسع الكور كثيرة المدن كبيرة الاسم عمرها اصطخر بن فارس ومن مدنها: هراة، ميبذ، مائين، الفهرج، الحيرة، فاروق، سروستان، أسبا نجان، بوان، كرمان، شهربا بق، اورد، الرون، خرمة، ده أشتران، ترك نيشان، صاهه، شبابك.

أرجان: قصبة شديدة العمارة كثيرة الخيرات جليلة المدن سرية الأهل تجمع الثلج والرطب، والليموا والعنب. هي معدن التين والزيتون، وبها يعمل الدبس الفائق والصابون. خزانة فارس والعراق ومطرح خوزستان واصفهان بها نهر غزير يشق البلد وجامع حسن عامر على طرف الأسواق به منارة طويلة ظريفة، بنيانهم حجرغير مؤلف وبه سوق البزازين على عمل سوق سجستان عليه أبواب تغلق كل ليلة وهو صفوف مصلبة والأبواب من الأربعة جوانب يقابل بعضها بعضا ولا ترى أحسن من سوق الحنطة بها، نظيفة طيبة في الشتاء قد غابت في النخيل والبساتين وآبارها حلوة وقل ما شئت في الخبزات والأسماك والثلج والرطب إلا انها في الصيف جهنم ويملح ماء النهرمن وقت العنب إلى وقت المطر، ولا ترى النساء في بلد اغن منهن بها. لها ستة دروب درب الأهواز درب ريشهر درب شيراز درب الرصافة درب الميدان درب الكيالين. وهي من فتوح عثمان بن أبي العاصي والجامع من بناء الحجاج. جومة: صغيرة شربهم من نهر، اسم رستاقها بلا سابور، وهي جبلية نزيهة شبه غوطة دمشق. يقال أن سابوربن فارس كان يختارها على جميع البلدان التي عمرها بخراسان وخوزستان وثم مات وقبر.

 

 

الديرجان: مدينة رستاق ريشهر متولسطة رحبة. بيران: مدينة سنبل وكانت من خوزستان في القديم. هندوان: من نحو البحر ذات جانبين الجامع والسوق من قبل ارجان وبقية الدور وسوق السمك في الجانب الاخر من نحو البحر. داريان: لها سوق عامر ورستاق واسع. سينيز: على نصف فرسخ من البحر فوق مهربان لها سوق طويل يدخل إليها خور تجري فيه المراكب والجامع ناء عن السوق ودار الامارة متقابلة كثيرة القصور. مهربان: على البحر والجامع على الشط ولهم ماء ضعيف وهي فرضة الكورة وخزانة البصرة عامرة جيدة الأسواق. جنابة: أيضا على خور أسواقها بازقة والجامع وسط البلد شربهم من آبار مالحة وبرك ومنها كان أبو سعيد وأبو طاهر القرمطي.

سيراف: هي قصبة أردشيرخره وكان أهلها حين عمارتها يفضلونها على البصرة لشدة عمارتها وحسن دورها وظرف جامعها ولباقة اسواقها ويسار أهلها وبعد صيتها وكانت حينئذ دهليز الصين دون عمان، وخزانة فارس وخراسان. وعلى الجملة ما رأيت في الإسلام أعجب من دورها ولا أحسن قد بنيت من خشب الساج والآجر شاهقة تشتري الدار الواحدة بفوق المائة ألف درهم ثم أنها خفت لما ولى الديلم وانجلوا إلى سواحل البحر وعمروا قصبة عمان ثم جاءت زلزلة سنة 66 و 67 فقلقلتها وحركتها سبعة أيام حتى هرب الناس إلى البحروتهدم أكثر تلك الدور وتفطرت وصارت آية لمن تأملها وعبرة لمن اتعظ بها. وسألتهم ما الذي صنعتم حتى رفع الله حلمه عنكم. قالوا: كثر فينا الزنا، وفشا فينا الربا. قلت: فهل اعتبرتم بما ارى. قالوا: لا. وحدثت عن نسائهم بشيء قبيح. ورأيت أهل فارس مع كثرة فسقهم يضربون بهم الأمثال وأخبرت أنهم قد أخذوا في العمارة وقد بدت ترجع إلى ما كانت، وهي باب جهنم من شدة الحر، والماء يحمل إليها من البعد ولهم قناة صغيرة عذيبية، وفواكهم قليلة موضوعة بين الجبل والبحر وما حولها فأرض قفر، بالقرب منها نخيلات. زيرباذ: على رأس الحد من قبل كرمان على البحر بها قلعة مارأيت أعجب منها، شربهم من آبار ضعيفة ما كان أحلى منها فعليه باب لخاصية الأميركلما نضب بئر تحولوا إلى آخر.

نجيرم: بحرية أيضا بها جامعان قد نقر قاعة أحدهما في الصخر، وعنده سوق خارج البلد، شربهم من آبار وبرك تملأ من المطر. كركم: عامرة والجامع على رابية على رأس السوق يصعد إليه في درج خشب. كاريان: صغيرة إلا أن رستاقها عامر وبها بيت نار يعظمونه ويحملون ناره إلى الآفاق. رأس كشم: صغيرة لها سوق واسع الجامع فيه يصعد اليه بدرج. سورو على رأس حد كرمان بحرية صغيرة وقد بدت تعمر لأن حمولات عمان إليها ونفر كرمان ترفع منها، شربهم من ماء يقبل من الجبل فيجتمع في موضع فإذا انقطع حفروا ذلك الموضع نحوخمسة اذرع فيخرج عليهم ماء حلو.

درابجرد: قصبة نفيسة لها مدينة حصينة ذات بساتين ونخيل وثلج وأضداد

 

عدة، حسنة الأسواق معتدلة الهواء، ولهم آبار وقني في وسطها قبة المومياء وتل فيه مسجد الجامع وبعض الاسواق في المدينة وبقيتها بالربض وهو جانب واحد، وسوق البز شبه خان له بابان، وللمدينة أربعة أبواب، دورها فرسخ مكسر، وعلى قبة المومياء باب حديد وقد وكل رجل بحفظه فاذا كان شهر مهرماه صعد العامل والقاضي وصاحب البريد والعدول وأحضرت المفاتيح وفتح الباب ثم دخل رجل عريان فيجمع ما نز في تلك السنة ولا يبلغ رطلاً على ما سمعت من بعض العدول ثم يجعل في شيء ويختم عليه ويبعث مع عدة من المشايخ إلى شيراز ثم يغسل الموضع فكل ما ترى في أيدي الناس فأنما هو معجون بذلك الماء ولا يوجد الخالص إلا في خزائن الملوك. فرج: مدينة غير كبيرة إلا أن بها جامعاً وحماماً ليس لهما بالإقليم نظير وهي كثيرة الخير وسط البلد قلعة على تل والماء من ناحية. برك: في هودة على فرسخين من الجبل والجامع على جانب السوق حسن نظيف شربهم من قني. جويم أبي أحمد: من الأمهات سعة رستاقها عشرة فراسخ تحوطه الجبال كله نخيل وبساتين شربهم من قني ونهر صغير جانب السوق وبين الجامع والسوق زقاق طويل وهوعلى نشزة حسن يصعد إليه بخمس درجات وسطه حوض يملأ من ماء المطريخرج منه فى كل يوم قدر الحاجة ظريف. رستاق الرستاق: صغيرة ليس لسوقها ذاك الكبر إلا أن رستاقها أربعة فراسخ في مثله كله بساتين ومياه وأشجار شربهم من نهريدخل عليهم. تارم: على رأس حد كرمان جامعهم ناء عن السوق وشربهم من شعبة نهريدخل عليهم لها بساتين ونخيل وبها عسل كثير. نيريز: كبيرة الجامع إلى جانب السوق شربهم من قني ورستاقهم عشرون فرسخا في مثلها. ولم أدخل بقية المدن ولكن أخبرت إنهن سريات طيبات جليلات الرسوم.

 

شيراز: هو مصر الإقليم بليذ ضيف حديث، لسان وحش ورسم سخيف لا رئيس معتمد ولا شارع فسيح ولا عالم أديب. عدولهم لوطة، وتجارهم فسقه، وسلاطينهم ظلمة. من الضيق في الأسواق يزدحمون، وأكثرهم يقولون ما لا يفعلون. تراهم يدخلون الحمامات بلا ميازر وتنطح رؤسهم الرواشن ولا ترى على مجوسي غيارا، ولا لصاحب طيلسان مقدارا. ولقد رأيت أهل الطيالس سكارى، ويلبسه المكدون والنصارى وبه دور الزنا ظاهرة، ورسوم المجوس مستعملة. ولا تسمع الخطبة من صياح السوال، وفي المقابرمجتمع الفساق، وفي أعياد الكفرة تزين الأسواق. وضربت على الحوانيت الضرائب الثقال. ومنع الخارج منه إلا بجواز، وحبس الداخل والمجتاز. وصعب العيش به وضعف الخراج، لم يذوقوا برد العدل ولا سلكوا المنهاج. مزارعهم تسقي بالدلاء، والأعناب والتين فبالغلاء. وخبزاً حسناً فلا ترى، وهم من قصر الرواشن في بلاء. وسير بهيمتين في سوق واحد فلا، أهل طنز ومراء 0 إلا أنه معتدل الهواء، طيب في الصيف وفي الشتاء. وماء خفيف إذا شربت مما جرى، ومياه الآبارحلوة قريبة المستقى. أهل يسار وتجارة وتعطف على الغرباء، لهم خصائص وصنائع وعقل ودهاء. ومعروف وصدقات وبهاء، ومشايخ ووجوه وتناء إسناد لولا لحن المستملي وصاحب الإملاء، كثير الصوفية ومجالس القراء. ولهم غدوات الجمع ختمات لها نور وبهاء، وجامع لا نظير له في الثمانية أقاليم له يوم الجمعة سماء. باساطين على عمل المسجد الأقصى، وبه دارإمارة إليها المنتهي. ولهم كشبستان نيسابور بيت قرى، نظيفة الأطعمة والهرائس لا الشواء، قد اشتهر بالاكسية والبرود ودار المرضى. ولها ثمانية دروب باب اصطخر درب تستر درب بنداستانه درب غسان درب سلم درب كوار درب مندر درب مهندر، وهي نحو دمشق في الرقعة وضيق الدور، قريب من بناء الرملة بالحجارة، وشبه بخارا في البلاذة، الجامع في الأسواق وجانب منه إلى البزازين والبيمارستان بعيد منه له وقف جليل وبه آلات حسنة وأطباء حذاق، وباصفهان آخر أعمر منه، وباب اصطخر يشبه أبواب منى بمكة وله مياه تجري غير نظيفة، فلا آبارهم بالخفيفة. أحسن موضم منه باب اصطخروباب الجامع، وأخف مياههم القناة التي تجري من جويم وتدخل دارعضد الدولة وأبعد الجبال إليها على فرسخ وأقرب الحطب إليها على مرحلة، وكان عضد الدولة قدأضاف إليها محلة كبيرة فسيحة بأسواق حسنة وقد تعطلت. كرد فناخسرو: فناخسرو هو عضد الدولة وقد خط على نصف فرسخ من شيراز مدينة وشق إليها نهراً كبيراً أجراه من مرحلة أنفق عليه الأموال العظيمة وهو الذي يجري في سفل داره وجعل إلى جنبها بستاناً سعته نحو فرسخ ونقل إليها الصوافين وصناع الخز والديباج وكل بركان يعمل اليوم بها. ألا ترى إلى اسمها عليه مكتوب واتخذ بها القواد دوراً حسنة وعقارات جليلة وجعل لها عيداً في كل سنة يجتمع فيه للفسوق واللهو والآن قد خفت بعد موته وأشرفت على الخراب وبطل سوقها. فسا: ليس في الإقليم أنزه ولاأطيب ولا أجود أهلاً ولاأحسن فواكه منها لها مدينة كبيرة فيها سوق كله من خشب، الجامع فيه وهومن آجر أكبر من جامع شيراز له صحنان على عمل جامع مدينة السلام بينهما سقيفة، وقل في طيبها وخيراتها ما شئت، وبها خشب سرو مثل ما ببلد الروم. نسا: يسمونها البيضاء نظيفة ظريفة طيبة على الوجه الآخر بها جامع حسن ومشهد يقصد. دشت بارين: مدينة لا رستاق لها ولا بساتين ولا نهر ولا آئين شربهم من مياه ضعيفةء بجه: كبيرة وسط الجبال بناؤهم حجارة والجامع في السوف سعة رستاقها مرحلتان يقع بها ثلوج. هزار: صغيرة لها رستاق واسع شربهم من قني ظاهرة. كول: عامرة الجامع في البزازين والقصابين والخبازين ومن الوجه الآخر ميدان شربهم من نهر. جور: مدينة طيبة نزيهة حسنة رحبة ظريفة، معدن الورد والخصائص اللطيفة. بها منارة محكمة أنيفة، ومع ذلك فهي بلدة حصينة وسطها قلعة عالية ظريفة. رستاقها نحومن مرحلة خفيفة، ضياعها محدقة بها لفيفة. شربهم من نهروقني لهم نظيفة، هي أحد المنازل والمنازل الأليفة. ومع ذلك بالخافقين بزورها معروفة. وكان اسمها بالفارسية كور يوافق اسم القبر فكان إذا خرج إليها عضد الدولة قيل ملك بكور رفت يعني قد ذهب الملك إلى القبر فكره ذلك فقلب اسمها إلى أحسن ما يكون وسماها بيروزاباذ- يعني في أتم دولة.

 

 

شهرستان: هي قصبة سابور وقد كانت عامرة آهلة طيبة واليوم قدأختلت وخرب أطرافها إلا أنها كثيرة الخيرات ومعدن الخصائص والأضداد بلد الأترنج الحسن والأدهان والقصب والزيتون والعنب أسعار رخيصة البان كثيرة وبلدة نزيهة وبساتين وعيون غزيرة ومساجد محفوظة وحمامات طيبة وخانات عدة وزهد ومعرفة وثلج وفواكه متضادة. قد اعبقت بساتينها بروائح الياسمين، واجتمع بها الرطب والتين. ووجد بها الخرنوب الغريب بناؤهم حجر وجص والجامع خارج البلد وسط البساتين حسن لطيف. لها أربعة أبواب باب هرمز باب مهر باب بهرام باب شهر. وعليها خندق والنهر دائرعلى القصبة كلها يعبر على جسوروعلى طرف البلد قلعة تسمى دنبلا قدامها مسجد وفي وسطها آخربه حجر أسود مفروشر وسطه محراب يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وثم مسجد الخضر عم بقرب القلعة حبس جاهلي حيطانه بالمرمر، وهي موضوعة في لحف جبل لها شعبان كلاهما بساتين وأشجار وقرى. وخارج البلد قنطرة عظيمة كانت وقت كوني بها منقطعة، ولهم سوق يسمونه العتيق. قد اختل وخرب وخف البلدوقل أهلها واذهبت كازرون دولتها. ومع ذلك ماؤهم ثقيل، وكل مصفر عليل، وليس بها عالم جليل. دريز: مدينة صغيرة بها سوق جيد وصناع كتان كثير. كازرون: عامرة كبيرة هي دمياط الأعاجم وذلك أن ثياب الكتان التي على عمل القصب وشبه الشطوي، وأن كانت من عطب تعمل بها وتباع فيها إلا ما يعمل بتوز، ثم هي كلها قصور وبساتين ونخيل ممتدة عن يمين وشمال، وبها سماسرة كبار وسوق كبير جاد وخيرات وثمار وعمارات وأشجار، ومعظم الدور والجامع على تل يصعد إليه والأسواق وقصور التجار تحت. وقد بنى عضد الدولة داراً جمع فيها السماسرة دخلها على السلطان كل يوم عشرة آلاف درهم. وللسماسرة في البلد قصور حصينة حسنة. وهذا الرستاق تشابهه رساتيق سجستان كله مزارع وحصون متصلة ونخيل وليس بها نهر مداد إلا قني وآبار. خره: مذكورة على رأس جبل كثيرة النخيل، والنهر تحت البلد، معدن التمور والناطف. النوبندجان: مدينة نزيهة لها ذكر وشان، قد زانه قصر أبي طالب عيان. والجامع والمياه والبستان، وعشرون عيناً تنبع في كل مكان. وأسواق كبيرة عامرة حسان، وأعناب وأرطاب ونارنج ورمان. وعلى فرسخين منها شعب بوان، وعلى منزل مدينة تمدح بآسمان. وهي في سهلة قريبة من الجبال ورايتهم قد زادوا في الجامع من قدام. إلا أن أمامهم جاهل والقضاة اثنان، فهذا ما عرفناه من جديدة بندجان ثم لا ينظرون مع ذاك في عواقب الزمان. خوراواذان: صغيرة إلا أنها عامرة رفقة والعيش بها هنيء. ألا ترى كيف جمعت اسمين الهون والعمارة، ابها سوق جاد والجامع عامر وخيرات وأشجار وأنهار تخترقها حتى أن بعض الحوانيت علتها. جنبد ملغان: مدينة وسط النخيل لها سوق طويل وجامع بهي يصعد إليه في درج إلى جنب السوق ليس حوله بناء، شربهم من قني وفي البلد حياض وهي على رأس الحد في سهلة تحت الجبال. ملغان قرية من حدأزجان خربة. كندران: كبيرة فيها قلعة ينزلها السلطالت، شربهم من ماء المطر ومن آبار، والجامع إناء عن السوق. توز: صغيرة الرسم كبيرةالاسم من أجل الثياب التي تعمل بها من الكتان ألا تراه يسمى توزياً وأكثره يعمل بكازرون هؤلاء أحذق وأحسن عملاً، لهم نهر كبير يجري على جانبها وبين الجامع والسوق زقاق، وهي بعيدة عن الجبال. خشت: وسط الجبال لها رستاق واسع وقلعتها مذكورة وسوقها عامر شربهم من نهر كبير. زم الأكراد: لها رستاق ونهر وهي وسط الجبال ذات بساتين ونخيل وفواكه وخيرات.

 

 

إصطخر: قصبة قديمة مذكورة في الكتب مشهورة في الخلق كبيرة الاسم جليلة الرسم إليها كانت الدواوين في الأصل غير إنها حاجب في هذا العصر خفيفة الأهل صغيرة الوضع شبهتها بمكة لأن لها شعبين ويتصل بها جبلان، الجامع في الأسواق على عمل جوامع الشام باساطين مدورة على رأس كل أسطونة بقرة ذكروا إنه كان في القديم بيت نار، والأسواق محدقة به من ثلاثة جوانب، وفي وسط البلد شبه واد وعلى باب خراسان قنطرة عجيبة وبستان حسن ومن ثم يقبل النهر، بناوهم طين ولهم مشارع إلى النهر وحياض في البلد وليس الماء في أعلى البلد بواسع وماؤهم غير صحيح لأنه يجري على مزارع الأرز، كثيرة الحبوب والرمان والخيرات إلا أن فيهم حمقاً. هراة: مدينة صغيرة فيها الجامع وحوانيت يسيرة ودور قليلة ومعظم الأسواق والعمارة بالربض، ولهم نهر كبير يتخلله، وللمدينة باب واحد، وقد أحدق بالجميع البساتين الحسنة، بها تفاح جيد وزيتون وسائر الفواكه،إلا أن ماءهم ثقيل ويقال أن نساءهم يغتلمن إذا أزهرت أشجار الغبيراء كما تغتلم السنانير. جرما: كبيرة لها سوق عامر الجامع بقربه، على السوق بابان شربهم من قني ظاهرة على وجه الأرض. ده أشتران: صغيرة قربها قرية ولها جامع به منارة طويلة في سوق صغير، والنهر تحت البلد وحولها بساتين حسنة. بوان: واسعة الرستاق وسط الجبال يشقها نهو وهي جانبان بلا بساتين. تركنيشان: صغيرة سعة رستاقها نحو مرحلة شربهم من نهر. كورد: عامرة معدن الجوز والثمار جبلئة شربهم من نهر. مهرجاناواذ: لها رستاق واسع شربهم من أنهار. مائين: على جادة أصفهان عامرة كثيرة الفواكه. سروستان: الجامع وسط البلد جبلية وقنيهم ظاهرة. صاهه: صغيرة وهم قوم جياد فيهم رفق بالغرباء وحذف في كتبة المصاحف. كثه: على طرف المفازة شديدة البرد قليلة الفواكه. خرمة: لها رستاق واسع وثم رخص وبها قلعة شربهم من قني وتحتها نهر. برقوه: محصنة مشتبكة العمارة كثيرة الأهل وجامع جيد. فرعا: بقرب هراة رخيصة الأسعار. كره: مثل هراة، ولم نرتب مدن هذا الإقليم. جرمق: أخصب هذه المدن وأرخصها أسعاراً وأكثرها أشجاراً على جادة المفازة. برم: في سهلة لها رستاق يسقي من الآبار وهي حصينة القصور.أرد: فيها حصن عظيم ولها ربض عامريسمونها الحر وتعد في مدن أصفهان. الروذان: كانت من نواحي كرمان وكان لها ثلاث مدائن: أناس أذكان أبان. فأما أناس فقد بقيت على رأس الحد ومدينتها بكرمان ليعتدل حدود الإقليمين وتستوي التخوم، وقدأعتدل هذا الإقليم وتربع بهذه الناحية من هذا الجانب وبأصفهان من الجانب الآخر وبقيت أكثر كورة اصطخر بينهما وعلى قصبة الروذان حصن منيع بثمانية أبواب باب أناس باب بيروى باب خور مرداواذ باب نسرين باب مهمان باب شيراز باب كيخر والثامن باب مايفنا ورايته مسدوداً، وبها جامع لطيف حسن يصعد إليه بدرج مبسوط بالحصى وكل مساجدهم عالية كثيرة الأساكفة والمعتزلة، وحماماتهم وسخة، وهي معدن القصارين والحاكة، حولها بساتين حسنة ومقابر عالية بقباب عجيبة وألبان كثيرة وقني عدة منها ما يدخل المدينة وثم عين يستشفي بمائها، وعلى السور شرف وليس لها ربض وهي خفيفة الأهل وقد أحاط بها الرمال.

جمل شؤون هذا الإقليم

أعلم أن بفارس صروداً لا يثمر فيها الأشجار من شدة البرد ولا ينعش فيها الزرع مثل الأردوالرون والرهنان وأطراف أصطخر، وجروم لا يمكن النوم فيها بالنهار من شدة الحر مثل سيراف وأرجان، وما بينهما ويقع الأعتدال بين الحدين وما فيها من البلد مثل شيراز ومدنها وأطراف سابور، والثلج موجود في جميعه يحمل من القرب والبعد الغالب عليه الجبال أكثرها مشجرة والزريعة قليلة وفيه خفة، وبه منازه حسنة وقلاع منيعة وعجائب كثيرة وخصائص غريبة ومعادن جليلة وفواكه لذيذة. المجوس به أكثر من اليهود وبه نصارى قليل وبه مجذمون قليل. ولم أر بلداً أكثر عوراً من كازرون والمفاليج بشيراز كثير.

والعمل فيه على مذهب أصحاب الحديث وأصحاب أبي حنيفة رحه كثير، وللداودية دروس ومجالس وغلبة ويتقلدون القضاء والأعمال، وكان عضد الدولة يعتقده أكثر الفقهاء من الثلاثة مذاهب معتزلة، والشيعة بسواحله كثير.

 

 

ومن رسومهم إذا صليت العصركل يوم جلس العلماء للعوام إلى المغرب وكذلك بعد الغداة إلى ضحى، وأيام الجمع يجتمعون في غير موضع، وطابت شيراز بجامعها والصوفية به كثيرويكبرفي جوامعهم بعد الجمعة ويلتفت على المنبر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذن بين يديه جميعاً بلا تطريب، ولا يشهد إلا عدل. ويلبس العوام ثياب السود ويكشفون الصوف ويكثرون التطلس ويسطلون العمائم وليس لأهل الطيالسة بشيراز مقدار إنما هو لأصحاب الدراريع، وكما يرفع بالمشرق العلماء هاهنا ترفع الكتبة. وللشوائين دكاكين على حدة.وبنيانهم إذا ألفت الحجارة حسن وإذا كانوا في عملها وحش. وجلست يوماً إلى بعض البنائين أعني بشيراز وأصحابه ينقشون بمعاول وحشة وإذا حجارتهم على ثخانة اللبن فإذا اعتدلت قدروها ثم خطوا خطا وقطعوه بالمعول فربما انكسرت البلاطة فإذا أعتدلت أقاموها على حدها. فقلت لهم لو أتخذتم مسفنة وربعتم الأحجار وأحكيت لهم بناء فلسطين وطارحتهم مسائل في البناء. فقال لي الأستاذ أنت مصري قلت: لا بل فلسطيني. قال: سمعت أن عندكم تخرم الأحجارلمحا يخرم الخشب. قلت: أجل. قال: أحجاركم لينة ولصناعكم لطافة. ورأيت لهم أعمالاً عجيبة وخفاً واتقاناً لم أرها بسائر الأقاليم مثل رأس السكر وجسر دخويذ وأبي طالب عملت في هذا العصريعجز عن مثلها كل بناء بالشام واقور. وأكثر جوامعهم باساطين. والبيت الداخل من الحمام لا يمكن فيه المكث من الحر. وسمعت بعض غلمان والدي رحه يقول: تبغنس أبو الفرج الشيرازي في الحمام الذي بناه بأبواب الأسباط لأنه أدخل النار تحت بعض البيت الداخل وليس كما قال ولكنه رأى رسوم الشام في هذا الباب تخالف رسوم فارس فجعل بعض البيت على رسوم إقليمه وبقيته على رسوم الشام. وقل ما يلبسون الميازر وربما حرسته النساء ولا يطرح القضه إلا في موضع واحد. ويأخذون الميت سلاً ويمشي الرجال قدام الجنازة والنسوان خلف، وبخوزستان يمشون من الناحيتين ويقيمون الزمر والطبل في المواتيم وفي المقابر. ولا يعرف في أقاليم الأعاجم الخروج إلى المقابر لختم القرآن وإنما يجلسون للتعزية في المساجد ثلاثة أيام ويكثرون فيه لبس الشمشكات والنعال ويلين فيه القلب أدنى شيء يبوسة. ويصلون التروايح في مرتين ويقدمون فيها الصبيان ويعيدون مع المجوس في النيروز والمهرجان. ودور الزنا بشيراز ظاهرة بقبالات.

وعددهم على شهور الفرس أولها فرودين ماه، أردبهشت، خرداذ، تيرماه،ا مرداذ، شهرير، مهر، آبان، آذر، دي، بهمن، أسفندارمذ. ولكل يوم من الشهر اسم عليها تاريخات الدواوين مثل أيام الجمع بسائر الأقاليم أولها هرمز، بهمن، أردبهشت، شهرير، أسفدارمذ، خرداذ، مرداذ، ديباذر، آذر، آبان، خور، ماه، تير، جوش، ديبمهر، مهر، سروش، رشن، فرودين، بهرام، رام، با د.وأما التجارات فيرتفع من أرجان الدبس الفائق والصابون الجيد والتين

 

والزيت والفوط وثياب الكندكية والبربهار. ومن مهربان الأسماك والتمور والقرب الجياد. ومن سينيز ثياب تشاكل القصب ربما حمل إليهم الكتان من مصر وأكثر ما يعمل اليوم من الذي يزرع عندهم. ومن سيراف الفوط واللؤلؤ وأزر الكتان والموازين والبربهار. ومن درابجرد كل شيء نفيس من الثياب المرتفعة والوسط والدون وما يشاكل الطبرستاني وحصر تشبه العباداني والبسط الجيدة وستور سوزن جرد والبزر الكثير والتمر والدوشاب والزنبق الطيب. ومن فرج الثياب والبسط والستور والدبس الجيد والبزر والكتان. ومن تارم الدوشاب والتمور والقرب والسطائح والدلاء الحسان والمراوح الكبيرة. ومن جهرم البسط والستور والأنماط المحكمة. ومن شيرإز الأكسية البركانات لا موضع لها غيره والمنيرات التي لا شبه لها في الكد مع رقة وحسن والأبراد الجياد ويعمل به خز وديباج وقصب وحلل. ومن فسا ثياب القز تحمل إلى الآفاق وأكسية حسان رقاق وأنماط وبسط وفوط ومنيرات تشاكل الأصفهانية والوشي والستور المثمنة والفروش الرفيعة والستور الأبريسمية والعصفر والموائد والخركاهات ومناديل الشرابية وغير ذلك. ويعمل بسابور عشرة أدهان دهن بنفسج ونينوفر ونرجس وكارده وسوسن وزنبق ومرسين ومرزنجوش وبإدرنك ونارنج وفواكه كثيرة وجوز وزيت وأترنج وقصب سكر والصفصاف تحمل الأدهان إلى البعد والفواكه ألى المصر. ومن كازرون ثياب القصب وكذلك من توز ودريز وتلك النواحي ودبيقي ومناديل مخملة تحمل إلى الآفاق الثمانية وبينها وبين الشطوية بون عظيم. ومن جور وكول الماورد الذي لا نظير له وثياب كثير. ومن إصطخر الأرز والمأكولات. ومن الروذان ثياب تشاكل البمي وأديم أجود من الاطرابلسي والقرب والشمشكات. ولا نظير بشيراز للإجاص العمري والبركانات والمنيرات ودوشاب أزجان وبها شجر مثل الشوك العنزروت نواره. وكذلك بنواحي سابور وبها هملختات جياد. ومن درابجرد ملح الطبرزد والنفطي وجميع الألوان. وفي نهرهم سمك لا عظم له. وفي جبال نيريز عنزروت أيضا ومنها الشنباذة وحجر المغنيسيا. وبنواحي شيراز ريحان ورقه مثل ورق السوسن دخلة يشبه النرجس وخيار له مثل شوك القنفذ وينبت بها زعفران وأرزن. وبفساتين حسن وسرو عجيب وسفرجل نادروبه معادن المومياي بدرابجرد وبارجان أيضاً موضع آخر. وبنيريزمعادن حديد وطين أبيض يكتب به الصبيان الواحهم وطين أسود للختم. بين شيراز وسابور حلتيث كثير.وبه عجائب بطرف أرجان نار تشتعل بالليالي وتدخن بالنهار. يخرج من آبار في جبال فسا ماء ينبع من جبل من مثل ضرع تحته. حفرة يجتمع فيها ينفع من قد يبس من الريح. وثم مياه إذا شرب منها الإنسان عناه كما يعني الدواء. ولهم طلسم متى ما ظهر بدابة داء حمل إلى ذلك الموضع فتطوف في الأرض طوفة ثم تنام على الأرض وتضع بطنها عليها فإما أن تموت أو تستريح في الوقت. على فرسخ من أصطخر ملعب سليمان يصعد إليه في مدرجة حسنة من حجارة وثم أساطين سود وتماثيل ومحاريب وأعاجيب على عمل ملاعب الشام تحته عين ماء قالوا من شرب منها خرج منه بقايا الخمر منذ أربعين يوما، وبين الأساطين حمام ومسجد سليما ن إذا جلس الإنسان في هذا الملعب كانت الضياع والمزارع بين يديه مد البصر. قد سكر عضد الدولة النهر الذي بين شيراز واصطخر بحائط عظيم جعل اساسه بالرصاص فتبحر الماء خلفه وارتفع، فجعل عليه من الجانبين عشرة دواليب على ما ذكرنا من خوزستان وتحت كل دولاب رحاً فهو اليوم من عجائب فارس، وبنى ثم مدينة وجرى الماء في قني فاسقى ثلاثمائة قرية. وفي هذا الرستاق تفاح بعضه حلو وبعضه حامض. بسابور خادم من حجر أسود متوشح بازار مكتوب على عضده بالفارسية قائم وسط الطريق وسطه تسعة أشبار وطوله قامة وذراع. على فرسخ من النوبندجان صورة سابور على باب كهف عليه تاج تحته ثلاثة أوراق خضر طول مشط رجله ثلاثة عشر شبراً ومن رأسه إلى قدميه أحد عشر ذراعاً خلفه ماء واقق لا مد له ولا منفذ وثم ريح تخرج شديدة. وعلى نصف فرسخ من باب شهر حوض ينبع منه ماء ثم يفترق أنهاراً ماء صاف كالزلال يسمى سروشير. بقرية عبد الرحمان اشبه بئر أيوب بايليا. بسابور جبل قد صور فيه كل ملك ومرزبان بعرف للعجم. بمورجان كهف يقطر من سقفه ماء أن دخل رجل لم يخرج إلا بما يكفي لرجل وأن كانوا ألفاً فبما يكفيهم. بجور بركة على باب البلد وثم قدر نحاس

 

عظيمة يخرج من فيه أعلى تلك القدر ماء عظيم. بصاهك بئر لا يقف له على قعريفور منه ما يديررحاً ويسقي تلك القرية. بالغندجان نهر بين جبلين يخرج منه دخان لا يمكن أحداً أن يقربه وأن أجتاز به طائر سقط فيه فاحترق.. في بحر سيراف موضع عبرنا به فانحدر بعض الملاحين فغاصوا في البحرومعهم قرب ثم خرجوا وقد ملؤها ماء عذباً فسألتهم فقالوا عين تخرج في قعر البحر. على نصف فرسخ من كازرون قبة قالوا هي وسط الدنيا. بنواحي اصطخر تلال زعموا إنها رماد نار إبراهيم عم. وبه قناطر عجيبة محدثة وجاهلية، ومياهه غزيرة و. به أنهار عدة فأما نهر طاب فأنه يخرج من جبال أصفهان ويمد على تخوم الإقليم إلى أرجان وعليه السكة تعبرعلى قناطرغيرمرة. ونهر شيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيد ونهر خوبذان ونهررتين ونهر إخشين ونهر سكان ونهر جرسيق ونهر الكر ونهر فرواب ونهر تيرزة هذه أمهات الأنهار.وأما البحيرات فخمس بحيرة البختكان نحو عشرين فرسخاً مالحة بكورة اصطخر، وبحيرة دشت أرزن بكورة سابور عشرة فراسخ عذبة ربما جفت وعامة سمك شيراز منها، وبحيرة كازرون عشرة فراسخ مالحة منشعبة فيها صيد ومنافع، وبحيرة الجنكان نحو اثنى عشر فرسخاً يعملون في أطرافها الملح بكورة أردشير خرة، وبحيرة الباشفوية ثمانية فراسخ مالحة عليها بردي وآجام. وأما بحر الصين فأنه يمد على تخوم الإقليم الجنوبية كلها.وبه من أحياء الأكراد ثلاثة وثلاثون الكرمانية الرامانية مدثر حي محمد بن بشر الثعلبية البندامهرية حي محمد بن إسحاق الصباحية الإسحاقية الأدركانية السهركية الطهمادهنية الزبادية الشهروية المهركية البنداقية الخسروية الزنجية الصفرية المباركية استامهرية الشاهونية الفراتية السلمونية الصيرية الازاددختية المطلبية الممالية الشاكانية الجليلية، وهم خمس مائة بيت.وأما القلاع فباصطخر قلعة عظيمة سعة رأسها فرسخ فيها حياض ماء وأميرراتب وباعة وبها خزائن عدة من الملوك وأموال جاهلية. وبشيراز قلعة بناء عضد الدولة أنفق عليها أموالاً جمة وحفر فيها بئراً في الجبل إلى أسفله. وبنسا وكنه وفسا وقرية اللآس ودرابجرد وجنبد وأرجان وزيرباذ وبعض وسط الجر وذكر ابراهيم بن محمد الفارسي إنها تبلغ خمسة آلاف قلعة.وزمومه خمسة أكبرها زم أحمد بن صالح يعرف بالديوان ثم زم شهرياريعرف بزم البازنجان وهم الذين في ناحية أصفهان من هذا القوم ناقلة من هذا الزم ثم زم أحمد بن الحسن ويعرف بزم الكاريان وهوزم اردشيرخرة. يخرج من فيه أعلى تلك القدر ماء عظيم. بصاهك بئر لا يقف له على قعريفور منه ما يديررحاً ويسقي تلك القرية. بالغندجان نهر بين جبلين يخرج منه دخان لا يمكن أحداً أن يقربه وأن أجتاز به طائر سقط فيه فاحترق.. في بحر سيراف موضع عبرنا به فانحدر بعض الملاحين فغاصوا في البحرومعهم قرب ثم خرجوا وقد ملؤها ماء عذباً فسألتهم فقالوا عين تخرج في قعر البحر. على نصف فرسخ من كازرون قبة قالوا هي وسط الدنيا. بنواحي اصطخر تلال زعموا إنها رماد نار إبراهيم عم. وبه قناطر عجيبة محدثة وجاهلية، ومياهه غزيرة و. به أنهار عدة فأما نهر طاب فأنه يخرج من جبال أصفهان ويمد على تخوم الإقليم إلى أرجان وعليه السكة تعبرعلى قناطرغيرمرة. ونهر شيرين ونهر الشاذكان ونهر درخيد ونهر خوبذان ونهررتين ونهر إخشين ونهر سكان ونهر جرسيق ونهر الكر ونهر فرواب ونهر تيرزة هذه أمهات الأنهار.وأما البحيرات فخمس بحيرة البختكان نحو عشرين فرسخاً مالحة بكورة اصطخر، وبحيرة دشت أرزن بكورة سابور عشرة فراسخ عذبة ربما جفت وعامة سمك شيراز منها، وبحيرة كازرون عشرة فراسخ مالحة منشعبة فيها صيد ومنافع، وبحيرة الجنكان نحو اثنى عشر فرسخاً يعملون في أطرافها الملح بكورة أردشير خرة، وبحيرة الباشفوية ثمانية فراسخ مالحة عليها بردي وآجام. وأما بحر الصين فأنه يمد على تخوم الإقليم الجنوبية كلها.وبه من أحياء الأكراد ثلاثة وثلاثون الكرمانية الرامانية مدثر حي محمد بن بشر الثعلبية البندامهرية حي محمد بن إسحاق الصباحية الإسحاقية الأدركانية السهركية الطهمادهنية الزبادية الشهروية المهركية البنداقية الخسروية الزنجية الصفرية المباركية استامهرية الشاهونية الفراتية السلمونية الصيرية الازاددختية المطلبية الممالية الشاكانية الجليلية، وهم خمس مائة بيت.وأما القلاع فباصطخر قلعة عظيمة سعة رأسها فرسخ فيها حياض ماء وأميرراتب وباعة وبها خزائن عدة من الملوك وأموال جاهلية. وبشيراز قلعة بناء عضد الدولة أنفق عليها أموالاً جمة وحفر فيها بئراً في الجبل إلى أسفله. وبنسا وكنه وفسا وقرية اللآس ودرابجرد وجنبد وأرجان وزيرباذ وبعض وسط الجر وذكر ابراهيم بن محمد الفارسي إنها تبلغ خمسة آلاف قلعة.وزمومه خمسة أكبرها زم أحمد بن صالح يعرف بالديوان ثم زم شهرياريعرف بزم البازنجان وهم الذين في ناحية أصفهان من هذا القوم ناقلة من هذا الزم ثم زم أحمد بن الحسن ويعرف بزم الكاريان وهوزم اردشيرخرة.

 

 

ووضع فارس أنها مقسومة على خط من لدن أرجان إلى النوبندجان إلى كازرون إلى خرة ثم على حدود السيف إلى كارزين حتى يمد على الزم فما كان يلقي الجنوب فجروم وما كان نحو الشمال فصرود، فيقع في الجروم أرجان ونوبندجان وسينيزوتوج وخرة وداذين وموز وكارزين ودشت البوسقان وكير وكيزرين وأبرز وسميران وخمايجان والخرمق وكران وسيراف ونجيرم وحصن أبن عمارة وما في أضعافهن. ويقع في الصرود أصطخر والبيضاء ومائين وأيرج وكان فيروز وكرد وكلار وسروسير والأوسبنجان وأرد والرون وصرام وباذرنج وسردن والخرمه والحيرة والنيريز والمسكانات والأيج والأصبهانات وبورم ورهنان وبوان وطرخنيشان والجوبرقان وإقليد والجرمق وبرقوه وما جرى مجرا هن. ويقع الاعتد ال ما بين ذلك وهي كورة درابجرد وشيراز وفسا وما يدخل في هذا الصقع ممتدا إلى جور ونواحيها. والمضار ماء أرجان ردي وكذلك ماء درابجرد وآبار شيراز ثقيلة. والغالب على الجروم فساد الهواء وتغيير الألوان ثم أصحها سيراف وأرجان وجنابة وسينيز وأعدلها ما بين الحدين. وبدشت بارين عين يستشفى بها من العلل. وماء قصبة سابور ثقيل.

وهو بلد الجور قرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أهل فارس أبخع الناس بطاعة السلطان واصبرهم على الظلم واثقلهم خراجاً واذلهم نفوساً، وفيه أهل فارس لم يعرفوا عدلاً قط. فأن قال قائل أوليس قد مدحهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: لو أن الإيمان بالثريا لتعلق به رجال من أهل فارس. قيل له: خراسان وفارس كانتا عند العرب شيئاً واحداً ومتى أخرجت عالمأ قط مذكوراً في الآفاق وكم قد أخرجت خراسان مثل ابن المبارك وابن راهويه ونظائرهما في الفقه والحديث وإلى اليوم لا تخلومن ائمة أجلة، وفارس خالية من هذا الضرب ولا ترى لهم تصنيفاً يعتمد عليه ولا رسماً في العلم يرجع إليه أولا ترى أن أبا خالد قال: فارس ثلاثة آلاف فرسخ وإنما هذا الإقليم مائة وعشرون في مثلها فعلمت إنه أراد خراسان وماحولها.والولايات فيه للديلم أول من غلب عليه علي بن بويه ولم يعقب فتبنى عضد الدولة وملك من بعده وهو ابن أخيه وبني بشيراز داراً لم أر في شرق ولأ غرب مثلها ما دخلها عامي إلا أفتتن بها ولا عارف إلا أستدل بها على نعمة الجنة وطيبها، خرق فيها الأنهار ونصب عليها القباب وأحاط بالبساتين والأشجار وحف فيها الحياض وجمع فيها المرافق والعدد. وسمعت رئيس الفراشين يقول فيها ثلاثمائة وستون حجرة وداراً، كان مجلسه كل يوم واحدة إلى الحول، وهي سفل وعلو وخزانة الكتب حجرة على حدة عليها وكيل وخازن ومشرف من عدول البلد، ولم يبق كتاب صنف إلى وقته من أنواع العلوم كلها إلا وحصله فيها، وهي أزج طويل في صفة كبيرة فيه خزائن من كل وجه وقد ألصق إلى جميع حيطان الأزج والخزائن بيوتا طولها قامة في عرض ثلاثة أذرع من الخشب المزوق عليها أبواب تنحدر من فوق والدفاتر منضدة على الرفوف لكل نوع بيوت وفهرستات فيها أسامي الكتب لا يدخلها إلا وجيه. وطفت في هذه الدار كلها سفلها وعلوها وقد فرشت فيها الآلات فرأيت في كل مجلس ما يليق به من الفرش والستور، ورأيت بيوت الخيش ينزع عليها الماء من قنى حولها من فوق بالدوام، ورأيت الأنهار تطرد في البيوت والأروقة وأظنه بناها على ما سمع من أخبار الجنة وبان بوناً بعيداً وضل ضلالاً مبيناً وباء بالأوزار، ولم تبق له الدار. وسكن الأجداث، بعد الملك والألات. ولقد مات باشر موتة وأراه الله نفسه خسرة وصار لنا موعظة وعبرة أنشدني بعض الخدم أبياتاً ذكر أنه سمعها منه عند موته. وقد ملك ثمانية  أقاليم وانخطب له بالسند واليمن وطمع في المشرق وعاند صاحب المغرب وخافته الملوك وقبض على صاحب الروم، وعرف أنواعاً من العلوم، وتبحر في علم النجوم. شعر:

تمتع. من آلدنيا فانك لاتـبـقـى                      وخذ صفوهامنهاودع عنك الرنقا

ولا تأمنن الدهر إنـي أمـنـتـه                      فلم يبق لي حالاً ولم يرع لي حقاً

وأخليت دار الملك من كل ناعـم                      وشتتتهم غرباً وشرد تهم شرقـا

فلما لمست آلنجم عـزا ورفـعة                      وصاررقاب الخلق لي كلهم رقا

رماني الردى سهماً فأخمد جمرتي                      فها أنا هنا عاجلاً حفرة ألـقـى

 

 

فلم يغن عنـي كـل مـال ولـم أجـد                      لدى قانص الأرواح في مصرعي رفقا

فأفـسـدت دنـياى ودينـي سـفـاهة                      فمن ذا الذي مني بمصرعه أشـقـى وخراج هذا الإقليم مختلف يؤخذ بشيراز على جريب الحنطة والشعير مائةوتسعون درهماً، ومن الارطاب والمباطخ مائتان وسبعة وثلاثون درهماً، وعلى القطن مائتان وستة وخمسون درهماً وأربعة دوانيق، وعلى الكروم ألف وأربعمائة وخمسة وعشرون درهماً. والجريب الكبير سبعون ذراعاً بذراع الملك وهو تسع قبضات، وخراج كوار على الثلثين مما ذكرنا حطه الرشيد، وخراج اصطخر ينقص عن خراج شيراز في الزرع بشيء يسير، وما أسقاه المطر فعلى الثلث، ولا تسأل عن ثقل الضرائب وكثرتها.

وبه عدة أرطال رطل شيراز الكبير ثمانية أرطال بغدادي به يوزن الخل واللبن ونحوهما، ولهم من مكي. وبالرطل البغدادي يزنون اللحوم والخبز وما يجري مجراهما. ومن الخبز بفسا ثلاثمائة والقطن والحبوب، ويزنون السكر والزعفران والعسل والحناء والبقم وآلة الصيادلة بمن ثلاثمائة، ويزيد عليه من القديد واللحوم والحديد ونحوها بخمسة وعشرين. من درابجرد المعروف منه في جميع الأشياء غير آلة الصيادلة أربعمائة وأربعون درهماً، والغزل والخبز والعصفر والشعر والمرعزي والصوف أربعمائة وثمانون درهماً. من نيريز في كل الأشياء غير آلة الصيادلة ثلاثمائة وعشرون. ومن الغزل ثلاثمائة وأربعون.

ومكاييلهم قفيز فسا ستة أمناء بالثلاثمائة في الحبوب، وما كان من لوز وشعير فقفيزه ستة إمناء، وقفيز الأرز والحمص والعدس ثمانية إمناء. فقفيز نيريز ثلاثة أرطال بغدادي في الشعير والزبيب والقشمش والذرة. وقفيز الحنطة يزيد عليه. من أرجان ثلاثة أرطال غير السكر وقفيزهم عشرة إمناء بالكبير، والمكوك نصف القفيز، والجريب عشرة أقفزة. ويؤخذ على القوانين، لكل نخلة ربع درهم، والضياع تتفاوت بسنبل من ثلاثة دراهم إلى نصف درهم، وبارجان إلى درهم، وأرض القوانين وأن أنكشفت عشرون درهماً.

وأما المسافات فأنك تأخذ من أرجان إلى ريشهر مرحلة ثم إلى مهربان مرحلة. وتأخذ من أرجان إلى بسابك مرحلة ثم إلى دهليزان مرحلة ثم إلى خابران بريدين ثم إلى وادي الملح مرحلة ثم إلى رامهرمز بريدين. وتأخذ من أرجان إلى الزيتون بريدين ثم إلى حبس مرحلة ثم إلى بندق مرحلة ثم إلى جنبد بريدين أو بريداً في العقبة ثم إلى زنك بريدين ثم إلى دخويذ مرحلة ثم إلى خواذان بريدين ثم إلى النوبندجان مثلها. وتأخذ من أرجان إلى كنيسة المجوس مرحلة ثم إلى قرية مرحلة ثم إلى الزيز مرحلة ثم إلى العينية مرحلة ثم إلى النهر مرحلة ثم إلى خرندة مرحلة ثم إلى سميرم مرحلة. وتأخذ من مهربان إلى سينيز أو إلى النهر مرحلة ومن النهر إلى ارجان مرحلة ومن سينيز إلى سنجاهان مرحلة ثم إلى جنابة مرحلة ثم إلى دشت داوودي مرحلة ثم إلى توز مرحلة ثم إلى خشت مرحلة ثم إلى نيماراة نصف مرحلة صعبة ثم إلى سابورمثلها. وتأخذ من سيراف إلى جم مرحلة ثم إلى برزرة مرحلة ثم إلى كيرند مرحلة ثم إلى مه مرحلة ثم إلى رايكان مرحلة ثم إلى بيابشوراب مرحلة ثم إلى جور مرحلة. ومن سيراف إلى عمان في البحر أو إلى البصرة أقلاع خمس إلى عشر ومنها إلى البحرين سبعون فرسخاً عرض البحر.وتأخذ من درابجرد إلى خسو مرحلة ثم إلى كرب مرحلة ثم إلى جويم أبي أحمد مرحلة ثم إلى كاريان مرحلة ثم إلى باراب مرحلة ثم إلى كران مرحلة ثم إلى سيراف مرحلة. وتأخذ من درابجرد إلى جرموا مرحلة ثم إلى رستاق الرستاق مرحلة ثم إلى ئرك مرحلة ثم إلى تارم مرحلة. وتأخذ من درابجرد إلى جاه زندايا مرحلة ثم إلى تيمارستان مرحلة ثم إلى فسا نصف مرحلة.

 

 

وتأخذ من شيراز إلى كفره مرحلة ثم إلى كول ثم إلى بومهان مرحلة ثم إلى جورمرحلة. وتأخذ من شيراز إلى قرية خويم مرحلة ثم إلى خلار بريدين ثم إلى الخرارة مثلهما ثم إلى جركان مرحلة ثم إلى النوبندجان مرحلة فيها شعب بوان الذي هو أحد منازه الدنيا. وتأخذ من شيراز إلى قرية الرمان مرحلة ثم إلى سروستان مرحلة ثم إلى كرم مرحلة ثم إلى فسا مرحلة. وتأخذ من شيراز إلى داريان مرحلة ثم إلى خرمة مرحلة ثم إلى كث مرحلة ثم إلى خيرمرحلة ثم إلى نيريزمرحلة ثم إلى كدروا مرحلة ثم إلى رباط زرودوا مرحلة ثم إلى نهر من مرحلة ثم إلى هنته مرحلة ثم إلى بيمند مرحلة ثم إلى السيرجان بريدين. وتأخذ من شيراز إلى ركان مرحلة ثم إلى رأس السكر مرحلة ثم إلى زياداباذ مرحلة ثم إلى جب أمير المؤمنين مرحلة ثم إلى رأس الدنيا مرحلة. وتأخذ من شيراز إلى صاهه مرحلة ثم إلى دشت أرزن مرحلة صعبة فيها عقبة بالأن. وتأخذ من فسا إلى كارزين مرحلة ثم إلى هرمز مرحلةمن كارزين إلى خارزين مرحلة.

ولا أعرف مصراً توسط إقليمه إلا هذا وهمذان ألا ترى أن منه إلى كثه أو إلى تارم أوإلى نجيرم أوإلى نهرطاب ستين ستين ومنه إلى الزوايا الأربع سينيزأوالروذان أو سورو أو تخوم أصفهان ثمانين ثمانين وحوله مدن تتقارب مسافتها إليه. حدثني رجل بكازرون قال: هرب بعض الناس من السلطان فعدا إلى سابور ثم سأل كم إلى شيراز قالوا ثمانية عشر فعدا إلى كازرون ثم سأل كم إلى شيراز قالوا ثمانية عشر فعدا إلى خره ثم سأل كم إلى شيراز قالوا ستة عشرفعدا إلى جور ثم سأل فقالوا عشرون ومنه إلى البيضاء مرحلة.

وتأخذ من سابور إلى كازرون مرحلة ثم إلى خره مرحلة. ومن سابور إلى النوبندجان مرحلة ومن سابور إلى كرك مرحلة ثم إلى دشت أرزن مرحلة. ومن كازرون إلى قرية الحطب بريدين ثم إلى دشت أرزن مثلها. ومن كازرون إلى دريزبريدين ثم إلى رأس العقبة مثلها  ثم إلى توز مثلها ثم إلى قرية مثلها ثم إلى جنابة مثلها.

وتأخذ من اصطخر إلى رأس السكر بريدين ومن اصطخر إلى البيضاء أو إلى قرية الحمام مرحلة ومن قرية الحمام إلى زيادواذ بريداً ثم إلى جب أمير المؤمنين ثم إلى رأس الدنيا ثم إلى خورستان مرحلة ثم إلى هراة مرحلة ثم إلى راذان مرحلة ثم إلى شاباوك مرحلة ثم إلى روار مرحلة ثم إلى قرية الجمال مرحلة ثم إلى الروذان مرحلة. وتأخذ من اصطخر إلى بير بريدين ثم إلى كهمندة مرحلة ثم إلى قرية بيذ مثلها ثم إلى أبرقوه مرحلة ثم إلى قرية الأسد مثلها ثم إلى الأرد مرحلة ثم إلى قلعة المجوس مرحلة ثم إلى كثه مرحلة ثم إلى أنجيره مثلها. وتأخذ من اليهودية إلى خان رش مرحلة ثم إلى قومسة مرحلة ثم إلى كرو مرحلة ثم إلى سميرم مرحلة. وتأخذ من اليهودية إلى الخان خان لنجان مرحلة ثم إلى كرو مرحلة ثم إلى ماس مرحلة ثم إلى خان زوشن بريدين ثم إلى اصطخران مرحلة ثم إلى قصر أعين مرحلة ثم إلى خوسكان مرحلة ثم إلى مائين مرحلة ثم إلى أزر سابور مرحلة ثم إلى شيراز مرحلة. وإن شئت فخذ في مفازة من قومسة إلى روزكان مرحلة ثم إلى ازكاس مرحلة ثم إلى سروستان مرحلة ثم إلى سرمسه مرحلة ثم إلى لاه وكره مرحلة ثم إلى قرية الخلاف مرحلة ثم إلى كماهنك مرحلة ثم إلى قرية ابن بندار مرحلة ثم إلى اصطخر مرحلة. وتأخذ من سميرم إلى جعفراباذ مرحلة ثم إلى الزاب مرحلة ثم إلى كورد وكلار مرحلة ثم إلى مهرجاناواذ مرحلة ثم إلى اش وبورد مرحلة ثم إلى نسا بريدين ثم إلى شيراز مرحلة. وتأخذ من اليهودية إلى خالنجان مرحلة ثم إلى باركان ممرحلة ثم إلى أسبيذ دشت مثلها ثم إلى جعاد وجورد مثلها ثم إلى الرباط مثلها ثم إلى كورستان مرحلة ثم إلى جسرجهنم مرحلة.

 

آقليم كرمان

 

هذا إقليم يشاكل فارس في أوصاف ويشابه البصرة في أسباب ويقارب خراسان في أنواع لأنه قد تاخم البحر واجتمع فيه البرد والحر والجوز والنخل وكثرت به التمور والدوشاب، والثمار والارطاب. به جيرفت الذي تضرب به الأمثال، ومنوقان الذي تشد إليه الرحال، وعند تمر خبيص يقف الرجال. وله سهول وجبال، وبه سماق ورمال. وأنعام كثيرة وجمال، وخصائص عجيبة وأعمال. به يسيل التوتيا على مرازيب كزلال، وقد أوضحنا بذكر نرماسير المقال. وثياب بم بالخافقين هي جمال، ومع ذاك أوطياء ولا فيهم ثقال. وكرمان متجر يسار وحسن حال، صحيح مياهه ووسط على اعتدال. ودين وعفة ترى به على كمال، فصيح لسانهم والعقل غير زال. فكرمان سرية لولا خلال، حر في السواحل وحياتهم طوال. ولا لهم نظارة ولا مذكر يفقه العوام نحيفة أجسامهم تحاكي الخلال، كثير قفاره ولا نهر يجري به الدقال. وللدولتين مطلب يرى لهم به مجال، يفيض هروجه وكم فيه من قتال. وهذا مثاله وشكله وبالله التوفيق لا شريك له.وهذا الاقليم خمس كوروناحية أولها من قبل فارس بردسيرثم نرماسير ثم السيرجان ثم بم ثم جيرفت. فأما بردسيرفانها كورة تلي المفازة لها صرود وجروم يسمونها بلسانهم كواشير قصبتها على اسمها ومن مدنها: ماهان، كوغون، زرند، جنزرود، كوه بيان، قواف، أناس، زاور، خوناوب، غبيرا، كارشتان. وناحية خبيص مدنها: نشك، كشيد، كوك، كثروا. وأما نرماسير فأنها تلي المفازة أيضا من نحو سجستان قصبتها على هذا الاسم وكذلك الخمس ومن مدنها: باهر، كرك، ريكان، نسا. وأما السيرجان فأنها متوسطة بين الكور مائلة نحو فارس قصبتها المصر ومن مدنها: بيمند، الشامات، واجب، بزورك، خور، دشت برين. وأما بم فأنها تتاخم فارس أيضا من مدنها: دارزين، طوشتان، أوارك، مهركرد، راين. وأما جيرفت فأنها أنزه كور الإقليم تتاخم بحر الصين وتصاقب مكران وتجمع الأضداد غزيرة الأنهار حسنة الثمار كثيرة المدن منها: باس، جكين، منوقان، درهفان، جوى سليمان، كوه بارجان، قوهستان، مغون، جواون، ولاشجرد، روذكان، درفاني.

بردسير: قصبة ليست بالكبيرة لكنها حصينة وإليها دواوين الإقليم اليوم وبها الجيش، على جانبها قلعة كبيرة فيها بساتين وقد حفرفيها بئرعظيمة عجيبة من بناء أبي علي بن الياس وهو الذي أختار هذه القصبة وسكنها عشرين سنة. على الباب حصن وخندق مجسر لها أربعة أبواب باب ماهان باب زرند باب خبيص باب مبارك. أكثر شربهم من آبار ولهم قناة وفي وسط البلد قلعة أخرى والجامع قربها لطيف وبحدق بالبلد بساتين والقلعة عالية كان يصعد إليها أبن الياس على الدواب الجبلية المعتادة لصعودها وينام فيها كل ليلة والقني تسقي بساتينهم المحيطة. ماهان: مدينة العرب الجامع وسط البلد شربهم من نهر في وسطها قهندز بباب واحد يحوط به خندق وتسير منها مرحلة إلى القصبة في اشجار مشتبكة ومياه جارية. كوغون: جامعها وسط البلد شربهم من نهر وقني. زرند: قد بنى أبن الياس على حافتها قلعة وهي كبيرة شربهم من قني والجامع في الميدان عند السوق. جنزروذ: كثيرة الفواكه الجامع في الأسواق ولهم نهر.أناس: أكبرمن الروذان على رأس الحد خربة بها كتاب فره والجامع وسط السوق شربهم من قني وسط البلد حصن ولها ربض. كوه بيان: صغيرة لها بابان وربض فيه حمامات وخانات والجامع على الباب قد التفت بها البساتين والجبل منها قريب سوقها صغير والعلم بها قليل وخطيب سخنة عين. زاور: أكبر من كوه بيان لهأ حصن على رأس الحد. خوناوب: متوسطة الجامع وسط، الأسواق كثيرة المزارع والضياع وشجر الغبيراء بعض سقيهم بالدواليب وطواحينهم بالجمال. قواف وبهاوذ: بينهما ثلاث فراسخ سردسير كله بساتين وهما عامرتان نزيهتان. غبيرا: صغيرة لها قرى باردة شربهم من نهر في الوسط قهندزوقد بنى أبن الياس خارج البلد سوقاً، الجامع وسط البلد. كارشتان: باردة كثيرة الجوز والمزارع شربهم من نهر لها خمس وعشرون قرية تشرب منه. خبيص: عليها حصن بأربعة أبواب جيدة التمور الجامع وسط البلد شربهم من قني ونهر، ومدنها على تخوم المفازة وهن عامرات، معدن التمور والابريسم كثيرة التوت.

 

 

نرماسير: قصبة جليلة كبيرة عامرة هي المطرح والمغوثة، أثم في هذا الاقليم أحدوثة. خزانة مقصودة نفيسة وبلدة آهلة عجيبة قصورها حسنة أنيقة بها تجاركبار كثيرة المتاع والجمال منها يصدر نفرخراسان، وإليها يحمل متاع عمان. وبها تجتمع تمور كرمان، وعليها طريق حاج سجستان. ومنها ينقل البربهار، بها قوم جياد وأموال ويسار. إلا أنها فاسدة النسوان، متطرفة عن البلدان، لا يأمن فيها السلطان. ولا يطارق بها العيار، ولا يطول بها الأعمار، ولا فقيه نظار. ولا مقريء أمام. هي أصغر من السيرجان عليها حصن بأربعة أبواب باب بم باب صوركون باب المصلى باب كوشك، والجامع وسط الأسواق عامريصعد إليه بعشر درجات من الآجرحسن به منارة ليس لها في الإقليم من نظير، وثم قلعة يقال لها كوش وران على باب بم ثلاثة حصون يعرفن بالأخوات، يحدق بالبلد البساتين والنخيل وتجمع الأضداد من الثمار، شربهم من قني ولا بأس بحماماتهم. ريكان: عليها حصن والجامع على بابها كثيرة النخيل والبساتين. باهر وكرك: عامرتان على حد سجستان لهما بساتين ونخيل ونهر وقني نزيهتان. نسا: لها بساتين في سهلة والجامع في الأسواق شربهم من نهر تكون مثل نابلس.

السيرجان: هو مصر الإقليم وأكبر القصبات وأكثرها علماً وفهماً وأحسنها رسماً وآئيناً، عامراً، أهل تنغم، أسواق فسحة وشوارع فرجة ودور حسنة بها بساتين ومياه جارية والجدارات رفيعة عامرة معتدلة، والأموال كثيرة جمة، وخصائص وصناعة وجامع حسن ومنارة وبلد كبيرة حصينة أبهى وأوسع من شيراز، هواء معتدل وماء صحيح وطعام نظيف وأضداد مجتمعة وخيرات كثيرة وأسعار رخيصة وعلم ودراية، إلا أن أكثرهم معتزلة وهي من أهلها خفيفة ومدنها قليلة، لها ثمانية دروب درب حكيم درب خاريحان درب بم درب معلى درب الميدان درب فضيل درب روحان درب شيبان، ولها سوقان عتيق وجديد الجامع بينهما في معزل قد بنى فيه عضد الدولة منارة عجيبة على رأسها أعمال من الخشب دقيقة منها ما يدور، وبنى على باب حكيم داراً حسنة، ومياه البلد من قناتين شقهما عمرو وطاهر أبنا ليث تدور في البلد وتدخل دورهم وتعم بساتينهم، بناؤهم طين ومن نحو بم أكثر البساتين. بيمند: عليها حصن منيع وأبواب حديد والجامع وسط السوق شربهم من قني. الشامات: كثيرة البساتين والكروم فواكهها تحمل إلى النواحي والجامع وسط البلد. واجب: عامرة كثيرة البساتين الجامع في الأسواق شربهم من قني ولهم منازة وهي طيبة. بزورك: كثيرة الأهل على أسفل جبل مشتبكة بالبساتين حسنة الثمار شربهم من قني. خورجليلة كثيرة الفواكه يشقها نهر الجامع على حافته. دشت برين: رستاق واسع كثير النخيل والنيل والحبوب لا أعرف له مدينة. بهار: من نحو بم على ما ذكرنا من العماره والنخيل. خناب: من هذا الوجه منهم من لا يضيفها إلي هذه الكورة.

بم: قصبة جليلة طيبة كبيرة أهل صناعة وحذاقة ومتاجر مقصودة، ثيابها في الآفاق معروفة وهي في الإسلام مشهورة وللإقليم مفخرة، إلا أن عامتهم حاكة وليس لمياهها حلاوة ولا لهوائها طيبة وعليها حصن بأربعة أبواب باب نرماسير باب كوسكان باب أسبيكان باب كورجين وسطها قلعة فيها الجامع وبعض الأسواق وبقية الأسواق خارج، وفي وسط البلد نهريجري على حافة البلد ثم يشق البزازين ويدخل القلعة ثم يخرج إلى البساتين بناؤهم طين جيد علك، من أسواقها سوق جسر جرجان، وأكثر شربهم من قني، ومن حماماتهم المذكورة حمام زقاق البيذ، وجبل كود منها على فرسخ، وطواحينهم على الماء، بقربها قرية عظممة أكثر ما يعمل من الثياب بها. طوشتان: كثيرة البساتين جيدة الحنطة شربهم من نهر وقني يسيرة وهي زريعة. دارزين: بها جامع حسن وشربهم من نهر ولهم بساتين ومزارع وخيرات ومنازه. أوارك ومهركرد: ملتصقتان بينهما قلعة بناها ابن الياس شربهم من نهر وبناؤهم طين. راين: صغيرة، الجامع وسط الأسواق كثيرة البساتين يعمل بها ثياب كثيرة على عمر البمي وتخرج خروجها.

 

 

جيرفت: هي أطيب القصبات، ومعدن الفواكه والخيرات. بها يجتمع المتضادات، وفيها المنازه والروضات. طيبة الأسواق والحمامات، نظيفة الخبز والأدامات. حلوة البطيخ إلأ أن حرها شديد وبها مؤذيات، ومع ذاك بق وحيات، قليلة العلم والألات. عليها حصن بأربعة أبواب باب سابور باب بم باب السيرجان باب المصفى، والجامع على طرف عند باب بم من آجر وجص بعيد عن الأسواق، شربهم من نهر يتخلل الشوارع والأسواق شديد الجرية يدير عشرين رحى، وهي أكبر من اصطخر بناؤهم طين أساسه حجريحمل إليها الثلج، وفي الجامع نهر يجري، حسنة الرستاق جدا قد اجتمع في بساتينها النخل والجوز وعلا النرجس والنارنج وعبقت منهما الأرياح فهي حسنة نزيهة.

هرموز: على فرسخ من البحر شديدة الحر الجامع في السوق وشربهم من قني حلوة وسوقهم جاد وبناؤهم من طين. باس وجكين: مدينتان على مرحلة من البحر أصغر من هرموز جامعهما في الأسواق. منوقان: هي بصرة كرمان، ومنها ميرة خراسان من التمور الرخيصة الحسان، وهي مع ذلك جانبان بينهما واد يابس كلان، احدهما كونين والآخر زامان. بينهما قلعة وجامع سيان، منهما إلى البحر يومان. وايام إلى درهفان، وهي مفخر كفى الرحاب موقان. فأن قال قائل ومن أين علمت أن كل بلد اخره آن له خاصية قيل له بكثرة التجارب وله أيضاً دليل من كتاب الله تعالى، ألا ترى أن المخلوق يجوز أن يسمى رحيماً فإذا دخلت الألف والنون صار رحمان وصار خاصاً لله عز وجل، وألا ترى أن كل ماء جار يسمى حميماً فلما تبعته الألف والنون صار لجهنم خاصاً، والقطر هو النحاس فلما أراد الله تعالى أن يعلمنا إنه عذاب على أهل جهنم الحق به الألف والنون. درهفان: في رملة وبرية قريبة من البحر شربهم من قنى لها بساتين وبها نخيل الجامع وسط البلد. جوى سليمان: متوسطة كثيرة الأهل واسعة الرستاق وشربهم من نهر يتخلل البلد والجامع وقهندز وسطها. كوه بارجان: كثيرة البساتين معتدلة الهواء تجمع الأضداد لها قهندز والجامع في البلد شربهم من نهر وآبار. قوهستان أبي غانم: وسطة حارة كثيرة النخيل شربهم من نهر يتخلل البلد والجامع وسطها وبها قهندز. مغون: كثيرة البساتين والنارنج شربهم من قني وهي من معادن النيل. جواون: صغيرة شربهم من قني. ولاشجرد: عليها حصن ولها قهندز يسمونه كوشة شربهم من قني ذات بساتين. روذكان: عامرة بها نخيل وبساتين- ونارنج كثير شربهم من نهر وقني. درفاني: نصفها جرم سير ونصفها سردسير وهي درب فيها فاكهة متضادة طيبة نزيهة.

وبين السيرجان وبم رائين دارجين ما بين. وبين جيرفت والمفازة جنزروذ فرزين. وبين جيرفت والسيرجان ناجت خير. وبين السيرجان وفارسى كشيستان جيروقان مرزقان السوزقان مغون. لم أدخلهن ولم أر عاقلاً اأدبر معه في بابهن وإلى أين وجب أن يضفن. وأما إسبيذ فقد جعلناها نظيرتيماء.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم تزيد جرومه على صروده، ووسطه معتدل مثل فارس، وفارس أوسع وأجل وأعمر، وهذا كثير المفازات وبه جبال منيعة وله دخلة مقوسة عند البحر وقد جعل له الفارسي دخلة في فارس مثل الكم عند الروذان، وجرومه على حرارة جروم فارس سواء، وصروده تقصر عن صرود فارس، وليس في جرومه شيء من الصرود اوربما وجدت في صروده جروماً وهم سمر إلى النحافة وفيهم وطاء وسلامة وهواؤهم صحيح ورأيت به مجذومين.

والمذاهب الغالبة للشافعي إلا جيرفت، وقد قل الفقهاء بها وبدا أهل الحديث يغلبون إلا بهرموز، وليس لمذكريهم علم كثير. وذكر لي بعض علمائهم بكوه بيان فقصدت مسجداً فيه رئيسهم مع جماعة من المشايخ فسألتهم عنه فبعثوا رجلاً يدعوه وجعلوا يسألوني إلى أن قالوا أهل بيت المقدس يصلون إلى الكعبة وما يشاكل هذا من المعضلات. قلت: عالمكم هذا يجلس لكم. قالوا: نعم. قلت: ولم يعلمكم هذا المقدار لا حاجة لي في لقائه. ورأيت آخر ببم لا يتحضل من تذكيره على شيء. ولم أر لهم رؤوساً ولا مناظرات يعتمد عليها بلى أدباء ما شئت. وللخوارج ببم جلبة وجامع على حدة فيه بيت مالهم.

 

 

ورسومهم لها لباقة في الثياب يقاربون أهل فارس في أكثر رسومهم، ولا يرفعون من تمورهم ما وقع من النخل، وربما وجد التمر في مواضع مثل منوقان وما في معناها مائة من بدرهم، ورسم الجمالين إنهم يحملون التمر إلى خراسان مناصفة يقصدها كل سنة نحو مائة ألف جمل ويدخلون على غفلة ويعطي السلطان كل جمال ديناراً، ويكثر الزنا والفساد بنرماسير حينئذ، وسمعت بعض الجمالين يقول ههنا امرأة قد زنى بها جميع أهل النفر عن آخرهم في هذه السفرة. والتجارات مفيدة من عندهم تحمل تمور خراسان ونيل فارس ومزارعه من حدود ولاشجرد إلى هرموز. ويحمل من بم العمائم والمناديل والطيالسة والثياب الرفيعة تختار على جميع المرويات. ويعمل بالسيرجان من هذا البز شيء كثهر ويعمل بها ما يعمل بقم من الكراسي وما يجري مجراها ولا تكون على حسنها. وترفع من نواحي جيرفت النيل الكثير والكمون ولهم فانيد ودوشاب رخيص. والغالب على طعام أهل هذه الكورة الذرة والتمر.

ومن خصائصهم التوتياء المرازبي وإنما سمي مرازبياً لأنهم يتخذون شبه أصابع من الخزف كبارا ثم يصبونه عليه فيلتزق به فيبقى كالمرازيب، ورايتهم يجمعونه من الجبال وقد بنوا أكواراً عجيبة طويلة يصفونه كما يصفى الحديد ولم أره الأ بالقرى. ثم لا ترى أحلى من تمرهم لا يمكن أن يؤكل نياً وإنما يصلح للعصائد ولا نظير لثمانية أجناس تمور صيحاني المدينة وبردى المروة ومسقر ويلة ومصين عمان ومعقلي البصرة وأزاد الكوفة وإنقلى صغر وكرماشاني هذا الاقليم. ومنهم مكي، ومكايلهم مختلفة. وسنجهم خراسانية. وبه معادن حديد وفضة.

أكثر مياهم قني وليس به نهر عظيم ونهر جيرفت شديد الجرية يسمع له وجبة عظيمة وخريريجر الصخر ولا يستطيع أحد أن ينزله.

والجبال المذكورة بهذا الإقليم جبال القفص والبلوص والبارز ومعدن الفضة، وجبال القفص شمالي البحرمن خلفها جروم جيرفت والروذبار، وشرقيها الاخواس ومفازة بين القفص ومكران، وغربيها البلوص ونواحي هرموز، ويقال إنها سبعة أجبل وأن بها نخلاً كثيراً وخصباً ومزارع وإنها منيعة جداً. والغالب عليهم النحافة والسمرة وتمام الخلق ويزعمون إنهم عرب ونحن نستقصي وصفهم في المفازة إن شاء الله. وأما البلوص فقد شتتهم عضد الدولة وأسرهم وسباهم وقد كانوا أولي بأس وكان القفص يخافونهم وكانوا أصحاب نعم وبيوت شعر مثل البادية. وأما جبال البارز فأنها مشجرة عامرة فيما سمعت وهي أيضا ممتنعة ولا يتأذى بهم أحد وهم حديثوا الإسلام وقد كان غزاهم يعقوب وعمرو أبنا الليث وثم معادن من حديد وغيره. وأما جبال المعادن فهي جبال فيها فضة طولها نحو مرحلتين. وبكرمان شعاب عامرة مشجرة مثل الدرباني وما في معناها.

ولسانهم مفهوم يقارب الخراساني وربما أنغلق، لسان الرستاق ولسان القفص والبلوص غير مفهوم يشابه السندي.

وضع هذا الإقليم جروم ثلثا الإقليم من جيرفت وجبال القفص ودشت بر ورويس وما يدخل في هذا الصقع من النواحي والقرى ومدن بم داخلة فيه أيضا إلى تخوم المفازة وحدود مكران، وليس بعد جيرفت وبم مما يلي المشرق شيء من الصرود ويقع غربي جيرفت صرود وثلوج ما بين جبل الفضة إلى درباني إلى أن تشرق على جيرفت. والميجان صرود منها عامة فواكه جيرفت وثلجها. والثلث من الإقليم صرود من أقصى السيرجان إلى حد فارس ثم إلى المفازة من هذا الوجه وتدخل في ذلك كواشير وتقع خبيص في الجروم فهذا تفسير قولنا ربما دخل في سروده جروم. وأما حدود كرمان فإن شرقيها أرض مكران ومفازتها والبحر وراء البلوص وغربيها أرض فارس وشماليها المفازة ويقع البحر على جنوبيها.

 

 

والولايات كانت لآل سامان إضافها المعتمد إلى إسماعيل سنة 290 لما-ظفر بعمروبن الليث ثم عصي أبو علي بن الياس وتغلب عليها وكان يخطب عليهم ثم ملكها علي أبن بويه وصارت إلى اليوم للديلم. إلا أنهم يحملون في كل سنة إلى صاحب خراسان مائتي األف ديناروما ملكوها الا بعد قتل عظيم وكسر العامة وقد خربوها وأكثر أعمالهم خراب. وقرأت في بعض الكتب بفارس حديثاباسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأني انظر إلى شأن الديلم في أمتي وقد أغاروا على أموالهم وخربوا المساجد وهتكوا الحرم وأضعفوا الاسلام وأزالوا النعم وهزموا الجيوش ولا يغلبهم غير أمر الله، يخرج رجل من أرض خراسان حسن الوجه فارس في عارضيه بياض وفي صدره خال أسود حسن القامة عظيم الخطر فيلسوف عالم اسمه نبي من ولد العجم يفتح الله على يديه الدروازات الصغرى فيملك من خراسان إلى باب الدروازات الكبرى ولا يرفع السيف حتى لا يبقى منهم أحد حامل سلاح. قيل يا رسول الله وما يكون بعد ذلك. قال: يخرج صاحب خراسان إلى بيت الله فيخطب له على المنابر بخراسان والزوراء وأرض فارس والعراق ومكة والمدينة. قيل يا رسول الله وما يكون بعد ذلك. قال: دويلة طويلة يصير الناس كالأسد لا يؤدون الأمانات ولا يحفظون الحرمات.

وخراج كرمان ستون ألف ألف درهم. وضرائب شهروا وسورو أخف من ضرائب سيراف.

وأما المسافات فتأخذ من بردسير إلى السيرجان مرحلتين وتأخذ من بردسير إلى حد المفازة إلى جنزروذ مرحلة ثم إلى زرند مرحلة ثم إلى المفازة مرحلة.

وتأخذ من نرماسير إلى الفهرج مرحلة وهي على طرف المفازة. وتأخذ من نرماسير إلى جوي سليمان 3 مراحل ثم إلى ريكان مرحلة ثم إلى موخكان مرحلة ثم إلى الطيب مرحلة ثم إلى مروغان مرحلة ثم إلى باس وجكين مرحلة ثم إلى هروك مرحلة ثم إلى قصر مهدي مرحلة ثم إلى هرموز مرحلة ثم إلى الفرضة بريدين.

وتأخذ من السيرجان إلى كاهون مرحلتين ثم إلى رستاق الرستاق مرحلة. وتأخذ من السيرجان إلى بيمند بريدين ثم إلى كردكان بريداً ثم إلى أناس مرحلة ثم إلى الروذان بريدين. وتأخذ من السيرجان إلى الشامات مرحلة ثم إلى بهار مرحلة ثم إلى خناب مرحلة ثم إلى غبيرا مرحلة ثم الى كوغون فرسخاً ثم إلى رائين مرحلة ثم إلى سروستان مرحلة ثم إلى دارجين مرحلة ثم إلى بم مرحلة. وتأخذ من السيرجان إلى فرزين مرحلتين ثم إلى ماهان مرحلة ثم إلى خبيمى 3 مراحل. وتأخذ من بم إلى نرماسير مرحلة وتأخذ من بم الى دارجين مرحلة ثم إلى هرمز مرحلة ثم إلى جيرفت مرحلة.

 

إقليم السند

هذا إقليم الذهب والتجارات، والعقاقير والألات والفانيذ والخيرات، والأرزاز والموز والأعجوبات، به رخص وسعة ونخيل وتمرات، وعدل وأنصاف وسياسات. وبه خصائص وفوائد وبضاعات، ومنافع ومفاخر ومتاجر وصناعات. ومصر جليل ومدن سرية وقصبات، وسلامة وعافية وثم أمانات. قد جاور البحر، وشقه النهر. وحوى النخل، وله سهل وزرع على البعل. مصرظريف، ونهر شريف، وأمره طريف. غير أن ذمته مشركون، والعلماء به قليلون. ولا تصل إليه إلا بعد اخطار البر وأهوال البحر، بعد الشق وضيق الصدر. وهذا مثاله وشكله وقد جعلنا هذا الإقليم خمس كور وأضفنا إليه مكران لأنها بقربه مصاقبة له وليتصل الأقاليم بعضها إلى بعض وبالله التوفيق. فأولها من قبل كرمان مكران ثم طواران ثم السند ثم ويهند ثم قنوج ثم الملتان. وادخلنا الملتان أيضاً للعلة التي ذكرنا فإذا بنا قد رجعنا إلى تخوم خراسان واتينا على أقاليم الأعاجم كلها ولم نشذ من الإسلام شيئأ. وأعلم إني قد درت على تخوم هذا الإقليم وبلغت سواحله كلها ورايت وسمعت ما سأذكره وأكثرت السؤال عن اساميه وتفحصت عن أخباره وعرفت مدنه، ومع هذا فلا أضمن من وصفه ما أضمن من غيره ولا أصف إلا أمصاره ولا أستقصي في شرحه لما روى كفى بالمرء الكذب أن يحدث بكل ما يسمع ولقولهصلى الله عليه وسلم ليس الخبركالمعاينة ولولا خشية أن يختل هذا الأصل ويبقى من الأسلام صدر لاعرضنا من الكلام فيه. وأما المثال والشكل فعلى سبيل ما دبرت مع عرف هذا الإقليم ودوخة من أهل الفهم وأكثر ما مثلت من الأقاليم فلم أمثلها حتى دبرت مع عقلاء ذلك الإقليم واستعنت بفهمائه وقد أكثرت فيه من كلام إبراهيم بن محمد الفارسي الذي نسميه الكرخي وأسندناه إليه وبالله نستعين.

 

 

فأما مكران فقصبتها بنجبور ومن مدنها: مشكة، كيج، سراي شهر، بربور، خواش، دمندان، جالك، دزك، دشت علي، التيز، وذكر الفارسي كبرتون، راسك قال وهي مدينة الخروج، به، بند، قصرقند، أصفقة، فهل فهرة، قنبلى، أرمابيل، وذكر من الأولى التيز، ومشكة، ودزك، ولم يصف شيئاًمنها. أما طواران فقصبتها قزدار ومن مدنها: قندبيل، بجثرد، جثرد، بكانان، خوزى، رستاكهن، رستاق روذ، موردان، رستاق ماسكان، كهركور، وذكر الفارسي: محالى، كيزكانان، سورة، قصدار ولم يذكر غيرهن. وأما السند فقصبتها المنصورة ومن مدنها: ديبل، زندريج، كدار، مايل، تنبلى، وقال الفارسي: النيرون، قالري، أنري، بلري،المسواهي، البهرج، بانية، منجابري، سدوسان، الرور، سوبارة، كيناص، صيمور. وأما ويهند فإن الفارسي سماها الهند فقال مدن الهند: قامهل، كنباية، سوبارة، سندان، صيمور، الملتان، جندرور، بسمد، ثم قال فهذه مدن هذه البلاد. وسألت رجلا من أهل العلم والحكمة وكان يجلس للناس بشيراز والأهواز ويقص عليهم ويعرف بالزهد وقد أقام بتلك البلدان مدة مديدة صف لي تلك النواحي صفة يمكن إدخلها في هذا التصنيف وانعتها لي نعتاً حتى كأني انظر إليها. وكذلك سألت فقيهاً آخر من أصحاب أبي الهيثم النيسابوري قد وطئ تلك النواحي وعرف أسبابها فصح عندي من قولهما أن ويهند هي القصبة وأن من مدنها: وذهان، بيتر، نوج، لوار، سمان، قوج. وأما قنوج فأنها القصبة أيضاً ومن مدنها: قدار، ابا ر، كهارة، بارد، وجين، اورهة، زهو، هر، برهيروا، ولم يذكرهن الفارسي بتة. وأما الملتان فهي القصبة أيضا ومن مدنها: برار، راماذان، روين، برور.

بنجبور: قصبة مكران لها حصن من طين حوله خندق وهي بين النخيل لها بابان باب طواران باب التيز، شربهم من نهر والجامع وسط الأسواق، قوم غتم ليس معهم من الإسلام إلا الاسم لسانهم بلوصي. التيز: على البحر كثيرة النخيل بها رباطات فاضلة وجامع حسن وهم قوم متوسطون لا علم ولا ظرف غير إنها فرضة مشهورة. قزدار: قصبة طواران في صحراء ذات جانبين بينهما واد يابس بلا جسور في إحدهما دار السلطان فيه قلعة ويسمى الجانب الآخر بودين وفيه دور التجار والمطارح، وهي أفسح وأنزه، والقصبة على صغرها مفيدة وإليها يقصد نفر خراسان وفارس وكرمان ومن بلدان الهند. إلا أن ماءها ردي إذا شرب منه الإنسان ثقل بطنه، وسلطانهم عادل متواضع. بنيان: مدنها من طين ومشاربهم من قني وهن في صحراء غيركثرد وكيزكانان فإن لهما نهراً، ولكثرد آبار ومزارع، المدينتين على العذى وكلهن جروم إلا كثرد فأنها باردة ربما وقع بها ثلج وجمدالماء.

المنصورة: هي قصبة السند ومصر الإقليم تكون مثل دمشق بناؤهم خشب وطين والجامع من حجر وآجر كبير مثل جامع عمان على سواري ساج، لها أربعة أبواب باب البحر باب طواران باب سندان باب الملتان، ولهم نهر يحوط بالبلد، أهل لباقة اولهم مروة وللإسلام عندهم طراوة والعلم وأهله كثير والتجارات ثم مفيدة، ولهم ذكاء وفطنة ومعروف وصدقة. والهواء لين والشتاء هين والأمطار كثيرة والأضداد مجتمعة. ولهم خصائص غريبة وثم جواميس عظيمة، شربهم من نهر مهران والجامع وسط الأسواق والرسوم تقارب العراق مع وطاء وحسن أخلاق، إلا إنه شديد الحر كثير البق، بلغمانيون الغالب عليهم الكفار، خرب الأطراف قليل الأشراف. ديبل: بحرية قد أحاط بها نحو من مائة قرية أكثرهم كفار والبحر يسطع جدارات المدينة، كلهم تجار كلامهم سندي وعربي، وهي فرضة الكورة كثيرة الدخل، وثم يفيض مهوان في البحر، والجبل منهم على صيحة والبحريدخل السوق، أهل ظرف وتلبس. تنبلى: عليها حصن بحرية أيضأ قليلة المسلمين والتجار المجهزين.

ويهند: قصبة جليلة أكبرمن المنصورة لها بساتين كثيرة طيبة نزيهة في مستوى موضوعة، أنهار غزيرة وأمطار عظيمة وأضداد مجتمعة وثمار حسنة وأشجار مديدة ونعم ظاهرة وأسعار رخيصة، العسل ثلاثة أمناء بدرهم، وعن رخص الخبز والألبان فلا تسأل. قد سلموا من المؤذيات وتخلصوا من العاهات واشتبكت حولها أشجار الجوز واللوز وكثر فيها الأرطاب والموزإلا أن هواءها رطب وحرها صعب وبناؤهم قشق وخشب وربما وقع الحريق في بناء القصب. تشاكل فسا وسابور لولا هذه العيوب.

 

 

قنوج: قصبة كبيرة لها ربض ومدينة بها لحوم كثيرة ومياه غزيرة وبساتين محيطة ووجوه حسنة وماء صحيح وبلدفسيح، متجرربيح وكل صبيح، وموز رخيص، إلا إنها كثيرة الحريق قليلة الدقيق أكلهم الأرز ولبسهم الأزر، بناء خسيس وصيف بغيض، منها إلى الجبال أربعة فراسخ والجامع في الربض رخيصة اللحوم والنهريتخلل البلد، أكثر طعام المسلمين الحنطة وبها علماء وأجلة. قدار: طيبة الهواء نزيهة كثيرة البساتين، يخرج إليها ملوك القصبة عند شدة الحر يصيفون بها. وسائر المدن جرم سير شربهم من أنهار وقنى.

الملتان: تكون مثل المنصورة غير أنها أعمر ليست بكثيرة الثمار غيرإنها رخيصة الأسعار، الخبز ثلاثون منا بدرهم والفانيد ثلاثة أمناء بدرهم، حسنة تشاكل دور سيراف من خشب الساج طبقات، ليس عندهم زنا ولا شرب خمر، ومن ظفروا به يفعل ذلك قتلوه أو حدوه، ولا يكذبون في بيع ولا يبخسون في كيل ولا يخسرون في وزن، يحمون الغرباء وأكثرهم عرب شربهم من نهر غزير والخير بها كثير والتجارات حسنة والنعم ظاهرة والسلاطين عادلة لا ترى في الأسواق امرأة متجملة ولا أحداً يحدثها علانية، ماء مريءوعيش هني ء وظرف ومروة وفارسية مفهومة وتجارات مفيدة وأجسام صحيحة، إلا أنها سبخة بليذة ودورضئقة وهواء حار يابس وهم سمر وسود. فهذا ما عرفناه من وصف بلدان هذا الاقليم.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم حار به نخيل ونارجيل وموز، فيه مواضع معتدلة الهواء جامعة الأضداد مثل ويهند ونواحي المنصورة، والبحر يمد على أكثره ولا أعرف أن به بحيرة وبه أنهار عدة، وذمته عبدة الأوثان وليس للمذكرين به صيت ولا لهم رسوم تذكر. مذاهبهم أكثرهم أصحاب حديث ورأيت القاضي أبا محمد المنصوري داودياً أماماً في مذهبه وله تدريس وتصانيف قد صنف كتباً عدة حسنة. وأهل الملتان شيعة يهوعلون في الأذان ويثنون في الأقامة، ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة رخة، وليس به مالكية ولا معتزلة ولا عمل للحنابلة، أنهم على طريقة مستقيمة ومذاهب محمودة وصلاح وعفة قد أراحهم الله من الغلو والعصبية والهرج والفتنة.

ويحمل من طواران الفانيذ أجود من ماسكان، ومن سندان الأرز الكثير وثياب، ويعمل بسائر الإقليم من البسط وما يجري مجراها ما يعمل بقهستان خراسان، ويحمل منه نارجيل كثير وثياب حسنة، ومن المنصورة النعال الكنباتية النفيسة ومنه تحمل الفيلة والعاج والأشياء الرفيعة والعقاقير النافعة.منهم بطوران مكي وكذلك بالملتان والسند والهند.

ومكاييلهم بطوران يسمى الكيجى يزن أربعين مناً حنطة ربما وجد ثمانية بدرهم إلى أربعة، واسم كيل الملتان مطل يزن اثني عشر مناً حنطة.

وتسمى دراهم السند القاهريات لكل واحد خمسة ولهم الطاطرا في الواحد درهمان الا ثلثا، ودراهم الملتان على عمل دراهم الفاطمي وينفق فيها القنهري الذي بغزنين يشبه القروض باليمن إلا أن القروية عندهم أجل.

وخصائصهم ليمونتهم وهي ثمرة مثل المشمش حامضة جداً وأخرى مثل الخوخ يسمونه الأبنج لذيذ، والفالج الذي تراه بالمشرق وفارس يولد البخاتي وهو أعظم من البخت له سنامان مليح لا يستعمل ولا يملكه إلا الملوك ولا تكون البخت إلا منه. والنعال الكنباتية.

 

 

في أهل مكران غباً، ألوانهم سمرة ولسانهم وحش، يلبسون القراطق ويسبلون الشعور ويشققون الأذان مثل الهند. وأكثر نواحي الإقليم على ما ذكرنا. ومهران لا يخالف النيل في شيء من الحلاوة والزيادة وكون التماسيح فيه، وخروجه من الناحية التي يظهر منه بعض شعب جيحون قبل الوخش ويظهر بناحية الملتان حتى يجري إلى حدود المنصورة فيقع في البحر عند الديبل، وعليه مزارع عند زيادته كما ذكرنا بمصر. ونهر سندرود من الملتان على ثلاث مراحل وهو كبير عذب. وأما الأصنام بهذا الإقليم فصنمان بهبروا من حجر لا يصل إليه أحد له طلسم إذا وضع الرجل يده بقيت لا تصل إليه، وهما على شبه الذهب والفضة كل من طلب عندهما حاجة زعموا إنها تقضى، وثم عين ماء خضراء كأنها زنجار أشد برداً من الجليد حجرها يبرئ الجراحات والخدام يأكلون من جدر الزناة وعليه أوقاف من الزناة كثيرة، ومن أراد أن يكرم ابنته جعلها وقفا عليه، فهما فتنة، ورأيت رجلاً من المسلمين ذكر أنه أرتد ورجع إلى عبادتهما وافتتن بهما ثم عاد إلى نيسابور فأسلم وهما طلسمان، وبعدهما صنم الملتان وإليه تنسب الكورة ويسمى فرج بيت الذهب لأن المسلمين لما فتحوا الملتان كان الأمر عليهم ضيقا فوجدوا بها من الذهب ما أغناهم. وبيت هذا الصنم قصر مبني في أعمر موضع من الأسواق وسطه قبة حسنة بيوت حولها الخدام وهوتحت القبة على صورة رجل متربع على كرسي من جص وآجر وقد البسوه جلداً يشبه السنجاب أحمر لا يتبين منه غير عينيه وهما جوهرتان وعلى رأسه أكليل ذهب قد مد باعيه على ركبتيه وقبض أصابع يديه كأنه يحسب أربعة. وما بعد هذه الأصنام دونها.

ورياضهم مكران والراهوق والديبل وأرمابيل وقنبلى أكثر عذى، ولهم مراع واسعة ومواش كثيرة إلا أنها قشفة، وهي متجر وفرضة وسندان وصيمور وكنباية مدن خصبات رخيصة الأسعار ومعدن الأرزاز والعسل. وعلى شطوط مهران بواد وعرب كثير والغالب على نواحي مكران المفاوز والقحط والضيق وهي جروم واسعة بها رستاق يسمى الخروج مدينته راسك وأخرى تسمى خرزان ويتصل بها نحو كرمان ناحية مشكة سعتها ثلاث مراحل قليلة النخيل وبها أضداد، والغالب على مكران البوادي ومزارع العذى وبها بطائح كبطائح العراق وبواديهم شبه الأكراد، وثم زط كثير يسكنون أخصاصاً ويتغذون بالسمك وطير الماء. والراهوق وكلوان رستاقان متصلان مضافان إلى مكران فمنهم من يجعل الراهوق من المنصورة وهو قليل الثمار. وأكبر مدينة بمكران الفنزبور وبها نخيل والقصدار خصبة رخيصة الأسعار بها أعناب وتجتمع بها أضداد ولا بها نخيل.

ووضع هذا الإقليم شرقيه بحر فارس وغربيه كرمان ومفازة سجستان وأعمالها وشماليه بقية بلاد الهند وجنوبيه مفازة بين مكران وجبال القفص من ورائها بحر فارس وإنما أحاط بحر فارس بشرقي هذه البلاد وجنوبيه من وراء هذه المفازة من أجل أن هذا البحريمتد من صيمور على الشرقي إلى تيز مكران ثم يعطف على هذه المفازة إلى أن يتقوس على بلاد كرمان وفارس. والذي يقع من المدن فبناحية مكران التيز وكبرتون ودزك وراسك وبه وبند وقصرقند واصفقة وفهل فهرة ومشكى وقنبلى وارما بيل.

والولايات في هذا الإقليم مختلفة. على مكران سلطان على حدة وهو متواضع عادل لا ترى مثلهم. وأما المنصورةفعليها سلطان من قريش يخطبون للعباسي وقد خطبوا على عضد الدولة ورايت رسولهم قد وافى إلى ابنه ونحن يشيراز. وأما بالملتان فيخطبون للفاطمي ولا يحلون ولا يعقدون إلا بأمره وأبداً رسلهم وهداياهم تذهب إلى مصر وهو سلطان قوي عادل. والغلبة بقنوج وبويهند للكفار وللمسلمين سلطان على حدة.

والخراج يؤخذ من الحمل إذا دخل طواران ستة دراهم وكذلك إذا خرج، ومن الرقيق اثنا عشر إذا دخل حسب، وأن كان من نحو الهند فعشرون من الحمل وأن كان من قبل السند فعلى مقادير القيم، وعلى الجلد المدبوغ درهم. دخل ذلك في كل سنة ألف ألف درهم يأخذه على تأويل العشور.

وأما المسافات فتأخذ من تيز مكران إلى كيس 5مراحل ثم إلى فنزبور مرحلتين ثم إلى دزك 3 مراحل ثم راسك مثلها ثم إلى فهل فهرة مثلها ثم إلى أصفقة مرحلتين ثم إلى بند مرحلة ثم إلى به مرحلة ثم إلى قصرقند مرحلة ثم إلى أرمابيل 6 مراحل ثم إلى ديبل 4 مراحل.

 

 

وتأخذ من التيز إلى قصدار على الساحل في طول مكران 12 مرحلة. ومن المنصورة إلى ديبل 6 مراحل ومن المنصوش ة إلى الملتان 20 مرحلة ومن المنصورة إلى أول حد البدهة 5 مراحل ثم إلى التيز15 مرحلة.

ومن الملتان إلى غزنين 80 فرسخاً في براري ومفاوز يلحق الحمل مائة وخمسون درهمأ غير الكراء وربما قطعوها في ثلاثة أشهر. ومن الملتان إلى المنصورة الطريق في قرى وعمارات 40 فرسخا ومائة في مفازة قليلة العمارة.

وتأخذ من المنصورة إلى قزدار 80 فرسخا ثم إلى كنكابان مثلها ثم إلى سيوه مثلها ثم إلى مدينة ولاشتان مثلها ثم إلى ساغن 65 فرسخاً وسطها منبر ثم إلى غزنين مرحلة.

وتأخذ من قزدار إلى مشكى 50فرسخا ثم إلى جالق 30 فرسخاً ثم إلى خواص مثلها ثم إلى سراي شهر 20 فرسخاً ثم إلى نهر سليمان مثلها ثم إلى درهفان 50 فرسخاً ثم إلى جيرفت مثلها.ومن الملتان إلى بالس 0 1مراحل ثم إلى قندابيل 4 ثم إلى قصداروه ومن قندابيل إلى المنصورة 8 أو إلى الملتان 10مفاوز ومن المنصورة إلى قامهل 8 مراحل ثم إلى كنباية 4 مراحل ثم إلى سوبارة مثلها وهي على فرسخ من البحر، ومن سندان إلى سيمور5مراحل ثم إلى سرنديب 15 مرحلة. ومن الملتان إلى بسمد مرحلتان ثم إلى الرور 3 مراحل ثم إلى أنرى 4 مراحل ثم إلى قلري مرحلتان ثم إلى المنصورة مرحلة ثم إلى قامهل مرحلة.

 

المفازة التي بين هذه أقاليم

أعلم أن بين أقاليم الأعاجم إلا الرحاب وخوزستان مفازة قد توسطتها، طولانية ليس بها نهر يجري ولا بحيرة ولا رستاق ولا مدينة، قليلة السكان كثيرة الدعار صعبة المسلك مبعضة الأعمال وحشة الجبال متباعدة القرى، مكامن ممتنعة وسبل منقطعة وعيون ضعيفة إلا أن الحياض والقباب في طرقها كثيرة وفراسخها قريبة وفي مواضع منها سباخ ورمال ومياه وغدران، قفرة مخيفة أكثرها من خراسان وبعضها من كرمان وبعض من فارس والجبال ومن بلد السند وسجستان، ومن أجل هذا كثر الدعار بها لأنهم إذا قطعوا في عمل هربوا إلى آخر وكمنوا في جبل كركسكوه أو سياه كوه حيث لا يقدر عليهم ولا يمكن الوصول إليهم، وليس بها من المدن إلا أسفيد وهي في حدود سجستان ويحيط بها من المدن المعروفة من كرمان خبيص زاور نرماسير كوه بيان، ومن فارس يزد كثة عقدة زرند، ومن أصفهان أردستان، ومن الجبال قم قاشان دزه، ومن قهستان طبس كري قاين خور، ومن الديلم بيار.

 

 

ومثلها كمثل البحر كيف ما شئت فسر إذا عرفت السمك إلا أن الطرق التي قد مثلناها في الشكل قد اشتهرت وسلكت من أجل الحياض والقباب المعمولة فيها. ولو أنا ... حتى نذكر جميع طرقها ومخارجها لتعجب الناظرمن ذلك، وأن منها لطرقاً تخرج إلى بيار وخسر وجرد ومواضع لا يؤبه بها. ولقد خرجنا من طبس نريد فارس فمكثنا فيها سبعين يوماً نعدل من ناحية إلى ناحية مرة نقع في طريق كرمان وتارة نقرب من أصفهان فرأيت من الطرق والمعارج ما لا أحصيه وهي جبال كلها رمال قليلة وعقاب هينة وسباخ صعبة وسرود وجروم ونخيل وزروع، ورأيت أسهلها وأعمرها طريق الري، وأصعبها طريق فارس، وأقربها طريق كرمان، وكلها مخيفة من قوم يقال لهم القفص يسيرون إليها من جبال كرمان قوم لا خلاق لهم وجوه وحشة وقلوب قاسية وبأس وجلادة لا يبقون على أحد ولا يقنعون بالمال حتى يقتلوا من ظفروا به بالأحجار كما تقتل الحيات، تراهم يمكسون رأس الرجل على بلاطة ويضربونه بالحجارة حتى ينصدع. وسألتهم عن ذلك قالوا لا تفسد سيوفنا ولا يفلت أحد إلا ندر. ولهم مكامن وجبال يمتنعون بها وكلما قطعوا في عمل هربوا إلى آخر قتالهم بالنشاب ومعهم سيوف. وكان البلوص أشر منهم حتى أبادهم عضد الدولة وأنكى في هؤلاء أيضا وعند صاحب فارس منهم أبداً أمة رهائن يذهب قوم ويرجع آخرون وإذا كان مع القوافل بذرقة من قبل سلطان فارس لم يتعرضوا لهم. وهم اصبر خلق الله على الجوع والعطش، زادهم شيء مثل الجوزيتخذ من النبق يتقوتون به. يدعون الإسلام وهم أشد على المسلمين من الروم والترك، إذا أسروا الرجل أمروه بالعدو معهم نحو عشرين فرسخاً حافي القدم جائع الكبد. ولا يرغبون في الدواب ولا يتعاطون الركوب إنما هم رجالة وربما ركبوا الجمازات، حدثني رجل كان من أهل القرآن وقع في أيديهم. قال: وجدوا كتبا وطلبوا في الأساري رجلاً يقرأ فقلت أنا فحملوني إلى رئيسهم فلما قرأت الكتاب قربني وجعل يسألني عن أشياء إلى أن قال ما تقولون في ما نحن فيه من قطع الطريق والقتل. قال: قلت من فعل هذا أستوجب من الله المقت والعذاب الأليم في الأخرة. قال: فتنفس الصعداء وأنقلب على الأرض وقد أصفر وجهه ثم أعتقني مع جماعة. وسمعت جماعة من التجار يقولون أن عندهم أنهم لا يظفرون إلا بأموال لا تزكى ويرون أن ما يأخذونه حق لهم واجب.

والجبال أعظمها وأمنعها كركسكوه إليه ينسب ما واجه الري من هذه المفازة وليس هو بالكبير غير إنه منقطع المرتقى ذو معاطف ومكامن ومخابئ خفية. ويليه فيما ذكرناه سياه كوه وهو دونه في الكبر غيرأنه منيع ويقع طريق الري بينهما عند قصر الجص وثم جوف.وبها من العجائب على فرسخين من رأس الماء نحو خراسان حجارة سود صغار نحو أربعة فراسخ. عند قبر الحاجى نحو بارسك حصى صغار بعضها في لون الكافور بياضاً وبعضها في لون الزجاج خضرة. بين خراسان وكرمان صورة لوز وتفاح وعدس وباقلى من حجارة وصورة عدة من الناس وقصرعجيب فيه تماثيل وعقود دقيقة وهو أعجوبة لم أر مثله.

 

 

وأما صفة المنازل التي ابتدأنا بذكرها دير الجص: وهو من آجر كل اجرةمتل اللبنة العظيمة واسع كثير المرافق عليه أبواب حديد وعلى بابه بقال مقيم وحياض الماء خارج منه مدورة يجتمع فيها ماء المطرغير أني رايته شعثاً. كاج: كانت قرية على رابية وقد خربت وانجلى أهلها أظن من القفص، وتفترق منها الطرق واحدة هى التي ذكرنا وفيها عبرنا والأخرى إلى قم مرحلة ثم إلى قرية المجوس مرحلة. بدرة: حصن لها مزارع وبها نحو من خمسين داراً. رباط ابن رستم: به ماء جار إلى حوض في الرباط. دانجى: قرية كبيرة عامرة. وهذه أعمر طرق المفازة لأنها على تخوم الجبال. ومن كركسكوه إلى الدير أربعة فراسخ ومنه إلى سياه كوه خمسة. ولم أسلك طريق نيسابور إلى أصفهان إلا أنهم يذكرون أنها أنيسة مسلوكة وبها رمال صعبة. رباط كوران: حصن به من يحفظه وخارج منه عين مالحة يشربونه. أرزمة: ثلاثة آبار لا تفي بالقوافل الكبار. الهلبي: عين ضعيفة عندها رباط خرب. رباط آب شتران: هو معدن الخوف ومأوى الكوج به قناة عذيبية تصب إلى بركة. والرباط حسن، ما رأيت ببلدان الأعاجم أحسن منه من الحجارة والجص على عمل حصون الشام عليه أبواب حديد وهو شديد العمارة وفيه قوم يحفظونه، بناه ابن سيمجور صاحب جيش ملك المشرق. بشت باذام: شبه قرية كل شيء فيه موجود به مزارع واسعة وأغنام كثيرة وقناة غزيرة وجمال مسافر وفيه فرج ومغوثة. ساغند: قرية عامرة آهلة. خزانة: قرية فيها حصن ومزارع وزرع وضرع ونحو مائتي رجل وبساتين. الزاور: قرية عامرة عليها حصن وبها ماء جار من حد كرمان. دركوجي: بها عين ضعيفة وليس بها عمارة. شور دوازده: رباط قد خرب وثم واد فيه أشجار ونخيل بلا ساكن مخوف جدا. در بردان: صحراء بها آبار بلا أنيس وبعده منزل به حوض يمتلئ من الأمطار بلا أنيس. نابند: رباط يسكن وحوله بيوت عدة وماء يديررحى صغيرة ومزرعة ونخيل. بئر شك: بها بئر حلوة بلا أنيس وقباب متصلة وحياض عامرة وقبل نابند نخيلات وخرب قباب. دارستان: قرية فيها نخيل بلا عمارة. نيمة: رباط فيه من يحفظه. قرية سلم: بها أبنية مد البصر متهدمة ليس بها عين ولا حوض ولا أنيس وهي من كرمان. رأس الماء: به عين تنز إلى حوض وتسقي مزرعة. كوكور: قرية عامرة من قهستان. بيرة: قرية صغيرة بها نفر من الناس. معزل: عين ماء ولا ترى به دياراً ولا عمارة. جاه بر: بئر عندها قباب مثل بئر شك وثم حوض. ومعزل أخرى وهي قباب وحوض ماء. وأما أسفيد فأنها من مدن سجستان في الدواوين غير إنها في حدود هذه المفازة بها قني ومزارع كثيرة عامرة آهلة.فهذا المعروف من المنازل المشهورة في الطرق المذكورة وأن ذكرنا البنيات وما فيها من القرى والمياه طال الكتاب وأقل مرحلة مما ذكرنا إلا وفيها حياض وقباب على كل فرسخ منها حوض أو قباب على بيوت يلجأ إليها في الأمطار. ولا ترى في هذه المفازة رباطاً غير ما ذكرنا، وليس بها أهل غير بشت باذام، والخبز والعلف في غيره متعذر وإنما يجب أن يحمل ويتزود لها زاد ستة أيام. وطولها على السواء ستون فرسخاً أو نحوها. وفي طريق الري نهريخاض عظيم ينحدر إلى خوزستان وموضع شديد البرد في جميع السنة.

فهذا ما عرفنا من أقاليم الإسلام وشاهدنا وسمعنا وصح عندنا من وصف البلدان نسأل الله العفو والغفران إنه رحيم منان. فرحم الله عبداً نظر في كتابنا فاستحسنه أو رضيه واستصوبه إلا دعا لنا بنية صادقة وطلبة خالصة أن لا يجعله علينا وبالاً يوم نسأل عن الصغير والكبير والدقيق والجليل، حين لا ينفع عذر ولا تذليل، ولا يغني صديق ولا خليل، إلا من أتى آلله بقلب سليم، وعمل لذلك الموقف العظيم، وخاف من ذلك الخطب الجسيم، يوم يجثو الأنبياء على الركب، وينقطع كل سبب ونسب.وقال: مصنفه في وداعه

كتاب كـالـلآلـى والـربـيع                      وكالعقيان والروض المـريع

كذلك فيه ذكر الأرض طـرا                      بديعاً ثم سـمـي بـالـبـديع

أقالـيم الـبـلاد وكـل أرض                      وكل جزيرةٍ مثل الـصـديع

فجاج الأرض من عدن وشـام                      وسوس الغرب بالنبأ الرفـيع

منابعها وغـدران الـقـيافـي                      وما في الأرض من طود منيع

وأثمار الأقالم بـعـد نـخـل                      مع الحرف العجائب بالجمـيع

 

 

فمنها مارأيت وجست فـيهـا                      ودخت نهارها بعد الـهـزيع

ومنها ما أثـرت لـه حـديثـاً                      عن الشعبي يؤثـر أو وكـيع

ذكرت بدائع الأمصار شـتـى                      وكل مدينة مثـل الـصـديع

وميزت البحوربفضـل عـلـم                      ونجربة كتمـيز الـقـطـيع

وألسنه الورى جـيلأ فـجـيلاً                      لغات العرب عن لغة الشنـيع

متاجـر كـل إقـلـيم وأرض                      وهيآت الرقيق المسـتـبـيع

مشاكل كـل إقـلـيم مـثـال                      لقد جاءوا بطوق المستـطـيع

لئنظر في أعاجـيب الـبـرايا                      وما في الأرض بالوشي الوليع

ويعلـم قـدرة الـديان حـقـاً                      وإبداع المهيمن والـسـمـيع

ويعبده عبـاده مـسـتـكـينٍ                      وعبدٍ في عبـادتـه مـطـيع

يذيغ أيادي الرحـمـن طـرا                      لمفضال الـورى دأب الـذيع

فإن إذاعة الإحسـان تـنـمـو                      إلى الرحمن من قول المشـيع

وصغت أجيل فيه الفكر جهدي                      رجاء الخلد في يوم فـظـيع

وغفران الذنوب بعفـو ربـي                      و من نار ومن فـزع وجـيع

فدونك حكمة كالدر حـسـنـاً                      أبا حسن وزير ابن الـرفـيع

مقدسة تبص بصـيص شـذرٍ                      من الياقوت ألف لـلـقـريع تم والحمد لله وحده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب المختصر في أصول الحديث-الشريف الجرجاني

كتاب : المختصر في أصول الحديث-الشريف الجرجاني بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ...