Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 أبريل 2023

ج2. الكتاب: السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية [مطبوع ضمن: رسالتان في علم الفرائض]

ج2. الكتاب: السبيكة الذهبية على المنظومة

 الرحبية [مطبوع ضمن: رسالتان في علم الفرائض]

المؤلف: فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (المتوفى: 1376 هـ)

رسالتان في علم الفرائض

الحجج القاطعة في المواريث الواقعة

السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية

تأليف

العلامة الشيخ/ فيصل بن عبد العزيز المبارك

رحمه الله

المتوفى عام 1376 هـ

اعتنى بهما

محمد بن حسن بن عبد الله المبارك

كنوز إشبيليا

للنشر والتوزيع

(1/1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، 1425 هـ

فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر

آل مبارك، فيصل بن عبد العزيز

رسالتان في علم الفرائض/ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك

محمد حسن المبارك - الرياض، 1426 هـ

73 ص؛ 17 × 24 سم

ردمك: 4 - 17 - 701 - 9960

1 - المواريث

2 - التركات

أ. المبارك، محمد حسن (محقق)

ديوى 901.253

4271/ 1426 هـ

رقم الإيداع: 4271/ 1426 هـ

ردمك: 4 - 17 - 701 - 9960

جميع حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولى

1427 هـ - 2006 م

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417

هاتف: 4742458 - 4773959 - 4794354 فاكس: 4787140

E-mail: eshbelia@hotmail.com

(1/2)

ترجمة المؤلف

هو الشيخ العالم الورع الزاهد فيصل بن عبد العزيز بن فيصل بن حمد آل مبارك العلَّامة المحدث الفقيه المفسِّر الأصولي النحوي الفرضي.

- وُلِدَ رحمه الله في حريملاء عام 1313 هـ، فحفظ القرآن صغيرًا، ثمَّ طلب العلم على علماء حريملاء في وقته، ومنهم:

1 - جدِّه لأُمِّه الشيخ العالم الورع ناصر بن محمد الراشد رحمه الله.

2 - وعمِّه العلَّامة الشيخ محمد بن فيصل المبارك رحمه الله.

- ثمَّ طلب العلم على علماء الرياض، فأخذ الفقه عن فقهاء عصره مثل:

3 - الشيخ العلَّامة عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله مفتي الديار النجدية.

4 - والشيخ العلَّامة المفتي محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله.

5 - والعلامة الفقيه محمد بن عبد العزيز بن مانع رحمه الله.

6 - وأخذ علم الحديث عن محدِّث الوقت العلَّامة الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله.

7 - وأخذ علم النحو عن سيبويه عصره الشيخ حمد بن فارس رحمه الله.

8 - وأخذ علمَ الفرائض عن أفرض أهل زمانه الشيخ عبد الله بن راشد الجلعود رحمه الله.

وأخذ عن كثيرٍ غيرهم من أفذاذ العلماء رحمهم الله أجمعين.

إجازاته العلميَّة:

أجازَهُ الشيخُ سعدُ بنُ حَمَدٍ بنِ عَتِيقٍ محدث الديار النجدية بتدريس أمهات كتب الحديث، وكذلك أمهات كتب مذهب الإمام أحمد.

-وكذلك أجازه الشيخ سعد إجازة خاصَّة في علم التفسير.

(1/3)

- وأجازه كذلك الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري بجميع مرويَّاته.

- وقد أجازه الشيخ عبد العزيز النمر إجازةَ الفتوى عام 1333 هـ، وكان إذ ذاك في العشرين من عمره.

وقد أجازَهُ الشيخُ عبدُ العزيز النمْر إجازةَ الفتوى وهو في العشرين من عمره، وذلك عام 1333 هـ.

تلاميذه:

تخرَّج على يدي الشيخ رحمه الله أجيالٌ من طلبة العلم، وليَ كثيرٌ منهم القضاء في عدَّة جهاتٍ.

من أبرزهم:

1 - الشيخ إبراهيم بن سليمان الراشد -رحمه الله- قاضي الرياض ووادي الدواسر.

2 - الشيخ عبد الرحمن بن سعد بن يحيى -رحمه الله- قاضي الرياض وحريملاء.

3 - ابنُ عمِّه الشيخ فيصل بن محمد بن فيصل المبارك -رحمه الله- رئيس هيئة الحسبة وعضو مجلس الشورى بجدة.

4 - ابنُ عمِّه الشيخ سعد بن محمد بن فيصل المبارك -رحمه الله- قاضي وادي الدواسر ثم الوشم.

5 - الشيخ محمد المهيزع -رحمه الله- قاضي الرياض.

1 - الشيخ ناصر بن حمد الراشد رحمه الله رئيس ديوان المظالم.

* * *

مؤلفاته:

للشيخ فيصل رحِمه الله عِدَّة مؤلفات في جميع العلوم الشرعيَّة - تصل إلى ثلاثين مؤلَّفًا، وبعضُها في عِدَّة مجلَّدات، فمن كتبه "المطبوعة":

(1/4)

1. (توفيق الرحمن في دروس القرآن) في (أربع مجلدات).

2. (بستان الأحبار باختصار نيل الأوطار) في (مجلدين).

3. (خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام) في علم الحديث.

4. (مختصر الكلام على بلوغ المرام) في علم الحديث.

5. (تطريز رياض الصالحين) في علم الحديث.

6. (مفاتيح العربية شرح الآجرُّوميَّة) في علم النحو.

ولهُ -رَحِمهُ الله- الكثيرُ من المؤلفات التي لم تطبع بعد.

الشيخ فيصل وجهوده الفقهيَّه:

اعتنَى الشيخُ رحمه الله بالتصنيف في علم الفقه، -لا سيَّما في أُخريات حياته رحمه الله-، فألف في ذلك:

1 - (كلمات السداد على متن زاد المستقنع) للحجاوي (مطبوع).

2 - (المرتع المشبع شرح مواضع من الروض المربع) مخطوط في أربع مجلدات كبيرة.

3 - (مختصر المرتع المشبع) مخطوط، في مجلد.

4 - (مجمع الجوادِّ (1) شرح الزاد) مخطوط.

5 - كما ألَّف الشيخ رحمه الله في علم أصول الفقه رسالة قيِّمة بعنوان: (مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد) -طُبِعَت مرارًا-.

6 - وكذلك ألَّفَ الشيخ رحمه الله في الفقه الحديثي: (شرح الدرر البهيَّة) وهو مخطوط.

__________

(1) الجَوادُّ بتشديد الدال: جمع جادَّة، وهي الطريق الواضح.

(1/5)

أمَّا في علم الفرائض:

فقد اشتُهِر عن الشيخ فيصل رحمه الله معرفتُهُ وإتقانُه التامُّ لعلم الفرائض، لا سيَّما وقد نخرَّج في هذا العلم على فرضيِّ عصره الشيخ عبد الله بن راشد الجلعود رحمه الله ولازَمَهُ ملازمةً تامَّة.

- وقد ألَّف الشيخ فيصل رحمه الله في هذا الباب من علم الفقه رسالتين، هُما:

7 - "السبيكة الذهبية على منظومة الرحبية

8 - (الحجج القاطعة في المواريث الواقعة)

وفاتُه:

ولي الشيخ فيصل القضاء في عِدَّة بلدان، كان آخِرها منطقة الجوف، والتي توفي بها في السادس عشر من ذي القعدة من عام 1376 هـ، عن ثلاثةٍ وستين عامًا قضاها في الدعوة إلى الله وفي الجهاد، وفي العلم والتعليم والتصنيف رحمه الله (1).

__________

(1) انظر في مصادر ترجمة الشيخ فيصل رحمه الله:

(علماء نجد خلال ثمانية قرون) للشيخ عبد الله البسام -رحمه الله- ج 5 ص 392 إلى 402 والأعلام للزركلي: ج 5 / ص 168.

و(مشاهير علماء نجد) للشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ.

و(روضة الناظرين) للقاضي.

و(العلامة المحقق والسلفي المدقق: الشيخ فيصل المبارك) لفيصل بن عبد العزيز البديوي.

و(المتدارك من تاريخ الشيخ فيصل بن عبد العزيز المبارك) لمحمد بن حسن المبارك.

(1/6)

1 - التعريف بالرسالة الأولى:

الرسالة الأولى هي: شرح لمنظومة "الرَّحبية" في الفرائض، و"الرَّحبية" هي نظمٌ مشهور ومتنٌ محبورٌ، ألَّفَهُ الفقيه العالم محمد بن علي بن محمد الرَّحبي الشافعي المتوفي عام 775 هـ رحمه الله تعالى، وقد اشتهرت هذه المنظومة حتى صارت كالمدخَلِ إلى علمِ الفرائض، لا يستغنِي عنها طالبٌ لهذا العلم، وذلك لحلاوةِ نظمِها، ومتانةِ عِباراتها واستيعابها لأصول علم الفرائض.

- وقد شرحَها الشيخُ فيصل آل مبارك شرحا ميسَّرًا مختصرًا في هذه الرسالة التي أسماها "السبيكة الذهبية على منظومة الرحبية"، إلا أنَّ هذا الشرحَ -مع اختصارِه- يحتوي على توضيحٍ لمهمَّاتِ هذا الفنِّ، وتحريرٍ لأهمَّ مباحثِه، مع التنبيه بأمثلة ومسائل مناسبة للمتعلِّم، باوضح إشارة وأدقِّ عبارة.

طبعات الرسالة

- صدرت هذه الرسالة في عام 1379 هـ عن "المكتبة الأهلية"، وفي عام 1406 هـ قامت "دار العليان" بالقصيم بإعادة طبعها، ثم في عام 1419 هـ قامت "دار الأرقم" بطباعتها بعنايةِ وتحقيقِ الأستاذ عبد الله الزاحم -أثابهُ الله-، والذي قام مشكورًا بتخريج الآيات والأحاديث، ووضْع بعض التعليقات القيِّمةِ والمناسبة، كما أنَّ الرسالة قد طُبِعت قديمًا ضمن مجموعة "الرسائل الكمالية".

عملي في الرسالة:

- لدى تحقيقي للرسالة وجَّهتُ اهتمامي إلى العنايةِ بضبط النص وتحريرِ عِباراتِه كما أنشأها المؤلف، وذلك قَدْرَ الإمكان.

- وقد اعتمدتُ -لدَى التحقيق- نسخةً خَطيَّةً للرسالةِ، مكتوبةَ في حياةِ المؤلف، تقَعُ في سبعِ ورقات، مكتوبةً بخط دقيق، إلَّا أنَّ هذه "المخطوطةَ" ناقصةٌ، حيث

(1/7)

وصَلَ كاتبُها إلى آخر باب "الحجب"، أي أنَّه قد نسخَ ثلاثةَ أخماس الرسالة تقريبًا، وهي التي تحتوي لِحُسْنِ الحظِّ على أهمِّ المباحث الفرضيَّة، بينما يغلُبُ على الجُزءِ الباقي من الرسالة ضربُ المسائلِ والأمثلةِ الفَرَضِيَّة.

ويظهرُ أنَّ كاتبَ هذه النسخة هو أحدُ تلامذةِ المؤلِّف، إذ وُجدت ضِمنَ أوراقٍ للمؤلِّف -رحمه الله-، وبناءً على هذه النسخة الخطيَّة فقد صوَّبتُ -وللهِ الحَمدُ- بعضَ العباراتِ التي تحرَّفَت في الطبعات السابقة.

- ثمَّ اعتمدتُ في الجُزءِ المتبَّقِي من الرسالة طبعة "المكتبة الأهلية" لها، -وهي طبعةٌ قديمَةٌ نادِرَةٌ-، حيث أنَّها الأقدَمُ والأتقَن والأصلُ للطبعات اللاحقة.

2 - التعريف بالرسالة الثانية:

الرسالة الثانية هي: رسالة (الحجج القاطعة في المواريث الواقعة)، ومنها مخطوطة في مكتبة الملك فهد - تصنيف رقم (252/ 3).

طبعات الرسالة:

- وهذه الرسالة قد طُبِعت ثلاث مرَّاتٍ تحت اسم (الدلائل القاطعة) - ضمن مجموع (المختصرات النافعة) للشيخ فيصل، أولاها عام 1369 هـ، وثانيها عام 1371 هـ، وآخرها عام 1405 هـ عن دار طيبة، ويحتوي هذا المجموع على أربع مختصرات، هي:

أ / (مفتاح العربية على متن الآجرومية) ومنهُ -مُفرَدًا- مخطوطةٌ في مكتبة الملك فهد بعنوان "مفاتيح العربية" بخط الشيخ رحمه الله.

ب/ (الدلائل القاطعة في المواريث الواقعة).

ج / (غذاء القلوب ومفرج الكروب).

د/ (تعليم الأحبّ أحاديث النووي وابن رجب).

(1/8)

عملي في الرسالة:

أ- اعتمدت لدى تحقيقي للرسالة تلك النسخة المخطوطة المشار إليها، فجعلتها الأصل، إذ فيها زياداتٌ كثيرةٌ على المطبوعة ضمن "مجموع المختصرات النافعة"، مع المقارنةِ بينَهُما.

ب- أوردتُ زياداتِ النسخةِ المطبوعةِ على المخطوطةِ، وجعلتُها بين معقوفتَين [ ... ]، وذلك للتمييزِ بين النسختَين، إذ في كلِّ منهما زياداتٌ على الأخرَى.

ج- أدرجتُ عناوين فرعية لبعض المباحث الفرضية، وجعلتها بين قوسين ( ... ). وعلى الله قَصْدُ السَّبيلِ، وبهِ المستَعان، وعليه التُّكلان، وصَلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعِين.

محمد بن حسن المبارك

الرياض

(1/9)

صورة الورقة الأولى من مخطوطة السبيكة الذهبية

(1/10)

صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة السبيكة الذهبية

(1/11)

صورة الورقة الأولى من مخطوطة الحجج القاطعة

(1/12)

صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة الحجج القاطعة

(1/13)

1 - الرسالة الأُولَى:

السبيكة الذهبيَّة على المنظومة الرحبية

تأليف:

العلَّامة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك

-رحمه الله- المتوفي عام 1376 هـ

(طبعَة مُنقّحة ومُحرَّرة ومُقابَلة على نسخةٍ خطِيَّة)

(1/15)

وبه نستعين، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم

1 - أَوَّلُ مَا نَسْتَفْتِحُ الْمَقالا ... بِذِكْرِ حَمْدِ رَبَّنَا تَعَالى

2 - فَالْحمْدُ للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَا ... حَمْداً بِهِ يَجْلُو عَن الْقَلْبِ الْعَمَى

3 - ثُمَّ الصَّلاَةُ بَعْدُ وَالْسَّلاَمُ ... عَلَى نَبيٍّ دِينُهُ الإِسْلامُ

4 - مُحَمَّدٍ خَاتِمِ رُسْلِ رَبِّه ... وَآلهِ مْنْ بَعْدِهِ وَصَحْبِهِ

5 - وَنَسْأَلُ اللهَ لَنَا الإِعَانَهْ ... فِيما تَوَخَّيْنَا مِنَ الإِبَانَهْ

6 - عَنْ مَذهَب الإِمَام زَيْدِ الفَرَضِي ... إذْ كانَ ذَاكَ مِنْ أَهَمِّ الْغَرَضِ

7 - عِلْماً بأَنَّ الْعِلْمَ خَيْرُ مَا سُعِي ... فِيهِ وَأَوْلَى مَا لَهُ الْعَبْدُ وُعِي

ابتدأَ المصنفُ رحِمه الله تعالى كتابَه بالبسملَة، اقتداءً بالكتاب العزيز، وعَملاً بحديثِ: «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبْدأُ فيه " بِبسم الله" فَهُوَ أَبْتَر»، أي: قليلُ البركة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «العلمُ ثلاث: آيةٌ محكمةٌ، أو سُنَّةٌ قائمة، أو فريضةٌ عادلة، وما سِوَى ذلك فهُو فضلٌ».

والفرائض: هي المواريثُ المذكورةُ في قولِ الِله تعالَى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11] الآيات، وفي قوله تعالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} [النساء: 176] إلى آخرِ السُّورَة، فلا بُدَّ للطالب من حفظِها (1)؛ لتكونَ لَهُ أصلاً يَرجِعُ إليه.

_________

(1) أي: لا بُدَّ للطالب من حفظ آيات المواريث من سورة النساء.

(1/16)

8 - وَأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَخْصُوصٌ بِمَا ... قَدْ شَاعَ فيهِ عِنْدَ كُلِّ الْعُلَمَا

9 - بأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ ... في الأَرْضِ حَتَّى لاَ يَكادُ يُوجَدُ

10 - وَأَنَّ زَيْداً خُصَّ لاَ مَحَالَهْ ... بَمَا حَبَاهُ خَاتَمُ الرِّسَالَهْ

11 - مِنْ قَوْلِهِ في فَضْلَهِ مُنَبِّهاً ... أَفْرضُكُمْ زَيْدٌ وَنَاهِيكَ بِهَا

12 - فَكانَ أَوْلَى باتِّبَاعِ التَّابِعِ ... لاَ سِيَّمَا وَقَدْ نَحَاهُ الشَّافِعِي

13 - فَهَاكَ فيهِ الْقَوْلَ عَنْ إِيجَازِ ... مُبَرَّأً عَنْ وَصْمَةِ الإلْغَازِ

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تَعَلَّمُوا القُرآن وعَلِّموه النَّاس، وتَعَلَّموا الفَرَائض وعَلِّموها النَّاس، فإِني امرؤٌ مَقْبوض، ويُوشِكُ أنْ يَخْتَلِفَ الرَجُلان في الفَرِيضَة فَلا يَجِدَان من يَفْصِلُ بَيْنَهُما».

- واعلم أنه يتعلَّقُ بتركةِ الميت خَمسةُ حقوقٍ مرتَّبةٍ:

الأول: الحقُّ المتعلقُ بعين التركة كالرهن ونحوه.

الثاني: مؤونة تجهيزه.

الثالث: الدَّيْن.

الرابع: الوصيَّةُ.

الخامس: الإرْثُ.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقْسِموا المَال بَيْن أهْلِ الفرائضِ على كتابِ اللهِ تعالَى، فَمَا أبْقَتْ الفرائضُ فهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ».

(1/17)

بَابُ أَسْبَاب المِيرَاث

14 - أَسْبَابُ مِيرَاثِ الْوَرَى ثَلاَثهْ ... كلٌّ يُفِيدُ رَبَّهُ الْوِرَاثَهْ

15 - وَهْيَ نِكَاحٌ وَوَلاَءٌ وَنَسَبْ ... مَا بَعْدَهُنَّ لِلْمَوَارِيثِ سَبَبْ

أسباب الميراث ثلاثة:

الأول: النكاح: وهو عَقْدُ الزوجيَّةِ الصحيحُ، فيَتوارثُ بِه الزوجانِ، وإنْ لمْ يحصُلْ وطءٌ ولا خَلوةٌ.

الثاني: النسَبُ: وهو الَقرابةُ.

الثالث: الوَلاء: وهو عُصُوبةٌ سَببُها نِعمًةُ المعتِقِ على رقيقِهِ بالعِتقِ؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما الوَلاء لِمَنْ أَعْتَق». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «الوَلاء لُحمَةٌ كلُحمَةِ النسَب، لا يُباع ولا يُوهَب».

بَابُ مَوَانعِ الإِرْثِ

16 - وَيَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنْ الْمِيرَاثِ ... وَاحِدَةٌ مِنْ عِلَلٍ ثَلاثِ

17 - رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلاَفُ دِينِ ... فَافْهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ كالْيَقِينِ

- موانع الإرث ثلاثة:

الأول: الرِّقُّ: وهو عَجْزٌ حكميٌّ يقُومُ بالإنسانِ، سببُهُ الكُفْرُ. فلا يَرِثُ الرقيقُ ولا يُورَث ولا يَحجُبُ.

الثاني: القَتلُ: وهو ما أوجَبَ قَصاصاً أو دِيَةً أو كفارةً، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ليس للقاتلِ من الميراثِ شيءٌ».

الثالث: اختلافُ الدِّينِ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرِثُ المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ».

(1/18)

بَابُ الوَارِثينَ مِنَ الرِّجَالِ

18 - وَالْوَارِثُونَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَهْ ... أَسْمَاؤُهُمْ مَعْرُوفَةٌ مُشْتَهَرهْ

19 - الابن وابْنُ الابْنِ مَهْمَا نَزَلاَ ... والأَبُ والْجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلاَ

20 - والأَخُ مِنْ أَيِّ الجِهَاتِ كَانَا ... قَدْ أَنْزَلَ اللهُ بِهِ الْقُرْآنَا

21 - وَابْنُ الأَخِ الْمُدْلِي إِلَيْهِ بالأَبِ ... فَاسْمَعْ مَقَالاً لَيْسَ باِلمُكَذَّبِ

22 - وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ مِنْ أَبِيهِ ... فَاشْكُرْ لِذي الإِيجَازِ وَالتَّنْبِيهِ

23 - وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ ذُو الْوَلاَءِ ... فَجُمْلَةُ الذُّكُورِ هَؤُلاءِ

- الوارثون من الرجال: بالاختصار عشرة - وبالبسط خمسة عشر -، وهُم:

1 - الابن، 2 - وابن الابن وإن نزل، 3 - والأب، 4 - والجد من قبل الأب وإن علا [بمحض الذكور] (1)، 5 - والأخ الشقيق، 6 - والأخ لأب، 7 - والأخ لأم، 8 - وابن الأخ الشقيق، 9 - وابن الأخ لأب، 10 - والعم الشقيق، 11 - والعم لأب، 12 - وابن العم الشقيق، 13 - وابن العم لأب، 14 - والزوج، 15 - وصاحب الولاء.

_________

(1) ما بين القوسين أدرجتُه، حتى لا يشمَل مسمَّى الجد مثل أبي أم الأب، أو أبي أم أم الأب، وقد تابعت في ذلك محقق الطبعة السابقة الأستاذ عبد الله الزاحم أثابَهُ الله.

(1/19)

* فإذا هلَكَ هالكٌ عن جميعِهم لم يرِثْ منهم إلا ثلاثةٌ: الابنُ والأبُ والزوجُ، والمسألة من اثني عشر.

* وإذا هلك عن الباقين لمْ يَرِثْ منهم إلا اثنان: ابن الابنُ والجَدُّ، والمسألة من ستة.

* وإذا هلك عن الباقين ورث اثنان أيضاً، وهما: الأخ الشقيق والأخ لأم، والمسألة أيضاً من ستة.

* وإذا مات عن الباقين، وهم الأخ لأب وباقي العصبة فالمال كله للأخ من الأب، ثم كذلك، وآخِرُهُم المعتِقُ ثم عصبتُه.

(1/20)

بَابُ الْوَارِثَاتِ مِنَ النِّساءِ

24 - وَالْوَارِثَاتُ مِنَ النِّسَاءِ سَبْعُ ... لَمْ يُعْطِ أُنْثى غَيْرَهُنَّ الْشَّرْعُ

25 - بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ وَأُمٌ مُشْفِقَهْ ... وَزَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَمُعْتِقَهْ

26 - وَالأُخْتُ منْ أَيِّ الْجِهَاتِ كَانتْ ... فَهَذِهِ عِدَّتُهُنَّ بَانَتْ

- الوارثات من النساء: بالاختصار سبعٌ - وبالبسط عشرٌ -، وهُنَّ:

1 - البنتُ، 2 - وبنتُ الابن وإن نزلَ أبوها، 3 - والأمُّ، 4 - والجدَّةُ من قِبَل الأُم، 5 - والجَدَّةُ من قِبَلِ الأبِ، 6 - والأختُ الشقيقةُ، 7 - والأختُ من الأبِ، 8 - والأختُ من الأُمِّ، 9 - والزوجةُ، 10 - والمعتِقةُ.

* فإذا هلَكَ هالكٌ عن جميعِهن، ورِثَ منهن خمسٌ: البنت، وبنت الابن، والأم، والزوجة، والأخت الشقيقة، والمسألة من أربعة وعشرين.

* فإن عُدِمْنَ ورِثَ الباقيات، والمسألة من ستة.

* وإذا اجتمع الرجالُ والنساءُ، لم يرِثْ منهم إلا الوَلَدان، والأبَوَان، وأحَدُ الزوجين، والمسألةُ من اثنَي عشَر، أو من أربعةٍ وعشرِين.

(1/21)

بَابُ الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ في كِتَابِ الله تعَالى

27 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ الإِرْثَ نَوْعَانِ هُما ... فَرْضٌ وَتَعْصِيبٌ عَلَى مَا قُسِّمَا

28 - فَالْفَرْضُ في نَصِّ الْكِتَابِ سِتَّهْ ... لاَ فَرْضَ في الإِرْثِ سِوَاهَا الْبَتَّهْ

29 - نِصْفٌ وَرُبْعٌ ثَمَّ نِصْفُ الْرُّبْعِ ... وَالْثُّلْثُ وَالْسُّدْسُ بِنَصِّ الْشَّرْعِ

30 - وَالْثُّلُثَانِ وَهُمَا الْتَّمَامُ ... فَاحْفظْ فَكُلُّ حَافِطٍ إِمَامُ

الفرض: نصيبٌ مقدَّرٌ شَرعاً، لا يزِيدُ إلا بالرَّدِّ، ولا ينقُصُ إلا بالعَوْل (1).

- والفُروضُ سِتَّة:

1 - الثُّلُثان 2 - والثلُث، 3 - والسُدُس، 4 - والنِّصفُ، 5 - والرُّبْعُ، 6 - والثُّمْنُ.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلحِقُوا الفرائض بأهلِها، فما بَقيَ فهو لأوْلى رَجُلٍ ذَكَرْ».

_________

(1) في المطبوعِ تصحَّفت (العَول) إلى (العدل)، والتصويبُ عن المخطوط.

(1/22)

بابُ مَنْ يَرِثُ الْنِّصفَ

31 - وَالْنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ ... الْزَّوْجُ والأُنْثى مِنَ الأَوْلاَدِ

32 - وَبْنْتُ الإِبْنِ عِنْدَ فَقْدِ الْبِنْتِ ... وَالأُخْتُ في مَذْهَبِ كلِّ مُفْتِي

33 - وَبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتِي مَنَ الأَبِ ... عْنْدَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ

- الذين يرِثون النصف خمسة، وهم:

1 - الزوج، 2 - والبنت، 3 - وبنت الابن، 4 - والأخت الشقيقة، 5 - والأخت من الأب.

1 - فالزوجُ: يستَحِقُّهُ عند عدم الفرع الوارث، وهم: الأولاد، وأولاد البنين - وإن نزلوا -.

لقول الله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12].

2 - والبنت تستَحِقُّهُ بشرطين:

أ- عدم المُعَصِّب لها وهو أخوها.

ب- وعدم المُشَارِك وهي أختها.

3 - وبنت الابن تستَحِقُّهُ بثلاثة شروط:

أ - عدم الفرع الذي أعلا منها.

ب - وعدم المُعَصِّب لها.

ج ـ وعدم المُشَارِك، لقوله تعالى: {وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11].

4 - والأخت الشقيقة تستَحِقُّهُ بأربعة شروط:

أ - عدمِ الفرع الوارث.

(1/23)

ب - وعدمِ الأصلِ الوارث من الذكور.

ج - وعدم المُعَصِّب لها.

د - وعدم المشارك.

5 - والأختُ من الأب تستَحِقُّهُ بخمسة شروط:

أ - عدمِ الفَرْعِ الوارِثِ.

ب - وعدمِ الأصْلِ من الذُّكُورِ.

ج - وعدمِ الأشِقَّاءِ والشقائقِ.

د - وعدمِ المُعَصِّب لها.

هـ - وعدمِ المُشارِكِ.

لقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176].

والكَلالَةُ: مَنْ لا وَلَدَ له ولا وَالِدَ، أي: لا ولَدَ له ولا أبَ ولا جَدَّ، لا ذَكَرَ ولا أُنْثَى (1)

_________

(1) عبارةُ (لاذكر ولا أنثى) ليست في المخطوط.

(1/24)

بَابُ مَنْ يَرِثُ الْرُّبُعَ

34 - وَالرُّبْعُ فَرْضُ الزَّوْجِ إِنْ كَانَ مَعَهْ ... مِنْ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مَنْ قَدْ مَنَعَهْ

35 - وَهْوَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَا ... مَعَ عَدَمِ الأَوْلاَدِ فِيمَا قُدِّرَا

36 - وَذِكْرُ أَوْلاَدِ الْبَنِينَ يُعْتَمَدْ ... حَيْثُ اعْتمَدْنَا القَوْلَ في ذِكْرِ الْوَلَد

1 - الزوج يستحق الربع مع وجود الفرع الوارث، لقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: 12].

2 - والزوجَةُ فأَكثَر تستَحِقُّهُ عند عدمِ الفرعِ الوارِثِ، لقولهِ تعالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12].

بَابُ مَنْ يَرِثُ الثُّمُنَ

37 - وَالْثُّمْنُ لِلزَّوْجَةِ والزَّوْجَات ... مَعَ البَنِينَ أَوْ مَعَ الْبَنَاتِ

38 - أَوْ مَعَ أَوْلاَدِ الْبَنِينَ فَاعلمِ ... وَلاَ تَظُنَّ الْجَمْعَ شَرْطاً فَافْهَمِ

- الزوجةُ فأكثر تستحِقُّ الثمنَ مع وجودِ الفرعِ الوارثِ، لقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم} [النساء: 12].

(1/25)

بَابُ مَنْ يَرِثُ الْثُّلُثَيْنِ

39 - وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ جَمْعَا ... مَا زَادَ عَنْ وَاحِدَةٍ فَسَمْعَا

40 - وَهْوَ كَذَاكَ لِبَنَاتِ الابْنِ ... فَافْهَمْ مَقَالِي فَهْمَ صَافِي الذِّهْنِ

41 - وَهْوَ لأُخْتَيْنِ فَمَا يَزِيدُ ... قَضَى بِهِ الأَحْرَارُ وَالْعَبِيدُ

42 - هَذَا إِذَا كُنَّ لأُمٍّ وَأَبِ ... أَوْ لأَبٍ فَاحْكُمْ بِهَذَا تُصِبِ

- الثلثان فرض اثنتين متساويتين فأكثر مِمَّن يرِثُ النصف، لقول الله تعالى: {فَإِن كَانُوَا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، وقوله تعالى: {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176].

(1/26)

بَابُ مَنْ يَرِثُ الثُّلُثَ

43 - وَالثُّلثُ فَرْضُ الأُمِّ حَيْثُ لاَ وَلَدْ ... وَلاَ مِنَ الإِخْوَةِ جَمْعٌ ذُو عَدَدْ

44 - كاثْنَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْن أَوْ ثَلاَثِ ... حُكْمُ الذُّكُورِ فِيهِ كالإِنَاثِ

45 - وَلاَ ابْنُ ابْنٍ مَعَهَا أَوْ بِنْتُهُ ... فَفَرْضُهَا الثُّلُثُ كَمَا بَيَّنْتهُ

46 - وَإِنْ يَكُنْ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَبُ ... فَثُلثُ الْبَاقِي لَهَا مُرَتَّبُ

47 - وَهَكَذَا مَعَ زَوْجَةٍ فَصَاعِدا ... فَلاَ تَكُنْ عَن الْعُلُومِ قَاعِدا

1 - الأُم تستحق الثلث بثلاثة شروط:

أ - عدم الفرع الوارث ..

ب - وعدم الجمع من الإِخوة.

ج - وأن لا تكون المسألة إحدى العُمَرِيَّتَيْنِ، لقولِه تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].

48 - وَهْوَ لإثْنَيْنِ أَوِ اثِنْتَيْنِ ... مِنْ وَلدِ الأُمِّ بَغَيْرِ مَيْنِ

49 - وَهَكَذَا إِنْ كَثُرُوا أَوْ زَادُوا ... فَمَا لَهُمْ فَيمَا سِوَاهُ زَادُ

50 - وَيَسْتَوِي الإِنَاثُ وَالذُّكُورُ ... فيهِ كَمَا قَدْ أَوْضَحَ الْمَسْطُورُ

2 - والإِخوة من الأُم يستحقون الثلث بثلاثة شروط:

أ - أن يكونوا اثنين فأكثر.

ب- وعدم الفرع الوارث.

ج- وعدم الأصل الوارث من الذكور؛ لقوله تعالى: {فَإِن كَانُوَا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12].

(1/27)

بَابُ مَنْ يَرِثُ السُّدس

51 - وَالسُّدْسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ مِن العَدَدْ ... أَبٌ وَأُمٌّ ثُمَّ بِنْتُ ابْنٍ وَجَدّ

52 - وَالأُخْتُ بِنْتُ الأَبِ ثُمَّ الْجَدَّةْ ... وَوَلَدُ الأُمِّ تَمَامُ الْعِدَّةْ

53 - فَالأَبُ يَسْتَحِقُّهُ مَعَ الْوَلَدْ ... وَهَكَذَا الأُمُّ بِتَنْزِيلِ الصَّمَدْ

54 - وَهَكَذَا مَعَ وَلَدِ الابْنِ الَّذِي ... مَا زَالَ يَقْفُو إِثْرَهُ وَيَحْتَذِي

55 - وَهْوَ لَهَا أَيْضاً مَعَ الاثنين ... مِنْ إِخْوَةِ الْمَيْتِ فَقِسْ هَذَيْنِ

1 - الأب يستحق السدس بوجود الفرع الوارث.

2 - والأُم تستحقه بوجود الفرع الوارث أو الجمع من الإخوة، لقول الله تعالى: ... {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ... وقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].

(1/28)

56 - وَالْجَدُّ مِثْلُ الأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ ... في حَوْزِ مَا يُصِيبُهُ وَمَدِّهِ

57 - إلاَّ إذَا كَانَ هُنَاكَ إِخْوَهْ ... لِكَوْنِهِمْ في القُرْبِ وَهْوَ أُسْوَهْ

58 - أَوْ أَبَوَانِ مَعَهُمَا زَوْجٌ وَرِثْ ... فَالأُمُّ لِلثُّلُثِ مَعَ الْجَدِّ تَرِثْ

59 - وَهَكَذَا لَيْسَ شَبِيهاً بالأَبِ ... في زَوْجَةِ الْمَيْتِ وَأُمِّ وَأَبِ

60 - وَحُكْمُهُ وَحُكْمُهُمْ سَيَاتِي ... مُكَمَّلَ الْبيَانِ في الحَالاتِ

3 - والجد مثل الأب إلا في العُمريَّتَيْن، فإن الأُم تأخُذ الثلُثَ كاملاً بالإجماع، وفي ميراث الإخوة مَعَهُ خِلاف (1).

قال الموفق في المغني:

(قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأَب، وأنزلوا الجد في الحَجب والميراث منزلةَ الأَب في جميع المواضع، إلا في ثلاثة أشياء:

أحدها: زوج وأبوان.

والثانية: زوجة وأبوان، للأُم ثلث الباقي فيهما مع الأَب، وثلث جميع المال لو كان مكان الأَب جَدٌّ.

والثالثة: اختلفوا في الجد مع الإخوة).

_________

(1) في المطبوع (من خلاف) والتصويب عن المخطوط.

(1/29)

61 - وَبِنْتُ الابْنِ تَأْخُذُ السُّدْسَ إِذَا ... كَانَتْ مَعَ الْبِنْتِ مِثَالاً يُحْتَذَى

62 - وَهَكَذَا الأُخْتُ مَعَ الأُخْتِ الَّتِي ... بالأَبَوْيْنِ يَا أُخَيَّ أَدْلَتِ

4 - وبنت الابن فأكثر تستحق السدس مع البنت، لقول ابن مسعود رضي الله عنه: (قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بنتٍ، وبنت ابن، وأخت: للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأُخت). رواه البخاري.

5 - وكذلك الأُخت من الأب مع الشقيقة بالإجماع.

6 - والجدة تستحق السدس عند عدم الأُم.

7 - وولد الأُم يستحقه:

أ - عند انفراده.

ب - وعدم الفرع الوارث.

ج - وعدم الأصل الوارث في الذكور، لقول الله تعالى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12].

(1/30)

63 - وَالسُّدْسُ فَرْضُ جَدَّةٍ في النَّسَبِ ... وَاحِدَةً كَانَتْ لأُمٍّ أَوْ أَبِ

64 - وَوَلَدُ الأُمِّ يَنَالُ السُّدْسَا ... وَالشَّرْطُ فِي إِفْرَادِهِ لاَ يُنْسَى

65 - وَإِنْ تَسَاوَى نَسَبُ الْجَدَّاتِ ... وَكُنَّ كُلُّهُنَّ وَارِثَاتِ

66 - فَالسُّدْسُ بَيْنَهُنَّ بالسَّوِيَّهْ ... في الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ الشَّرْعِيَّهْ

67 - وَإِنْ تَكُنْ قُرْبَى لأُمٍّ حَجَبَتْ ... أمَّ أبٍ بُعْدَى وَسُدْساً سَلَبَتْ

68 - وَإِنْ تَكُنْ بَالْعَكْسِ فَالْقَوْلاَنِ ... في كُتْبِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْصُوصَانِ

69 - لاَ تَسْقُطُ الْبُعْدَى عَلَى الصَّحِيح ... وَاتَّفَقَ الجُلُّ عَلَى التَّصْحِيحِ

70 - وَكُلُّ مَن أَدْلَتْ بِغَيْرِ وَارِثِ ... فَمَا لَهَا حَظٌ مِنَ المَوَارِثِ

71 - وَتَسْقُطُ الْبُعْدَى بِذاتِ الْقُرْبِ ... في المَذْهَبِ الأْوْلَى فَقُلْ لي حَسْبِي

72 - وَقَدْ تَنَاهَتْ قِسْمَةُ الْفُرُوضِ ... مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ وَلاَ غُمُوضِ

يرث من الجدات ثلاث:

1 - أمُّ الأُمِّ، 2 - وأمُّ الأَبِ، 3 - وأم أبي الأَب - وإن علون أُمومةً -، فإن تساوَيْن في الدرجةِ فالسُّدسُ بينهنَّ، ومن قَرُبَتْ فلها وحدَها.

* (مسألة): إذا هلك هالك عن أم أم وأم أب وأم أبي أب، فالسدس لأُم الأُم وأم الأب، وتسقط أم أبي الأب؛ لأنها أبعد درجة.

* وإذا هلَك عن أم أم أم، وأم أم أم أب، وأم أبي أب فالسدس بينهن، والله أعلم.

(1/31)

بَابُ التَّعْصيبِ

73 - وَحُقَّ أَنْ نَشْرَعَ في التَّعْصيبِ ... بِكلِّ قَوْلٍ مُوجِزٍ مُصِيبِ

74 - فَكُلُّ مَنْ أَحْرَزَ كُلَّ الْمَالِ ... مِنَ الْقرَابَاتِ أَوِ الْمَوَالِي

75 - أَوْ كانَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ الْفَرْضِ ... فَهْوَ أَخُو العُصُوبَةِ المُفَضَّلَهْ

76 - كالأَبِ وَالجَدِّ وَجَدِّ الجَدِّ ... وَالابْنِ عِنْدَ قُرْبِهِ وَالْبُعْدِ

77 - وَالأَخِ وَابْنِ الأَخِ وَالأَعْمَامِ ... وَالسَّيِّدِ المُعْتِقِ ذِي الإنْعَامِ

78 - وَهَكَذَا بَنَوْهُمُ جَمِيعا ... فَكُنْ لِمَا أَذْكُرُهُ سَمِيعا

- أجمع العلماء على أن الذي يبقى بعد الفرض للعصَبَةِ يُقَدَّمُ الأقربُ فالأَقرب، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألْحِقوا الفرائضَ بأهْلِها فما بقِيَ فهو لأولى رَجُلٍ ذكر».

وأقربُهم الابنُ، ثم ابنُه - وإن نزَلَ -، ثم الأبُ، ثم الجَدُّ لأَبِ - وإن علا -، ثم الأَخُ الشقيقُ، ثم الأَخُ لأَب، ثم ابنُ الأخ الشقيق، ثم ابنُ الأَخ لأَب، ثم العمُّ الشقيقُ، ثم العمُّ لأب، ثم ابنُ العم الشقيق، ثم ابنُ العمِّ لأَبٍ، ثم أعمامُ الأبِ، ثم بنُوهم كذلك، ثم أعمامُ الجَدِّ، ثم بنُوهم - لا يرِثُ بنو أبٍ أعلا معَ بني أبِ أقربَ وإن نزلوا - ثم المعتِقُ ثم عَصَبتُه كذلك.

(1/32)

79 - وَمَا لِذِي الْبُعْدَى مَعَ الْقَرِيبِ ... في الإِرْثِ مِنْ حَظٍّ وَلاَ نَصِيبِ

80 - وَالأَخُ وَالْعَمُّ لأُمٍّ وأَبِ ... أَوْلَى مِنَ الْمُدْلِي بِشطْرِ النِّسَبِ

81 - وَالأَخَوَاتُ إِنْ تَكُنْ بَنَاتُ ... يُعَصِّبانِهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ

82 - وَالأَخَوَاتُ إِنْ تَكُنْ بَنَاتُ ... فَهُنَّ مَعْهُنَّ مُعَصِّبَاتُ

83 - وَلَيْسَ في النِّساءِ طُراً ... إِلاَّ الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ الرَّقَبَهْ

جهات العصوبة ست:

1 - بنُوَّة، 2 - ثُمَّ أبُوَّة، 3 - ثُمَّ أُخُوَّة، 4 - ثُمَّ بنو إخْوَة، 5 - ثُمَّ عمومة، 6 - ثُمَّ ولاء.

قال الجُعبُريُّ - رحمه الله تعالى -:

فبالجهةِ التقديمُ ثم بقربِه ... وبعدهُما التقديمُ بالقوةِ اجْعَلا

- وابنُ الابن يعصِّبُ أخواتِه وبناتِ عمِّه، ويعصِّبُ من أعلا منه إذا لم يكنْ لهنَّ فرضٌ.

- ولا يرِثُ النساءُ بالولاءِ إلا من أعتقْنَ أو أعتقَهُ من أعتَقْن (1).

_________

(1) قوله: (ولا يرث النساء بالتعصيب إلاَّ من أعتَقْنَ أوأعتقَهُ من أعتقْن)، هذه العبارةُ صحيحةٌ، ولكنْ الأَوْلَى أن تُذكرَ قبلَهُ مقدِّمةً أُولى، وهي: (ولا يرِثُ النساءُ بالتعصيبِ إلاَّ بالولاءِ)، لأنَّ قَولَ الناظم:

(وَلَيْسَ في النِّساءِ طُراً عَصَبَهْ ... إِلاَّ الَّتِي مَنَّتْ بِعِتْقِ الرَّقَبَه)

يختزِلُ هاتين المقدِّمتين.

(1/33)

بَابُ الْحَجْبِ

84 - وَالجَدُّ مَحْجُوبٌ عَنِ الْمِيرَاثِ ... بِالأَبِ في أحْوَالِهِ الثَّلاَثِ

85 - وَتَسْقُطُ الجَدَّاتُ مِنْ كُلِّ جِهَهْ ... بِالأُمِّ فَافْهَمْهُ وَقِسْ مَا أَشْبَهَهْ

86 - وَهَكَذَا ابْنُ الابْنِ بالابن فَلاَ ... تَبْغِ عَنِ الحُكْمِ الصَّحِيحِ مَعْدِلاَ وَبِالأَبِ

87 - وَتَسْقُطُ الإِخْوَةُ بِالبَنِينَا ... الأَدْنَى كَمَا رَوينَا ...

88 - أَوْ بِبَنِي البنينَ كَيْفَ كَانُوا ... سِيَّانِ فيهِ الْجَمْعُ وَالْوِحْدَانُ

89 - وَيَفْضُلُ ابْنُ الأُمِّ بِالإِسْقَاطِ ... بِالْجَدِّ فَافْهَمْهُ عَلَى احْتِيَاطِ

- الحجب من أعظم أبواب الفرائض وأهمها، وهو قسمان:

1 - حجب حرمان: ويدخل على جميعِ الورثة إلا الأولادِ والأبوين والزوجين.

2 - وحجب نقصان: ويدخُلُ على جميعِهم.

- والجَدُّ يُسقِطُ الإخوةَ من الأُم بالإِجماع، ويُسقِط سائرَ الإِخوة على الصحيح.

(1/34)

90 - وَبالْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الإِبْنِ ... جَمْعاً وَوِحْدَاناً فَقُلْ لي زِدْنِي

91 - ثُمَّ بَنَاتُ الإِبْنِ يَسْقُطْنَ مَتَى ... حَازَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ يَا فتَى

92 - إِلاَّ إذَا عَصَّبَهُنَّ الذَّكَرُ ... مِنْ وَلَدِ الابْنِ عَلَى مَا ذَكَرُوا

93 - وَمِثْلُهُنَّ الأَخَوَاتُ اللاَّتِي ... يُدْلِيْنَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْجِهَاتِ

94 - إذَا أَخَذْنَ فَرْضَهُنَّ وَافِيَا ... أَسْقَطْنَ أَوْلاَدَ الأَبِ الْبَوَاكِيَا

95 - وَإِنْ يَكُنْ أَخٌ لَهُنَّ حَاضِرَا ... عَصَّبَهُنَّ بَاطِناً وَظَاهِرَا

96 - 96 - وَلَيْسَ ابْنُ الأَخِ بِالْمُعَصِّبِ ... مَنْ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ في الْنَّسَبِ

- أجمعَ أهل العلم على أن بنات الأصل متى استكملن الثلثين سقط بنات الأَب، ما لم يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر يعصبهن.

- وكذلك الأخوات من الأب يسقطن إذا استكمل الشقيقات الثلثين، ولا يعصبهن إلا أخوهن.

(1/35)

بابُ الْمُشَرَّكَة

97 - وَإِنْ تَجِدْ زَوْجاً وَأمّاً وَرِثَا ... وَإِخْوةً للأُمِّ حَازُوا الثُّلُثَا

98 - وَإِخْوَةً أَيْضاً لأُمٍّ وَأَبِ ... واَسْتَغْرَقُوا المَالَ بِفَرْضِ النُّصُبِ

99 - فَاجْعَلْهُمُ كُلَّهُمُ لأُمِّ ... وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَراً فِي الْيَمِّ

100 - وَاقْسَمْ عَلَى الإِخْوَةِ ثُلْثَ التَّركَهْ ... فَهذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُشَرَّكَه

- تشريكُ الأشقاء مع الإخوة لأُم؛ مذهب زيد بن ثابت ومن تبعه، والصحيح عدم تشريكهم، وهو رواية عن زيد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألْحِقوا الفرائض بأهْلِها فَمَا بَقِيَ فهو لأَولى رَجُلٍ ذَكَر»، والأشقاء أهلُ تعصيبٍ لا فرضٍ.

(1/36)

بَابُ الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ

101 - وَنَبْتَدِي الآنَ بِمَا أَرَدْنَا ... فِي الْجَدِّ وَالإِخْوَةِ إِذ وَعَدْنَا

102 - فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا ... وَاجْمَعْ حَوَاشِي الْكَلِمَاتِ جَمْعَا

103 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْجَدَّ ذُو أَحْوَالِ ... أُنْبِيك عَنْهُنَّ عَلَى التَّوالِي

104 - يُقَاسِمُ الإِخْوَةَ فِيهِنَّ إِذا ... لَمْ يَعُدِ الْقَسْمُ عَلَيْهِ بِالأَذَى

105 - فَتَارَةً يَأخُذُ ثلْثاً كَامِلاَ ... إِنْ كَانَ بِالْقِسْمَةِ عَنْهُ نَازِلاَ

106 - إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامِ ... فَاقْنَعْ بإِيضَاحِي عَنِ اسْتِفْهَام

107 - وَتَارَةً يَأْخُذُ ثلثَ الْبَاقِي ... بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالأَرْزَاقِ

108 - هذَا إِذَا مَا كَانَتِ الْمُقَاسَمَهْ ... تُنْقِصُهُ عْنْ ذَاكَ بِالمزَاحَمَه

109 - وَتَارَةً يَأْخُذُ سُدْسَ الْمَالِ ... وَلَيْسَ عَنْهُ نَازِلاً بِحَالِ

110 - وَهْوَ مَعَ الإِنَاثِ عْنْدَ الْقَسْم ... مِثْلُ أَخٍ في سَهْمِهِ وَالْحُكْمِ

111 - إلاَّ مَعَ الأُمِّ فَلاَ يَحْجُبُهَا ... بَلْ ثُلُثُ الْمَالِ لَهَا يَصْحَبُهَا

112 - واحْسُب بَنِي الأَبِ لَدَى الأَعْدَادِ ... وَارْفُضْ بَنِي الأُمِّ مَعَ الأَجْدَادِ

113 - وَاحْكُمْ عَلَى الإِخْوَةِ بَعْدَ الْعَدِّ ... حُكْمُكَ فِيهِمْ عِنْدَ فَقْدِ الْجَدِّ

- للجَدِّ مع الإخوة الأحظ من إحدى ثلاث:

الأولى: المقاسمة.

الثانية: ثلث المال، ومع ذي فرض ثلث ما بقي.

الثالثة: سُدس المال.

والصحيح: أن الأخوة لا يرثون مع الجَدِّ، لأنه أقدمُ منهُم، قال البخاري: (وقال أبو بكر وابن عباس وابن الزبير: " الجَدُّ أَبٌ "، ولمْ يُذْكَرْ أنَّ أحَداً خالَفَ أبا بَكرٍ في زمانهِ، وأصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، ويُذكَرُ عن عُمَرَ وعليٍّ وابنِ مسعودٍ وزيدٍ أقاويلُ مختلفةٌ).

(1/37)

بابُ الأَكْدَرِيَّةِ

114 - والأُخْتُ لاَ فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَهَا ... فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةٍ كَمَّلَهَا

115 - زَوْجٌ وَأُمٌّ وَهُمَا تَمَامُهَا ... فَاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ عُلاَّمُهَا

116 - تُعَرَفُ يَا صَاح بِالأَكْدَرِيَّهْ ... وَهْيَ بِأَنْ تَعْرِفَهَا حَرِيَّهْ

117 - فَيُفْرَضُ النِّصْفُ لهَا والسُّدْسُ لَهْ ... حَتَّى تَعُولَ بِالْفُرُوضِ الْمُجْمَلَهْ

118 - ثُمَّ يَعُوْدَانِ إِلَى الْمُقَاسَمَهْ ... كَما مَضَى فَاحْفَظْهُوَا شْكُرْ نَاظِمَهْ

سُمِّيت هذه المسألة " بالأكدرية ": لأنها كدَّرت على زيدٍ مذهَبَه في الجَدِّ والإِخوة، والصحيح: أن جميع الإخوة لا يرثون مع الجد شيئاً.

(1/38)

بَابُ الْحِسَابِ

119 - وَإِنْ تُرِدْ مَعْرِفَةَ الْحِسَابِ ... لِتَهْتَدِي فِيهِ إِلَى الصَّوَابِ

120 - وَتَعْرفَ الْقِسْمَةَ وَالتَّفْصِيلاَ ... وَتَعْلَمَ التَّصْحِيحَ وَالتَّأْصِيْلاَ

121 - فَاسْتَخْرِجِ الأُصُولَ في المَسَائِلِ ... وَلاَ تَكُنْ عَنْ حِفْظِهَا بِذَاهِلِ

122 - فَإنَّهُنَّ سَبْعَةٌ أُصُولُ ... ثَلاَثَةٌ مِنْهُنَّ قَدْ تَعُولُ

123 - وَبَعْدَهَا أَرْبَعَةٌ تَمَامُ ... لا عَوْلَ يَعْرُوهَا وَلاَ انْثِلاَمُ

- حساب الفرائض يشتمل على: تأصيلٍ وتصحيحٍ ومسائل وصور، والأُصول سبعة، ثلاثةٌ قد تَعُول، وأربعةٌ لا تَعُول.

- والعَوْل: زيادةٌ في السهام، ونُقصانٌ في أنْصِبَاء الورثة.

(1/39)

124 - فَالسُّدْسُ مِنْ سِتَةِ أَسْهُمٍ يُرَى ... وَالثُّلْثُ وَالرُّبْعُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَا

125 - والثُّمْنُ إِنْ ضُمَّ إِلَيْهِ السُّدْسُ ... فَأَصْلُهُ الصَّادِقُ فِيهِ الْحَدْسُ

126 - أَرْبَعَةٌ يَتْبَعُهَا عِشْرُونَا ... يَعْرِفُهَا الحُسَّابُ أَجْمَعُونَا

127 - فَهَذِهِ الثَّلاَثَةُ الأُصُولُ ... إِنْ كَثُرَتْ فُرُوضُهَا تَعُولُ

128 - فَتَبْلُغُ السِّتَةُ عِقْدَ الْعَشَرَهْ ... فِي صُورَةٍ مَعْروفَةٍ مُشْتَهَرَهْ

129 - وَتَلْحَقُ الَّتِي تَلِيَهَا فِي الأَثَرْ ... في العَوْلِ أَفْرَاداً إِلَى سَبْعَ عَشَرْ

130 - وَالْعَدَدُ الثَّالِثُ قَدْ يَعُولُ ... بِثُمْنِهِ فَاعْمَلْ بِمَا أَقُولُ

- أصل ستة: يعُولُ إلى سبعة وإلى ثمانية وإلى تسعة وإلى عشرة.

- وأصل اثني عشر: يعُولُ إلى ثلاثة عشر وخمسة عشر وسبعة عشر.

- وأصل أربعة وعشرين: يعُولُ مرةً واحدةً إلى سبعةٍ وعشرين.

(1/40)

131 - وَالنِّصْفُ وَالْبَاقِي أَوِ النِّصْفَانِ ... أَصْلهمَا فِي حُكْمِهِمُ اثنان

132 - وَالثُّلْثُ مِنْ ثَلاَثَةٍ يَكُونُ ... وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مَسْنُونُ

133 - وَالثُّمْنُ إِنْ كَانَ فِمْنْ ثَمَانِيَهْ ... فَهَذِهِ هِيَ الأُصُولُ الثَّانِيَهْ

134 - لاَ يَدْخُلُ الْعَوْلُ عَلَيْهَا فَاعْلَمِ ... ثُمَّ اسْلُكِ التَّصْحِيحَ فيهَا وَاقْسِمِ

135 - وَإِنْ تَكُنْ مِنْ أَصْلِهَا تَصحُّ ... فَتَرْكُ تَطْوِيلِ الْحِسَابِ رِبْحُ

136 - فَأَعْطِ كُلاً سَهْمَهُ مِنْ أَصْلِهَا ... مُكَمَّلاَ أَوْ عَائِلاً مِنْ عَوْلِهَا

- إذا انقسمت المسألة على الورثة كاملةً أو عائلةً، أخذ كل وارثٍ حقَّهُ، فلا تحتاجُ إلى عمل، لأنَّه تعبٌ بلا فائدة.

(1/41)

137 - وَإِنْ تَرَ السِّهَامَ لَيْسَتْ تَنْقِسِمْ ... عَلَى ذَوِي المِيرَاثِ فَاتْبَعْ مَا رُسِمْ

138 - وَاطْلبْ طَرِيقَ الاخْتصَارِ في العَمَلْ ... بِالوَفْقِ وَالضَّرْبِ يُجَانِبْكَ الزَّلَلْ

139 - وَارْدُدْ إِلَى الوَفْقِ الَّذِي يُوَافِقُ ... وَاضْرِبْهُ في الأَصْلِ فَأَنْتَ الحَاذِق

140 - وَإِنْ كَانَ جِنْساً وَاحِداً أَوْ أَكْثَرَا ... فاحفظ ودع عنك الجدال والمِرا

- إذا انكسر سهمُ فريقٍ عليهِم، ضَربْتَ عددَهم -إن بايَنَ سهامهم -، أو وَفقه - إن وافقه - بجزء في أصلِ المسألة، أو عَولِها إن عالَت، فما بلَغَ صَحَّت منه، ويصيرُ لواحدِهم ما كان لجماعتِه أو وافقَه.

مثال المباينة: زوج وخمسة بنين.

أصلها: من أربعة، وجزء سهمها: خمسة، وتصح من عشرين.

ومثال الموافقة: زوج وستة بنين.

أصلها: من أربعة، وجزء سهمها: اثنان، وتصح من ثمانية.

(1/42)

141 - وَإِنْ تَرَ الْكَسْرَ عَلَى أَجْنَاسِ ... فَإِنَّهَا فِي الْحُكْمِ عِنْدَ النَّاسِ

142 - تُحْصَرُ فِي أَرْبَعةٍ أَقْسَامِ ... يَعْرِفُهَا الْمَاهِرُ فِي الأَحْكَامِ

143 - مُمَاثِلٌ مِنْ بَعْدِهِ مُنَاسِبُ ... وَبَعْدَهُ مُوافِقٌ مُصَاحِبُ

144 - وَالرَّابعُ المُبَايِنُ الْمخَالِفُ ... يُنْبِيكَ عْنْ تَفْصِليهنَّ الْعَارِفُ

- المماثَلَة: كخمسة وخمسة، والمناسبة: كاثنين وأربعة، والموافقة: كأربعة وستة، والمبايَنَة: كاثنين وثلاثة.

(1/43)

145 - فَخُذْ مِنَ المُمَاثِلَيْنِ وَاحِدَا ... وَخُذْ مِنَ المُنَاسِبَيْنِ الزَّائِدَا

146 - وَاضْرِبْ جَمِيعَ الْوَفْقِ فِي المُوَافِقِ ... وَاسْلُكْ بِذَاكَ أَنْهَجَ الطَّرَائِقِ

147 - فَذَاكَ جُزْءُ السَّهْمِ فَاعْلَمَنْهُ ... وَاحْذَرْ هُدِيتَ أَنْ تَضِلَّ عَنْهُ

- جُزء السهم: هو أحدُ المتماثِلَيْن، وأكبرُ المُتداخِلَيْنِ، وحاصلُ ضَربِ أحدِ المتوافِقَيْن في كاملِ الآخرِ، وحاصلُ ضربِ أحَدِ المتبايِنَيْن في الآخرِ.

(1/44)

148 - وَاضْرِبْهُ في الأَصْلِ الَّذي تَأَصَّلاَ ... وَأَحْصِ مَا انْضَمَّ وَمَا تَحَصَّلاَ

149 - وَاقْسِمْهُ فَالْقَسْمُ إِذاً صَحِيحُ ... يَعْرِفُهُ الأَعْجَمُ والْفَصِيحُ

150 - فهذِهِ مِنَ الْحِسَابِ جُمَلُ ... يَأْتِي عَلَى مِثَالِهِنَّ الْعَمل

151 - مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَلاَ اعْتِسَافِ ... فَاقْنَعْ بَمَا بُيِّنَ فَهْوَ كَافِي

- إذا كان الكَسرُ على فريقَين فأَكْثَر، نظَرْتَ بيَن كُلِّ فريقٍ وسهامِه، فتثبِتُ المبايِنَ، ووَفْقَ الموافِقِ، ثم تنظُرُ بين المثبَتات بالنِّسَبِ الأربعِ، وهي المُماثَلةُ، والمُناسَبَةُ - وتُسَمَّى المداخَلَة -، والموافَقَةُ، والمبايَنَة، فتَضرِبُ بعضَها في بعضٍ، فما بلَغَ فهو جُزءُ السَّهْمِ، ثم تَضْرِبُهُ في المسألَةِ:

1 - فإن كانَتْ الرؤوسُ متماثلةً، اكتفَيْتَ بأحَدِ المُتَماثِلَيْن.

* مثاله: أربعُ زوجاتٍ وأربعةُ أعمامٍ، أصلُها: من أربعة، وجُزْءُ سهمِها: أربعة، وتَصِحُّ من ستة عشرة.

2 - والمداخَلَةُ: أنْ ينقَسِمَ الأكبَرُ على الأصغرِ من غيرِ كَسرٍ.

3 - والموافَقَةُ: أنْ يتَّفِقَ الفريقانِ فأكثر بجُزْءٍ من الأجزاء.

4 - والمبايَنَة: هي ما لم يكن فيها مماثَلَة ولا مداخَلَة ولا موافَقَة.

* ومثالُ المداخَلَة: أخَوانِ لأُم وثمانيةُ إخوةٍ لأبٍ، أصلها: من ثلاثة، وجزء سهمها: أربعة، وتَصِحُّ من اثني عشر.

* ومثالُ الموافَقَة: أربعُ زوجاتٍ وأختُ شقيقةٌ واثنتا عشرة أختاً لأبٍ وعشرةُ أعمامٍ، أصلُها: من اثني عشر، وجُزءُ سهمها: ستون، وتَصِحُّ من سبعمائة وعشرين.

(1/45)

* ومثالُ المبايَنَة: خمس بنات وثلاث جدَّات وأربع زوجات وسبعة أعمام، أصلُها: من أربعةٍ وعشرين، وجزْءُ سهمها: أربعمائة وعشرون، وتَصِحُّ من عشرةِ آلاف وثمانين.

(1/46)

بَابُ الْمُنَاسَخَاتِ

152 - وَإِنْ يَمُتْ آخَرُ قَبْلَ الْقِسْمَهْ ... فَصَحِّح الحِسَاب وَاعْرِفْ سَهْمَهْ

153 - وَاجْعَلْ لَهُ مَسْأَلَةً أُخْرَى كَمَا ... قَدْ بُيِّنَ التَّفْصِيلُ فِيمَا قُدِّمَا

المناسخات: أن يمُوتَ من الورثةِ واحدٌ فأكثر قبلَ قِسمةِ التَّرِكة.

ولها ثلاثة أحوال:

1 - فإذا مات شخص فلم تُقسم تركتُه حتى مات بعضُ ورثته، فإن ورثوا الثاني كالأول، فاقسمها على من بقي.

* مثاله: أن يموت ميت عن أربعة بنين وثلاث بنات، ثم مات ابن، فاقسمها على رؤوس الباقين تسعة، وهكذا تفعل، فإنْ لمْ يَبْقَ إلا ابنٌ وبنتٌ، فاقسِمْها على عددِ رُؤوسهِم ثلاثة.

2 - الحال الثاني: وإن كان ورثة كل ميِّتٍ لا يرِثُون غيرَه، فصَحِّحْ المسألة الأولى واقسِمْ أسهُمَ كلَّ مَيِّتٍ على مسألتِه، وصَحِّحْ المنكسِرَ كما سَبَق.

* مثاله: ماتَ اثنان عن ثلاثة بنين، فلم تُقسَمُ التَّرِكَةُ حتى ماتَ أحدُهم عن ابنين، والثاني عن ثلاثةٍ والثالث عن أربعة، فالمسألة الأولى من ثلاثة، ومسألة الأول من البنين من اثنين، والثاني من ثلاثة، والثالث من أربعة، ومسائلهم مبايِنةٌ لسهامِهم، فتَنظُرُ بين المسائلِ الثلاثِ بالنِّسَبِ الأربعِ، فتجدُ الأُولى داخلةً في الثالثة، والثالثةَ مبايِنَةً للثانيةِ، فتضرِبُ الثانيةَ - وهي ثلاثةٌ- في الثالثةِ - وهي أربعةٌ-، فيحصُلُ اثنا عشَر، وهو كجُزءِ السهمِ، فتضرِبُهُ في الأُولى، فتبلُغُ ستةً وثلاثين، ومنها تَصِحُّ، فمَنْ لهُ شيءٌ الأَوْلَى أخذُه مضروباً فيما هو كجُزءِ السَّهم، فللأوَّلِ من البنين واحدٌ مضروبٌ في اثني عشر لابنَيه، لِكلِّ واحدٍ ستَّةٌ، وللثاني كذلك، لبنِيه الثلاثة، لكلِّ واحدٍ أربعةٌ، ولكلِّ واحدٍ من أبناء الثالثِ ثلاثةٌ.

(1/47)

154 - وَإِنْ تَكُنْ لَيْسَتْ عَلَيْهَا تَنْقَسِمْ ... فَارْجِعْ إِلَى الْوَفْقِ بِهذَا قَدْ حُكِمْ

155 - وَانْظُرْ فَإِنْ وَافَقَتِ السِّهَامَا ... فَخُذْ هُدِيتَ وَفْقَهَا تَمَامَا

156 - وَاضْرِبْهُ أَوْ جَمِيعَهَا في السَّابِقَهْ ... إِنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَهْ

157 - وَكُلُّ سِهْمٍ فِي جَمِيعِ الثَّانِيَهْ ... يُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقَهَا عَلاَنِيَهْ

158 - وَأَسْهُمُ الأُخْرَى فَفِي السِّهَامِ ... تُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقِهَا تَمَامِ

159 - فَهَذِهِ طَرِيقَة الْمُنَاسَخَهْ ... فارْقَ بِهَا رُتْبَةَ فَضْلٍ شَامِخَهْ

3 - الحال الثالث: وهو ثلاثَةُ أقسامٍ:

- فإن لم يرِثُوا الثاني كالأوَّلِ، صحَّحْتَ المسألةَ الأُولى، وقسَمْتَ أسهُمَ الثاني على ورثتِه، فإن انقسمَتْ صحَّتا من أصلِها.

- وإن لمْ تنقسِمْ سهامُ الثاني على مسألتِه، ضرَبْتَ كلَّ الثانية، أو وَفقَها للسهامِ في الأُولى، فما بلغَ فهو الجامعة، ومَنْ لهُ شيءٌ من الأُولى أخَذَه مضروباً في الثانية أو وَفقِها، ومنْ لهُ شيءٌ من الثانيةِ أخذَهُ مضروباً في سهامِ مورِّثه أو وَفقِه.

- وتعمَلُ في الميِّتِ الثالثِ فأكثر، عملَكَ في الثاني معَ الأول.

(1/48)

* مثال الانقسام: أنْ يموتَ رجلٌ عن زوجةٍ وبنتٍ وأخٍ، ثم ماتَتْ البنتُ عن زوجٍ وبنتٍ وعمٍّ، فالمسألةُ الأولى من ثمانية، وسهامُ البنتِ منها أربعةٌ، ومسألتُها من أربعة، فصحَّتا مِن الثمانية.

* ومثال المبايَنة: أنْ يموتَ شخصٌ عن أمٍّ وأختٍ لأبٍ وعمٍّ، فلمْ تُقسَم التركَةُ حتى ماتتْ الأختُ عن زوجٍ وابنٍ، فالمسألةُ الأولى، من سِتَّةٍ، والثانيةُ من أربعَةٍ، وسهامُها تُبايِنُ مسألتَها، فتَضرِب أربعةً في ستةٍ، تبلُغُ أربعَةً وعشرين، منها تصِحُّ وهي الجامعة، فَمَنْ لهُ شيءٌ من الأُولى أخذَه مضروباً في الثانيةِ، ومَنْ لهُ شيءٌ من الثانيةِ أخَذَه مضروباً في سِهامِ مورِّثه.

* ومثال الموافقة: أن تموت امرأةٌ عن زوجٍ وبنتٍ وأخٍ، فلم تُقسَم التركةُ حتى ماتَتْ البنتُ عن زوجٍ وابنٍ، فالمسألةُ الأُولى مِن أربعةٍ، والثانية من أربعةٍ، وسهامُ الهالكِ الثاني توافِقُ مسألتَهُ بالنِّصفِ، فتضرِبُ وَفقَ الثانية في الأُولى تبلغُ ثمانيةً، منها تصِحُّ وهي الجامعة، مَنْ لَهُ شيءٌ من الأُولى أخذه مضروباً في وَفق الثانية، ومن لهُ شيءٌ من الثانية أخذَهُ مضروباً في وَفق سِهام مورِّثِه.

(1/49)

فصل

وقسمة التركات هي الثمرة المقصودة من علم الفرائض، فإذا أمكنَ نسبةُ سهمِ كُلِّ وارثٍ من المسألةِ بجزءٍ فلهُ من التركةِ كَنِسْبَتهِ.

* فلو ماتت امرأة عن تسعين ديناراً، وخلَّفت زوجاً وأبوَيْن وابنتين، فالمسألة من خمسة عشر، للزَّوجِ منها ثلاثة وهي خُمْسُ المسألة، فله خُمس التركة: ثمانية عشر ديناراً، ولكل واحدٍ من الأبوين اثنان وهما ثلثا خمس المسألة، فيكون لكُلٍّ منهما ثلثا خمس التركة: اثنا عشر ديناراً، ولكل من البنتين أربعة، وهي خُمس المسألة وثُلُث خُمسِها، فلها من التركة: أربعة وعشرون ديناراً، والله أعلم.

(1/50)

بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالْمَفْقُودِ وَالْحَمْلِ

160 - وَإِنْ يَكُنْ فِي مُسْتَحِقِّ الْمَالِ ... خُنْثَى صِحِيحٌ بَيِّنُ الإِشْكَالِ

161 - فَابْنِ عَلَى الأَقَلِّ وَالْيَقِينِ ... تَحْظَ بِحَقِّ الْقِسْمَةِ الْمُبِينِ

162 - وَاحْكمْ عَلَى المَفْقُودِ حُكمَ الخُنْثَى ... إِنْ ذَكَراً كَانَ أَوْ هُوَ أُنْثَى

163 - وَهكَذَا حُكْمُ ذَوَاتِ الْحَمْلِ ... فَابْنِ عَلَى الْيَقِينِ وَالأَقَلِّ

- الخُنْثَى المشكل يرث نصف ميراث ذكر، ونصف ميراث أنثى، فإن رُجِى انكشافُهُ، أُعطِيَ ومَن مَعَهُ اليقينَ إن طَلَبوا القسمة، ووُقِفَ الباقي حتى يبلُغُ.

* فإذا مات إنسان عن ابن وولدٍ خُنثَى لا يُرجَى انكشافُه، فمسألة الذكوريَّةِ من اثنين، والأنوثيَّة من ثلاثة، وهما متباينتان، فتَضرِبُ إحداهما في الأخرى، تبلُغُ ستة، فتضرِبُها في حالتي الخنثى اثنين، تصح من اثني عشر، للذكر سبعةٌ وللخنثى خمسة.

(1/51)

فصل في المفقود

من خَفِيَ خبراً بأسْرٍ أو سَفَرٍ غالِبُه السلامةُ، انتُظِرَ بِه تمامُ تسعين سنةٍ منذ وُلِد، وإن كان غالبُهُ الهلاكُ، انتظِرَ بِه تمامُ أربع سنين منذُ فُقِد، ثم يُقسَم مالُه، ولا يرِثُه إلاَّ الأحياءُ حينَ القَسْم.

- فإن مات مورِّثه في مُدة الترَبُّصِ، أخَذَ كُلُّ وارثٍ اليقينَ ووُقِف الباقي، فإن قدِم أخذَ نصيبه، وإن لم يأتِ فحكمُه حُكْمُ مالِه.

فصل في الحمل

وإذا طلَبَ الورثةُ القسمةَ وفيهم حَمْلٌ، وُقِفَ له الأكثرُ من إرثِ ذكرين أو أنثيين، فإذا وُلِدَ أخَذ حَقَّه، والباقي لمستحِقِّه.

(1/52)

بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى ونَحْوِهِمْ

164 - وَإِنْ يَمْتْ قَوْمٌ بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقْ ... أَوْ حَادِثٍ عَمَّ الجَمِيعَ كَالْحَرَقْ

165 - وَلَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ حَالُ الْسَّابِقِ ... فَلاَ تُوَرِّثْ زَاهِقاً مِنْ زَاهِقِ

166 - وَعُدَّهُ مْكَأَنَّهُمْ أَجَانِبُ ... فَهكَذَا الْقَوْلُ السَّدِيدُ الْصَّائِبُ

167 - وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى التَّمَامِ ... حَمْداً كَثِيراً تَمَّ فِي الْدَّوَامِ

168 - نَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِ التَّقْصِيرِ ... وَخَيْرَ مَا نأمَلُ فِي الْمَصِيرِ

169 - وَغَفْرَ مَا كَانَ مِنْ الذُّنُوب ... وَسَتْرَ مَا شَانَ مِنَ الْعُيُوب

170 - وَأَفْضَلُ الْصَّلاَةِ وَالْتَّسْلِيمِ ... عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ

171 - مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَأمِ الْعَاقِبِ ... وَآلِهِ الْغُرِّ ذَوِي الْمَنَاقِبِ

172 - وَصَحْبِهِ الأَماجِدِ الأَبْرَارِ ... الصَّفْوَةِ الأَكَابِرِ الأَخْيَارِ

- إذا ماتَ مُتوارثان وجُهِل أولُهما موتاً لمْ يتوارثا، وهذا قولُ الأَئِمَّة الثلاثة، وهو الصواب.

(1/53)

تتمة في الردَّ وذوي الأرحام

إذا بقِي بعدَ الفُروضِ شيءٌ ولمْ يكُنْ عصبةٌ، رُدَّ على ذي فرضٍ بقَدْرِه غير الزوجين، وإن كان المردودُ عليه واحداً، أخذَ المالَ كُلَّه.

* فإذا هلك هالكٌ عن جدة وأخ لأُم، فمسألتها من اثنين، وإذا كان معهما زوج، فمسألة الزوج من اثنين، ومسألةُ الردِّ من اثنين، فتضربها في مسألة الزوج وتصُحٌّ من أربعة.

* وإذا مات رجل عن زوجة وأم وأخ لأم، صحَّتْ من أربعة.

فصل

وأولوا الأرحام يتوارثون، وهم: كلُّ قريبٍ ليس بذي فَرضٍ ولا تعصيبٍ. وهم أقدم من بيت المال، وعند الشافعية: أنَّ بيتَ المال إذا كان مُنتَظماً أولَى من ذوي الأرحام.

والصحيح: أنهم أقدم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخال وارث من لا وارث له». فيرِثون بالتنزيل، الذكرُ والأنثى سواء.

والتنزيلُ: أن تجعلَ كلَّ شخصٍ بمنزلةِ منْ أولى به، فولد البنات وولد بنات البنين وولد الأخوات كأمهاتهم، وبنات الإخوة وبنات الأعمام وبنات بنيهم وولد الإخوة لأم كآبائهم.

(1/54)

* مثاله: هالك هالكٌ عن ابني بنت وأختهما، وعن ابن بنت ابن وأخته، وعن ابن أختٍ شقيقةٍ وأخته، وعن ابن أخت لأب وأخته، وعن ابن أخت لأم وأختِه، فالمسألة من ستة، لأولاد البنت النصف ثلاثة، لكل ذكر سهم، وللأُنثى سهم، وأولاد بنت الابن السدس واحد، وأولاد الشقيقة الباقي اثنان، ويسقط أولاد الأخت لأب وأولاد الأخت لأُم.

* وإذا هلك هالكٌ عن أولاد أخت شقيقة وأولاد أخت لأب وأولاد أخ وأخت لأم، فلأولاد الشقيقة النصف، ولأولاد الأخت من الأب السدس، ولأولاد الإخوة من الأُم الثلث.

* وإذا هلك هالكٌ عن بنت أخ شقيق وبنت أخ لأب وبنت أخ لأُم وبنت عم، فلولد الأخ من الأُم السدس، والباقي لبنت الأخ الشقيق.

- والأخوال والخالات وأبو الأم كالأم، والعمَّات والعم لأم ... كالأَب.

فإنْ خلَّف ثلاث خالات متفرقات، وثلاث عمات متفرقات، فالثلث للخالات أخماساً، والثلثان للعمَّات أخماساً، وتصح من خمسة عشر.

وفي ثلاثة أخوال متفرقين، لذي الأُم السدس، والباقي للشقيق، وإن كان معهم أبو أم أسقطهم.

وفي ثلاث بنات عمومة متفرقين، المال للتي (مِنْ قِبَلِ) (1) الأبوين.

- وجهات ذوي الأرحام ثلاث: أبُوَّة وأمُومة وبُنُوَّة، ويسقُط البعيدُ من الوارثِ بالأقرب إذا اتَّحَدتْ الجِهةُ؛ ففي بنت بنت بنت وبنت بنت ابن، المال لبنت بنت الابن، لأنها أقرب إلى الوارث، وفي بنت بنت بنت وبنت أخ لأب، المال بينهما، لاختلاف الجهة.

_________

(1) ما بين القوسين زيادةٌ يقتضيها السياق.

(1/55)

* وإذا هلك هالك عن بنت بنت وبنت عم لأب وعن خال، فالمسألة من ستة، لبنت البنت ثلاثة نصيب أمها، وللخال واحد نصيب أخته، والباقي اثنان لبنت العم، وهما نصيب أبيها.

* وإذا هلكَ عن عمة وبنت أخ، فالمال للعمَّة، لأنها تُدْلِي (1) بالأبِ.

* وإذا هلكَ عن زوجٍ وبنتِ أختٍ شقيقةٍ وبنتِ أختٍ لأبٍ وبنتِ أختٍ لأمٍّ، فمسألةُ الزوجِ من اثنين، ومسألة ذوي الأرحامِ من خمسةٍ، فتَضرِبُها في مسألة الزوجِ، وتصِحُّ من عشرةٍ.

- ولا يعُولُ هنا إلا أصلُ ستةٍ إلى سبعةٍ، كخالةٍ وبِنتَي أُختين لأَبوين وبِنتَي أُختين لأم، للخالةِ سهمٌ، ولبنتي الشقيقتين أربعةٌ، ولبنتي الإخوة لأُم سهمان، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.

[وهذا آخر ما كتبته من خطِّ جامعها شيخِنا الشيخ فيصل بن ... عبد العزيز آل مبارك حفظه الله تعالى. وصلَّى اللهُ على محمدٍ، وعلى آلِه وأصحابِه وسَلَّم.

تَحَرَّرَ في 7/ 3/ 1369 هـ]

_________

(1) كذا في طبعة: " المكتبة الأهلية "، وفي بقية المطبوع " تدني " وهو تصحيف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب المختصر في أصول الحديث-الشريف الجرجاني

كتاب : المختصر في أصول الحديث-الشريف الجرجاني بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين ...